الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* قَاصِفًا تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ لَوَاقِحَ مَلَاقِحَ مُلْقِحَةً إِعْصَارٌ رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنْ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ صِرٌّ بَرْدٌ نُشُرًا مُتَفَرِّقَةً الشرح: قوله: (باب ما جاء في قوله تعالى وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته) نشرا بضم النون والمعجمة وسيأتي تفسيره في الباب. قوله: (قاصفا تقصف كل شيء) يريد تفسير قوله تعالى قوله: (لواقح ملاقح ملقحة) يريد تفسير قوله تعالى وقال الفراء: فإن قيل الريح ملقحة لأنها تلقح الشجر فكيف قيل لها لواقح؟ فالجواب على وجهين: أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح فيقال ريح لاقح كما يقال ماء ملاقح، ويؤيده وصف ريح العذاب بأنها عقيم. ثانيهما أن وصفها باللقح لكون اللقح يقع فيها كما تقول: ليل نائم. وقال الطبري: الصواب أنها لاقحة من وجه ملقحة من وجه لأن لقحها حملها الماء، وإلقاحها عملها في السحاب. ثم أخرج من طريق قوي عن ابن مسعود قال " يرسل الله الرياح فتحمل الماء فتلقح السحاب، وتمر به فتدر كما تدر اللقحة، ثم تمطر " وقال الأزهري: جعل الريح لافحا لأنها تقل السحاب وتصرفه، ثم تمر به فتستدره، والعرب تقول للريح الجنوب: لافح وحامل، وللشمال: حائل وعقيم. قوله: (إعصار ريح عاصف تهب من الأرض إلى السماء كعمود فيه نار) يريد تفسير قوله تعالى (فأصابها إعصار) وهو تفسير أبي عبيدة بلفظه، وروى الطبري عن السدي قال: الإعصار الريح، والنار السموم. وعن الضحاك قال: الإعصار ريح فيها برد شديد والأول أظهر لقوله تعالى (فيه نار) . قوله: (صر برد) يريد تفسير قوله تعالى (ريح فيها مصر) قال أبو عبيدة: الصر شدة البرد. وقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق معمر قال كان الحسن يقول (فأصابها إعصار) يقول صر برد. كذا قال. قوله: (نشرا متفرقة) هو مقتضي كلام أبي عبيدة فإنه قال: قوله: (نشرا) أي من كل مهب وجانب وناحية. ثم ذكر المصنف في الباب حديثين: الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ الشرح: قوله: (عن الحكم) هو ابن عتيبة بالمثناة والموحدة مصغر. قوله: (نصرت بالصبا) بفتح المهملة وتخفيف الموحدة مقصور هي الريح الشرقية، والدبور بفتح أوله وتخفيف الموحدة المضمومة مقابلها، يشير صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى في قصة الأحزاب الحديث: حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ الْآيَةَ الشرح: حديث عائشة وقد تقدم شرحه في كتاب الاستسقاء، وقوله فيه (مخيلة) بفتح الميم وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة هي السحابة التي يخال فيها المطر. قوله: (فإذا أمطرت السماء سري عنه) فيه رد على من زعم أنه لا يقال أمطرت إلا في العذاب، وأما الرحمة فيقال مطرت، وقوله "سرى عنه " بضم المهملة وتشديد الراء بلفظ المجهول أي كشف عنه. وفي الحديث تذكر ما يذهل المرء عنه مما وقع للأمم الخالية، والتحذير من السير في سبيلهم خشية من وقوع مثل ما أصابهم. وفيه شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم كما وصفه الله تعالى. قال ابن العربي: فإن قيل كيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعذب القوم وهو فيهم مع قوله تعالى قلت: ويعكر عليه أن آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر، وفي حديث عائشة إشعار بأنه كان يواظب على ذلك من صنيعه، كان إذا رأى فعل كذا. والأولى في الجواب أن يقال إن في آية الأنفال احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو مقام الخوف يقتضي غلبة عدم الأمن من مكر الله، وأولى من الجميع أن يقال خشى على من ليس هو فيهم أن يقع بهم العذاب، أما المؤمن فشفقته عليه لإيمانه، وأما الكافر فلرجاء إسلامه، وهو بعث رحمة للعالمين. وَقَالَ أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَنَحْنُ الصَّافُّونَ الْمَلَائِكَةُ الشرح: قوله: (باب ذكر الملائكة) جمع ملك بفتح اللام، فقيل مخفف من مالك وقيل مشتق من الألوكة وهي الرسالة وهذا قول سيبويه والجمهور، وأصله لاك، وقيل أصله الملك بفتح ثم سكون وهو الأخذ بقوة وحينئذ لا مدخل للميم فيه، وأصل وزنه مفعل فتركت الهمزة لكثرة الاستعمال وظهرت في الجمع وزيدت الهاء إما للمبالغة وإما لتأنيث الجمع، وجمع على القلب وإلا لقيل مالكه، وعن أبي عبيدة الميم في الملك أصلية وزنه فعل كأسد هو من الملك بالفتح وسكون اللام وهو الأخذ بقوة، وعلى هذا فوزن ملائكة فعائلة ويؤيده أنهم جوزوا في جمعه أملاك، وأفعال لا يكون جمعا