الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ غَسَّاقًا يُقَالُ غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ وَكَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسْقَ وَاحِدٌ غِسْلِينُ كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينُ فِعْلِينُ مِنْ الْغَسْلِ مِنْ الْجُرْحِ وَالدَّبَرِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ حَصَبُ جَهَنَّمَ حَطَبُ بِالْحَبَشِيَّةِ وَقَالَ غَيْرهُ حَاصِبًا الرِّيحُ الْعَاصِفُ وَالْحَاصِبُ مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ وَمِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الْأَرْضِ ذَهَبَ وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الْحِجَارَةِ صَدِيدٌ قَيْحٌ وَدَمٌ خَبَتْ طَفِئَتْ تُورُونَ تَسْتَخْرِجُونَ أَوْرَيْتُ أَوْقَدْتُ لِلْمُقْوِينَ لِلْمُسَافِرِينَ وَالْقِيُّ الْقَفْرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ صِرَاطُ الْجَحِيمِ سَوَاءُ الْجَحِيمِ وَوَسَطُ الْجَحِيمِ لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ صَوْتٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ وِرْدًا عِطَاشًا غَيًّا خُسْرَانًا وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُسْجَرُونَ تُوقَدُ بِهِمْ النَّارُ وَنُحَاسٌ الصُّفْرُ يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ يُقَالُ ذُوقُوا بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ مَارِجٌ خَالِصٌ مِنْ النَّارِ مَرَجَ الْأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلَّاهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَرِيجٍ مُلْتَبِسٍ مَرِجَ أَمْرُ النَّاسِ اخْتَلَطَ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا الشرح: قوله: (باب صفة النار وأنها مخلوقة) القول فيه كالقول في " باب صفة الجنة " سواء. قوله: (غساقا يقال غسقت عينه ويغسق الجرح) وهذا مأخوذ من كلام أبي عبيدة، فإنه قال في قوله تعالى: (إلا حميما وغساقا) : الحميم الماء الحار، والغساق ما همي وسال، يقال غسقت من العين ومن الجرح، ويقال عينه تغسق أي تسيل، والمراد في الآية ما سال من أهل النار من الصديد، رواه الطبري من قول قتادة ومن قوال إبراهيم وعطية بن سعد وغيرهم، وقيل من دموعهم أخرجه أيضا من قول عكرمة وغيره، وقيل: الغساق البارد الذي يحرق ببرده رواه أيضا من قول ابن عباس ومجاهد وأبي العالية، قال أبو عبيد الهروي: من قرأه بالتشديد أراد السائل، ومن قرأه بالتخفيف أراد البارد وقيل: الغساق المنتن رواه الطبري عن عبد الله بن بريدة وقال: إنها بالطخارية، وله شاهد من حديث أبي سعيد أخرجه الترمذي والحاكم مرفوعا " لو أن دلوا من غساق يهراق إلى الدنيا لأنتن أهل الدنيا " وأخرج الطبري من حديث عبد الله بن عمر موقوفا: الغساق القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهراق بالمغرب لأنتن أهل المشرق. قوله: (وكأن الغساق والغسيق واحد) كذا لأبي ذر، والغسيق بوزن فعيل، ولغيره والغسق بفتحتين، قال الطبري في قوله تعالى: (تنبيه) :: قوله تعالى في هذه الآية: قوله: (وقال عكرمة حصب جهنم حطب بالحبشية وقال غيره حاصبا الريح العاصف والحاصب ما يرمي به الريح ومنه حصب جهنم يرمى به في جهنم هم حصبها) أما قول عكرمة فوصله ابن أبي حاتم من طريق عبد الملك بن أبجر سمعت عكرمة بهذا، وروى الطبري عن مجاهد مثله لكن لم يقل بالحبشية، وروى الفراء عن علي وعائشة أنهما قرآها " حطب " بالطاء، وروى الطبري عن ابن عباس أنه قرأها بالضاد المعجمة قال: وكأنه أراد أنهم الذين تسجر بهم النار لأن كل شيء هيجت به النار فهو حصب لها، وأما قول غيره فقال أبو عبيدة في قوله تعالى: وفي قوله: (حصب جهنم) : كل شيء ألقيته في النار فقد حصبتها به، وروى الطبري عن الضحاك قال في قوله: (حصب جهنم) قال تحصب بهم جهنم وهو الرمي يقول يرمى بهم فيها. قوله: (ويقال حصب في الأرض ذهب والحصب مشتق من حصباء الحجارة) روى الطبري عن أبي جريج