الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
الشرح: قوله: (سورة والمرسلات) كذا لأبي ذر، وللباقين والمرسلات حسب. وأخرج الحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال " المرسلات عرفا الملائكة أرسلت بالمعروف". الحديث: وَقَالَ مُجَاهِدٌ جِمَالَاتٌ حِبَالٌ ارْكَعُوا صَلُّوا لَا يَرْكَعُونَ لَا يُصَلُّونَ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَنْطِقُونَ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَقَالَ إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ مَرَّةً يَنْطِقُونَ وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ الشرح: قوله: (جمالات حبال) في رواية أبي ذر. وقال مجاهد (جمالات) حبال. ووقع عند النسفي والجرجاني في أول الباب: وقال مجاهد (كفاتا) أحياء يكونون فيها وأمواتا يدفنون فيها. (فراتا) عذبا. (جمالات) حبال الجسور، وهذا الأخير وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا. ووقع عند ابن التين: قول مجاهد جمالات جمال يريد بكسر الجيم وقيل بضمها إبل سود واحدها جمالة، وجمالة جمع جمل مثل حجارة وحجر، ومن قرأ جمالات ذهب به إلى الحبال الغلاظ. وقد قال مجاهد في قوله: قلت: هي قراءة نقلت عن ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وقتادة، وعن ابن عباس أيضا جمالة بالإفراد مضموم الأول أيضا، وسيأتي تفسيرها عن ابن عباس بنحو ما قال مجاهد في آخر السورة. وأما تفسير (كفاتا) فتقدم في الجنائز، وقوله: (فراتا) عذبا وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذا قال أبو عبيدة. قوله: (وقال مجاهد: اركعوا صلوا، لا يركعون لا يصلون) سقط لا يركعون لغير أبي ذر، وقد وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: قوله: (وسئل ابن عباس (لا ينطقون، والله ربنا ما كنا مشركين، اليوم نختم على أفواههم) فقال: إنه ذو ألوان، مرة ينطقون ومرة يختم عليهم) سقط لفظ " على أفواههم " لغير أبي ذر، وهذا تقدم شيء من معناه في تفسير فصلت. وأخرج عبد بن حميد من طريق علي بن زيد عن أبي الضحى أن نافع بن الأزرق وعطية أتيا ابن عباس فقالا: يا ابن عباس، أخبرنا عن قول الله تعالى وروى ابن مردويه من حديث عبد الله بن الصامت قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أرأيت قول الله الحديث: حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا وَعَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ حَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الشرح: قوله: (حدثنا محمود) هو ابن غيلان، وعبيد الله بن موسى هو من شيوخ البخاري لكنه أخرج عنه هذا بواسطة. قوله: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم) في رواية جرير " في غار " ووقع في رواية حفص بن غياث كما سيأتي " بمنى " وهذا أصح مما أخرج الطبراني في " الأوسط " من طريق أبي وائل عن ابن مسعود قال " بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم على حراء". قوله: (فخرجت) في رواية حفص بن غياث الآتية " إذ وثبت". قوله: (فابتدرناها) في رواية الأسود " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوها، فابتدرناها". قوله: (فسبقتنا) أي باعتبار ما آل إليه أمرها، والحاصل أنهم أرادوا أن يسبقوها فسبقتهم، وقوله "فابتدرناها " أي تسابقنا أينا يدركها، فسبقتنا كلنا. وهذا هو الوجه والأول احتمال بعيد. قوله: (عن منصور بهذا، وعن إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم) يريد أن يحيى بن آدم زاد لإسرائيل فيه شيخا وهو الأعمش. قوله: (وتابعه أسود بن عامر عن إسرائيل) وصله الإمام أحمد عنه به، قال الإسماعيلي: وافق إسرائيل على هذا شيبان والثوري وورقاء وشريك، ثم وصله عنهم. قوله: (وقال حفص وأبو معاوية وسليمان بن قرم عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود) يريد أن الثلاثة خالفوا رواية إسرائيل عن الأعمش في شيخ إبراهيم، فإسرائيل يقول: عن الأعمش عن علقمة، وهؤلاء يقولون: الأسود. وسيأتي في آخر الباب أن جرير بن عبد الحميد وافقهم