الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
مِنْ وَصَيْتُ الشَّيْءَ أَصِيهِ إذَا وَصَلْتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ وَصَلَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ حَيَاتِهِ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ أَمْرِ مَمَاتِهِ. وَوَصَّى وَأَوْصَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَالِاسْمُ الْوَصِيَّةُ وَالْوِصَايَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً: الْأَمْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} وَقَالَ {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} وَشَرْعًا (الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ) كَوَصِيَّتِهِ إلَى مَنْ يُغَسِّلُهُ أَوْ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامًا، أَوْ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِهِ أَوْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ وَصَّى أَبُو بَكْرٍ بِالْخِلَافَةِ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَوَصَّى بِهَا عُمَرُ لِأَهْلِ الشُّورَى. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: " أَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سَبْعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانَ يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى أَيْتَامِهِمْ مِنْ مَالِهِ". وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَوْتِ: مُخْرِجٌ لِلْوَكَالَةِ. (وَ) الْوَصِيَّةُ (بِمَالٍ التَّبَرُّعُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ) بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ...} الْآيَةَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ} " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. (وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (الْقُرْبَةُ) لِصِحَّتِهَا لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيّ بِدَارِ حَرْبٍ كَالْهِبَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاءِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فِيهِ وَلَا بِرَّ، كَكَنِيسَةٍ أَوْ كُتُبِ التَّوْرَاةِ لَمْ تَصِحَّ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مُطْلَقَةً) كَوَصَّيْتُ لِفُلَانٍ بِكَذَا. (وَ) تَصِحُّ (مُقَيَّدَةً) كَإِنْ مِتَّ فِي مَرَضِي أَوَعَامِي هَذَا فَلِزَيْدٍ كَذَا لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْلِكُ تَنْجِيزَهُ فَمَلَكَ تَعْلِيقَهُ كَالْعِتْقِ. وأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: مُوصٍ وَوَصِيَّةٌ وَمُوصًى بِهِ وَمُوصًى لَهُ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُكَلَّفٍ لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ) فَإِنْ عَايَنَهُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ قَوْلٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَنَا خِلَافٌ هَلْ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ مَلَكَ الْمَوْتِ، أَوْمَا دَامَ مُكَلَّفًا أَوْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؟ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةٌ. وَالصَّوَابُ تُقْبَلُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا. وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ " {يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمَلُ الْغِنَى. وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا. وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ} " قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إمَّا مِنْ عِنْدَهُ أَوْ حِكَايَةٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ: وَالْمُرَادُ قَارَبَتْ بُلُوغَ الْحُلْقُومِ، إذْ لَوْ بَلَغَتْهُ حَقِيقَةً لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ (وَلَوْ) كَانَ مُوصٍ (كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا) أَوْ امْرَأَةً أَوْ قِنًّا فِيمَا عَدَا الْمَالَ. وَفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ. فَلَا وَصِيَّةَ لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ، وَكَذَا مُكَاتَبٌ وَنَحْوُهُ (أَوْ أَخْرَسَ) بِإِشَارَةٍ لِصِحَّةِ هِبَتِهِمْ فَوَصِيَّتُهُمْ أَوْلَى. وَ(لَا) تَصِحُّ إنْ كَانَ مُوصٍ (مُعْتَقَلًا لِسَانُهُ بِإِشَارَةٍ) وَلَوْ مَفْهُومَةً نَصًّا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْ نُطْقِهِ. أَشْبَهَ النَّاطِقَ (أَوْ) كَانَ (سَفِيهًا) وَوَصَّى (بِمَالٍ) فَتَصِحُّ لِتَمَحُّضِهَا نَفْعًا لَهُ بِلَا ضَرَرٍ كَعِبَادَاتِهِ. وَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ وَلَا إضَاعَةَ فِيهَا لَهُ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ فَمَالُهُ لَهُ. وَإِنْ مَاتَ فَلَهُ ثَوَابُهُ، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَ(لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ سَفِيهٍ (عَلَى وَلَدِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَوَصِيُّهُ أَوْلَى (وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ. مُوصٍ إنْ كَانَ (سَكْرَانَ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ عَاقِلٍ أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ. وَطَلَاقُهُ إنَّمَا وَقَعَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ (مُبَرْسَمًا) فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ. أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ. وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا وَوَصَّى فِي إفَاقَتِهِ صَحَّتْ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ مُمَيِّزٍ) يَعْقِلُهَا لِتَمَحُّضِهَا نَفْعًا لَهُ كَإِسْلَامِهِ وَصَلَاتِهِ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا بَعْدَ غِنَاهُ مِنْ مَالهِ، فَلَا ضَرَرَ يَلْحَقُهُ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ وَلَا أُخْرَاهُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَ(لَا) تَصِحُّ مِنْ (طِفْلٍ) لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ الْوَصِيَّةَ، وَلَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ وَأَشَارَ إلَى الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ (بِلَفْظٍ) مَسْمُوعٍ مِنْ الْمُوصِي بِلَا خِلَافٍ (وَبِخَطٍّ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (ثَابِتٍ) أَنَّهُ خَطُّ مُوصٍ (بِإِقْرَارِ وَرَثَةٍ أَوْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) أَنَّهُ خَطُّهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ: ثُبُوتُ الْخَطِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْحَاكِمِ لِفِعْلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَمَلٌ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْعَمَلِ طَرِيقُهَا الرُّؤْيَةُ نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ. وَالْمُقَدَّمُ الْأَوَّلُ. وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُتَسَامَحُ فِيهَا، وَلِهَذَا صَحَّ تَعْلِيقُهَا. وَ(لَا) تَصِحُّ (إنْ خَتَمَهَا) مُوصٍ (وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا) مَخْتُومَةً وَلَمْ يُعْلِمْ الشَّاهِدَ مَا فِيهَا (وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (بِخَطِّهِ) أَيْ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا فِيهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْقَوْلِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فِيهَا، كَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا خَطُّهُ عُمِلَ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ. وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِوَصِيَّةٍ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةٍ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَةٍ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا مَا لَمْ يُعْلَمْ رُجُوعُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا لَا يَزُولُ بِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ. وَالشَّكِّ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ. وَالْأَوْلَى كِتَابَتُهَا وَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا فِيهَا لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لَهَا. وَعَنْ أَنَسٍ " كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي صُدُورِ وَصَايَاهُمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانٌ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهُ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ. فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " رَوَاهُ سَعِيدٌ. (وَتُسَنُّ) الْوَصِيَّةُ. (لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} فَنُسِخَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ. وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ جَعَلْتُ لَكَ نَصِيبًا مِنْ مَالِكَ حِينَ أَخَذْتُ بِكَظْمِكَ لِأُطَهِّركَ وَأُزَكِّيَكَ} " (وَهُوَ) أَيْ الْخَيْرُ (الْمَالُ الْكَثِيرُ عُرْفًا) فَلَا يَتَقَدَّرُ بِشَيْءٍ (بِخُمْسِهِ) أَيْ خُمْسِ مَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ تُسَنُّ. رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ " رَضِيتُ بِمَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ لِنَفْسِهِ " يَعْنِي فِي قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}. (لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ) غَيْرِ وَارِثٍ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} " وَقَوْلِهِ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} وَكَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَيَاةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ فَقِيرٌ وَتَرَكَ خَيْرًا (فَ) الْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُوصِي (لِمِسْكِينٍ وَعَالِمٍ) فَقِيرٍ (وَدَيِّنٍ) فَقِيرٍ (وَنَحْوِهِمْ) كَابْنِ سَبِيلٍ وَغَازٍ. (وَتُكْرَهُ) وَصِيَّةٌ (لِفَقِيرٍ) أَيْ مِنْهُ إنْ كَانَ (لَهُ وَرَثَةٌ) قَالَ (الْمُنَقِّحُ: إلَّا مَعَ غِنَى الْوَرَثَةِ) وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي التَّبْصِرَةِ. رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ) مُطْلَقًا (بِجَمِيعِ مَالِهِ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَارِثِ وَهُوَ مَعْدُومٌ. (فَلَوْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمُوصِي (زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَرَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ (بِالْكُلِّ) أَيْ بِكُلِّ الْمَالِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي قَدْرِ فَرْضِهِ) أَيْ الرَّادِّ (مِنْ ثُلُثَيْهِ) أَيْ الْمَالِ. فَإِنْ كَانَ الرَّادُّ زَوْجًا بَطَلَتْ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ. وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَةَ بَطَلَتْ فِي السُّدُسِ لِأَنَّ لَهَا رُبْعَ الثُّلُثَيْنِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا. وَالثُّلُثُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَا يَأْخُذَانِ مِنْ الثُّلُثَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ فَرْضِهِمَا (فَيَأْخُذُ وَصِيٌّ الثُّلُثَ ثُمَّ) يَأْخُذُ (ذُو الْفَرْضِ) زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (فَرْضَهُ مِنْ ثُلُثَيْهِ) أَيْ الْمَالِ (ثُمَّ تُتَمَّمُ) الْوَصِيَّةُ (مِنْهُمَا) لِمُوصًى لَهُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى فَرْضِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ. أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِمُوصٍ وَارِثٌ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ مُطْلَقًا. (وَلَوْ وَصَّى أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (لِلْآخَرِ) بِكُلِّ مَالِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ الْمَالِ فَيَأْخُذُ جَمِيعَهُ (إرْثًا وَوَصِيَّةً) كَمَا تَقَدَّمَ (وَيَجِبُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ بِلَا بَيِّنَةٍ ذِكْرُهُ) أَيْ الْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ لِئَلَّا يَضِيعَ. (وَتَحْرُمُ) الْوَصِيَّةُ (مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ أَوْ) غَيْرُ (زَوْجَةٍ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ) نَصًّا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ. أَمَّا تَحْرِيمُ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ {فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ فَالشَّطْرُ؟ قَالَ لَا. قَالَ: فَالثُّلُثُ. قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ} الْحَدِيثِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ فَلِحَدِيثِ " {إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ} " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ (وَتَصِحُّ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " {لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ} " وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا " {لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ} " رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ. وَلِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ. فَإِذَا رَضُوا بِإِسْقَاطِهِ نَفَذَ. وَتَصِحُّ لِوَلَدِ وَارِثِهِ. فَإِنْ قَصَدَ نَفْعَ الْوَارِثِ لَمْ يَجُزْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. (وَلَوْ وَصَّى) مَنْ لَهُ وَرَثَةٌ (لِكُلِّ وَارِثٍ) مِنْهُمْ (بِمُعَيَّنٍ) مِنْ مَالِهِ (بِقَدْرِ وَارِثِهِ) صَحَّ. أَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ. فَلَوْ وَرِثَهُ ابْنُهُ وَبِنْتُهُ فَقَطْ. وَلَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَمَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَوَصَّى لِابْنِهِ بِالْعَبْدِ وَلِابْنَتِهِ بِالْأَمَةِ صَحَّ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ فِي الْقَدْرِ لَا فِي الْعَيْنِ لِصِحَّةِ مُعَاوَضَةِ الْمَرِيضِ بَعْضَ وَرَثَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيًّا جَمِيعَ مَالِهِ بِثَمَنٍ مِثْلَهُ وَلَوْ تَضَمَّنَ فَوَاتَ عَيْنِ جَمِيعَ الْمَالِ. (أَوْ) وَصَّى (بِوَقْفِ ثُلُثِهِ عَلَى بَعْضِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (صَحَّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَجَازَ ذَلِكَ بَاقِي الْوَرَثَةِ أَوْ رَدُّوهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُمْلَكُ مِلْكًا تَامًّا لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ بِهِ (وَكَذَا وَقْفٌ زَائِدٌ) عَلَى الثُّلُثِ (أُجِيزَ) فَيَنْفُذُ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ لَمْ يَنْفُذْ الزَّائِدُ (وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا) وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَدَّهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ. فَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى نَفْسِهِ. (وَمَنْ لَمْ يَفِ ثُلُثُهُ بِوَصَايَاهُ أُدْخِلَ النَّقْصُ عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ (بِقَدْرِ وَصِيَّتِهِ وَإِنْ) كَانَتْ وَصِيَّةُ بَعْضِهِمْ (عِتْقًا) كَتَسَاوِيهِمْ فِي الْأَصْلِ وَتَفَاوُتِهِمْ فِي الْمِقْدَارِ كَمَسَائِلِ الْعَوْلِ. فَلَوْ وَصَّى لِوَاحِدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ وَلِثَالِثٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَبِثَلَاثِينَ لِفِدَاءِ أَسِيرٍ وَلِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ بِعِشْرِينَ. وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مِائَةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْوَصَايَا ثَلَاثُمِائَةٍ نُسِبَتْ مِنْهَا الثُّلُثُ فَهُوَ ثُلُثُهَا. فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ وَصِيَّتِهِ. (وَإِنْ أَجَازَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ (وَرِثَهُ بِلَفْظِ إجَازَةٍ) كَ أَجَزْتُهَا (أَوْ) بِلَفْظِ (إمْضَاءٍ) كَأَمْضَيْتُهَا (أَوْ) بِلَفْظِ (تَنْفِيذٍ) كَنَفَّذْتُهَا (لَزِمَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ فَلَزِمَتْ بِإِجَازَتِهَا كَمَا تَبْطُلُ بِرَدِّهِمْ (وَهِيَ) أَيْ الْإِجَازَةُ (تَنْفِيذٌ) لِمَا وَصَّى بِهِ الْمَوْرُوثُ لَا ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} فَ (لَا يَثْبُتُ لَهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ (أَحْكَامُ هِبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ أَبٌ) وَارِثٌ مِنْ مُوصٍ (أَجَازَ) وَصِيَّةً لِابْنِهِ لِأَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ. وَالْإِجَازَةُ تَنْفِيذٌ لِمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ لِابْنِهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِهَا) أَيْ الْإِجَازَةِ (مَنْ حَلَفَ لَا يَهَبُ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِهِبَةٍ (وَوَلَاءُ عِتْقٍ) مِنْ مُورِثٍ (مُجَازٌ) أَيْ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ تَنْجِيزًا، كَأَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ مُوصًى بِهِ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ. فَعِتْقُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْهِ. فَإِذَا أَجَازُوهُ نَفَذَ. وَوَلَاؤُهُ (لِمُوصٍ تَخْتَصُّ بِهِ عَصَبَتُهُ) لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ. وَالْإِجَازَةُ لِتَنْفِيذِ فِعْلِهِ (وَتَلْزَمُ) الْإِجَازَةُ (بِغَيْرِ قَبُولٍ) مُجَازٍ لَهُ (وَ) بِغَيْرِ (قَبْضٍ وَلَوْ) كَانَتْ الْإِجَازَةُ (مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ) لِأَنَّهَا تَنْفِيذٌ لَا تَبَرُّعٌ بِالْمَالِ. (وَ) تَلْزَمُ الْإِجَازَةُ (مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ الْمُجَازِ (وَقْفًا عَلَى مُجِيزِهِ) وَلَوْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مَنْسُوبًا لِلْمُجِيزِ، إنَّمَا هُوَ مُنَفِّذٌ لَهُ. (وَ) تَلْزَمُ الْإِجَازَةُ (مَعَ جَهَالَةِ الْمُجَازِ) لِأَنَّهَا عَطِيَّةُ غَيْرِهِ (وَيُزَاحَمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِ) قَدْرِ (مُجَاوِزٍ لِثُلُثِهِ الَّذِي لَمْ يُجَاوِزُهُ) كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ وَلِعَمْرٍو. بِالنِّصْفِ وَأَجَازَ الْوَرَثَةُ لِعَمْرٍو خَاصَّةً فَيُزَاحِمُهُ زَيْدٌ بِنِصْفٍ كَامِلٍ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ لِزَيْدٍ خُمُسَاهُ وَلِعَمْرٍو ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ (لِقَصْدِهِ) أَيْ الْمُوصِي (تَفْضِيلَهُ كَجَعْلِهِ الزَّائِدَ لِثَالِثٍ) بِأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ وَلِبَكْرٍ بِالسُّدُسِ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةٍ، ثُمَّ يُكْمِلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فِي الْأُولَى نِصْفُهُ. وَمَنْ قَالَ: الْإِجَازَةُ عَطِيَّةٌ عَكَسَ الْأَحْكَامَ الْمُتَقَدِّمَةَ. وَقَالَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ: إنَّمَا يُزَاحِمُهُ بِثُلُثٍ خَاصَّةً لِأَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُكْمِلُ إذْ الزِّيَادَةُ عَطِيَّةٌ مَحْضَةٌ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ تَتَلَقَّ مِنْ الْمَيِّتِ فَلَا يُزَاحِمُ بِهَا الْوَصَايَا. فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يُكْمِلُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ نِصْفُهُ بِالْإِجَازَةِ (لَكِنْ لَوْ أَجَازَ مَرِيضٌ) مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ. قُلْتُ: وَكَذَا مَنْ أَلْحَقَ بِهِ وَصِيَّةً تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ (فَ) إجَازَتُهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) لِتَرْكِهِ حَقًّا مَالِيًّا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ (كَمُحَابَاةِ صَحِيحٍ فِي بَيْعِ خِيَارٍ لَهُ) بِأَنْ بَاعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا (ثُمَّ مَرِضَ) الْبَائِعُ (زَمَنَهُ) أَيْ فِي الشَّهْرِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ لَهُ وَلَمْ يَخْتَرْ فَسْخَ الْبَيْعِ حَتَّى لَزِمَ. فَإِنَّ الْعِشْرِينَ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِدْرَاكِهَا بِالْفَسْخِ فَتَعُودُ لِوَرَثَتِهِ. فَلَمَّا لَمْ يَفْسَخْ كَانَ كَأَنَّهُ اخْتَارَ وُصُولَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي. أَشْبَهَ عَطِيَّتَهُ فِي مَرَضِهِ (وَ) كَ (إذْنِ) مَرِيضٍ (فِي قَبْضِ هِبَةٍ) وَهَبَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ، لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهَا و(لَا) تُعْتَبَرُ مُحَابَاةٌ فِي (خِدْمَتِهِ) مِنْ الثُّلُثِ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِلْخِدْمَةِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَمْضَاهَا بَلْ. مُحَابَاتُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ الْفَسْخَ إذَنْ لَيْسَ بِتَرْكِ مَالٍ (وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِ مَنْ وَصَّى) لَهُ بِوَصِيَّةٍ (أَوْ وَهَبَ لَهُ) هِبَةً مِنْ مَرِيضٍ (وَارِثًا أَوْ لَا عِنْدَ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ مُوصٍ وَوَاهِبٍ. فَمَنْ وَصَّى لِأَحَدِ إخْوَتِهِ أَوْ وَهَبَهُ فِي مَرَضِهِ، فَحَدَثَ لَهُ وَلَدٌ صَحَّتَا إنْ خَرَجَتَا مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِوَارِثٍ. وَإِنْ وَصَّى أَوْ وَهَبَ مَرِيضٌ أَخَاهُ وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ قَبْلَهُ وَقَفْنَا عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ. (وَ) الِاعْتِبَارُ (بِإِجَازَةِ) وَصِيَّةٍ أَوَعَطِيَّةً (أَوْ رَدٍّ) لِأَحَدِهِمَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ لَا عِبْرَةَ بِهِ لِأَنَّ الْمَوْتَ هُوَ وَقْتُ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ، وَالْعَطِيَّةُ فِي مَعْنَاهَا (وَمَنْ أَجَازَ) مِنْ وَرَثَةِ عَطِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَكَانَتْ جُزْءًا (مُشَاعًا) كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ (ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَجَزْتُ) ذَلِكَ (لِأَنِّي ظَنَنْتُهُ) أَيْ الْمَالَ الْمُخَلَّفَ (قَلِيلًا) ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَثِيرٌ (قُبِلَ) قَوْلُهُ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ. وَالظَّاهِرُ مَعَهُ (وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ) لِإِجَازَتِهِ مَا فِي ظَنِّهِ.
