الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر ابن كثير **
وقد روى محمد بن إسحاق في السيرة من حديث أم سلمة، وأحمد بن حنبل عن ابن مسعود في قصة الهجرة إلى أرض الحشبة من مكة، أن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه قرأ صدر هذه السورة على النجاشي وأصحابه. بسم اللّه الرحمن الرحيم. أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة. وقوله: {ذكر رحمت ربك} أي هذا ذكر رحمة اللّه عبده زكريا، وزكريا يمد ويقصر، قراءتان مشهورتان، وكان نبياً عظيماً من أنبياء بني إسرائيل، وفي صحيح البخاري، أنه كان نجاراً يأكل من عمل يده في النجارة، وقوله: {إذ نادى ربه نداء خفيا} قال بعض المفسرين: إنما أخفى دعاءه لئلا ينسب في طلب الولد إلى الرعونة لكبره، حكاه الماوردي، وقال الآخرون: إنما أخفاه لأنه أحب إلى اللّه، كما قال قتادة في هذه الآية {إذ نادى ربه نداء خفيا}: إن اللّه يعلم القلب التقيّ، ويسمع الصوت الخفيّ، وقال بعض السلف: قام من الليل عليه السلام وقد نام أصحابه، فجعل يهتف بربه يقول خفية: يا رب يا رب يا رب، فقال اللّه له: لبيك لبيك لبيك {قال رب إني وهن العظم مني} أي ضعفت وخارت القوى {واشتعل الرأس شيبا} أي اضطرم المشيب في السواد. والمراد من هذا الإخبارُ عن الضعف والكبر، ودلائله الظاهرة والباطنة، وقوله: {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء، ولم تردني قط فيما سألتك، وقوله: {وإني خفت الموالي من ورائي}، قال مجاهد وقتادة والسدي: أراد بالموالي العصبة، ووجه خوفه أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً، فسأل اللّه ولداً يكون نبياً من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه، فأجيب في ذلك، لا أنه خشي من وراثتهم له ماله، فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده، وأن يأنف من ورائه عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد ليحوز ميراثه دونهم هذا وجه.الثاني أنه لم يذكر أنه كان ذا مال بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه، ومثل هذا لا يجمع مالاً ولا سيما الأنبياء، فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا. الثالث أنه قد هذا الكلام يتضمن محذوفاً، وهو أنه أجيب إلى ما سأل في دعائه فقيل له: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى}، كما قال تعالى: هذا تعجب من زكريا عليه السلام حين أجيب إلى ما سأل، وبشر بالولد ففرح فرحاَ شديداً وسأل عن كيفية ما يولد له، والوجه الذي يأتيه منه الولد، مع أن امرأته كانت عاقراً لم تلد من أول عمرها مع كبرها ذكر السهيلي: أن امرأته اسمها إيشاع بنت قافوذ ، وهي أخت حنة بنت قافوذ، قاله الطبري، وحنة هي أم مريم. وقال العتبي: امرأة زكريا هي إيشاع بنت عمران ، فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى على الحقيقة، وعلى القول الأول يكون ابن خالة أمه، وفي حديث الإسراء قال عليه السلام: يقول تعالى مخبراً عن زكريا عليه السلام أنه {قال رب اجعل لي آية} أي علامة ودليلاً على وجود ما وعدتني، لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتني، كما قال إبراهيم عليه السلام وهذا أيضاً تضمن محذوفاً، تقديره أنه وجد هذا الغلام المبشر به وهو يحيى عليه السلام، وأن اللّه علمه الكتاب وهو التوراة التي كانوا يتدارسونها بينهم، وقد كان سنه إذ ذاك صغيراً، فلهذا نوه بذكره وبما أنعم به عليه وعلى والديه، فقال {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} أي تعلم الكتاب بقوة أي بجد وحرص واجتهاد {وآتيناه الحكم صبيا} أي الفهم والعلم والجد والعزم، والإقبال على الخير والإكباب عليه والاجتهاد فيه، وهو صغير حدث. قال عبد اللّه بن المبارك، قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب، فقال: ما لّلعب خلقنا. وقوله: {وحنانا من لدنا} قال ابن عباس: يقول ورحمة من عندنا. وزاد قتادة: رحم اللّه بها زكريا، وقال مجاهد: {وحنانا من لدنا} وتعطفاً من ربه عليه، وقال عكرمة: محبة عليه، وقال عطاء بن أبي رباح: تعظيماً من لدنا، والظاهر من السياق أن قوله: {وحنانا} معطوف على قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} أي وآتيناه الحكم وحناناً، وزكاة أي وجعلناه ذا حنان وزكاة، فالحنان هو المحبة في شفقة وميل كما تقول العرب: حنت الناقة على ولدها، وحن الرجل إلى وطنه، ومنه التعطف والرحمة، وفي المسند للإمام أحمد، وقوله تعالى: {وزكاة} معطوف على {وحنانا} فالزكاة الطهارة من الدنس والآثام والذنوب، وقال قتادة: الزكاة العمل الصالح، وقال الضحّاك: العمل الصالح الزكي، وقال ابن عباس {وزكاة} قال: بركة {وكان تقيا} طاهراً فلم يذنب، وقوله: {وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا} لما ذكر تعالى طاعته لربه، وأنه خلقه ذا رحمة وزكاة، وتقى، عطف بذكر طاعته لوالديه