الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} {لا} زائدة في الموضعين {أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة}.
{وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} {وَلاَ أُقْسِمُ بالنفس اللوامة} التي تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإِحسان وجواب القسم محذوف، أي لتبعثن، دل عليه:
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3)} {أَيَحْسَبُ الإنسان} أي الكافر {أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} للبعث والإِحياء؟.
{بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)} {بلى} نجمعها {قادرين} مع جمعها {على أَن نُّسَوّىَ بَنَانَهُ} وهو الأصابع، أي نعيد عظامها كما كانت مع صغرها فكيف بالكبيرة؟.
{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5)} {بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ} اللام زائدة ونصبه بأن مقدرة، أي أن يكذب {أَمَامَهُ} أي يوم القيامة، دل عليه:
{يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)} {يَسْئَلُ أَيَّانَ} متى {يَوْمُ القيامة}؟ سؤال استهزاء وتكذيب.
{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7)} {فَإِذَا بَرِقَ البصر} بكسر الراء وفتحها دهش وتحير لما رَأى مما كان يكذب به.
{وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)} {وَخَسَفَ القمر} أظلم وذهب ضوؤه.
{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9)} {وَجُمِعَ الشمس والقمر} فطلعا من المغرب أو ذهب ضوؤهما وذلك في يوم القيامة.
{يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)} {يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المفر} الفرار؟.
{كَلَّا لَا وَزَرَ (11)} {كَلاَّ} ردع عن طلب الفرار {لاَ وَزَرَ} لا ملجأ يتحصن به.
{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)} {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} مستقرّ الخلائق فيحاسبون ويجازون.
{يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)} {يُنَبَّؤُاْ الإنسان يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} بأوّل عمله وآخره.
{بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)} {بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} شاهد تنطق جوارحه بعمله والهاء للمبالغة فلا بد من جزائه.
{وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)} {وَلَوْ ألقى مَعَاذِيرَهُ} جمع معذرة على غير قياس، أي لو جاء بكل معذرة ما قُبلت منه.
{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} قال تعالى لنبيه: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ} بالقرآن قبل فراغ جبريل منه {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} خوف أن ينفلت منك.
{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17)} {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} في صدرك {وَقُرْءَانَهُ} قراءتك إياه، أي جريانهُ على لسانك.
{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18)} {فَإِذَا قرأناه} عليك بقراءة جبريل {فاتبع قُرْءَانَهُ} استمع قراءته فكان صلى الله عليه وسلم يستمع ثم يقرأ.
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} بالتفهيم لك، والمناسبة بين هذه الآية وما قبلها أنّ تلك تضمنت الإِعراض عن آيات الله وهذه تضمنت المبادرة إليها بحفظها.
{كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20)} {كَلاَّ} استفتاح بمعنى ألا {بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة} الدنيا بالتاء والياء في الفعلين.
{وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ (21)} {وَتَذَرُونَ الأخرة} فلا تعملون لها.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} أي في يوم القيامة {نَّاضِرَةٌ} حسنة مضيئة.
{إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أي يرون الله سبحانه وتعالى في الآخرة.
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)} {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} كالحة شديدة العبوس.
{تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)} {تَظُنُّ} توقن {أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} داهية عظيمة تكسر فقار الظهر.
{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)} {كَلاَّ} بمعنى ألا {إِذَا بَلَغَتِ} النفس {التراقى} عظام الحلق.
{وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27)} {وَقِيلَ} قال من حوله {مَنْ رَاقٍ} يرقيه ليشفى؟.
{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28)} {وَظَنَّ} أيقن مَن بلغت نفسه ذلك {أَنَّهُ الفراق} فراق الدنيا.
{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29)} {والتفت الساق بالساق} أي إحدى ساقيه بالأخرى عند الموت، أو التفت شدّة فراق الدنيا بشدّة إقبال الآخرة.
{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)} {إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق} أي السوّق وهذا يدل على العامل في إذا، المعنى إذا بلغت النفس الحلقوم تساق إلى حكم ربها.
{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31)} {فَلاَ صَدَّقَ} الإِنسان {وَلاَ صلى} أي لم يصّدّق ولم يُصَلِّ.
{وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32)} {ولكن كَذَّبَ} بالقرآن {وتولى} عن الإِيمان.
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)} {ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى} يتبختر في مشيته إعجاباً.
{أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34)} {أولى لَكَ} فيه التفات عن الغيبة والكلمة اسم فعل واللام للتبيين، أي وَلِيَكَ ما تكره {فأولى} أي فهو أولى بك من غيرك.
{ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)} {ثُمَّ أولى لَكَ فأولى} تأكيد.
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)} {أَيَحْسَبُ} يظنّ {الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى} هملاً لا يكلف بالشرائع؟ أي لا يحسب ذلك.
{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)} {أَلَمْ يَكُ} أي كان {نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يمنى} بالياء والتاء تصب في الرحم؟.
{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38)} {ثُمَّ كَانَ} المنيّ {عَلَقَةً فَخَلَقَ} الله منها الإِنسان {فسوى} عدل أعضاءه؟.
{فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39)} {فَجَعَلَ مِنْهُ} من المني الذي صار علقة أي قطعة دم ثم مضغة أي قطعة لحم {الزوجين} النوعين {الذكر والأنثى}؟ يجتمعان تارة وينفرد كل منهما عن الآخر تارة.
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} {أَلَيْسَ ذَلِكَ} الفعّال لهذه الأشياء {بقادر على أَن يُحْىِ الموتى}؟ قال صلى الله عليه وسلم «بلى».
{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} {هَلُ} قد {أتى عَلَى الإنسان} آدم {حِينٌ مِّنَ الدهر} أربعون سنة {لَمْ يَكُنِ} فيه {شَيْئاً مَّذْكُوراً} كان فيه مصوّرا من طين لا يذكر أوالمراد بالإِنسان الجنس وبالحين مدّة الحمل.
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان} الجنس {مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} أخلاط، أي من ماء الرجل وماء المرأة المختلطين الممتزجين {نَّبْتَلِيهِ} نختبره بالتكليف والجملة مستأنفة أو حال مقدرة، أي مريدين ابتلاءه حين تأهله {فجعلناه} بسبب ذلك {سَمِيعاً بَصِيراً}.
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} {إِنَّا هديناه السبيل} بينا له طريق الهدى ببعث الرسل {إِمَّا شَاكِراً} أي مؤمناً {وَإِمَّا كَفُوراً} حالان من المفعول، أي بيناه له في حال شكره أو كفره المقدرة وإما لتفصيل الأحوال.
{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)} {إِنَّا أَعْتَدْنَا} هيأنا {للكافرين سلاسلا} يسحبون بها في النار {وأغلالا} في أعناقهم تشدّ فيها السلاسل {وَسَعِيراً} نارا مسعرة، أي مهيجة يعذبون بها.
{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)} {إِنَّ الأبرار} جمع بر أو بارّ وهم المطيعون {يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ} هو إناء شرب الخمر وهي فيه والمراد من خمر تسمية للحال باسم المحل ومن للتبعيض {كَانَ مِزَاجُهَا} ما تمزج به {كافُوراً}.
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)} {عَيْناً} بدل من «كافوراً» فيها رائحته {يَشْرَبُ بِهَا} منها {عِبَادُ الله} أولياؤه {يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} يقودونها حيث شاؤوا من منازلهم.
{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7)} {يُوفُونَ بالنذر} في طاعة الله {وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} منتشراً.
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)} {وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبِّهِ} أي الطعام وشهوتهم له {مِسْكِيناً} فقيراً {وَيَتِيماً} لا أب له {وَأَسِيراً} يعني المحبوس بحق.
{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله} لطلب ثوابه {لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً} شكراً فيه علة الإِطعام، وهل تكلموا بذلك أو علمه الله منهم فأثنى عليهم به؟ قولان.
{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)} {إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً} تكلح الوجوه فيه أي كريه المنظر لشدّته {قَمْطَرِيراً} شديداً في ذلك.
{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11)} {فوقاهم الله شَرَّ ذَلِكَ اليوم ولقاهم} أعطاهم {نَضْرَةً} حُسْناً وإضاءة في وجوههم {وَسُرُوراً}.
{وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)} {وجزاهم بِمَا صَبَرُواْ} بصبرهم عن المعصية {جَنَّةُ} ادخلوها {وَحَرِيراً} البسوه.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)} {مُتَّكِئِينَ} حال من مرفوع أدخلوها المقدّر {فِيهَا على الأرائك} السرر في الحجال {لاَ يَرَوْنَ} لا يجدون حال ثانية {فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً} أي لا حراً ولا برداً وقيل الزمهرير القمر فهي مضيئة من غير شمس ولا قمر.
{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14)} {وَدَانِيَةً} قريبة عطف على محل لا يرون، أي غير رائين {عَلَيْهِمْ} منهم {ظلالها} شجرها {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} أدنيت ثمارها فينالها القائم والقاعد والمضطجع.
{وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ (15)} {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ} فيها {بِئَانِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ} أقداح بلا عرى {كَانَتْ قَوَارِيرَاْ}.
{قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16)} {قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ} أي إنها من فضة يرى باطنها من ظاهرها كالزجاج {قَدَّرُوهَا} أي الطائفون {تَقْدِيراً} على قدر ريّ الشاربين من غير زيادة ولا نقص وذلك ألذّ الشراب.
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17)} {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً} أي خمراً {كَانَ مِزَاجُهَا} ما تمزج به {زَنجَبِيلاً}.
{عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)} {عَيْناً} بدل من زنجبيلاً {فِيهَا تسمى سَلْسَبِيلاً} يعني أن ماءها كالزنجبيل الذي تستلذ به العرب سهل المساغ في الحلق.
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)} {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ولدان مُّخَلَّدُونَ} بصفة الولدان لا يشيبون {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ} لحسنهم وانتشارهم في الخدمة {لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً} من سِلْكِهِ أو من صَدَفِه وهو أحسن منه في غير ذلك.
{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)} {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} أي وجدت الرؤية منك في الجنة {رَأَيْتَ} جواب إذا {نَعِيماً} لا يوصف {وَمُلْكاً كَبِيراً} واسعاً لا غاية له.
{عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)} {عاليهم} فوقهم فنصبه على الظرفية وهو خبر لمبتدأ بعده وفي قراءة بسكون الياء مبتدأ وما بعده خبره والضمير المتصل به للمعطوف عليهم {ثِيَابُ سُندُسٍ} حرير {خُضْرٌ} بالرفع {وَإِسْتَبْرَقٍ} بالجر ما غلظ من الديباج فهو البطائن والسندس الظهائر، وفي قراءة عكس ما ذكر فيهما، وفي أخرى برفعهما وفي أخرى بجرّهما {وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ} وفي موضع آخر (من ذهب) للإِيذان بأنهم يحلون من النوعين معاً ومفرقاً {وسقاهم رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً} مبالغة في طهارته ونظافته بخلاف خمر الدنيا.
{إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)} {إِنَّ هَذَا} النعيم {كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً}.
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23)} {إِنَّا نَحْنُ} تأكيد لاسم إن أو فصل {نَزَّلْنَا عَلَيْكَ القرءان تَنزِيلاً} خبر إن أي فصلناه ولم ننزله جملة واحدة.
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)} {فاصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} عليك بتبليغ رسالته {وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ} أي الكفار {ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً} أي عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة، قالا للنبي صلى الله عليه وسلم ارجع عن هذا الأمر، ويجوز أن يراد كل آثم وكافر أي لا تطع أحدهما أياً كان فيما دعاك إليه من إثم أو كفر.
{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)} {واذكر اسم رَبِّكَ} في الصلاة {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} يعني الفجر والظهر والعصر.
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)} {وَمِنَ اليل فاسجد لَهُ} يعني المغرب والعشاء {وَسَبّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} صلّ التطوّع فيه كما تقدّم من ثلثيه أو نصفه أو ثلثه.
{إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27)} {إِنَّ هؤلاء يُحِبُّونَ العاجلة} الدنيا {وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} شديداً أي يوم القيامة لا يعملون له.
{نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)} {نَّحْنُ خلقناهم وَشَدَدْنَا} قوّينا {أَسْرَهُمْ} أعضاءهم ومفاصلهم {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا} جعلنا {أمثالهم} في الخلقة بدلاً منهم بأن نهلكهم {تَبْدِيلاً} تأكيد ووقعت إذا موقع إن، نحو {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} [19: 14] لأنه تعالى لم يشأ ذلك وإذاً لم يقع.
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29)} {إِنَّ هذه} السورة {تَذْكِرَةٌ} عظة للخلق {فَمَن شَاءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً} طريقاً بالطاعة.
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)} {وَمَا تَشَآءُونَ} بالتاء والياء اتخاذ السبيل بالطاعة {إِلاَّ أَن يَشَاءَ الله} ذلك {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً} بخلقه {حَكِيماً} في فعله.
{يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)} {يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِى رَحْمَتِهِ} جنته وهم المؤمنون {والظالمين} ناصبه فعل مقدر أي أوعد يفسره {أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} مؤلماً وهم الكافرون.
{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)} {والمرسلات عُرْفاً} أي الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضه بعضاً ونصبه على الحال.
{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)} {فالعاصفات عَصْفاً} الرياح الشديدة.
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3)} {والناشرات نَشْراً} الرياح تنشر المطر.
{فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4)} {فالفارقات فَرْقاً} أي آيات القرآن تفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام.
{فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5)} {فالملقيات ذِكْراً} أي الملائكة تنزل بالوحي إلى الأنبياء والرسل يلقون الوحي إلى الأمم.
{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6)} {عُذْراً أَوْ نُذْراً} أي للإِعذار والإِنذار من الله تعالى وفي قراءة بضم ذال نُذُراً وقرئ بضم ذال (عُذُراً).
{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)} {إِنَّمَا تُوعَدُونَ} أي يا كفار مكة من البعث والعذاب {لَوَاقِعٌ} كائن لا محالة.
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8)} {فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} مُحِيَ نورها.
{وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9)} {وَإِذَا السماء فُرِجَتْ} شُقَّت.
{وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10)} {وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ} فُتِّتَت وسُيِّرَت.
{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11)} {وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} بالواو (أقتت) وبالهمزة بدلاً منها، أي جُمعت لوَقْتٍ.
{لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12)} {لأَيِّ يَوْمٍ} ليوم عظيم {أُجِّلَتْ} للشهادة على أممهم بالتبليغ.
{لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13)} {لِيَوْمِ الفصل} بين الخلق ويؤخذ منه جواب إذا، أي وقع الفصل بين الخلائق.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14)} {وَمَا أدراك مَا يَوْمُ الفصل} تهويل لشأنه.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ} هذا وعِيد لهم.
{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)} {أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين} بتكذيبهم، أي أهلكناهم.
{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ (17)} {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الأخرين} ممن كذبوا ككفار مكة فنهلكهم.
{كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)} {كذلك} مثل ما فعلنا بالمكذبين {نَفْعَلُ بالمجرمين}. بكل من أجرم فيما يستقبل فنهلكهم.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ} تأكيد.
{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)} {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ} ضعيف؟ وهو المنيّ.
{فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21)} {فجعلناه فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ} حريز وهو الرحم.
{إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22)} {إلى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ} وهو وقت الولادة.
{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (23)} {فَقَدَرْنَا} على ذلك {فَنِعْمَ القادرون} نحن.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24)} {وَيْلٌ لِّلْمُكَذّبِينَ}.
{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)} {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً} مصدر كفت بمعنى ضم، أي ضامة.
{أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)} {أَحْيَاءً} على ظهرها {وأمواتا} في بطنها.
{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27)} {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ شامخات} جبالاً مرتفعات {وأسقيناكم مَّاءً فُرَاتاً} عذباً.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذِّبِينَ} ويقال للمكذبين يوم القيامة.
{انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29)} {انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ} من العذاب {تُكَذِّبُونَ}.
{انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30)} {انطلقوا إلى ظِلٍّ ذِى ثلاث شُعَبٍ} هو دخان جهنم إذا ارتفع افترق ثلاث فرق لعظمته.
{لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31)} {لاَّ ظَلِيلٍ} كنين يظلهم من حرّ ذلك اليوم {وَلاَ يُغْنِى} يردّ عنهم شيئا {مِنَ اللهب} النار.
{إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32)} {إِنَّهَا} أي النار {تَرْمِى بِشَرَرٍ} هو مَا تطاير منها {كالقصر} من البناء في عظمه وارتفاعه.
{كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (33)} {كَأَنَّهُ جمالت} جمع جمالة جمع جمل وفي قراءة جمَالة {صُفْرٌ} في هيئتها ولونها وفي الحديث «شرار النار أسود كالقير»، والعرب تسمي سود الإِبل صفراً لشوب سوادها بصفرة فقيل صفر في الآية بمعنى سود لما ذكر وقيل لا والشرر: جمع شررة والشرار جمع شرارة، والقير: القار.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ}.
{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} {هذا} أي يوم القيامة {يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} فيه بشيء.
{وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36)} {وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ} في العذر {فَيَعْتَذِرُونَ} عطف على يؤذن من غير تسبب عنه فهو داخل في حيز النفي، أي لا إذن فلا اعتذار.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ}.
{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38)} {هذا يَوْمُ الفصل جمعناكم} أيها المكذبون من هذه الأمة {والأولين} من المكذبين من قبلكم فتحاسبون وتعذبون جميعاً.
{فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39)} {فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ} حيلة في دفع العذاب عنكم {فَكِيدُونِ} فافعلوها.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (40)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ}.
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41)} {إِنَّ المتقين فِى ظلال} أي تكاثف أشجار إذ لا شمس يُظَلُّ من حرها {وَعُيُونٍ} نابعة من الماء.
{وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42)} {وفواكه مِمَّا يَشْتَهُونَ} فيه إعلام بأن المأكل والمشرب في الجنة بحسب شهواتهم بخلاف الدنيا فبحسب ما يجد الناس في الأغلب.
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} ويقال لهم: {كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً} حال، أي مهنئين {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} من الطاعة.
{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44)} {إِنَّا كَذَلِكَ} كما جزينا المتقين {نَجْزِى المحسنين}.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (45)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذّبِينَ}.
{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46)} {كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ} خطاب للكفار في الدنيا {قَلِيلاً} من الزمان وغايته إلى الموت، وفي هذا تهديد لهم {إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ}.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48)} {وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا} صلوا {لاَ يَرْكَعُونَ} لا يصلون.
{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49)} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}.
{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)} {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ} أي القرآن {يُؤْمِنُونَ}؟ أي لا يمكن إيمانهم بغيره من كتب الله بعد تكذيبهم به لاشتماله على الإِعجاز الذي لم يشتمل عليه غيره.
{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} {عَمَّ} عن أي شيء {يَتَسَاءَلُونَ} يسأل بعض قريش بعضاً.
{عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} {عَنِ النبإ العظيم} بيان لذلك الشيء والاستفهام لتفخيمه وهو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن المشتمل على البعث وغيره.
{الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)} {الذى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} فالمؤمنون يثبتونه والكافرون ينكرونه.
{كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4)} {كَلاَّ} ردع {سَيَعْلَمُونَ} ما يحل بهم على إنكارهم له.
{ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)} {ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ} تأكيد وجيء فيه ب «ثم» للإِيذان بأن الوعيد الثاني أشدّ من الأوّل، ثم أومأ تعالى إلى القدرة على البعث فقال:
{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)} {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مهادا} فراشاً كالمهد.
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)} {والجبال أَوْتَاداً} تثبت بها الأرض كما تثبت الخيام بالأوتاد والاستفهام للتقرير.
{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)} {وخلقناكم أزواجا} ذكوراً وإناثاً.
{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)} {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} راحة لأبدانكم.
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)} {وَجَعَلْنَا اليل لِبَاساً} ساتراً بسواده.
{وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)} {وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً} وقتاً للمعايش.
{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12)} {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً} سبع سموات {شِدَاداً} جمع شديدة، أي قوية محكمة لا يؤثر فيها مرور الزمان.
{وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)} {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً} منيراً {وَهَّاجاً} وقاداً: يعني الشمس.
