الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{الرَّحْمَنُ (1)} {الرحمن} الله تعالى.
{عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2)} {عَلَّمَ} من شاء {القرءان}.
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)} {خَلَقَ الإنسان} أي الجنس.
{عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)} {عَلَّمَهُ البيان} النطق.
{الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)} {الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ} يجريان.
{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} {والنجم} ما لا ساق له من النبات {والشجر} ما له ساق {يَسْجُدَانِ} يخضعان بما يراد منهما.
{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)} {والسماء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الميزان} أثبت العدل.
{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)} {أَلاَّ تَطْغَوْاْ} أي لأجل أن لا تجوروا {فِى الميزان} ما يوزن به.
{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)} {وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط} بالعدل {وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان} تنقصوا الموزون.
{وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)} {والأرض وَضَعَهَا} أثبتها {لِلأَنَامِ} للخلق الإِنس والجن وغيرهم.
{فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11)} {فِيهَا فاكهة والنخل} المعهود {ذَاتُ الأكمام} أوعية طلعها.
{وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)} {والحب} كالحنطة والشعير {ذُو العصف} التبن {والريحان} الورق أو المشموم.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} {فَبِأَىّ الاء} نعم {رَبّكُمَا} أيها الإِنس والجن {تُكَذّبَانِ} ذكرت إحدى وثلاثين مرة والاستفهام فيها للتقرير لما روى الحاكم عن جابر قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال «ما لي أراكم سكوتاً للجن كانوا أحسن منكم ردا ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد»
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)} {خَلَقَ الإنسان} آدم {مِن صلصال} طين يابس يسمع له صلصلة أي صوت إذا نقر {كالفخار} وهو ما طبخ من الطين.
{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)} {وَخَلَقَ الجآن} أبا الجن وهو إبليس {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} هو لهبها الخالص من الدخان.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)} {رَبُّ المشرقين} مشرق الشتاء ومشرق الصيف {وَرَبُّ المغربين} كذلك.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)} {مَرَجَ} أرسل {البحرين} العذب والملح {يَلْتَقِيَانِ} في رأي العين.
{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)} {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} حاجز من قدرته تعالى {لاَّ يَبْغِيَانِ} لا يبغي واحد منهما على الآخر فيختلط به.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)} {يَخْرُجُ} بالبناء للمفعول والفاعل {مِنْهُمَا} من مجموعهما الصادق بأحدهما والملح {الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} خرز أحمر أو صغار اللؤلؤ.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23)} {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}.
{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)} {وَلَهُ الجوار} السفن {المُنْشَئَاتُ} المحدثات {فِى البحر كالأعلام} كالجبال عظماً وارتفاعاً.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)} {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} أي الأرض من الحيوان {فَانٍ} هالك وعبر بمن تغليباً للعقلاء.
{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ} ذاته {ذُو الجلال} العظمة {والإكرام} للمؤمنين بأنعمه عليهم.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)} {يَسْئَلُهُ مَن فِى السموات والأرض} أي بنطق أو حال: ما يحتاجون إليه من القوّة على العبادة والرزق والمغفرة وغير ذلك {كُلَّ يَوْمٍ} وقت {هُوَ فِى شَأْنٍ} أمر يُظهره على وفق ما قدّره في الأزل من إحياء وإماتة وإعزاز وإذلال وإغناء وإعدام وإجابة داع وإعطاء سائل وغير ذلك.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31)} {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} سنقصد لحسابكم {أَيُّهَ الثقلان} الإِنس والجنّ.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)} {يامعشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ} تخرجوا {مِنْ أَقْطَارِ} نواحي {السموات والأرض فانفذوا} أمر تعجيز {لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان} بقوّة ولا قوّة لكم على ذلك.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)} {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} هو لهبها الخالص من الدخان أو معه {وَنُحَاسٌ} أي دخان لا لهب فيه {فَلاَ تَنتَصِرَانِ} تمتنعان من ذلك، بل يسوقكم إلى المحشر.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)} {فَإِذَا انشقت السمآء} انفرجت أبواباً لنزول الملائكة {فَكَانَتْ وَرْدَةً} أي مثلها محمرة {كالدهان} الأديم الأحمر على خلاف العهد بها وجواب إذا فما أعظم الهول؟
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)} {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} عن ذنبه ويُسألون في وقت آخر {فَوَرَبِكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [92: 15] والجانّ هنا وفيما سيأتي بمعنى الجني، والإِنس فيهما بمعنى الإِنسيّ.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41)} {يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم} أي سواد الوجوه وزرقة العيون {فَيُؤْخَذُ بالنواصى والأقدام}.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي تضم ناصية كل منهما إلى قدميه من خلف أو قدّام ويلقى في النار ويقال لهم:
{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43)} {هذه جَهَنَّمُ التى يُكَذِّبُ بِهَا المجرمون}.