فَإِذَا كَانَ الْمَالُ أَلْفًا وَظَنَّهُ ثَلَاثَمِائِةٍ وَالْوَصِيَّةُ بِالنِّصْفِ. فَقَدْ أَجَازَ السُّدُسَ وَهُوَ خَمْسُونَ فَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِ مَعَ ثُلُثِ الْأَلْفِ فَلِمُوصًى لَهُ ثَلَاثُمِائِةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ) الْمُخَلَّفُ (ظَاهِرًا لَا يَخْفَى) عَلَى الْمُجِيزِ (أَوْ تَقُومُ) بِهِ (بَيِّنَةٌ) عَلَى الْمُجِيزِ (بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُجَازُ مِنْ عَطِيَّةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (عَيْنًا) كَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ) كَانَ (مَبْلَغًا مَعْلُومًا) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ (أَوْ قَالَ) مُجِيزُهُ (ظَنَنْتُ الْبَاقِي) بَعْدَهُ (كَثِيرًا لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ. فَلَا. رُجُوعَ لَهُ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ قِيمَتَهُ أَلْفًا فَبَانَ أَكْثَرَ قُبِلَ وَلَيْسَ نَقْضًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَقَالَ: وَإِنْ أَجَازَ وَقَالَ: أَرَدْتُ أَصْلَ الْوَصِيَّةِ قُبِلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَمَا وَصَّى بِهِ لِغَيْرِ مَحْصُورٍ كَفُقَرَاءَ أَوْ غُزَاةٍ وَبَنِي هَاشِمٍ) (أَوْ) وَصَّى بِهِ لِ (مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَثَغْرٍ وَرِبَاطٍ وَحَجٍّ (لَمْ يُشْتَرَطْ قَبُولُهُ) لِتَعَذُّرِهِ فَتَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ بَلْ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ وَلَوْ عَدَدًا يُمْكِنُ حَصْرُهُ (اُشْتُرِطَ) قَبُولُهُ، لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ لَهُ كَالْهِبَةِ. وَلَا يَتَعَيَّنُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ. بَلْ يَجْزِي مَا قَامَ مَقَامَهُ كَأَخْذٍ وَمَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا. وَفِي الْمُغْنِي وَطْؤُهُ قَبُولٌ كَرَجْعَةٍ وَبَيْعِ خِيَارٍ وَيَجُوزُ فَوْرًا وَمُتَرَاخِيًا (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الْقَبُولِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ قَبْلَهُ (وَيَثْبُتُ مِلْكُ مُوصًى لَهُ مِنْ حِينِهِ) أَيْ الْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ عَيْنٍ لِمُعَيَّنٍ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ فَلَمْ يَسْبِقْ الْمِلْكُ الْقَبُولَ، كَسَائِرِ الْعُقُودِ. وَلِأَنَّ الْقَبُولَ مِنْ تَمَامِ السَّبَبِ، وَالْحُكْمُ لَا يَتَقَدَّمُ سَبَبَهُ (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ فِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الْقَبُولِ بِبَيْعٍ وَلَا رَهْنٍ وَلَاهِبَةٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا غَيْرِهَا لِعَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا (وَمَا حَدَثَ) مِنْ عَيْنٍ مُوصًى بِهَا بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ وَقَبْلَ قَبُولِ مُوصًى لَهُ بِهَا (مِنْ نَمَاءٍ مُنْفَصِلٍ) كَكَسْبٍ وَثَمَرَةٍ وَوَلَدٍ (فَ) هُوَ (لِوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ مُوصٍ لِمِلْكِهِمْ الْعَيْنَ حِينَئِذٍ (وَيَتْبَعُ) الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا نَمَاءٌ (مُتَّصِلٌ) كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ. (وَإِنْ كَانَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِأَمَةٍ فَأَحْبَلَهَا وَارِثٌ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْهُ فِي مِلْكِهِ لَهَا (وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى قِيمَتُهَا لِلْوَصِيِّ لَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِهَا إذَا قَبِلَهَا بَعْدَ ذَلِكَ (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا) لِثُبُوتِ حَقِّ التَّمَلُّكِ لَهُ فِيهَا بِمَوْتِ الْمُوصِي. وَالِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ. وَلِذَلِكَ يَصِحُّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ وَإِنْ لَمْ يُنَفَّذْ إعْتَاقُهُمَا. وَإِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى الْوَارِثُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ الْقَبُولِ ثُمَّ قَبِلَ مُوصًى لَهُ فَكَبِنَاءِ مُشْتَرٍ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَغَرْسِهِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ. (وَإِنْ وَصَّى لَهُ) أَيْ الْحُرِّ (بِزَوْجَتِهِ) الْأَمَةِ (فَأَحْبَلَهَا وَوَلَدَتْ قَبْلَهُ) أَيْ الْقَبُولِ. وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَحْبَلَهَا فَقَطْ (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) لِزَوْجِهَا الْمُوصَى (لَهُ) بِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حِينَ أَحْبَلَهَا (وَوَلَدُهُ) الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ قَبُولِهَا (رَقِيقٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ اشْتَرَطَ حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهِ. (وَ) إنْ وَصَّى لِحُرٍّ (بِأَبِيهِ) الرَّقِيقِ (فَمَاتَ) مُوصًى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ و(قَبْلَ قَبُولِهِ) الْوَصِيَّةَ (فَقَبِلَ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بِجَدِّهِ (عَتَقَ الْمُوصَى بِهِ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ لِمِلْكِ ابْنِ ابْنِهِ لَهُ إذَنْ (وَلَمْ يَرِثْ) الْعَتِيقُ مِنْ ابْنِهِ الْمَيِّتِ، لِحُدُوثِ حُرِّيَّتِهِ بَعْدَ أَنْ صَارَ الْمِيرَاثُ لِغَيْرِهِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِابْنِ أَخِيهِ فَمَاتَ قَبْلَ قَبُولِهِ فَقَبِلَ ابْنُهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ، لِأَنَّهُ تَلَقَّى الْوَصِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي لَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَبِيهِ مِلْكٌ فِي الْمُوصَى بِهِ. وَكَذَا لَا تُقْضَى دُيُونُ مُوصًى لَهُ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ وَقَبْلَ قَبُولٍ مِنْ وَصِيَّةٍ قَبِلَهَا وَارِثُهُ. (وَعَلَى وَارِثٍ ضَمَانُ عَيْنٍ) لَا دَيْنٍ (حَاضِرَةٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ مُورِثِهِ) إنْ تَلِفَتْ، بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحْتَسَبُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَلَا يَنْقُصُ بِتَلَفِهَا ثُلُثٌ أَوْصَى بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَجُلٍ تَرَكَ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَعَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةً وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِالْعَبْدِ فَسُرِقَتْ الدَّنَانِيرُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّجُلِ وَجَبَ دَفْعُ الْعَبْدِ لِلْمُوصَى لَهُ وَذَهَبَتْ دَنَانِيرُ الْوَرَثَةِ انْتَهَى لِأَنَّ مِلْكَهُمْ اسْتَقَرَّ بِثُبُوتِ سَبَبِهِ، إذْ هُوَ لَا يُخْشَى انْفِسَاخُهُ. وَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بِالْبَدَلِ عَلَى أَحَدٍ. فَأَشْبَهَ مَا فِي يَدِ الْمُودَعِ وَنَحْوِهِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً أَوْ حَاضِرَةً وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ قَبْضِهَا لَمْ تُحْتَسَبْ عَلَى الْوَرَثَةِ. و(لَا) يَكُونُ عَلَى وَارِثٍ (سَقْيُ ثَمَرَةٍ مُوصًى بِهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (وَإِنْ مَاتَ مُوصًى لَهُ قَبْلَ مُوصٍ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ صَادَفَتْ الْمُعْطَى مَيِّتًا، فَلَمْ تَصِحَّ كَهِبَتِهِ لِمَيِّتٍ. وَ(لَا) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إنْ مَاتَ مُوصًى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ مُوصٍ (إنْ كَانَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) لِبَقَاءِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ حَتَّى يُؤَدِّي الدَّيْنَ. (وَإِنْ رَدَّهَا) أَيْ رَدَّ مُوصًى لَهُ الْوَصِيَّةَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فَإِنْ كَانَ) رَدُّهُ (بَعْدَ قَبُولِهِ) الْوَصِيَّةَ (لَمْ يَصِحَّ الرَّدُّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَهَا أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرَهُمَا، لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا بِالْقَبُولِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ رَدُّهُ لِلْوَصِيَّةِ بَعْدَ قَبُولِهَا بِأَنْ رَدَّهَا قَبْلَهُ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَالٍ يَمْلِكُ قَبُولَهُ وَأَخْذُهُ. أَشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ عَنْ شُفْعَتِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ. وَيَحْصُلُ رَدُّهَا بِقَوْلِهِ: رَدَدْتُ، أَوْ لَا أَقْبَلُ وَنَحْوُهُ، وَتَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ كَأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ تَكُنْ. وَإِنْ عَيَّنَ بِالرَّدِّ وَاحِدًا وَقَصَدَ تَخْصِيصَهُ بِالْمَرْدُودِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لِجَمِيعِهِمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبِلَ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ (وَإِنْ امْتَنَعَ) مُوصًى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ (مِنْ قَبُولٍ وَرَدٍّ) لِلْوَصِيَّةِ (حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَسَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ (وَإِنْ مَاتَ) مُوصًى لَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْمُوصِي (وَقَبْلَ رَدٍّ وَقَبُولٍ) لِلْوَصِيَّةِ (قَامَ وَارِثُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (مَقَامَهُ) فِي رَدٍّ وَقَبُولٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمُوَرِّثِ، فَيَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِحَدِيثِ " {مَنْ تَرَكَ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ} " وَكَخِيَارِ الْعَيْبِ. فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً وَقَبِلَ بَعْضُهُمْ وَرَدَّ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَعَلَ وَلِيُّهُ الْأَحَظَّ.
وَإِنْ قَالَ مُوصِي رَجَعْتُ فِي وَصِيَّتِي، أَوْ قَالَ أَبْطَلْتُهَا وَنَحْوَهُ كَ رَدَدْتُهَا أَوْ غَيَّرْتُهَا أَوْ فَسَخْتُهَا (بَطَلَتْ) لِقَوْلِ عُمَرَ " يُغَيِّرُ الرَّجُلُ مَا شَاءَ مِنْ وَصِيَّتِهِ " وَالْعِتْقُ كَغَيْرِهِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ، فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى صِفَةٍ فِي الْحَيَاةِ. (وَإِنْ قَالَ) مُوصٍ (فِي مُوصًى بِهِ: هَذَا لِوَرَثَتِي) أَوْ فِي مِيرَاثِي (أَوْ) قَالَ (مَا وَصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ فَلِعَمْرٍو فَ) هُوَ (رُجُوعٌ) عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى لِمُنَافَاتِهِ لَهَا (وَإِنْ) وَصَّى بِشَيْءٍ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ (وَصَّى بِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) أَيْ مَا وَصَّيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ فَلِعَمْرٍو (فَ) لِلْمُوصَى بِهِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِهِ أَوَّلًا وَالْمُوصَى لَهُ بِهِ ثَانِيًا. كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَصِيَّةِ (وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ أَوَّلًا وَالْمُوصَى لَهُ بِهِ ثَانِيًا (قَبْلَ) مَوْتِ (مُوصٍ) كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ (أَوْ) تَأَخَّرَ مَوْتُهُمَا عَنْ مَوْتِ مُوصٍ و(رَدَّ) أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ (كَانَ الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ الْمُوصَى بِهِ (لِلْآخَرِ) الَّذِي قَبِلَ الْوَصِيَّةَ (لِأَنَّهُ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ) كَمَا لَوْ وَصَّى لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ مُوصٍ أَوْ رَدَّ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَإِنْ أُجِيزَتْ وَصِيَّتُهُ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ. وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ ثُمَّ بِثُلُثَيْهِ لِآخَرَ فَمُتَغَايِرَانِ وَفِي الرَّدِّ يُقَسِّمُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ. (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ مُوصٍ مُوصًى بِهِ (أَوْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْجَبَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) بِأَنْ قَالَ لِإِنْسَانٍ: بِعْتُكَهُ أَوْ وَهَبْتُكَهُ (وَلَمْ يَقْبَلْ) مَقُولٌ لَهُ ذَلِكَ (فِيهِمَا) أَيْ فِي إيجَابِ الْبَيْعِ وَإِيجَابِ الْهِبَةِ فَرُجُوعٌ (أَوْ عَرَضَهُ لَهُمَا) أَيْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَرُجُوعٌ (أَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ أَوْ عِتْقِهِ) أَيْ مَا وَصَّى بِهِ لِإِنْسَانٍ مِنْ رَقِيقِهِ بِأَنْ قَالَ: أَعْطُوهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ أَعْتِقُوهُ (أَوْ) وَصَّى بِ (هِبَتِهِ أَوْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِهِ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ: هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَرُجُوعٌ (أَوْ كَاتَبَهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ خَلَطَهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ مِنْ نَحْوِ زَيْتٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقٍ (بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ مُوصًى بِهِ (صُبْرَةً) فَخَلَطَهَا (بِغَيْرِهَا أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحِنْطَةَ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ) الْمُوصَى بِهِ (أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا، أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ بَنَى) الْحَجَرَ أَوْ الْآجُرَّ الْمُوصَى بِهِ (أَوْ غَرَسَ) نَوًى مُوصًى بِهِ فَصَارَ شَجَرًا (أَوْ نَجَّرَ الْخَشَبَةَ بَابًا) أَوْ كُرْسِيًّا أَوْ دُولَابًا وَنَحْوَهُ (أَوْ أَعَادَ دَارًا انْهَدَمَتْ أَوْ جَعَلَهَا حَمَّامًا أَوْ نَحْوَهُ فَرُجُوعٌ) لِأَنَّهُ دَلِيلٌ لِاخْتِيَارِهِ الرُّجُوعَ، وَكَذَا لَوْ كَسَرَ السَّفِينَةَ وَصَارَ اسْمُهَا خَشَبًا (لَا إنْ جَحَدَهَا) أَيْ جَحَدَ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ فَلَيْسَ رُجُوعًا لِأَنَّهَا عَقْدٌ كَسَائِرِ الْعُقُودِ (أَوْ آجَرَ) مُوصٍ عَيْنًا مُوصًى بِهَا (أَوْ زَوَّجَ) رَقِيقًا مُوصًى بِهِ (أَوْ زَرَعَ) أَرْضًا مُوصًى بِهَا فَلَيْسَ رُجُوعًا. فَإِنْ غَرَسَهَا أَوْ بَنَاهَا فَرُجُوعٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَيُشْعِرُ بِالصَّرْفِ عَنْ الْأَوَّلِ. ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ. وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي قَوْلِ الْمَتْنِ: أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ (أَوْ وَطِئَ) أَمَةً مُوصًى بِهَا (وَلَمْ تَحْمِلْ) مِنْ وَطْئِهِ (أَوْ لَبِسَ) ثَوْبًا مُوصًى بِهِ (أَوْ سَكَنَ مُوصًى بِهِ) مِنْ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ بَيْت شَعْرٍ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ رُجُوعًا لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا الِاسْمَ وَلَمْ يَمْنَعْ التَّسْلِيمَ كَغَسْلِ ثَوْبٍ مُوصًى بِهِ، أَوْ كَنْسِ دَارٍ مُوصًى بِهَا، أَوْ عَلَّمَ رَقِيقًا مُوصًى بِهِ صَنْعَةً (أَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ فَتَلِفَ) مَالُهُ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ بِإِتْلَافِهِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا (أَوْ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ مَالًا) غَيْرَهُ فَلَيْسَ رُجُوعًا، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِمَّا يَمْلِكُهُ حِينَ الْمَوْتِ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِيهَا (أَوْ) كَانَتْ الْوَصِيَّةُ (بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (وَلَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا) مِمَّا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْهُ فَلَيْسَ رُجُوعًا، لِأَنَّ الْقَفِيزَ كَانَ مُشَاعًا وَبَقِيَ عَلَى إشَاعَتِهِ (وَزِيَادَةُ مُوصٍ فِي دَارٍ) بَعْدَ وَصِيَّةٍ بِهَا (لِلْوَرَثَةِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ وُجُودِهَا حِينِهَا (لَا الْمُنْهَدِمِ) مِنْ دَارٍ إذَا أَعَادَهُ مُوصٍ، فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ بَلْ لِمُوصًى لَهُ بِهَا لِدُخُولِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِوُجُودِهِ حِينِهَا. (وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ) بِنَحْوِ عَبْدٍ (ثُمَّ قَالَ: إنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَلَهُ) مَا وَصَّيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ (فَقَدِمَ) عَمْرٌو (بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ فَ) الْمُوصَى بِهِ لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو، لِانْقِطَاعِ حَقِّهِ مِنْهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ قُدُومِهِ وَانْتِقَالِهِ لِزَيْدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ إذْ ذَاكَ وَمَا يَمْنَعُهُ. فَلَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُ الشَّرْطِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَنْ عَلَّقَ عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بِشَرْطٍ فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فِي حَيَاةِ مُوصٍ كَانَ لَهُ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: بِلَا نِزَاعٍ (وَيُخْرِجُ وَصِيٌّ) أَيْ مُوصًى إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ الْوَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ (فَوَارِثٌ) جَائِزُ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ أَبَى (فَحَاكِمٌ الْوَاجِبَ) عَلَى مَيِّتٍ مِنْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى (وَمِنْهُ) أَيْ الْوَاجِبِ (وَصِيَّةٌ بِعِتْقٍ فِي كَفَّارَةِ تَخْيِيرٍ) وَهِيَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَخْرُجْ، أَيْ يَجِبُ إخْرَاجُهُ (وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (فَإِنْ وَصَّى مَعَهُ) أَيْ الْوَاجِبِ (بِتَبَرُّعٍ) مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ مُشَاعٍ (اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ) الَّذِي تُعْتَبَرُ مِنْهُ التَّبَرُّعَاتُ (مِنْ) الْمَالِ (الْبَاقِي) بَعْدَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ. فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَرْبَعِينَ وَالدَّيْنُ عَشَرَةً وَوَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ دَفَعَ الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ دَفَعَ لِلْمُوصَى لَهُ عَشَرَةً لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْبَاقِي. وَعُلِمَ مِنْهُ تَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ " {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ} " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَحِكْمَةُ تَقْدِيمِهَا بِالذِّكْرِ فِي الْآيَةِ مَشَقَّةُ إخْرَاجِهَا عَلَى الْوَارِثِ فَقُدِّمَتْ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ " أَوْ " الَّتِي لِلتَّسْوِيَةِ أَيْ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا. (وَإِنْ قَالَ) مَنْ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَوَصَّى بِتَبَرُّعٍ (أَخْرِجُوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثِي بُدِئَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ بَعْدَ الْوَاجِبِ (فَمَا فَضَلَ مِنْهُ فَ) هُوَ (لِصَاحِبِ التَّبَرُّعِ) عَمَلًا بِوَصِيَّتِهِ (وَإِلَّا) يَفْضُلُ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ بَعْدَ الْوَاجِبِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ بِالتَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ رَجَعَ عَنْهَا.
وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ (تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ، أَوْ لَا كَالْفُقَرَاءِ (وَكَافِرٍ مُعَيَّنٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: إنَّ ذَلِكَ هُوَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ (وَلَوْ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا) كَالْهِبَةِ. فَلَا تَصِحُّ لِعَامَّةِ النَّصَارَى أَوْ نَحْوِهِمْ لَكِنْ لَوْ وَصَّى لِكَافِرٍ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوَسِلَاحً أَوْ حَدِّ قَذْفٍ لَمْ تَصِحَّ وَبِعَبْدٍ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ مُوصٍ بَطَلَتْ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْكَافِرُ مِلْكًا عَلَى مُسْلِمٍ. (وَ) تَصِحُّ وَصِيَّةٌ (لِمُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبِ وَارِثِهِ ك) مَا تَصِحُّ لِمُكَاتَبِ (الْأَجْنَبِيِّ) مِنْ مُوصٍ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَسَوَاءٌ وَصَّى لَهُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ كَثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ أَوْ بِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ وَفَرَسٍ، لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ مَالَ الْمُكَاتَبِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ. (وَ) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّهَا حُرَّةٌ عِنْدَ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ و(كَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ) مَثَلًا (وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ حَاضِنَةً لِوَلَدِهَا مِنْهُ. (وَإِنْ شَرَطَ) فِي وَصِيَّتُهُ (عَدَمَ تَزْوِيجِهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ (فَفَعَلَتْ) أَيْ وَافَقَتْ عَلَيْهِ (وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ) لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِفَوَاتِ شَرْطِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَمَاتَ، فَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُ عَتَقَتْ. فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهَا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَبَحَثَ فِيهِ الْحَارِثِيُّ. وَذَكَرْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ. وَإِنْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ رَدَّتْ الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ نَصًّا. وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا رَدَّهُ إذَا تَزَوَّجَ. (وَ) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (لِمُدَبَّرِهِ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا عِنْدَ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ كَأُمِّ وَلَدِهِ (فَإِنْ ضَاقَ ثُلُثُهُ) أَيْ الْمُخَلَّفِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُدَبَّرِ (وَعَنْ وَصِيَّتِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِهِ (بُدِئَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ ثُلُثِهِ (بِعِتْقِهِ) فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا. (وَ) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (لِقِنِّهِ) أَيْ رَقِيقِهِ غَيْرِ مُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ (بِمُشَاعٍ) مِنْ مَالٍ (كَثُلُثٍ) وَرُبْعٍ. (وَ) يَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لِقِنِّهِ (بِنَفْسِهِ وَرَقَبَتِهِ) أَيْ الْقِنِّ، بِأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لَكَ بِنَفْسِكَ أَوْ بِرَقَبَتِكَ كَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعِتْقِهِ و(يَعْتِقُ) كُلُّهُ (بِقَبُولِهِ إنْ خَرَجَ) كُلُّهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) لِأَنَّ الْقِنَّ يَدْخُلُ فِي الْجُزْءِ الْمُشَاعِ فَيَمْلِكُ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ بِقَبُولِهِ، فَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ لِتَعَذُّرِ مِلْكِهِ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَسْرِي الْعِتْقُ لِبَقِيَّتِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ (وَإِلَّا) يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ بَعْضُهُ (فَ) إنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ عِتْقَ بَاقِيهِ. فَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِقِنِّهِ بِثُلُثِ الْمَالِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَهُ سِوَاهُ خَمْسُونَ عَتَقَ نِصْفُهُ (وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ الثُّلُثِ مَثَلًا (وَفَضَلَ) مِنْهُ (شَيْءٌ) بَعْدَ عِتْقِهِ (أَخَذَهُ) فَلَوْ وَصَّى لَهُ بِالثُّلُثِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَهُ سِوَاهُ خَمْسُمِائَةٍ عَتَقَ وَأَخَذ مِائَةً لِأَنَّهَا تَمَامُ الثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَهُ سِوَاهُ ثَمَانِمِائَةٍ عَتَقَ وَأَعْطَى مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ تَمَامَ الرُّبْعِ. وَإِنْ وَصَّى لِقِنِّهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَثُلُثِهِ وَرُبْعِهِ وَخَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مَا وَصَى لَهُ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَفِي بَقِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ. وَ(لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِقِنِّهِ (بِمُعَيَّنٍ) لَا يَدْخُلُ هُوَ فِيهِ كَدَارٍ وَفُرُشٍ وَثَوْبٍ وَقِنِّ غَيْرِهِ وَمِائَةٍ مِنْ مَالٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ شَيْءٌ فِيمَا وَصَّى لَهُ بِهِ. فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَإِذَا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ آلَ إلَى الْوَرَثَةِ، وَكَانَ مَا وَصَّى بِهِ لَهُ لَهُمْ، فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمَيِّتَ وَصَّى لِوَرَثَتِهِ بِمَا يَرِثُونَهُ فَتَلْغُو الْوَصِيَّةُ لِعَدَمِ. فَائِدَتِهَا (وَلَا) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (لِقِنِّ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. أَشْبَهَ مَا لَوْ وَصَّى لِحَجَرٍ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّنْقِيحِ. وَفِي الْمُقْنِعِ. وَتَصِحُّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ لِسَيِّدِهِ بِقَبُولِ الْقِنِّ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ. (وَلَا) تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (لِحَمْلٍ إلَّا إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ حِينَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (بِأَنْ تَضَعَهُ) الْأُمُّ (حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُمُّ فِرَاشًا) لِزَوْجٍ (أَوْ) سَيِّدٍ أَوْ تَضَعُهُ لِأَقَلَّ (مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) فِرَاشًا كَانَتْ أَوْ لَا (مِنْ حِينِهَا) فَتَصِحُّ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ عَلَى خُرُوجِهِ حَيًّا وَالْوَصِيَّةُ قَابِلَةٌ لِلتَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَلِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمِيرَاثِ فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بَطَلَتْ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ حَيًّا حِينَ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ مَاتَ بِعَارِضٍ مِنْ ضَرْبِ بَطْنٍ أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَصَّى لِمَنْ تَحْمِلُ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ فَلَا تَصِحُّ لِمَعْدُومٍ (وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِهِ) أَيْ الْحَمْلِ مِنْ أَمَةٍ أَوْ فَرَسٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ قَالَ مُوصٍ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ (إنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا) أَيْ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا (وَإِنْ كَانَ) فِي بَطْنِكِ (أُنْثَى فَ) لَهَا (كَذَا) أَيْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا مَثَلًا (فَكَانَا) أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَطْنِهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى بِوِلَادَتِهَا لَهُمَا (فَلَهُمَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (مَا شَرَطَ) لَهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَلَوْ كَانَ قَالَ) لَهَا (إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ) أَوْ حَمْلُكِ ذَكَرًا فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهَا كَذَا فَكَانَا (فَلَا) شَيْءَ لَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا بَعْضُ مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ حَمْلِهَا لَا كُلَّهُ. وَإِنْ وَصَّى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْوَصِيَّةُ لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ. أَشْبَهَ مَا لَوْ وَهَبَهُمَا شَيْئًا بَعْدَ وِلَادَتِهِمَا. وَإِنْ فَاضَلَ بَيْنَهُمَا فَعَلَى مَا قَالَهُ كَالْوَقْفِ، وَالْخُنْثَى لَهُ مَا لِلْأُنْثَى حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَمْرُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي. (وَطِفْلٌ: مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ) وَظَاهِرُهُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (وَصَبِيٌّ وَغُلَامٌ وَيَافِعٌ وَيَتِيمٌ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) فَتُطْلَقُ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ وِلَادَتِهِ إلَى بُلُوغِهِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ فَإِلَى تَمَيُّزِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّبِيُّ كَالْغُلَامِ (وَلَا يَشْمَلُ الْيَتِيمُ وَلَدَ زِنًا) لِأَنَّ الْيَتِيمَ مَنْ فَقَدَ الْأَبَ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ (وَمُرَاهِقٌ مَنْ قَارَبَهُ) أَيْ الْبُلُوغَ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَرَاهَقَ الْغُلَامُ قَارَبَ الْحُلُمَ (وَشَابٌّ وَفَتًى مِنْهُ) أَيْ الْبُلُوغِ (إلَى ثَلَاثِينَ) سَنَةً (وَكَهْلٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِينَ (إلَى خَمْسِينَ سَنَةً. قَالَ فِي الْقَامُوسِ) الْكَهْلُ مَنْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ وَرُئِيَتْ لَهُ بَجَالَةٌ أَوْ مَنْ جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ انْتَهَى وَالْبُجَالَةُ مَصْدَرُ بَجُلَ كَعَظُمَ (وَشَيْخٌ مِنْهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ (إلَى سَبْعِينَ ثُمَّ) مَنْ جَاوَزَهَا (هَرِمَ) إلَى آخِرِ عُمْرِهِ. (وَإِنْ قَتَلَ وَصِيٌّ مُوصِيًا) قَتْلًا مَضْمُونًا وَلَوْ خَطَأً (بَطَلَتْ) لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ وَهُوَ آكَدُ مِنْهَا فَهِيَ أَوْلَى. و(لَا) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ (إنْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَوْصَى) الْمَجْرُوحُ (لَهُ) أَيْ لِجَارِحِهِ (فَمَاتَ) الْمَجْرُوحُ (مِنْ الْجُرْحِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجُرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحَلِّهَا فَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا (وَكَذَا فَعَلَ مُدَبَّرٌ بِسَيِّدِهِ) فَإِنْ قَتَلَ سَيِّدَهُ بَعْدَ أَنْ دَبَّرَهُ بَطَلَ وَإِنْ جَرَحَ سَيِّدَهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ وَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِصِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْغُزَاةِ. (وَ) تَصِحُّ (لِجَمِيعِهَا) أَيْ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ (وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ مِنْ الْوَصِيَّةِ (قَدْرَ مَا يُعْطَى مِنْ زَكَاةٍ) حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ. وَلَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ وَلَا التَّسْوِيَةُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ كَالزَّكَاةِ، وَالْأَقْوَى أَنَّ لِكُلِّ صِنْفٍ ثَمَنًا. قَالَ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ مِنْ الصِّنْفِ. انْتَهَى. وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ وَتَعْمِيمُ أَقَارِبِ مُوصٍ وَلَا يُعْطِي إلَّا الْمُسْتَحِقَّ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِكُتُبِ قُرْآنٍ وَعِلْمٍ) لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا فَصَحَّ الصَّرْفُ فِيهِ كَالصَّدَقَةِ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِ (مَسْجِدٍ) كَالْوَقْفِ عَلَيْهِ (وَتُصْرَفُ فِي مَصْلَحَتِهِ) لِأَنَّهُ الْعُرْفُ وَيَبْدَأُ النَّاظِرُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ. فَإِنْ قَالَ إنْ مِتَّ فَبَيْتِي لِلْمَسْجِدِ أَوْ فَأَعْطُوهُ مِائَةً مِنْ مَالِي، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ صِحَّتُهُ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِفَرَسٍ حَبِيسٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (فَإِنْ مَاتَ) الْفَرَسُ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ صَرْفِ مُوصًى بِهِ أَوْ بَعْضِهِ (رُدَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مُوصًى بِهِ أَوْ بَاقِيهِ لِلْوَرَثَةِ) لِبُطْلَانِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ وَصَّى لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ فَرَدَّهُ، وَلَا يُصْرَفُ فِي فَرَسٍ حَبِيسٍ آخَرَ نَصًّا (كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ فَتَعَذَّرَ) عِتْقُهُ لِمَوْتِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَثَمَنُهُ لِلْوَرَثَةِ (أَوْ) وَصِيَّتُهُ بِ (شِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ لِيُعْتَقَ عَنْهُ أَوْ) بِشِرَاءِ (عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا) أَيْ الْأَلْفِ (فَاشْتَرَوْهُ) أَيْ عَبْدَ زَيْدٍ بِدُونِ الْأَلْفِ (أَوْ) اشْتَرَوْا (عَبْدًا يُسَاوِيهَا) أَيْ الْأَلْفَ (بِدُونِهَا) فَالْفَاضِلُ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ غَيْرُهُمْ. وَإِذَا أَرَادَ الْمُوصِي تَمْلِيكَ الْمَسْجِدِ أَوْ الْفَرَسِ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ. قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ. (وَإِنْ وَصَّى) بِشَيْءٍ (فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ صُرِفَ فِي الْقُرَبِ) جَمِيعِهَا لِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَعَدَمِ الْمُخَصِّصِ (وَيَبْدَأُ) مِنْهَا (بِالْغَزْوِ) نَصًّا. لِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْقُرَبِ. (وَلَوْ قَالَ) مُوصٍ لِوَصِيِّهِ (ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ تَعَالَى) أَوْ حَيْثُ يُرِيكَ اللَّهُ تَعَالَى (فَلَهُ صَرْفُهُ فِي أَيْ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْقُرَبِ) رَأَى وَضْعَهُ فِيهَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ (وَالْأَفْضَلُ صَرْفُهُ إلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ) أَيْ الْمُوصِي غَيْرِ الْوَارِثِينَ، لِأَنَّهُ فِيهِمْ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي أَقَارِبُ مِنْ النَّسَبِ (فَ) إلَى (مَحَارِمِهِ مِنْ الرَّضَاعِ) كَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا (فَ) إلَى (جِيرَانِهِ) وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ إلَى مَا يَرَاهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالتَّحَكُّمِ. (وَإِنْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ صُرِفَ) الْأَلْفُ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ) الْحَجُّ (تَطَوُّعًا فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى رَاكِبًا) كَانَ الْحَاجُّ عَنْ الْمُوصِي (أَوْ رَاجِلًا يَدْفَعُ إلَى كُلٍّ) مِنْ الرَّاكِبِ وَالرَّاجِلِ (قَدْرَ مَا يَحُجُّ بِهِ) فَقَطْ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْرِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَاقْتَضَى عِوَضَ الْمِثْلِ كَالتَّوْكِيلِ فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ (حَتَّى يَنْفُذَ) الْأَلْفُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ وَصَّى بِجَمِيعِهِ فِي جِهَةِ قُرْبَةٍ فَوَجَبَ صَرْفُهُ فِيهَا كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَوْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ) أَنْ يَحُجَّ بِهِ مِنْ بَلَدِ مُوصٍ (أَوْ) لَمْ تَكْفِ (الْبَقِيَّة) مِنْهُ إنْ صَرَفَ مِنْهُ فِي حَجِّهِ أَوْ أَكْثَرَ وَبَقِيَ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ مِنْ بَلَدِ مُوصٍ (حَجَّ بِهِ) أَيْ الْأَلْفِ أَوْ الْبَاقِي (مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ) نَصًّا لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ صَرْفَهُ فِي الْحَجِّ فَصَرْفُهُ فِيهِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانَ (وَلَا يَصِحُّ حَجُّ وَصِيٍّ بِإِخْرَاجِهَا) أَيْ نَفَقَةِ الْحَجِّ نَصًّا لِأَنَّهُ مُنَفَّذٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا لَا يَأْخُذُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِصَرْفِهِ فِي الْغَزْوِ (وَلَا) يَصِحُّ حَجُّ (وَارِثٍ) بِهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يَظْهَرُ مِنْ غَرَضِ مُوصٍ (وَإِنْ قَالَ) يَحُجُّ عَنِّي (حَجَّةً بِأَلْفٍ دَفَعَ الْكُلَّ إلَى مَنْ يَحُجُّ) بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى وَصِيَّتِهِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي زَيْدٌ حَجَّةً بِأَلْفٍ (فَأَبَى) زَيْدٌ (الْحَجَّ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي حَقِّهِ) أَيْ بَطَلَ تَعْيِينُهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ فِيهَا حَقٌّ لِلْحَجِّ وَحَقٌّ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا رَدَّ بَطَلَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: بِيعُوا عَبْدِي لِفُلَانٍ وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ. وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُوصَى لَهُ بِفَرَسٍ فِي السَّبِيلِ عَلَى الْخُرُوجِ نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ (وَيَحُجُّ عَنْهُ) ثِقَةٌ سِوَى الْمُعَيَّنِ الرَّادِّ (بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ) مِثْلِهِ. وَحِينَئِذٍ فَالنَّائِبُ أَمِينٌ فِيمَا أُعْطِيهِ لِيَحُجَّ مِنْهُ. وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ (أَوْ) مِنْ (أُجْرَةٍ) إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ (وَالْبَقِيَّةُ) أَيْ بَقِيَّةُ أَلْفٍ بَعْدَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ أَوْ أُجْرَةٍ (لِلْوَرَثَةِ) لِبُطْلَانِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ بِامْتِنَاعِ الْمُعَيَّنِ لِلْحَجِّ كَمَا لَوْ وَصَّى بِهِ لِإِنْسَانٍ فَرَدَّ الْوَصِيَّةَ (فِي) حَجِّ (فَرْضٍ وَنَفْلٍ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) الْمُعَيَّنُ مِنْ الْحَجِّ (أَعْطَى الْأَلْفَ) لِأَنَّهُ مُوصًى لَهُ بِالزِّيَادَةِ بِشَرْطِ حَجِّهِ. وَقَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلْحَجِّ فَوَجَبَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا قَالَ مُوصٍ (وَحُسِبَ الْفَاضِلُ) مِنْ الْأَلْفِ (عَنْ نَفَقَةِ مِثْلٍ) لِتِلْكَ الْحَجَّةِ (فِي فَرْضٍ) مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَرِّعُ بِهِ وَنَفَقَةُ الْمِثْلِ فِيهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ (وَ) حُسِبَ (الْأَلْفُ) جَمِيعُهُ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ (فِي) حَجِّ (نَفْلٍ مِنْ الثُّلُثِ) لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ بِأَلْفٍ بِشَرْطِ الْحَجِّ عَنْهُ وَلَا يُعْطَى إلَّا أَيَّامَ الْحَجِّ نَصًّا. (وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ فَأَعْتَقُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُمْ عِتْقُ) نَسَمَةٍ (أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ) حَيْثُ احْتَمَلَ الثُّلُثُ الْأَلْفَ تَنْفِيذًا لِلْوَصِيَّةِ (وَإِنْ قَالَ) مُوصٍ: أَعْتِقُوا (أَرْبَعَةً) أَرِقَّاءَ (بِكَذَا) أَيْ أَلْفٍ مَثَلًا (جَازَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يُسَمِّ) لِكُلِّ وَاحِدٍ (ثَمَنًا مَعْلُومًا) نَصًّا. فَإِنْ عَيَّنَهُ وَجَبَ عَلَى مَا قَالَهُ. (وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ وَصِيَّةً) لَهُ، بِأَنْ قَالَ يُشْتَرَى عَبْدُ زَيْدٍ وَيُعْتَقُ وَيُعْطَى مِائَةٌ (فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَخَذَ الْعَبْدُ الْوَصِيَّةَ) بِالْمِائَةِ لِأَنَّ الْمُوصِي قَدْ أَوْصَى بِوَصِيَّتَيْنِ عِتْقِهِ وَإِعْطَائِهِ الْمِائَةَ، فَإِذَا فَاتَ عِتْقُهُ لِسَبْقِ سَيِّدِهِ بِهِ بَقِيَتْ الْأُخْرَى (وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ مِثْلِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ) نَفَذَ ذَلِكَ إنْ خَرَجَ الْأَلْفُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ (اُشْتُرِيَ) عَبْدٌ (بِثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ) الْأَلْفُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ. (وَلَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ) كَأَلْفٍ (وَ) وَصَّى (بِمِائَةٍ نَفَقَةً لَهُ) أَيْ الْفَرَسِ (فَاشْتُرِيَ) الْفَرَسُ (بِأَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ الْأَلْفِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُ الْأَلْفَ وَالْمِائَةَ (فَبَاقِيهِ) أَيْ الْأَلْفِ (نَفَقَةٌ) لِلْفَرَسِ مَعَ الْمِائَةِ نَصًّا (لَا إرْثَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْأَلْفَ وَالْمِائَةَ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْفَرَسُ، فَهُمَا مَالٌ وَاحِدٌ بَعْضُهُ لِلثَّمَنِ وَبَعْضُهُ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيرُ الثَّمَنِ لِتَحْصِيلِ صِفَةٍ، فَإِذَا حَصَلَتْ فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ فَيَخْرُجُ الثَّمَنُ مِنْ الْمَالِ وَمَا بَقِيَ لِلنَّفَقَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَوْا مَا يُسَاوِيهِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ لَا مَصْرِفَ لَهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. (وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ) بِكَسْرِ السِّينِ (فَ) الْمُوصَى بِهِ (لِأَهْلِ زُقَاقِهِ) أَيْ الْمُوصِي بِضَمِّ الزَّايِ وَهُوَ دَرْبُهُ، سُمِّيَ سِكَّةً لِاصْطِفَافِ الْبُيُوتِ بِهِ. وَكَانَتْ الدُّرُوبُ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ تُسَمَّى سِكَكًا، فَيَسْتَحِقُّ مَنْ كَانَ سَاكِنًا بِهِ (حَالَ الْوَصِيَّةِ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَلْحَظُ أَعْيَانَ سُكَّانِهَا الْمَوْجُودِينَ لِحَصْرِهِمْ. (وَ) إنْ وَصَّى (لِجِيرَانِهِ تَنَاوَلَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) نَصًّا. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " {الْجَارُ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا} وَجَارُ الْمَسْجِدِ مَنْ سَمِعَ أَذَانَهُ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي حَدِيثٍ " {لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ} " قَالَ " مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ " وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ وُجِدَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ كَمَنْ وُجِدَ بَعْدَ الْمَوْتِ. (وَ) إنْ وَصَّى (لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ، أَوْ) وَصَّى (لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، أَوْ) وَصَّى (لِأَقْرَبِهِمْ) بِهِ (رَحِمًا وَلَهُ) أَيْ الْمُوصِي (أَبٌ وَابْنٌ، أَوْ) لَهُ (جَدٌّ وَأَخٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (فَهُمَا سَوَاءٌ) حَيْثُ لَمْ يَرِثَا لِمَانِعٍ أَوْ أُجِيزَا، لِأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُدْلِي بِنَفْسِهِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَالْجَدُّ وَالْأَخُ يُدْلِيَانِ بِالْأَبِ (وَأَخٌ مِنْ أَبٍ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ إنْ دَخَلَ) الْأَخُ لِأُمٍّ (فِي الْقَرَابَةِ سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ. وَالْمَذْهَبُ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ أُمٍّ فِي الْقَرَابَةِ (وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَحَقُّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَخِ لِأَبٍ فَقَطْ وَالْأَخُ لِأُمٍّ فَقَطْ لِأَنَّ مَنْ لَهُ قَرَابَتَانِ أَقْرَبُ مِمَّنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ (وَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فِيهَا) أَيْ فِي الْقَرَابَةِ، فَالِابْنُ وَالْبِنْتُ سَوَاءٌ، وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ سَوَاءٌ، وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الِابْنِ وَمِنْ الْجَدِّ وَمِنْ الْإِخْوَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ. قَالَ: وَكُلُّ مَنْ قَدَّمَ وَلَدَهُ إلَّا الْجَدَّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي إخْوَتِهِ، وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْنِ.
(وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِكَنِيسَةٍ أَوْ بَيْتِ نَارٍ) أَوْ مَكَانٍ مِنْ أَمَاكِنِ الْكُفْرِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِبِنَائِهِ أَوْ بِشَيْءٍ يُنْفَقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، كَوَصِيَّتِهِ بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِلْفُجُورِ أَوْ بِشِرَاءِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مُسْلِمًا كَانَ الْمُوصِي أَوْ كَافِرًا. وَفِي الْمُغْنِي: إنْ أَوْصَى بِبِنَاءِ بَيْتٍ يَسْكُنُهُ الْمُجْتَازُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ أَهْلِ الْحَرْبِ صَحَّ لِأَنَّ بِنَاءَ مَسَاكِنِهِمْ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ (أَوْ كُتُبِ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مَنْسُوخَانِ وَفِيهِمَا تَبْدِيلٌ وَالِاشْتِغَالُ بِهِمَا غَيْرُ جَائِزٍ وَقَدْ {غَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ شَيْئًا مَكْتُوبًا مِنْ التَّوْرَاةِ} (أَوْ مَلَكٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَحَدُ الْمَلَائِكَةِ (أَوْ مَيِّتٍ) فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ وَصَّى لِحَجَرِ وَكَذَا لِجِنِّيٍّ (وَإِنْ وَصَّى لِمَنْ) أَيْ مَيِّتٍ (يَعْلَمُ) مُوصٍ (مَوْتَهُ) حَالَ الْوَصِيَّةِ (أَوْ لَا) يَعْلَمُهُ (وَ) لِ (حَيٍّ) بِأَنْ وَصَّى لِعَبْدِهِ مَثَلًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَزَيْدٌ مَيِّتٌ (فَلِلْحَيِّ النِّصْفُ) مِنْ الْمُوصَى بِهِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَيْهِمَا. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ الْحَيِّ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمُعَارِضِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ لِحَيَّيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا (وَلَا يَصِحُّ تَمْلِيكُ بَهِيمَةٍ) لِاسْتِحَالَتِهِ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِفَرَسِ زَيْدٍ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ يَقْبَلْ زَيْدٌ مَا وَصَّى بِهِ لِفَرَسِهِ (وَيَصْرِفُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (فِي عَلَفِهِ) أَيْ الْفَرَسِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ أَمْرٌ بِصَرْفِ الْمَالِ فِي مَصْلَحَتِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِحَيْثُ يَتَوَلَّى الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ الْإِنْفَاقَ لَا الْمَالِكُ (فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ) الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ صَرْفِ جَمِيعِ الْمُوصَى بِهِ فِي عَلَفِهِ (فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ) لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ إلَى الْمُوصَى لَهُ كَمَا لَوْ رَدَّ مُوصًى لَهُ الْوَصِيَّةَ. (وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ) أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَقِيمَةُ الْمُعَيَّنَيْنِ ثُلُثُ الْمَالِ (فَرَدَّ الْوَرَثَةُ فَلِأَجْنَبِيٍّ السُّدُسُ) فِي الْأُولَى وَالْمُعَيَّنُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ فِي الثَّانِيَة لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْوَارِثِ لِعَدَمِ إجَازَتِهَا (وَ) إنْ وَصَّى لَهُمَا (بِثُلُثَيْهِ) سَوِيَّةً (فَرَدَّ الْوَرَثَةُ نِصْفَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَهُوَ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ) بِلَا تَعْيِينِ نَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْوَارِثَ يُزَاحِمُ الْأَجْنَبِيَّ مَعَ الْإِجَازَةِ فَإِذَا رَدُّوا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا. ذَكَرَهُ الْقَاضِي (وَلَوْ رَدُّوا نَصِيبَ وَارِثٍ) فَقَطْ (أَوْ أَجَازُوا) الْوَصِيَّةَ (لِلْأَجْنَبِيِّ) فَقَطْ (فَلَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (الثُّلُثُ) كَامِلًا (كَإِجَازَتِهِمْ لِلْوَارِثِ) وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْوَصِيَّتَانِ. وَإِنْ أَجَازُوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ كُلَّهَا وَرَدُّوا نِصْفَ وَصِيَّةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ عَكَسُوا فَعَلَى مَا قَالُوا، لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا لَهُمَا وَأَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِمَا، فَكَانَ لَهُمْ إجَازَةُ بَعْضِ ذَلِكَ وَرَدُّ بَعْضِهِ وَلَا يَمْلِكُونَ تَنْقِيصَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ نِصْفِ وَصِيَّتِهِ سَوَاءٌ أَجَازُوا لِلْوَارِثِ أَوْ رَدُّوا عَلَيْهِ. وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ وَقَالَ: إنْ رَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْأَجْنَبِيِّ، فَرَدُّوا وَصِيَّةَ الْوَارِثِ فَكَمَا قَالَ الْمُوصِي، وَإِنْ أَجَازُوا لِلْوَارِثِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا. (وَ) مَنْ وَصَّى (لَهُ وَلِمَلَكٍ أَوْ) وَصَّى لَهُ (وَ) لِ (حَائِطٍ بِالثُّلُثِ) بِأَنْ قَالَ: وَصَّيْت بِثُلُثِ مَالِي لِزَيْدٍ وَجِبْرِيلَ مَثَلًا أَوْ لَهُ وَلِلْحَائِطِ أَوْ الْحَجَرِ وَنَحْوِهِ (فَلَهُ) أَيْ زَيْدٍ فِي الْمِثَالِ (الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الثُّلُثِ نَصًّا لِأَنَّ مَنْ أَشْرَكَهُ مَعَهُ لَا يَمْلِكُ فَلَا يَصِحُّ التَّشْرِيكُ. (وَ) إنْ وَصَّى (لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ مَثَلًا (وَلِلَّهِ أَوْ) لَهُ و(لِلرَّسُولِ) بِالثُّلُثِ (فَ) هُوَ (نِصْفَانِ) بَيْنَهُمَا (وَمَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) يُصْرَفُ (فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ) كَالْفَيْءِ. وَمَنْ لَهُ ابْنَانِ فَقَطْ (وَ) وَصَّى (بِمَالِهِ) كُلِّهِ (لَابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّاهَا) أَيْ رَدَّ الْإِبْنَانِ الْوَصِيَّةَ (فَلَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (التُّسْعُ) لِأَنَّهُ لَوْ أُجِيزَتْ الْوَصِيَّةُ كَانَ لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ لِأَنَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَهُ مَعَ الرَّدِّ ثُلُثُ الثُّلُثِ. (وَ) إنْ وَصَّى (بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُ) أَيْ زَيْدٍ (التُّسْعِ) وَالتُّسْعَانِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. إذْ الْوَصِيَّةُ لِثَلَاثِ جِهَاتٍ. فَوَجَبَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا. كَمَا لَوْ وَصَّى لِثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ (وَلَا يَسْتَحِقُّ) زَيْدٌ (مَعَهُمْ) أَيْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (بِالْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ) لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةَ (وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَبِشَيْءٍ) آخَرَ (لِلْفُقَرَاءِ) وَزَيْدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ (أَوْ) وَصَّى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ وَبِشَيْءٍ (لِجِيرَانِهِ وَزَيْدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ) لِمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ وَصَّى لِقَرَابَتِهِ وَلِلْفُقَرَاءِ فَلِقَرِيبٍ فَقِيرٍ سَهْمَانِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ وَصْفَيْهِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ فَجَازَ تَعَدُّدُ اسْتِحْقَاقِهِ بِتَعَدُّدِ وَصْفِهِ وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِإِخْوَتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلَهُ النِّصْفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ) بِأَنْ قَالَ: وَصَّيْتُ بِثُلُثِي لِأَحَدِ هَذَيْنِ (أَوْ قَالَ) وَصَيْت بِهِ (لِجَارِي) فُلَانٍ (أَوْ قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَصِحَّ) لِإِبْهَامِ الْمُوصَى لَهُ. وَتَعْيِينُهُ شَرْطٌ. فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ أَوْ غَيْرُهَا أَنَّهُ أَرَادَ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا وَأَشْكَلَ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ. وَأُخْرِجَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمَا بِقُرْعَةٍ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ (فَلَوْ قَالَ) عَبْدِي (غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ) أَيْ غَانِمٍ (مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَهُ) أَيْ الْمُوصِي (عَبْدَانِ) مُسَمَّيَانِ (بِهَذَا الِاسْمِ) أَيْ غَانِمٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي (عَتَقَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَبْدَيْنِ الْمُسَمَّيَيْنِ بِهَذَا الِاسْمِ (بِقُرْعَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (مِنْ الدَّرَاهِمِ) الْمُوصَى بِهَا، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ. فَلَمْ تَصِحَّ نَصًّا (وَيَصِحُّ) قَوْلُ مُوصٍ (أَعْطُوا ثُلُثِي. أَحَدَهُمَا) كَ أَعْتِقُوا أَحَدَ عَبْدَيَّ (وَلِلْوَرَثَةِ الْخِيَرَةُ) فِيمَنْ يُعْطُونَهُ الثُّلُثَ مِنْهُمَا أَوْ يُعْتِقُونَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالتَّمْلِيكِ وَالْعِتْقِ فَصَحَّ جَعْلُهُ إلَى اخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ. كَقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ: بِعْ سِلْعَتِي مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ بِخِلَافِ وَصَّيْتُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَلَمْ يَصِحَّ لِمُبْهَمٍ (وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ) سَالِمٍ مَثَلًا (لِزَيْدٍ أَوْ لِعَمْرٍو) أَيْ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ صَحَّ (أَوْ) أَبْهَمَ فَقَالَ بِعْهُ (لِأَحَدِهِمَا صَحَّ) وَالْخِيَرَةُ لِلْمَجْعُولِ لَهُ ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِمَنْ يُعَيِّنُهُ مُوصٍ أَوْ وَصِيُّهُ فِيهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ عُرْفًا. إمَّا الْإِرْفَاقُ بِالْعَبْدِ بِإِيصَالِهِ إلَى مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِحُسْنِ الْمَلَكَةِ وَإِعْتَاقِ الرِّقَابِ، أَوْ الْإِرْفَاقِ بِالْمُشْتَرِي لِمَعْنًى يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْعَبْدِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ أَبَى شِرَاءَهُ بِثَمَنٍ عَيَّنَهُ مُوصٍ أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ ثَمَنًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ و(لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِبَيْعِهِ (مُطْلَقًا) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَقَدْ انْتَفَى هُنَا. (وَلَوْ وَصَّى لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ بَعْدَ خِدْمَتِهِ لِلْمُوصَى لَهُ سَنَةً (حُرٌّ، فَوَهَبَهُ) أَيْ وَهَبَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ الْعَبْدَ (الْخِدْمَةَ أَوْ رَدَّ) الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ (عَتَقَ) الْعَبْدُ (مُنَجَّزًا) وَإِنْ وَهَبَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ فِي أَثْنَاءِ الْخِدْمَةِ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (وَمَنْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ) وَصَّى بِ (وَقْفِهِ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْعِتْقُ أَوْ الْوَقْفُ (حَتَّى يُنَجِّزَ وَارِثٌ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِذَلِكَ أَمْرٌ بِفِعْلِهِ. فَلَمْ يَقَعْ إلَّا بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ كَالتَّوْكِيلِ فِي ذَلِكَ لَكِنْ هُنَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ (فَإِنْ أَبَى) وَارِثٌ تَنْجِيزَهُ (فَحَاكِمٌ) يُنَجِّزُهُ وَيَكُونُ حُرًّا أَوْ وَقْفًا مِنْ حِينِ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ وَوَلَاؤُهُ لِمُوصٍ (وَكَسْبُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَوْ وَقْفِهِ (بَيْنَ مَوْتِ) مُوصٍ (وَتَنْجِيزِ) مَا وَصَّى بِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ (إرْثٌ) لِبَقَائِهِ فِي الْمِلْكِ إلَى التَّنْجِيزِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَلَهُ حُكْمُ الْمُدَبَّرِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ.
وَهُوَ الْمُكَمِّلُ لِأَرْكَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ الْأَرْبَعَةِ (يُعْتَبَرُ إمْكَانُهُ فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمُدَبَّرٍ) وَلَا أُمِّ وَلَدٍ لِعَدَمِ إمْكَانِهِمَا لِحُرِّيَّتِهِمَا بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَلَا بِحَمْلِ أَمَتِهِ الْآيِسَةِ، أَوْ خِدْمَةِ أَمَتِهِ الزَّمِنَةِ (وَ) يُعْتَبَرُ (اخْتِصَاصُهُ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ بِمُوصٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَنَحْوِهِ (فَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ) الْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ: وَصَّيْتُ بِمَالِ زَيْدٍ أَوْ ثُلُثِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ بَعْدُ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِإِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ) إنَاءِ (فِضَّةٍ) لِأَنَّهُ مَالٌ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، بِأَنْ يَكْسِرَهُ أَوْ يُغَيِّرَهُ عَنْ هَيْئَتِهِ فَيَجْعَلَهُ حُلِيًّا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ وَنَحْوِهِ. كَالْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَا يَعْجَزُ) مُوصٍ (عَنْ تَسْلِيمِهِ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَطَيْرٍ بِهَوَاءٍ وَحَمْلٍ بِبَطْنٍ وَلَبَنٍ بِضَرْعٍ) لِإِجْرَاءِ الْوَصِيَّةِ مَجْرَى الْمِيرَاثِ. وَهَذِهِ تُوَرَّثُ عَنْهُ وَلِلْمُوصَى لَهُ السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ حَمْلَ بَهِيمَةٍ أَوْ أَمَةٍ إنْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ. وَنَاقَشَ الْحَارِثِيُّ فِي التَّمْثِيلِ بِاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْجُوزٍ عَنْ تَسْلِيمِهِ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِ) شَيْءٍ (مَعْدُومٍ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ مِلْكُهُ بِالسَّلَمِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ. فَجَازَ مِلْكُهُ بِالْوَصِيَّةِ (ك) وَصِيَّتِهِ (بِمَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتُهُ) أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (أَوْ) بِمَا تَحْمِلُ (شَجَرَتُهُ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ. وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ السَّقْيُ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا بِخِلَافِ مُشْتَرٍ (فَ) كَوَصِيَّتِهِ (بِمِائَةٍ) دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَا يَمْلِكُهَا) مُوصٍ حَالَ وَصِيَّتِهِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْوَصِيَّةِ بِمَالِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْهَا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ (فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ) مِمَّا وَصَّى بِهِ مِنْ الْمَعْدُومِ فَلِمُوصًى لَهُ (أَوْ قَدَرَ) مُوصٍ (عَلَى الْمِائَةِ) الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ (أَوْ) قَدَرَ عَلَى (شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِ) مُوصٍ (فَ) هُوَ لِمُوصًى (لَهُ) بِمُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ مَعَ الْإِجَازَةِ أَوْ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (إلَّا حَمْلَ الْأَمَةِ) الْمُوصَى لَهُ بِهَا (فَ) يَكُونُ لَهُ (قِيمَتُهُ) لِئَلَّا يُفَرِّقَ بَيْنَ ذَوِي الرَّحِمِ فِي الْمِلْكِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ إنْ قَبِلَ قَبْلَهَا وَإِلَّا فَوَقْتَ الْقَبُولِ (وَإِلَّا) يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا كَمَا لَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ وَلَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْمِلْ الْأَمَةُ حَتَّى صَارَتْ حُرَّةً فَإِنْ وُطِئَتْ وَهِيَ فِي الرِّقِّ بِشُبْهَةٍ وَحَمَلَتْ فَعَلَى وَاطِئٍ قِيمَةُ الْوَلَدِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِغَيْرِ مَالٍ كَكَلْبٍ مُبَاحِ النَّفْعِ وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ وَجُرْوٍ) يُرَبَّى (لِمَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لَهُ) كَمَا ذُكِرَ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا وَتُقَرُّ الْيَدُ عَلَيْهِ (غَيْرَ) كَلْبٍ وَجُرْوٍ (أَسْوَدَ بَهِيمٍ) لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ صَيْدُهُ وَلَا اقْتِنَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُوصِي (كَلْبٌ) مُبَاحٌ (لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ سَوَاءٌ قَالَ مِنْ كِلَابِي أَوْ مَالِي لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَا قِيمَةَ لَهُ، بِخِلَافِ مُتَمَوَّلٍ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ فَيُشْتَرَى لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَتُقَسَّمُ الْكِلَابُ الْمُبَاحَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ بِهَا بِالْعَدَدِ فَإِنْ تَشَاحُّوا فَبِقُرْعَةٍ. وَإِنْ وَصَّى بِكَلْبٍ وَلَهُ كِلَابٌ فَفِي الرِّعَايَةِ لَهُ أَحَدُهَا بِقُرْعَةٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَعَنْهُ بَلْ مَا شَاءَ لِوَرَثَةٍ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ (وَ) كَ (زَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ لِغَيْرِ مَسْجِدٍ) لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا وَهُوَ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمُبَاحِ مِنْ الْكِلَابِ وَبِالزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ (ثُلُثُهُمَا وَلَوْ كَثُرَ الْمَالُ) أَيْ مَالُ الْمُوصِي، لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْيَدِ عَلَيْهِ فَلَا تُزَالُ يَدُ وَرَثَتِهِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَيُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ (إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ) الْوَصِيَّةَ فِي جَمِيعِهِ فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ كَالْمَالِ. و(لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَخِنْزِيرٍ لِتَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ فَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَصِيَّةٌ بِمَعْصِيَةٍ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمُبْهَمٍ كَثَوْبٍ وَيُعْطَى) الْمُوصَى لَهُ بِهِ (مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ) أَيْ اسْمُ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، سَوَاءٌ كَانَ مَنْسُوجًا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ مَصْبُوغًا أَوْ لَا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ مَجْهُولٌ وَالْوَصِيَّةُ تَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ فَبِهَذَا أَوْلَى (فَإِنْ اخْتَلَفَ) اسْمُ مُوصًى بِهِ (بِالْعُرْفِ وَالْحَقِيقَةِ) اللُّغَوِيَّةِ (غُلِّبَتْ) الْحَقِيقَةُ عَلَى الْعُرْفِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ. وَلِهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَلَامُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَشَاةٌ وَبَعِيرٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا (وَثَوْرٌ) اسْمٌ (لِذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَيَشْمَلُ لَفْظُ الشَّاةِ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ وَالصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ لِعُمُومِ حَدِيثِ " {فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ} " وَيَقُولُونَ حَلَبْتُ الْبَعِيرَ يُرِيدُونَ النَّاقَةَ وَالْبَكْرَةَ كَالْفَتَاةِ وَكَذَا الْقَلُوصُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ وَصَّيْتُ بِثَلَاثٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ غَنَمِي أَوْ إبِلِي أَوْ بَقَرِي وَنَحْوِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَقَدْ يُلْحَظُ فِي التَّذْكِيرِ مَعْنَى الْجَمْعِ وَفِي التَّأْنِيثِ مَعْنَى الْجَمَاعَةِ (وَحِصَانٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِذَكَرٍ (وَجَمَلٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا لِذَكَرٍ (وَحِمَارٌ وَبَغْلٌ وَعَبْدٌ لِذَكَرٍ) فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ. وَقِيلَ فِي الْعَبْدِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ عَتَقَ مُكَاتَبُوهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ (وَحِجْرٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ الْأُنْثَى مِنْ الْخَيْلِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَبِالْهَاءِ لَحْنٌ (وَأَتَانٌ) الْحِمَارَةُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْأَتَانَةُ قَلِيلَةٌ (وَنَاقَةٌ وَبَقَرَةٌ لِأُنْثَى وَفَرَسٌ وَرَقِيقٌ لَهُمَا) أَيْ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى. وَكَذَا الْخُنْثَى (وَالدَّابَّةُ اسْمٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ خَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ) فَتَتَقَيَّدُ يَمِينُ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً بِهَا لِأَنَّ الِاسْمَ فِي الْعُرْفِ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ تَغْلِبْ الْحَقِيقَةُ هُنَا لِأَنَّهَا صَارَتْ مَهْجُورَةً فِيمَا عَدَا الْأَجْنَاسَ الثَّلَاثَةَ. أَشَارَ إلَيْهِ الْحَارِثِيُّ لَكِنْ إنْ قَرَنَ بِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى أَحَدِهِمَا كَدَابَّةٍ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا أَوْ يُسْهَمُ لَهَا انْصَرَفَ إلَى الْخَيْلِ، أَوْ دَابَّةٍ يَنْتَفِعُ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ مِنْهُ الْبِغَالُ لِأَنَّهُ لَا نَسْلَ لَهَا وَخَرَجَ الذَّكَرُ. (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَتُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ عَبِيدِهِ نَصًّا لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْعَبْدِ لِلصَّحِيحِ وَالْجَيِّدِ وَالْكَبِيرِ وَضِدِّهِمْ (فَإِنْ مَاتُوا) أَيْ عَبِيدُ الْمُوصِي (إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِيهِ) لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْبَاقِي (وَإِنْ قُتِلُوا) كُلُّهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُوصٍ (فَ) لِلْمُوصَى (لَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ) يَخْتَارُ الْوَرَثَةُ إعْطَاءَهُ لَهُ (عَلَى قَاتِلٍ) لِلْعَبْدِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُوصِي (عَبْدٌ) حَالَ الْوَصِيَّةِ. (وَلَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ وَصَّى بِمَا فِي كِيسِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ قَبْلَ مَوْتِ مُوصٍ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا رَقِيقَ لَهُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ مَلَكَ) مَنْ وَصَّى بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَيْسَ لَهُ عَبْدٌ حِينَ الْوَصِيَّةِ (وَاحِدًا) بَعْدَهَا تَعَيَّنَ (أَوْ كَانَ لَهُ) عَبْدٌ وَاحِدٌ حِينَ الْوَصِيَّةِ (تَعَيَّنَ) كَوْنُهُ لِمُوصًى لَهُ، لِأَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِلْوَصِيَّةِ غَيْرُهُ، وَكَذَا حُكْمُ شَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ قَالَ) مُوصٍ (أَعْطُوهُ عَبْدًا مِنْ مَالِي أَوْ) أَعْطُوهُ (مِائَةً مِنْ أَحَدِ كِيسَيَّ وَلَا عَبْدَ لَهُ) فِي الْأُولَى (أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْكِيسَيْنِ (شَيْءٌ) فِي الثَّانِيَةِ (اُشْتُرِيَ لَهُ ذَلِكَ) الْمُوصَى بِهِ وَأُعْطِيَ الْمِائَةَ مِنْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ. وَقَصْدُهُ وُصُولُهُ لَهُ مِنْ مَالِهِ. وَقَدْ أَمْكَنَ بِشِرَائِهِ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ إعْطَائِهِ الْمِائَةَ مِنْهُ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ. (وَ) إنْ وَصَّى لَهُ (بِقَوْسٍ وَلَهُ) أَيْ الْمُوصِي (أَقْوَاسٌ) قَوْسٌ (لِرَمْيٍ بِنُشَّابٍ أَوْ نَبْلٍ وَقَوْسٌ بِمَجْرَى (وَ) قَوْسٌ لِرَمْيِ (بُنْدُقٍ) وَتُسَمَّى قَوْسُ جُلَاهِقَ (وَ) قَوْسٌ (نَدْفٍ فَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْسٌ النُّشَّابِ) وَهِيَ الْقَوْسُ الْفَارِسِيَّةُ (لِأَنَّهَا أَظْهَرُهَا إلَّا مَعَ صَرْفِ قَرِينَةٍ إلَى غَيْرِهَا) كَأَنْ يَكُونَ نَدَّافًا لَا عَادَةَ لَهُ بِالرَّمْيِ، أَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ رَمْيَ الطَّيْرِ بِالْبُنْدُقِيَّةِ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْمُوصِي أَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَهُ بِمَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قَوْسٌ وَاحِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الْقِسِيِّ تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَقْوَاسٌ نُشَّابٍ أَعْطَاهُ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا مِنْهَا كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ (وَلَا يَدْخُلُ) فِي الْوَصِيَّةِ بِقَوْسٍ (وَتَرُهَا) لِأَنَّ الِاسْمَ يَقَعَ عَلَيْهَا دُونَهُ. (وَ) مَنْ وَصَّى (بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (مُبَاحٌ) مِنْ الْكِلَابِ وَهُوَ مَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ وَمِنْ الطُّبُولِ كَطَبْلِ حَرْبٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَطَبْلُ صَيْدٍ وَحَجِيجٍ لِنُزُولٍ وَارْتِحَالٍ (انْصَرَفَ) اللَّفْظُ (إلَيْهِ) لِأَنَّ وُجُودَ الْمُحَرَّمِ كَعَدَمِهِ شَرْعًا (وَإِلَّا) يَكُنْ عِنْدَهُ مُبَاحٌ مِنْهُمَا (لَمْ تَصِحَّ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا بِالْمُحَرَّمِ مَعْصِيَةٌ وَلِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ طَبْلٌ يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ وَاللَّهْوِ مَعًا، صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِقِيَامِ الْمَنْفَعَةِ الْمُبَاحَةِ فِيهِ. وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمِزْمَارٍ وَطِنْبُورِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ مُهَيَّأٌ لِفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ. وَلَوْ وَصَّى بِدَفْنِ كُتُبِ الْعِلْمِ لَمْ تُدْفَنْ لِأَنَّ الْعِلْمَ مَطْلُوبٌ نَشْرُهُ وَدَفْنُهُ مُنَافٍ لِذَلِكَ (وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا أَيْ كُتُبِ الْعِلْمِ إنْ وَصَّى بِهَا لِشَخْصٍ كُتُبُ الْكَلَامِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ. (وَمَنْ وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ صَحَّ وَصُرِفَ فِي تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ) أَيْ تَبْخِيرِهَا. (وَ) فِي (تَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ وَ) مَنْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ (بِدَفْنِهِ فِي التُّرَابِ يُصْرَفُ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى وَ) مَنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ (فِي الْمَاءِ يُصْرَفُ فِي عَمَلِ سُفُنٍ لِلْجِهَادِ) تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ حَسَبِ الْإِمْكَانَ. (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِمُصْحَفٍ لِيُقْرَأَ فِيهِ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى التَّقَرُّبِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ كَفَرَسٍ يَغْزُو عَلَيْهِ (وَيُوضَعُ) مُصْحَفٌ مُوصًى بِهِ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ الطَّاعَاتِ (أَوْ مَوْضِعٍ حَرِيزٍ) خَشْيَةَ السَّرِقَةِ. (وَتُنَفَّذُ وَصِيَّةٌ) مُوصٍ لِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ مَالٍ كَرُبْعٍ وَخُمْسٍ (فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ) مِنْهُ لِعُمُومِ لَفْظِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِثُلُثِهِ (فَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ فَاسْتَحْدَثَ مَالًا) بَعْدَ وَصِيَّةٍ (وَلَوْ بِنَصْبِ أُحْبُولَةٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَقَعُ فِيهَا صَيْدٌ بَعْدَهُ دَخَلَ تَحْتَ ثُلُثِهِ) أَيْ الْمَالُ الْمُسْتَحْدَثُ (فِي الْوَصِيَّةِ) لِأَنَّهُ تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ (وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ) أَشْبَهَ مَا مَلَكَهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ. (وَإِنْ قُتِلَ) عَمْدًا أَوْ خَطَأً (فَأُخِذَتْ دِيَتُهُ فَمِيرَاثٌ) عَنْهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ " {قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ} " (تَدْخُلُ) دِيَتُهُ (فِي وَصِيَّتِهِ وَيُقْضَى مِنْهَا دَيْنُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِلْمَيِّتِ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسِهِ وَنَفْسُهُ لَهُ، فَكَذَلِكَ بَدَلُهَا. وَلِأَنَّ بَدَلَ أَطْرَافِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَهُ فَكَذَلِكَ بَدَلُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا يَزُولُ مِنْ أَمْلَاكِهِ مَا اسْتَغْنَى عَنْهُ لَا مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ. وَيَجُوزُ تَجَدُّدُ الْمِلْكِ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَنْ نَصَبَ شَبَكَةً وَنَحْوَهَا فَسَقَطَ فِيهَا صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَتَحْدُثُ الدِّيَةُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ (وَتُحْسَبُ) الدِّيَةُ (عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ (إنْ) كَانَ (وَصَّى بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ نِصْفِهَا) كَعَبْدٍ قِيمَتُهُ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ فَيُعْطَى لِمُوصًى لَهُ.
|