الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***
{آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)} {مَآ ءَاتَاهُمْ رَبُّهُمْ} من الفرائض «ع»، أو الثواب {قَبْلَ ذَلِكَ} قبل الفرائض {مُحْسِنِينَ} بالإجابة، أو قبل القيامة محسنين بالفرائض. {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} {كَانُواْ قَلِيلاً} تم الكلام ثم قال {مِّنَ الَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} الهجوع: النوم، أو كان هجوعهم قليلاً، أو كان القليل منهم ما يهجعون وإن كان الأكثر هجوعاً، أو كانوا في قليل من الليل ما يهجعون حتى صلوا المغرب والعشاء، أو قليلاً يهجعون وما صلة وهذا لما كان قيام الليل فرضاً. {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} {يَسْتَغْفِرُونَ} يصلون، أو يؤخرون الاستغفار إلى السَّحَر كما آخره يعقوب لبنيه، قال ابن زيد: السحر هو السدس الأخير من الليل. {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} {حَقٌّ} معلوم: الزكاة، أو غيرها مما يصل به رحماً، أو يقري به ضيفاً، أو يحمل به كلاً، أو يغني به محروماً «ع» {وَالْمَحْرُومِ} الذي لا يسأل، أو الذي يجيء بعد الغنيمة ليس له فيها سهم، أو من لا سهم له في الإسلام «ع» أو من لا يكاد يتيسر له كسب أو من يطلب الدنيا وتدبر عنه «ع»، أو المصاب بثمره وزرعه، أو المملوك أو الكلب. {وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)} {وَفِى الأَرْضِ ءَايَاتٌ} الجبال والبحار والأنهار، أو من أهلك من الأمم الخالية. {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} {وَفِى أَنفُسِكُمْ} سبيل البول والغائط، أو تسوية مفاصل الأيدي والأرجل والجوارح دال على أنه خلقكم لعبادته، أو خلقكم من تراب، فإذا أنتم بشر أو حياتكم وقوتكم وما يخرج ويدخل من طعامكم وشرابكم، أو الكبر والضعف والشيب بعد الشباب والقوة والسواد «ح». {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} {وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ}، من عند الله الذي في السماء، أو المطر والثلج ينبتان الزرع فيحيا به الخلق فهو رزق من السماء {وَمَا تُوعَدُونَ} من خير وشر، أو جنة ونار، أو أمر الساعة. {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} {إِنَّهُ لَحَقٌّ} ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ما عدده في هذه السورة من آياته وذكره من عظاته. {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)} {الْمُكْرَمِينَ} عند الله تعالى، أو خدمهم إبراهيم بنفسه. {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)} {سَلاماً} من المسالمة، أو دعاء بالسلامة عند الجمهور، {مُّنكَرُونَ} لا يُعرفون أو يخافون أنكرته خفته أنكرهم لمجيئهم على غير صور البشر وعلى غير صور الملائكة التي يعرفها. {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)} {فَرَاغَ} فعدل، أو مال خفية {بِعِجْلٍ} كان عامة ماله البقر سُمي عجلاً لعجلة بني إسرائيل بعبادته، أو لأنه عجل في اتباع أمه. {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28)} {بِغُلامٍ} إسحاق من سارة فبشرنا بإسحاق، أو إسماعيل من هاجر. {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29)} {صَرَّةٍ} رنَّة، أو صيحة ومنه صرير الباب، أو جماعة ومنه صُرَّة الدراهم، المصرَّاة جُمع لبنها في ضرعها {فَصَكَّتْ} لطمت «ع»، أو ضربت جبينها أتلد عجوز عقيم؟ {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39)} {فَتَوَلَّى} أدبر، أو أقبل من الأضداد {بِرُكْنِهِ} جموعه وجنده، أو قوته «ع»، أو جانبه، أو عناده بالكفر وميله عن الحق. {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)} {الْعَقِيمَ} التي لا تلقح، أو لا تنبت، أو لا رحمة فيها، أو لا منفعة لها وهي الجنوب، أو الدبور، أو الصبا قال الرسول صلى الله عليه وسلم «وأهلكت عاد بالدبور». {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)} > {كَالرَّمِيمِ} التراب، أو الرماد، أو الشيء البالي الهالك، أو ما ديس من يابس النبات. {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)} {لَمُوسِعُونَ} الرزق بالمطر، أو السماء، أو لا يضيق علينا شيء نريده، أو نخلق سماء مثلها، أو على الاتساع بأكثر من اتساع السماء. {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)} {زَوْجَيْنِ} من كل جنس نوعين، أو أمر خلقه ضدين: صحة وسقم، وغنى وفقر، وموت وحياة، وفرح وحزن، وضحك وبكاء. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)} {فَفِرُّواْ} فتوبوا. {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} {وَذَكِّرْ} بالقرآن، أو بالموعظة. {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} {لِيَعْبُدُونِ} ليقروا بالعبودية طوعاً، أو كرهاً «ع»، أو لآمرهم وأنهاهم، أو لأجبلهم على الشقاء والسعادة، أو ليعرفون، أو للعبادة. {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} {مِّن رِّزْقٍ} أن يرزقوا عبادي ولا يطعموهم، أو يرزقوا أنفسهم ولا يطعموها، أو معونة ولا فضلاً. {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59)} {ذَنُوباً} عذاباً، أو سبيلاً أو عني به الدلو «ع»، أو نصيباً {أَصْحَابِهِمْ} مكذبو الرسل من الأمم السالفة. {وَالطُّورِ (1)} {وَالطُّورِ} الجبل بالسريانية، أو اسم لما ينبت من الجبال دون ما لا ينبت «ع» وهو هنا طور سيناء، أو الذي كلم عليه موسى عليه الصلاة والسلام، أو جبل مبهم. {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} {وَكِتَابٍ} القرآن في اللوح المحفوظ، أو صحائف الأعمال، أو التوراة، أو كتاب تقرأ فيه الملائكة، ما كان وما يكون. {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)} {رَقٍّ مَّنشُورٍ} صحيفة مبسوطة تخرج للناس أعمالهم كل صحيفة رق لرقة حواشيها، أو هي رق مكتوب، أو ما بين المشرق والمغرب. {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)} {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} بالقصد إليه، أو بالمقام عليه وهو البيت الحرام، أو بيت في السماء السابعة حيال الكعبة لو خرَّ لخرَّ عليها يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، أو بيت في ست سماوات دون السابعة يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك من قبيلة إبليس ثم لا يعودون إليه، أو كان في الأرض زمان آدم عليه الصلاة والسلام، فرفع زمان الطوفان إلى السماء الدنيا يعمره كل يوم سبعون ألف ملك. {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)} {وَالسَّقْفِ} السماء، أو العرش. {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6)} {وَالْبَحْرِ} جهنم، أو بحر تحت العرش، أو بحر الأرض {الْمَسْجُورِ} المحبوس «ع»، أو المرسل، أو الممتلىء، أو الموقد ناراً، أو المختلط، أو الذي ذهب ماؤه ويبس، أو الذي لا يُشرب من مائه ولا يُسقى به زرع. {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)} {تَمُورُ} تدور، أو تموج، أو تشقق «ع»، أو تكفأ، أو تنقلب، أو تجري جرياً، أو السماء هنا الفلك وموره اضطراب نظمه واختلاف سيره. {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13)} {يُدَعُّونَ} يدفعون دفعاً عنيفاً، أو يزعجون إزعاجاً. {فَاكِهِينَ بِمَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (18)} {فَاكِهِينَ} معجبين، أو ناعمين، أو فرحين، أو متقابلين بالحديث السار المؤنس من الفكاهة، أو ذو فاكهة كلابن وتامر أو ذو بساتين فيها فواكه. {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20)} {سُرُرٍ} وسائد {مَّصْفُوفَةٍ} بين العرش، أو مرمولة بالذهب. أو وصل بعضها إلى بعض فصارت صفاً {بِحُورٍ} سُمِّين بذلك لأنه يَحارُ فيهن الطرف، أو لبياضهن ومنه الخبز الحواري {عِينٍ} عيناء وهي الواسعة العين في صفائها. {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)} {وأَتْبَعْنَاهم} يدخل الله تعالى الذرية بإيمان الآباء الجنة، أو نعطيهم مثل أجور الآباء من غير نقص في أجور الآباء، أو البالغون أطاعوا الله تعالى فألحقهم الله بآبائهم، أو لما أدركوا أعمال آبائهم تابعوهم عليها فصاروا مثلهم فيها {أَلَتْنَاهُم} ظلمناهم أو نقصناهم أي لم ننقص أجور الآباء، بما أعطيناه الأبناء فضلاً منا وإكراماً للآباء {رَهِينٌ} مؤاخذ كما يؤخذ الحق من الرهن أو محتبس كاحتباس الرهن بالحق. {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)} {يَتَنَازَعُونَ} يتعاطون ويناول بعضهم بعضاً المؤمن