{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44)} {يَطُوفُونَ} يسعون {بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ} ماء حارّ {آنٍ} شديد الحرارة يسقونه إذا استغاثوا من حرّ النار، وهو منقوص كقاض.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)} {فَبِأَىِّ ءَا لآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)} {وَلِمَنْ خَافَ} أي لكل منهم أو لمجموعهم {مَقَامَ رَبِّهِ} قيامه بين يديه للحساب فترك معصيته {جَنَّتَانِ}.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)} {ذَوَاتَآ} تثنية ذوات على الأصل ولامها ياء {أَفْنَانٍ} أغصان جمع فنن كطلل.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)} {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)} {فِيهِمَا مِن كُلِّ فاكهة} في الدنيا أو كلّ ما يتفكه به {زَوْجَانِ} نوعان رطب ويابس والمرّ منهما في الدنيا كالحنظل وحلو.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)} {مُتَّكِئِينَ} حال عامله محذوف، أي يتنعمون {عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} ما غلظ من الديباج وخشن، والظهائر من السندس {وَجَنَى الجنتين} ثمرهما {دَانٍ} قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56)} {فِيهِنَّ} في الجنتين وما اشتملتا عليه من العلالي والقصور {قاصرات الطرف} العَين على أزواجهنّ المتكئين من الإِنس والجنّ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} يفتضهنّ وهنّ من الحور أو من نساء الدنيا المنشآت {إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ}.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)} {كَأَنَّهُنَّ الياقوت} صفاءً {وَالمَرْجَانُ} أي اللؤلؤ بياضاً.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)} {هَلُ} ما {جَزآءُ الإحسان} بالطاعة {إِلاَّ الإحسان} بالنعيم.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)} {وَمِن دُونِهِمَا} أي الجنتين المذكورتين {جَنَّتَانِ} أيضاً لمن خاف مقام ربه.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مُدْهَامَّتَانِ (64)} {مُدْهآمَّتَانِ} سوداوان من شدّة خضرتهما.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)} {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} فوّارتان بالماء لا تنقطعان.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)} {فِيهِمَا فاكهة وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} هما منها وقيل من غيرها.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)} {فِيهِنَّ} أي الجنتين وقصورها {خيرات} أخلاقاً {حِسَانٌ} وجوهاً.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} {حُورٌ} شديدات سواد العيون وبياضها {مقصورات} مستورات {فِى الخيام} من درّ مجوّف مضافة إلى القصور شبيهة بالخدور.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74)} {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ} قبل أزواجهنَّ {وَلاَ جَانٌّ}.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} {مُتَّكِئِينَ} أي أزواجهن، وإعرابه كما تقدّم [54: 55] {على رَفْرَفٍ خُضْرٍ} جمع رفرفة أي بسط أو وسائد {وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ} جمع عبقرية، أي طنافس.
{فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)} {تبارك اسم رَبِّكَ ذِى الجلال والإكرام} تقدّم [27: 55] ولفظ «اسم» زائد.
{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)} {إِذَا وَقَعَتِ الواقعة} قامت القيامة.
{لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2)} {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} نفس تكذب: بأن تنفيها كما نفتها في الدنيا.
{خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)} {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} أي هي مظهرة لخفض أقوام بدخولهم النار ولرفع آخرين بدخولهم الجنة.
{إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4)} {إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً} حرّكت حركة شديدة.
{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5)} {وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً} فُتِّتَتْ.
{فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6)} {فَكَانَتْ هَبَآءً} غباراً {مُّنبَثّاً} منتشراً، و«إذا» الثانية بدل من الأولى.
{وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)} {وَكُنتُمْ} في القيامة {أزواجا} أصنافاً {ثلاثة}.
{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8)} {فأصحاب الميمنة} وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم: مبتدأ خبره {مَآ أصحاب الميمنة} تعظيم لشأنهم بدخولهم الجنة.
{وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)} {وأصحاب المشئمة} أي الشمال بأن يؤتى كل منهم كتابه بشماله {مَا أصحاب المشئمة} تحقير لشأنهم بدخولهم النار.