عن الأعمش. فأما رواية حفص وهو ابن غياث فوصلها المصنف، وستأتي بعد باب. وأما رواية أبي معاوية فتقدم بيان من وصلها في بدء الخلق. وكذا رواية سليمان بن قرم، وهو بفتح القاف وسكون الراء بصري ضعيف الحفظ، وتفرد أبو داود الطيالسي بتسمية أبيه معاذا، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع المعلق. قوله: (وقال يحيى بن حماد أخبرنا أبو عوانة عن مغيرة) يعني ابن مقسم (عن إبراهيم عن علقمة) يريد أن مغيرة وافق إسرائيل في شيخ إبراهيم وأنه علقمة، ورواية يحيى بن حماد هذه وصلها الطبراني قال حدثنا محمد ابن عبد الله الحضرمي حدثنا الفضل بن سهل حدثنا يحيى بن حماد به ولفظه " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى فأنزلت عليه والمرسلات " الحديث. وحكى عياض أنه وقع في بعض النسخ " وقال حماد أنبأنا أبو عوانة " وهو غلط. قوله: (وقال ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله) يريد أن للحديث أصلا عن الأسود من غير طريق الأعمش ومنصور، ورواية ابن إسحاق هذه وصلها أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي إسحاق " حدثني عبد الرحمن بن الأسود " وأخرجها ابن مردويه من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق ولفظه " نزلت والمرسلات عرفا بحراء ليلة الحية، قالوا: وما ليلة الحية؟ قال: خرجت حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها، فتغيبت في جحر، فقال: دعوها " الحديث. ووقع في بعض النسخ " وقال أبو إسحاق " وهو تصحيف والصواب " ابن إسحاق " وهو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي. الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ اقْتُلُوهَا قَالَ فَابْتَدَرْنَاهَا فَسَبَقَتْنَا قَالَ فَقَالَ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا الشرح: الحديث المذكور عن قتيبة عن جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بتمامه *3* الشرح: قوله: (باب قوله إنها ترمي بشرر كالقصر) أي قدر القصر. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ قَالَ كُنَّا نَرْفَعُ الْخَشَبَ بِقَصَرٍ ثَلَاثَةَ أَذْرُعِ أَوْ أَقَلَّ فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ الشرح: قوله: (كنا نرفع الخشب بقصر) بكسر الموحدة والقاف وفتح الصاد المهملة وتنوين الراء وبالإضافة أيضا وهو بمعنى الغاية والقدر، تقول قصرك وقصاراك من كذا ما اقتصرت عليه. قوله: (ثلاثة أذرع أو أقل) في الرواية التي بعد هذه " أو فوق ذلك " وهي رواية المستملي وحده. قوله: (فنرفعه للشتاء فنسميه القصر) بسكون الصاد وبفتحها، وهو على الثاني جمع قصرة أي كأعناق الإبل ويؤيده قراءة ابن عباس كالقصر بفتحتين، وقيل هو أصول الشجر، وقيل أعناق النخل. وقال ابن قتيبة: القصر البيت، ومن فتح أراد أصول النخل المقطوعة، شبهها بقصر الناس أي أعناقهم، فكأن ابن عباس فسر قراءته بالفتح بما ذكر. وأخرج أبو عبيد من طريق هارون الأعرج عن حسين المعلم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (بشرر كالقصر) بفتحتين، قال هارون: وأنبأنا أبو عمرو أن سعيدا وابن عباس قرءا كذلك، وأسنده أبو عبيد عن ابن مسعود أيضا بفتحتين. وأخرج ابن مردويه من طريق قيس بن الربيع عن عبد الرحمن بن عابس " سمعت ابن عباس كانت العرب تقول في الجاهلية اقصروا لنا الحطب، فيقطع على قدر الذراع والذراعين " وقد أخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن مسعود في قوله تعالى (إنها ترمي بشرر كالقصر قال: ليست كالشجر والجبال، ولكنها مثل المدائن والحصون *3* الشرح: قوله: (باب قوله كأنه جمالات صفر) ذكر فيه الحديث الذي قبله من طريق يحيى وهو القطان أخبرنا سفيان وهو الثوري. الحديث: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ قَالَ كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ كَأَنَّهُ جِمَالَاتٌ صُفْرٌ حِبَالُ السُّفُنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ الشرح: قوله: (ثلاثة أذرع) زاد المستملي روايته " أو فوق ذلك". قوله: (كأنه جمالات صفر حبال السفن