الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19)} {التُّرَاثَ} الميراث {لَّمّاً} شديداً أو جمعاً لممت الطعام أكلته جميعاً أو نسفَهُ نَسْفاً أو إذا أكل مال نفسه ألَمَّ بمال غيره فأكله ولا يبالي حلالاً كان أو حراماً. {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)} {جَمّاً} كثيراً أو فاحشاً تجمعون حلاله إلى حرامه «ح». {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)} {يَتَذَكَّرُ} يتوب وكيف له بالتوبة لأنها لا تنفع في القيامة أو يتذكر ما عمل في الدنيا وقدم للآخرة. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} في الآخرة وإنما تنفع في الدنيا. {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)} {قَدَّمْتُ} من دنياي لحياتي في الآخرة أو من حياتي في الدنيا لبقائي في الآخرة. {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)} {لا يُعَذِّبُ} بالفتح عذاب الكافر {أَحَدٌ} {لا يُعَذِّبُ} عذابَ الله تعالى غيرُ الله {أحدٌ} «ع». {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)} {الْمُطْمَئِنَّةُ} المؤمنة، «ع» أو المخبتة أو الموفية بوعد الله تعالى أو الآمنة أو الراضية أو إذا أراد الله تعالى قبض المؤمن اطمأنت نفسه إلى الله تعالى واطمأن الله تعالى إليها «ح». {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)} {ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ} عند الموت في الدنيا أو إلى جسدك عند البعث في القيامة «ع» {رَاضِيَةً} عن الله تعالى وهو عنها راضٍ أو راضية بثوابه وهو راضٍ بعملها. {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)} {فِى عِبَادِى} في عبدي أو طاعتي أو مع عبادي. {وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} {جَنَّتِى} رحمتي أو جنة الخلد عند الجمهور قيل نزلت في أبي بكر أو في عثمان رضي الله تعالى عنهما لما وقف بئر رومة أو في حمزة بن عبد المطلب أو عامة في كل مؤمن. {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)} {لآ أُقْسِمُ} معناه أقسم على الأصح {الْبَلَدِ} مكة أو الحرم كله. {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2)} {حِلٌّ} لك ما صنعته {بِهَذَا الْبَلَدِ} من قتل وغيره «ع» أو محل غير محرم من دخولك عام الفتخح «ح» أو يستحل المشركون حرمتك وحرمة من اتبعك توبيخاً لهم. {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)} {وَوَالِدٍ} آدم وما ولد أو إبراهيم وما ولد أو الوالد الذي يلد {وَمَا وَلَدَ} العاقر الذي لا يلد «ع» أو الوالد العاقر وما ولد التي تلد. {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)} {كَبَدٍ} انتصاب في بطن أمه وبعد ولادته ولم يخلق غيره من الحيوان منتصباً «ع» أو اعتدال بما بَيَّنه من بعده من قوله {أَلَمْ نَجْعَل} أو من نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق من تكبد الدم وهو غلظه ومنه الكبد لأنها دم غليظ أو في شدة ومكابدة حملته أمه كرهاً «ورضعته به» كرهاً أو لأنه كابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة «ح» أو كابد الشكر على السّراء والصبر على الضرّاء. {الإِنسَانَ} عام أو الكافر لأنه يكابد شبهات «الكفر». {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5)} {أَيَحْسَبُ} لا نقدر على بعثه أو يحسب أنه لا يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه أو لا يقدر أحد على أخذ ماله «ح». {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)} {لُّبَداً} كثيراً أو مجتمعاً بعضه على بعض ومنه اللبد لاجتماعه قاله أبو الأشد بن الجمحي أو النضر بن الحارث. {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7)} {لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} الله تعالى أو أحدٌ من الناس فيما أنفقه حيث يكذب فيما أنفقه. {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} {النَّجْدَيْنِ} سبيل الخير والشر أو الهدى والضلالة «ع» أو الشقاء والسعادة أو الثديين ليغتذي بلبنهما، والنجد الطريق المرتفع. {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)} {الْعَقَبَةَ} طريق النجاة أو جبل في جهنم أو نار دون الجسر «ح» أو الصراط يضرب على جهنم صعوداً وهبوطاً أو أن يحاسب نفسه وهواه وعدوه الشيطان. {فَكُّ رَقَبَةٍ (13)} {فَكُّ رَقَبَةٍ} معناه اقتحام العقبة فك رقبة أو فلم يقتحم العقبة إلا من فك رقبة أو أطعم، وفكها تخليصها من الأسر أو عتقها من الرق وسمى الرقيق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته. {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)} {مَسْغَبَةٍ} مجاعة. {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)} {مَقْرَبَةٍ} قرابة. {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} {ذَا مَتْرَبَةٍ} مطروح على الطريق لا بيت له «ع» أو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره أو ذو العيال أو المديون أو الزَّمِن أو الذي ليس له أحد أو البعيد التربة أي الغريب «ع». {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)} {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ} لا يقتحم العقبة من فك أو أطعم إلا أن يكون مؤمناً. {بِالصَّبْرِ} على طاعة الله تعالى «ح» أو فرائضه أو على ما أصابهم {بِالْمَرْحَمَةِ} بالتراحم فيما بينهم وتَرَحَّمُوا الناس. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)} {الْمَيْمَنَةِ} الجنّة سُموا بذلك لأنهم أُخذوا من شق آدم الأيمن أو أُوتوا كتبهم بأيمانهم أو ميامين على أنفسهم أو منزلهم عن اليمين. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19)} {بِآيَاتِنَا} القرآن أو جميع دلائل الله وحججه. {الْمَشْئَمَةِ} جهنم أخذوا من شق آدم الأيسر أو أُوتوا كتبهم بشمالهم أو مشائيم على أنفسهم أو منزلهم على اليسار. {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)} {مُّؤْصَدَةٌ} مطبقة «ع» أو مسدودة أو حائط لا باب له. {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} {وَضُحَاهَا} إشراقها أو انبساطها أو حرها أو النهار. {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)} {تَلاهَا} ساواها أو تبعها «ع» أول ليلة من الشهر إذا سقطت يُرى عند سقوطها أو الخامس عشر يطلع مع غروبها أو في الشهر كله يتلوها في النصف الأول وهي أمامه وفي النصف الآخر يتقدمها وهي وراءه. {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3)} {جَلاهَا} أظهرها لأن ظهور الشمس بالنهار أو أضاءها لأنه ضوأَها بالنهار على ظلمة الليل. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)} {يَغْشَاهَا} أظلم الشمس أو سَيَّرَها. {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)} {وَمَا بَنَاهَا} ومن بناها وهو الله تعالى أو وبنائها. {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6)} {طَحَاهَا} بسطها أو قسمها «ع» أو خلقها. {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)} {وَنَفْسٍ} آدم ومن سواها وهو الله تعالى أو كل نفس سوى خلقها وعدل خلقها أو سوى بينهم في الصحة وسوى بينهم في العذاب جميعاً. {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} {فَأَلْهَمَهَا} أعلمها أو ألزمها {فُجُورَهَا} الشقاء والسعادة أو الشر والخير «ع» أو المعصية والطاعة. {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)} {قَدْ أَفْلَحَ} على هذا أقسم وفيها أحد عشر قسماً {مَن زَكَّاهَا} من زكى الله تعالى نفسه «ع» أو من زكى نفسه بالطاعة {زَكَّاهَا} أصلحها أو طهرها. {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} {دَسَّاهَا} الله تعالى أو دسى نفسه أغواها وأضلها لأنه دسس نفسه في المعاصي أو أثمها أو خسرها أو كذبها «ع» أو أشقاها أو خيبها من الخير أو أخفاها وأخملها بالبخل. {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11)} {بِطَغْوَاهَآ} طغيانها ومعصيتها أو بأجمعها أو بعذابها وكان اسمه الطَّغْوَى. {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14)} {فَدَمْدَمَ} فغضب أو فأطبق أو فدمر {فَسَوَّاهَا} سوى بينهم في الهلاك أو سوى بهم الأرض. {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)} {عُقْبَاهَا} لا