الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
جَائِزٌ إجْمَاعًا فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الزَّعِيمُ غَارِمٌ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّمِّ أَوْ مِنْ التَّضَمُّنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ أَوْ مِنْ الضِّمْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ فِي ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ وَثِيقَةٍ وَشَرْعًا (الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَفِيهٍ؛ لِأَنَّهُ إيجَابُ مَالٍ بِعَقْدٍ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُمْ كَالشِّرَاءِ. وَإِذَا قَالَ ضَامِنٌ: كُنْتُ حِينَ الضَّمَانِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَنْكَرَهُ مَضْمُونٌ لَهُ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ وَلَوْ عُرِفَ لِضَامِنٍ حَالُ جُنُونٍ (أَوْ) الْتِزَامُ (مُفْلِسٍ)؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ كَالرَّاهِنِ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ الرَّهْنِ (أَوْ) الْتِزَامُ (قِنٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا)؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّهِ، فَإِذَا أَذِنَهُمَا انْفَكَّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْهُمَا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا، إذْ الضَّمَانُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ مَالٍ كَالنِّكَاحِ (وَيُؤْخَذُ) مَا ضَمِنَ فِيهِ مُكَاتَبٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِمَّا بِيَدِ مُكَاتَبٍ) كَثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ وَنَحْوِهِ (وَ) يُؤْخَذُ (مَا ضَمِنَهُ قِنٌّ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِنْ سَيِّدِهِ) لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ فَإِنْ أَذِنَهُ فِي الضَّمَانِ لِيَقْضِيَ مِمَّا بِيَدِهِ صَحَّ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ جَانٍ. وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ حُرٌّ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا ضَمِنَهُ مِنْ مَالٍ عَيَّنَهُ وَمَا ضَمِنَهُ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ مِنْ ثُلُثِهِ (مَا) مَفْعُولُ الْتِزَامٍ أَيْ مَالًا (وَجَبَ عَلَى آخَرَ) كَثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ (مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ مَا وَجَبَ عَلَى مَضْمُونِهِ عَنْهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالضَّمَانِ، لِحَدِيثِ {نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ} وَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ " الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ " حِينَ أَخْبَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ (أَوْ) مَا (يَجِبُ) عَلَى آخَرَ كَجُعْلٍ عَلَى عَمَلٍ لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ إذَا عَمِلَ الْعَمَلَ (غَيْرَ جِزْيَةٍ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا وَجَبَ وَفِيمَا يَجِبُ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا وَلَا قَبْلَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ لِفَوَاتِ الصَّغَارِ عَنْ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ الضَّامِنِ. وَيَحْصُلُ الِالْتِزَامُ (بِلَفْظِ) أَنَا (ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ وَقَبِيلٌ وَحَمِيلٌ وَصَبِيرٌ وَزَعِيمٌ وَ) بِلَفْظِ (ضَمِنْتُ دَيْنَكَ أَوْ تَحَمَّلْتُهُ وَنَحْوَهُ) كَعِنْدِي أَوْ عَلَيَّ مَا لَك عِنْدَهُ، وَكَبِعْهُ أَوْ زَوِّجْهُ وَعَلَيَّ الثَّمَنُ أَوْ الْمَهْرُ لِأُؤَدِّيَ أَوْ أُحْضِرَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اضْمَنْ أَوْ اُكْفُلْ عَنْ فُلَانٍ فَفَعَلَ لَزِمَ الْمُبَاشِرَ دُونَ الْآمِرِ (وَ) يَصِحُّ (بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ لَا بِكِتَابَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا أَنَّهُ قَصَدَ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ وَمَنْ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ (وَلِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ) أَيْ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِمَا (وَ) لَهُ مُطَالَبَتُهُمَا (مَعًا) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: الْتَزَمْتُ أَوْ تَكَفَّلْتُ بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ (فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ) لِمَا سَبَقَ فَإِنْ قِيلَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَشْغَلُ مَحِلَّيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ إشْغَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعَلُّقِ وَالِاسْتِيثَاقِ كَتَعَلُّقِ دَيْنِ الرَّهْنِ بِهِ وَبِذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَإِذَا أَحَالَ) رَبُّ الْحَقِّ عَلَى مَضْمُونٍ أَوْ رَاهِنٍ (أَوْ أُحِيلَ) رَبُّ الْحَقِّ بِدَيْنِهِ الْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ (أَوْ زَالَ عَقْدٌ) وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ بِتَقَايُلٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَرِئَ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ وَبَطَلَ رَهْنٌ)؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالتَّسْلِيمِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ و(لَا) يَبْرَأُ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ وَلَا يَبْطُلُ رَهْنٌ (إنْ وُرِثَ) الْحَقُّ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِلْمَيِّتِ فَتُورَثُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ (لَوْ أَحَالَ رَبُّ دَيْنٍ عَلَى اثْنَيْنِ) - مَدِينَيْنِ لَهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ضَامِنٌ الْآخَرَ - ثَالِثًا لِيَقْبِضَ) الْمُحْتَالُ (مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ)؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ هُنَا فِي نَوْعٍ وَلَا أَجَلٍ وَلَا عَدَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ اسْتِيثَاقٍ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا الْآخَرَ وَأَحَالَهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِنْ أَحَالَهُ فِي الْأُولَى عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ صَحَّ لِاسْتِقْرَارِ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. وَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ الَّذِي لَمْ يُحَلْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحِيلِ لِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يُطَالِبُ الْآخَرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ كَمَا فِي ضَامِنِ الضَّامِنِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَأَطَالَ وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ لَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الضَّمَانِ: أَنَّهُ إنْ قَالَ ضَمِنْتُ مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَضْمُونَ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاقٍ، وَإِنْ عَيَّنَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ انْتَهَى. وَإِنْ أَحَالَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنُ الْآخَرِ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا مَعًا كَمَا لَوْ قَضَاهُ (وَإِنْ بَرِئَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (مِنْ الْكُلِّ) بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصَالَةً وَضَمَانًا و(بَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ أَصَالَةً)؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَمْ يُصَادِفْهُ وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَالَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ (وَإِنْ بَرِئَ مَدْيُونٌ) بِوَفَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ (بَرِئَ ضَامِنُهُ)؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتْ الْوَثِيقَةُ كَالرَّهْنِ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَبْرَأُ مَدِينٌ بِبَرَاءَةِ ضَامِنِهِ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ. إنْ تَعَدَّدَ ضَامِنٌ، لَمْ يَبْرَأْ أَحَدُهُمْ بِإِبْرَاءِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ وَيَبْرَءُونَ بِإِبْرَاءِ مَضْمُونٍ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُ الضَّامِنِينَ الْآخَرَ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ بِضَمَانِهِ الْأَصْلَ فَهُوَ أَصْلٌ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا، بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهَا بِبَدَنِهِ لَا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لِأَمْنِ إحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ (وَلَوْ لَحِقَ ضَامِنٌ بِدَارِ حَرْبٍ مُرْتَدًّا أَوْ) كَانَ كَافِرًا (أَصْلِيًّا) فَضَمِنَ وَلَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَالدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ (وَإِنْ قَالَ رَبُّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ: بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ) الدَّيْنَ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِفِعْلِ الضَّامِنِ، وَالْبَرَاءَةُ لَا تَكُونُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إلَّا بِأَدَائِهِ و(لَا) يَكُونُ قَوْلُهُ لَهُ (أَبْرَأْتُكَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ) إقْرَارًا بِقَبْضِهِ أَمَّا فِي أَبْرَأْتُكَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي بَرِئْتَ مِنْهُ فَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ قَدْ تُضَافُ إلَى مَا لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ مِنْهُ ك بَرِئَتْ ذِمَّتُكَ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْبَرَاءَةُ بِفِعْلِ الضَّامِنِ أَوْ الْمَضْمُونِ لَهُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ (وَ) قَوْلُ رَبِّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ (وَهَبْتُكَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ (فَيَرْجِعُ) بِهِ (عَلَى مَضْمُونٍ) عَنْهُ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ عَنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهُ (وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ مَضْمُونٌ لَهُ) بَرِئَ مَضْمُونٌ عَنْهُ كَضَامِنِهِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْخَمْرِ بَطَلَتْ فِي حَقِّهِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْمُطَالَبَةَ بِهَا (أَوْ) أَسْلَمَ مَضْمُونٌ (عَنْهُ بَرِئَ) الْمَضْمُونُ عَنْهُ (كَضَامِنِهِ)؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا وَلَا يَجُوزُ وُجُوبُ الْخَمْرِ عَلَى مُسْلِمٍ وَالضَّامِنُ فَرْعُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ ضَامِنٌ) فِي خَمْرٍ وَحْدَهُ (بَرِئَ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَلَبُ مُسْلِمٍ بِخَمْرٍ (وَحْدَهُ)؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، فَلَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ بِبَرَاءَتِهِ (وَيُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ ضَمَانٍ (رِضَا ضَامِنٍ)؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ بِالْتِزَامِ الْحَقِّ فَاعْتُبِرَ لَهُ الرِّضَا كَالتَّبَرُّعِ بِالْأَعْيَانِ و(لَا) يُعْتَبَرُ رِضَا (مَنْ ضُمِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ ضَمِنَ الْمَيِّتَ فِي الدِّينَارَيْنِ وَأَقَرَّهُ الشَّارِعُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِصِحَّةِ قَضَاءِ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَوْلَى ضَمَانُهُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا (مَنْ ضُمِنَ لَهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَا يُعْتَبَرُ لَهَا قَبْضٌ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَهَا رِضًا كَالشَّهَادَةِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ لِضَامِنٍ (أَنْ يُعَرِّفَهُمَا) أَيْ الْمَضْمُونَ لَهُ وَالْمَضْمُونَ عَنْهُ (ضَامِنٌ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا فَكَذَا مَعْرِفَتُهُمَا (وَلَا) يُعْتَبَرُ (الْعِلْمُ) مِنْ الضَّامِنِ (بِالْحَقِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ. (وَلَا) يُعْتَبَرُ (وُجُوبُهُ) أَيْ الْحَقِّ (إنْ آلَ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعِلْمِ بِهِ وَإِلَى الْوُجُوبِ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّ حِمْلَ الْبَعِيرِ فِيهِمَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ، فَإِنْ قِيلَ: الضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَضْمُونِ حَقٌّ فَلَا ضَمَّ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا كَافٍ (فَيَصِحُّ ضَمِنْتُ لِزَيْدٍ مَا عَلَى بَكْرٍ) وَإِنْ جَهِلَهُ الضَّامِنُ (أَوْ) أَيْ وَيَصِحُّ ضَمِنْت لِزَيْدٍ (مَا يُدَايِنُهُ) بَكْرٌ أَوْ مَا يُقِرُّ لَهُ بِهِ أَوْ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَهُ) أَيْ ضَامِنٍ مَا لَمْ يَجِبْ (إبْطَالُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْوُجُوبِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ ضَامِنٍ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّمَانِ مَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ (ضَمَانُ السُّوقِ وَهُوَ) أَيْ ضَمَانُ السُّوقِ (أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ مَا يَقْبِضُهُ) أَيْ التَّاجِرُ (مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) كَمَقْبُوضٍ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ وَإِنْ قَالَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَعَلَيَّ وَلَا قَرِينَةَ، فَهُوَ لِمَا وَجَبَ مَاضِيًّا، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَصَوَّبَ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَمَعْنَاهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ مَا صَحَّ أَخَذَ رَهْنٍ بِهِ) مِنْ دَيْنٍ وَعَيْنٍ لَا عَكْسِهِ، لِصِحَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ دُونَ أَخْذِ الرَّهْنِ بِهَا (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (دَيْنِ ضَامِنٍ) بِأَنْ يَضْمَنَهُ ضَامِنٌ آخَرَ وَكَذَا ضَامِنُ الضَّامِنِ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَازِمٌ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَصَحَّ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ الْجَمِيعِ، أَيُّهُمْ قَضَاهُ بَرِئُوا وَإِنْ بَرِئَ الْمَدِينُ بَرِئَ الْكُلُّ وَإِنْ أَبْرَأَ مَضْمُونٌ لَهُ أَحَدَهُمْ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا مَنْ قَبْلَهُ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ (مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ {إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَقَالُوا نَعَمْ دِينَارَانِ قَالَ هَلْ تَرَكَ لَهُمْ وَفَاءً؟ قَالُوا لَا فَتَأَخَّرَ، فَقَالُوا لِمَ لَا تُصَلِّ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ. أَلَا قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ؟ فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَبْلَ قَضَاءِ دَيْنِهِ) نَصًّا لِحَدِيثِ {نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ} وَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَبُو قَتَادَةَ بِوَفَاءِ الدِّينَارَيْنِ قَالَ " الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ أَشْبَهَ الرَّهْنَ وَكَالْحَيِّ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ (مُفْلِسٍ مَجْنُونٍ) لِعُمُومِ {الزَّعِيمُ غَارِمٌ} وَكَالْمَيِّتِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ إذَا مَاتَ لَمْ يُطَالَبْ فِي الدَّارَيْنِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ لَا يُسْقِطُهُ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (نَقْصِ صَنْجَةٍ أَوْ) نَقْصِ (كَيْلٍ) أَيْ مِكْيَالٍ فِي بَذْلِ وَاجِبٍ أَوْ مَا آلَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ دَيْنَ سَلَمٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ بَاذِلٍ، فَصَحَّ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ ضَمَانٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ فَصَحَّ، كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ (وَيَرْجِعُ) قَابِضٌ (بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ) فِي قَدْرِ نَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا ادَّعَاهُ بَاذِلٌ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اشْتِغَالِ ذِمَّةِ بَاذِلٍ، وَلِرَبِّ الْحَقِّ طَلَبُ ضَامِنٍ بِهِ لِلُزُومِهِ مَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (عُهْدَةِ مَبِيعٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْوَثِيقَةِ، وَالْوَثَائِقُ ثَلَاثَةٌ: الشَّهَادَةُ وَالرَّهْنُ وَالضَّمَانُ، وَالشَّهَادَةُ لَا يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْحَقُّ، وَالرَّهْنُ لَا يَجُوزُ فِيهِ إجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الضَّمَانُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ لَامْتَنَعَتْ الْمُعَامَلَاتُ مَعَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَأَلْفَاظُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ دَرَكَهُ، أَوْ يَقُولُ لِمُشْتَرٍ: ضَمِنْتُ خَلَاصَكَ مِنْهُ، أَوْ مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَقَدْ ضَمِنْتُ لَك الثَّمَنَ وَعُهْدَةُ الْمَبِيعِ لُغَةً: الصَّكُّ يُكْتَبُ فِيهِ الِابْتِيَاعُ. وَاصْطِلَاحًا ضَمَانُ الثَّمَنِ (عَنْ بَائِعٍ لِمُشْتَرٍ بِأَنْ يَضْمَنَ) الضَّامِنُ (عَنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الثَّمَنَ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ يَئُولَ إلَى الْوُجُوبِ (إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ) أَيْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِ بَائِعٍ (أَوْ رُدَّ) الْمَبِيعُ عَلَى بَائِعٍ (بِعَيْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) يَضْمَنَ (أَرْشَهُ) إنْ اخْتَارَ مُشْتَرٍ إمْسَاكًا مَعَ عَيْبٍ (وَ) يَكُونُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ (عَنْ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ بِأَنْ يَضْمَنَ) الضَّامِنُ (الثَّمَنَ الْوَاجِبَ) فِي الْبَيْعِ (قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (عَيْبٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) أَيْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَضَمَانُ الْعُهْدَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (وَلَوْ بَنَى مُشْتَرٍ) فِي مَبِيعٍ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا (فَهَدَمَهُ مُسْتَحِقٌّ فَالْأَنْقَاضُ لِمُشْتَرٍ)؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا (وَيَرْجِعُ) مُشْتَرٍ (بِقِيمَةِ تَالِفٍ) مِنْ ثَمَنِ مَاءٍ وَرَمَادٍ وَطِينٍ وَنَوْرَةٍ وَجِصٍّ وَنَحْوِهِ (عَلَى بَائِعٍ)؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَكَذَا أُجْرَةُ مَبِيعٍ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (وَيَدْخُلُ) ذَلِكَ (فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ) فَلِمُشْتَرٍ رُجُوعٌ بِهِ عَلَى ضَامِنِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَرَكِ الْمَبِيعِ (وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَغَصْبٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَقْبُوضٍ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الضَّمَانِ (فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسَوْمٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ يَضْمَنُهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لَوْ تَلِفَتْ، فَصَحَّ ضَمَانُهَا كَعُهْدَةِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَقْبُوضَ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ (إنْ سَاوَمَهُ وَقَطَعَ ثَمَنَهُ) أَوْ أُجْرَتَهُ (أَوْ سَاوَمَهُ فَقَطْ) بِلَا قَطْعِ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضَوْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ) فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ، لَكِنْ فِي الْإِجَارَةِ يَنْبَغِي ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ لَا الْعَيْنِ، إذْ فَاسِدُ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا كَمَا يَأْتِي. وَ (لَا) ضَمَانَ عَلَى آخِذِهِ (إنْ أَخَذَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ (بِلَا مُسَاوَمَةٍ وَلَا قَطْعِ ثَمَنٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا سَوْمَ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَمَعْنَى ضَمَانِ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ ضَمَانُ اسْتِنْقَاذِهِ وَالْتِزَامُ تَحْصِيلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ فَهُوَ كَعُهْدَةِ الْمَبِيعِ (وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (بَعْضِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ مِنْ دَيْنٍ) لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ أَحَدٌ دَيْنَهُ (وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (دَيْنِ كِتَابَةٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَئُولَ لِلْوُجُوبِ (وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا) كَعَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ وَمَالِ شَرِكَةٍ وَعَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ بِيَدِ وَكِيلٍ فِي بَيْعِ أَوْ شِرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَكَذَا عَلَى ضَامِنِهِ (إلَّا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهَا) فَيَصِحَّ ضَمَانُهَا؛ لِأَنَّهَا مَعَ التَّعَدِّي مَضْمُونَةٌ كَالْغَصْبِ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّلَّالِينَ فِيمَا يُعْطُونَهُ لِبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ تَعَدِّيَهُمْ فِيهِ أَوْ هَرَبَهُمْ بِهِ وَنَحْوَهُ (وَمَنْ بَاعَ) شَيْئًا (بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيْدٍ) لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ زَيْدٍ مِنْ ضَمَانِ دَرَكِهِ يَدُلُّ عَلَى حَقٍّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا (ثُمَّ إنْ دَرَكَهُ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَعُدْ) الْبَيْعُ (صَحِيحًا)؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا (وَإِنْ شُرِطَ خِيَارٌ فِي ضَمَانٍ أَوْ) فِي (كَفَالَةٍ) بِأَنْ قَالَ: أَنَا ضَمِينٌ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا (فَسَدَ) أَيْ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ لِمُنَافَاتِهِ لَهُمْ (وَيَصِحُّ) قَوْلُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ لِمِثْلِهِ (أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ) لِصِحَّةِ ضَمَانِ مَا لَمْ يَجِبْ فَيَضْمَنُهُ الْقَائِلُ وَإِنْ قَالَ أَلْقِهِ وَأَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضُمَنَاءُ لَهُ فَفَعَلَ ضَمِنَ قَائِلٌ وَحْدَهُ بِالْحِصَّةِ وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنَّا ضَامِنٌ لَك مَتَاعَك أَوْ قِيمَتَهُ لَزِمَ قَائِلًا ضَمَانُ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ سَمِعَ الْبَاقُونَ فَسَكَتُوا، أَوْ قَالُوا لَا نَفْعَلْ، أَوْ لَمْ يَسْمَعُوا وَإِنْ ضَمِنَهُ الْجَمِيعُ فَالْغُرْمُ عَلَى عَدَدِهِمْ كَضَمَانِهِمْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيَجِبُ إلْقَاءُ مَتَاعٍ إنْ خِيفَ تَلَفُ مَعْصُومٍ بِسَبَبِهِ فَإِنْ أَلْقَى بَعْضُهُمْ مَتَاعَهُ فِي الْبَحْرِ لِتَخِفَّ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ وَكَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ أَلْقِ مَتَاعَكَ فَأَلْقَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى إلْقَائِهِ وَلَا ضَمِنَهُ لَهُ وَإِنْ أَلْقَى مَتَاعَ غَيْرِهِ إذَنْ لِيُخَفِّفَهَا ضَمِنَهُ وَإِنْ سَقَطَ عَلَيْهِ مَتَاعُ غَيْرِهِ فَخَشِيَ أَنْ يُهْلِكَهُ فَدَفَعَهُ فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَضْمَنْهُ.
