الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} {ياأيها النبى} المراد أمته بقرينة ما بعده، أو قل لهم {إِذَا طَلَّقْتُمُ النسآء} أي أردتم الطلاق {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} لأوّلها بأن يكون الطلاق في طهر لم تمس فيه لتفسيره صلى الله عليه وسلم بذلك، رواه الشيخان {وَأَحْصُواْ العدة} احفظوها لتراجعوا قبل فراغها {واتقوا الله رَبَّكُمْ} أطيعوه في أمره ونهيه {لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ} منها حتى تنقضي عدّتهنّ {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بفاحشة} زنا {مُّبَيِّنَةٍ} بفتح الياء وكسرها: أي بينت، أو بينة فيخرجن لإِقامة الحدّ عليهنّ {وَتِلْكَ} المذكورات {حُدُودُ الله وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذلك} الطلاق {أمْراً} مراجعة فيما إذا كان واحدة أو اثنتين.
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)} {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربن انقضاء عدّتهنّ {فَأَمْسِكُوهُنَّ} بأن تراجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرار {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} اتركوهنّ حتى تنقضي عدّتهنّ ولا تضارّوهنّ بالمراجعة {وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنْكُمْ} على المراجعة أو الفراق {وَأَقِيمُواْ الشهادة لِلَّهِ} لا للمشهود عليه أو له {ذلكم يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} من كرب الدنيا والآخرة.
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} يخطر بباله {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله} في أُموره {فَهُوَ حَسْبُهُ} كافيه {إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ} مراده. وفي قراءة بالإِضافة {قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَئ} كرخاء وشدّة {قَدْراً} ميقاتاً.
{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)} {والائى} بهمزة وياء، وبلا ياء في الموضعين {يَئِسْنَ مِنَ المحيض} بمعنى الحيض {مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم} شككتم في عدّتهنّ {فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثة أَشْهُرٍ والائى لَمْ يَحِضْنَ} لصغرهنّ فعدّتهنّ ثلاثة أشهر، والمسألتان في غير المتوفى عنهنّ أزواجهنّ، أما هنّ فعدّتهنّ ما في آية (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) {وأولات الأحمال أَجَلُهُنَّ} انقضاء عدّتهنّ مطلقات أو متوفى عنهنّ أزواجهنّ {أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} في الدنيا والآخرة.
{ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)} {ذلك} المذكور في العدّة {أَمْرُ الله} حُكمه {أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ الله يُكَفِّرْ عَنْهُ سيئاته وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً}.
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)} {أَسْكِنُوهُنَّ} أي المطلقات {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} أي بعض مساكنكم {مِّن وُجْدِكُمْ} أي سعتكم عطف بيان، أو بدل مما قبله بإعادة الجارّ وتقدير مضاف أي أمكنة سعتكم لا ما دونها {وَلاَ تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ} المساكن فيحتجن إلى الخُرُوجِ أو النَّفَقَةِ فيفتدين مِنْكُمْ {وَإنْ كُنَّ أُوْلاَتِ حَملٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حتى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} أولادكم منهنّ {فَئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} على الرضاع {وَأْتَمِرُواْ بَيْنِكُمْ} وبينهنّ {بِمَعْرُوفٍ} بجميل في حق الأولاد بالتوافق على أجر معلوم للإِرضاع {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ} تضايقتم في الرضاع فامتنع الأب من الأجرة والأم من فعله {فَسَتُرْضِعُ لَهُ} للأب {أخرى} ولا تكره الأمّ على إرضاعه.
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} {لِيُنفِقْ} على المطلقات والمرضعات {ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ} ضيق {عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتاه} أعطاه {الله} على قدره {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ مَآ ءاتاها سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} وقد جعله بالفتوح.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8)} {وَكَأَيِّن} هي كاف الجر دخلت على أي بمعنى كم {مِن قَرْيَةٍ} أي وكثير من القرى {عَتَتْ} عصت، يعني أهلها {عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فحاسبناها} في الآخرة وإن لم تجيء لتحقق وقوعها {حِسَاباً شَدِيداً وعذبناها عَذَاباً نُّكْراً} بسكون الكاف وضمها فظيعاً وهو عذاب النار.
{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9)} {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} عقوبته {وَكَانَتِ عاقبة أَمْرِهَا خُسْراً} خساراً وهلاكاً.
{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)} {أَعَدَّ الله لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} تكرير الوعيد توكيد {فاتقوا الله ياأولى الألباب} أصحاب العقول {الذين ءَامَنُواْ} نعت للمنادى أو بيان له {قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً} هو القرآن.
{رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11)} {رَسُولاً} أي محمداً صلى الله عليه وسلم منصوب بفعل مقدّر، أي وأرسل {يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ءايات الله مبينات} بفتح الياء وكسرها كما تقدّم {لِّيُخْرِجَ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} بعد مجيء الذكر والرسول {مِنَ الظلمات} الكفر الذي كانوا عليه {إِلَى النور} الإِيمان الذي قام بهم بعد الكفر {وَمَن يُؤْمِن بالله وَيَعْمَلْ صالحا يُدْخِلْهُ} وفي قراءة (ندخله) بالنون {جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} هو رزق الجنة التي لا ينقطع نعيمها.
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} {الله الذى خَلَقَ سَبْعَ سماوات وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ} يعني سبع أرضين {يَتَنَزَّلُ الأمر} الوحي {بَيْنَهُنَّ} بين السموات والأرض: ينزل به جبريل من السماء السابعة إلى الأرض السابعة {لِّتَعْلَمُواْ} متعلق بمحذوف، أي أعلمكم بذلك الخلق والتنزيل {أَنَّ الله على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَئ عِلْمَاً}.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)} {ياأيها النبى لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} من أَمَتك مارية القبطية لما واقعها في بيت حفصة، وكانت غائبة فجاءت وشق عليه كون ذلك في بيتها وعلى فراشها حيث قلت: هي حرام عليَّ {تَبْتَغِى} بتحريمها {مَرْضَاتَ أزواجك} أي رضاهنّ {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} غفر لك هذا التحريم.
{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)} {قَدْ فَرَضَ الله} شرع {لَكُمْ تَحِلَّةَ أيمانكم} تحليلها بالكفارة المذكورة في سورة (المائدة) [5: 5]، ومن الأيمان تحريم الأمة، وهل كفّر صلى الله عليه وسلم؟ قال مقاتل: أعتق رقبة في تحريم مارية. وقال الحسن: لم يكفر لأنه صلى الله عليه وسلم مغفور له {والله مولاكم} ناصركم {وَهُوَ العليم الحكيم}.
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} {وَ} اذكر {إِذْ أَسَرَّ النبى إلى بَعْضِ أزواجه} هي حفصة {حَدِيثاً} هو تحريم مارية، وقال لها لا تفشيه {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} عائشة ظناً منها أن لا حرج في ذلك {وَأَظْهَرَهُ الله} أطلعه {عَلَيْهِ} على المنبأ به {عَرَّفَ بَعْضَهُ} لحفصة {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} تكرُّماً منه {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هذا قَالَ نَبَّأَنِىَ العليم الخبير} أي الله.
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} {إِن تَتُوبَآ} أي حفصة وعائشة {إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} مالت إلى تحريم مارية أي سرَّكما ذلك مع كراهة النبي صلى الله عليه وسلم له، وذلك ذنب، وجواب الشرط محذوف: أي تقبلاً، وأطلق «قلوب» على «قلبين» ولم يعبر به لاستثقال الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة {وَإِن تَظَاهَرَا} بإدغام التاء الثانية في الأصل في الظاء، وفي قراءة بدونها: تتعاونا {عَلَيْهِ} أي النبيّ فيما يكرهه {فَإِنَّ الله هُوَ} ضمير فصل {مولاه} ناصره {وَجِبْرِيلُ وصالح الْمُؤْمِنِينَ} أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، معطوف على محل اسم «إنَّ» فيكونون ناصريه {والملائكة بَعْدَ ذلك} بعد نصر الله والمذكورين {ظَهِيرٍ} ظهراء أعوان له في نصره عليكما.