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)} {والسابقون} إلى الخير وهم الأنبياء: مبتدأ. {السابقون} تأكيد لتعظيم شأنهم.
{أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)} والخبر {أُوْلَئِكَ المقربون}.
{فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)} {فِي جنات النعيم}.
{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13)} {ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين} مبتدأ: أي جماعة من الأمم الماضية.
{وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14)} {وَقَلِيلٌ مّنَ الآخرين} من أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم وهم السابقون من الأمم الماضية وهذه الأمم، والخبر:
{عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)} {على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ} منسوجة بقضبان الذهب والجواهر.
{مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)} {مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا متقابلين} حالان من الضمير في الخبر.
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} للخدمة {ولدان مُّخَلَّدُونَ} على شكل الأولاد لا يهرمون.
{بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18)} {بِأَكْوَابٍ} أقداح لا عُرى لها {وَأَبَارِيقَ} لها عُرى وخراطيم {وَكَأْسٍ} إناء يشرب به الخمر {مِّن مَّعِينٍ} أي خمر جارية من منبع لا ينقطع أبداً.
{لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)} {لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ} بفتح الزاي وكسرها، من نزف الشارب وأنزف: أي لا يحصل لهم منها صداع ولا ذهاب عقل بخلاف خمر الدنيا.
{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)} {وفاكهة مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ}.
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)} {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}.
{وَحُورٌ عِينٌ (22)} {وَ} لهم للاستمتاع. {حُورٌ} نساء شديدات سواد العيون وبياضها {عِينٌ} ضخام العيون: كسرت عينه بدل ضمها لمجانسة الياء ومفرده عيناء كحمراء. وفي قراءة بجرّ (حور عين).
{كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)} {كأمثال اللؤلؤ المكنون} المصون.
{جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)} {جَزآءً} مفعول له أو مصدر، والعامل مقدّر: أي جعلنا لهم ما ذكر للجزاء، أو جزيناهم {بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.
{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25)} {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا} في الجنة {لَغْواً} فاحشاً من الكلام {وَلاَ تَأْثِيماً} أي من يُؤْثِمُ.
{إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} {إِلاَّ} لكن {قِيلاً} قولاً {سلاما سلاما} بدل من «قيلاً» فإنهم يسمعونه.
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)} {وأصحاب اليمين مَآ أصحاب اليمين}.
{فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28)} {فِى سِدْرٍ} شجر النبق {مَّخْضُودٍ} لا شوك فيه.
{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)} {وَطَلْحٍ} شجر الموز {مَّنْضُودٍ} بالحمل من أسفله إلى أعلاه.
{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} دائم.
{وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31)} {وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ} جار دائماً.
{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32)} {وفاكهة كَثِيرَةٍ}.
{لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)} {لاَّ مَقْطُوعَةٍ} في زمن {وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} بثمن.
{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} {وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} على السرر.
{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)} {إِنّآ أنشأناهن إِنشَآءً} أي الحور العين من غير ولادة.
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36)} {فجعلناهن أَبْكَاراً} عذارى كلما أتاهنّ أزواجهنّ وجدوهنّ عذارى ولا وجع.
{عُرُبًا أَتْرَابًا (37)} {عُرُباً} بضم الراء وسكونها: جمع عَرُوب: وهي المتحببة إلى زوجها عشقاً له {أَتْرَاباً} جمع ترب: أي مستويات في السنّ.
{لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38)} {لأصحاب اليمين} صلة «أنشأناهنّ» أو «جعلناهنّ» وهم.
{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39)} {ثُلَّةٌ مِّنَ الأولين}.
{وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40)} {وَثُلَّةٌ مِّنَ الأخرين}.
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)} {وأصحاب الشمال مآ أصحاب الشمال}.
{فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42)} {فِى سَمُومٍ} ريح حارّة من النار تنفذ في المسامّ {وَحَمِيمٍ} ماء شديد الحرارة.
{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43)} {وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} دخان شديد السواد.
{لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)} {لاَّ بَارِدٍ} كغيره من الظلال {وَلاَ كَرِيمٍ} حسن المنظر.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)} {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ} في الدنيا {مُتْرَفِينَ} منعمين لا يتعبون في الطاعة.
{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)} {وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى الحنث} الذنب {العظيم} أي الشرك.
{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)} {وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} في الهمزتين في الموضعين التحقيق، وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين.
{أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48)} {أَوَ ءَابآؤُنَا الأولون} بفتح الواو للعطف والهمزة للاستفهام، وهو في ذلك وفيما قبله للاستبعاد. وفي قراءة بسكون الواو عطفا بأو والمعطوف عليه محل «إن» واسمها.
{قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ (49)} {قُلْ إِنَّ الأولين والأخرين}.
{لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)} {لَمَجْمُوعُونَ إلى ميقات} وقت {يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} أي يوم القيامة.
{ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51)} {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضآلون المكذبون}.
{لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52)} {لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ} بيان للشجر.
{فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53)} {فَمَالِئُونَ مِنْهَا} من الشجر {البطون}.
{فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54)} {فشاربون عَلَيْهِ} أي الزقوم المأكول {مِنَ الحميم}.
{فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)} {فشاربون شُرْبَ} بفتح الشين وضمها: مصدر {الهيم} الإِبل العطاش: جمع هيمان للذكر وهيمى للأنثى، كعطشان وعطشى.
{هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56)} {هذا نُزُلُهُمْ} ما أعدّ لهم {يَوْمِ الدين} يوم القيامة.
{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (57)} {نَحْنُ خلقناكم} أوجدناكم من عدم {فَلَوْلا} هلا {تُصَدِّقُونَ} بالبعث، إذ القادر على الإِنشاء قادر على الإِعادة.
{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)} {أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ} تريقون المنيّ في أرحام النساء؟
{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59)} {ءأَنتُمْ} بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه في المواضع الأربعة {تَخْلُقُونَهُ} أي المنيّ بشراً {أَم نَحْنُ الخالقون}.
{نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60)} {نَحْنُ قَدَّرْنَا} بالتشديد والتخفيف {بَيْنَكُمُ الموت وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} بعاجزين.
{عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)} {على} عن {أَن نُّبَدِّلَ} أي نجعل {أَمْثَالَكُمْ} مكانكم {وَنُنشِئَكُمْ} نخلقكم {فِى مَا لاَ تَعْلَمُونَ} من الصور كالقردة والخنازير.
{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62)} {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى} بسكون الشين {فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ} فيه إدغام التاء الثانية في الأصل في الذال.
{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63)} {أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ} تثيرون في الأرض وتلقون البذر فيها.
{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)} {ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ} تنبتونه {أَمْ نَحْنُ الزارعون}.
{لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)} {لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حطاما} نباتاً يابساً لا حبّ فيه {فَظَلْتُمْ} أصله: ظللتم بكسر اللام حذفت تخفيفاً: أي أقمتم نهاراً {تَفَكَّهُونَ} حذفت منه إحدى التاءين في الأصل: تعجبون من ذلك وتقولون:
{إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66)} {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} نفقةَ زَرْعنا.
{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67)} {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} ممنوعون من رزْقَنا.
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)} {أَفَرَءَيْتُمُ المآء الذى تَشْرَبُونَ}.
{أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69)} {ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المزن} السحاب: جمع مزنة {أَمْ نَحْنُ المنزلون}.
{لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)} {لَوْ نَشَآءُ جعلناه أُجَاجاً} ملحاً لا يمكن شربه {فَلَوْلا} فهلا {تَشْكُرُونَ}.
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)} {أَفَرَءَيْتُمُ النار التى تُورُونَ} تخرجون من الشجر الأخضر؟
{أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72)} {ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ} كالمرخ والعفار والكلخ {أَمْ نَحْنُ المنشئون}.
{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73)} {نَحْنُ جعلناها تَذْكِرَةً} لنار جهنم {ومتاعا} بُلْغَةً {لِّلْمُقْوِينَ} للمسافرين، من أقوى القوم: أي صاروا بالقوى بالقصر والمدّ: أي القفر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء.
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} {فَسَبِّحْ} نزه {باسم} زائد {رَبِّكَ العظيم} أي الله.
{فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)} {فَلاَ أُقْسِمُ} «لا» زائدة {بمواقع النجوم} بمساقطها لغروبها.
{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)} {وَإِنَّهُ} أي القسم بها {لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أي لو كنتم من ذوي العلم لعلمتم عظم هذا القسم.
{إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77)} {إِنَّهُ} أي المتلوّ عليكم {لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ}.
{فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78)} {فِى كتاب} مكتوب {مَّكْنُونٍ} مصون وهو المصحف.