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)} {وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات} السحابات التي حان لها أن تمطر، كالمعصر الجارية التي دنت من الحيض {مَاءً ثَجَّاجاً} صباباً.
{لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)} {لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً} كالحنطة {وَنَبَاتاً} كالتين.
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)} {وجنات} بساتين {أَلْفَافاً} ملتفة، جمع لفيف كشريف وأشرف.
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17)} {إِنَّ يَوْمَ الفصل} بين الخلائق {كَانَ ميقاتا} وقتاً للثواب والعقاب.
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18)} {يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصور} القرن بدل من يوم الفصل أو بيان له والنافخ إسرافيل {فَتَأْتُونَ} من قبوركم إلى الموقف {أَفْوَاجاً} جماعات مختلفة.
{وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)} {وَفُتِحَتِ السماء} بالتشديد والتخفيف شققت لنزول الملائكة {فَكَانَتْ أبوابا} ذات أبواب.
{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20)} {وَسُيّرَتِ الجبال} ذهب بها عن أماكنها {فَكَانَتْ سَرَاباً} هباء، أي مثله في خفة سيرها.
{إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21)} {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً} راصدة أو مرصدة.
{لِلطَّاغِينَ مَآَبًا (22)} {للطاغين} الكافرين فلا يتجاوزونها {مَئَاباً} مرجعاً لهم فيدخلونها.
{لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)} {لابثين} حال مقدرة، أي مقدَّراً لبثهم {فِيهَا أَحْقَاباً} دهوراً لا نهاية لها جمع حُقْب بضم أوله.
{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24)} {لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً} نوماً فإنهم لا يذوقونه {وَلاَ شَرَاباً} ما يشرب تلذذاً.
{إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25)} {إِلاَّ} لكن {حَمِيماً} ماء حارّاً غاية الحرارة {وَغَسَّاقاً} بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار فإنهم يذوقونه جوزوا بذلك.
{جَزَاءً وِفَاقًا (26)} {جَزَاءً وفاقا} موافقاً لِعَمَلِهم فلا ذنب أعظم من الكفر ولا عذاب أعظم من النار.
{إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27)} {إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ} يخافون {حِسَاباً} لإِنكارهم البعث.
{وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28)} {وَكَذَّبُواْ بئاياتنا} القرآن {كِذَّاباً} تكذيباً.
{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29)} {وَكُلَّ شئ} من الأعمال {أحصيناه} ضبطناه {كتابا} كتباً في اللوح المحفوظ لنجازي عليه ومن ذلك تكذيبهم بالقرآن.
{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)} {فَذُوقُواْ} أي فيقال لهم في الآخرة عند وقوع العذاب عليهم ذوقوا جزاءكم {فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً} فوق عذابكم.
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)} {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} مكان فوز في الجنة.
{حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)} {حَدَائِقَ} بساتين بدل من «مفازا» أو بيان له {وأعنابا} عطف على مفازا.
{وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)} {وَكَوَاعِبَ} جواري تكعبت ثُدِيهن جمع كاعب {أَتْرَاباً} على سنّ واحد، جمع تِرْب بكسر التاء وسكون الراء.
{وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)} {وَكَأْساً دِهَاقاً} خمراً مالئة محالها، وفي سورة (القتال) {وأنهار مِّنْ خَمْرٍ} [15: 47].
{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)} {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا} أي الجنة عند شرب الخمر وغيرها من الأحوال {لَغْواً} باطلاً من القول {وَلاَ كذابا} بالتخفيف، أي: كذباً، وبالتشديد أي تكذيباً، من واحد لغيره بخلاف ما يقع في الدنيا عند شرب الخمر.
{جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)} {جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ} أي جزاهم الله بذلك جزاء {عَطَاءً} بدل من جزاء {حِسَاباً} أي كثيراً، من قولهم أعطاني فأحسبني، أي أكثر عليّ حتى قلت: حسبي.
{رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)} {رَبِّ السموات والأرض} بالجرّ والرفع {وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن} كذلك وبرفعه مع جرّ رَبِّ {لاَّ يَمْلِكُونَ} أي الخلق {مِنْهُ} تعالى {خِطَاباً} أي لا يقدر أحد أن يخاطبه خوفاً منه.