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)} {عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ} أي طلق النبيّ أزواجه {أَن يُبْدِلَهُ} بالتشديد والتخفيف {أزواجا خَيْراً مِّنكُنَّ} خبر «عسى» والجملة جواب الشرط ولم يقع التبديل لعدم وقوع الشرط {مسلمات} مقرات بالإِسلام {مؤمنات} مخلصات {قانتات} مطيعات {تائبات عابدات سائحات} صائمات أو مهاجرات {ثيبات وَأَبْكَاراً}.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} {ياأيها الذين ءَامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} بالحمل على طاعة الله {نَاراً وَقُودُهَا الناس} الكفار {والحجارة} كأصنامهم منها، يعني أنها مفرطة الحرارة تتقد بما ذكر، لا كنار الدنيا تتقد بالحطب ونحوه {عَلَيْهَا ملائكة} خزنتها عدّتهم {تِسْعَةَ عَشَرَ} [31 30: 74] كما سيأتي في المدّثر {غِلاَظٌ} من غلظ القلب {شِدَادٌ} في البطش {لاَّ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ} بدل من الجلالة، أي لا يعصون أمر الله {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} تأكيد، والآية تخويف للمؤمنين عن الارتداد، وللمنافقين المؤمنين بألسنتهم دون قلوبهم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)} {ياأيها الذين كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ اليوم} يقال لهم ذلك عند دخولهم النار، أي: لأنه لا ينفعكم {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاءه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} {ياأيها الذين ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً} بفتح النون وضمها: صادقة بأن لا يعاد إلى الذنب ولا يُراد العود إليه {عسى رَبُّكُمْ} ترجية تقع {أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جنات} بساتين {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار يَوْمَ لاَ يُخْزِى الله} بإدخال النَار {النبي والذين ءَامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يسعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أمامهم {وَ} يكون {بِإِيمَانِهِمْ يَقُولُونَ} مستأنف {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} إلى الجنة والمنافقون يطفأ نورهم {واغفر لَنَا} ربنا {إِنَّكَ على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ}.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} {ياأيها النبى جاهد الكفار} بالسيف {والمنافقين} باللسان والحجة {واغلظ عَلَيْهِمْ} بالانتهار والمقت {ومأواهم جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير} هي.
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)} {ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صالحين فَخَانَتَاهُمَا} في الدين إذ كفرتا. وكانت امرأة نوح واسمها (واهلة) تقول لقومه: إنه مجنون، وامرأة لوط واسمها (واعلة) تدل قومه على أضيافه إذا نزلوا به ليلاً بإيقاد النار، ونهاراً بالتدخين {فَلَمْ يُغْنِينَا} أي نوح ولوط {عَنْهُمَا مِنَ الله} من عذابه {شَيْئاً وَقِيلَ} لهما {ادخلا النار مَعَ الداخلين} من كفار قوم نوح وقوم لوط.
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} {وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ} آمنت بموسى واسمها (آسية)، فعذبها فرعون بأن أوتد يديها ورجليها وألقى على صدرها رحى عظيمة واستقبل بها الشمس، فكانت إذا تفرّق عنها من وكل بها ظللتها الملائكة {إِذْ قَالَتِ} في حال التعذيب {رَبِّ ابن لِى عِندَكَ بَيْتاً فِى الجنة} فكشف لها فرأته فسهل علَيها التعذيب {وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ} وتعذيبه {وَنَجِّنِى مِنَ القوم الظالمين} أهل دينه فقبض الله روحها. وقال ابن كيسان: رفعت إلى الجنة حية فهي تأكل وتشرب.
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} {وَمَرْيَمَ} عطف على «امرأة فرعون» {ابنة عِمْرَانَ التى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} حفظته {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} أي جبريل حيث نفخ في جيب درعها بخلق الله تعالى فعله الواصل إلى فرجها فحملت بعيسى {وَصَدَّقَتْ بكلمات رَبِّهَا} شرائعه {وَكُتُبِهِ} المنزلة {وَكَانَتْ مِنَ القانتين} من القوم المطيعين.
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)} {تَبَارَكَ} تنزَه عن صفات المحدثين {الذى بِيَدِهِ} في تصرفه {الملك} السلطان والقدرة {وَهُوَ على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ}.
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} {الذى خَلَقَ الموت} في الدنيا {والحياة} في الآخرة أو هما في الدنيا، فالنطفة تعرض لها الحياة وهي ما به الإِحساس، والموت ضدّها أو عدمها قولان، والخلق على الثاني بمعنى التقدير {لِيَبْلُوَكُمْ} ليختبركم في الحياة {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أطوع لله {وَهُوَ العزيز} في انتقامه ممن عصاه {الغفور} لمن تاب إليه.
{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)} {الذى خَلَقَ سَبْعَ سماوات طِبَاقاً} بعضها فوق بعض من غير مماسة {مَّا ترى فِى خَلْقِ الرحمن} لهنّ ولا لغيرهنّ {مِن تفاوت} تباين وعدم تناسب {فارجع البصر} أعده إلى السماء {هَلْ ترى} فيها {مِن فُطُورٍ} صدوع وشقوق؟.
{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)} {ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} كرة بعد كرة {يَنقَلِبْ} يرجع {إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا} ذليلاً لعدم إدراك خلل {وَهُوَ حَسِيرٌ} منقطع عن رؤية الخلل.
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)} {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السمآء الدنيا} القربى إلى الأرض {بمصابيح} بنجوم {وجعلناها رُجُوماً} مراجم {للشياطين} إذا استرقوا السمع، بأن ينفصل شهاب عن الكوكب كالقبس يؤخذ من النار فيقتل الجني أو يخبله، لا أنّ الكوكب يزول عن مكانه {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السعير} النار الموقدة.