وبره بهما، ومجانبته عقوقهما قولاً وفعلاً، أمراً ونهياً، ولهذا قال: {ولم يكن جبارا عصيا}، ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} أي له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال، نفسي وسلّم اللّه عليك، فعرف واللّه فضلهما. لما ذكر تعالى قصة زكريا عليه السلام، وأنه أوجد منه في حال كبره وعقم زوجته ولداً زكياً طاهراً، مباركاً، عطف بذكر قصة مريم في إيجاد ولدها عيسى عليه السلام منها من غير أب، فإن بين القصتين مناسبة ومشابهة، لتقارب ما بينهما في المعنى، ليدل عباده على قدرته وعظمة سلطانه، وأنه على ما يشاء قادر، فقال: {واذكر في الكتاب مريم} وهي مريم بنت عمران، من سلالة داود عليه السلام، وكانت من بيت طاهر طيب في بني إسرائيل وقد ذكر اللّه تعالى قصة ولادة أمها لها في سورة آل عمران، وأنها نذرتها محررة أي تخدم مسجد بيت المقدس، وكانوا يتقربون بذلك ذكر السهيلي: أن القرآن لم يذكر امرأة باسمها إلا مريم ابنة عمران فإنه ذكر اسمها في نحو من ثلاثين موضعاً، لحكمة ذكرها بعض الأشياخ، وذكر أن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ ولا يبتذلون أسماءهن، بل يكنون عن الزوجة بالعرس والأهل والعيال، ولم يصونوا أسماء الإماء عن الذكر، فصرح اللّه باسم مريم لما قالت النصارى في مريم تأكيداً لعبوديتها، وإجراء الكلام على عادة العرب من ذكر إمائها، وتكرر ذكر عيسى منسوباً إلى أمه لتشعر القلوب بنفي أبوة اللّه وبنزاهة أمه الطاهرة عن مقالة اليهود { عن ابن عباس، قال: إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه، وما صرفهم عنه إلا قيل ربك {فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا} قال: خرجت مريم مكاناً شرقياً فصلوا قبل مطلع الشمس "رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وهذه هي العلة في توجه النصارى جهة المشرق". وعنه قال: إني لأعلم خلق اللّه لأي شيء اتخذت النصارى المشرق قبلة، لقول اللّه تعالى: {فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا} واتخذوا ميلاد عيسى قبلة، وقال قتادة: {مكانا شرقيا} شاسعاً متنحياً، وقوله: {فاتخذت من دونهم حجابا} أي استترت منهم وتوارت، فأرسل اللّه تعالى إليها جبريل عليه السلام {فتمثل لها بشرا سويا} أي على صورة إنسان تام كامل. قال مجاهد والضحّاك {فأرسلنا إليها روحنا}: يعني جبرائيل عليه السلام، وهذا هو ظاهر القرآن، قال تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبلك لتكون من المنذرين}، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} أي لما تبدى لها الملك في صورة بشر، وهي في مكان منفرد وبينها وبين قومها حجاب خافته وظنت أنه يريدها على نفسها، فقالت {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} أي إن كنت تخاف اللّه تذكيراً له باللّه، قال أبو وائل: قد علمت أن التقي ذو نهية، حين قالت: يقول تعالى مخبراً عن مريم، أنها لما قال لها جبريل ما قال، استسلمت لقضاء اللّه تعالى، فذكر غير واحد من علماء السلف، أن الملك وهو جبرائيل عليه السلام عند ذلك نفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة حتى ولجت في الفرج فحملت بالولد، بإذن اللّه تعالى، فلما حملت به ضاقت ذرعاً، ولم تدر ماذا تقول للناس، فإنها لم تعلم أن الناس لا يصدقونها فيما تخبرهم به، غير أنها أفشت سرها وذكرت أمرها لأختها امرأة زكريا، وذلك أن زكريا عليه السلام كان قد سأل اللّه الولد فأجيب إلى ذلك، فحملت امرأته، فدخلت عليها مريم، فقامت إليها فاعتنقتها وقالت: أشعرت يا مريم أني حبلى؟ فقالت لها مريم: وهل علمت أيضاً أني حبلى، وذكرت لها شأنها، وما كان من خبرها، وكانوا بيت إيمان وتصديق، قال مالك رحمه اللّه: بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة، وكان حملهما جميعاً معاً، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك، قال مالك: أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلام، لأن اللّه جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمة والأبرص "أخرجه ابن أبي حاتم". ثم أختلف المفسرون في مدة حمل عيسى عليه السلام، فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر، وقال عكرمة: ثمانية أشهر، وقال ابن جريج، عن ابن عباس، وسئل عن حمل مريم، قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت قال ابن كثير: هذا القول عن ابن عباس غريب، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى: والمشهور الظاهر - واللّه على كل شيء قدير - أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن، ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها، وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس، يقال له يوسف النجار، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها، ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها، ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه، فحمل نفسه على أن عرَّض لها في القول، فقال: يا مريم إني سائلك عن أرم فلا تعجلي عليَّ، قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حبّ؟ وهل يكون زرع من غير بذر؟ وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت: نعم، وفهمت ما أشار إليه، أما قولك هل يكون شجر من غير حب وزرع من غير بذر، فإن اللّه قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر، وهل يكون ولد من غير أب، فإن اللّه تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم فصدقها، وسلم لها حالها، ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة، انتبذت منهم مكاناً قصياً، أي قاصيا منهم بعيداً عنهم لئلا تراهم ولا يروها. قال محمد بن إسحاق: فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت، استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والتوحم، وتغير اللون، حتى فطر لسانها، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل، فقالوا: إنما صاحبها يوسف، ولم يكن معها في الكنسية غيره، وتوارت من الناس، واتخذت من دونهم حجاباً، فلا يراها أحد ولا تراه. وقوله تعالى: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} أي فاضطرها وألجأها إلى جذع النخلة، في المكان الذي تنحت إليه. وقد اختلفوا فيه، فقال السدي: كان شرقي محرابها الذي تصلي فيه من بيت المقدس، وقال وهب بن منبه: كان ذلك على ثمانية أميال من بيت المقدس، في قرية يقال لها بيت لحم، وهذا هو المشهور، الذي تلقاه الناس بعضهم عن بعض، ولا يشك فيه النصارى أنه ببيت لحم، وقوله تعالى إخباراً عنها: {قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس فيه أمرها على السداد ولا يصدقونها في خبرها، وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية، فقال {يا ليتني مت قبل هذا} أي قبل هذا الحمل {وكنت نسيا منسيا} أي لم أخلق ولم أك شيئاَ قاله ابن عباس، وقال قتادة {وكنت نسيا منسيا}: أي شيئاً لا يعرف ولا يذكر، ولا يدري الناس من أنا، وقال ابن زيد: لم أكن شيئاً قط، وقد قدمنا الأحاديث الدالة على النهي عن تمني الموت إلا عند الفتنة عند قوله: اختلف المفسرون في المراد بذلك من هو؟ فقال ابن عباس: {فناداها من تحتها} جبريل وهو قول الضحاك والسدي وقتادة وسعيد بن جبير ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها، أي ناداها من أسفل الوادي، وقال مجاهد {فناداها من تحتها} قال: عيسى ابن مريم، وقال الحسن: هو ابنها وهو رواية سعيد بن جبير واختاره ابن جرير . قال أو لم تسمع اللّه يقول {فأشارت إليه}، وقوله: {أن لا تحزني} أي ناداها قائلاً لا تحزني {قد جعل ربك تحتك سريا}، عن البراء بن عازب، وعن ابن عباس: السري النهر، وقال الضحّاك: هو النهر الصغير بالسريانية، وقال قتادة: هو الجدول بلغة أهل الحجاز، وقال السدي: هو النهر، واختار هذا القول ابن جرير، وقال آخرون: المراد بالسري عيسى عليه السلام وبه قال الحسن والربيع بن أنَس وعبد الرحمن بن زيد، وهو ضعيف والقول الأول أظهر كما قال ابن كثير ، والقول الأول أظهر، ولهذا قال بعده: {وهزي إليك بجذع النخلة} أي وخذي إليك بجذع النخلة، قيل: كانت يابسة قاله ابن عباس، وقيل: مثمرة، والظاهر أنها كانت شجرة، ولكن لم تكن في إبان ثمرها، قاله وهب بن منبه: ولهذا امتن عليها بذلك بأن جعل عندها طعاماً وشراباً فقال: {تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا} أي طيبي نفساً، ولهذا قال عمرو بن ميمون: ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب، ثم تلا هذه الآية الكريمة. وقوله تعالى: {فإما ترين من البشر أحدا} أي مهما رأيت من أحد، {فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا}، المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك، لا أن المراد به القول اللفظي، لئلا ينافي {فلن أكلم اليوم إنسيا}، قال أنَس بن مالك في قوله: {إني نذرت للرحمن صوما} قال: صمتاً، وكذا قال ابن عباس والضحّاك، وفي رواية عن أنَس: صوماً وصمتاً، والمراد أنهم إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام. روى ابن إسحاق، عن حارثة قال: كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر فقال: ما شأنك؟ قال أصحابه: حلف أن لا يكلم الناس اليوم. فقال عبد اللّه بن مسعود: كلم الناس وسلم عليهم، فإن تلك امرأة علمت أن أحداً لا يصدقها، أنهما حملت من غير زوج، يعني بذلك مريم عليها السلام، ليكون عذراً لها إذا سئلت "رواه ابن إسحاق وابن أبي حاتم وابن جرير". وقال عبد الرحمن بن زيد: لما قال عيسى لمريم {لا تحزني} قالت: وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة، أي شيء عذري عند الناس؟ {يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا}.
|