{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} {لاَّ يَمَسُّهُ} خبر بمعنى النهي {إِلاَّ المطهرون} أي الذين طهّروا أنفسهم من الأحداث.
{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)} {تَنزِيلٌ} منزل {مِن رَّبِّ العالمين}.
{أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)} {أفبهذا الحديث} القرآن {أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ} متهاونون مكذبون؟
{وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82)} {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} من المطر: أي شكره {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} بسقيا الله حيث قلتم: مُطرنا بنوء كذا.
{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83)} {فَلَوْلاَ} فهلاَ {إِذَا بَلَغَتِ} الروح وقت النزع {الحلقوم} وهو مجرى الطعام.
{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)} {وَأَنتُمْ} يا حاضري الميّت {حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} إليه.
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85)} {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ} بالعلم {ولكن لاَّ تُبْصِرُونَ} من التبصيرة، أي لا تعلمون ذلك.
{فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86)} {فَلَوْلاَ} فهلا {إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} مجزيين بأن تبعثوا، أي غير مبعوثين بزعمكم.
{تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87)} {تَرْجِعُونَهَآ} تردّون الروح إلى الجسد بعد بلوغ الحلقوم {إِن كُنتُمْ صادقين} فيما زعمتم، ف «لولا» الثانية تأكيد للأولى و«إذا» ظرف ل «تَرْجعون» المتعلق به الشرطان، والمعنى: هلا ترجعونها إن نفيتم البعث صادقين في نفيه أي لينتفي عن محلها الموت كالبعث.
{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88)} {فَأَمَّآ إِن كَانَ} الميت {مِنَ المقربين}.
{فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)} {فَرَوْحٌ} أي فله استراحة {وَرَيْحَانٌ} رزق حسن {وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} وهل الجواب ل «أمّا» أو ل «إن» أو لهما؟ أقوال.
{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90)} {وَأَمّآ إِن كَانَ مِنْ أصحاب اليمين}.
{فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91)} {فسلام لَّكَ} أي له السلامة من العذاب {مِنْ أصحاب اليمين} من جهة أنه منهم.
{وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92)} {وَأَمّآ إِن كَانَ مِنَ المكذبين الضآلين}.
{فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93)} {فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ}.
{وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)} {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}.
{إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95)} {إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين} من إضافة الموصوف إلى صفته.
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)} {فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم} تقدّم.
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِى السموات والأرض} أي نزّهه كل شيء فاللام مزيدة وجيء بما دون مَن تغليباً للأكثر {وَهُوَ العزيز} في ملكه {الحكيم} في صنعه.
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2)} {لَّهُ مُلْكُ السموات والأرض يُحْىِ} بالإِنشاء {وَيُمِيتُ} بعده {وَهُوَ على كُلّ شَئ قَدِيرٌ}.
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)} {هُوَ الأول} قبل كل شَيْءٍ بلا بداية {والأخر} بعد كل شَيْءٍ بلا نهاية {والظاهر} بالأدلة عليه {والباطن} عن إدراك الحواسّ {وَهُوَ بِكُلِّ شَئ عَلِيمٌ}.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)} {هُوَ الذى خَلَقَ السموات والارض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} من أيام الدنيا أوّلها الأحد وآخرها الجمعة {ثُمَّ استوى عَلَى العرش} الكرسي استواءً يليق به {يَعْلَمُ مَا يَلْجُ} يدخل {فِى الارض} كالمطر والأموات {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} كالنبات والمعادن {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السماء} كالرحمة والعذاب {وَمَا يَعْرُجُ} يصعد {فِيهَا} كالأعمال الصالحة والسيئة {وَهُوَ مَعَكُمْ} بعلمه {أَيْنَ مَا كُنتُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5)} {لَّهُ مُلْكُ السموات والأرض وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} الموجودات جميعها.
{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)} {يُولِجُ اليل} يدخله {فِى النهار} فيزيد وينقص الليل {وَيُولِجُ النهار فِى اليل} فيزيد وينقص النهار {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} بما فيها من الأسرار والمعتقدات.
{آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)} {ءَامَنُواْ} دوموا على الإِيمان {بالله وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ} في سبيل الله {مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} مِن مال من تقدّمكم وسيخلفكم فيه من بعدكم، نزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك {فالذين ءامَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ} إشارة إلى عثمان رضي الله عنه {لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}.