يخاف الله تعالى عقبى إهلاكهم «ع» أو لا يخاف عاقروها عقبى عقرها «ح». {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} {يَغْشَى} أظلم أو ستر أو غشى الخلائق فعمهم. {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)} {تَجَلَّى} أضاء أو ظهر. {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} {وَمَا خَلَقَ} ومن خلق أقسم بنفسه {الذَّكَرَ وَالأُنثَى} آدم وحواء أو كل ذكر وأنثى. {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} {لَشَتَّى} مختلف في نفسه مؤمن وكافر وطائع وعاصٍ أو مختلف الجزاء فمعاقب ومنعَّم قيل نزلت في أبي بكر وأمية وأُبي ابني خلف لما عذبا بلالاً على إسلامه فاشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه منهما ببردة وعشر أواق وعتقه لله عز وجل. {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)} {مَنْ أَعْطَى} أبو بكر رضي الله تعالى عنه أعطى حق الله تعالى عليه أو أعطى الله تعالى الصدق من قلبه أو أعطى من فضل ماله «ع» {وَاتَّقَى} ربه أو محارمه التي نهى عنها أو اتقى البخل. {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)} {بِالْحُسْنَى} بلا إله إلا الله أو بوعد الله تعالى أو بثوابه أو بالجنة أو بالصلاة والزكاة والصوم أو بما أنعم الله عليه أو بالخلف من عطائه. {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)} {لِلْيُسْرَى} للخير «ع» أو للجنة. {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)} {مَن بَخِلَ} أمية وأُبي ابنا خلف بخل بماله الذي لا يبقى أو بحق الله تعالى {وَاسْتَغْنَى} عن ربه «ع» أو بماله. {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)} {بالْحُسْنَى} فيها الأقوال السبعة. {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)} {لِلْعُسْرَى} للشر من الله تعالى «ع» أو للنار. {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)} {تَرَدَّى} في النار أو مات. {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)} {لَلْهُدَى} بيان الهدى والضلال أو بيان الحلال والحرام. {وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13)} {وَإِنَّ لَنَا} ملك الدنيا والآخرة أو ثوابهما. {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)} {تَلَظَّى} تتغيظ أو تستطيل أو توهج. {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15)} {الأَشْقَى} الشقي. {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)} {كَذَّبَ} كتاب الله تعالى {وَتَوَلَّى} عن طاعته أو كذب الرسول صلى الله عليه سلم وتولى عن طاعته. {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)} {وَمَا لأَحَدٍ} عند الله تعالى {مِن نِّعْمَةٍ} يجازيه بها إلا أن يفعلها {ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ} فيستحق عليها الجزاء أو ما لبلال عند أبي بكر رضي الله تعالى عنه لما اشتراه وأعتقه وخلصه من العذاب نعمة سلفت جازاه بها {إِلا ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} ثوابه وعتقه «ع». {وَالضُّحَى (1)} [{وَالضُّحَى}] أول ساعة من النهار إذا ترحَّلت الشمس أو صدر النهار أو طلوع الشمس أو ضوء النهار في اليوم كله من قولهم ضحى فلان للشمس إذا ظهر لها. {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)} {سَجَى} أقبل أو أظلم «ع» أو استوى أو ذهب أو سكن الخلق فيه سجى البحر سكن. {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} {مَا وَدَّعَكَ} رُمي الرسول صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه فدميت فقال: هل أنتِ إلا أُصبع دميتِ *** وفي سبيل الله ما لقيتِ فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم فقالت له امرأة: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت، أو أبطأ عليه جبريل عليه السلام فجزع جزعاً شديداً فقال كفار قريش: إنا نرى ربك قد قلاك مما رأى من جزعك فنزلت، أو أبطأ الوحي فقالوا: ودع محمداً ربُّه فنزل {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} ما قطع الوحي عندك توديعاً