وزوجاته وخدمه {كَأْساً} كل إناء مملوء من شراب أو غيره فهو كأس، فإذا فرغ لم يسم كأساً {لا لَغْوٌ فِيهَا} لا باطل في الخمر ولا مأثم «ع»، أو لا كذب ولا خُلْف، أو لا يتسابون عليها ولا يؤثم بعضهم بعضاً، أو لا لغو في الجنة ولا كذب «ع»، واللغو هنا فحش الكلام. {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)} {غِلْمَانٌ} أولادهم الأصاغر، أو أولاد غيرهم {مَّكْنُونٌ} مصون بالكن والغطاء. {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} {السَّمُومِ} النار، أو اسم لجهنم، أو وهجها، أو حر السموم في الدنيا والسموم لفح الشمس والحر وقد يستعمل في لفح البرد. {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)} {الْبَرُّ} الصادق، أو اللطيف، أو فاعل البر المعروف. {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)} {فَذَكِّرْ} بالقرآن {بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} برسالته {بِكَاهِنٍ} بساحر تكذيباً لشيبة بن ربيعة {وَلا مَجْنُونٍ} تكذيباً لعقبة بن أبي معيط. {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} {نَّتَرَبَّصُ بِهِ} قال أناس منهم تربصوا بمحمد الموت يكفيكموه كما كفاكم شاعر بني فلان وشاعر بني فلان قيل هم بنو عبد الدار {رَيْبَ الْمَنُونِ} الموت، أو حوادث الدهر والمنون الدهر. {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37)} {خَزَآئِنُ رَبِّكَ} مفاتيح الرحمة، أو خزائن الرزق {المسيطرون} المسلطون، أو الأرباب، أو المُنزِلون، أو الحفظة من تسطير الكتاب الذي يحفظ ما كتب فيه فالمسيطر حافظ لما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ. {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)} {سُلَّمٌ} مرتقى إلى السماء، أو سبب يتوصل به إلى عوالي الأشياء تفاؤلاً فيه بالسلامة {بِسُلْطَانٍ} بحجة دالة على صدقه، أو بقوة يتسلط بها على الاستماع تدل على قوته. {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)} {كِسْفاً} قطعاً، أو جانباً، أو عذاباً سمي كسفاً لتغطيته والكسف التغطية ومنه كسوف الشمس {مَّرْكُومٌ} غليظ، أو كثير متراكب. {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)} {يُصْعَقُونَ} يموتون، أو النفخة الأولى، أو يوم القيامة يغشى عليهم من هوله {وَخَرَّ موسى صَعِقاً} [الأعراف: 143]. {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} أهل الصغائر من المسلمين، أو مرتكبو الحدود منهم {دُونَ ذَلِكَ} عذاب القبر، أو الجوع، أو مصائب الدنيا. {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)} {بِأَعْيُنِنَا} بعلمنا، أو بمرأى منا، أو بحراستنا وحفظنا {حِينَ تَقُومُ} من نومك افتتاحاً لعملك بذكر ربك، أو من مجلسك تكفيراً للغوه، أو صلاة الظهر، إذا قام من نوم القائلة، أو تسبيح الصلاة إذا قام إليها في ركوعها سبحان ربي العظيم وفي سجودها سبحان ربي الأعلى، أو في افتتاحها سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} {وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ} صلاة الليل، أو التسبيح فيها، أو التسبيح في الصلاة وخارج الصلاة {وإِدْبَارَ النُّجُومِ} ركعتان قبل الفجر مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ركعتا الفجر، أو التسبيح بعد الصلاة. {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} {وَالنَّجْمِ} نجوم القرآن إذا نزلت، أو الثريا، أو الزهرة، أو جنس النجوم، أو النجوم المنقضة {هَوَى} رمى به الشياطين، أو سقط، أو غاب أو ارتفع، أو نزل، أو جرى ومهواها جريها لأنها لا تفتر في طلوعها ولا غروبها قاله الأكثرون. {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2)} {مَا ضَلَّ} محمد صلى الله عليه وسلم عن قصد الحق ولا غوى في اتباع الباطل، أو ما ضل بارتكاب الضلال {وَمَا غَوَى} بخيبة سعيه والغي الخيبة قال:....................... *** ومن يغوِ لا يَعْدَم على الغي لائماً قيل: هي أو سورة أعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة. {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} {وَمَا يَنطِقُ} عن هواه {إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ} يوحيه الله تعالى إلى جبرائيل عليه السلام ويوحيه جبريل إليه أو وما ينطق عن شهوة وهوى {إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى} بأمر ونهي من الله تعالى وطاعة له. {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6)} {شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ} جبريل عليه السلام اتفاقاً، مِرَّة: منظر حسن، أو غنى، أو قوة، أو صحة في الجسم، وسلامة من الآفات أو عمل {فَاسْتَوَى} جبريل عليه السلام في مكانه، أو على صورته التي خلق عليها، ولم يره عليها إلا مرتين، مرة ساداً للأفق ومرة حيث صعد معه وذلك قوله {وَهُوَ بالأفق الأعلى} [النجم: 7]، أو فاستوى القرآن في صدر محمد صلى الله عليه وسلم، أو صدر جبريل، أو فاعتدل محمد صلى الله عليه وسلم في قوته، أو برسالته، أو فارتفع محمد صلى الله عليه سلم بالمعراج، أو ارتفع جبريل عليه السلام إلى مكانه. {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7)} {وَهُوَ بِالأُفُقِ} الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى جبريل، أو جبريل لما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأفق مطلع الشمس، أو مطلع النهار أي الفجر، أو كانت من جوانب السماء. {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)} {دَنَا} جبريل عليه السلام، أو الرب عز وجل «ع» {فَتَدَلَّى} قرب {وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام} [البقرة: 188] تقربوها إليهم، أو تعلق بين العلو والسفل لأنه رأه منتصباً مرتفعاً ثم رآه متدلياً قيل فيه تقديم معناه تدلى فدنا. {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)} {فَكَانَ} جبريل من ربه، أو محمد صلى الله عليه وسلم من ربه عز وجل «ع»، أو جبريل عليه السلام من محمد صلى الله عليه وسلم {قَابَ قَوْسَيْنِ} قيد قوسين، أو بحيث الوتر من القوس، أو من مقبضها إلى طرفها، أو قدر ذراعين عبّر عن القدر بالقاب وعن الذراع بالقوس. {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)} {عَبْدِهِ} جبريل عليه السلام أوحى الله تعالى إليه ما يوحيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أو محمد صلى الله عليه وسلم أوحى الله تعالى إليه على لسان جبريل عليه السلام. {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)} {الْفُؤَادُ} نفسه، أو عبّر به عن صاحبه لأنه قطب جسده وقوام حياته {مَا كَذَبَ} مخففاً ما أوهمه فؤاده خلاف الأمر كرائي السراب فيصير بتوهمه المحال كالكاذب به {ما كذَّب} ما أنكر قلبه ما رأته عينه {مَا رَأَى} رأى ربه بعينه «ع»، أو في المنام، أو بقلبه سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «رأيته بقلبي مرتين» أو رأى جلاله وعظمته سئل هل رأيت ربك فقال: «رأيت نهراً ووراء النهر حجاباً ورأيت وراء الحجاب نوراً فلم أَرَ غير ذلك»، أو رأى جبريل عليه السلام على صورته مرتين. {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12)} {أَفَتُمَارُونَهُ} أفتجحدونه، أو تجادلونه، أو تشككونه. {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13)} {نَزْلَةً} رأى ما رأه ثانية بعد أولى قال كعب سمع موسى عليه الصلاة والسلام كلام الله تعالى كرتين ورآه محمد صلى الله عليه وسلم مرتين. {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)} {الْمُنتَهَى} لانتهاء علم الأنبياء عليهم والصلاة والسلام إليها وعزوبه عما وراءها «ع»، أو لانتهاء الأعمال إليها وقبضها منها، أو لانتهاء الملائكة والبشر إليه ووقوفهم عندها، أو لانتهاء كل من كان على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهاجه إليها، أو لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها ويصعد من تحتها. {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15)} {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} قصد بذلك تعريف موضع الجنة أنها عند السدرة قاله الجمهور المأوى: المبيت، أو منزل الشهداء. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهي عن يمين العرش. {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16)} {يَغْشَى السِّدْرَةَ} فراش من ذهب، أو الملائكة «ع»، أو نور الله. {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)} {زَاغَ} انحرف، أو ذهب، أو نقص {طَغَى} ارتفع عن الحق، أو تجاوزه «ع»، أو زاد عليه بالتخيل. رآه على ما هو به بغير نقص عجز عن إدراكه ولا زيادة توهمها في تخليه. {لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} {الْكُبْرَى} ما غشي السدرة من الفراش، أو جبريل ساداً الأفق بأجنحته، أو ما رآه في النوم ونظره بفؤاده. {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19)} {الَّلاتَ} صنم بالطائف كان صاحبه يلت عليه السويق لأصحابه، أو صخرة يُلَت عليها السويق بين مكة والطائف {وَالْعُزَّى} صنم كانوا يعبدونه عند الجمهور، أو سَمُرة يعلق عليها ألوان العهن يعبدها سليم وغطفان وجشم فبعث إليها الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها، أو كانت نخلة يعلق عليها الستور والعهن، أو اللات والعزى رجل وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين، أو اللات بيت بنخلة تعبده قريش والعزى بيت بالطائف يعبده أهل مكة والطائف، واللاتَّ بالتشديد رجل كان يلت السويق على صخرة فلا يشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه ثم مات فعكفوا على قبره، أو كان رجلاً يقوم على آلهتهم ويلت لهم السويق بالطائف فاتخدوا قبره وثناً معبوداً. {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} {وَمَنَاةَ} صنم بقُدَيْد بين مكة والمدينة، أو بيت بالمشلل يعبده بنو كعب، أو أصنام حجارة في الكعبة يعبدونها، أو وثن كانوا يريقون عليه الدماء تقرباً إليه وبذلك سميت مناة لكثرة ما يراق عليها من الدماء {الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} لأنها كانت مرتبة عندهم في التعظيم بعد اللات والعزى ولما جعلوا الملائكة بنات الله قال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى}. {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)} {ضِيزَى} عوجاء، أو جائرة، أو منقوصة عند الأكثر، أو مخالفة. {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)} {مَا تَمَنَّى} البنوة تكون له دون غيره، أو البنين دون البنات. {فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25)} {فَلِلَّهِ الأَخِرَةُ} هو أقدر من خلقه فلو جاز عليه الولد لكان أحق بالبنين دون البنات منهم، أو لا يعطي النبوة إلا لمن شاء لأنه ملك الدنيا والآخرة. {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)} {كَبَآئِرَ الإِثْمِ} الشرك، أو ما زجر عنه بالحد، أو ما لا يكفر إلا بالتوبة، أو ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم أن تدعو لله نداً أو تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك وأن تزاني حليلة جارك، أو كبائر الإثم ما لم يستغفر منه {وَالْفَوَاحِشَ} الربا، أو جميع المعاصي {اللَّمَمَ} ما ألموا به في الجاهلية من إثم وفاحشة عفي عنه في الإسلام، أو أن يلم بها ويفعلها ثم يتوب، أو يعزم على المواقعة ثم يقلع عنها قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن تغفر اللهم تغفر جمَّا *** وأي عبد لك لا ألمَّا أو ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة، أو صغائر الذنوب، أو ما لا حد عليه في الدنيا ولا عذاب في الآخرة «ع»، أو النظرة الأولى فإن عاد فليس بلمم جعله ما لم يتكرر من الذنوب، أو النكاح قيل: نزلت في نبهان التمار أتته امرأة تشتري تمراً فقال إن داخل الدكان ما هو خير من هذا فلما دخلت راودها عن نفسها فأبت وندم نبهان وأتى الرسول صلى الله عليه سلم فقال: ما من شيء يصنعه الرجل إلا وقد فعلته إلا الجماع فقال: لعل زوجها غازٍ فنزلت {أَنشَأكُمْ مِّنَ الأَرْضِ} آدم عليه الصلاة والسلام {فَلا تُزَكُّواْ} لا تمادحوا، أو لا تعملوا بالمعاصي وتقولون نعمل بالطاعة، أو إذا عملت خيراً فلا تقل عملت كذا أو كذا. {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33)} {الَّذِى تَوَلَّى} العاص بن وائل، أو الوليد بن المغيرة كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله تعالى عنه فيسمع ما يقولان ثم يتولى عنهما، أو النضر بن الحارث أعطى خمس قلائص لفقير من المهاجرين حين ارتد وضمن له أن يتحمل عنه إثم ارتداده. {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)} {وَأَعْطَى قَلِيلاً} من نفسه بالاستماع ثم أكدى بالانقطاع، أو أطاع قليلاً ثم عصى «ع»، أو قليلاً من ماله