{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)} {يَوْمَ} ظرف ل «لا يملكون» {يَقُومُ الروح} جبريل أو جند الله {والملائكة صَفّاً} حال، أي مصطفين {لاَّ يَتَكَلَّمُونَ} أي الخلق {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن} في الكلام {وَقَالَ} قولاً {صَوَاباً} من المؤمنين والملائكة كأن يشفعوا لمن ارتضى.
{ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)} {ذَلِكَ اليوم الحق} الثابت وقوعه وهو يوم القيامة {فَمَن شَاءَ اتخذ إلى رَبِّهِ مَئَاباً} مرجعاً، أي رجع إلى الله بطاعته ليسلم من العذاب فيه.
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)} {إِنَّا أنذرناكم} يا كفار مكة {عَذَاباً قَرِيباً} أي عذاب يوم القيامة الآتي، وكل آت قريب {يَوْمَ} ظرف ل «عذاباً» بصفته {يَنظُرُ المرء} كل امرئ {مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} من خير وشرّ {وَيَقُولُ الكافر يا} حرف تنبيه {لَيْتَنِى كُنتُ ترابا} يعني فلا أُعذَّب يقول ذلك عندما يقول الله تعالى للبهائم بعد الاقتصاص من بعضها لبعض: كوني تراباً.
{وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1)} {والنازعات} الملائكة تنزع أرواح الكفار {غَرْقاً} نزعاً بشدّة.
{وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)} {والناشطات نَشْطاً} الملائكة تنشط أرواح المؤمنين، أي تسلها برفق.
{وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3)} {والسابحات سَبْحاً} الملائكة تسبح من السماء بأمره تعالى، أي تنزل.
{فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4)} {فالسابقات سَبْقاً} الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة.
{فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)} {فالمدبرات أَمْراً} الملائكة تدبر أمر الدنيا، أي تنزل بتدبيره. وجواب هذه الأقسام محذوف، أي لتبعثنّ يا كفار مكة وهو عامل في.
{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6)} {يَوْمَ تَرْجُفُ الراجفة} النفخة الأولى بها يرجف كل شيء، أي يتزلزل فوصفت بما يحدث منها.
{تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)} {تَتْبَعُهَا الرادفة} النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة. والجملة حال من «الراجفة»، فاليوم واسع للنفختين وغيرهما، فصح ظرفيته للبعث الواقع عقب الثانية.
{قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8)} {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} خائفة قلقة.
{أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9)} {أبصارها خاشعة} ذليلة لهول ما ترى.
{يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)} {يَقُولُونَ} أي أرباب القلوب والأبصار استهزاء وإنكاراً للبعث {أءِنَّا} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين {لَمَرْدُودُونَ فِى الحافرة} أي: أنرد بعد الموت إلى الحياة؟، والحافرة: اسم لأوَّل الأمر، ومنه رجع فلان في حافرته: إذا رجع من حيث جاء.
{أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11)} {أَءِذَا كُنَّا عظاما نَّخِرَةً} وفي قراءة «ناخرة» بالية متفتتة نُحْيَا؟.
{قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12)} {قَالُواْ تِلْكَ} أي رجعتنا إلى الحياة {إِذَاً} إن صحت {كَرَّةٌ} رجعة {خاسرة} ذات خسران.
{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13)} قال تعالى: {فَإِنَّمَا هِىَ} أي الرادفة التي يعقبها البعث {زَجْرَةٌ} نفخة {واحدة} فإذا نفخت.
{فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)} {فَإِذَا هُم} أي كل الخلائق {بالساهرة} بوجه الأرض أحياء بعد ما كانوا ببطنها أمواتاً.
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)} {هَلُ أتاك} يا محمد {حَدِيثُ موسى} عامل في.
{إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16)} {إِذْ ناداه رَبُّهُ بالواد المقدس طُوًى} اسم الوادي بالتنوين وتركه، فقال:
{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17)} {اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى} تجاوز الحد في الكفر.
{فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)} {فَقُلْ هَل لَّكَ} أدعوك {إلى أَن تزكى} وفي قراءة بتشديد «الزاي» بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها: تتطهر من الشرك بأن تشهد أن لا إله إلا الله.
