الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
(وَيُرْجَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) فِي أُمُورِ الْوَقْفِ (إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ) كَشَرْطِهِ لِزَيْدٍ كَذَا وَلِعَمْرٍو كَذَا لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ اتِّبَاعُهَا لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِهَا فَائِدَةٌ وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَى وَاقِفِهِ فَاتَّبَعَ شَرْطَهُ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الشَّرْطِ الصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ (اسْتِثْنَاءٌ) فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ زَيْدٍ أَوْ قَبِيلَةِ كَذَا إلَّا بَكْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ (وَ) مِثْلُ الشَّرْطِ (مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ) كَالْفُقَهَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ قَبِيلَةِ كَذَا، فَيَخْتَصُّ بِهِمْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ (وَ) مِثْلُهُ مُخَصَّصٌ مِنْ (عَطْفِ بَيَانٍ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّعْتَ فِي إيضَاحِ مَنْعُوتِهِ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ. فَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَفِي أَوْلَادِهِ مَنْ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٌ غَيْرُهُ اخْتَصَّ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ. (وَ) مِثْلُهُ مُخَصَّصٌ مِنْ (تَوْكِيدٍ) كَوَقْفِهِ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ نَفْسِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ (وَ) مِثْلُهُ مُخَصِّصٌ مِنْ (بَدَلٍ) فَمَنْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْلَادٍ. وَقَالَ وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي دَخَلَ الثَّلَاثَةُ الْمُسَمَّوْنَ فَقَطْ وَأَوْلَادُ الْأَرْبَعَةِ، لِأَنَّهُ أَبْدَلَ بَعْضَ الْوَلَدِ وَهُوَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ مِنْ اللَّفْظِ الْمُتَنَاوَلِ لِلْجَمِيعِ وَهُوَ وَلَدِي، وَبَدَلُ الْبَعْضِ يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ بِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا} لَمَّا خَصَّ الْمُسْتَطِيعَ بِالذِّكْرِ اخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِهِ وَلَوْ قَالَ ضَرَبْتُ زَيْدًا رَأْسَهُ اخْتَصَّ الضَّرْبُ بِالرَّأْسِ وَهَكَذَا بِخِلَافِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْكِيدَهُ لَا تَخْصِيصَهُ. وَلَوْ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَشْمَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ (وَنَحْوِهِ). أَيْ مَا تَقَدَّمَ كَتَقْدِيمِ الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَالسَّاكِنِ مِنْهُمْ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِلَا أُجْرَةِ فُلَانٍ (وَ) كَذَا مُخَصِّصٌ (جَارٌّ) وَمَجْرُورٌ (نَحْوُ عَلَى أَنَّهُ وَبِشَرْطِ أَنَّهُ وَنَحْوُهُ) كَقَوْلِهِ: لَكِنْ إنْ كَانَ كَذَا فَكَذَا (فَلَوْ تَعَقَّبَ) الشَّرْطُ وَنَحْوَهُ (جُمَلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ) لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ لَهُ بِإِحْدَاهَا. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ فَعَوْدُ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً أَوْ مُتَأَخِّرَةً. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْ مُتَوَسِّطَةً وَالْمُخْتَارُ رُجُوعُهَا إلَى مَا وَلِيَتْهُ. (وَ) يَرْجِعُ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ (فِي عَدَمِ إيجَارِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (أَوْ قَدْرِ مُدَّتِهِ) أَيْ الْإِيجَارِ فَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَبَدًا أَوْ مُدَّةَ كَذَا عُمِلَ بِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. (وَ) يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ (فِي قِسْمَتِهِ) أَيْ الْوَقْفِ كَجَعْلِهِ لِوَاحِدٍ النِّصْفَ وَلِآخَرَ الثُّلُثَ وَلِآخَرَ السُّدُسَ وَنَحْوَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ يُفِضْ ذَلِكَ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ وَلَا تَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ. (وَ) يَرْجِعُ إلَى شَرْطِ وَاقِفٍ فِي (تَقْدِيمِ بَعْضِ أَهْلِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (كَ) قَوْلِهِ: وَقَفْتُ (عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ وَيَبْدَأُ بِالدَّفْعِ إلَى زَيْدٍ، أَوْ) وَقَفْتُ (عَلَى طَائِفَةِ كَذَا وَيَبْدَأُ بِالْأَصْلَحِ وَنَحْوِهِ) كَالْأَفْقَهِ أَوْ الْأَدْيَنِ أَوْ الْمَرِيضِ أَوْ الْفَقِيرِ (وَ) يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي (تَأْخِيرٍ) وَهُوَ (عَكْسُهُ) أَيْ التَّقْدِيمِ كَقَوْلِهِ يُعْطِي مِنْهُمْ أَوَّلًا مَا سِوَى فُلَانٍ كَذَا ثُمَّ مَا فَضَلَ لِفُلَانٍ فَلَيْسَ لِلْمُؤَخَّرِ إلَّا مَا فَضَلَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ سَقَطَ. (وَ) يَرْجِعُ إلَى شَرْطِهِ فِي (تَرْتِيبٍ كَجَعْلِ اسْتِحْقَاقِ بَطْنٍ مُرَتَّبًا عَلَى آخَرَ) كَعَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ (فَالتَّقْدِيمُ بَقَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمُؤَخَّرِ عَلَى صِفَةٍ إنَّ لَهُ مَا فَضَلَ وَإِلَّا) يَفْضُلْ شَيْءٌ (سَقَطَ وَالتَّرْتِيبُ عَدَمُهُ) أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ (مَعَ وُجُودِ الْمُقَدَّمِ) وَكَذَا يَرْجِعُ إلَى شَرْطِهِ فِي جَمْعٍ وَتَسْوِيَةٍ كَ وَقَفْتُ عَلَى جَمِيعِ أَوْلَادِي يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ (وَ) يَرْجِعُ إلَى شَرْطِهِ (فِي إخْرَاجِ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ) مُطْلَقًا (أَوْ بِصِفَةٍ) كَإِخْرَاجِ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْبَنَاتِ وَنَحْوِهِ (وَإِدْخَالِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْوَقْفِ مُطْلَقًا، كَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي أُدْخِلُ مَنْ أَشَاءُ مِنْهُمْ وَأُخْرِجُ مَنْ أَشَاءُ مِنْهُمْ (أَوْ) إدْخَالُهُ (بِصِفَةٍ) كَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي الْفُقَرَاءِ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ مَنْ افْتَقَرَ بَعْدَ الْآنَ مِنْهُمْ. و(لَا) يَصِحُّ شَرْطُ (إدْخَالِ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ) كَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأُدْخِلُ مَنْ أَشَاءُ مَعَهُمْ (كَشَرْطِ تَغْيِيرِ شَرْطٍ) فَلَا يَصِحُّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَقْفِ فَأَفْسَدَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُنْتَفَعَ بِهِ بِخِلَافِ إدْخَالِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَإِخْرَاجِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِخْرَاجٍ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِصِفَةٍ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ حَقًّا فِي الْوَقْفِ إذَا اتَّصَفَ بِإِرَادَةِ إعْطَائِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إذَا انْتَفَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ فِيهِ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ فِيمَا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ لِلنَّاظِرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْقِيحِ. (وَ) يَرْجِعُ إلَى شَرْطِ وَاقِفِهِ (فِي نَاظِرِهِ) لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ وَقْفَهُ إلَى ابْنَتِهِ حَفْصَةَ ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْي مِنْ أَهْلِهَا. (وَ) فِي (إنْفَاقٍ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ إذَا خَرِبَ، بِأَنْ يَقُولَ: يُنْفَقُ عَلَيْهِ أَوْ يُعَمَّرُ مِنْ جِهَةِ كَذَا. (وَ) فِي (سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (أَحْوَالِهِ) لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِوَقْفِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُتْبَعَ فِيهِ شَرْطُهُ (كَ) مَا لَوْ شَرَطَ (أَنْ لَا يَنْزِلَ فِيهِ فَاسِقٌ وَلَا شِرِّيرٌ وَلَا مُتَجَوَّه وَنَحْوُهُ) كَذِي بِدْعَةٍ فَيُعْمَلُ بِهِ. (وَإِنْ خَصَّصَ) وَاقِفٌ (مَقْبَرَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ) خَصَّصَ (إمَامَتَهَا) أَوْ إمَامَةَ مَسْجِدٍ (بِأَهْلِ مَذْهَبٍ أَوْ) بِأَهْلِ (بَلَدٍ أَوْ بِقَبِيلَةٍ تَخَصَّصَتْ) بِهِمْ عَمَلًا بِشَرْطِهِ و(لَا) يَصِحُّ تَخْصِيصُ شَرْطِ وَاقِفِ الْمَدْرَسَةِ وَنَحْوِهِ (الْمُصَلِّينَ) بِهَا بِذِي مَذْهَبٍ فَلَا تَخْتَصُّ بِهِمْ، وَلِغَيْرِهِمْ الصَّلَاةُ بِهَا لِعَدَمِ التَّزَاحُمِ. وَلَوْ وَقَعَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُرَادُ لَهُ (وَلَا) يَصِحُّ تَخْصِيصُ (الْإِمَامَةِ بِذِي مَذْهَبٍ مُخَالِفٍ لِظَاهِرِ السُّنَّةِ) لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ أَوْ تَأْوِيلٍ ضَعِيفٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِصَرِيحِ السُّنَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (وَلَوْ جُهِلَ شَرْطُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْوَقْفِ دُونَ شَرْطِهِ (عُمِلَ بِعَادَةٍ جَارِيَةٍ ثُمَّ بِعُرْفٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ وَالْعُرْفَ الْمُسْتَقِرَّ فِي الْوَقْفِ يَدُلُّ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَدُلُّ لَفْظُ الِاسْتِفَاضَةِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَفْتَى فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِهِ وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ وَجُهِلَ اسْمُهُ أَنَّهُ يُمَيَّزُ بِالْقُرْعَةِ. ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ وَلَا عُرْفٌ بِبَلَدِ الْوَاقِفِ كَمَنْ بِبَادِيَةٍ (فَالتَّسَاوِي) فَيُسَاوِي فِيهِ بَيْنَ الْمُسْتَحَقِّينَ لِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ دُونَ التَّفْضِيلِ. (فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ) الْوَاقِفُ (نَاظِرًا) لِوَقْفِهِ أَوْ شَرَطَهُ لِمُعَيَّنٍ فَمَاتَ (فَ) نَظَرُهُ (لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَحْصُورِ، كُلٌّ) مِنْهُمْ يَنْظُرُ (عَلَى حِصَّتِهِ) عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَغَلَّتُهُ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِحَظِّهِ فَوَلِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَتَقَدَّمَ. (وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَقْفِ عَلَى مَحْصُورٍ (كَ) الْمَوْقُوفِ (عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَالْفُقَرَاءِ فَنَظَرُهُ (لِحَاكِمِ) بَلَدِ الْمَوْقُوفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ. وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ (وَمَنْ أَطْلَقَ النَّظَرَ) مِنْ الْوَاقِفِينَ (لِلْحَاكِمِ) فَلَمْ يُعَيِّنْهُ بِكَوْنِهِ شَافِعِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا وَنَحْوَهُ (شَمِلَ) لَفْظُ الْحَاكِمِ (أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ مَذْهَبُهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَمْ لَا) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ إذَا انْفَرَدَ وَهُوَ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَإِنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَتَعَدَّدَ الْحُكَّامُ فَأَفْتَى الشَّيْخُ نَصْرُ اللَّهِ الْحَنْبَلِيُّ وَالشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ وَلَدُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ: أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِلسُّلْطَانِ يُوَلِّيهِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَأَهِّلِينَ لِذَلِكَ. (وَلَوْ فَرَضَهُ) أَيْ النَّظَرَ (حَاكِمٌ) لِإِنْسَانٍ (لَمْ يَجُزْ لِ) حَاكِمٍ (آخَرَ نَقْضُهُ) لِأَنَّهُ كَنَقْضِ حُكْمِهِ (وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ حَاكِمَيْنِ (النَّظَرَ) عَلَى وَقْفٍ لَا نَاظِرَ لَهُ (شَخْصًا) وَتَنَازَعَ الشَّخْصَانِ (قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ) أَيْ السُّلْطَانُ (أَحَقَّهُمَا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَلَا يَتَعَدَّى بِهِ إلَى غَيْرِهِمَا وَلَا يَشْتَرِكَانِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا وُلِّيَ لِيَنْظُرَ فِيهِ عَلَى انْفِرَادِهِ فَكَانَ أَحَقُّهُمَا بِذَلِكَ أَوْلَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ وَفُقَهَاءَ فَلِلنَّاظِرِ ثُمَّ الْحَاكِمِ تَقْدِيرُ أَعْطِيَتِهِمْ، فَلَوْ زَادَ النَّمَاءُ فَهُوَ لَهُمْ. وَالْحُكْمُ بِتَقْدِيمِ مُدَرِّسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يُعْتَدُّ بِهِ قَالَ بِهِ، وَلَا بِمَا يُشْبِهُهُ وَلَوْ نَفَّذَهُ حَاكِمٌ. وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقَيِّمُ وَنَحْوُهُ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِلَا شَرْطٍ، وَجُعِلَ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ كَالْقَيِّمِ بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ قَالَ وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِوَظِيفَةِ غَيْرِهِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا إذَا لَمْ يَنُبْ الْأَوَّلُ وَيَلْتَزِمْ بِالْوَاجِبِ. وَيَجِبُ أَنْ يُوَلِّيَ فِي الْوَظَائِفِ وَإِمَامَةِ الْمَسَاجِدِ الْأَحَقَّ شَرْعًا، وَأَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ وَاجِبٍ.
(وَشُرِطَ فِي نَاظِرٍ) مُطْلَقًا (إسْلَامٌ) إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الْإِسْلَامِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ كَافِرٍ فَلَهُ النَّظَرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا تَقَدَّمَ يَنْظُرُ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ وَلِيُّهُ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. (وَ) شُرِطَ فِيهِ (تَكْلِيفٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَنْظُرُ فِي مِلْكِهِ الْمُطْلَقِ فَفِي الْوَقْفِ أَوْلَى وَتَقَدَّمَ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ كَانَ النَّظَرُ لِوَلِيِّهِ. (وَ) شُرِطَ فِيهِ (كِفَايَةٌ لِتَصَرُّفٍ وَخِبْرَةٌ) أَيْ عِلْمٌ (بِهِ) أَيْ التَّصَرُّفِ (وَقُوَّةٌ عَلَيْهِ) لِأَنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ لَمْ يُمْكِنْهُ مُرَاعَاةُ حِفْظِ الْوَقْفِ (وَيُضَمُّ لِضَعِيفٍ) تَعَيَّنَ كَوْنُهُ نَاظِرًا بِشَرْطِ وَاقِفٍ أَوْ كَوْنِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ (قَوِيٌّ أَمِينٌ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ (وَ) شُرِطَ (فِي) نَاظِرٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ زِيَادَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ إنْ كَانَتْ (وِلَايَتُهُ مِنْ حَاكِمٍ) كَوَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَاقِفُهُ نَاظِرًا فَوَّضَهُ الْحَاكِمُ لِشَخْصٍ (أَوْ) كَانَتْ وِلَايَتُهُ مِنْ (نَاظِرٍ) بِجَعْلِ الْوَاقِفِ لَهُ ذَلِكَ أَوْ بِدُونِهِ إنْ جَازَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ (عَدَالَةً) لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى مَالٍ فَاشْتُرِطَ لَهَا الْعَدَالَةُ كَالْوِلَايَةِ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ. (فَإِنْ) فَوَّضَ إلَيْهِ مَعَ عَدَالَتِهِ ثُمَّ (فَسَقَ) بَعْدُ (عُزِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ فَنَافَاهَا الْفِسْقُ (وَ) إنْ وَلِيَ النَّظَرَ أَجْنَبِيٌّ (مِنْ وَاقِفٍ) بِأَنْ شَرَطَ لَهُ (وَهُوَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (فَاسِقٌ أَوْ) وَهُوَ عَدْلٌ ثُمَّ (فَسَقَ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ) لِحِفْظِ الْوَقْفِ وَلَمْ تَزُلْ يَدُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ. وَمَتَى لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ مِنْهُ أُزِيلَتْ وِلَايَتُهُ فَإِنَّ مُرَاعَاةَ حِفْظِ الْوَقْفِ أَهَمُّ مِنْ إبْقَاءِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ كَانَ) النَّظَرُ (لِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ النَّظَرَ (لَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (أَحَقَّ) بِالنَّظَرِ (لِعَدَمِ) تَعْيِينِ (غَيْرِهِ فَهُوَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (أَحَقُّ) بِالنَّظَرِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً رَشِيدًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، بَلْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا (وَلَوْ شَرَطَهُ) أَيْ النَّظَرَ (وَاقِفٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ) إيَّاهُ (بِلَا شَرْطٍ) كَإِخْرَاجِ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِدُونِهِ. (وَإِنْ شَرَطَهُ) أَيْ النَّظَرَ وَاقِفٌ (لِنَفْسِهِ) فَقَطْ (ثُمَّ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْنَدَهُ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى غَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (عَزْلُهُ) أَيْ الْمَجْعُولِ لَهُ أَوْ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ أَوْ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ أَشْبَهَ الْوَكِيلَ (وَلِنَاظِرٍ بِأَصَالَةٍ كَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُعَيَّنًا (وَحَاكِمٍ) فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ نَاظِرًا عَلَيْهِ (نُصِّبَ) وَكِيلٌ عَنْهُ (وَعُزِلَ) لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ. أَشْبَهَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَتَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ. وَ(لَا) يَجُوزُ ذَلِكَ لِ (نَاظِرٍ بِشَرْطٍ) لِأَنَّ نَظَرَهُ مُسْتَفَادٌ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ نَاظِرٌ بِشَرْطٍ فِي حَيَاةِ وَاقِفٍ لَمْ يَمْلِكْ الْوَاقِفُ نَصْبَ غَيْرِهِ مُطْلَقًا بِدُونِ شَرْطٍ وَانْتَقَلَ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَإِلَيْهِ (وَلَا يُوصِي) نَاظِرٌ بِشَرْطٍ (بِهِ) أَيْ النَّظَرِ نَصًّا (بِلَا شَرْطِ) وَاقِفٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْظُرُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْإِيصَاءُ لَهُ، فَإِنْ وَصَّى لَهُ بِهِ مَلَكَهُ. (وَلَوْ أَسْنَدَ) النَّظَرَ (لِاثْنَيْنِ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا) بِدُونِ الْآخَرَ (بِلَا شَرْطِ وَاقِفٍ) كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ عَنْ وَاحِدٍ (وَإِنْ شَرَطَ) وَاقِفٌ النَّظَرَ (لِكُلٍّ مِنْهُمَا) بِأَنْ قَالَ: جَعَلْتُ النَّظَرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحَّ (أَوْ) جَعَلَ (التَّصَرُّفَ لِوَاحِدٍ وَ) جَعَلَ (الْيَدَ لِآخَرَ) صَحَّ (أَوْ) جَعَلَ (عِمَارَتَهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِوَاحِدٍ وَ) جَعَلَ (تَحْصِيلَ رِيعِهِ لِآخَرَ صَحَّ) وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا شَرَطَ لَهُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَى شَرْطِهِ. (وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ نَاظِرٍ خَاصٍّ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ فِي غَيْبَتِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَدَوَامِ نَفْعِهِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ. وَلَا حُجَّةَ فِي تَوْلِيَةِ الْأَئِمَّةِ مَعَ الْبُعْدِ لِمَنْعِهِمْ غَيْرَهُمْ التَّوْلِيَةَ، فَنَظِيرُهُ مَنْعُ الْوَاقِفِ التَّوْلِيَةَ لِغَيْبَةِ النَّاظِرِ. انتهى. فَعَلَيْهِ لَوْ وَلَّى النَّاظِرُ الْغَائِبُ إنْسَانًا وَالْحَاكِمُ آخَرَ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَوْلِيَةً (لَكِنْ لَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (النَّظَرُ الْعَامُّ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ) أَيْ النَّاظِرِ الْخَاصِّ (إنْ فَعَلَ مَا لَا يَسُوغُ) فِعْلُهُ، لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (ضَمُّ أَمِينٍ) إلَى نَاظِرٍ خَاصٍّ (مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ) مِنْ حِفْظِ الْوَقْفِ وَاسْتِصْحَابِ يَدِ مَنْ أَرَادَهُ الْوَاقِفُ (وَلَا اعْتِرَاضَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى) نَاظِرٍ (أَمِينٍ) وَلَّاهُ الْوَاقِفُ وَلَهُمْ مَسْأَلَتُهُ عَمَّا يَحْتَاجُونَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ أَمْرِ وَقْفِهِمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ عِلْمُهُمْ وَعِلْمُهُ فِيهِ (وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِانْتِسَاخِ كِتَابِ الْوَقْفِ) لِيَكُونَ بِأَيْدِيهِمْ وَثِيقَةً لَهُمْ (وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَقْفِ (بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ لِمَصْلَحَةٍ كَشِرَائِهِ لِلْوَقْفِ نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي قَرْضِهِ مَالًا كَوَلِيٍّ (وَعَلَيْهِ) أَيْ النَّاظِرِ حَاكِمًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (نَصْبُ مُسْتَوْفٍ لِلْعُمَّالِ الْمُتَفَرِّقِينَ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةٌ إلَّا بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَتَمَّتْ الْمَصْلَحَةُ بِدُونِهِ لِقِلَّةِ الْعُمَّالِ وَمُبَاشَرَتِهِ الْحِسَابَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ نَصْبُهُ.
(وَوَظِيفَتُهُ) أَيْ النَّاظِرِ (حِفْظُ وَقْفٍ وَعِمَارَتُهُ وَإِيجَارُهُ وَزَرْعُهُ وَمُخَاصَمَةٌ فِيهِ وَتَحْصِيلُ رِيعِهِ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ وَالِاجْتِهَادُ فِي تَنْمِيَتِهِ وَصَرْفُهُ فِي جِهَاتِهِ مِنْ عِمَارَةٍ وَإِصْلَاحِ) نَحْوِ مَائِلٍ وَمُنْكَسِرٍ (وَإِعْطَاءُ مُسْتَحِقٍّ وَنَحْوِهِ) كَشِرَاءِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَلِبَاسٍ شَرَطَهُ وَاقِفٌ مِنْ رِيعِهِ، لِأَنَّ النَّاظِرَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْوَقْفَ، وَحِفْظَهُ، وَحِفْظَ رِيعِهِ وَتَنْفِيذَ شَرْطِ وَاقِفِهِ، وَطَلَبُ الْحَظِّ فِيهِ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، فَكَانَ ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ (وَلَهُ) أَيْ النَّاظِرِ (وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَقْفِ وَرِيعِهِ. (وَ) لَهُ (التَّقْرِيرُ فِي وَظَائِفِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ. قُلْتُ: فَإِنْ طَلَبَ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا سَقَطَ حَقُّهُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ كَوَلِيِّ النِّكَاحِ إذَا عَضَلَ (وَمَنْ قُرِّرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِي وَظِيفَةٍ (عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ حَرُمَ) عَلَى نَاظِرٍ وَغَيْرِهِ (صَرْفُهُ) عَنْهَا (بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ) كَتَعْطِيلِهِ الْقِيَامَ بِهَا، وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ. وَلَوْ عَيَّنَهُ وَاقِفٌ. وَلَوْ تَصَادَقَ مُسْتَحِقُّونَ لِوَقْفٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَصَارِفِهِ وَمَقَادِيرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فِيهِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ وَقْفٍ مُنَافٍ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّصَادُقُ عُمِلَ بِمَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَغَا مَا فِي التَّصَادُقِ. أَفْتَى بِهِ ابْنُ رَجَبٍ. وَإِنْ حَكَمَ بِمَحْضَرِ وَقْفٍ فِيهِ شُرُوطُهُ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابٌ وَقَفَ فِيهِ مَا يُنَافِي الْمَحْضَرَ الْمَذْكُورَ وَجَبَ ثُبُوتُ كِتَابِ الْوَقْفِ إنْ أَمْكَنَ وَالْعَمَلُ بِهِ (وَلَوْ أَجَّرَهُ) أَيْ الْوَقْفَ (نَاظِرٌ بِأَنْقَصَ) مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ (وَضَمِنَ) النَّاظِرُ (النَّقْصَ) الَّذِي لَا يُتَغَابَنُ بِهِ عَادَةً إنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ غَيْره عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ، فَضَمِنَ مَا نَقَصَهُ بِعَقْدِهِ كَالْوَكِيلِ قَالَ (الْمُنَقِّحُ: أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى فِيمَا. هُوَ وَقْفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَهُوَ) أَيْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ (لَهُ) أَيْ لِغَارِسِهِ أَوْ بَانِيهِ (مُحْتَرَمٌ) فَلَيْسَ لِأَحَدٍ طَلَبُهُ بِقَلْعِهِ لِمِلْكِهِ لَهُ وَلِأَصْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) غَارِسٌ أَوْ بَانٍ (شَرِيكًا) فِي الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَ عَلَى جَمَاعَةٍ فَغَرَسَ فِيهِ أَحَدُهُمْ أَوْ بَنَى فَغَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ لَهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ (أَوْ) كَانَ (لَهُ النَّظَرُ فَقَطْ) فَغَرَسَ أَوْ بَنَى فِي الْوَقْفِ (فَ) غَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ لَهُ (غَيْرُ مُحْتَرَمٍ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ بِغَيْرِ رِضَا أَهْلِ الْوَقْفِ (وَيَتَوَجَّهُ) إنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَوْ نَاظِرٌ فِي وَقْفٍ أَنَّهُ لَهُ (إنْ أَشْهَدَ) أَنَّ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ لَهُ (وَإِلَّا) يُشْهِدْ بِذَلِكَ (فَ) هُمَا (لِلْوَقْفِ) لِثُبُوتِ يَدِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ غَرَسَهُ) أَوْ بَنَاهُ (لِلْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَ) هُوَ (وَقْفٌ. وَيَتَوَجَّهُ فِي غَرْسِ أَجْنَبِيٍّ) وَبِنَائِهِ (أَنَّهُ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ) وَالتَّوْجِيهَانِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَدُ الْوَقْفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا، كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهَا لَهُ بِحُكْمِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ، وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الْبِنَاءِ بِلَا حُجَّةٍ وَيَدُ أَهْلِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَابِتَةٍ عَلَى مَا فِيهَا بِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ بِاخْتِصَاصِهِ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ (وَيُنْفَقُ عَلَى) مَوْقُوفٍ (ذِي رُوحٍ) كَرَقِيقٍ وَخَيْلٍ (وَمِمَّا عَيَّنَ وَاقِفٌ) أَنْ يُنْفَقَ مِنْهُ عَلَيْهِ رُجُوعًا لِشَرْطِهِ (فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) وَاقِفُهُ مَحَلًّا لِنَفَقَتِهِ (فَ) نَفَقَتُهُ (مِنْ غَلَّتِهِ) لِأَنَّ بَقَاءَهُ لَا يَكُونُ بِدُونِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ غَلَّةٌ لِضَعْفِهِ وَنَحْوِهِ (ف) نَفَقَتُهُ (عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ مُعَيَّنٍ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْقُوفِ. عَلَيْهِ لِعَجْزٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَنَحْوِهِمَا (بِيعَ) الْمَوْقُوفُ (وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنِ مِثْلِهِ تَكُونُ وَقْفًا) مَكَانَهُ (لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ إيجَارُهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ إيجَارُهُ كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أُوجِرَ) مُدَّةً (بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ) لِانْتِفَاءِ الضَّرُورَةِ إلَى بَيْعِهِ لِذَلِكَ (وَنَفَقَةُ مَا) أَيْ حَيَوَانٍ مَوْقُوفٍ (عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ) كَالْمَرْضَى وَالْمَسَاجِدِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ هُنَا مِنْ الْمَصَالِحِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (بِيعَ) الْمَوْقُوفُ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ إذَا تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ أَمْكَنَتْ إجَارَتُهُ أُجِّرَ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ. وَإِنْ مَاتَ رَقِيقٌ مَوْقُوفٌ فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (وَإِنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ (عَقَارًا) وَاحْتَاجَ لِعِمَارَةٍ (لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ بِلَا شَرْطٍ) وَاقِفٍ مُطْلَقًا (كَالطَّلْقِ) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَعَمَّرَهُ بِاخْتِيَارِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَجِبُ عِمَارَةُ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْبُطُونِ (فَإِنْ شَرَطَهَا) أَيْ الْعِمَارَةَ وَاقِفٌ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (مُطْلَقًا) عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ (وَمَعَ إطْلَاقِهَا) أَيْ الْعِمَارَةِ بِأَنْ شَرَطَ أَنْ يُعَمِّرَ مِنْ رِيعِهِ مَا انْهَدَمَ (تُقَدَّمُ) أَيْ الْعِمَارَةُ (عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْوَقْفِ قَالَ (الْمُنَقِّحُ: مَا لَمْ يُفْضِ) تَقْدِيمُهَا (إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِهِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ (حَسَبَ الْإِمْكَانَ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ أَوْ مَصَالِحُهُ (وَلَوْ احْتَاجَ خَانٌ مُسَبَّلٌ أَوْ) احْتَاجَتْ (دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى حَاجٍّ أَوْ) سُكْنَى (غُزَاةٍ وَنَحْوِهِمْ) كَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ (إلَى مَرَمَّةٍ أُوجِرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ جُزْءًا (بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَرَمَّةِ لِمَحَلِّ الضَّرُورَةِ (وَتَسْجِيلِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْوَقْفِ) كَالْعَادَةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ) كَاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (ثُمَّ) عَلَى (الْمَسَاكِينِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ رُدَّ نَصِيبُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ (عَلَى مَنْ بَقِيَ) مِنْهُمْ لِأَنَّهُ مِمَّنْ وُقِفَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَاسْتِحْقَاقُ الْمَسَاكِينِ مَشْرُوطٌ بِانْقِرَاضِ مَنْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ بِثُمَّ (فَلَوْ مَاتَ الْكُلُّ فَ) هُوَ (لِلْمَسَاكِينِ) لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ لَهُمْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ (مَآلَ) بِأَنْ قَالَ: هَذَا وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍ وَبَكْرٍ وَسَكَتَ (فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِي) كَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ (ثُمَّ إنْ مَاتُوا جَمِيعًا صُرِفَ مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ) لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ وَقْفًا فَإِنْ عَدِمُوا فَلِلْمَسَاكِينِ (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى وَلَدِهِ) ثُمَّ الْمَسَاكِينِ (أَوْ) وَقَفَ عَلَى (وَلَدِ غَيْرِهِ) كَعَلَى وَلَدِ زَيْدٍ (ثُمَّ الْمَسَاكِينِ دَخَلَ) الْأَوْلَادُ (الْمَوْجُودُونَ) حَالَ الْوَقْفِ وَلَوْ حَمْلًا (فَقَطْ) نَصًّا (الذُّكُورُ) مِنْهُمْ (وَالْإِنَاثُ) وَالْخَنَاثَى لِأَنَّ اللَّفْظَ يَشْمَلُهُمْ إذْ الْوَلَدُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَوْلُودُ (بِالسَّوِيَّةِ) لِأَنَّهُ شِرْكٌ بَيْنَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ وَكَوَلَدِ الْأُمِّ فِي الْمِيرَاثِ. وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْفِيٌّ بِلِعَانٍ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ كَوَلَدِ زِنًا. وَعَنْهُ يَدْخُلُ وَلَدٌ حَدَثٌ بِأَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْوَقْفِ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِقْنَاعِ. (وَ) دَخَلَ (وَلَدُ الْبَنِينَ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ (وُجِدُوا حَالَةَ الْوَقْفِ أَوْ لَا كَوَصِيَّةٍ) لِوَلَدِ فُلَانٍ، فَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ الْمَوْجُودُونَ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ وُجِدُوا حَالَةَ. الْوَصِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا مَنْ وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ. هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْوَلَدَ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ إذَا خَلَا عَنْ قَرِينَةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ، وَلِأَنَّ وَلَدَ ابْنِهِ وَلَدٌ لَهُ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ} وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا} وَقَالَ {نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ} وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا تُنْسَبُ إلَى جُدُودِهَا. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقُلْ: عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي الَّذِينَ يَلُونَنِي. فَإِنْ قَالَهُ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الْوَلَدِ بِلَا خِلَافٍ (وَيَسْتَحِقُّونَهُ مُرَتَّبًا) بَعْدَ آبَائِهِمْ فَيَحْجُبُ أَعْلَاهُمْ أَسْفَلَهُمْ (كَ) قَوْلِهِ: وَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَنَحْوَهُمْ مَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً، كَوَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ، كَعَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ فَلَا تَرْتِيبَ (وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ) فِي الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، بَلْ إلَى آبَائِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: {اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وَقَالَ الشَّاعِرُ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ} وَنَحْوُهُ فَمِنْ خَصَائِصِهِ انْتِسَابُ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ إلَيْهِ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى عَقِبِهِ أَوْ) وَقَفَ عَلَى (نَسْلِهِ أَوْ) (وَقَفَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ) وَقَفَ عَلَى (ذُرِّيَّتِهِ لَمْ يَدْخُلْ) فِيهِمْ (وَلَدُ بَنَاتٍ) وَلَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْوَقْفِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ كَ) قَوْلِهِ (مَنْ مَاتَ) عَنْ وَلَدٍ (فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَنَحْوِهِ) كَقَوْلِهِ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانَةَ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَلَى أَنَّ لِوَلَدِ الذَّكَرِ سَهْمَيْنِ وَلِوَلَدِ الْأُنْثَى سَهْمًا وَنَحْوِهِ. وَأَصْلُ النَّسْلِ مِنْ النَّسَالَةِ وَهُوَ شَعْرُ الدَّابَّةِ إذَا سَقَطَ عَنْ جَسَدِهَا، وَالذُّرِّيَّةُ مِنْ ذَرَأَ إذَا زَرَعَ قَالَ الشَّاعِرُ: شَقَقْتَ الْقَلْبَ ثُمَّ ذَرَأْتَ فِيهِ أَوْ مِنْ ذَرَّ إذَا طَلَعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ (وَ) مَنْ وَقَفَ (عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ) أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا أَوْ تَعَاقَبُوا، الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَنَحْوُهُ، أَوْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ (فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ عَلَى مِثْلِهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ. فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ (فَلَوْ قَالَ وَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ) فَهُوَ دَلِيلُ التَّرْتِيبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى التَّشْرِيكَ لَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ وَلَوْ جَعَلْنَا لِوَلَدِ الِابْنِ سَهْمًا كَأَبِيهِ ثُمَّ دَفَعْنَا إلَيْهِ سَهْمَ أَبِيهِ صَارَ لَهُ سَهْمَانِ وَلِغَيْرِهِ سَهْمٌ وَهُوَ يُنَافِي التَّسْوِيَةَ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَفْضِيلِ وَلَدِ الِابْنِ عَلَى الِابْنِ. وَالظَّاهِرُ مِنْ مُرَادِ الْوَاقِفِ خِلَافُهُ فَيَكُونُ تَرْتِيبًا بَيْنَ كُلِّ وَلَدٍ وَوَالِدِهِ فَإِذَا مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَنْ لَهُ وَلَدٌ (اسْتَحَقَّ كُلُّ وَلَدٍ بَعْدَ أَبِيهِ نَصِيبَهُ الْأَصْلِيَّ وَالْعَائِدَ) سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ أَمْ لَا. فَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ. عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةً وَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِلْآخَرِينَ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَلَدٍ كَانَ النِّصْفُ لِوَلَدِهِ فَإِذَا مَاتَ الثَّانِي عَنْ وَلَدَيْنِ فَأَكْثَرَ فَنَصِيبُهُ لَهُمْ (وَ) إنْ أَتَى الْوَاقِفُ (بِالْوَاوِ) بِأَنْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ كَانَتْ الْوَاوُ (لِلِاشْتِرَاكِ) لِأَنَّهَا لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَيَشْتَرِكُونَ فِيهِ بِلَا تَفْضِيلٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ (وَ) إنْ قَالَ (عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَالْوَقْفُ مُرَتَّبٌ) كَالْأَمْثِلَةِ قَبْلَ الْأَخِيرِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ (فَهُوَ) أَيْ نَصِيبُهُ (لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ) أَيْ الْمَيِّتُ (مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ) الْمُسْتَحَقِّينَ لَهُ دُونَ بَاقِي الْبُطُونِ، وَدُونَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ فِي الْوَقْفِ. فَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لَهُ. وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ وَالثَّانِي عَنْ ابْنَيْنِ، وَبَقِيَ الثَّالِثُ وَلَهُ ابْنٌ فَأَكْثَرُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْمَيِّتِ أَوَّلًا وَبَنِي عَمِّهِ الْحَيِّ. فَنَصِيبُهُ لِأَخِيهِ. وَلِابْنِ عَمِّهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ دُونَ عَمِّهِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِهِ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبُطُونِ) لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَخُصَّ بِنَصِيبِهِ أَهْلَ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِ الْوَاقِفِ لِهَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ: وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ قَصَدَ شَيْئًا يُفِيدُ. (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ) مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (فَكَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا تَظْهَرُ بِهِ فَائِدَتُهُ (فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ) مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ (فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِرَاكِ) لِأَنَّ التَّشْرِيكَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ. وَتَخْصِيصُ بَعْضِ الْبُطُونِ يُفْضِي إلَى عَدَمِهَا (وَيَخْتَصُّ) الْبَطْنُ (الْأَعْلَى بِهِ) أَيْ بِنَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ (فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ) لِأَنَّ الْوَاقِفَ رَتَّبَ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ (وَإِنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ (عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَذَلِكَ) أَيْ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ اخْتَصَّ بِهِ الْأَعْلَى، كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّرْطَ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعَةُ بَنِينَ فَوَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ دُونَ الرَّابِعِ، وَقَالَ: عَلَى أَنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ. فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَخَوَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ أَشْبَهَ ابْنَ عَمِّهِمْ، وَحَيْثُ كَانَ نَصِيبُ مَيِّتٍ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ (فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إخْوَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَبَنُو عَمِّهِ وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ وَنَحْوِهِمْ) كَبَنِي بَنِي بَنِي عَمِّ أَبِي أَبِيهِ لِأَنَّهُمْ فِي دَرَجَتِهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْجَدِّ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ. وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْوَاقِفُ (يُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَنَحْوِهِ) كَقَوْلِهِ: إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ (فَيَخْتَصُّ بِالْأَقْرَبِ) فَلَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ فَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ: يُقَدَّمُ الشَّقِيقُ فِيمَا إذَا قَالَ: يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَبِالْإِخْوَةِ إذَا قَالَ: لِإِخْوَتِهِ (وَلَيْسَ مِنْ الدَّرَجَةِ مَنْ هُوَ أَعْلَى) مِنْ الْمَيِّتِ كَعَمِّهِ (أَوْ أَنْزَلُ مِنْهُ) كَابْنِ أَخِيهِ (وَالْحَادِثُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْآيِلِ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ. كَالْمَوْجُودِينَ حِينَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (فَيُشَارِكُهُمْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ فِيهِ (وَعَلَى هَذَا) الْقَوْلِ، وَهُوَ مُشَارَكَةُ الْحَادِثِ لِلْمَوْجُودِينَ (لَوْ حَدَثَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْ الْمَوْجُودِينَ وَشَرَطَ) الْوَاقِفُ (اسْتِحْقَاقَ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى. أَخَذَهُ مِنْهُمْ) أَيْ أَخَذَ الْحَادِثُ مَا آلَ إلَى النَّازِلِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ، عَمَلًا بِالشَّرْطِ. فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، وَمَاتَ أَوْلَادُهُ، وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ أَخَذَ الْوَقْفَ مِنْ أَوْلَادِ إخْوَتِهِ. (وَ) مَنْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا (عَلَى وَلَدِي) بِلَفْظِ الْمُفْرَدِ (فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِي، وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى) الْوَلَدَيْنِ (الْمُسَمَّيَيْنِ وَ) عَلَى (أَوْلَادِهِمَا وَأَوْلَادِ الثَّالِثِ) لِدُخُولِهِ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ (دُونَهُ) أَيْ الثَّالِثِ. فَلَا يَدْخُلُ عَمَلًا بِالْبَدَلِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمَنْصُوصُ: دُخُولُ الْجَمِيعِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. (وَ) إنْ قَالَ: وَقَفْتُ (عَلَى زَيْدٍ وَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَعَلَى الْمَسَاكِينِ. كَانَ) الْوَقْفُ (بَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ لِأَوْلَادِهِ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ) لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ فَعَلَى الْمَسَاكِينِ: عَلَى دُخُولِهِمْ فِيهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَوَقُّفِ اسْتِحْقَاقِ الْمَسَاكِينِ عَلَى انْقِرَاضِهِمْ فَائِدَةٌ. (وَ) إنْ قَالَ: وَقَفْتُ (عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ، ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ، عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ) هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْوَاقِفِ (فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا ثُمَّ مَاتَتْ) الْبِنْتُ (عَنْ وَلَدٍ. فَلَهُ مَا اسْتَحَقَّتْهُ) أُمُّهُ (قَبْلَ مَوْتِهَا) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ لَا، وَمَالَ إلَيْهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ. وَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهَا مَشْرُوطٌ لِوَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ الْبُطُونِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ الْبِنْتِ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِابْنِ عَمِّهَا (وَلَوْ قَالَ) وَاقِفٌ (وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ. ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ عَمَّنْ لَمْ يُعْقِبْ) مِنْ إخْوَتِهِ. ثُمَّ نَسْلِهِمْ (وَمَنْ أَعْقَبَ ثُمَّ انْقَطَعَ. عَقِبُهُ) أَيْ ذُرِّيَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَهُ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ. فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَطْعًا (وَيَصِحُّ) أَنْ يَقِفَ (عَلَى وَلَدِهِ وَمَنْ يُولَدُ لَهُ) نَصًّا. كَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا لِدُخُولِهِمْ تَبَعًا. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ فَ) هُوَ (لِلذُّكُورِ خَاصَّةً) لِأَنَّ لَفْظَ الْبَنِينَ وُضِعَ لِذَلِكَ حَقِيقَةً. قَالَ تَعَالَى {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} وَقَالَ تَعَالَى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} وَإِنْ وَقَفَ عَلَى بَنَاتِهِ اخْتَصَّ بِهِنَّ. وَلَا يَدْخُلُ الْخُنْثَى فِي الْبَنِينَ وَلَا الْبَنَاتِ إلَّا إنْ اتَّضَحَ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ بَنُو فُلَانٍ (قَبِيلَةً) كَبَنِي هَاشِمٍ وَتَمِيمٍ (دَخَلَ نِسَاؤُهُمْ) لِأَنَّ اسْمَ الْقَبِيلَةِ يَشْمَلُ ذَكَرَهَا وَأُنْثَاهَا رُوِيَ " أَنَّ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قُلْنَ: نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَا حَبَّذَا مُحَمَّدًا مِنْ جَارِ (دُونَ أَوْلَادِهِنَّ) أَيْ نِسَاءِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ (مِنْ) رِجَالِ (غَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُنْسَبُونَ لِآبَائِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَا يَدْخُلُ مَوَالِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْهُمْ حَقِيقَةً كَمَا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ نَصًّا، لِاعْتِبَارِ لَفْظِ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى عِتْرَتِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ فَكَمَا) لَوْ وَقَفَ (عَلَى قَبِيلَتِهِ) قَالَ فِي الْمُقْنِعِ: الْعِتْرَةُ هِيَ الْعَشِيرَةُ انْتَهَى لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ فِي مَحْفِلِ الصَّحَابَةِ " نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْضَتُهُ الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ " وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ. وَهُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ قَرَابَةِ زَيْدٍ فَ) هُوَ (لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ) وَهُمْ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ (وَ) أَوْلَادُ (جَدِّهِ) وَهُمْ أَبُوهُ وَأَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ (وَ) أَوْلَادُ (جَدِّ أَبِيهِ) وَهُمْ جَدُّهُ وَأَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُ أَبِيهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى} فَلَمْ يُعْطِ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا. وَإِنَّمَا أَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَلَمْ يُعْطِ قَرَابَتَهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَهُمْ بَنُو زُهْرَةَ شَيْئًا مِنْهُ. وَيُسَوِّي بَيْنَ مَنْ يُعْطِي مِنْهُمْ. فَلَا يُفَضِّلُ أَعْلَى وَلَا فَقِيرًا وَلَا ذَكَرًا عَلَى مَنْ سِوَاهُ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ) عَلَى (قَوْمِهِ أَوْ) عَلَى (نِسَائِهِ أَوْ) عَلَى (آلِهِ أَوْ) عَلَى (أَهْلِهِ كَعَلَى قَرَابَتِهِ) أَمَّا فِي أَهْلِ بَيْتِهِ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِي وَلَا لِأَهْلِ بَيْتِي} فَجُعِلَ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُمْ عِوَضًا عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ فَكَانَ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هُمْ أَهْلَ بَيْتِهِ. احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ. وَيُقَاسُ عَلَيْهِمْ الْبَاقِي. وَقَالَ ابْنُ الْجَعْدِ: الْقَوْمُ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ، سُمُّوا قَوْمًا لِقِيَامِهِمْ بِالْأُمُورِ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ فَ) هُوَ (لِكُلِّ قَرَابَةٍ لَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ) عَصَبَةً كَانُوا كَالْآبَاءِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ أَوْ لَا، كَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الْعَمِّ. (وَ) لِكُلِّ قَرَابَةٍ مِنْ جِهَةِ (الْأُمَّهَاتِ) كَأُمِّهِ وَأَبِيهَا وَأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ وَإِنْ عَلَوْا (وَ) لِكُلِّ قَرَابَةٍ مِنْ جِهَةِ (الْأَوْلَادِ) كَابْنِهِ وَبِنْتِهِ وَأَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ يَشْمَلُهُمْ (وَ) إنْ قَالَ: وَقَفْتُ (عَلَى الْأَيَامَى أَوْ) عَلَى (الْعُزَّابِ فَ) هُوَ (لِمَنْ لَا زَوْجَ لَهُ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. قَالَ تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} وَيُقَالُ: رَجُلٌ عَزَبٌ وَامْرَأَةٌ عَزَبٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَزَبًا بِالِانْفِرَادِ. وَكُلُّ شَيْءٍ انْفَرَدَ فَهُوَ عَزَبٌ. وَذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: أَعْزَبُ. وَرُدَّ بِأَنَّهَا لُغَةٌ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ {وَكُنْتُ شَابًّا أَعْزَبَ} وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَغَيْرِهِ (وَالْأَرَامِلِ) جَمْعُ أَرْمَلَةٍ (النِّسَاءُ اللَّاتِي فَارَقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ) نَصًّا لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ (وَبِكْرٌ وَثَيِّبٌ وَعَانِسٌ) أَيْ مَنْ بَلَغَ حَدَّ التَّزْوِيجِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ (أُخُوَّةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (وَعُمُومَةٌ لِذَكَرٍ وَأُنْثَى) وَالرَّهْطُ لُغَةً: مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ خَاصَّةً وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَالْجَمْعُ أَرْهُطٌ وَأَرْهَاطٌ وَأَرَاهِطُ وَأَرَاهِيطُ. وَفِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: الرَّهْطُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ. وَكَذَا قَالَ: النَّفَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. (وَإِنْ وَقَفَ أَوْ وَصَّى) بِشَيْءٍ (لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ) لِ (قَرَابَتِهِ أَوْ إخْوَتِهِ وَنَحْوِهِمْ) كَأَعْمَامِهِ وَجِيرَانِهِ (لَمْ يَدْخُلْ) فِيهِمْ (مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ أَوْ الْمُوصِي لِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ. وَلَمْ تَشْمَلْ الْمُخَالِفَ لِلدِّينِ فَكَذَا هُنَا. وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْوَاقِفِ أَوْ الْمُوصِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا (إلَّا) بِنَصٍّ عَلَى دُخُولِهِمْ أَوْ (بِقَرِينَةٍ) تَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِمْ. فَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُخَالِفِينَ لِدِينِهِ دَخَلُوا كُلُّهُمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى رَفْعِ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ. فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ عَلَى دِينِهِ وَالْبَاقُونَ يُخَالِفُونَهُ، فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى وَاحِدٍ بَعِيدٌ جِدًّا. (وَ) مَنْ وَقَفَ (عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقٍ) أَعْتَقُوهُ (وَ) لَهُ مَوَالٍ (مِنْ أَسْفَلَ) أَعْتَقَهُمْ (تَنَاوَلَ) اللَّفْظُ (جَمِيعَهُمْ) وَاسْتَوَوْا فِي الِاسْتِحْقَاقِ إنْ لَمْ يَفْضُلْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ (وَمَتَى عَدِمَ) أَيْ انْقَرَضَ (مَوَالِيهِ فَ) الْوَقْفُ (لِعَصَبَتِهِمْ) أَيْ عَصَبَةِ مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَكُونُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ) حِينَ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ (فَ) الْوَقْفُ (لِمَوَالِي عَصَبَتِهِ) لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُمْ مَجَازًا مَعَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ. فَإِنْ كَانَ لَهُ إذْ ذَاكَ مَوَالٍ فَانْقَرَضُوا لَمْ يَرْجِعْ الْوَقْفُ لِمَوَالِي عَصَبَتِهِ لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ غَيْرَهُمْ. فَلَا يَعُودُ إلَيْهِمْ إلَّا بِعَقْدٍ وَلَمْ يُوجَدْ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ) كَبَنِيهِ أَوْ إخْوَتِهِ أَوْ بَنِي فُلَانٍ، وَلَيْسُوا قَبِيلَةً أَوْ مَوَالِيهِ أَوْ مَوَالِي فُلَانٍ (وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ) بِالْوَقْفِ (وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) فِيهِ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ ذَلِكَ. وَإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ (كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ) بِشَيْءٍ. وَيُوَضِّحُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (وَلَوْ أَمْكَنَ) التَّعْمِيمُ (ابْتِدَاءً ثُمَّ تَعَذَّرَ) لِكَثْرَةِ أَهْلِهِ (كَوَقْفِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَمَّمَ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ وَالتَّسْوِيَةَ كَانَا وَاجِبَيْنِ فِي الْجَمِيعِ. فَإِذَا تَعَذَّرَا فِي بَعْضٍ وَجَبَا فِيمَا لَمْ يَتَعَذَّرَا فِيهِ كَوَاجِبٍ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ (وَإِلَّا) يَكُنِ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، كَقُرَيْشٍ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ لَمْ يَجِبْ تَعْمِيمُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ. وَ(جَازَ التَّفْضِيلُ) بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ حِرْمَانُ بَعْضِهِمْ جَازَ تَفْضِيلُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. (وَ) جَازَ (الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ) مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ، عَدَمُ مُجَاوَزَةِ الْجِنْسِ. وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالدَّفْعِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَالزَّكَاةِ (إنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَمْعٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَعَذَّرَ كَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَصَارُوا قَبِيلَةً. فَيُعَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ) عَلَى (الْمَسَاكِينِ تَنَاوَلَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى إذَا اجْتَمَعَا فِي الذِّكْرِ (وَلَا يَدْفَعُ إلَى وَاحِدٍ) مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِمْ (أَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ زَكَاةٍ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ، كَالْفُقَرَاءِ أَوْ الرِّقَابِ أَوْ الْغَارِمِينَ أَوْ الْغُزَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا. فَيُعْطَى فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ تَمَامَ كِفَايَتِهِمَا مَعَ عَائِلَتِهِمَا سَنَةً. وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ مَا يَقْضِيَانِ بِهِ دَيْنَهُمَا. وَهَكَذَا (وَمَنْ وَجَدَ فِيهِ صِفَاتٍ) كَفَقِيرٍ هُوَ ابْنُ سَبِيلٍ وَغَارِمٍ (اسْتَحَقَّ بِهَا) أَيْ بِصِفَاتِهِ فَيُعْطِي مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيُوصِلُهُ إلَى بَلَدِهِ وَتَمَامُ كِفَايَتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً كَالزَّكَاةِ (وَمَا يَأْخُذُ الْفُقَهَاءُ مِنْهُ) أَيْ الْوَقْفِ (كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ. وَكَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَنْذُورِ لَهُ (لَا كَجُعْلٍ وَلَا كَأُجْرَةٍ) فَلَا يُنْقَصُ بِهِ الْأَجْرُ مَعَ الْإِخْلَاصِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ انْتَهَى. وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ الْحَقِيقِيَّةِ. أَمَّا الْأَوْقَافُ الَّتِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَأَوْقَافِ السَّلَاطِينِ فَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ التَّنَاوُلُ مِنْهَا. وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْمَشْرُوطَ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ بِالْمُوَافَقَةِ لِبَعْضِ الْمُعَامِرِينَ لَهُ. وَأَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى الْقُرَّاءِ فَلِلْحُفَّاظِ) لِلْقُرْآنِ (وَعَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ. فَلِمَنْ عَرَفَهُ) وَلَوْ حَفِظَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا لَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ (وَعَلَى الْعُلَمَاءِ. فَلِحَمَلَةِ الشَّرْعِ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةً كَعُلَمَاءَ. (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى سُبُلِ الْخَيْرِ. فَلِمَنْ أَخَذَ مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) كَفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ وَابْنِ سَبِيلٍ وَعَلَى أَعْقَلِ النَّاسِ تَوَجَّهَ أَنَّهُمْ الزُّهَّادُ. وَذَكَره فِي الْفُرُوعِ. وَالزُّهْدُ تَرْكُ فُضُولِ الْعَيْشِ وَمَا لَيْسَ بِضَرُورَةٍ فِي بَقَاءِ النَّفْسِ. وَعَلَى هَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَإِنْ جَعَلَ وَقْفَهُ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ شَمِلَ الْقُرَبَ كُلَّهَا. وَأَفْضَلُهَا الْغَزْوُ وَيَبْدَأُ بِهِ نَصًّا. وَيُعْطِي مَنْ صَارَ مُسْتَحِقًّا قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي السَّبِيلِ: يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الشُّرْبُ مِنْهُ (وَيَشْمَلُ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ) كَالْمُسْلِمِينَ (وَضَمِيرُهُ الْأُنْثَى) تَغْلِيبًا (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَشْمَلُ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ كَالْمُسْلِمَاتِ الْمُذَكَّرِ. (وَ) إنْ وَقَفَ لِيَصْرِفَ وَقْفَهُ (لِجَمَاعَةٍ أَوْ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَلِثَلَاثَةٍ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ فِي أَكْثَرِ الِاسْتِعْمَالِ (وَيُتَمِّمُ) الْجَمْعَ (مِمَّا بَعْدَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى) إنْ لَمْ يَبْلُغْ أَهْلُهَا الثَّلَاثَةَ، بِأَنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْلَادُ ابْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ يُضَمُّ لِابْنَيْنِ وَيُعْطُونَ الْوَقْفَ. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ (وَشَمِلَ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَإِنْ كَثَرُوا) فَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ بَنِينَ وُزِّعَ الرِّيعُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِهِمْ (وَوَصِيَّةٌ كَوَقْفٍ) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى لَفْظِ الْمُوصِي كَمَا يَرْجِعُ فِي الْوَقْفِ إلَى لَفْظِ وَاقِفِهِ (لَكِنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (أَعَمُّ) مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَا يَأْتِي. فَيَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمَا.
(وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ، أَشْبَهَ الْعِتْقَ. وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَا، حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا؛ لِحَدِيثِ {لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ}. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ (لَا يُفْسَخُ) الْوَقْفُ (بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (وَلَا يُبَاعُ) فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ. وَلَا يَصِحُّ وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ (إلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ) مِنْهُ (بِخَرَابٍ وَلَمْ يُوجَدْ) فِي رِيعِ الْوَقْفِ (مَا يَعْمُرُ بِهِ) فَيُبَاعُ (أَوْ) تَتَعَطَّلُ مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْخِرَابِ، كَخَشَبٍ تَشَعَّثَ وَخِيفَ سُقُوطُهُ نَصًّا (وَلَوْ كَانَ) الْوَقْفُ (مَسْجِدًا) وَتَعَطَّلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ (بِضِيقِهِ عَلَى أَهْلِهِ) نَصًّا. قَالَ فِي الْمُغْنِي. وَلَمْ تُمْكِنْ تَوْسِعَتُهُ فِي مَوْضِعِهِ (أَوْ) كَانَ تَعْطِيلُ نَفْعِهِ (بِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ) وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُحَوَّلُ الْمَسْجِدُ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُهُ قَذَرًا. قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَيُبَاعُ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (حَبِيسًا لَا يَصْلُحُ لِغَزْوٍ فَيُبَاعُ) لِأَنَّ الْوَقْفَ مُؤَبَّدٌ. فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْبِيدُهُ بِعَيْنِهِ اسْتَبْقَيْنَا الْغَرَضَ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الدَّوَامِ فِي عَيْنٍ أُخْرَى. وَاتِّصَالُ الْإِبْدَالِ يَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ. وَجُمُودُنَا عَلَى الْعَيْنِ مَعَ تَعَطُّلِهَا تَضْيِيعٌ لِلْغَرَضِ، كَذَابِحِ الْهَدْيِ إذَا عَطِبَ فِي مَوْضِعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِمَوْضِعٍ آخَرَ. فَلَمَّا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ بِالْكُلِّيَّةِ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا أَمْكَنَ. وَقَوْلُهُ " فَيُبَاعُ " أَيْ وُجُوبًا، كَمَا مَالَ إلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَنُقِلَ مَعْنَاهُ عَنْ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُوَفَّقِ. وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. (وَلَوْ شَرَطَ) وَاقِفُهُ (عَدَمَ بَيْعِهِ وَشَرْطُهُ) إذْنٌ (فَاسِدٌ) نَصًّا وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَمَنْفَعَةٌ لَهُمْ (وَ) حَيْثُ بِيعَ وَقْفٌ بِشَرْطِهِ فَإِنَّهُ (يُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ) إنْ أَمْكَنَ (أَوْ) فِي (بَعْضِ مِثْلِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ الْخَرَابِ (لِإِصْلَاحِ بَاقِيهِ) لِأَنَّهُ حَيْثُ جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ فَالْبَعْضُ أَوْلَى (إنْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) فَإِنْ اخْتَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ (إنْ كَانَ الْوَقْفُ (عَيْنَيْنِ) كَدَارَيْنِ خَرِبَتَا فَتُبَاعُ إحْدَاهُمَا لِتُعَمَّرَ بِهَا الْأُخْرَى (أَوْ) كَانَ (عَيْنًا) وَاحِدَةً (وَلَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ) بِالتَّشْقِيصِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ (بِيعَ الْكُلُّ) كَبَيْعِ وَصِيٍّ لِدَيْنٍ أَوْ حَاجَةِ صَغِيرٍ، بَلْ هَذَا أَسْهَل لِجَوَازِ تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ. (وَلَا يُعَمَّرُ وَقْفٌ مِنْ آخَرَ) وَلَوْ عَلَى جِهَتِهِ (وَأَفْتَى) الشَّيْخُ (عُبَادَةَ) مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا (بِجَوَازِ عِمَارَةٍ مِنْ رِيعٍ) وَقْفٍ (آخَرَ عَلَى جِهَتِهِ) قَالَ (الْمُنَقِّحِ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ). وَفِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ قَوِيٌّ، بَلْ عَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا: يَعْنِي ابْنَ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: إنَّ كَلَامَهُ فِي الْفُرُوعِ أَظْهَرُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمَا عَدَا الْمَسْجِدَ مِنْ الْأَوْقَافِ يُبَاعُ بَعْضُهُ لِإِصْلَاحِ مَا بَقِيَ (وَيَجُوزُ نَقْضُ مَنَارَةِ مَسْجِدٍ وَجَعْلُهَا فِي حَائِطِهِ لِتَحْصِينِهِ) نَصًّا مِنْ نَحْوِ كِلَابٍ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ. (وَ) يَجُوزُ (اخْتِصَارُ آنِيَةٍ) مَوْقُوفَةٍ، كَقُدُورٍ وَقِرَبٍ وَنَحْوِهِمَا. إذَا تَعَطَّلَتْ (وَإِنْفَاقُ الْفَضْلِ) مِنْهَا (عَلَى الْإِصْلَاحِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاخْتِصَارُ اُحْتُمِلَ جَعْلُهَا نَوْعًا آخَرَ مِمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْأَوَّلِ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تُبَاعَ وَتُصْرَفَ فِي آنِيَةٍ مِثْلِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَقِبَهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ (و يَبِيعُهُ) أَيْ الْوَقْفَ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ (حَاكِمٌ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ) كَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِعَقْدٍ لَازِمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا، فَتَوَقَّفَ عَلَى الْحَاكِمِ، كَالْفُسُوخِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى سُبُلِ الْخَيْرَاتِ. بَلْ كَانَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ مَنْ يَؤُمُّ أَوْ يُؤَذِّنُ أَوْ يَقُومُ بِهَذَا الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ (فَ) يَبِيعُهُ (نَاظِرٌ خَاصٌّ) إنْ كَانَ (وَالْأَحْوَطُ إذَنْ حَاكِمٌ لَهُ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ عَلَى مَنْ سَيَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ. أَشْبَهَ الْبَيْعَ عَلَى الْغَائِبِ (وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَلِ) لِجِهَةِ الْوَقْفِ (يَصِيرُ وَقْفًا كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ وَ) بَدَلِ (رَهْنٍ أُتْلِفَ) لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ، وَشِرَاءُ الْوَكِيلِ. يَقَعُ لِمُوَكِّلِهِ. فَكَذَا هُنَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْجِهَةِ الْمُشْتَرَى لَهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَقْفًا (وَالِاحْتِيَاطُ وَقْفُهُ) لِئَلَّا يَنْقُضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ لَا يَرَى وَقْفَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ.
تَتِمَّةٌ: [فوائد متفرقة] فِي الْفُنُونِ: لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَيْهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّنَتْ الْآيَةُ لَمْ يَجُزْ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ، كَآيِ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ سُورَةٍ هِيَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِنَصٍّ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ {ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا} قَالَ: وَلِهَذَا حَسَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّة التَّغْيِيرِ فِي إدْخَالِ الْحَجَرِ إلَى الْبَيْتِ، وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا. كَمَا لَا يَجُوزُ ضَرْبُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لَبِنًا فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا وَإِنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْبِنَاءُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا الْمُعَارَضُ فِي زَمَنِهِ لَفَعَلَهُ كَمَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ. وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكُهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَصِيرَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ. (وَفَضْلُ غَلَّةٍ مَوْقُوفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ أَوْ وَلَدِهِ (اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ) بِأَنْ قَالَ: يُعْطِي مِنْ رِيعِهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَرِيعُهُ أَكْثَرُ (يَتَعَيَّنُ إرْصَادُهُ) أَيْ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ رُبَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ بَعْدُ (وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ) الثَّغْرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (صَرَفَ) مَا وَقَفَ عَلَيْهِ (فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَامِهِ) أَيْ الثَّغْرِ (مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ وَنَحْوُهُمَا) كَسِقَايَةٍ. فَإِذَا تَعَذَّرَ الصَّرْفُ فِيهَا صَرَفَ فِي مِثْلِهَا تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ حَسَبَ الْإِمْكَانَ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ (فِي مَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ بِرَصْدٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ الْمَاءُ إلَى الْقَنْطَرَةِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهَا مَا وَقَفَ عَلَيْهَا (وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ رِبَاطًا وَنَحْوَهُ (مِنْ حُصْرِ وَزَيْتٍ وَمَغَلٍّ وَأَنْقَاضٍ وَآلَةٍ) جَدِيدَةٍ (وَثَمَنِهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إنْ بِيعَتْ (يَجُوزُ صَرْفُهُ فِي مِثْلِهِ) فَإِنْ فَضَلَ عَنْ مَسْجِدٍ صُرِفَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى رِبَاطٍ فَفِي رِبَاطٍ. (وَ) يَجُوزُ صَرْفُهُ (إلَى فَقِيرٍ) نَصًّا. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ الْحَجَبِيَّ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِخِلْقَانِ الْكَعْبَةِ. وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ مَالُ اللَّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَصْرِفٌ فَجَازَ صَرْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ صَرْفِهِ فِي مِثْلِهِ وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ وَبِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّ رِيعِهِ الْقَائِمِ بِمَصْلَحَتِهِ قَالَ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ رِيعَهُ يَفْضُلُ عَنْهُ دَائِمًا وَجَبَ صَرْفُهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فَسَادٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إعْطَائِهِ فَرْقَ مَا قَدَّرَهُ لَهُ وَالْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الْفَاضِلِ. (وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ) بِمَسْجِدٍ وَلَوْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلصَّلَاةِ فَتَعْطِيلُهَا عُدْوَانٌ. (وَ) يَحْرُمُ (غَرْسُ شَجَرَةٍ بِمَسْجِدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ حَفَرَ الْبِئْرَ أَوْ غَرَسَ الشَّجَرَةَ (طُمَّتْ) الْبِئْرُ نَصًّا (وَقُلِعَتْ) الشَّجَرَةُ نَصًّا. قَالَ أَحْمَدُ: غُرِسَتْ بِغَيْرِ حَقِّ ظَالِمٍ غَرَسَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ قَلْعُهَا بِوَاحِدٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ لِلْإِمَامِ (فَإِنْ لَمْ تُقْلَعْ) الشَّجَرَةُ وَأَثْمَرَتْ (فَثَمَرَتُهَا لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَقْرَبُ حِلُّهُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَسَاكِينِ (وَإِنْ غُرِسَتْ) الشَّجَرَةُ (قَبْلَ بِنَائِهٍ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَوُقِفَتْ) الشَّجَرَةُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمَسْجِدِ (فَإِنْ عَيَّنَ) الْوَاقِفُ (مَصْرِفَهَا) بِأَنْ قَالَ: تُصْرَفُ ثَمَرَتُهَا فِي حُصْرٍ أَوْ زَيْتٍ وَنَحْوِهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِمَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ (وَإِلَّا) يُعَيَّنْ مَصْرِفُهَا (فَكَ) وَقْفٍ (مُنْقَطِعٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفَهَا (وَيَجُوزُ رَفْعُ مَسْجِدٍ أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ) أَيْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ (ذَلِكَ) أَيْ رَفْعَهُ (وَجَعْلَ سُفْلِهِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ) يُنْتَفَعُ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ و(لَا) يَجُوزُ (نَقْلُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ إلَى مَكَان غَيْرِ مَكَانَهُ الْأَوَّلِ وَلَوْ خَرِبَ (مَعَ إمْكَانَ عِمَارَتِهِ) وَلَوْ (دُونَ) الْعِمَارَةِ (الْأُولَى) بِحَسَبِ النَّمَاءِ. قَالَهُ فِي الْفُنُونِ. وَغَلِطَ جَمَاعَةٌ أَفْتَوْا بِخِلَافِهِ. وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمَسْجِدِ وَلَا مِحْرَابِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. وَمَنْ جَعَلَ سُفْلَ بَيْتِهِ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِسَطْحِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا. وَأَنَّهُ جَعَلَ السَّطْحَ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِأَسْفَلِهِ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سُفْلٍ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْرُجُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ وَاقِفِي الْمَسَاجِدِ مِنْ الْبُيُوتِ. الَّتِي بِجَوَانِبِهِ، وَبَعْضُهَا عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمَهُ.
|