وَإِنْ قَضَاهُ أَيْ الدَّيْنَ ضَامِنٌ أَوْ أَحَالَ ضَامِنٌ رَبَّ دَيْنٍ (بِهِ وَلَمْ يَنْوِ) ضَامِنٌ (رُجُوعًا) عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمَا قَضَاهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ عَنْهُ (لَمْ يَرْجِعْ)؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ سَوَاءٌ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا (وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ الرُّجُوعَ ضَامِنٌ (رَجَعَ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ) سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ أَوْ الْقَضَاءُ أَوْ الْحَوَالَةُ بِإِذْنِ مَضْمُونٍ عَنْهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ مُبْرِئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَالْحَاكِمِ إذَا قَضَاهُ عَنْهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ. (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) مَضْمُونٌ عَنْهُ (فِي ضَمَانٍ وَلَا قَضَاءٍ) لِمَا سَبَقَ وَأَمَّا قَضَاءُ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ عَنْ الْمَيِّتِ فَكَانَ تَبَرُّعًا لِقَصْدِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، وَالْكَلَامُ فِيمَنْ نَوَى الرُّجُوعَ لَا مِنْ تَبَرُّعٍ وَحَيْثُ رَجَعَ ضَامِنٌ فَ (بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى) ضَامِنٌ (وَلَوْ) كَانَ مَا قَضَاهُ بِهِ (قِيمَةَ عَرَضٍ عَوَّضَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ) فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةً وَوَفَّاهُ عَنْهُ ثَمَانِيَةً أَوْ عَوَّضَهُ عَنْهُ عَرَضًا قِيمَتَهُ ثَمَانِيَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ رَجَعَ بِالثَّمَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ أَقَلَّ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدَّيْنَ فَالزَّائِدُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمَضْمُونِ فَالضَّامِنُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ. (وَكَذَا) فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ (كَفِيلٌ وَكُلُّ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنًا وَاجِبًا) فَيَرْجِعُ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَإِلَّا فَلَا و(لَا) يَرْجِعُ مُؤَدٍّ عَنْ غَيْرِهِ (زَكَاةً وَنَحْوَهَا) مِمَّا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ كَكَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجْزِي بِغَيْرِ نِيَّةٍ مِمَّنْ هِيَ عَلَيْهِ (لَكِنْ يَرْجِعُ ضَامِنُ الضَّامِنِ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّامِنِ لِلْأَصِيلِ (وَهُوَ) أَيْ الضَّامِنُ لِلْأَصِيلِ يَرْجِعُ (عَلَى الْأَصِيلِ) الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَإِنْ أَحَالَ رَبَّ الدَّيْنِ بِهِ عَلَى الضَّامِنِ تَوَجَّهَ أَنْ يُقَالَ: لِلضَّامِنِ طَلَبُ مَضْمُونٍ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ فَإِنْ مَاتَ الضَّامِنُ قَبْلَ أَدَاءِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً وَطَالَبَ الْمُحْتَالُ وَرَثَتَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ الْأَصِيلِ وَيَدْفَعُوا وَلَهُمْ الدَّفْعُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِعَدَمِ لُزُومِ الدَّيْنِ لَهُمْ، فَيَرْفَعُ الْمُحْتَالُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْأَصِيلِ وَيَدْفَعَ لِلْمُحْتَالِ، وَكَذَا إذَا أَدَّى ضَامِنُ الضَّامِنِ وَمَاتَ الضَّامِنُ قَبْلَ أَدَائِهِ إلَى ضَامِنِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا ذَكَرَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ بَحْثًا (وَإِنْ أَنْكَرَ مَقْضِيٌّ الْقَضَاءَ) أَيْ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَهُ مِنْ نَحْوِ ضَامِنٍ (وَحَلَفَ) رَبُّ الْحَقِّ (لَمْ يَرْجِعْ) مُدَّعِي الْقَضَاءِ (عَلَى مَدِينٍ) لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ بِهَذَا الْقَضَاءِ (وَلَوْ صَدَّقَهُ) مَدِينٌ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ لِتَفْرِيطِ الضَّامِنِ وَنَحْوِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَتَكْذِيبِهِ (إلَّا إنْ ثَبَتَ) الْقَضَاءُ (بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَضَرَهُ) أَيْ الْقَضَاءَ مَضْمُونٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ (أَوْ أَشْهَدَ) دَافِعُ الدَّيْنِ (وَمَاتَ) شُهُودُهُ (أَوْ غَابَ شُهُودُهُ وَصَدَّقَهُ) أَيْ الدَّافِعَ مَدِينٌ عَلَى حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَةِ شُهُودِهِ أَوْ مَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَلَيْسَ الْمَوْتُ أَوْ الْغَيْبَةُ مِنْ فِعْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مَدِينٌ عَلَى أَنَّهُ حَضَرَ، أَوْ أَنَّهُ أَشْهَدَ مَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَقَوْلُ مَدِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ، وَمَتَى أَنْكَرَ مَقْضِيٌّ الْقَضَاءَ وَحَلَفَ وَرَجَعَ فَاسْتَوْفَى مِنْ الضَّامِنِ ثَانِيَةً رَجَعَ عَلَى مَضْمُونٍ بِمَا قَضَاهُ عَنْهُ ثَانِيًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِهِ ظَاهِرًا (وَإِنْ اعْتَرَفَ) مَضْمُونٌ لَهُ بِالْقَضَاءِ (وَأَنْكَرَ مَضْمُونٌ عَنْهُ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ) لِاعْتِرَافِ رَبِّ الْحَقِّ بِأَنَّ الَّذِي لَهُ صَارَ لِلضَّامِنِ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ (وَمَنْ أَرْسَلَ آخَرَ إلَى مَنْ لَهُ) أَيْ الْمُرْسِلِ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (مَالٌ لِأَخْذِ دِينَارٍ) مِنْ الْمَالِ (فَأَخَذَ) الرَّسُولُ مِنْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ (مُرْسِلٌ)؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لِلرَّسُولِ (وَرَجَعَ) مُرْسِلٌ (بِهِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ (عَلَى رَسُولِهِ) لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ. وَفِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ يَضْمَنُهُ بَاعِثٌ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا) نَصًّا لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَلِأَنَّهُ مَالٌ لَزِمَ مُؤَجَّلًا بِعَقْدٍ، فَكَانَ كَمَا الْتَزَمَهُ كَالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَالْحَقُّ يَتَأَجَّلُ فِي ابْتِدَاء ثُبُوتِهِ إذَا كَانَ ثُبُوتُهُ بِعَقْدٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الضَّامِنِ حَالًّا وَتَأَجَّلَ وَيَجُوزُ تَخَالُفُ مَا فِي الذِّمَّتَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ وَضَمِنَهُ إلَى شَهْرَيْنِ لَمْ يُطَالِبْ قَبْلَ مُضِيِّهِمَا (وَإِنْ ضَمِنَ) الدَّيْنَ (الْمُؤَجَّلَ حَالًّا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَدَاؤُهُ (قَبْلَ أَجَلِهِ)؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَا لَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ الْمَضْمُونَ لَوْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ تَعْجِيلَ الْمُؤَجَّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُهُ (وَإِنْ عَجَّلَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّلَ ضَامِنٌ (لَمْ يَرْجِعْ) ضَامِنٌ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ (حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ)؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ تَأْجِيلِهِ، وَإِنْ أَذِنَهُ مَضْمُونٌ عَنْهُ بِتَعْجِيلِهِ فَفَعَلَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ (وَلَا يَحِلُّ) دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ بِمَوْتِ مَضْمُونٍ عَنْهُ (وَلَا) بِمَوْتِ (ضَامِنٍ)؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَمَحِلُّهُ إنْ وَثِقَ الْوَرَثَةُ، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ (وَمَنْ ضَمِنَ أَوْ كَفَلَ) شَخْصًا (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ (حَقٌّ) لِلْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ (صُدِّقَ خَصْمُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ لِادِّعَائِهِ الصِّحَّةَ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ مَضْمُونٌ أَوْ مَكْفُولٌ لَهُ قَضَى عَلَيْهِ بِبَرَاءَةِ الضَّمِينِ وَالْأَصِيلِ.
وَهِيَ لُغَةً مَصْدَرُ كَفَلَ بِمَعْنَى الْتَزَمَ وَشَرْعًا (الْتِزَامُ رَشِيدٍ إحْضَارَ مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ (حَقٌّ مَالِيٌّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (إلَى رَبِّهِ) أَيْ الْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِإِحْضَارٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا لِعُمُومِ حَدِيثِ {الزَّعِيمُ غَارِمٌ} وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الِاسْتِيثَاقِ بِضَمَانِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَمْتَنِعُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِ فَلَوْ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعَطُّلِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا (وَتَنْعَقِدُ) الْكَفَالَةُ (بِمَا) أَيْ لَفْظٍ (يَنْعَقِدُ بِهِ ضَمَانٌ)؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ، فَانْعَقَدَتْ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ قُلْتُ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّتُهَا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الضَّمَانُ وَصِحَّتُهَا بِبَدَنِ مَنْ يَصِحُّ ضَمَانُهُ (وَإِنْ ضَمِنَ) رَشِيدٌ (مَعْرِفَتَهُ) أَيْ لَوْ جَاءَ يَسْتَدِينُ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ: أَنَا لَا أَعْرِفُكَ فَلَا أُعْطِكَ، فَضَمِنَ آخَرُ مَعْرِفَتَهُ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُدَايِنَهُ فَدَايَنَهُ وَغَابَ مُسْتَدِينٌ أَوْ تَوَارَى (أُخِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ضَامِنُ الْمَعْرِفَةِ (بِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِينِ نَصًّا كَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْتُ لَك حُضُورَهُ مَتَى أَرَدْتَ؛ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ وَلَا يُمْكِنُكَ إحْضَارُ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: كَفَلْتُ بِبَدَنِهِ فَيُطَالَبُ بِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ مَعَ حَيَاتِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ لِمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ لَهُ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ رَبُّ الْمَالِ اسْمَهُ وَمَكَانَهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ كُلَّ وَقْتٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا أَلْفًا فَفَعَلَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَفَالَةً وَلَا ضَمَانًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ أَعْطِهِ عَنِّي (وَتَصِحُّ) كَفَالَةٌ (بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ مَضْمُونَةٌ) كَعَارِيَّةِ وَغَصْبٍ (أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) كَالضَّمَانِ، فَتَصِحُّ بِبَدَنِ كُلِّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَلَوْ مَالًا فَتَصِحُّ بِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِالْإِتْلَافِ وَبِبَدَنِ مَحْبُوسٍ غَائِبٍ (وَلَا) تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ (حَدٌّ) لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ} وَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِسْقَاطِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَلَا يَدْخُلُهُ الِاسْتِيثَاقُ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَانِي. (أَوْ) عَلَيْهِ (قِصَاصٌ) فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِّ (وَلَا بِزَوْجَةٍ) لِزَوْجِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِيَّةِ لَهُ عَلَيْهَا (وَ) لَا ب (شَاهِدٍ)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ وَلَا بِمُكَاتَبٍ لِدَيْنِ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ لَا يَلْزَمُهُ، إذْ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ (وَلَا إلَى أَجَلٍ أَوْ شَخْصٍ مَجْهُولَيْنِ) أَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَلِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ فِيهِ، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا بِشَخْصٍ مَجْهُولٍ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِخِلَافِ ضَمَانِ دَيْنٍ مَجْهُولٍ يَئُولَ إلَى الْعِلْمِ (وَلَوْ فِي ضَمَانٍ) بِأَنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إلَى نُزُولِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَالَ ضَمِنْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ، فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَفَلَ) رَشِيدٌ (بِجُزْءٍ شَائِعٍ) كَثُلُثِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَوْ رُبْعِهِ (أَوْ) كَفَلَ ب (عُضْوٍ) مِنْهُ ظَاهِرٍ كَرَأْسِهِ وَيَدِهِ أَوْ بَاطِنٍ كَقَلْبِهِ وَكَبِدِهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَّا بِإِحْضَارِ الْكُلِّ (أَوْ) تَكَفَّلَ (بِشَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِهِ) أَيْ الْكَفِيلِ فَقَدْ بَرِئَ (وَإِلَّا) يَجِئْ بِهِ (فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ) مُعَيَّنٍ (أَوْ) فَهُوَ (ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ، صَحَّ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى شَرْطٍ كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ (أَوْ) قَالَ (إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ شَهْرًا صَحَّ) لِجَمْعِهِ تَعْلِيقًا وَتَوْقِيتًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (وَيَبْرَأُ) مَنْ كَفَلَ شَهْرًا أَوْ نَحْوه (إنْ لَمْ يُطَالِبْهُ) مَكْفُولٌ لَهُ بِإِحْضَارِهِ (فِيهِ) أَيْ الشَّهْرِ وَنَحْوه؛ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّهِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا وَأَمَّا تَوْقِيتُ الضَّمَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَإِنْ قَالَ) رَشِيدٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ (أَبْرِئْ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ فَسَدَ الشَّرْطُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَبْرِئْ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: كَفَلْت لَك هَذَا الْمَدِينُ عَلَى أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ الْكَفَالَةِ بِفُلَانٍ، أَوْ ضَمِنْتُ لَك هَذَا الدَّيْنَ بِشَرْطِ أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ ضَمَانِ الدَّيْنِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ فَسْخِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ فَسْخِ بَيْعٍ آخَرَ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ فِي كَفَالَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَنْ يَتَكَفَّلَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ بِهِ بِآخَرَ، أَوْ يَضْمَنَ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ أَوْ يُؤَجِّرَهُ دَارِهِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ كَفَالَةٍ (رِضَا كَفِيلٍ لَا مَكْفُولٍ بِهِ) وَلَا مَكْفُولٍ لَهُ كَضَمَانٍ (وَمَتَى سَلَّمَهُ) أَيْ سَلَّمَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ لِمَكْفُولٍ لَهُ (بِمَحِلِّ عَقْدٍ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ) أَيْ أَجَلُ الْكَفَالَةِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُؤَجَّلَةً بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فَبَرِئَ مِنْهُ بِعَمَلِهِ كَالْإِجَارَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا فَإِنْ سَلَّمَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ الْعَقْدِ أَوْ غَيْرِ مَوْضِعِ شَرْطِهِ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِ الْحُجَّةِ فِيهِ لِنَحْوِ غَيْبَةِ شُهُودِهِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ سَلَّمَهُ وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ. (وَلَا ضَرَرَ) عَلَى مَكْفُولٍ لَهُ (فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ بَرِئَ كَفِيلٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا بِتَعَجُّلِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَغَيْبَةِ حُجَّتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ لَا يُمْكِنُ اقْتِضَاؤُهُ مِنْهُ وَنَحْوُهُ - لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ (وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (يَدٌ حَائِلَةٌ) بَيْنَ رَبِّ الْحَقِّ وَالْمَكْفُولِ (ظَالِمَةٌ) فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ كَلَا تَسْلِيمٍ (أَوْ سَلَّمَ) مَكْفُولٌ (نَفْسَهُ) لِرَبِّ الْحَقِّ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَضَى مَضْمُونٌ عَنْهُ الدَّيْنَ (أَوْ مَاتَ) الْمَكْفُولُ بَرِئَ كَفِيلٌ لِسُقُوطِ الْحُضُورِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) الْمَضْمُونَةُ الَّتِي تَكَفَّلَ بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ (بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ طَلَبٍ بَرِئَ كَفِيلٌ)؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ الْمَكْفُولِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَلَفِهَا بَعْدَ طَلَبِهِ بِهَا وَلَا بِتَلَفِهَا بِفِعْلِ آدَمِيٍّ وَلَا بِغَصْبِهَا، وَلَوْ قَالَ كَفِيلٌ: إنْ عَجَزْتُ عَنْ إحْضَارِهِ أَوْ مَتَى عَجَزْتُ عَنْ إحْضَارِهِ كَانَ عَلَيَّ الْقِيَامُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَا يَبْرَأُ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ وَيَلْزَمُهُ مَا عَلَيْهِ و(لَا) يَبْرَأُ كَفِيلٌ (إنْ مَاتَ هُوَ) أَيْ الْكَفِيلُ (أَوْ) مَاتَ (مَكْفُولٌ لَهُ)؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَحَدُ نَوْعَيْ الضَّمَانِ، فَلَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ كَفِيلٍ وَلَا مَكْفُولٍ لَهُ كَضَمَانِ الْمَالِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ عَلَى الْكَفِيلِ (مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ بِأَنْ تَوَارَى (أَوْ غَابَ) عَنْ الْبَلَدِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ وَعُلِمَ خَبَرُهُ. (وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ) كَفِيلٌ (رَدَّهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ (فِيهِ أَوْ) مَضَى زَمَنٌ (عَيَّنَهُ) كَفِيلٌ (لِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ، بِأَنْ قَالَ: كَفَلْتُهُ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ لَك غَدًا، فَمَضَى الْغَدُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ أَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ لَا يُعْلَمُ فِيهَا خَبَرُهُ (ضَمِنَ) الْكَفِيلُ (مَا عَلَيْهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ نَصًّا، لِعُمُومِ حَدِيثِ {الزَّعِيمُ غَارِمٌ} وَلِأَنَّهَا أَحَدُ نَوْعَيْ الضَّمَانِ فَوَجَبَ الْغُرْمُ بِهَا كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَالُ بِإِحْضَارِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمُسَمَّى قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ و(لَا) يَضْمَنُ كَفِيلٌ مَا عَلَى مَكْفُولٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ. (إذَا شَرَطَ) الْكَفِيلُ (الْبَرَاءَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ {الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ} وَلِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ إحْضَارَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا الْتَزَمَهُ (وَإِنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ مَكْفُولٍ لَهُ (مَوْتُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ الْغَائِبِ أَوْ نَحْوِهِ (قَبْلَ غُرْمِهِ) أَيْ الْكَفِيلِ الْمَالَ لِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ (اسْتَرَدَّهُ) أَيْ مَا غَرِمَهُ كَفِيلٌ لِتَبَيُّنِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَكْفُولٍ بَعْدَ أَدَائِهِ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ كَضَامِنٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ثُمَّ يَسْتَرِدَّ مَا أَدَّاهُ، بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ، لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ) فَيَغْرَمُ إنْ هَرَبَ مِنْهُ الْمَحْبُوسُ وَعَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ يُجْعَلُ فِي حِفْظِ الْغَرِيمِ، وَكَذَا رَسُولُ الشَّرْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ هَرَبَ غَرِيمٌ مِنْهُ فَعَلَيْهِ إحْضَارُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، أَوْ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي إنْ كَانَ بِتَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَإِذَا طَالَبَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ) لِيُسَلِّمَهُ لِغَرِيمِهِ وَيَبْرَأَ مِنْهُ لَزِمَهُ بِشَرْطِهِ (أَوْ) طَالَبَ (ضَامِنٌ مَضْمُونًا بِتَخْلِيصِهِ) مِنْ ضَمَانِهِ بِأَدَاءِ الْحَقِّ لِرَبِّهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمَدِينَ (إنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ أَوْ الْمَضْمُونِ (وَطُولِبَ) كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ ذِمَّتَهُ مِنْ أَجَلِهِ بِإِذْنِهِ، فَلَزِمَهُ تَخْلِيصُهَا، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَبْدَهُ فَرَهَنَهُ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَلَبَهُ سَيِّدُهُ بِفَكِّهِ (وَيَكْفِي) فِي لُزُومِ الْحُضُورِ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْإِذْنُ أَوْ مُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ الْكَفِيلَ أَمَّا مَعَ الْإِذْنِ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَعَ الْمُطَالَبَةِ فَلِأَنَّ حُضُورَ الْمَكْفُولِ حَقٌّ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، وَقَدْ اسْتَنَابَ الْكَفِيلَ فِي ذَلِكَ بِمُطَالَبَتِهِ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ (وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ) مَعًا أَوَّلًا (فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ) لِانْحِلَالِ إحْدَى الْوَثِيقَتَيْنِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ فَلَا تَنْحَلُّ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا أَوْ انْفَكَّ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ بِلَا قَضَاءٍ (وَإِنْ سَلَّمَ) مَكْفُولٌ (نَفْسَهُ بَرِئَا) أَيْ الْكَفِيلَانِ لِأَدَاءِ الْأَصِيلِ مَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ كَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَفِيلِينَ (شَخْصٌ آخَرُ فَأَحْضَرَ) هَذَا الْآخَرَ (الْمَكْفُولَ بِهِ) أَيْ مَكْفُولَ مَكْفُولِهِ (بَرِئَ) مَنْ أَحْضَرَهُ (وَهُوَ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ) مِنْ الْكَفِيلِينَ لِأَدَائِهِ مَا عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ مَنْ تَكَفَّلَ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْكَفِيلِ الثَّانِي وَكَفِيلِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ تَكَفَّلَ ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ وَكُلٌّ مِنْهُمْ كَفِيلٌ بِصَاحِبَيْهِ صَحَّ وَمَتَى سَلَّمَهُ أَحَدُهُمْ بَرِئَ هُوَ وَصَاحِبَاهُ مِنْ كَفَالَتِهِمَا بِهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لَهُمَا وَهُمَا فَرْعَانِ لَهُ وَيَبْقَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ فِيهَا (وَمَنْ كَفَلَ لِاثْنَيْنِ فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا) مِنْ الْكَفَالَةِ أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِأَحَدِهِمَا (لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْآخَرِ) لِبَقَاءِ حَقِّهِ كَمَا لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا لِاثْنَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا (وَإِنْ كَفَلَ الْكَفِيلَ) شَخْصٌ (آخَرُ وَ) كَفَلَ (الْآخَرَ آخَرُ) وَهَكَذَا (بَرِئَ كُلٌّ) مِنْ الْكُفَلَاءِ (بِبَرَاءَةِ مَنْ قَبْلَهُ) فَيَبْرَأُ الثَّانِي بِبَرَاءَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بِبَرَاءَةِ الثَّانِي وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ (وَلَا عَكْسَ) فَلَا يَبْرَأُ وَاحِدٌ بِبَرَاءَةِ مَنْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ (كَضَمَانٍ) وَمَتَى سَلَّمَ أَحَدُهُمْ الْمَكْفُولَ بَرِئَ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ سَلَّمَ مَكْفُولٌ بِهِ نَفْسَهُ (وَلَوْ ضَمِنَ اثْنَانِ وَاحِدًا) فِي مَالٍ (وَقَالَ كُلٌّ) لِرَبِّ الْحَقِّ (ضَمِنْتُ لَك الدَّيْنَ فَ) هُوَ (ضَمَانُ اشْتِرَاكٍ) لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الِالْتِزَامِ بِالدَّيْنِ (فِي انْفِرَادٍ) فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى انْفِرَادِهِ (فَلَهُ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ (طَلَبُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (بِالدَّيْنِ كُلِّهِ) لِالْتِزَامِهِ بِهِ (وَإِنْ قَالَا) أَيْ الِاثْنَانِ لِرَبِّ الدَّيْنِ (ضَمِنَّا لَك الدَّيْنَ فَ) هُوَ (بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَعَلَى كُلٍّ ثُلُثُهُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا وَهَذَانِ ضَامِنُونَ لَك الْأَلْفَ مَثَلًا وَسَكَتَ الْآخَرَانِ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمْ الْأَلْفَ أَوْ حِصَّتَهُ مِنْهُ حَيْثُ صَحَّ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَصْلِيٌّ لَا ضَامِنُ ضَامِنٍ.
ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: {وَمَنْ أُحِيلَ بِحَقِّهِ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ} وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ التَّحَوُّلِ؛ لِأَنَّهَا تُحَوِّلُ الْحَقَّ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهِيَ (عَقْدُ إرْفَاقٍ) مُنْفَرِدٌ بِنَفْسِهِ لَيْسَ مَحْمُولًا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا خِيَارَ فِيهَا وَلَيْسَتْ بَيْعًا وَإِلَّا لَدَخَلَهَا الْخِيَارُ وَجَازَتْ بِلَفْظِهِ، وَبَيْنَ جِنْسَيْنِ كَبَاقِي الْبُيُوعِ، وَلَمَّا جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ قَبْضٍ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ بَلْ تُشْبِهُ الْمُعَاوَضَةَ؛ لِأَنَّهَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَتُشْبِهُ الِاسْتِيفَاءَ لِبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ بِهَا و(هِيَ) أَيْ الْحَوَالَةُ شَرْعًا (انْتِقَالُ مَالٍ مِنْ ذِمَّةِ) الْمُحَالِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا رُجُوعَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ بِحَالٍ، إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا؛ لِأَنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنْ دَيْنٍ لَيْسَ فِيهَا قَبْضٌ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا مِمَّنْ يَدْفَعُ عَنْهُ أَشْبَهَ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ. وَتَصِحُّ (بِلَفْظِهَا) أَيْ الْحَوَالَةِ، كَأَحَلْتُكِ بِدَيْنِكَ (أَوْ بِمَعْنَاهَا الْخَاصِّ) بِهَا، كَأَتْبَعْتُكَ بِدَيْنِكَ عَلَى زَيْدٍ وَنَحْوِهِ (وَشَرْطُ) الْحَوَالَةِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا (رِضَا مُحِيلٍ)؛ لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. (وَ) الثَّانِي إمْكَانُ (الْمُقَاصَّةِ) بِأَنْ يَتَّفِقَ الْحَقَّانِ جِنْسًا وَصِفَةً وَحُلُولًا وَأَجَلًا وَأَخْذًا فَلَا تَصِحُّ بِدَنَانِيرَ عَلَى دَرَاهِمَ وَلَا بِصِحَاحٍ عَلَى مُكَسَّرَةٍ، وَلَا بِحَالٍّ عَلَى مُؤَجَّلٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا مَعَ اخْتِلَافِ أَجَلٍ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ إرْفَاقٍ كَالْقَرْضِ، فَلَوْ جُوِّزَتْ مَعَ الِاخْتِلَافِ لَصَارَ الْمَطْلُوبُ مِنْهَا الْفَضْلَ فَتَخْرُجُ عَنْ مَوْضُوعِهَا. (وَ) الثَّالِثُ (عِلْمُ الْمَالِ) الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ لِاعْتِبَارِ التَّسْلِيمِ، وَالْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنْهُ. (وَ) الرَّابِعُ (اسْتِقْرَارُهُ) أَيْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ نَصًّا كَبَدَلِ قَرْضٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ بَعْدَ لُزُومِ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَقِرِّ عُرْضَةً لِلسُّقُوطِ وَمُقْتَضَى الْحَوَالَةِ إلْزَامُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ مُطْلَقًا. (فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَالِ سَلَمٍ) أَيْ مُسْلَمٍ فِيهِ (أَوْ) عَلَى (رَأْسِهِ) أَيْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ (بَعْدَ فَسْخِ) سَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مُقَاصَّةَ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (أَوْ) عَلَى (صَدَاقٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ مَالِ كِتَابَةٍ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِمَا وَتَصِحُّ عَلَى صَدَاقٍ بَعْدَ دُخُولٍ وَنَحْوِهِ (وَتَصِحُّ إنْ أَحَالَ) مُكَاتَبٌ (سَيِّدَهُ) بِمَالِ كِتَابَةٍ (أَوْ) أَحَالَ (زَوْجٌ امْرَأَتَهُ) بِصَدَاقِهَا وَلَوْ قَبْلَ دُخُولٍ عَلَى مُسْتَقِرٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُ مُحَالٍ بِهِ و(لَا) تَصِحُّ الْحَوَالَةُ (بِجِزْيَةٍ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِفَوَاتِ الصَّغَارِ عَنْ الْمُحِيلِ وَلَا عَلَيْهَا (وَلَا أَنْ يُحِيلَ وَلَدٌ عَلَى أَبِيهِ)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُ طَلَبَ أَبِيهِ وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى الضَّامِنِ. (وَ) الْخَامِسُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ مِثْلِيٍّ) كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ لَا صِنَاعَةَ فِيهِ غَيْرَ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ (كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ) يَنْضَبِطَانِ بِالصِّفَةِ فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِإِبِلِ الدِّيَةِ عَلَى إبِلِ الْقَرْضِ، إنْ قِيلَ يَرِدُ فِيهِ الْمِثْلُ، وَإِنْ قُلْنَا يَرِدُ الْقِيمَةُ فَلَا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَمْ تَصِحَّ مُطْلَقًا، ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ و(لَا) يُشْتَرَطُ (اسْتِقْرَارُ مُحَالٍ بِهِ) فَتَصِحُّ بِجُعْلٍ قَبْلَ عَمَلٍ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ وَفَائِهِ، وَيَصِحُّ الْوَفَاءُ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ (وَلَا رِضَا مُحَالٍ عَلَيْهِ) لِإِقَامَةِ الْمُحِيلِ الْمُحْتَالَ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي الْقَبْضِ مَعَ جَوَازِ اسْتِيفَائِهِ بِنَفْسِهِ وَنَائِبِهِ فَلَزِمَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ (وَلَا) رِضَا (مُحْتَالٍ إنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ وَيُجْبَرُ عَلَى اتِّبَاعِهِ) نَصًّا لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ لِلْمُحِيلِ وَفَاءَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَدْ أَقَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي التَّقْبِيضِ فَلَزِمَ الْمُحْتَالَ الْقَبُولُ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي إيفَائِهِ وَفَارَقَ إعْطَاءَ عَرْضٍ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا وَجَبَ لَهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمَلِيءَ (مَيِّتًا) كَالْحَيِّ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: إنْ قَالَ: أَحَلْتُكِ بِمَا عَلَيْهِ صَحَّ. لَا أَحَلْتُك بِهِ عَلَيْهِ أَيْ الْمَيِّتِ (وَيَبْرَأُ مُحِيلٌ بِمُجَرَّدِهَا) أَيْ الْحَوَالَةِ (وَلَوْ أَفْلَسَ مُحَالٌ عَلَيْهِ) بَعْدَهَا (أَوْ جَحَدَ) الدَّيْنَ وَعَلِمَهُ الْمُحَالُ أَوْ صَدَقَ الْمُحِيلُ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَمَاتَتْ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُحِيلٍ فِيهِ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِهَا (أَوْ مَاتَ) مُحَالٌ عَلَيْهِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً أَوْ لَا، إذْ الْحَوَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْإِيفَاءِ (وَالْمَلِيءُ) الَّذِي يُجْبِرُ مُحْتَالٌ عَلَى إتْبَاعِهِ (الْقَادِرَ بِمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَبَدَنِهِ) نَصًّا (فَقَطْ فَعِنْدَ الزَّرْكَشِيّ) فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: الْقُدْرَةُ ب (مَالِهِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ. وَ) الْقُدْرَةُ ب (قَوْلِهِ: أَنْ لَا يَكُونَ مُمَاطِلًا وَ) الْقُدْرَةُ ب (بَدَنِهِ: إمْكَانُ حُضُورِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ) رَبَّ دَيْنٍ (أَنْ يَحْتَالَ عَلَى وَالِدِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ صَفِيِّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ: مَا لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْوَفَاءِ، وَقَوْلُهُ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ، وَبَدَنُهُ الْحَيَاةُ فَعَلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى اتِّبَاعِ مُمَاطِلٍ مُقِرٍّ بِالدَّيْنِ لَا مَيِّتٍ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى اتِّبَاعِ جَاحِدٍ وَلَا مُمَاطِلٍ. (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ (مَلِيئًا أَوْ جَهِلَهُ) فَلَمْ يَدْرِ أَمَلِيءٌ أَمْ لَا (فَبَانَ) كَوْنُهُ (مُفْلِسًا رَجَعَ) بِدَيْنِهِ عَلَى مُحِيلٍ؛ لِأَنَّ الْفَلَسَ عَيْبٌ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ أَشْبَهَ الْمَبِيعَ إذَا بَانَ مَعِيبًا. و(لَا) يَرْجِعُ مُحْتَالٌ (إنْ رَضِيَ) بِالْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ ظَنَّهُ مَلِيئًا أَوْ جَهِلَهُ (وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْمُلَاءَةَ) لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ اشْتِرَاطِهَا فَإِنْ اشْتَرَطَهَا فَبَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُعْسِرًا رَجَعَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ هَذَا الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ (وَمَتَى صَحَّتْ) الْحَوَالَةُ بِاجْتِمَاعِ شُرُوطِهَا (فَرَضِيَا) أَيْ الْمُحْتَالُ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ (بِ) دَفْعِ (خَيْرٍ مِنْهُ) أَيْ الْمُحَالِ بِهِ فِي الصِّفَةِ (أَوْ) رَضِيَا (بِ) أَخْذِ (دُونِهِ) فِي الصِّفَةِ أَوْ الْقَدْرِ (أَوْ) رَضِيَا ب (تَعْجِيلِهِ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ (أَوْ) رَضِيَا ب (تَأْجِيلِهِ) وَهُوَ حَالٌّ جَازَ (أَوْ) رَضِيَا ب (عِوَضِهِ جَازَ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، لَكِنْ إنْ جَرَى بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ رِبًا نَسِيئَةً بِأَنْ عَوَّضَهُ عَنْ مَوْزُونٍ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلٍ مَكِيلًا اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ بِمَجْلِسِ التَّعْوِيضِ. (وَإِذَا بَطَلَ بَيْعٌ) كَأَنْ بَانَ مَبِيعٌ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا (وَقَدْ أُحِيلَ بَائِعٌ) بِالثَّمَنِ أَيْ أَحَالَهُ مُشْتَرٍ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ مُمَاثِلٌ لَهُ بَطَلَتْ (أَوْ أَحَالَ) بَائِعٌ مَدِينًا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالثَّمَنِ بَطَلَتْ) الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنْ لَا ثَمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ مُشْتَرٍ عَلَى مَنْ كَانَ دَيْنُهُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَعَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ، لَا عَلَى الْبَائِعِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ بِإِلْغَاءِ الْحَوَالَةِ وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اتِّفَاقِهِمْ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَكَذِبُهُمَا مُحْتَمَلٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا عَلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَذَّبَاهَا بِالدُّخُولِ فِي التَّبَايُعِ، وَإِنْ أَقَامَهَا الْعَبْدُ قُبِلَتْ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا الْمُحْتَالُ وَادَّعَى أَنَّهَا بِغَيْرِ ثَمَنِ الْعَبْدِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ وَكَذَّبَهُمَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُحْتَالُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَتَقَ لِاعْتِرَافِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ مَعَهُ فِي الْحَوَالَةِ اعْتِرَافٌ بِبَرَاءَتِهِ و(لَا) تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ. (إنْ فُسِخَ) الْبَيْعُ بَعْدَ أَنْ أُحِيلَ بَائِعٌ أَوْ أَحَالَ بِالثَّمَنِ (عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ) الْفَسْخُ بِعَيْبٍ أَوْ تَقَايُلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ) الْمُحْتَالُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَرْتَفِعْ مِنْ أَصْلِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ، وَلِمُشْتَرٍ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعٍ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَدَّ الْمُعَوَّضَ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِالْعِوَضِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ لِلُزُومِ الْحَوَالَةِ فَوَجَبَ فِي بَدَلِهِ (وَكَذَا نِكَاحُ فَسْخٍ) وَقَدْ أُحِيلَتْ الزَّوْجَةُ بِالْمَهْرِ. (وَ) كَذَا (نَحْوُهُ) كَإِجَارَةٍ فُسِخَتْ وَقَدْ أُحِيلَ مُؤَجِّرٌ أَوْ أَحَالَ بِأُجْرَةٍ (وَلِبَائِعٍ) أُحِيلَ بِثَمَنٍ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ (أَنْ يُحِيلَ الْمُشْتَرِيَ) بِالثَّمَنِ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ بِالْفَسْخِ (عَلَى مَنْ أَحَالَهُ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) لِثُبُوتِ دَيْنِهِ عَلَى مَنْ أَحَالَهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ أَشْبَهَ سَائِرَ الدُّيُونِ الْمُسْتَقِرَّةِ (وَلِمُشْتَرٍ أَنْ يُحِيلَ مُحَالًا عَلَيْهِ) مِنْ قِبَلِ بَائِعٍ (عَلَى بَائِعٍ فِي) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ رَبُّ دَيْنٍ وَمَدِينٌ (عَلَى) قَوْلِ مَدِينٍ لِرَبِّ دَيْنٍ (أَحَلْتُك) عَلَى زَيْدٍ (أَوْ) عَلَى قَوْلِهِ لَهُ (أَحَلْتُك بِدَيْنِي) عَلَى زَيْدٍ (وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إرَادَةَ الْوَكَالَةِ) وَادَّعَى الْآخَرُ إرَادَةَ الْحَوَالَةِ (صُدِّقَ) مُدَّعِي إرَادَةِ الْوَكَالَةِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَمُدَّعِي الْحَوَالَةِ يَدَّعِي نَقْلَهُ، وَمُدَّعِي الْوَكَالَةِ يُنْكِرُهُ وَلَا مَوْضِعَ لِلْبَيِّنَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي النِّيَّةِ (وَ) إنْ اتَّفَقَا (عَلَى) قَوْلِ مَدِينٍ لِرَبِّ دَيْنٍ (أَحَلْتُك بِدَيْنِكَ) وَادَّعَى أَحَدُهُمَا إرَادَةَ الْحَوَالَةِ وَالْآخَرُ إرَادَةَ الْوَكَالَةِ (فَقَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ)؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِدَيْنِهِ لَا تَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا (وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: أَحَلْتنِي بِدَيْنِي عَلَى بَكْرٍ وَاخْتَلَفَا) أَيْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو (هَلْ جَرَى بَيْنَهُمَا لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ غَيْرُهُ؟) كَالْوَكَالَةِ، بِأَنْ قَالَ زَيْدٌ: أَحَلْتَنِي بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَقَالَ عَمْرٌو: وَكَّلْتُكَ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عُمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ هُنَا فِي اللَّفْظِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ (صُدِّقَ عَمْرٌو) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَقَاءَ الْحَقِّ عَلَى مَا كَانَ وَهُوَ الْأَصْلُ (فَلَا يَقْبِضُ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ) لِعَزْلِ نَفْسِهِ بِإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ (وَمَا قَبَضَهُ) زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ قَبْلُ (وَهُوَ) أَيْ الْمَقْبُوضُ (قَائِمٌ) لَمْ يَتْلَفْ (لِعَمْرٍو أَخْذُهُ) مِنْ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِيهِ (وَالتَّالِفُ) بِيَدِ زَيْدٍ مِمَّا قَبَضَهُ مِنْ بَكْرٍ بِلَا تَفْرِيطٍ (مِنْ) مَالِ (عَمْرٍو) لِدَعْوَاهُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ (وَلِزَيْدٍ طَلَبُهُ) أَيْ عَمْرٍو (بِدَيْنِهِ) عَلَيْهِ، لِاعْتِرَافِهِ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِإِنْكَارِهِ الْحَوَالَةَ، وَفِيهِ وَجْهٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ إنْ كَانَ زَيْدٌ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ مِنْ بَكْرٍ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِتَفْرِيطِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ بَرِئَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِصَاحِبِهِ ثُمَّ وَجَّهَهُ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (وَلَوْ قَالَ عَمْرٌو) لِزَيْدٍ مَثَلًا (أَحَلْتُك) بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ (وَقَالَ زَيْدٌ: وَكَّلْتَنِي) فِي قَبْضِهِ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (صُدِّقَ) زَيْدٌ بِيَمِينِهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِزَيْدٍ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا وَكِيلٌ أَوْ مُحْتَالٌ فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَالِهِ عَلَى عَمْرٍو فَأَقَلَّ قَبْلَ أَخْذِ دَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ، لِقَوْلِ عَمْرٍو: هُوَ لَكَ وَقَوْلُ زَيْدٍ: هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِي وَلِي مِثْلُهُ عَلَى عَمْرٍو فَإِذَا أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ حَصَلَ غَرَضُهُ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَخَذَهُ وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِتَفْرِيطِهِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَبِلَا تَفْرِيطٍ فَالتَّالِفُ مِنْ عَمْرٍو، وَلِزَيْدٍ طَلَبُهُ بِحَقِّهِ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو الرُّجُوعُ عَلَى بَكْرٍ لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ. (وَالْحَوَالَةُ) مِنْ مَدِينٍ (عَلَى مَالِهِ فِي الدِّيوَانِ) أَوْ فِي وَقْفٍ (إذْنٌ) لَهُ (فِي الِاسْتِيفَاءِ) وَلِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ وَمُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى ذِمَّةٍ فَلَا تَصِحُّ بِمَالِ الْوَقْفِ وَلَا عَلَيْهِ (وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) شَخْصًا (عَلَى مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةً) لَهُ فِي طَلَبِهِ وَقَبْضِهِ. (وَ) إحَالَةُ (مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ (وَكَالَةً فِي اقْتِرَاضٍ، وَكَذَا) إحَالَةُ (مَدِينٍ عَلَى بَرِيءٍ فَلَا يُصَارِفُهُ) الْمُحْتَالُ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الِاقْتِرَاضِ لَا فِي الْمُصَارَفَةِ، وَمَنْ طَالَبَ مَدِينَهُ فَقَالَ أَحَلْتَ عَلَيَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَأَنْكَرَهُ الدَّائِنُ، فَقَوْلُهُ وَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ.
|