{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)} {وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المصير} هي.
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)} {إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا} صوتاً منكراً كصوت الحمار {وَهِىَ تَفُورُ} تغلي.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)} {تَكَادُ تَمَيَّزُ} وقرئ «تتميز» على الأصل تتقطع {مِنَ الغيظ} غضباً على الكافر {كُلَّمَآ أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ} جماعة منهم {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ} سؤال توبيخ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} رسول ينذركم عذاب الله تعالى؟.
{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9)} {قَالُواْ بلى قَدْ جآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَئ إِنْ} ما {أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال كَبِيرٍ} يحتمل أن يكون من كلام الملائكة للكفار حين أخبروا بالتكذيب، وأن يكون من كلام الكفار للنذر.
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} {وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} أي سماع تفهم {أَوْ نَعْقِلُ} أي عقل تفكر {مَا كُنَّا فِى أصحاب السعير}.
{فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)} {فاعترفوا} حيث لا ينفع الاعتراف {بِذَنبِهِمْ} وهو تكذيب النذر {فَسُحْقًا} بسكون الحاء وضمها {لأصحاب السعير} فبعداً لهم عن رحمة الله.
{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)} {إِنَّ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُم} يخافونه {بالغيب} في غيبتهم عن أعين الناس فيطيعونه سراً فيكون علآنية أولى {لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} أي الجنة.
{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13)} {وَأَسرُّواْ} أيها الناس {قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ إِنَّهُ} تعالى {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} بما فيها فكيف بما نطقتم به؟ وسبب نزول ذلك أنّ المشركين قال بعضهم لبعض: أسروا قولكم لا يسمعكم إله محمد.
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} ما تسرون أي: أينتفي علمه بذلك {وَهُوَ اللطيف} في علمه {الخبير} فيه؟ لا.
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)} {هُوَ الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً} سهلة للمشي فيها {فامشوا فِى مَنَاكِبِهَا} جوانبها {وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ} المخلوق لأجلكم {وَإِلَيْهِ النشور} من القبور للجزاء.
{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16)} {ءَأَمِنْتُمْ} بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينها وبين الأخرى وتركه وإبدالها ألفاً {مَّن فِى السمآء} سلطانه وقدرته {أَن يَخْسِفَ} بدل من «مَن» {بِكُمُ الأرض فَإِذَا هِىَ تَمُورُ} تتحرّك بكم وترتفع فوقكم.
{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)} {أَمْ أَمِنتُمْ مَّن فِى السمآء أَن يُرْسِلَ} بدل من «مَنْ» {عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} ريحاً ترميكم بالحصباء {فَسَتَعْلَمُونَ} عند معاينة العذاب {كَيْفَ نَذِيرِ} إنذاري بالعذاب؟ أي إنه حق.
{وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18)} {وَلَقَدْ كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} من الأمم {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} إنكاري عليهم بالتكذيب عند إهلاكهم، أي إنه حق.
{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19)} {أَوَلَمْ يَرَوْاْ} ينظروا {إِلَى الطير فَوْقَهُمْ} في الهواء {صافات} باسطات أجنحتهنَّ {وَيَقْبِضْنَ} أجنحتهنّ بعد البسط، أي وقابضات {مَا يُمْسِكُهُنَّ} عن الوقوع في حال البسط والقبض {إِلاَّ الرحمن} بقدرته {إِنَّهُ بِكُلِّ شَئ بَصِيرٌ} المعنى: ألم يستدلوا بثبوت الطير في الهواء على قدرتنا أن نفعل بهم ما تقدّم وغيره من العذاب؟.
{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20)} {أَمَّنْ} مبتدأ {هذا} خبره {الذى} بدل من هذا {هُوَ جُندٌ} أعوان {لَكُمْ} صلة الذي {يَنصُرْكُمُ} صفة جند {مِن دُونِ الرحمن} أي غيره يدفع عنكم عذابه، أي لا ناصر لكم {إِن} ما {الكافرون إِلاَّ فِى غُرُورٍ} غرّهم الشيطان بأن العذاب لا ينزل بهم.
{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)} {أَمَّنْ هذا الذى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ} الرحمن {رِزْقَهُ} أي المطر عنكم؟ وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي فمن يرزقكم؟، أي لا رازق لكم غيره {بَل لَّجُّواْ} تمادوا {فِى عُتُوٍّ} تكبر {وَنُفُورٍ} تباعد عن الحق.