{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)} {وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ} خطاب للكفار أي لا مانع لكم من الإِيمان {بالله والرسول يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ} بضم الهمزة وكسر الخاء وبفتحهما ونصب ما بعدهما {ميثاقكم} عليه أي أخذه الله في عالم الذرّ حين {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِكُمْ قَالُواْ بَلَى} [172: 7] {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أي مريدين الإِيمان به فبادروا إليه.
{هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (9)} {هُوَ الذى يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ ءايات بينات} آيات القرآن {لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات} الكفر {إِلَى النور} الإِيمان {وَإِنَّ الله بِكُمْ} في إخراجكم من الكفر إلى الإِيمان {لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)} {وَمَا لَكُمْ} بعد إيمانكم {أَلاَّ} فيه إدغام نون أن في لام لا {تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ الله وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات والأرض} بما فيهما فتصل إليه أموالكم من غير أجر الإِنفاق بخلاف ما لو أنفقتم فتؤجرون {لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الفتح} لمكة {وقاتل أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الذين أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وقاتلوا وَكُلاًّ} من الفريقين وفي قراءة بالرفع مبتدأ {وَعَدَ الله الحسنى} الجنة {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فيجازيكم به.
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)} {مَّن ذَا الذى يُقْرِضُ الله} بإنفاق ماله في سبيل الله {قَرْضًا حَسَنًا} بأن ينفقه لله {فَيُضَاعِفَهُ} وفي قراءة «فيضعّفه» بالتشديد {لَهُ} من عشر إلى أكثر من سبعمائة كما ذكر في البقرة [261: 2] {وَلَهُ} مع المضاعفة {أَجْرٌ كَرِيمٌ} مقترن به رضا وإقبال.
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)} اذكر {يَوْمَ تَرَى المؤمنين والمؤمنات يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أمامهم {وَ} يكون {بأَيْمَانِهِمْ} ويقال لهم: {بُشْرَاكُمُ اليوم جنات} أي ادخلوها {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم}.
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)} {يَوْمَ يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ ءامَنُواْ انظرونا} أبصرونا. وفي قراءة بفتح الهمزة وكسر الظاء: أمهلونا {نَقْتَبِسْ} نأخذ القبس والإِضاءة {مِن نُّورِكُمْ قِيلَ} لهم استهزاء بهم {ارجعوا وَرَاءَكُمْ فالتمسوا نُوراً} فرجعوا {فَضُرِبَ بَيْنَهُم} وبين المؤمنين {بِسُورٍ} قيل هو سور الأعراف {لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة} من جهة المؤمنين {وظاهره} من جهة المنافقين {مِن قِبَلِهِ العذاب}.
{يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} على الطاعة {قَالُواْ بلى ولكنكم فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ} بالنفاق {وَتَرَبَّصْتُمْ} بالمؤمنين الدوائر {وارتبتم} شككتم في دين الإِسلام {وَغرَّتْكُمُ الأمانى} الأطماع {حتى جَاء أَمْرُ الله} الموت {وَغَرَّكُم بالله الغرور} الشيطان.
{فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} {فاليوم لاَ يُؤْخَذُ} بالياء والتاء {مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الذين كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ النار هِىَ مولاكم} أولى بكم {وَبِئْسَ المصير} هي.
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)} {أَلَمْ يَأْنِ} يَحِن {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح {أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ} بالتشديد والتخفيف {مِنَ الحق} القرآن {وَلاَ يَكُونُواْ} معطوف على تخشع {كالذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلُ} هم اليهود والنصارى {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد} الزمن بينهم وبين أنبيائهم {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} لم تلن لذكر الله {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسقون}.
{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)} {اعلموا} خطاب للمؤمنين المذكورين {أَنَّ الله يُحْىِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا} بالنبات فكذلك يفعل بقلوبكم يردّها إلى الخشوع و{قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الايات} الدالة على قدرتنا بهذا وغيره {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18)} {إِنَّ المصدقين} من التصدّق أدغمت التاء في الصاد: أي الذين تصدّقوا {والمصدقات} اللاتي تصدقن وفي قراءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق والإِيمان {وَأَقْرَضُواُ الله قَرْضاً حَسَناً} راجع إلى الذكور والإِناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لأنه فيها حل محل الفعل، وذكر القرض بوصفه بعد التصديق تقييد له {يُضَاعَفُ} وفي قراءة «يضعّف» بالتشديد أي قرضهم {لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}.
{وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)} {والذين ءَامَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصديقون} المبالغون في التصديق {والشهداء عِندَ رَبّهِمْ} على المكذبين من الأمم {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بئاياتنا} الدالة على وحدانيتنا {أولئك أصحاب الجحيم} النار.
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)} {اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} تزيين {وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى الأموال والأولاد} أي الاشتغال فيها، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة {كَمَثَلِ} أي هي في إعجابها لكم واضمحلالها كمثل {غَيْثٍ} مطر {أَعْجَبَ الكفار} الزرّاع {نَبَاتُهُ} الناشئ عنه {ثُمَّ يَهِيجُ} ييبس {فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} فتاتاً يضمحل بالرياح {وَفِى الأخرة عَذَابٌ شَدِيدٌ} لمن آثر عليها الدنيا {وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ الله ورضوان} لمن لم يؤثر عليها الدنيا {وَمَا الحياة الدنيا} ما التمتع فيها {إِلاَّ متاع الغرور}.
{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} {سَابِقُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السماء والأرض} لو وصلت إحداهما بالأخرى والعرض: السعة {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ ذلك فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله ذُو الفضل العظيم}.
{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الأرض} بالجدب {وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ} كالمرض وفقد الولد {إِلاَّ فِى كتاب} يعني اللوح المحفوظ {مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} نخلقها، ويقال في النعمة كذلك {إِنَّ ذلك عَلَى الله يَسِيرٌ}.
{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)} {لّكَيْلاَ} كي ناصبة للفعل بمعنى أن أي أخبر تعالى بذلك لئلا {تَأْسَوْاْ} تحزنوا {على مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ} فرح بطر بل فرح شكر على النعمة {بِمَا ءاتاكم} بالمدّ أعطاكم وبالقصر جاءكم منه {والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ} متكبر بما أوتي {فَخُورٌ} به على الناس.
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)} {الذين يَبْخَلُونَ} بما يجب عليهم {وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل} به لهم وعيد شديد {وَمَن يَتَوَلَّ} عما يجب عليه {فَإِنَّ الله هُوَ} ضمير فصل وفي قراءة بسقوطه {الغنى} عن غيره {الحميد} لأوليائه.
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)} {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا} الملائكة إلى الأنبياء {بالبينات} بالحجج القواطع {وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب} بمعنى الكتب {والميزان} العدل {لِيَقُومَ الناس بالقسط وَأَنزْلْنَا الحديد} أخرجناه من المعادن {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} يقاتل به {ومنافع لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله} علم مشاهدة معطوف على ليقوم الناس {مَن يَنصُرُهُ} بأن ينصر دينه بآلاتِ الحرب من الحديد وغيره {وَرُسُلَهُ بالغيب} حال من هاء «ينصره» أي غائبا عنهم في الدنيا، قال ابن عباس: ينصرونه ولا يبصرونه {إِنَّ الله قَوِىٌّ عَزِيزٌ} لا حاجة له إلى النصرة لكنها تنفع من يأتي بها.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)} {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وإبراهيم وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب} يعني الكتب الأربعة: التوراة، والإِنجيل، والزبور، والقرآن فإنها في ذرّية إبراهيم {فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فاسقون}.
{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} {ثُمَّ قَفَّيْنَا على ءاثارهم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابن مَرْيَمَ وءاتيناه الإنجيل وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الذين اتبعوه رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً} هي رفض النساء واتخاذ الصوامع {ابتدعوها} من قبل أنفسهم {مَا كتبناها عَلَيْهِمْ} ما أمرناهم بها {إِلاَّ} لكن فعلوها {ابتغاء رضوان} مرضاة {الله فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} إذ تركها كثير منهم وكفروا بدين عيسى ودخلوا في دين ملكهم وبقي على دين عيسى كثير منهم فآمنوا بنبينا {فَئَاتَيْنَا الذين ءَامَنُواْ} به {مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فاسقون}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)} {ياأيها الذين ءَامَنُواْ} بعيسى {اتقوا الله وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ} محمد صلى الله عليه وسلم {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} نصيبين {مّن رَّحْمَتِهِ} لإِيمانكم بالنبيَّيْن {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} على الصراط {وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ} أي أعلمكم بذلك ليعلم {أَهْلُ الكتاب} التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم {أَ} نْ مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والمعنى أنهم {لاَّ يَقْدِرُونَ على شَئ مِن فَضْلِ الله} خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ} يعطيه {مَن يَشَآءُ} فآتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما تقدّم {والله ذُو الفضل العظيم}.
|