تجمع) أي يضم بعضها إلى بعض ليقوى (حتى تكون كأوساط الرجال) قلت هو من تتمة الحديث، وقد أخرجه عبد الرزاق عن الثوري بإسناده وقال في آخره " وسمعت ابن عباس يسأل عن قوله تعالى (كأنه جمالات صفر) قال: حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال". وفي رواية قيس بن الربيع عن عبد الرحمن بن عباس: هي القلوص التي تكون في الجسور، والأول هو المحفوظ *3* الشرح: قوله: (باب هذا يوم لا ينطقون) ذكر فيه حديث عبد الله بن مسعود في الحية. الحديث: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالْمُرْسَلَاتِ فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوهَا فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا قَالَ عُمَرُ حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي فِي غَارٍ بِمِنًى الشرح: قوله فيه (إذ وثبت) في رواية الكشميهني " إذ وثب " بالتذكير، وكذا قال اقتلوه. قوله: (قال عمر) هو ابن حفص شيخ البخاري. قوله: (حفظته من أبي) في رواية الكشميهني حفظته. قوله: (في غار بمنى) يريد أن أباه زاد بعد قوله في الحديث: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم " في غار بمنى " وهذه الزيادة قد تقدم أنها وقعت أيضا في رواية المغيرة عن إبراهيم قَالَ مُجَاهِدٌ لَا يَرْجُونَ حِسَابًا لَا يَخَافُونَهُ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا لَا يُكَلِّمُونَهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ صَوَابًا حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهَّاجًا مُضِيئًا وَقَالَ غَيْرُهُ غَسَّاقًا غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ يَسِيلُ كَأَنَّ الْغَسَاقَ وَالْغَسِيقَ وَاحِدٌ عَطَاءً حِسَابًا جَزَاءً كَافِيًا أَعْطَانِي مَا أَحْسَبَنِي أَيْ كَفَانِي الشرح: قوله: (سورة عم يتساءلون) قرأ الجمهور (عم) بميم فقط، وعن ابن كثير رواية بالهاء وهي هاء السكت أجرى الوصل مجرى الوقف، وعن أبي بن كعب وعيسى بن عمر بإثبات الألف على الأصل وهي لغة نادرة، ويقال لها أيضا سورة النبأ. قوله: (لا يرجون حسابا لا يخافونه) كذا في رواية أبي ذر، ولغيره " وقال مجاهد " فذكره. وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد كذلك. قوله: (لا يملكون منه خطابا: لا يكلمونه إلا أن يأذن لهم) كذا للمستملي، وللباقين " لا يملكونه " والأول أوجه، وسأبينه في الذي بعده. قوله: (صوابا: حقا في الدنيا وعمل به) ووقع لغير أبي ذر نسبة هذا إلى ابن عباس كالذي بعده، وفيه نظر فإن الفريابي أخرجه من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: قوله: (وقال ابن عباس (ثجاجا) منصبا) ثبت هذا للنسفي وحده وقد تقدم في المزارعة. قوله: (ألفافا ملتفة) ثبت هذا للنسفي وحده، وهو قول أبي عبيدة. قوله: (وقال ابن عباس (وهاجا) مضيئا) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. قوله: ((دهاقا) ممتلئا (كواعب) نواهد) ثبت هذا للنسفي وحده، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: (وقال غيره (غساقا) غسقت عينه) سقط هذا لغير أبي ذر وقد تقدم في بدء الخلق. وقال أبو عبيدة: يقال تغسق عينه أي تسيل. ووقع عند النسفي والجرجاني " وقال معمر فذكره"، ومعمر هو أبو عبيدة ابن المثنى المذكور. قوله: (ويغسق الجرح يسيل، كأن الغساق والغسيق واحد) تقدم بيان ذلك في بدء الخلق، وسقط هنا لغير أبي ذر. قوله: (عطاء حسابا جزاء كافيا، أعطاني ما أحسبني أي كفاني) قال أبو عبيدة في قوله تعالى (عطاء حسابا) أي جزاء، ويجيء حسابا كافيا، وتقول أعطاني ما أحسبني أي كفاني. وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: (عطاء حسابا) قال: كثيرا *3* الشرح: قوله: (باب يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا: زمرا) وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (فتأتون أفواجا) قال: زمرا زمرا. الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ قَالَ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الشرح: حديث أبي هريرة " ما بين