الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام : قال : حدثنا زياد بن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي : وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين غزوة ، منها غزوة ودان ، وهي غزوة الأبواء ، ثم غزوة بواط ، من ناحية رضوى ، ثم غزوة العشيرة ، من بطن ينبع ، ثم غزوة بدر الأولى ، يطلب كرز بن جابر ، ثم غزوة بدر الكبرى ، التي قتل الله فيها صناديد قريش ، ثم غزوة بني سليم ، حتى بلغ الكدر ، ثم غزوة السويق ، يطلب أبا سفيان بن حرب ، ثم غزوة غطفان ، وهي غزوة ذي أمر ، ثم غزوة بحران ، معدن بالحجاز ، ثم غزوة أحد ، ثم غزوة حمراء الأسد ، ثم غزوة بني النضير ، ثم غزوة ذات الرقاع من نخل ، ثم غزوة بدر الآخرة ، ثم غزوة دومة الجندل ، ثم غزوة الخندق ، ثم غزوة بني قريظة ، ثم غزوة بني لحيان من هذيل ، ثم غزوة ذي قرد ، ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة ، ثم غزوة الحديبية ، لا يريد قتالا ، فصده المشركون . ثم غزوة خيبر ، ثم غزوة القضاء ، ثم غزوة الفتح ، ثم غزوة حنين ، ثم غزوة الطائف ، ثم غزوة تبوك . قاتل منها في تسع غزوات : بدر ، وأحد ، والخندق ، وقريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف . وكانت بعوثه صلى الله عليه وسلم وسراياه ثمانيا وثلاثين ، من بين بعث وسرية : غزوة عبيدة بن الحارث أسفل من ثنية ذي المروة ، ثم غزوة حمزة بن عبدالمطلب ساحل البحر ، من ناحية العيص ؛ وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة ، وغزوة سعد بن أبي وقاص الخرار ، وغزوة عبدالله بن جحش نخلة ، وغزوة زيد بن حارثة القردة ، وغزوة محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف ، وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع ، وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة ، وغزوة أبي عبيدة بن الجراح ، ذا القصة ،من طريق العراق . وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر ، وغزوة علي بن أبي طالب اليمن ، وغزوة غالب بن عبدالله الكلبي ،كلب ليث ، بالكديد ، فأصاب بني الملوح . وكان من حديثها أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ،حدثني عن مسلم بن عبدالله بن خبيب الجهني ، عن المنذر عن جندب بن مكيث الجهني ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبدالله الكلبي ، كلب بن عوف ابن ليث ، في سرية كنت فيها ، وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح ، وهم بالكديد ، فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك ، وهو ابن البرصاء الليثي ، فأخذناه ، فقال : إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقلنا له : إن تك مسلماً فلن يضيرك رباط ليلة ، وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك ، فشددناه رباطاً ثم خلفنا عليه رجلا من أصحابنا أسود ، وقلنا له : إن عازك فاحتز رأسه : قال : ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس ، فكنا في ناحية الوادي وبعثني أصحابي ربيئة لهم ، فخرجت حتى أتى تلا مشرفا على الحاضر ، فأسندت فيه ، فعلوت على رأسه ، فنظرت إلى الحاضر ، فوالله إني لمنبطح على التل ، إذ خرج رجل منهم من خبائه ، فقال لامرأته : إني لأرى على التل سواداً ما رأيته في أول يومي ، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئاً ، لا تكون الكلاب جرت بعضها . قال : فنظرت ، فقالت : لا ، والله ما أفقد شيئاً ، قال فناوليني قوسي وسهمين ، فناولته ، قال : فأرسل سهماً فوالله ما أخطأ جنبي ، فأنزعه ، فأضعه ، وثبت مكاني ، قال : ثم أرسل الآخر ، فوضعه في منكبي ، فأنزعه فأضعه ، وثبت مكاني ، فقال لامرأته : لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك ، لقد خالطه سهماي ، لا أبا لك ، إذا أصبحت فابتغيهما ، فخذيهما ، لا يمضغهما علي الكلاب . قال : ثم دخل . قال : وأمهلناهم ، حتى إذا اطمأنوا وناموا ، وكان في وجه السحر ، شننا عليهم الغارة ، قال : فقتلنا واستقنا النعم ، وخرج صريخ القوم فجاءنا دهم لا قبل لنا به ، ومضينا بالنعم ، ومررنا بابن البرصاء وصاحبه . فاحتملناهما معنا ؛ قال : وأدركنا القوم ، حتى قربوا منا ، قال : فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد ، فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى ، من غير سحابة نراها ، ولا مطر ، فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ، ولا يقدر على أن يجاوزه ، فوقفوا ينظرون إلينا ، وإنا لنسوق نعمهم ، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ، ونحن نحدوها سراعاً ، حتى فتناهم ، فلم يقدروا على طلبنا . قال : فقدمنا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : وحدثني رجل من أسلم ، عن رجل منهم : أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة : أمت أمت . فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها : أبى أبو القاسم أن تعزبي * في خضل نباته مغلولب صفرا أعاليه كلون المذهب * قال ابن هشام :ويروى : ( كلون الذهب ) تم خبر الغزاة ، وعدت إلى ذكر تفاصيل السرايا والبعوث . قال ابن إسحاق : وغزوة على بن أبي طالب رضى الله عنه بني عبدالله بن سعد من أهل فدك ،وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم ، أصيب بها هو وأصحابه جميعاً ، وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة ، وغزوة أبي سلمة بن عبدالأسد قطنا ، ماء من مياه بني أسد ، من ناحية نجد ، قتل بها مسعود بن عروة ، وغزوة محمد بن مسلمة أخي بني حارثة ، القرطاء من هوزان ، وغزوة بشير بن سعد بني مرة بفدك ، وغزوة بشير بن سعد ، ناحية خيبر ، وغزوة زيد بن حارثة الجموم ، من أرض بني سليم ، وغزوة زيد بن حارثة ، جذام من أرض خشين . قال ابن هشام :عن نفسه والشافعي عن عمرو بن حبيب عن ابن إسحاق من أرض حسمى . قال ابن إسحاق : وكان من حديثهما كما حدثني من لا أتهم ، عن رجال من جذام ، كانوا علماء بها ، أن رفاعة بن زيد الجذامي ، لما قدم على قومه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوهم إلى الإسلام ، فاستجابوا له ، لم يلبث أن قدم دحية ابن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم ، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه معه تجارة له ، حتى إذا كانوا بواد من أوديتهم ، يقال له : شنار أغار على دحية بن خليفة الهنيد بن عوص ، وابنة عوص بن الهنيد الضلعيان . والضليع : بطن من جذام ، فأصابا كل شيء كان معه ، فبلغ ذلك قوما من الضبيب ، رهط رفاعة بن زيد ، ممن كان أسلم وأجاب ، فنفروا إلى الهنيد وابنه ، فيهم من بني الضبيب النعمان بن أبي جعال ، حتى لقوهم ، فاقتتلوا ، وانتمى يومئذ قرة بن أشقر الضفاري ثم الضلعي ، فقال : أنا ابن لبنى ، ورمى النعمان بن أبي جعال بسهم ، فأصاب ركبته ؛ فقال : حين أصابه :خذها وأنا ابن لبنى ، وكانت له أم تدعى لبنى ، وقد كان حسان بن ملة الضبيني قد صحب دحية بن خليفة قبل ذلك ، فعلمه أم الكتاب . قال ابن هشام :ويقال : قرة بن أشقر الضفاري ، وحيان بن ملة . قال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام قال فاستنقذوا ما كان في يد الهنيد وابنه ، فردوه على دحية ، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره خبره ، واستسقاه دم الهنيد وابنه ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم زيد بن حارثة ، وذلك الذي هاج غزوة زيد جذام ، وبعث معه جيشا ، وقد وجهت غطفان من جذام ووائل ، ومن كان من سلامان ، وسعد بن هذيم ، حين جاءهم رفاعة بن زيد ، بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى نزلوا الحرة : حرة الرجلاء ، ورفاعة بن زيد بكراع ربة ، لم يعلم ، ومعه ناس من بني الضبيب ، وسائر بني الضبيب ، بوادي مدان ، من ناحية الحرة ، مما يسيل مشرقاً ، وأقبل جيش زيد بن حارثة من ناحية الأولاج ، فأغار بالماقص من قبل الحرة ، فجمعوا ما وجدوا من مال أو ناس ، وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بني الأحنف . قال ابن هشام :من بني الأجنف . قال ابن إسحاق : في حديثه : ورجلا من بني الخصيب فلما سمعت بذلك بنو الضبيب والجيش بفيفاء مدان ركب نفر منهم ، وكان فيمن ركب معهم حسان بن ملة ، على فرس لسويد بن زيد ، يقال لها : العجاجة وأنيف بن ملة على فرس لملة يقال لها : رغال ، وأبو زيد بن عمرو ، على فرس يقال لها : شمر ، فانطلقوا ، حتى إذا دنوا من الجيش ، قال أبو زيد وحسان لأنيف بن ملة : كف عنا وانصرف ، فإنا نخشى لسانك ، فوقف عنهما ، فلم يبعدا منه حتى جعلت فرسه تبحث بيديها وتوثب ، فقال : لأنا أضن بالرجلين منك بالفرسين ، فأرخى لها حتى أدركهما ، فقالا له : أما إذا فعلت ما فعلت فكف عنا لسانك ، ولا تشأمنا اليوم ، فتواصوا أن لا يتكلم منهم إلا حسان بن ملة ، وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفها بعضهم من بعض ، إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال : بوري أو ثوري ، فلما برزوا على الجيش ، أقبل القوم يبتدرونهم ، فقال لهم حسان : إنا قوم مسلمون ، وكان أول من لقيهم رجل على فرس أدهم ، فأقبل يسوقهم . فقال أنيف : بوري فقال حسان : مهلا ، فلما وقفوا على زيد بن حارثة ، قال حسان : إنا قوم مسلمون ، فقال له زيد : فاقرءوا أم الكتاب ، فقرأها حسان ، فقال زيد بن حارثة : نادوا في الجيش إن الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاءوا منها إلا من ختر . قال ابن إسحاق : وإذا أخت حسان بن ملة ، وهي امرأة أبي وبر بن عدي بن أمية بن الضبيب في الأسارى ، فقال له زيد : خذها وأخذت بحقويه ، فقالت أم الفزر الضلعية : أتنطلقون ببناتكم ، وتذرون أمهاتكم ؟ فقال أحد بني الخصيب : إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم ، فسمعها بعض الجيش ، فأخبر بها زيد بن حارثة ، فأمر بأخت حسان ، ففكت يداها من حقويه ، وقال لها : اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه . فرجعوا ، ونهي الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاؤوا منه ، فأمسوا في أهليهم ، واستعتموا ذودا لسويد بن زيد ، فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة بن زيد ، وكان ممن ركب إلى رفاعة بن زيد تلك الليلة ، أبو زيد بن عمرو ،وأبو شماس بن عمرو ، وسويد بن زيد ، وبعجة بن زيد ، وبرذع بن زيد ، وثعلبة بن زيد ، ومخرمة بن عدي ، وأنيف بن ملة ، وحسان بن ملة ، حتى صبحوا رفاعة بن زيد بكراع ربة ، بظهر الحرة ، على بئر هنالك من حرة ليلى ، فقال له حسان بن ملة : إنك لجالس تحلب المعزى ونساء جذام أسارى قد غرها كتابك الذي جئت به ! فدعا رفاعة بن زيد بجمل له ، فجعل يشد عليه رحله ، وهو يقول : هل أنت حي أو تنادي حيا * ثم غدا وهم معه بأمية بن ضفارة أخي الخصيبي المقتول ، مبكرين من ظهر الحرة ، فساروا إلى جوف المدينة ثلاث ليال ، فلما دخلوا المدينة وانتهوا إلى المسجد ، نظر إليهم رجل من الناس ، فقال : لا تنيخوا إبلكم فتقطع أيديهن ، فنزلوا عنهن وهن قيام ، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم ألاح إليهم بيده : أن تعالوا من وراء الناس ، فلما استفتح رفاعة بن زيد المنطق ، قام رجل من الناس ، فقال : يا رسول الله ، إن هؤلاء قوم سحرة ، فرددها مرتين ، فقال : رفاعة بن زيد رحم الله من لم يحذنا في قومه هذا إلا خيراً . ثم دفع رفاعة بن زيد كتابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان كتبه له فقال : دونك يا رسول الله قديما كتابه ، حديثاً غدره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأه يا غلام ، وأعلن ، فلما قرأ كتابه استخبره ، فأخبروهم الخبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف اصنع بالقتلى ؟ ( ثلاث مرات ) . فقال رفاعة : أنت يا رسول الله أعلم ، لا نحرم عليك حلالاً ولا نحلل لك حراماً . فقال أبو زيد بن عمرو : أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ، ومن قتل فهو تحت قدمي هذه . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق أبو زيد ، اركب معهم يا علي . فقال له رضى الله عنه : إن زيدا لن يطيعني يا رسول الله ، قال : فخذ سيفي هذا ، فأعطاه سيفه ، فقال علي : ليس لي يا رسول الله راحلة أركبها ، فحملوه على بعير لثعلبة بن عمرو ، يقال له : مكحال . فخرجوا فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة من إبل أبي وبر ، يقال لها : الشمر ، فأنزلوه عنها . فقال : يا علي ، ما شأني ؟ فقال : مالهم ،عرفوه فأخذوه ، ثم ساروا فلقوا الجيش بفيفاء الفحلتين ، فأخذوا ما في أيديهم ، حتى كانوا ينزعون لبيد المرأة من تحت الرحل ، فقال أبو جعال حين فرغوا من شأنهم : وعاذلة ولم تعذل بطب * ولولا نحن حش بها السعير تدافع في الأسارى بابنتيها * ولا يرجى لها عتق يسير ولو وكلت إلى عوص وأوس * لحار بها عن العتق الأمور ولو شهدت ركائبنا بمضر * تحاذر أن يعل بها المسير وردنا ماء يثرب عن حفاظ * لربع إنه قرب ضرير بكل مجرب كالسيد نهد * على أقتاد ناجية صبور فدى لأبي سليمى كل جيش * بيثرب إذ تناطحت النحور غداة ترى المجرب مستكينا * خلاف القوم هامته تدور قال ابن هشام :قوله : ( ولا يرجى لها عتق يسير ) وقوله : ( عن العتق الأمور ) عن غير ابن إسحاق . تمت الغزاة ، وعدنا إلى تفصيل ذكر السرايا والبعوث قال ابن إسحاق : وغزوة زيد بن حارثة أيضا الطرف من ناحية نخل ، من طريق العراق . غزوة زيد بن حارثة بني فزارة وغزوة زيد بن حارثة أيضا وادي القرى ، لقي به بني فزارة ، فأصيب بها ناس من أصحابه ، وارتث زيد من بين القتلى ، وفيها أصيب ورد بن عمرو بن مداش ، وكان أحد بني سعد بن هذيل ، أصابه أحد بني بدر . قال ابن هشام :سعد بن هذيم . قال ابن إسحاق : فلما قدم زيد بن حارثة إلى أن لا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة ، فلما استبل من جراحته بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني فزارة في جيش فقتلهم بوادي القرى ، وأصاب فيهم ، وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر ، وأسرت أم قرفة ، فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، كانت عجوزاً كبيرة عند مالك بن حذيفة بن بدر ، وبنت لها ،وعبدالله بن مسعدة ، فأمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل أم قرفة ، فقتلها قتلاً عنيفاً ، ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة ،وبابن مسعدة . وكانت بنت أم قرفة لسلمة بن عمرو بن الأكوع ، كان هو الذي أصابها ، وكانت في بيت شرف من قومها ، كانت العرب تقول : ( لو كنت أعز من أم قرفة ما زدت ) فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة ، فوهبها له ، فأهداها لخاله حزن بن أبي وهب ، فولدت له عبدالرحمن بن حزن . فقال قيس بن المسحر في قتل مسعدة : سعيت بورد مثل سعي ابن أمه * وإني بورد في الحياة لثائر كررت عليه المهر لما رأيته * على بطل من آل بدر مغاور فركبت فيه قعضبيا كأنه * شهاب بمعراة يذكى لناظر وغزوة عبدالله ابن رواحة خيبر مرتين ، إحداهما التي أصاب فيها اليسير بن رزام . قال ابن هشام :ويقال بن رازم . وكان من حديث اليسير بن رزام أنه كان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن رواحة في نفر من أصحابه ، منهم عبدالله بن أنيس ، حليف بني