{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19)} {وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ} أدلك على معرفته بالبرهان {فتخشى} فتخافه.
{فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20)} {فأراه الأية الكبرى} من اياته التسع وهي اليد والعصا.
{فَكَذَّبَ وَعَصَى (21)} {فَكَذَّبَ} فرعون موسى {وعصى} الله تعالى.
{ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22)} {ثُمَّ أَدْبَرَ} عن الإِيمان {يسعى} في الأرض بالفساد.
{فَحَشَرَ فَنَادَى (23)} {فَحَشَرَ} جمع السحرة وجنده {فنادى}.
{فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} {فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} لا رب فوقي.
{فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25)} {فَأَخَذَهُ الله} أهلكه بالغرق {نَكَالَ} عقوبة {الأخرة} أي هذه الكلمة {والأولى} أي قوله قبلها {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إله غَيْرِي} [38: 28] وكان بينهما أربعون سنة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)} {إِنَّ فِى ذلك} المذكور {لَعِبْرَةً لِّمَن يخشى} الله تعالى.
{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27)} {ءَأَنْتُمْ} بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه، أي منكرو البعث {أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء} أشدّ خلقاً؟ {بناها} بيان لكيفية خلقها.
{رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)} {رَفَعَ سَمْكَهَا} تفسير لكيفية البناء، أي جعل سمتها في جهة العلو رفيعاً. وقيل سمكها سقْفها {فسواها} جعلها مستوية بلا عيب.
{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)} {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} أظلمه {وَأَخْرَجَ ضحاها} أبرز نور شمسها، وأضيف إليها الليل لأنه ظلها، والشمس لأنها سراجها.
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)} {والأرض بَعْدَ ذلك دحاهآ} بسطها وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو.
{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31)} {أَخْرَجَ} حال بإضمار «قد» أي مخرجا {مِنْهَا مَاءهَا} بتفجير عيونها {ومرعاها} ما ترعاه النعم من الشجر والعشب وما يأكله الناس من الأقوات والثمار، وإطلاق المرعى عليه استعارة.
{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)} {والجبال أرساها} أثبتها على وجه الأرض لتسكن.
{مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33)} {متاعا} مفعول له لمقدّر، أي فعل ذلك متعة، أو مصدر: أي تمتيعاً {لَّكُمْ ولأنعامكم} جمع نعم، وهي الإِبل والبقر والغنم.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34)} {فَإِذَا جَآءَتِ الطآمة الكبرى} النفخة الثانية.
{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35)} {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان} بدل من «إذا» {مَا سعى} في الدنيا من خير وشر.
{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36)} {وَبُرِّزَتِ} أظهرت {الجحيم} النار المحرقة {لِمَن يرى} لكل راءٍ، وجواب إذا:
{فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37)} {فَأَمَّا مَن طغى} كفر.
{وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38)} {وَءَاثَرَ الحياة الدنيا} باتباع الشهوات.
{فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)} {فَإِنَّ الجحيم هِىَ المأوى} مأواه.
{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)} {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} قيامه بين يديه {وَنَهَى النفس} الأمارة {عَنِ الهوى} المردي باتباع الشهوات.
{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} {فَإِنَّ الجنة هِىَ المأوى}. وحاصل الجواب: فالعاصي في النار والمطيع في الجنة.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42)} {يَسْئَلُونَكَ} أي كفار مكة {عَنِ الساعة أَيَّانَ مرساها} متى وقوعها وقيامها؟.
{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} {فِيمَ} في أي شيء {أَنتَ مِن ذكراهآ} أي ليس عندك علمها حتى تذكرها.
{إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} {إلى رَبِّكَ منتهاهآ} منتهى علمها لا يعلمه غيره.
{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45)} {إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ} إنما ينفع إنذارك {مَن يخشاها} يخافها.
{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)} {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ} في قبورهم {إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضحاها} أي عشية يوم أو بكرته، وصح إضافة الضحى إلى العشية لما بينهما من الملابسة إذ هما طرفا النهار، وحسن الإِضافة وقوع الكلمة فاصلة.
|