النفختين أربعون " وقد تقدم شرحه في تفسير الزمر، وقوله "أبيت " بضم أي أن أقول ما لم أسمع، وبالفتح أي أن أعرف ذلك فإنه غيب الشرح: قوله: (سورة والنازعات) كذا للجميع. الحديث: وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْآيَةَ الْكُبْرَى عَصَاهُ وَيَدُهُ يُقَالُ النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ سَوَاءٌ مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ وَالْبَاخِلِ وَالْبَخِيلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ النَّخِرَةُ الْبَالِيَةُ وَالنَّاخِرَةُ الْعَظْمُ الْمُجَوَّفُ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحَافِرَةِ الَّتِي أَمْرُنَا الْأَوَّلُ إِلَى الْحَيَاةِ وَقَالَ غَيْرُهُ أَيَّانَ مُرْسَاهَا مَتَى مُنْتَهَاهَا وَمُرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ تَنْتَهِي الطَّامَّةُ تَطِمُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الشرح: قوله: (زجرة صيحة) ثبت هذا للنسفي وحده، وقد وصله عبد بن حميد من طريقه. قوله: (وقال مجاهد (ترجف الراجفة) هي الزلزلة) ثبت هذا للنسفي وحده، وقد وصله عبد بن حميد من طريقه بلفظ " ترجف الأرض والجبال " وهي الزلزلة. قوله: (وقال مجاهد: الآية الكبرى عصاه ويده) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بهذا، وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله. قوله: (سمكها بناءها بغير عمد) ثبت هذا هنا للنسفي وحده، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: (طغى عصى) ثبت هذا للنسفي وحده، وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد به. قوله: (الناخرة والنخرة سواء مثل الطامع والطمع والباخل والبخيل) قال أبو عبيدة في قوله تعالى (عظاما نخرة) : ناخرة ونخرة سواء. وقال الفراء مثله، قال: وهما قراءتان أجودهما ناخرة. ثم أسند عن ابن الزبير أنه قال على المنبر: ما بال صبيان يقرءون نخرة؟ إنما هي ناخرة. قلت: قرأها نخرة بغير ألف جمهور القراء، وبالألف الكوفيون لكن بخلف عن عاصم. (تنبيه) : قوله " والباخل والبخيل " في رواية الكشميهني بالنون والحاء المهملة فيهما، ولغيره بالموحدة والمعجمة وهو الصواب، وهذا الذي ذكره الفراء قال: هو بمعنى الطامع والطمع والباخل والبخل. وقوله "سواء " أي في أصل المعنى، وإلا ففي نخرة: مبالغة ليست في ناخرة. قوله: (وقال بعضهم النخرة البالية، والناخرة العظم المجوف الذي تمر فيه الريح فينخر) قال الفراء: فرق بعض المفسرين بين الناخرة والنخرة فقال: النخرة البالية، والناخرة العظم المجوف الذي تمر فيه الريح فينخر. والمفسر المذكور هو ابن الكلبي، فقال أبو الحسن الأثرم الراوي عن أبي عبيدة: سمعت ابن الكلبي يقول: نخرة ينخر فيها الريح، وناخرة بالية. وأنشد لرجل من فهم يخاطب فرسه في يوم ذي قار حين تحاربت العرب والفرس: أقدم نجاح إنها الأساورة فإنما قصرك ترب الساهرة ثم تعود بعدها في الحافرة من بعدما كنت عظاما ناخرة أي بالية. قوله: (الساهرة وجه الأرض) كأنها سميت بهذا الاسم لأن فيها الحيوان نومهم وسهرهم. ثبت هذا هنا للنسفي وحده، وقد تقدم في بدء الخلق، وهو قول الفراء بلفظه. قوله: (وقال ابن عباس: الحافرة إلى أمرنا الأول، إلى الحياة) وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (الحافرة) يقول: الحياة وقال الفراء: الحافرة يقول إلى أمرنا الأول، إلى الحياة. والعرب تقول أتيت فلانا ثم رجعت عل حافري أي من حيث جئت، قال: وقال بعضهم الحافرة الأرض التي تحفر فيها قبورهم، فسماها الحافرة أي المحفورة، كماء دافق أي مدفوق. قوله: (الراجفة النفخة الأولى، تتبعها الرادفة النفخة الثانية) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقوله: قوله: (وقال غيره (أيان مرساها) متى منتهاها؟ ومرسى السفينة حيث تنتهي) قال أبو عبيدة في قوله تعالى (أيان مرساها) متى منتهاها. قال: ومرساها منتهاها إلخ ثم ساق حديث سهل بن سعد " بعثت والساعة - بالرفع والنصب - كهاتين " وسيأتي شرحه في الرقاق. قوله: (قال ابن عباس: أغطش أظلم) ثبت هذا للنسفي وحده، وقد تقدم في بدء الخلق. قوله: (الطامة تطم كل شيء) ووقع هذا للنسفي مقدما قبل باب، وهو قول الفراء قال في قوله تعالى ولابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس: الطامة هي الساعة طمت كل داهية. الشرح: قوله: (سورة عبس - بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر. الحديث: عَبَسَ وَتَوَلَّى كَلَحَ وَأَعْرَضَ وَقَالَ غَيْرُهُ مُطَهَّرَةٍ لَا يَمَسُّهَا إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً لِأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا سَفَرَةٍ الْمَلَائِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ سَفَرْتُ أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ وَجُعِلَتْ الْمَلَائِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَقَالَ غَيْرُهُ تَصَدَّى تَغَافَلَ عَنْهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ لَمَّا يَقْضِ لَا يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَرْهَقُهَا تَغْشَاهَا شِدَّةٌ مُسْفِرَةٌ مُشْرِقَةٌ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَتَبَةٍ أَسْفَارًا كُتُبًا تَلَهَّى تَشَاغَلَ يُقَالُ وَاحِدُ الْأَسْفَارِ سِفْرٌ الشرح: قوله: (عبس وتولى: كلح وأعرض) أما تفسير عبس فهو لأبي عبيدة، وأما تفسير تولى فهو في حديث عائشة الذي سأذكره بعد، ولم يختلف السلف في أن فاعل عبس هو النبي صلى الله عليه وسلم. وأغرب الداودي فقال. هو الكافر. وأخرج الترمذي والحاكم من طريق يحيى بن سعيد الأموي وابن حبان من طريق عبد الرحيم بن سليمان كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى فقال: يا رسول الله أرشدني - وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين - فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر فيقول له: أترى بما أقول باسا؟ فيقول: لا. فنزلت عبس وتولى " قال الترمذي: حسن غريب، وقد أرسله بعضهم عن عروة لم يذكر عائشة. وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن الذي كان يكلمه أبي بن خلف. وروى سعيد بن منصور من طريق أبي مالك أنه أمية بن خلف. وروى ابن مردويه من حديث عائشة أنه كان يخاطب عتبة وشيبة ابني ربيعة. ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال: عتبة وأبو جهل وعياش. ومن وجه آخر عن عائشة: كان في مجلس فيه ناس من وجوه المشركين منهم أبو جهل وعتبة، فهذا يجمع الأقوال. قوله: (مطهرة لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة) في رواية غير أبي ذر. وقال غيره مطهرة إلخ وكذا للنسفي، وكان قال قبل ذلك: وقال مجاهد. فذكر الأثر الآتي ثم قال: وقال غيره. قوله: (وهذا مثل قوله فالمدبرات أمرا) هو قول الفراء، قال في قوله تعالى قوله: (جعل الملائكة والصحف مطهرة لأن الصحف يقع عليها التطهير فجعل التطهير لمن حملها أيضا) . هو قول الفراء أيضا. قوله: (وقال مجاهد: الغلب الملتفة، والأب ما يأكل الأنعام) وقع في رواية النسفي وحده هنا، وقد تقدم في صفة الجنة. قوله: (سفرة الملائكة واحدهم سافر، سفرت أصلحت بينهم وجعلت الملائكة إذا نزلت بوحي الله وتأديته كالسفير الذي يصلح بين القوم) هو قول الفراء بلفظه، وزاد: قال الشاعر: وما أدع السفارة بين قومي وما أمشي بغش إن مشيت وقد تمسك به من قال إن جميع الملائكة رسل الله، وللعلماء في ذلك قولان، الصحيح أن فيهم الرسل وغير الرسل، وقد ثبت أن منهم الساجد فلا يقوم والراكع فلا يعتدل، الحديث. واحتج الأول بقوله تعالى قوله: (تصدى تغافل عنه) في رواية النسفي " وقال غيره إلخ " وسقط منه شيء. والذي قال أبو عبيدة في قوله تعالى وقال ابن التين: قيل تصدى تعرض. وهو اللائق بتفسير الآية لأنه لم يتغافل عن المشركين إنما تغافل عن الأعمى. قوله: (وقال مجاهد: لما يقض لا يقضي أحد ما أمر به) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ " لا يقضي أحد أبدا ما افترض عليه". قوله: (وقال ابن عباس: ترهقها قترة تغشاها شدة) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس به. وأخرج الحاكم