ثم منع، أو بلسانه وأكدى بقلبه {وَأَكْدَى} قطع، أو منع. {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35)} {أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} أعلم الغيب فرأى أن الذي سمعه باطل، أو نزل عليه القرآن فرأى ما صنعه حقاً. {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)} {وَفَّى} ما أمر به من الطاعة، أو أبلغ ما حمله من الرسالة «ع»، أو عمل يومه بأربع ركعات في أوله، أو بقوله كلما أصبح وأمسى {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الآية [الروم: 17] وكلاهما مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ما أمر بأمر إلا أداه ولا نذر نذراً إلا وفاه، أو ما امتحن به من ذبح ولده وإلقائه في النار وتكذيبه، أو وَفَّى {أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} [النجم: 38] لأن الرجل كان يؤخذ بجريرة أبيه وابنه فيما بين نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام. {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43)} {أَضْحَكَ وَأَبْكَى} قضى أسباب الضحك والبكاء، أو سّرَّ وأحزن، أو خلق قوتي الضحك والبكاء للإنسان فلا يضحك من الحيوان إلا القرد ولا يبكي إلا الإبل واجتمعا في الإنسان. {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)} {أَمَاتَ} بالجدب {وَأَحْيَا} بالخصب، أو أمات بالمعصية وأحيا بالطاعة، أو أمات الآباء وأحيا الأبناء، أو خلق الموت والحياة، أو خلق أسبابهما. {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48)} {أَغْنَى} بالكفاية {وَأَقْنَى} بالزيادة، أو أغنى بالمعيشة وأقنى بالمال أو أغنى بالمال وأقنى بان جعل لهم القنية وهي أصول الأموال، أو أغنى بأن موّل وأقنى بأن حرم، أو أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه، أو أغنى من شاء وأفقر من شاء، أو أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا، أو أغنى عن أن يخدم وأقنى عن أن يستخدم. {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49)} {رَبُّ الشِّعْرَى} وهي كوكب يضيء وراء الجوزاء يسمى مرزم الجوزاء خصه بالذكر لأنهم عبدوه فأخبر أنه مربوب فلا يصلح للربوبية وكان يعبده حِمْير وخُزَاعة وقيل: أول من عبده أبو كبشة. {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50)} {عَاداً الأُولَى} عاد بن إرم أهلكوا بريح صرصر وعاد الآخرة قوم هود، أو عاد الأولى قوم هود والآخرة كانوا بحضرموت. {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53)} {وَالْمُؤْتَفِكَةَ} المنقلبة بالخسف وهي مدائن قوم لوط رفعها جبريل إلى السماء ثم قلبها. {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54)} {فَغَشَّاهَا} جبريل حين قلبها، أو الحجارة حتى أهلكها فغشاها: ألقاها، أو غطاها. {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)} {فَبِأَىِّ ءَالآءِ رَبِّكَ} فبأي نعمة أيها المكذب تشك فيما أولاك أو فيما أكفاك. {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56)} {نَذِيرٌ} محمد صلى الله عليه وسلم أنذر بالحق الذي أنذر به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبله، أو القرآن نذير بما أنذرت به الكتب الأولى. {أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ (57)} {أَزِفَتِ} دنت وقربت القيامة سماها آزفة لقربها عنده. {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)} {كَاشِفَةٌ} من يؤخرها، أو يقدمها، أو من يعلم وقتها ويكشف عن مجيئها، أو من يكشف ضررها. {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)} {هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} من نزوله. {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60)} {وَتَضْحَكُونَ} استهزاء {وَلا تَبْكُونَ} انزجاراً، أو تفرحون ولا تحزنون. {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)} {سَامِدُونَ} شامخون كما يخطر البعير شامخاً «ع»، أو غافلون، أو معرضون، أو مستكبرون، أو لاعبون لاهون، أو تغنون بلغة حمير كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا، أو أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين، أو واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام «ح». وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم والناس ينتظرونه قياماً فقال «ما لي أراكم سامدين»، أو خامدون. {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} {فَاسْجُدُواْ} سجود الصلاة، أو سجود التلاوة. {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} {اقْتَرَبَتِ} دنت سميت ساعة لقرب الأمر فيها، أو لمجيئها في ساعة من يومها {وَانشَقَّ الْقَمَرُ} اتضح الأمر وظهر يضربون المثل بالقمر فيما وضع وظهر، أو انشقاقه انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها كما سمي الصبح فلقاً لانفلاق الظلمة عنه، أو ينشق حقيقة بعد النفخة الثانية «ح»، أو انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه سلم عند الجمهور، قال ابن مسعود رضي الله عنه رأيت القمر منشقاً شقتين مرتين بمكة قبل مخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء فقالوا سحر القمر. {وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)} {ءَايَةً} انشقاق القمر أو أي آية رأوها أعرضوا عنها {مُّسْتَمِرٌّ} ذاهب، أو شديد من إمرار الحبل وهو شدة فتله، أو دائم، أو استمر من الأرض إلى السماء أو يشبه بعضه بعضاً. {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)} {مُّسْتَقِرٌّ} يوم القيامة، أو الخير لأهل الخير والشر لأهل الشر، أو يستقر حقه من باطله، أو لكل شيء غاية في حلوله ووقوعه. {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)} {الأَنبَآءِ} القرآن، أو أحاديث من سلف {مُزْدَجَرٌ} مانع من المعصية. {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)} {حِكْمَةٌ} بَالِغَةٌ الكتاب والسنة. {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)} {مُّهْطِعِينَ} مسرعين، أو مقبلين، أو عامدين، أو ناظرين، أو فاتحين آذانهم إلى الصوت، أو قابضين ما بين أعينهم. {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)} {مُّنْهَمِرٍ} كثير، أو منصب متدفق {فَفَتَحْنَآ} رتاج السماء، أو ووسعنا مسالكها، أو المجرة وهي شرج السماء فتحت بماء منهمر قاله علي رضي الله تعالى عنه. {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)} {قُدِرَ} قُضي عليهم إذا كفروا أن يغرقوا، أو التقى ماء السماء وماء الأرض على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر. {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)} {وَدُسُرٍ} المعاريض التي تُشد بها السفينة، أو المسامير التي يدسر بها أي يشد، أو صدر السفينة الذي يدسر به الموج أي يدفعه، أو طرفها وأصلها. {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14)} {بِأَعْيُنِنَا} بمرأى منا، أو بأمرنا، أو بأعين ملائكتنا الموكلين بحفظها، أو بأعيننا التي فجرناها من الأرض وقيل كانت تجري ما بين السماء والأرض {لِّمَن كَانَ كُفِرَ} لكفرهم بالله تعالى، أو لتكذيبهم، أو مكافأة لنوح عليه الصلاة والسلام حين كفره قومه أن حمل على ذات ألواح. {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)} {تَّرَكْنَاهَآ} الغرق، أو السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة {مُّدَّكِرٍ} متذكر، أو طالب خير فيعان عليه، أو مزدجر عن المعاصي. {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)} {صَرْصَراً} باردة، أو شديدة، أو لهبوبها صرير كالصوت {نَحْسٍ} عذاب وهلاك، أو برد أو يوم الأربعاء {مُّسْتَمِرٍّ} ذاهب، أو دائم. {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)} {يَسَّرْنَا} سهلنا تلاوته على أهل كل لسان، أو سهلنا علم ما فيه واستنباط معانيه، أو هونا حفظه فلا يحفظ من كتب الله سواه. {فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)} {وَسُعُرٍ} جنون، أو عناء، أو تيه، أو افتراق، أو جمع سعير وهو الوقود. استعظموا اتباعهم لواحد منهم كاستعظام النار كقول من ناله خطب عظيم: أنا في النار، أو لما وعد بالنار على تكذيبه، ردوا مثل ما قيل لهم فقالوا إن اتبعناه كنا إذاً في النار. {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)} {أَشِرٌ} بطر، أو عظيم الكذب، أو متعد إلى منزلة لا يستحقها. {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28)} {الْمَآءَ قِسْمَةٌ} لما نزل الرسول صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «أيها الناس لا تسألوا الآيات هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث الله تعالى لهم آية فبعث لهم ناقة فكانت ترد من ذلك الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غبها» فهذا معنى قوله {أَنَّ الْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ}. {مُّحْتَضَرٌ}: تحضر الناقة الماء يوم وردها وتغيب يوم وردهم، أو تحضر ثمود الماء يوم غبها فيشربون ويحضرون اللبن يوم وردها فيحتلبون. {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29)} {صَاحِبَهُمْ} أحمر ثمود وشَقِيِّها، أو قُدَار بن سالف. {فَتَعَاطَى} بطش بيده، «ع» أو تناولها وأخذها. {فَعَقَرَ} كَمَنَ في أصل شجرة بطريقها فرماها بسهم انتظم به أصل ساقها ثم شد عليها بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاءة واحدة تحدَّر سقبها ثم نحرت وانطلق سقبها إلى صخرة في رأس جبل فرغى ثم نادى بها فأتاهم صالح فلما رآها عقرت بكى وقال: انتهكتم حرمة الله تعالى فأبشروا بعذاب الله عز وجل، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كان عاقرها أشقر أزرق أحمر أكشف أقفى. {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)} {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} العظام المحترقة «ع»، أو التراب يتناثر من الحائط فتصيبه الريح فيتحظر مستديراً، أو الحضار البالية من الخشب إذا صارت هشيماً، أو حشيش حضرته الغنم فأكلته، أو يابس الشجر الذي فيه شوك والمحتضر الذي تحتضر به العرب حول مواشيها من السباع. {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34)} {حَاصِباً} الحجارة التي رُموا بها والحصباء: صغار الأحجار، أو السحاب الذي حصبهم، أو الملائكة الذين حصبوهم، أو الريح التي حملت عليهم الحصباء، أو الحاصب الرمي بالأحجار، أو غيرها {بِسَحَرٍ} السحر: ما بين آخر الليل وطلوع الفجر وهو اختلاط سواد آخر الليل ببياض أول النهار لأن في هذا الوقت مخاييل الليل ومخاييل النهار. {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ (37)} {فَطَمَسْنَآ} أخفيناهم فلم يروهم مع بقاء أعينهم، أو ذهب أعينهم، الطمس: محو الأثر، ومنه طمس الكتاب، {فَذُوقُواْ} وعيد بالعذاب الأدنى، أو تقريع بما أصابهم في الحال من العمى. {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ (38)} {مُّسْتَقِرٌّ} إلى الموت، أو دائم إلى نار جهنم. {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43)} {أَكُفَّارُكُمْ} ليس كفاركم خيراً ممن أهلك من القرون {بَرَآءَةٌ فِى الزُّبُرِ} الكتب السالفة أنكم لا تهلكون. {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)} {مُّنتَصِرٌ} لآلهتهم بالعبادة، أو لأنفسهم بالظهور. {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} يوم بدر. {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (46)} {أَدْهَى} أعظم، {وَأَمَرُّ} أشد مرارة أو أنفذ من نفوذ المرارة فيما خالطته. {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} {بِقَدَرٍ} على قدر ما أردنا من غير زيادة ولا نقصان، أو بحكم سابق وقضاء محتوم. {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)} {كَلَمْحٍ} إذا أردنا شيئاً أمرنا به مرة واحدة من غير مثنوية فيكون ذلك الشيء مع أمرنا كلمح البصر في سرعته من غير إبطاء ولا تأخير. {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)} {مُّسْتَطَرٌ} مكتوب، أو محفوظ. {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54)} {وَنَهَرٍ} أنهار الماء والخمر واللبن والعسل، أو النهر الضياء والنور، أو سعة العيش ومنه اشتق نهر الماء. {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} {مَقْعَدِ صِدْقٍ} حق لا لغو فيه ولا تأثيم، أو صدق الله تعالى وعده لأوليائه فيه. {الرَّحْمَنُ (1)} {الرَّحْمَنُ} اسم ممنوع لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، أو جمع من فواتح ثلاث سور ألر وحم ون وقاله سعيد بن جبير وعامر. {عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2)} {عَلَّمَ الْقُرْءَانَ} لمحمد صلى الله عليه وسلم فأداه إلى جميع الخلق، أو سهل تعلمه على جميع الناس.
|