لك. {وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4)} {وَللأَخِرَةُ} لما عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم ما يفتح على أمته من بعده كَفْراً بعد كَفْرٍ فَسُرَّ بذلك نزل {وَللأَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ}. {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ} أي أجر الآخرة خير مما أعجبك في الدينا أو الذي لك عند الله أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا. {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6)} {يَتِيماً} لا مثل لك ولا نظير فآواك إلى نفسه وإختصك لرسالته، درة يتيمة إذا لم يكن لها مثل أو يتيماً بموت أبويك فآواك بكفالة أبي طالب لأن عبد المطلب كفله بعد أبويه ثم مات عبد الملطب فكفله أبو طالب أو جعل لك مأوى لنفسك أغناك به عن كفالة عبد المطلب. {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} {ضَآلاً فَهَدَى} لا تعرف الحق فهداك إليه أو عن النبوة فهداك إليها أو عن الهجرة فهداك إليها أو في قوم ضلال فهداك لإرشادهم أو ناسياً فأذكرك كقوله {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا} [البقرة: 282] أو طالباً للقبلة فهداك إليها عبر عن الطلب بالضلال لأن الضال طالب أو وجدك متحيراً في بيان ما نزل عليك فهداك إليه عبر عن التحير بالضلال لأن الحيرة تلزم الضلال أو ضائعاً في قومك فهداك إليهم أو محباً للهداية فهداك إليها ومنه {إِنَّكَ لَفِى ضَلاَلِكَ القديم} [يوسف: 95] أي محبتك. {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} {عَآئِلاً} ذا عيال فكفاك أو فقيراً فمولك أو فقيراً من الحجج والبراهين فأغناك بها أو وجدك العائل الفقير فأغناه بك. {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} {فَلا تَقْهَرْ} لا تحقر أو لا تظلم أو لا تستذل أو لا تمنعه حقه الذي في يدك أو كن لليتيم كالرب الرحيم. {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} {السَّآئِلَ} للبر إذا رددته فرده برفق ولين أو السائل عن الدين لا تغلظ عليه وأجبه برفق ولين. {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} النبوة فادع أو القرآن فبلغ أو ما أصاب من خير أو شر فحدث به الثقة من إخوانك «ح» أو حدث به نفسك ندب إلى ذلك ليكون ذكرها شكراً. {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1)} {أَلَمْ} استفهام تقرير {نَشْرحْ لَكَ صَدْرَكَ} بإزالة همك حتى خلا لما أمرت به أو نُوسعه لما حملته فلا يضيق عنه، وتشريح اللحم تفتيحه لتفريقه، شرحه بالإسلام أو بأن ملأه حكمة وعلماً «ح» أو بالصبر والاحتمال. {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)} و {وِزْرَكَ} غفرنا لك ذنبك أو حططنا عنك ثقلك أو حفظناك في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك جبريل عليه السلام وأنت مطهر منها. {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)} {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} كما ينقض البعير من الحمل الثقيل فيصير نقضاً. أثقل ظهره بالذنوب حتى غفرها أو بالرسالة حتى بلغها أو بالنعم حتى شكرها. {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4)} {وَرَفَعْنَا} ذكرك بالنبوة أو في الآخرة كما رفعناه في الدنيا أو تذكر معي إذا ذكرت قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قال الله تعالى أعلم قال إذا ذُكِرتُ ذُكرتَ معي» قال قتادة ورفع ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)} {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} مع اجتهاد الدنيا جزاء إلا الجنة «ح» أو مع الشدة رخاء ومع الضيق سعة ومع الشقاوة سعادة ومع الحزونة سهولة وكرره تأكيداً ومبالغة أو العسر واحد واليسر اثنان لدخول الألف واللام على العسر وحذفهما من اليسر. {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7)} {فَرَغْتَ} من الفرائض {فانصَبْ} في قيام الليل أو من الجهد فانصب لعبادة ربك أو من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك أو من صلاتك فانصب في دعائك. {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)} {فَارْغَب} إليه