من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى قوله: (مسفرة مشرقة) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة أيضا. قوله: (بأيدي سفرة قال ابن عباس: كتبة، أسفارا كتبا) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (بأيدي سفرة) قال: كتبة واحدها سافر، وهي كقوله: وقال أبو عبيدة في قوله: (بأيدي سفرة) أي كتبة، واحدها سافر. قوله: (تلهى تشاغل) تقدم القول فيه. قوله: (يقال واحد الأسفار سفر) سقط هذا لأبي ذر، وهو قول الفراء، قال في قوله تعالى قوله: (فأقبرها، يقال أقبرت الرجل جعلت له قبرا، وقبرته دقنته) قال الفراء في قوله تعالى وقال أبو عبيدة في قوله: (فأقبره) : أمر بأن يقبر، جعل له قبرا، والذي يدفن بيده هو القابر. الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ الشرح: قوله: (عن سعد بن هشام) أي ابن عامر الأنصاري، لأبيه صحبة، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع، وآخر معلق في المناقب. قوله: (مثل) بفتحتين أي صفته، وهو كقوله تعالى (مثل الجنة) . قوله: (وهو حافظ له مع السفر الكرام البررة) قال ابن التين: معناه كأنه مع السفرة فيما يستحقه من الثواب. قلت: أراد بذلك تصحيح التركيب، وإلا فظاهره أنه لا ربط بين المبتدأ الذي هو مثل والخبر الذي هو مع السفرة، فكأنه قال: المثل بمعنى الشبيه فيصير كأنه قال: شبيه الذي يحفظ كائن مع السفرة فكيف به. وقال الخطابي: كأنه قال صفته وهو حافظ له كأنه مع السفرة، وصفته وهو عليه شديد أن يستحق أجرين. قوله: (ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران) قال ابن التين اختلف هل له ضعف أجر الذي يقرأ القرآن حافظا أو يضاعف له أجره وأجر الأول أعظم؟ قال: وهذا أظهر، ولمن رجح الأول أن يقول: الأجر على قدر المشقة *3* انْكَدَرَتْ انْتَثَرَتْ وَقَالَ الْحَسَنُ سُجِّرَتْ ذَهَبَ مَاؤُهَا فَلَا يَبْقَى قَطْرَةٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ الْمَسْجُورُ الْمَمْلُوءُ وَقَالَ غَيْرُهُ سُجِرَتْ أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا وَالْخُنَّسُ تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا تَرْجِعُ وَتَكْنِسُ تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ تَنَفَّسَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَالظَّنِينُ الْمُتَّهَمُ وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ النُّفُوسُ زُوِّجَتْ يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ قَرَأَ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ عَسْعَسَ أَدْبَرَ الشرح: قوله: (سورة إذا الشمس كورت - بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر، ويقال لها أيضا سورة التكوير. قوله: (سجرت يذهب ماؤها فلا يبقى قطرة) تقدم في تفسير سورة الطور، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بهذا. قوله: (وقال مجاهد: المسجور المملوء) تقدم في تفسير سورة الطور أيضا. قوله: (وقال غيره: سجرت أفضى بعضها إلى بعض فصارت بحرا واحدا) هو معنى قول السدي، أخرجه ابن أبي حاتم من طريقه بلفظ قوله: (انكدرت انتثرت) قال الفراء في قوله تعالى وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: قوله: (كشطت أي غيرت، وقرأ عبد الله قشطت، مثل الكافور والقافور، والقسط والكسط) ثبت هذا للنسفي وحده وذكره غيره في الطب، وهو قول الفراء، قال في قوله تعالى قوله: (والخنس تخنس في مجراها ترجع، وتكنس تستتر في بيوتها تكنس الظباء) قال الفراء في قوله قال: وأنا أظن ذلك. وعن معمر عن الحسن قال: هي النجوم تخنس بالنهار، والكنس تسترهن إذا غبن. قال وقال بعضهم: الكنس الظباء. وروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن علي قال: هن الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار فلا ترى. ومن طريق مغيرة قال: سئل مجاهد عن هذه الآية فقال: لا أدري. فقال إبراهيم: لم لا تدري؟ قال: سمعنا أنها بقر الوحش، وهؤلاء يروون عن علي أنها النجوم. قال: إنهم يكذبون على علي. وهذا كما يقولون إن عليا قال: لو أن رجلا وقع من فوق بيت على رجل فمات الأعلى ضمن الأسفل. قوله: (تنفس ارتفع النهار) هو قول الفراء أيضا. قوله: (والظنين المتهم والضنين يضن به) هو قول أبي عبيدة، وأشار إلى القراءتين، فمن قرأها بالظاء المشالة فمعناها ليس بمتهم، ومن قرأها بالساقطة فمعناها البخيل. وروى الفراء عن قيس بن الربيع عن عاصم عن ورقاء قال: أنتم تقرءون بضنين ببخيل، ونحن نقرأ بظنين بمتهم. وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي قال: الظنين المتهم، والضنين البخيل. وروى ابن أبي حاتم بسند صحيح: كان ابن عباس يقرأ بضنين، قال: والضنين والظنين سواء، يقول ما هو بكاذب، والظنين المتهم والضنين البخيل. قوله: (وقال عمر: النفوس زوجت، يزوج نظيره من أهل الجنة والنار. ثم قرأ: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم) وصله عبد بن حميد والحاكم وأبو نعيم في " الحلية " وابن مردويه من طريق الثوري وإسرائيل وحماد بن سلمة وشريك كلهم عن سماك بن حرب سمعت النعمان بن بشير سمعت عمر يقول في قوله: ثم قرأ وقد رواه الوليد بن أبي ثور عن سماك بن حرب فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقصر به فلم يذكر فيه عمر، جعله من مسند النعمان، أخرجه ابن مردويه، وأخرجه أيضا، من وجه آخر عن الثوري كذلك، والأول هو المحفوظ. وأخرج الفراء من طريق عكرمة قال: يقرن الرجل بقرينه الصالح في الدنيا، ويقرن الرجل الذي كان يعمل السوء في الدنيا بقرينه الذي كان يعينه في النار. قوله: (عسعس أدبر) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بهذا. وقال أبو عبيدة: قال بعضهم (عسعس) أقبلت ظلماؤه. وقال بعضهم: بل معناه ولي، لقوله بعد ذلك وروى أبو الحسن الأثرم بسند له عن عمر قال: إن شهرنا قد عسعس، أي أدبر. وتمسك من فسره بأقبل بقوله تعالى (تنبيه) : لم يورد فيها حديثا مرفوعا، وفيها حديث جيد أخرجه أحمد والترمذي والطبراني وصححه الحاكم من حديث ابن عمر رفعه " من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين فليقرأ " إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت " لفظ أحمد. *3* وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ فُجِّرَتْ فَاضَتْ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ فَعَدَلَكَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَرَأَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ وَأَرَادَ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِي فِي أَيِّ صُورَةٍ شَاءَ إِمَّا حَسَنٌ وَإِمَّا قَبِيحٌ أَوْ طَوِيلٌ أَوْ قَصِيرٌ الشرح: قوله: (سورة إذا السماء انفطرت - بسم الله الرحمن الرحيم) ويقال لها أيضا سورة الانفطار. قوله: (انفطارها انشقاقها) ثبت هذا للنسفي وحده وهو قول الفراء. قوله: (ويذكر عن ابن عباس بعثرت يخرج من فيها من الموتى) ثبت هذا أيضا للنسفي وحده، وهو قول الفراء أيضا، وقد أخرج ابن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: بعثرت أي بحثت. قوله: (وقال غيره: انتثرت. بعثرت حوضي: جعلت أسفله أعلاه) ثبت هذا للنسفي أيضا وحده وتقدم في الجنائز. قوله: (وقال الربيع بن خثيم: فجرت فاضت) قال عبد بن حميد حدثنا مؤمل وأبو نعيم قالا: حدثنا سفيان هو ابن سعيد الثوري عن أبيه عن أبي يعلى هو منذر الثوري عن الربيع بن خثيم به، قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري مثله وأتم منه، والمنقول عن الربيع " فجرت " بتخفيف الجيم وهو اللائق بتفسيره المذكور. قوله: (وقرأ الأعمش وعاصم فعدلك بالتخفيف، وقرأه أهل الحجاز بالتشديد) قلت: قرأ أيضا بالتخفيف حمزة والكسائي وسائر الكوفيين، وقرأ أيضا بالتثقيل من عداهم من قراءة الأمصار. قوله: (وأراد معتدل الخلق، ومن خفف يعني في أي صورة شاء: إما حسن وإما قبيح أو طويل أو قصير) هو قول الفراء بلفظه إلى قوله بالتشديد، ثم قال: فمن قرأ بالتخفيف فهو والله أعلم يصرفك في أي صورة شاء إما حسن إلخ، ومن شدد فإنه أراد والله أعلم جعلك معتدلا معتدل الخلق. قال: وهو أجود القراءتين في العربية وأحبهما إلي. وحاصل