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22)} {أَفَمَن يَمْشِى مُكِبّاً} واقعاً {على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِى سَوِيّاً} معتدلاً {على صراط} طريق {مُّسْتَقِيمٍ}؟ وخبر مَن الثانية محذوف دل عليه خبر الأولى أي أهدى والمثل في المؤمن والكافر: أي أيهما على هدى؟.
{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)} {قُلْ هُوَ الذى أَنشَأَكُمْ} خلقكم {وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة} القلوب {قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} ما مزيدة والجملة مستأنفة مخبرة بقلة شكرهم جداً على هذه النعم.
{قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)} {قُلْ هُوَ الذى ذَرَأَكُمْ} خلقكم {فِى الأرض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} للحساب.
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25)} {وَيَقُولُونَ} للمؤمنين {متى هذا الوعد} وعد الحشر {إِن كُنتُمْ صادقين} فيه؟.
{قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26)} {قُلْ إِنَّمَا العلم} بمجيئه {عِندَ الله وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} بيِّن الإِنذار.
{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)} {فَلَمَّا رَأَوْهُ} أي العذاب بعد الحشر {زُلْفَةً} قريباً {سِيئَتْ} اسودت {وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ وَقِيلَ} أي قال الخزنة لهم {هذا} أي العذاب {الذى كُنتُم بِهِ} بإنذاره {تَدَّعُونَ} أنكم لا تبعثون. وهذه حكاية حال تأتي، عبر عنها بطريق المضيّ لتحقق وقوعها.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)} {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ الله وَمَن مَّعِىَ} من المؤمنين بعذابه كما تقصدون {أَوْ رَحِمَنَا} فلم يعذبنا {فَمَن يُجِيرُ الكافرين مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي لا مجير لهم منه.
{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29)} {قُلْ هُوَ الرحمن ءَامَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ} بالتاء والياء عند معاينة العذاب {مَنْ هُوَ فِى ضلال مُّبِينٍ} بيِّن، أنحن أم أنتم أم هم؟.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)} {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً} غائراً في الأرض {فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمآءٍ مَّعِينٍ} جار تناله الأيدي والدلاء كمائكم؟ أي لا يأتي به إلا الله تعالى فكيف تنكرون أن يبعثكم؟ ويستحب أن يقول القارئ عقب معين: «الله رب العالمين» كما ورد في الحديث. وتليت هذه الآية عند بعض المتجبرين فقال: تأتي به الفؤوس والمعاول فذهب ماء عينيه وعمي. نعوذ بالله من الجراءة على الله وعلى آياته.
{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} {ن} أحد حروف الهجاء الله أعلم بمراده به {والقلم} الذي كتب به الكائنات في اللوح المحفوظ {وَمَا يَسْطُرُونَ} أي الملائكة من الخير والصلاح.
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} {مآ أَنتَ} يا محمد {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} أي انتفى الجنون عنك بسبب إنعام ربك عليك بالنبوّة وغيرها. وهذا رد لقولهم: إنه مجنون.
{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)} {وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} مقطوع.
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} {وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ} دين {عَظِيمٍ}.
{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)} {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ}.
{بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} {بِأَييِّكُمُ المفتون} مصدر كالمعقول، أي الفتون بمعنى الجنون، أي أبك أم بهم؟.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7)} {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين} له وأعلم بمعنى عالم.
{فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8)} {فَلاَ تُطِعِ المكذبين}.
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9)} {وَدُّواْ} تمنوا {لَوْ} مصدرية {تُدْهِنُ} تلين لهم {فَيُدْهِنُونَ} يلينون لك، وهو معطوف على تدهن، وإن جعل جواب التمني المفهوم من «ودوا» قدر قبله بعد الفاء: هم.
{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10)} {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ} كثير الحلف بالباطل {مَّهِينٍ} حقير.
{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} {هَمَّازٍ} عياب أي مغتاب {مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ} ساع بالكلام بين الناس على وجه الإِفساد بينهم.
{مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)} {مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} بخيل بالمال عن الحقوق {مُعْتَدٍ} ظالم {أَثِيمٍ} آثم.
{عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13)} {عُتُلٍّ} غليظ جاف {بَعْدَ ذلك زَنِيمٍ} دعيّ في قريش، وهو الوليد بن المغيرة ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة. قال ابن عباس: لا نعلم أن الله وصف أحداً بما وصفه به من العيوب فَأْلَحْقَ به عاراً لا يفارقه أبداً. وتعلق ب «زنيم» الظرف قبله.
{أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14)} {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} أي لأن وهو متعلق بما دل عليه.
{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)} {إِذَا تتلى عَلَيْهِ ءاياتنا} القرآن {قَالَ} هي {أساطير الأولين} أي كذب بها لإِنعامنا عليه بما ذكر؟ وفي قراءة (أأن) بهمزتين مفتوحتين.
{سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)} {سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم} سنجعل على أنفه علامة يعير بها ما عاش فخطم أنفه بالسيف يوم بدر.
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17)} {إِنَّا بلوناهم} امتحنا أهل مكة بالقحط والجوع {كَمَا بَلَوْنآ أصحاب الجنة} البستان {إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا} يقطعون ثمرتها {مُّصْبِحِينَ} وقت الصباح، كي لا يشعر بهم المساكين فلا يعطونهم منها ما كان أبوهم يتصدَّق به عليهم منها.
{وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18)} {وَلاَ يَسْتَثْنُونَ} في يمينهم بمشيئة الله تعالى، والجملة مستأنفة، أي وشأنهم ذلك.
{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19)} {فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ} نار أحرقتها ليلاً {وَهُمْ نَآئِمُونَ}.
{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20)} {فَأَصْبَحَتْ كالصريم} كالليل الشديد الظلمة، أي سوداء.
{فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)} {فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ}.
{أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)} {أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ} غلتكم تفسير «للتَّنادي» أو أن مصدرية أي بأن {إِن كُنتُمْ صارمين} مريدين القطع وجواب الشرط دل عليه ما قبله.
{فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)} {فانطلقوا وَهُمْ يتخافتون} يتسارون.
{أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)} {أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا اليوم عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ} تفسير لما قبله، أو أن مصدرية: أي بأن.
{وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)} {وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ} منع للفقراء {قادرين} عليه في ظنهم.
{فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)} {فَلَمَّا رَأَوْهَا} سوداء محترقة {قَالُواْ إِنَّا لَضَآلُّونَ} عنها، أي ليست هذه، ثم قالوا لما علموها:
{بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)} {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} ثمرتها بمنعنا الفقراء منها.
{قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)} {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} خيرهم {أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ} هلا {تُسَبِّحُونَ} الله تائبين؟.
{قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)} {قَالُواْ سبحان رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظالمين} بمنع الفقراء حقهم.
{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30)} {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يتلاومون}.
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31)} {قَالُواْ يَآ} للتنبيه {وَيْلَنَا} هلاكنا {إِنَّا كُنَّا طاغين}.
{عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)} {عسى رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا} بالتشديد والتخفيف {خَيْراً مِّنْهآ إِنَّآ إلى رَبِّنَا راغبون} ليقبل توبتنا وليرد علينا خيراً من جنتنا. روي أنهم أبدلوا خيراً منها.
{كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)} {كذلك} أي مثل العذاب لهؤلاء {العذاب} لمن خالف أمرنا من كفار مكة وغيرهم {وَلَعَذَابُ الأخرة أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} عذابها ما خالفوا أمرنا. ونزل لما قالوا: إن بعثنا نُعْطَى أفضل منكم:
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34)} {إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جنات النعيم}.
{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)} {أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين} أي تابعين لهم في العطاء.
{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} هذا الحكم الفاسد؟.
{أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)} {أَمْ} أي بل أ {لَكُمْ كتاب} منزل {فِيهِ تَدْرُسُونَ} أي تقرأون؟.
{إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)} {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ} تختارون.
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)} {أَمْ لَكُمْ أيمان} عهود {عَلَيْنَا بالغة} واثقة {إلى يَوْمِ القيامة} متعلق معنى بعلينا وفي هذا الكلام معنى القسم، أي قسمنا لكم وجوابه {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} به لأنفسكم.
{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)} {سَلْهُمْ أَيُّهُم بذلك} الحكم الذي يحكمون به لأنفسهم من أنهم يعطون في الآخرة أفضل من المؤمنين {زَعِيمٌ} كفيل لهم؟.
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41)} {أَمْ لَهُمْ} أي عندهم {شُرَكَآءُ} موافقون لهم في هذا المقول يكفلون لهم به؟ فإن كان كذلك {فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ} الكافلين لهم به {إِن كَانُواْ صادقين}.
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)} اذكر {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} هو عبارة عن شدّة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء. يقال: كَشَفَ الحرب عن ساقٍ: إذا اشتدّ الأمر فيها {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود} امتحاناً لإِيمانهم {فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} تصير ظهورهم طبقاً واحداً.
{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} {خاشعة} حال من ضمير يدعون، أي ذليلة {أبصارهم} لا يرفعونها {تَرْهَقُهُمْ} تغشاهم {ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ} في الدنيا {إِلَى السجود وَهُمْ سالمون} فلا يأتون به بأن لا يصلّوا.