في قوله: قوله: (صديد قيح ودم) قال أبو عبيدة في قوله تعالى: قوله: (خبت طفئت) أخرج الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: (كلما خبت) قال: طفئت، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: سكنت، ومثله قال أبو عبيدة ورجح لأنهم يقولون للنار إذا سكن لهبها وعلا الجمر رماد: خبت، فان طفئ معظم الجمر قالوا خمدت، فإن طفئ كله قالوا همدت، ولا شك أن نار جهنم لا تطفأ. قوله: (تورون تستخرجون أوريت أوقدت) يريد تفسير قوله تعالى: قوله: (للمقوين للمسافرين والقي القفر) روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (للمقوين) للمسافرين، ومن طريق قتادة والضحك مثله، ومن طريق مجاهد قال: للمقوين أي المستمتعين المسافر والحاضر. وقال الفراء: قوله تعالى: (ومتاعا للمقوين) أي منفعة للمسافرين إذا نزلوا بالأرض، والأرض القي - يعني بكسر القاف والتشديد - القفر الذي لا شيء فيه، ورجح هذا الطبري واستشهد على ذلك. قوله: (وقال ابن عباس (صراط الجحيم) سواء الجحيم ووسط الجحيم) روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: قوله: (لشوبا من حميم يخلط طعامهم ويساط بالحميم) روى الطبري من طريق السدي قال في قوله تعالى: وقال أبو عبيدة تقول العرب كل شيء خلطته بغيره فهو مشوب. قوله: (زفير وشهيق صوت شديد وصوت ضعيف) هو تفسير ابن عباس أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه، ومن طريق أبي العالية قال: الزفير في الحلق والشهيق في الصدر، ومن طريق قتادة قال: هو كصوت الحمار أوله زفير وآخره شهيق. وقال الداودي الشهيق هو الذي يبقى بعد الصوت الشديد من الحمار. قوله: (وردا عطاشا) روى ابن حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله قوله: (غيا خسرانا) أخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه في قوله تعالى: قوله: (وقال مجاهد يسجرون توقد لهم النار) كذا في رواية أبي ذر ولغيره " بهم " وهو أوضح، وكذا أخرجه عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به. قوله: (ونحاس الصفر يصب على رءوسهم) أخرجه عبد بن حميد من طريق منصور عن مجاهد في قوله تعالى: قوله: (يقال ذوقوا باشروا وجربوا وليس هذا من ذوق الفم) لم أر هذا لغير المصنف وهو كما قال والذوق يطلق ويراد به حقيقته وهو ذوق الفم، ويطلق ويراد به الذوق المعنوي وهو الإدراك وهو المراد في قوله: (ذوقوا ما كنتم تعلمون) وقوله: (ذلكم فذوقوه) وقوله: قوله: (مارج خالص من النار) روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: وقال الفراء: المارج نار دون الحجاب، ويروى خلق السماء منها ومنها هذه الصواعق. قوله: (مرج الأمير رعيته إذا خلاهم يعدو بعضهم على بعض، فهم في أمر مريج أمر ملتبس ومرج أمر الناس اختلط) في رواية الكشميهني " أمر منتشر " وهو تصحيف قال أبو عبيدة في قوله تعالى: قوله: (مرج البحرين مرجت دابتك تركتها) قال أبو عبيدة في قوله تعالى: وقال الفراء: قوله: قلت: وفي هذا دفع لمن جزم بأن المراد بهما البحر الحلو والبحر الملح وجعل قوله: " منهما " من مجاز التغليب. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ أَبْرِدْ ثُمَّ قَالَ أَبْرِدْ حَتَّى فَاءَ الْفَيْءُ يَعْنِي لِلتُّلُولِ ثُمَّ قَالَ أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ الشرح: حديث أبي ذر في الأمر بالأبراد، وفيه قصة وقد تقدم شرحه في المواقيت من كتاب الصلاة، والغرض منه قوله: " فإن شدة الحر من فيح جهنم". الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ الشرح: حديث أبي سعيد في ذلك وليس فيه قصة وقد تقدم كذلك. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ الشرح: حديث أبي هريرة: " اشتكت النار إلى ربها " الحديث، وقد تقدم كذلك. وهذه الأحاديث من أقوى الأدلة على ما ذهب إليه الجمهور من أن جهنم موجودة الآن. الحديث: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ هُوَ الْعَقَدِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ قَالَ كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ فَأَخَذَتْنِي الْحُمَّى فَقَالَ أَبْرِدْهَا عَنْكَ بِمَاءِ زَمْزَمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ أَوْ قَالَ بِمَاءِ زَمْزَمَ شَكَّ هَمَّامٌ الشرح: حديث ابن عباس في أن الحمى من فيح جهنم. الحديث: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُمْ بِالْمَاءِ الشرح: حديث رافع بن خديج في ذلك. الحديث: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ الشرح: حديث عائشة في ذلك. الحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ الشرح: حديث ابن عمر في ذلك، وسيأتي شرح الجميع في الطب إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا الشرح: حديث أبي هريرة. قوله: (ناركم جزء) زاد مسلم في روايته " جزء واحد " قوله: (من سبعين جزءا) في رواية لأحمد " من مائة جزء " والجمع بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخالص أو الحكم للزائد، زاد الترمذي من حديث أبي سعيد " لكل جزء منها حرها". قوله: (إن كانت لكافية) " إن " هي المخففة من الثقيلة أي إن نار الدنيا كانت مجزئة لتعذيب العصاة. قوله: (فضلت عليهن) كذا هنا والمعنى على نيران الدنيا. وفي رواية مسلم " فضلت عليها " أي على النار، قال الطيبي ما محصله: إنما أعاد صلى الله عليه وسلم حكاية تفضيل نار جهنم على نار الدنيا إشارة إلى المنع من دعوى الإجزاء، أي لا بد من الزيادة ليتميز ما يصدر من الخالق من العذاب على ما يصدر من خلقه. قوله: (مثل حرها) زاد أحمد وابن حبان من وجه آخر عن أبي هريرة " وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما انتفع بها أحد " ونحوه للحاكم وابن ماجه عن أنس وزادا " فإنها لتدعو الله أن لا يعيدها فيها " وفي " الجامع لابن عيينة " عن ابن عباس رضي الله عنه " هذه النار ضربت بماء البحر سبع مرات ولولا ذلك ما انتفع بها أحد" الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَطَاءً يُخْبِرُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ الشرح: حديث يعلى بن أمية، وقد تقدمت الإشارة إليه في " باب الملائكة". الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لِأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلَانًا فَكَلَّمْتَهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ الشرح: حديث أسامة بن زيد، قوله: (لو أتيت فلانا فكلمته) هو عثمان كما في صحيح مسلم، وسيأتي بيان ذلك وبيان السبب فيه في كتاب الفتن، وكذا طريق غندر عن شعبة التي علقها المصنف هنا فقد وصلها هناك، والله أعلم. *3* وَقَالَ مُجَاهِدٌ يُقْذَفُونَ يُرْمَوْنَ دُحُورًا مَطْرُودِينَ وَاصِبٌ دَائِمٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَدْحُورًا مَطْرُودًا يُقَالُ مَرِيدًا مُتَمَرِّدًا بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ وَاسْتَفْزِزْ اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الْفُرْسَانُ وَالرَّجْلُ الرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ لَأَحْتَنِكَنَّ لَأَسْتَأْصِلَنَّ قَرِينٌ شَيْطَانٌ الشرح: قوله: (باب صفة إبليس وجنوده) إبليس اسم أعجمي عند الأكثر، وقيل: مشتق من أبلس إذا أيئس، قال ابن الأنباري: لو كان عربيا لصرف كإكليل. وقال الطبري: إنما لم يصرف وإن كان عربيا لقلة نظيره في كلام العرب فشبهوه بالعجمي، وتعقب بأن ذلك ليس من موانع الصرف وبأن له نظائر كإخريط وإصليت، واستبعد كونه مشتقا أيضا بأنه لو كان كذلك لكان إنما سمي إبليس بعد يأسه من رحمة الله بطرده ولعنه، وظاهر القرآن أنه كان يسمى بذلك قبل ذلك، كذا قيل، ولا دلالة فيه، لجواز أن يسمى بذلك باعتبار ما سيقع له، نعم روى الطبري وابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال: كان اسم إبليس حيث كان مع الملائكة عزازيل ثم إبليس بعد. وهذا يؤيد ذلك القول والله أعلم. ومن أسمائه الحارث والحكم، وكنيته أبو مرة. وفي كتاب " ليس لابن خالويه " كنيته أبو الكروبيين، وقوله: " وجنوده " كأنه يشير بذلك إلى حديث أبي موسى الأشعري مرفوعا قال: " إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول: من أضل مسلما ألبسته التاج " الحديث أخرجه ابن حبان والحاكم والطبراني. ولمسلم من حديث جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " عرش إبليس على البحر، فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة". واختلف هل كان من الملائكة ثم مسخ لما طرد أو لم يكن منهم أصلا؟ على قولين مشهورين سيأتي بيانهما في التفسير إن شاء الله تعالى. قوله: (وقال مجاهد ويقذفون يرمون دحورا مطرودين) يريد تفسير قوله تعالى: قوله: (وقال ابن عباس مدحورا مطرودا) يريد تفسير قوله تعالى: قوله: (ويقال مريدا متمردا) هو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى: قوله: (بتكه قطعه) قال أبو عبيدة في قوله: قوله: (واستفزز استخف بخيلك الفرسان والرجل الرجالة واحدها راجل مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر) هو كلام أبي عبيدة أيضا. قوله: (لأحتنكن لأستأصلن) قال أبو عبيدة في قوله تعالى: قوله: (قرين شيطان) روى ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَوَعَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلْتُ اسْتَخْرَجْتَهُ فَقَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ الشرح: حديث عائشة قالت: " سحر النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث، وسيأتي شرحه في كتاب الطب، ووجه إيراده هنا من جهة أن السحر إنما يتم باستعانة الشياطين على ذلك، وسيأتي إيضاح ذلك هناك، وقد أشكل ذلك على بعض الشراح. قوله: (وقال الليث كتب إلي هشام بن عروة إلخ) رويناه موصولا في نسخة عيسى بن حماد رواية أبي بكر بن أبي داود عنه. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ الشرح: حديث أبي هريرة في عقد الشيطان على رأس النائم، تقدم شرحه في صلاة الليل، وأخو إسماعيل هو أبو بكر عبد الرحمن بن أبي أويس، ووهم من سماه عبد الله. الحديث: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ أَوْ قَالَ فِي أُذُنِهِ الشرح: حديث ابن مسعود في بول الشيطان في أذن النائم عن الصلاة، تقدم شرحه في صلاة الليل أيضا. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ الشرح: حديث ابن عباس في الندب إلى التسمية عند الجماع، يأتي شرحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ أَوْ الشَّيْطَانِ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَ هِشَامٌ الشرح: حديث ابن عمر في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، تقدم شرحه في الصلاة، والقائل: " لا أدري أي ذلك قال هشام " هو عبدة بن سليمان الراوي عنه، وقوله: " حاجب الشمس " هو طرف قرصها الذي يبدو عند طلوع الشمس ويبقى عند الغروب، وقرنا الشيطان جانبا رأسه، يقال إنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس حتى إذا طلعت كانت بين جانبي رأسه لتقع السجدة له إذا سجد عبدة الشمس لها وكذا عند غروبها، وعلى هذا فقوله: " تطلع بين قرني الشيطان " أي بالنسبة إلى من يشاهد الشمس عند طلوعها، فلو شاهد الشيطان لرآه منتصبا عندها. وقد تمسك به من رد على أهل الهيئة القائلين بأن الشمس في السماء الرابعة والشياطين قد منعوا من ولوج السماء، ولا حجة فيه لما ذكرنا، والحق أن الشمس في الفلك الرابع، والسموات السبع عند أهل الشرع غير الأفلاك خلافا لأهل الهيئة. ومحمد شيخ البخاري فيه هو ابن سلام ثبت كذلك عند ابن السكن وبه جزم أبو نعيم والجياني. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيَمْنَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَليُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ الشرح: حديث أبي سعيد في الإذن بقتل المار بين يدي المصلي تقدم شرحه في الصلاة. وحديث أبي هريرة في حفظ زكاة رمضان، تقدم شرحه في كتاب الوكالة. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ الشرح: حديث " يأتي الشيطان". قوله: (من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) أي عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها، قال الخطابي: وجه هذا الحديث أن الشيطان إذا وسوس بذلك فاستعاذ الشخص بالله منه وكف عن مطاولته في ذلك اندفع، قال: وهذا بخلاف ما لو تعرض أحد من البشر بذلك فإنه يمكن قطعه بالحجة والبرهان، قال: والفرق بينهما أن الآدمي يقع منه الكلام بالسؤال والجواب والحال معه محصور، فإذا راعى الطريقة وأصاب الحجة انقطع، وأما الشيطان فليس لوسوسته انتهاء، بل كلما ألزم حجة زاغ إلى غيرها إلى أن يفضي بالمرء إلى الحيرة، نعوذ بالله من ذلك. قال الخطابي: على أن قوله من خلق ربك كلام متهافت ينقض آخره أوله لأن الخالق يستحيل أن يكون مخلوقا، ثم لو كان السؤال متجها لاستلزم التسلسل وهو محال، وقد أثبت العقل أن المحدثات مفتقرة إلى محدث. فلو كان هو مفتقرا إلى محدث لكان من المحدثات، انتهى. والذي نحا إليه من التفرقة بين وسوسة الشيطان ومخاطبة البشر فيه نظر، لأنه ثبت في مسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه في هذا الحديث " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله " فسوى في الكف عن الخوض في ذلك بين كل سائل عن ذلك من بشر وغيره. وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة قال: سألني عنها اثنان، وكان السؤال عن ذلك لما كان واهيا لم يستحق جوابا، أو الكف عن ذلك نظير الأمر بالكف عن الخوض في الصفات والذات. قال المازري: الخواطر على قسمين: فالتي لا تستقر ولا يجلبها شبهة هي التي تندفع بالإعراض عنها، وعلى هذا ينزل الحديث، وعلى مثلها ينطلق اسم وسوسة، وأما الخواطر المستقرة الناشئة عن الشبهة فهي التي لا تندفع إلا بالنظر والاستدلال وقال الطيبي: إنما أمر بالاستعاذة والاشتغال بأمر آخر ولم يأمر بالتأمل والاحتجاج لأن العلم باستغناء الله جل وعلا عن الموجد أمر ضروري لا يقبل المناظرة، ولأن الاسترسال في الفكر في ذلك لا يزيد المرء إلا حيرة، ومن هذا حاله فلا علاج له إلا الملجأ إلى الله تعالى والاعتصام به، وفي الحديث إشارة إلى ذم كثرة السؤال عما لا يعني المرء وعما هو مستغن عنه، وفيه علم من أعلام النبوة لإخباره بوقوع ما سيقع فوقع، وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ الشرح: حديث أبي هريرة: " إذا دخل رمضان صفدت الشياطين " تقدم شرحه في الصيام. الحديث: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ مُوسَى قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الشرح: حديث أبي بن كعب في قصة موسى والخضر سيأتي شرحه في التفسير. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى الْمَشْرِقِ فَقَالَ هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ الشرح: حديث ابن عمر في طلوع الفتنة من قبل المشرق، سيأتي شرحه في الفتن، وحاصله أن منشأ الفتن من جهة المشرق وكذا وقع. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ أَوْ قَالَ جُنْحُ اللَّيْلِ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ شَيْئًا الشرح: حديث جابر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري المذكور في السند هو من شيوخ البخاري، وحدث عنه هنا بواسطة. قوله: (إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل) في رواية الكشميهني " أو قال جنح الليل " وهو بضم الجيم وبكسرها، والمعنى إقباله بعد غروب الشمس، يقال جنح الليل أقبل واستجنح حان جنحه أو وقع وحكى عياض أنه وقع في رواية أبي ذر " استنجع " بالعين المهملة بدل الحاء وهو تصحيف، وعند الأصيلي " أول الليل " بدل قوله أو كان جنح الليل، و " كان " في قوله: " وكان جنح الليل " تامة أي حصل. قوله: (فخلوهم) كذا للأكثر بفتح الخاء المعجمة، وللسرخسي بضم الحاء المهملة، قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالبا، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالبا والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت. والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار، لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد. ولهذا قال في حديث أبي ذر " فما يقطع الصلاة؟ قال: الكلب الأسود شيطان " أخرجه مسلم. قوله: (وأغلق بابك) هو خطاب لمفرد، والمراد به كل أحد، فهو عام بحسب المعنى، ولا شك أن مقابلة المفرد بالمفرد تفيد التوزيع، وسيأتي بقية الكلام على فوائد هذا الحديث في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَقَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا أَوْ قَالَ شَيْئًا الشرح: حديث صفية تقدم في الاعتكاف، وفيه: " إن الله جعل للشيطان قوة على التوصل إلى باطن الإنسان " وقيل: ورد على سبيل الاستعارة أي أن وسوسته تصل في مسام البدن مثل جري الدم من البدن. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌ الشرح: حديث سليمان بن صرد في الاستعاذة، يأتي في الأدب. والودج بفتح الدال وبالجيم عرق في العنق. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنِي فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ قَالَ وَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ الشرح: حديث ابن عباس تقدم ضمن أحاديث الباب، وقوله: " قال وحدثنا الأعمش " قائل ذلك هو شعبة فله فيه شيخان. الحديث: حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً فَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَذَكَرَهُ الشرح: حديث أبو هريرة. قوله: (حدثنا محمود) هو ابن غيلان، وقد تقدم هذا الحديث بهذا الإسناد في أواخر الصلاة، وقوله هنا: " فذكره " أي ذكر تمام الحديث، وتمامه هناك " فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية " الحديث. وقد تقدم هناك شرح قوله " فذعته " ويأتي الكلام على بقية فوائده في أحاديث الأنبياء في ترجمة سليمان عليه السلام، ويأتي الكلام على إمكان رؤية الجن في أول الباب الذي يلي هذا. وفي الحديث إباحة ربط من يخشى هربه ممن في قتله حق، وفيه إباحة العمل اليسير في الصلاة، وأن المخاطبة فيها إذا كانت بمعنى الطلب من الله لا تعد كلاما فلا يقطع الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق هذا الحديث: " أعوذ بالله منك " كما سيأتي إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ فَإِذَا قُضِيَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا فَإِذَا لَمْ يَدْرِ ثَلَاثًا صَلَّى أَوْ أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ الشرح: حديث أبي هريرة " إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان " وقد تقدم شرحه في أواخر الصلاة في الكلام على سجود السهو. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ الشرح: حديثه " كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه بإصبعيه " وسيأتي شرحه في ترجمة عيسى ابن مريم من أحاديث الأنبياء، وقوله: " في جنبه " كذا للأكثر بالإفراد، ولأبي ذر الجرجاني " جنبيه " بالتثنية، وذكر عياض أن في كتابه من رواية الأصيلي " جنبه " بالإفراد لكن بياء مثناة من تحت بدل الموحدة قال: وهو تصحيف قلت: لعل نقطته سقطت من القلم فلا ينبغي أن يعد ذلك رواية، والله المستعان. والمراد بالحجاب الجلدة التي فيها الجنين أو الثوب الملفوف على الطفل. الحديث: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَدِمْتُ الشَّأْمَ فَقُلْتُ مَنْ هَا هُنَا قَالُوا أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ أَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ وَقَالَ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي عَمَّارًا قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تَتَحَدَّثُ فِي الْعَنَانِ وَالْعَنَانُ الْغَمَامُ بِالْأَمْرِ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ فَتَسْمَعُ الشَّيَاطِينُ الْكَلِمَةَ فَتَقُرُّهَا فِي أُذُنِ الْكَاهِنِ كَمَا تُقَرُّ الْقَارُورَةُ فَيَزِيدُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذِبَةٍ الشرح: حديث أبي الدرداء في فضل عمار، أورده مختصرا جدا من وجهين، وسيأتي بتمامه في المناقب، والغرض منه قوله: " الذي أجاره الله من الشيطان " فإنه يشعر بأن له مزية بذلك على غيره، ومقتضاه أن للشيطان تسلطا على من لم يجره الله منه. وحديث عائشة في ذكر الكهان أورده معلقا عن الليث، وقد تقدمت الإشارة إليه في صفة الملائكة، وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي حاتم الرازي عن أبي صالح كاتب الليث عنه وقال: يقال إن البخاري حمله عن عبد الله بن صالح. الحديث: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ التَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ الشَّيْطَانُ الشرح: حديث أبي هريرة في التثاؤب، وسيأتي شرحه في الأدب وبيان الاختلاف فيه على سعيد المقبري هل هو عنده عن أبي هريرة بلا واسطة أو بواسطة أبيه. الحديث: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ فَصَاحَ إِبْلِيسُ أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أَبِي فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ قَالَ عُرْوَةُ فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ الشرح: حديث عائشة قي قصة قتل والد حذيفة، وسيأتي شرحها في غزوة أحد. الحديث: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ الشرح: حديث عائشة في الالتفات في الصلاة، وقد تقدم شرحه في الصلاة. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح و حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنْ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ الشرح: حديث أبي قتادة " الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان " الحديث، وأورده من وجهين، وسيأتي شرحه في التعبير، وفائدة الطريق الثانية وإن كانت الأولى أعلى منها التصريح فيها بتحديث عبد الله بن أبي قتادة ليحيى بن أبي كثير. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الشرح: حديث أبي هريرة في فضل قول لا إله إلا الله، وسيأتي شرحه في الدعوات. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ثُمَّ قَالَ أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ الشرح: حديث سعد " استأذن عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة " الحديث، وسيأتي شرحه في المناقب. الحديث: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أُرَاهُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ الشرح: حديث أبي هريرة في الأمر بالاستنثار، وفيه " فإن الشيطان يبيت على خيشومه " والخيشوم بفتح الخاء المعجمة وبسكون الياء التحتانية وضم المعجمة وسكون الواو هو الأنف، وقيل: المنخر، وقوله: " فليستنثر " أكثر فائدة من قوله: " فليستنشق " لأن الاستنثار يقع على الاستنشاق بغير عكس، فقد يستنشق ولا يستنثر، والاستنثار من تمام فائدة الاستنشاق، لأن حقيقة الاستنشاق جذب الماء بريح الأنف إلى أقصاه والاستنثار إخراج ذلك الماء، والمقصود من الاستنشاق تنظيف داخل الأنف والاستنثار يخرج ذلك الوسخ مع الماء فهو من تمام الاستنشاق، وقيل: إن الاستنثار مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف، وقيل: الأنف نفسه، فعلى هذا فمن استنشق، فقد استنثر لأنه يصدق أنه تناول الماء بأنفه أو بطرف أنفه، وفيه نظر. ثم إن ظاهر الحديث أن هذا يقع لكل نائم ويحتمل أن يكون مخصوصا بمن لم يحترس من الشيطان بشيء من الذكر، لحديث أبي هريرة المذكور قبل حديث سعد فإن فيه " فكانت له حرزا من الشيطان " وكذلك آية الكرسي، وقد تقدم فيه " ولا يقربك شيطان " ويحتمل أن يكون المراد بنفي القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذي يوسوس فيه وهو القلب فيكون مبته على الأنف ليتوصل منه إلى القلب إذا استيقظ، فمن استنثر منعه من التوصل إلى ما يقصد من الوسوسة، فحينئذ فالحديث متناول لكل مستيقظ. ثم إن الاستنشاق من سنن الوضوء اتفاقا لكل من استيقظ أو كان مستيقظا. وقالت طائفة بوجوبه في الغسل وطائفة بوجوبه في الوضوء أيضا، وهل تتأدى السنة بمجرده بغير استنثار أم لا خلاف؟ وهو محل بحث وتأمل. والذي يظهر أنها لا تتم إلا به لما تقدم. والله أعلم.
|