سلمة ، فلما قدموا عليه كلموه ، وقربوا له ، وقالوا له : إنك إن قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك وأكرمك ، فلم يزالوا به حتى خرج معهم في نفر من يهود ، فحمله عبدالله بن أنيس على بعيره . حتى إذا كان بالقرقرة من خيبر ، على ستة أميال ، ندم اليسير بن رزام على مسيره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففطن به عبدالله بن أنيس وهو يريد السيف ، فاقتحم به ، ثم ضربه بالسيف ، فقطع رجله ، وضربه اليسير بمخرش في يده من شوحط فأمه ، ومال كل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحبه من يهود فقتله ، إلا رجلا واحدا أفلت على رجليه ، فلما قدم عبدالله بن أنيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تفل على شجته ، فلم تقح ولم تؤذه . غزوة عبدالله بن عتيك خيبر ، فأصاب بها أبا رافع بن أبي الحقيق . وغزوة عبدالله بن أنيس خالد بن سفيان بن نبيح ، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وهو بنخلة أو بعرنة ، يجمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ليغزوه ، فقتله . قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، قال : قال عبدالله بن أنيس : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني ، وهو بنخلة أو بعرنة ، فأته فاقتله . قلت : يا رسول الله ، انعته لي حتى أعرفه . قال : إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان ، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة . قال : فخرجت متوشحاً سيفي ، حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا ، وحيث كان وقت العصر ، فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة ، فأقبلت نحوه وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة ، فصليت وأنا أمشى نحوه وأومي برأسي . فلما انتهيت إليه ، قال : من الرجل ؟ قلت : رجل من العرب ، سمع بك وبجمعك لهذا الرجل ، فجاءك لذلك . قال : أجل إني لفي ذلك ، قال : فمشيت معه شيئاً حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف ، فقتلته ثم خرجت ، وتركت ظعائنه منكبات عليه ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني ، قال : أفلح الوجه ؛ قلت : قد قتلته يا رسول الله ، قال : صدقت . ثم قام بي فأدخلني بيته فأعطاني عصا ، فقال : أمسك هذه العصا عندك يا عبدالله بن أنيس ، قال : فخرجت بها على الناس ، فقالوا : ما هذه العصا ؟ قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمرني أن أمسكها عندي ، قالوا : أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك ؟ قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، لم أعطيتني هذه العصا ؟ قال : آية بيني وبينك يوم القيامة . إن أقل الناس المتحضرون يومئذ ، قال : فقرنها عبدالله بن أنيس بسيفه ، فلم تزل معه حتى مات ، ثم أمر بها فضمت في كفنه ، ثم دفنا جميعا . قال ابن هشام :وقال عبدالله ابن أنيس في ذلك : تركت ابن ثور كالحوار وحوله * نوائح تفري كل جيب مقدد تناولته والظعن خلفي وخلفه * بأبيض من ماء الحديد مهند عجوم لهام الدارعين كأنه * شهاب غضى من ملهب متوقد أقول له والسيف يعجم رأسه * أنا ابن أنيس فارسا غير قعدد أنا ابن الذي لم ينزل الدهر قدره * رحيب فناء الدار غير مزند وقلت له خذها بضربة ماجد * حنيف على دين النبي محمد وكنت إذا هم النبي بكافر * سبقت إليه باللسان وباليد تمت الغزاة ، وعدنا إلى خبر البعوث . قال ابن إسحاق : وغزوة زيد بن حارثة ، وجعفر بن أبي طالب ، و عبدالله بن رواحة ، مؤتة من أرض الشام ، فأصيبوا بها جميعا ، وغزوة كعب بن عمير الغفاري ، ذات أطلاح إلى أرض الشام ، أصيب بها هو وأصحابه جميعا ، وغزوة عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بني العنبر من بني تميم .
|