لما في أوله ميم زائدة، قال جمهور أهل الكلام من المسلمين: الملائكة أجسام لطيفة أعطيت قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ومسكنها السموات، وأبطل من قال إنها الكواكب أو أنها الأنفس الخيرة التي فارفت أجسادها وغير ذلك من الأقوال التي لا يوجد في الأدلة السمعية شيء منها. وقد جاء في صفة الملائكة وكثرتهم أحاديث: منها ما أخرجه مسلم عن عائشة مرفوعا " خلقت الملائكة من نور " الحديث، ومنها ما أخرجه الترمذي وابن ماجة والبزار من حديث أبي ذر مرفوعا " أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد " الحديث، ومنها ما أخرجه الطبراني من حديث جابر مرفوعا " ما في السموات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد " وللطبراني نحوه من حديث عائشة. وذكر في " ربيع الأبرار " عن سعيد بن المسيب قال الملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا ولا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ولا يتوالدون. قلت وفي قصه الملائكة مع إبراهيم وسارة ما يؤيد أنهم لا يأكلون، وأما ما وقع في قصة الأكل من الشجرة أنها شجرة الخلد التي تأكل منها الملائكة فليس بثابت، وفي هذا وما ورد من القرآن رد على من أنكر وجود الملائكة من الملاحدة. وقدم المصنف ذكر الملائكة على الأنبياء لا لكونهم أفضل عنده بل لتقدمهم في الخلق ولسبق ذكرهم في القرآن في عدة آيات كقوله تعالى ومن أدلة كثرتهم ما يأتي في حديث الإسراء " أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون " قوله: (وقال أنس قال عبد الله بن سلام الخ) هو طرف من حديث وصله المصنف في كتاب الهجرة؛ وسيأتي بأتم من هذا السياق هناك مع شرحه. قوله: (وقال ابن عباس (لنحن الصافون) الملائكة) وصله عبد الرزاق من طريق سماك عن عكرمة عنه وللطبراني عن عائشة مرفوعا " ما في السماء موضع قدم إلا وعليه ملك قائم أو ساجد، فذلك قوله تعالى وقد اشتملت أحاديث الباب على ذكر بعض من اشتهر من الملائكة كجبريل، ووقع ذكره في أكثر أحاديثه، وميكائيل وهو في حديث سمرة وحده، والملك الموكل بتصوير ابن آدم، ومالك خازن النار، ملك الجبال، والملائكة الذين في كل سماء، والملائكة الذين ينزلون في السحاب، والملائكة الذين يدخلون البيت المعمور، والملائكة الذين يكتبون الناس يوم الجمعة، وخزنة الجنة، والملائكة الذين يتعاقبون. ووقع ذكر الملائكة على العموم في كونهم لا يدخلون بيتا فيه تصاوير، وأنهم يؤمنون على قراءة المصلي ويقولون: ربنا ولك الحمد؛ ويدعون لمنتظر الصلاة، ويلعنون من هجرت فراش زوجها، وما بعد الأول محتمل أن يكون المراد خاصا منهم، فأما جبريل فقد وصفه الله تعالى بأنه روح القدس وبأنه الروح الأمين وبأنه رسول كريم ذو قوة مكين مطاع أمين، وسيأتي في التفسير أن معناه عبد الله، وهو وإن كان سريانيا لكنه وقع فيه موافقة من حيث المعنى للغة العرب لأن الجبر هو إصلاح ما وهي، وجبريل موكل بالوحي الذي يحصل به الإصلاح العام، وقد قيل أنه عربي وأنه مشتق من جبروت الله، واستبعد للاتفاق على منع صرفه وفي اللفظة ثلاث عشرة لغة أولها جبريل بكسر الجيم وسكون الموحدة وكسر الراء وسكون التحتانية بغير همز ثم لام خفيفة وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر ونافع ورواية عن عاصم، ثانيها بفتح الجيم قرأها ابن كثير، ثالثها مثله لكن بفتح الراء ثم همزة قرأها حمزة والكسائي، رابعها مثله بحذف ما بين الهمزة واللام قرأها يحيى بن يعمر ورويت عن عاصم. خامسها بتشديد اللام ورويت عن عاصم. سادسها بزيادة ألف بعد الراء ثم همزة ثم ياء ثم لام خفيفة قرأها عكرمة. سابعها مثلها بغير همز قرأها الأعمش. ثامنها مثل السادسة إلا أنها بياء قبل الهمز. تاسعها جبرال بفتح ثم سكون وألف بعد الراء ولام خفيفة. عاشرها مثله لكن بياء بعد الألف قرأها طلحة بن مصرف. حادي عشرها جرين مثل كثير لكن بنون. ثاني عشرها مثله لكن بكسر الجيم. ثالث عشرها مثل حمزة لكن بنون بدل اللام لخصته من " إعراب السين " وروى الطبري عن أبي العالية قال: جبريل من الكروبيين وهم سادة الملائكة وروى الطبراني من حديث ابن عباس قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل على أي شيء أنت؟ قال على الريح والجنود، قال وعلى أي شيء ميكائيل؟ قال على النبات والقطر، قال: وعلى أي شيء ملك الموت؟ قال على قبض الأرواح " الحديث وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد ضعف لسوء حفظه ولم يترك. وروى الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا وزيد أي من أهل السماء جبريل وميكائيل الحديث. وفي الحديث الذي أخرجه الطبراني في كيفية خلق آدم ما يدل على أن خلق جبريل كان قبل خلق آدم، وهو مقتضي عموم قوله تعالى وأما ميكائيل فروى الطبراني عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا؟ قال ما ضحك منذ خلقت النار " وأما ملك التصوير فلم أقف على اسمه. وأما مالك خازن النار فيأتي ذكره في تفسير سورة الزخرف إن شاء الله تعالى، وأما ملك الجبال فلم أقف على اسمه أيضا، ومن مشاهير الملائكة إسرافيل ولم يقع له ذكر في أحاديث الباب، وقد روى النقاش أنه أول من سجد من الملائكة فجوزي بولاية اللوح المحفوظ، وروى الطبراني من حديث ابن عباس أنه الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين أن يكون نبيا عبدا أو نبيا ملكا، فأشار إليه جبريل أن تواضع، فاختار أن يكون نبيا عبدا، وروى أحمد والترمذي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحتى جبهته وانتظر أن يؤذن له " الحديث، وقد اشتمل " كتاب العظمة لأبي الشيخ " من ذكر الملائكة على أحاديث وآثار كثيرة فليطلبها منه من أراد الوقوف على ذلك، وفيه عن علي أنه ذكر الملائكة فقال " منهم الأمناء على وحيه، والحفظة لعباده، والسدنة لجنانه، والثابتة في الأرض السفلى أقدامهم، المارقة من السماء العليا أعناقهم، الخارجة عن الأقطار أكنافهم، الماسة لقوائم العرش أكتافهم". الحديث: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ ح و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ وَذَكَرَ يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَشُقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى آدَمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى عِيسَى وَيَحْيَى فَقَالَا مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى يُوسُفَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ قَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قِيلَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى إِدْرِيسَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْنَا عَلَى هَارُونَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَأَتَيْنَا عَلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى فَقِيلَ مَا أَبْكَاكَ قَالَ يَا رَبِّ هَذَا الْغُلَامُ الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضَلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ قِيلَ مَنْ هَذَا قِيلَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قِيلَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِكَ مِنْ ابْنٍ وَنَبِيٍّ فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا كَأَنَّهُ آذَانُ الْفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَفِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ ثُمَّ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا خَمْسًا فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ جَعَلَهَا خَمْسًا فَقَالَ مِثْلَهُ قُلْتُ سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْرًا وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ الشرح: حديث الإسراء أورده بطوله من طريق قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة، وسأذكر شرحه في السيرة النبوية قبيل أبواب الهجرة إن شاء الله تعالى، والغرض منه هنا ما يتعلق بالملائكة، وقد ساقه هنا على لفظ خليفة، وهناك على لفظ هدبة بن خالد، وسأبين ما بينهما من التفاوت إن شاء الله تعالى. وقوله "بطست من ذهب ملآن " كذا للأكثر، وللكشميهني " ملأي " والتذكير باعتبار الإناء والتأنيث باعتبار الطست لأنها مؤنثة، ووجدت بخط الدمياطي " مليء " بضم الميم على لفظ الفعل الماضي، فعلى هذا لا تغاير بينه وبين قوله " ملآن " وقوله " مراق البطن " بفتح الميم وتخفيف الراء وتشديد القاف هو ما سفل من البطن ورق من جلده، وأصله مراقق، وسميت بذلك لأنها موضع رقة الجلد. وقوله "بدابة أبيض " ذكره باعتبار كونه مركوبا، وقوله في آخره " وقال همام عن قتادة إلخ " يريد أن هماما فصل في سياقه قصة البيت المعمور من قصة الإسراء، فروى أصل الحديث عن قتادة عن أنس، وقصة البيت عن قتادة عن الحسن، وأما سعيد وهو ابن أبي عروبة وهشام وهو الدستوائي فأدرجا قصة البيت المعمور في حديث أنس، والصواب رواية همام وهي موصولة هنا عن هدبة عنه، ووهم من زعم أنها معلقة، فقد روى الحسن بن سفيان في مسنده الحديث بطوله عن هدبة فاقتص الحديث إلى قوله " فرفع لي البيت المعمور " قال قتادة " فحدثنا الحسن عن أبي هريرة أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يعودون فيه " وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان وأبي