القراءتين أن التي بالتثقيل من التعديل، والمراد التناسب، وبالتخفيف من العدل وهو الصرف إلى أي صفة أراد. (تنبيه) : لم يورد فيها حديث مرفوعا، ويدخل فيها حديث ابن عمر المنبه عليه في التي قبلها *3* وَقَالَ مُجَاهِدٌ بَلْ رَانَ ثَبْتُ الْخَطَايَا ثُوِّبَ جُوزِيَ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُطَفِّفُ لَا يُوَفِّي غَيْرَهُ الشرح: قوله: (سورة ويل للمطففين - بسم الله الرحمن الرحيم) سقطت البسملة لغير أبي ذر. أخرج النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس. قال "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل الله (ويل للمطففين) فأحسنوا الكيل بعد ذلك. قوله: (وقال مجاهد: بل ران ثبت الخطايا) وصله الفريابي، وروينا في " فوائد الديباجي " من طريق عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: والران والرين الغشاوة، وهو كالصدى على الشيء الصقيل. وروى ابن حبان والحاكم والترمذي والنسائي من طريق القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه، فإن هو نزع واستغفر صقلت، فإن هو عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فهو الران الذي ذكر الله تعالى وروينا في " المحامليات " من طريق الأعمش عن مجاهد قال: كانوا يرون الرين هو الطبع. (تنبيه) : قول مجاهد هذا " ثبت " بفتح المثلثة والموحدة بعدها مثناة، ويجوز تسكين ثانيه. قوله: (ثوب: جوزي) هو قول أبي عبيدة، ووصله الفريابي عن مجاهد أيضا. قوله: (الرحيق: الخمر، ختامه مسك: طينه التسنيم يعلو شراب أهل الجنة) ثبت هذا للنسفي وحده، وتقدم في بدء الخلق. قوله: (وقال غيره المطفف لا يوفي غيره) هو قول أبي عبيدة. قوله: (حدثنا معن) هو ابن عيسى. قوله: (حدثني مالك) هذا الحديث من غرائب حديث مالك، وليس هو في " الموطأ"، وقد تابع معن بن عيسى عليه عبد الله بن وهب أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم، والوليد بن مسلم وإسحاق القروي وسعيد بن الزبير وعبد العزيز بن يحيى أخرجها الدار قطني في " الغرائب " كلهم عن مالك *3* الشرح: قوله: الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ الشرح: قوله: (في رشحه) بفتحتين أي عرقه لأنه يخرج من البدن شيئا بعد شيء كما يرشح الإناء المتحلل الأجزاء. ووقع في رواية سعيد بن داود " حتى إن العرق يلجم أحدهم إلى أنصاف أذنيه". قوله: (إلى أنصاف أذنيه) هو من إضافة الجميع إلى الجميع حقيقة ومعنى، لأن لكل واحد أذنين. وقد روى مسلم من حديث المقداد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وسلم " تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق: فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما" *3* قَالَ مُجَاهِدٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَسَقَ جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لَا يَرْجِعَ إِلَيْنَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُوعُونَ يُسِرُّونَ الشرح: قوله: (سورة إذا السماء انشقت) ويقال لها أيضا سورة الانشقاق وسورة الشفق. قوله: (وقال مجاهد أذنت سمعت وأطاعت لربها، وألقت ما فيها أخرجت ما فيها من الموتى وتخلت عنهم) وقع هنا للنسفي وتقدم لهم في بدء الخلق. وقد أخرجه الحاكم من طريق مجاهد عن ابن عباس وصله بذكر ابن عباس فيه لكنه موقوف عليه. قوله: (كتابه بشماله يعطي كتابه من وراء ظهره) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عنه، قال في قوله قوله: (وسق جمع من دابة) وصله الفريابي أيضا من طريقه، وقد تقدم في بدء الخلق مثله وأتم منه. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس في قوله: قوله: (ظن أن لن يحور: أن لن يرجع إلينا) وصله الفريابي من طريقه أيضا، وأصل يحور الحور بالفتح وهو الرجوع، وحاورت فلانا أي راجعته، ويطلق على التردد في الأمر. قوله: (وقال ابن عباس: يوعون يسرون) ثبت هذا للنسفي وحده، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه. وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة (يوعون) قال: في صدورهم
|