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44)} {فَذَرْنِى} دعني {وَمَن يُكَذِّبُ بهذا الحديث} القرآن {سَنَسْتَدْرِجُهُم} نأخذهم قليلاً قليلاً {مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ}.
{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45)} {وَأُمْلِى لَهُمْ} أمهلهم {إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ} شديد لا يطاق.
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46)} {أَمْ} بل أ {تَسْئَلُهُمْ} على تبليغ الرسالة {أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ} مما يعطونكه {مُّثْقَلُونَ} فلا يؤمنون لذلك؟.
{أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)} {أَمْ عِندَهُمُ الغيب} أي اللوح المحفوظ الذي فيه الغيب {فَهُمْ يَكْتُبُونَ} منه ما يقولون؟.
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)} {فاصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} فيهم بما يشاء {وَلاَ تَكُن كصاحب الحوت} في الضجر والعجلة، وهو يونس عليه السلام {إِذْ نادى} دعا ربه {وَهُوَ مَكْظُومٌ} مملوء غماً في بطن الحوت.
{لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49)} {لَّوْلآ أَن تداركه} أدركه {نِعْمَةٌ} رحمة {مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ} من بطن الحوت {بالعرآء} بالأرض الفضاء {وَهُوَ مَذْمُومٌ} لكنه رحم فنبذ غير مذموم.
{فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)} {فاجتباه رَبُّهُ} بالنبوة {فَجَعَلَهُ مِنَ الصالحين} الأنبياء.
{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)} {وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ} بضم الياء وفتحها {بأبصارهم} أي ينظرون إليك نظراً شديداً يكاد أن يصرعك ويسقطك من مكانك {لَمَّا سَمِعُواْ الذكر} القرآن {وَيَقُولُونَ} حسداً {إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} بسبب القرآن الذي جاء به.
{وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)} {وَمَا هُوَ} أي القرآن {إِلاَّ ذِكْرٌ} موعظة {للعالمين} الجن والإنس لا يحدث بسببه جنون.
{الْحَاقَّةُ (1)} {الحآقة} القيامة التي يحق فيها ما أنكر من البعث والحساب والجزاء، أو المظهرة لذلك.
{مَا الْحَاقَّةُ (2)} {مَا الحآقة} تعظيم لشأنها، وهما مبتدأ وخبر، (خبر) الحاقة.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)} {وَمَا أدراك} أعلمك {مَا الحاقة} زيادة تعظيم لشأنها. فما الأولى مبتدأ وما بعدها خبره، وما الثانية وخبرها في محل المفعول الثاني لأدرَى.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)} {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة} القيامة لأنها تقرع القلوب بأهوالها.
{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5)} {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} بالصيحة المجاوزة للحدّ في الشدّة.
{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)} {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ} شديدة الصوت {عَاتِيَةٍ} قوية شديدة على عاد مع قوّتهم وشدّتهم.
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)} {سَخَّرَهَا} أرسلها بالقهر {عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وثمانية أَيَّامٍ} أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوّال. وكانت في عجز الشتاء {حُسُوماً} متتابعات، شبهت بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكيّ على الداء كرّة بعد أخرى حتى ينحسم. {فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى} مطروحين هالكين {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ} أصول {نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} ساقطة فارغة.
{فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} {فَهَلْ ترى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ} صفة «نفس» مقدرة، أو التاء للمبالغة، أي باق؟ لا.
{وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (9)} {وَجآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ} أتباعه. وفي قراءة بفتح القاف وسكون الباء أي من تقدّمه من الأمم الكافرة {والمؤتفكات} أي أهلها وهي قرى قوم لوط {بِالْخَاطِئَةِ} بالفعلات ذات الخطأ.
{فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (10)} {فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ} أي لوطاً وغيره {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً} زائدة في الشدّة على غيرها.
{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11)} {إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء} علا فوق كل شيء من الجبال وغيرها زمن الطوفان {حملناكم} يعني آباءكم إذ أنتم في أصلابهم {فِى الجارية} السفينة التي عملها نوح ونجا هو ومن كان معه فيها وغرق الباقون.
{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)} {لِنَجْعَلَهَا} أي هذه الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين {لَكُمْ تَذْكِرَةً} عظة {وَتَعِيَهَآ} ولتحفظها {أُذُنٌ واعية} حافظة لما تسمع.
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13)} {فَإِذَا نُفِخَ فِى الصور نَفْخَةٌ واحدة} للفصل بين الخلائق وهي الثانية.
{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14)} {وَحُمِلَتِ} رفعت {الأرض والجبال فَدُكَّتَا} دقتاً {دَكَّةً واحدة}.
{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (15)} {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الواقعة} قامت القيامة.
{وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16)} {وانشقت السمآء فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} ضعيفة.
{وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)} {والملك} يعني: الملائكة {على أَرْجَآئِهَا} جوانب السماء {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ} أي الملائكة المذكورين. {يَوْمَئِذٍ ثمانية} من الملائكة أو من صفوفهم.
{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)} {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} للحساب {لاَ تخفى} بالتاء والياء {مِنكُمْ خَافِيَةٌ} من السرائر.
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19)} {فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ} خطاباً لجماعته لما سر به {هَآؤُمُ} خذوا {اقرءوا كتابيه} تنازع فيه «هاؤم واقرؤوا».
{إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)} {إِنِّى ظَنَنتُ} تيقنت {أَنِّى ملاق حِسَابِيَهْ}.
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21)} {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} مرضية.
{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22)} {فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}.
{قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23)} {قُطُوفُهَا} ثمارها {دَانِيَةٌ} قريبة يتناولها القائم والقاعد والمضطجع.
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} فيقال لهم {كُلُواْ واشربوا هَنِيئَاً} حال، أي متهنئين {بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى الأيام الخالية} الماضية في الدنيا.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25)} {وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يا} للتنبيه {لَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كتابيه}.
{وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26)} {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ}.
{يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27)} {ياليتها} أي الموتة في الدنيا {كَانَتِ القاضية} القاطعة لحياتي بأن لا أبعث.
{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28)} {مَآ أغنى عَنِّى مَالِيَهْ}.
{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)} {هَلَكَ عَنِّى سلطانيه} قوتي وحجتي وها في «كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه» للسكت تثبت وقفاً ووصلاً اتباعاً للمصحف الإمام والنقل، ومنهم من حذفها وصلاً.
{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30)} {خُذُوهُ} خطاب لخزنة جهنم {فَغُلُّوهُ} اجمعوا يديه إلى عنقه في الغل.
{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31)} {ثُمَّ الجحيم} النار المحرقة {صَلُّوهُ} أدخلوه.
{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32)} {ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً} بذراع الملك {فَاْسْلُكُوهُ} أي أدخلوه فيها بعد إدخاله النار. ولم تمنع الفاء من تعلق الفعل بالظرف المتقدّم.
{إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)} {إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بالله العظيم}.
{وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)} {وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين}.
{فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (35)} {فَلَيْسَ لَهُ اليوم هاهنا حَمِيمٌ} قريب ينتفع به.
{وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (36)} {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} صديد أهل النار أو شجر فيها.
{لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)} {لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخاطئون} الكافرون.
{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38)} {فَلا} زائدة {أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ} من المخلوقات.
{وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)} {وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} منها، أي بكل مخلوق.
{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40)} {أَنَّهُ} أي القرآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي قاله رسالة عن الله تعالى.
{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41)} {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ}.
{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42)} {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} بالتاء والياء «في» الفعلين «وما» مزيدة مؤكدة. والمعنى أنهم آمنوا بأشياء يسيرة وتذكروها مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الخير والصلة والعفاف فلم تغن عنهم شيئاً.
{تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)} بل هو {تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العالمين}.
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)} {وَلَوْ تَقَوَّلَ} أي النبي {عَلَيْنَا بَعْضَ الأقاويل} بأن قال عنا ما لم نقله.
{لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)} {لأَخَذْنَا} لنلنا {مِنْهُ} عقاباً {باليمين} بالقوّة والقدرة.
{ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)} {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين} نياط القلب، وهو عرق متصل به إذا انقطع مات صاحبه.
{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47)} {فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ} هو اسم «ما» و«من» زائدة لتأكيد النفي ومنكم حال من أحد {عَنْهُ حاجزين} مانعين خبر ما وجمع لأنّ أحداً في سياق النفي بمعنى الجمع، وضمير «عنه» للنبي صلى الله عليه وسلم، أي لا مانع لنا عنه من حيث العقاب.
{وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)} {وَإِنَّهُ} أي القرآن {لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتَّقِينَ}.
{وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)} {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم} أيها الناس {مُّكَذِّبِينَ} بالقرآن ومصدّقين.
{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} {وَإِنَّهُ} أي القرآن {لَحَسْرَةٌ عَلَى الكافرين} إذا رأوا ثواب المصدّقين وعقاب المكذبين به.
{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51)} {وَإِنَّهُ} أي القرآن {لَحَقُّ اليقين} أي اليقين المتيقَّن حقَّ التيقن.
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)} {فَسَبِّحْ} نزه {باسم} الباء زائدة {رَبِّكَ العظيم} سبحانه.
|