الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال ابن إسحاق : فأقام وهرز والفرس باليمن ، فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم . وكان ملك الحبشة باليمن ، فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة وأُخرجت الحبشة ، اثنتين وسبعين سنة ، توارث ذلك منهم أربعة : أرياط ، ثم أبرهة ، ثم يكسوم بن أبرهة ، ثم مسروق بن أبرهة . قال ابن هشام : ثم مات وهرز ، فأمر كسرى ابنه المرزبان بن وهرز على اليمن ، ثم مات المرزبان ، فأمَّر كسرى ابنه التينجان بن المرزبان على اليمن ، ثم مات التينجان ، فأمر كسرى ابن التينجان على اليمن ، ثم عزله وأمَّر باذان ؛ فلم يزل باذان عليها حتى بعث الله محمدا النبي صلى الله عليه وسلم . فبلغني عن الزهري أنه قال : كتب كسرى إلى باذان : أنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة ، يزعم أنه نبي ، فسر إليه فاستنبه ، فإن تاب وإلا فابعث إلي برأسه . فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا من شهر كذا . فلما أتى باذانَ الكتابُ توقف لينظر ، وقال : إن كان نبيا فسيكون ما قال . فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن هشام : قُتل على يدي ابنه شيرويه ، وقال خالد بن حق الشيباني : وكسرى إذ تقسمه بنوه * بأسياف كما اقتسم اللحام تمخضت المنون له بيوم * أني و لكل حاملة تمام قال الزهري : فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلامه وإسلام من معه من الفرس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت الرسل من الفرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى من نحن يا رسول الله ؟ قال : أنتم منا وإلينا أهل البيت . قال ابن هشام : فبلغني عن الزهري أنه قال : فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلمان منا أهل البيت . قال ابن هشام : فهوالذي عنى سطيح بقوله : ( نبى زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي ) . والذي عني شق بقوله : ( بل ينقطع برسول مرسل ، يأتي بالحق والعدل ، من أهل الدين والفضل ، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل ) . قال ابن إسحاق : وكان في حَجَر باليمن - فيما يزعمون - كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول : ( لمن ملك ذمار ؟ لحمير الأخيار ؛ لمن ملك ذمار ؟ للحبشة الأشرار ؛ لمن ملك ذمار ؟ لفارس الأحرار ؛ لمن ملك ذمار ؟ لقريش التجار ) . وذمار : اليمن أو صنعاء . قال ابن هشام : ذمار : بالفتح ، فيما أخبرني يونس . شعر الأعشى يذكر نبوءة شق وسطيح قال ابن إسحاق : وقال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه : ما نظرت ذات أشفار كنظرتها * حقا كما صدق الذئبي إذْ سجعا وكانت العرب تقول لسطيح : الذئبي ، لأنه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب . قال ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له . قال ابن هشام : وحدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي عن جناد : أو عن بعض علماء أهل الكوفة بالنسب : أنه يقال : إن النعمان بن المنذر من ولد ساطرون ملك الحضر . والحضر : حصن عظيم كالمدينة ، كان على شاطئ الفرات ، وهو الذي ذكر عدي بن زيد في قوله : وأخو الحضر إذ بناه وإذ * د جلة تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلله كلسا * فللطير في ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فبان * ال ملك عنه فبابه مهجور قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . والذي ذكره أبو دواد الإيادي في قوله : وأرى الموت قد تدلى من الحضر * على رب أهله الساطرون وهذا البيت في قصيدة له . ويقال : إنها لخلف الأحمر ، ويقال : لحماد الراوية . سابور يستولي على الحضر ، وزواجه بنت ساطرون ، و ما وقع بينهما وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا ساطرون ملك الحضر ، فحصره سنتين ، فأشرفت بنت ساطرون يوما ، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج ، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ ، وكان جميلا ، فدست إليه : أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر ؟ فقال : نعم ؛ فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر ، وكان لا يبيت إلا سكران . فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه ، فبعثت بها مع مولى لها ، ففتح الباب ، فدخل سابور ، فقتل ساطرون ، واستياح الحضر وخربه ، وسار بها معه فتزوجها . فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذْ جعلت تتململ لا تنام ، فدعا لها بشمع ، ففتش فراشها ، فوجد عليه ورقة آس ؛ فقال لها سابور : أهذا الذي أسهرك ؟ قالت : نعم ، قال : فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت : كان يفرش لي الديباج ، ويلبسني الحرير ، ويطعمني المخ ، ويسقين الخمر ؛ قال : أفكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟ أنت إلي بذلك أسرع ؛ ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ، ثم ركض الفرس حتى قتلها . قول أعشى قيس في قصة الحضر ففيه يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة : ألم تر للحضر إذ أهله * بنعمى وهل خالد من نعم أقام به شاهبور الجنو د * حولين تضرب فيه القدم فلما دعا ربه دعوة * أناب إليه فلم ينتقم وهذه الأبيات في قصيدة له . قول عدي بن زيد وقال عدي بن زيد في ذلك : والحضر صابت عليه داهية * من فوقه أيد مناكبها ربية لم توق والدها * لحينها إذ أضاع راقبها إذ غبقته صهباء صافية * والخمر وهل يهيم شاربها فأسلمت أهلها بليلتها * تظن أن الرئيس خاطبها فكان حظ العروس إذ جشر الصبح * دماء تجري سبائبها وخرب الحضر واستبيح وقد * أُحرق في خدرها مشاجبها وهذه الأبيات في قصيدة له . أولاده في رأي ابن إسحاق و ابن هشام قال ابن إسحاق : فولد نزار بن معد ثلاثة نفر : مضر بن نزار ، وربيعة ابن نزار ، وأنمار بن نزار . قال ابن هشام : وإياد بن نزار . قال الحارس بن دوس الإيادي ، ويروى لأبي داود الإيادي ، واسمه جارية بن الحجاج : وفتوّ حسن أوجههم * من إياد بن نزار بن معد وهذا البيت في أبيات له . فأم مضر وإياد : سودة بنت عك بن عدنان . وأم ربيعة وأنمار : شُقيقة بنت عك بن عدنان ، ويقال : جمعة بنت عك بن عدنان . قال ابن إسحاق : فأنمار : أبو خثعم وبجيلة . قال جرير بن عبدالله البجلي وكان سيد بجيلة ، وهو الذي يقول له القائل : لولا جرير هلكت بجيله * نعم الفتى وبئست القبيلهْ وهو ينافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي بن عقال بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة : يا أقرع بن حابس يا أقرع * إنك إن تصرع أخاك تصرع و قال : ابْنيَ نزار انصرا أخاكما * إن أبي وجدته أباكما قال ابن هشام : فهوالذي عنى سطيح بقوله : ( نبى زكي ، يأتيه الوحي من قبل العلي ) . والذي عني شق بقوله : ( بل ينقطع برسول مرسل ، يأتي بالحق والعدل ، من أهل الدين والفضل ، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل ) . لن يُغلب اليوم أخ والأكما * قال ابن إسحاق : وكان في حَجَر باليمن - فيما يزعمون - كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول : ( لمن ملك ذمار ؟ لحمير الأخيار ؛ لمن ملك ذمار ؟ للحبشة الأشرار ؛ لمن ملك ذمار ؟ لفارس الأحرار ؛ لمن ملك ذمار ؟ لقريش التجار ) . وقد تيامنت فلحقت باليمن . قال ابن هشام : قالت اليمن : وبجيلة : أنمار بن إراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ؛ ويقال : إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث . ودار بجيلة وخثعم : يمانية . قال ابن إسحاق : فولد مضر بن نزار رجلين : إلياس بن مضر ، وعيلان بن مضر. قال ابن هشام : وأمهما جرهمية . قال ابن إسحاق : فولد إلياس بن مضر ثلاثة نفر : مدركة بن إلياس ، وطابخة بن إلياس ، وقمعة بن إلياس ، وأمهم خندف ، امرأة من اليمن . قال ابن هشام : خندف بنت عمران بن الحاف بن قضاعة . قال ابن إسحاق : وكان اسم مدركة عامرا ، واسم طابخة عمرا ؛ وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها ، فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه ، وعدت عادية على إبلهما ، فقال عامر لعمرو : أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد ؟ فقال عمرو : بل أطبخ ، فلحق عامر بالإبل فجاء بها ، فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما ، فقال لعامر : أنت مدركة ؛ وقال لعمرو : وأنت طابخة و خرجت أمهم لما بلغها الخبر ، و هي مسرعة ، فقال لها : تخندفين ، فسميت : خندف ) . شاده مرمرا وجلله كلسا فللطير في ذراه وكور * وأما قمعة فيزعم نساب مضر : أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس . حديث عمرو بن لحي وذكر أصنام العرب قال ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال : حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار ، فسألته عمن بيني وبينه من الناس ، فقال : هلكوا . قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة - قال ابن هشام : واسم أبي هريرة : عبدالله بن عامر ، ويقال اسمه عبدالرحمن بن صخر - يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون الخزاعي : يا أكثم ، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ، ولا بك منه ، فقال أكثم : عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله ؟ قال : لا ، إنك مؤمن وهو كافر ، إنه كان أول من غير دين إسماعيل ، فنصب الأوثان ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي . قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم : أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره ، فلما قدم مآب من أرض البلقاء ، وبها يومئذ العماليق - وهم ولد عملاق . ويقال عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح - رآهم يعبدون الأصنام ، فقال لهم : ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟ قالوا له : هذه أصنام نعبدها ، فنستمطرها فُتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا ؛ فقال لهم : أفلا تعطونني منها صنما ، فأسير به إلى أرض العرب ، فيعبدوه ؟ فأعطوه صنما يقال له هُبَل ، فقدم به مكة ، فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه . قال ابن إسحاق : ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل ، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم ، حين ضاقت عليهم ، والتمسوا الفسح في البلاد ، إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم ، فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة ، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة ، وأعجبهم ؛ حتى خلف الخلوف ، ونسوا ما كانوا عليه ، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره ، فعبدوا الأوثان ، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات ؛ وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها ، من تعظيم البيت ، والطواف به ، والحج والعمرة ، والوقوف على عرفة والمزدلفة ، وهدي البدن ، والإهلال بالحج والعمرة ، مع إدخالهم فيه ما ليس منه . فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك ) .فيوحدونه بالتلبية ، ثم يدخلون معه أصنامهم ، ويجعلون ملكها بيده . يقول الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها ، قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل : هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ، اتخذوا سواعا ، فكان لهم بُرهاط . وكلب بن وبرة من قضاعة ، اتخذوا ودا بدومة الجندل . قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك الأنصاري : وننسى اللات والعزى * ونسلبها القلائد والشنوفا قال ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله . رأي ابن هشام في نسب كلب بن وبرة قال ابن هشام : وكلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة . قال ابن إسحاق : وأنعم من طيىء ، وأهل جرش من مذحج اتخذوا يغوث بجرش . رأي ابن هشام في أنعم ، و في نسب طيئ قال ابن هشام : ويقال : أنعم . وطيىء : ابن أدد بن مالك ، ومالك : مذحج بن أدد ، ويقال : طيىء بن أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ . قال ابن إسحاق : وخَيوان بطن من همدان ، اتخذوا يعوق بأرض همدان من أرض اليمن . قال ابن هشام : وقال مالك بن نمط الهمداني : يريش الله في الدنيا ويبرى * ولا يبري يعوق ولا يريش وهذا البيت في أبيات له . قال ابن هشام : اسم همدان : أوسلة بن مالك بن زيد بن ربيعة بن أوسلة بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ؛ ويقال : أوسلة بن زيد بن أوسلة بن الخيار . ويقال : همدان بن أوسلة بن ربيعة بن مالك بن الخيار بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ . قال ابن إسحاق : وذو الكلاع من حمير ، اتخذوا نسرا بأرض حمير . وكان لخولان صنم يقال له عميانس بأرض خولان ، يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسما بينه وبين الله بزعمهم ، فما دخل في حق عميانس من حق الله تعالى الذي سموه له تركوه له ، وما دخل في حق الله تعالى من حق عميانس ردوه عليه . وهم بطن من خولان ، يقال لهم الأديم ، وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى فيما يذكرون : قال ابن هشام :خولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ؛ ويقال : خولان بن عمرو بن مرة بن أدد بن زيد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ؛ ويقال : خولان بن عمرو بن سعد العشيرة بن مذحج . قال ابن إسحاق : وكان لبني ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر صنم ، يقال له سعد ، صخرة بفلاة من أرضهم طويلة . فأقبل رجل من بني ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه ، التماس بركته ، فيما يزعم ؛ فلما رأته الإبل ، وكانت مرعية لا تركب ، وكان يُهراق عليه الدماء ، نفرت منه ، فذهبت في كل وجه ، وغضب ربها الملكاني ، فأخذ حجرا فرماه به ، ثم قال : لا بارك الله فيك ، نفرت علي إبلي ، ثم خرج في طلبها حتى جمعها ، فلما اجتمعت له قال : أتينا إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فلا نحن من سعد وهل سعد إلا صخرة بتنوفة * من الأرض لا تدعو لغي ولا رشد وكان في دوس صنم لعمرو بن حمُمة الدوسي . قال ابن هشام : سأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله . نسب دوس و دوس : ابن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث . ويقال : دوس ابن عبدالله بن زهران بن الأسد بن الغوث . قال ابن إسحاق : وكانت قريش قد اتخذت صنما على بئر في جوف الكعبة يقال له : هبل . قال ابن هشام : سأذكر حديثه إن شاء الله في موضعه . قال ابن إسحاق : واتخذوا إسافا ونائلة ، على موضع زمزم ينحرون عندهما . وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم - هو إساف بن بغي ، ونائلة بنت ديك - فوقع إساف على نائلة في الكعبة ، فمسخهما الله حجرين . قال ابن إسحاق : حدثني عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمرة بنت عبدالرحمن بن سعد بن زرارة أنها قالت : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول : ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم ، أحدثا في الكعبة ، فمسخمها الله تعالى حجرين . والله أعلم . قال ابن إسحاق : وقال أبو طالب : وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم * بمفضى السيول من إساف ونائل قال ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى . قال ابن إسحاق : واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه ، فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب ، فكان ذلك أخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره ، وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله . فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ، قالت قريش : أجعل الآلهة إلها واحدا ، إن هذا لشيء عجاب . وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت ، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة ، لها سدنة وحجاب ، وتهُدى لها كما تهدى للكعبة ، وتطوف بها كطوافها بها ، وتنحر عندها . وهي تعرف فضل الكعبة عليها ، لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده . فكانت لقريش وبني كنانة العزى بنخلة ، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان ، من سليم ، حلفاء بني هاشم . قال ابن هشام : حلفاء بني أبي طالب خاصة ؛ وسليم : سليم بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان . قال ابن إسحاق : فقال شاعر من العرب : لقد أُنكحت أسماء رأس بقيرة * من الأدم أهداها امرؤ من بني غنمِ رأى قدعا في عينها إذ يسوقها * إلى غبغب العزى فوسَّع في القسم وكذلك كانوا يصنعون إذا نحروا هديا قسموه فيمن حضرهم . والغبغب : المنحر ومهراق الدماء . قال ابن هشام : وهذان البيتان لأبي خراش الهذلي ، واسمه : خويلد بن مرة في أبيات له . من هم السدنة والسدنة : الذين يقومون بأمر الكعبة . قال رؤبة بن العجاج : فلا ورب الآمنات القطن * يعمرن أمنا بالحرام المأمن بمحبس الهدي وبيت المسدن * وهذا البيتان في أرجوزة له ، وسأذكرها حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه . قال ابن إسحاق : وكانت اللات لثقيف بالطائف ، وكان سدنتها وحجاجها بنو معتب من ثقيف . قال ابن هشام : وسأذكر حديثها إن شاء الله تعالى في موضعه . قال ابن إسحاق : وكانت مناة للأوس والخزرج ، ومن دان بدينهم من أهل يثرب ، على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد . قال ابن هشام : وقال الكميت بن زيد أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة : وقد آلت قبائل لا تولي * مناة ظهورها متحرفينا وهذا البيت في قصيدة له . قال ابن هشام : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان بن حرب فهدمها . ويقال : علي بن أبي طالب . ذو الخلصة وسدنته وهدمه قال ابن إسحاق : وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة . قال ابن هشام :ويقال : ذو الخلصة . قال رجل من العرب : لو كنت يا ذا الخلص الموتورا * مثلي وكان شيخك المقبورا لم تنه عن قتل العداة زورا * قال : وكان أبوه قتل ، فأراد الطلب بثأره ، فأتى ذا الخلصة ، فاستقسم عنده بالأزلام ، فخرج السهم بنهيه عن ذلك ، فقال هذه الأبيات .ومن الناس من ينحلها امرأ القيس بن حجر الكندي . فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبدالله البجلي فهدمه . قال ابن إسحاق : وكانت فلس لطيىء ومن يليها بجبلَيْ طيىء ، يعني سلمى وأجأ . قال ابن هشام : فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليها علي بن أبي طالب فهدمها ، فوجد فيها سيفين ، يقال لأحدهما : الرسوب ، وللآخر : المخذم . فأتى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبهما له ، فهما سيفا علي رضي الله عنه . قال ابن إسحاق : وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له : رئام . قال ابن هشام : قد ذكرت حديثه فيما مضى . رضاء وسدنته وهدمه قال ابن إسحاق : وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام : ولقد شددت على رضاء شدة * فتركتها قفرا بقاع أسحما قال ابن هشام : قوله : فتركتها قفرا بقاع أسحما عن رجل من بني سعد . عُمُر المستوغر ويقال : إن المتسوغر عُمِّر ثلاثمائة سنة وثلاثين سنة ، وكان أطول مضر كلها عمرا ، وهو الذي يقول : ولقد سئمت من الحياة وطولها * وعمرت من عدد السنين مئينا مائة حدتها بعدها مئتان لي * وازددت من عدد الشهور سنينا هل ما بقي إلا كما قد فاتنا * يوم يمر و ليلة تحدونا وبعض الناس يروي هذه الأبيات لزهير بن جناب الكلبي . قال ابن إسحاق : وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد ، وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة : بين الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذي الكعبات من سنداد قال ابن هشام : وهذا البيت للأسود بن يعفر النهشلي . نهشل بن دارم بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، في قصيدة له . وأنشدنيه أبو محرز خلف الأحمر : أهل الخورنق والسدير وبارق * والبيت ذي الشرفات من سنداد
|