يعلى والبغوي وغير واحد كلهم عن هدبة به مفصلا، وعرف بذلك مراد البخاري بقوله " في البيت المعمور " وأخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة لو خر لخر عليها، يدخله سبعون ألف ملك كل يوم إذا خرجوا منه لم يعودوا " وهذا وما قبله يشعر بأن قتادة كان تارة يدرج قصة البيت المعمور في حديث أنس وتارة يفصلها، وحين يفصلها تارة يذكر سندها وتارة يبهمه، وقد روى إسحاق في مسنده والطبري وغير واحد من طريق خالد بن عرعرة عن علي " أنه سئل عن السقف المرفوع قال: السماء، وعن البيت المعمور قال: بيت في السماء بحيال البيت حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يعودون إليه " وفي رواية للطبري أن السائل عن ذلك هو عبد الله بن الكوا ولابن مردويه عن ابن عباس نحوه وزاد " وهو على مثل البيت الحرام لو سقط لسقط عليه " من حديث عائشة، ونحوه بإسناد صالح، ومن حديث عبد الله بن عمرو نحوه بإسناد ضعيف وهو عند الفاكهي في " كتاب مكة " بإسناد صحيح عنه لكن موقوفا عليه، وروى ابن مردويه أيضا وابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة مرفوعا نحو حديث علي وزاد " وفي السماء نهر يقال له نهر الحيوان يدخله جبريل كل يوم فيغمس ثم يخرج فينتفض فيخر عنه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا، فهم الذين يصلون فيه ثم لا يعودون إليه " وإسناده ضعيف، وقد روى ابن المنذر نحوه بدون ذكر النهر من طريق صحيحة عن أبي هريرة لكن موقوفا، وجاء عن الحسن ومحمد بن عباد بن جعفر أن البيت المعمور هو الكعبة، والأول أكثر وأشهر، وأكثر الروايات أنه في السماء السابعة. وجاء من وجه آخر عن أنس مرفوعا أنه في السماء الرابعة. وبه جزم شيخنا في القاموس، وقيل هو في السماء السادسة، وقيل هو تحت العرش، وقيل إنه بناء آدم لما أهبط إلى الأرض ثم رفع زمن الطوفان، وكأن هذا شبهه من قال إنه الكعبة، ويسمى البيت المعمور الضراح والضريح. الحديث: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الشرح: حديث ابن مسعود " حدثنا الصادق المصدوق " وسيأتي شرحه في كتاب القدر؛ والغرض منه قوله فيه " ثم يبعث الله ملكا ويؤمر بأربع كلمات " فإن فيه أن الملك موكل بما ذكر عند تصوير الآدمي، وسيأتي ما وقع فيه من الاختلاف هناك، والمراد بقوله " الصادق " أي في قوله و " المصدوق " أي فيما وعده به ربه. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَابَعَهُ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ الشرح: حديث أبي هريرة أورده من طريقين موصولة ومعلقة وساقه على لفظ المعلقة؛ وهي متابعة أبي عاصم، وقد وصلها في الأدب عن عمرو بن علي عن أبي عاصم، وساقه على لفظه هنا، وهو أحد المواضع التي يستدل بها على أنه قد يعلق عن بعض مشايخه ما هو عنده عنه بواسطة، لأن أبا عاصم من شيوخه. قوله: (إذا أحب الله العبد الخ) زاد روح بن عبادة عن ابن جريج في آخره عند الإسماعيلي " وإذا أبغض فمثل ذلك " وقد أخرجه أحمد عن روح بدون الزيادة، وسيأتي تمام شرحه في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ وَهُوَ السَّحَابُ فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ الشرح: قوله: (حدثنا محمد حدثنا ابن أبي مريم) قال الجياني: محمد هذا هو الذهلي، كذا قال، وقد قال أبو ذر بعد أن ساقه: محمد هذا هو البخاري، وهذا هو الأرجح عندي، فإن الإسماعيلي وأبا نعيم لم يجدا الحديث من غير رواية البخاري فأخرجاه عنه، ولو كان عند غير البخاري لما ضاق عليهما مخرجه، ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيون ونصفه الأدنى مصريون، ولليث في هذا الحديث شيخ آخر سيأتي في صفة إبليس قريبا، ويأتي شرحه مستوفى في الطب، وقوله "العنان " هو السحاب وزنا ومعنى وواحده عنانة كسحابة كذلك، وقوله وهو السحاب من تفسير بعض الرواة أدرجه في الخبر. الحديث: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوْا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ الشرح: حديث أبي هريرة، وقد تقدم شرحه في الجمعة. وقوله فيه " عن أبي سلمة " هو ابن عبد الرحمن، وقوله "والأغر " كذا للأكثر بالمعجمة والراء الثقيلة، ووقع في رواية الكشميهني والأعرج بالعين المهملة الساكنة وآخره جيم، والأول أرجح فإنه مشهور من رواية الأغر، نعم أخرجه النسائي من وجهين آخرين عن الزهري عن الأعرج وحده. ورواية يحيى بن سعيد الأنصاري عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب وأبي عبد الله الأغر ثلاثتهم عن أبي هريرة، أفاده الجياني عن ابن السكن قال: وبان بذلك أن الحديث حديث الأغر لا الأعرج. قلت: بل ورد من رواية الأعرج أيضا أخرجه النسائي من طريق عقيل، ومن طريق عمرو بن الحارث كلاهما عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة، فظهر أن الزهري حمله عن جماعة، وكان تارة يفرده عن بعضهم وتارة يذكره عن اثنين منهم وتارة عن ثلاثة، والله أعلم. وقد تقدم في الجمعة من رواية ابن أبي ذئب. وأخرجه مسلم من رواية يونس عن الزهري عن الأغر وحده، وأخرجه النسائي أيضا من رواية شعيب ابن أبي حمزة عن الزهري عن أبي سلمة والأغر جمع بينهما كإبراهيم بن سعد، وأخرجه مسلم والنسائي من طريق سفيان عن الزهري عن سعيد وحده، ورواه مالك عن الزهري عن ابن سلمة وحده. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَرَّ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ فَقَالَ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَجِبْ عَنِّي اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ قَالَ نَعَمْ الشرح: حديث أبي هريرة في الدعاء لحسان، والغرض منه ذكر روح القدس، وقد تقدم شرحه في المساجد من كتاب الصلاة وبينت أنه من رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أو عن حسان وأنه لم يحضر مراجعته لحسان. وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية عبد الجبار بن العلاء عن سفيان قال: ما حفظت عن الزهري إلا عن سعيد عن أبي هريرة، فعلى هذا فكأن أبا هريرة حدث سعيدا بالقصة بعد وقوعها بمدة، ولهذا قال الإسماعيلي: سياق البخاري صورته صورة الإرسال، وهو كما قال، وقد ظهر الجواب عنه بهذه الرواية. الحديث: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ الشرح: حديث البراء بن عازب في ذكر حسان أيضا والغرض منه الإشارة إلى أن المراد بروح القدس في الحديث الذي قبله جبريل، وسيأتي شرحه في كتاب الأدب، وقوله "قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان " يقتضي أنه من مسند البراء بن عازب، ولكن أخرجه الترمذي من رواية يزيد بن زريع بن سعيد فجعله من رواية البراء عن حسان. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غُبَارٍ سَاطِعٍ فِي سِكَّةِ بَنِي غَنْمٍ زَادَ مُوسَى مَوْكِبَ جِبْرِيلَ الشرح: حديث أنس " كأني أنظر إلى غبار ساطع في سكة بني غنم " السكة بكسر المهملة والتشديد الزقاق، وبنو غنم بفتح المعجمة وسكون النون بطن من الخزرج. وهم بنو غنم بن مالك النجار. منهم أبو أيوب الأنصاري وآخرون. ووهم من زعم أن المراد بهم هنا بنو غنم حي من بني تغلب بفتح المثناة وسكون المعجمة فإن أولئك لم يكونوا بالمدينة يومئذ. قوله: (زاد موسى موكب جبريل) موسى هو ابن إسماعيل التبوذكي. ومراده أنه روى هذا الحديث عن جرير بن حازم بالإسناد المذكور فزاد في المتن هذه الزيادة. وطريق موسى هذه موصولة في المغازي عنه وهو مما يدل على أنه قد يعلق عن بعض مشايخه ما سمعه منه فلم يطرد له في ذلك عمل مستمر فإن كلا من أبي عاصم وموسى من مشايخه، وقد علق عن أبي عاصم ما أخذه عنه بواسطة، وعلق عن موسى ما أخذه عنه بغير واسطة، ففيه رد على من قال: كل ما يعلقه عن مشايخه محمول على أنه سمعه منهم، وفيه رد على من قال: إن الذي يذكر عن مشايخه من ذلك يكون مما حمله عنهم بالمناولة لأنه صرح في المغازي بتحديث موسى له بهذا الحديث، فلو كان مناولة لم يصرح بالتحديث. وقوله "موكب جبريل " يجوز فيه الحركات الثلاث كنظائره، ورجح ابن التين الخفض. وإسحاق المذكور في الرواية الأولى هو ابن راهويه كما بينه ابن السكن وجزم به الكلاباذي، وسيأتي بقية شرح المتن في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ قَالَ كُلُّ ذَاكَ يَأْتِينِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ وَيَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ الشرح: حديث عائشة " أن الحارث بن هشام سأل عن كيفية مجيء الوحي " وقد تقدم شرحه في أول الكتاب، وقدمت أن عامر بن صالح الزبيري رواه عن هشام فجعله من رواية عائشة عن الحارث بن هشام، وإني وجدت له متابعا على ذلك عند ابن منده، وهو يتضمن الرد على الحاكم حيث زعم أن عامر بن صالح تفرد بالزيادة المذكورة، والمتابع المذكور أخرجه ابن منده من طريق عبد الله بن الحارث عن هشام عن عائشة عن الحارث بن هشام قال " سألت". الحديث: حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَيْ فُلُ هَلُمَّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ الشرح: حديث أبي هريرة " من أنفق زوجين " وقد تقدم الكلام عليه في أول الجهاد والغرض منه ذكر خزنة الجنة وقوله في الإسناد " حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة " قال الإسماعيلي في الجهاد: أدخل الأوزاعي بين يحيى وأبي سلمة في هذا الحديث محمد بن إبراهيم التيمي. قلت: روايته عنه عند النسائي، ويحيى معروف بالرواية عن أبي سلمه فلعل محمدا أثبته في هذا الحديث. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ فَقَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تَرَى مَا لَا أَرَى تُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرح: حديث عائشة في سلام جبريل، وسيأتي الكلام عليه في المناقب، وإسماعيل شيخ البخاري فيه هو ابن أبي أويس وسليمان هو ابن بلال، ويونس هو ابن يزيد الأيلي، وقد خالفه معمر عن الزهري في إسناده فقال عن عروة عن عائشة أخرجه النسائي وقال: هذا خطأ والصواب رواية يونس. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ ح حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ أَلَا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا قَالَ فَنَزَلَتْ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا الْآيَةَ الشرح: حديث ابن عباس في نزول قوله تعالى الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ الشرح: حديث ابن عباس في الأحرف السبعة، وسيأتي شرحه في فضائل القرآن. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ الشرح: حديث ابن عباس في مدارسة جبريل في رمضان، وقد تقدم شرحه في كتاب الصيام، وقوله "وعن عبد الله أخبرنا معمر بهذا الإسناد " هو موصول عن محمد بن مقاتل وكأن ابن المبارك كان يفصل الرواية فيه عن شيخيه، وقد تقدم نظير ذلك في بدء الوحي. وقوله "وروى أبو هريرة وفاطمة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضه القرآن " أما حديث أبي هريرة فوصله في فضائل القرآن ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى، وأما حديث فاطمة فوصله في علامات النبوة ويأتي شرحه هناك أيضا إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ عُرْوَةُ أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ قَدْ نَزَلَ فَصَلَّى أَمَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ اعْلَمْ مَا تَقُولُ يَا عُرْوَةُ قَالَ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ الشرح: حديث أبي مسعود في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتقدم مشروحا في أوائل الصلاة، وقوله "فصلى أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم " بفتح الهمزة من أمام، وحكى ابن مالك أنه روى بالكسر واستشكله، لأن " إمام " معرفة والموضع موضع الحال فوجب جعله نكرة بالتأويل. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ الشرح: حديث أبي ذر وقد تقدم مضموما إلى حديث آخر في كتاب الاستقراض، ويأتي مطولا في الاستئذان ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى. وقوله هنا " قال وإن زنى " لم يعين القائل، وبين في تلك الرواية أنه أبو ذر الراوي، وقوله في آخره " قال وإن " فيه دلالة على جواز حذف فعل الشرط والاكتفاء بحرفه، قاله ابن مالك، وفيه نظر لأنه يتبين بالرواية الأخرى أن هذا من تصرف بعض الرواة. الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ بَاب إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ الشرح: حديث أبي هريرة " الملائكة يتعاقبون " تقدم مشروحا في أوائل الصلاة. حديث أبي هريرة " إذا قال أحدكم آمين " الحديث وهو بإسناد الذي قبله عن أبي اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج عنه، ووقع في كثير من النسخ هنا " باب إذا قال أحدكم " إلى آخر الحديث فصار ترجمة بغير حديث وصارت الأحاديث التي تتلوه لا تعلق لها به فأشكل أمره جدا، وسقط لفظ " باب " من رواية أبي ذر فخف الإشكال لكن لو قال وبهذا الإسناد أو وبه قال أو نحو ذلك لزال الإشكال، وقد صنع ذلك الإسماعيلي فإنه ساق حديث " يتعاقبون " فلما فرغ قال " وبهذا الإسناد إذا قال أحدكم " فسامه من طريقين عن أبي الزناد كذلك، وظهر بهذا أن هذا الحديث وما بعده من الأحاديث بقية ترجمة ذكر الملائكة والله أعلم. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ فَقُلْتُ مَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا بَالُ هَذِهِ الْوِسَادَةِ قَالَتْ وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا قَالَ أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ الشرح: حديث عائشة " حشوت وسادة " تقدم في البيوع ويأتي شرحه في اللباس، ومحمد شيخ البخاري فيه هو ابن سلام، وقد تقدم قبل أبواب حديث آخر قال فيه " حدثنا ابن سلام حدثنا مخلد بن يزيد". الحديث: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ وَمَعَ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ الَّذِي كَانَ فِي حَجْرِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ قَالَ بُسْرٌ فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ فَعُدْنَاهُ فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ فَقُلْتُ لعبيد الله الْخَوْلَانِيِّ أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ فَقَالَ إِنَّهُ قَالَ إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ أَلَا سَمِعْتَهُ قُلْتُ لَا قَالَ بَلَى قَدْ ذَكَرَهُ الشرح: حديث أبي طلحة، وشيخ البخاري فيه هو أحمد بن صالح كما جزم به أبو نعيم، قال الدار قطني: لم يذكر الأوزاعي ابن عباس في إسناده، يعني حيث رواه عن الزهري عن عبيد الله، قال: والقول قول من أثبته، قال: ورواه سالم أبو النضر عن عبيد الله نحو رواية الأوزاعي. قلت: هو عند الترمذي والنسائي من طريق أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله قال " دخلت على أبي طلحة " نحوه. وأخرج النسائي رواية الأوزاعي فأثبت ابن عباس تارة وأسقطه تارة ورجح رواية من أثبته، وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَعَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ الشرح: قوله: (حدثني عمرو) كذا للأكثر، وظن بعضهم أنه ابن الحارث، وهو خطأ لأنه لم يدرك سالما والصواب عمر بضم العين بغير واو، وهو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وثبت كذلك في رواية الكشميهني، وكذا وقع في اللباس عن يحيى بن سليمان بهذا الإسناد، وقوله "وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل فقال إنا لا ندخل " كذا أورده هنا مختصرا وساقه في اللباس بتمامه، وسيأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى. الحديث: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ الشرح: حديث أبي هريرة " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده " تقدم مشروحا في صفة الصلاة. الحديث: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يُحْدِثْ الشرح: حديث أبي هريرة " أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه " وقد تقدم مشروحا أيضا في صفة الصلاة، وابن فليح هو محمد، ووقع في بعض النسخ ابن أفلح وهو تصحيف. الحديث: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ قَالَ سُفْيَانُ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَادَوْا يَا مَالِ الشرح: قوله: (حدثنا سفيان) هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وعطاء هو ابن أبي رباح، وصفوان ابن يعلى أي ابن أمية، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق وهم مكيون. قوله: (يقرأ عل المنبر ونادوا يا مال) في رواية الكشميهني: قوله: (قال سفيان) هو ابن عيينة (في قراءة عبد الله) أي ابن مسعود الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا الشرح: حديث عائشة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم " هل أتى عليكم يوم أشد من يوم أحد " الحديث. قوله: (ابن عبد ياليل) بتحتانية وبعد الألف لام مكسورة ثم تحتانية ساكنة ثم لام (ابن عبد كلال) بضم الكاف وتخفيف اللام وآخره لام واسمه كنانة، والذي في المغازي أن الذي كلمه هو عبد ياليل نفسه، وعند أهل النسب أن عبد كلال أخوه لا أبوه وأنه عبد ياليل بن عمرو بن عمير بن عوف، ويقال اسم ابن عبد ياليل مسعود وله أخ أعمى له ذكر في السيرة في قذف النجوم عند المبعث النبوي، وكان ابن عبد ياليل من أكابر أهل الطائف من ثقيف، وقد روى عبد بن حميد في تفسيره من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى وقد ذكر موسى بن عقبة وابن إسحاق أن كنانة بن عبد ياليل وفد مع وفد الطائف سنة عشر فأسلموا، وذكره ابن عبد البر في الصحابة لذلك، لكن ذكر المديني أن الوفد أسلموا إلا كنانة فخرج إلى الروم ومات بها بعد ذلك والله أعلم. وذكر موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم لما مات أبو طالب توجه إلى الطائف رجاء أن يؤووه، فعمد إلى ثلاثة نفر من ثقيف وهم سادتهم وهم إخوة عبد ياليل وحبيب ومسعود بنو عمرو فعرض عليهم نفسه وشكى إليهم ما انتهك منه قومه فردوا عليه أقبح رد، وكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد مطولا، وذكر ابن سعد أن ذلك كان في شوال سنة عشر من المبعث وأنه كان بعد موت أبي طالب وخديجة. قوله: (على وجهي) أي على الجهة المواجهة لي. قوله: (بقرن الثعالب) هو ميقات أهل نجد ويقال له قرن المنازل أيضا، وهو على يوم وليلة من مكة، وقرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير، وحكى عياض أن بعض الرواة ذكره بفتح الراء قال: هو غلط، وحكى القابسي أن من سكن الراء أراد الجبل ومن حركها أراد الطريق التي بقرب منه، وأفاد ابن سعد أن مدة إقامته صلى الله عليه وسلم بالطائف كانت عشرة أيام. قوله: (ملك الجبال) أي الموكل بها. قوله: (فسلم علي ثم قال يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت) كذا لأبي ذر عن شيخيه، وله عن الكشميهني مثله إلا أنه قال " فما شئت". وقد رواه الطبراني عن مقدام بن داود عن عبد الله بن يوسف شيخ البخاري فقال " يا محمد إن الله بعثني إليك وأنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك فيما شئت إن شئت " قوله " ذلك " مبتدأ وخبره محذوف تقديره كما علمت أو كما قال جبريل، وقوله "ما شئت " استفهام وجزاؤه مقدر أي إن شئت فعلت. قوله: (الأخشبين) بالمعجمتين ما جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله وكأنه قعيقعان، ومال الصغاني بل هو الجبل الأحمر الذي يشرف على قعيقعان، ووهم من قال هو ثور كالكرماني، وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما، والمراد بأطباقهما أن يلتقيا على من بمكة، ويحتمل أن يريد أنهما يصيران طبقا واحدا. قوله: (بل أرجو) كذا لأكثرهم، وللكشميهني " أنا أرجو " وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه، ومزيد صبره وحمله، وهو موافق لقوله تعالى (فبما رحمه من الله لنت لهم) وقوله الحديث: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ الشرح: حديث ابن مسعود في قوله تعالى الحديث: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى قَالَ رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ الشرح: حديثه في قوله تعالى (لقد رأي من آيات ربه الكبرى) وسيأتي الكلام عليه أيضا في تفسير سورة النجم، وقوله فيه " رأى رفرفا أخضر " كذا للأكثر. وفي رواية الحموي والمستملي " خضرا " وهو بفتح أوله وكسر ثانيه مصروفا يقولون أخضر خضر كما قالوا: أعور عور، ولبعضهم بسكون ثانية بلفظ التأنيث، ويحتاج إلى ثبوت أن الرفرف يؤنث، وقد زعم بعضهم أنه جمع رفرفة فعلى هذا فيتجه. وقال الكرماني تبعا للخطابي: يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته كما يبسط الثوب، وهذا لا يخفى بعده. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَخَلْقُهُ سَادٌّ مَا بَيْنَ الْأُفُقِ الشرح: حديث عائشة من رواية القاسم عنها قالت " من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم " أي دخل في أمر عظيم، أو الخبر محذوف. الحديث: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ ابْنِ الْأَشْوَعِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَيْنَ قَوْلُهُ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الْأُفُقَ الشرح: حديث عائشة من رواية مسروق قال " قلت لعائشة: فأين قوله ثم دنى فتدلى " الحديث نحوه، ومحمد بن يوسف شيخه فيه هو البيكندي كما جزم به أبو علي الجياني، وابن أشوع بالمعجمة وزن أحمد واسمه سعيد بن عمرو بن أشوع نسبة لجده، وللأكثر ابن الأشوع، ووهم من قال هنا عن أبي الأشوع فإنها ليست كنيته، وسيأتي شرحه أيضا في تفسير سورة النجم. الحديث: حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالَا الَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ الشرح: حديث سمرة " رأيت الليلة رجلين أتياني " ذكره مختصرا جدا، وقد مضى مطولا في أواخر الجنائز، والمقصود منه ذكر مالك خازن النار وجبريل وميكائيل. الحديث: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ تَابَعَهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَمْزَةَ وَابْنُ دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ الشرح: حديث أبي هريرة " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه " الحديث. قوله: (تابعه شعبة وأبو حمزة وابن داود وأبو معاوية عن الأعمش) أي عن أبي حازم عن أبي هريرة، فأما متابعة شعبة فوصلها المؤلف في النكاح وسيأتي شرح المتن هناك. وأما متابعة أبي حمزة فلم أجدها، وأما متابعة ابن داود وهو عبد الله الخريبي المعجمة والراء والموحدة مصغر فوصلها مسدد في مسنده الكبير عنه، وأما متابعة أبي معاوية فوصلها مسلم والنسائي من طريقه. الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثُمَّ فَتَرَ عَنِّي الْوَحْيُ فَتْرَةً فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَجُئِثْتُ مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ فَجِئْتُ أَهْلِي فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ إِلَى قَوْلِهِ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزُ الْأَوْثَانُ الشرح: حديث جابر في فترة الوحي، وقد تقدم مشروحا في بدء الوحي.
|