في دعائك أو معونتك أو في إخلاص نيتك. {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)} {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} المأكولان أو التين دمشق والزيتون بيت المقدس أو التين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس أو التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس أو الجبل الذي عليه التين والجبل الذي عليه الزيتون وهما جبلان: بالشام أحدهما طور تيناً والآخر طور زيتاً أو جبلان بين حلوان وهمدان حكاه ابن الأنباري أو التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيلياء أو التين مسجد نوح عليه الصلاة والسلام الذين بني على الجودي والزيون مسجد بيت المقدس «ع» أو عبر بهما عن جميع النعم لأن التين طعام والزيتون إدام. {وَطُورِ سِينِينَ (2)} {وَطُورِ} جبل بالشام أو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه الصلاة والسلام. {سِينِينَ} الحسن بلغة الحبشة ونطقت بها العرب أو المبارك أو اسم للبحر الميت أو الشجر الذي حوله. {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)} {الْبَلَدِ} مكة {الأَمِينِ} الآمن أهله من القتل والسبي لأن العرب كانت تكف عنه في الجاهلية أن تسبي فيه أحداً أو تسفك دماً أو المأمون على ما أودعه الله تعالى معالم دينه. {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)} {الإِنسَانَ} عام أو كلدة بن أسيد «ع» أو أبو جهل أو الوليد بن المغيرة أو عتبة وشيبة أو الرسول صلى الله عليه وسلم. {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أعدل خلق «ع» أو أحسن صورة أو شباب وقوة أو منتصب القامة وسائر الحيوان منكب. {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} {أَسْفَلَ سَافِلينَ} الهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة أو النار يعني الكافر في الدرك الأسفل. {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} {مَمْنُونٍ} منقوص أو محسوب أو مكدر بالمن والأذى «ح» أو مقطوع أو أجر بغير عمل لأن من بلغ الهرم كتب له أجر ما عجز عنه من العمل الصالح أو لا يضره ما عمل في كبره. {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} {فَمَا يُكَذِّبُكَ} أيها الإنسان بعد هذه الحجج أو ما يكذبك أيها الرسول بعدها بالدين والدين: حكم الله تعالى «ع» أو الجزاء. {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} {أَلَيْسَ اللَّهُ} تقرير لمن اعترف من الكفار بالصانع. {بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} صنعاً وتدبيراً أو قضاءً بالحق وعدلاً بين الخلق وفيه محذوف وتقديره «فلم ينكرون مع هذه الحال البعث والجزاء». وكان علي رضي الله تعالى عنه إذا قرأها يقول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} {بِاسْمِ رَبِّكَ} لما كانوا يعبدون آلهة لا تخلق ميز ربه عنهم بقوله {الَّذِى خَلَقَ}. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)} {خَلَقَ الإِنسَانَ} جنس {عَلَقٍ} جمع علقة وهي قطعة دم رطب سميت بذلك لأنها تعلق لرطوبتها بما تمر عليه فإذا جفت لم تكن علقة. {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} عام في كل كاتب أو أراد آدم عليه الصلاة والسلام لأنه أول من كتب أو إدريس وهو أول من كتب، والقلم: لأنه يقلم كالظفر أي يقطع. {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} {مَا لَمْ يَعْلَمْ} الخط بالقلم أو كل صنعة. {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)} {كَلآ} رد وتكذيب أو بمعنى «أَلاَ» {لَيَطْغَى} ليعصي أو ليبطر أو ليتجاوز قدره أو ليرتفع من منزلة إلى منزلة. {أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)} {اسْتَغْنَى} بماله أو عن ربه «ع» نزلت في أبي جهل. {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)} {الرُّجْعَى} المنتهى أو المرجع في القيامة. {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)} {أَرَءَيْتَ الَّذِى يَنْهَى} نزلت في أبي جهل حلف لئن رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ليطأن رقبته وليعفرن وجهه في التراب فجاءه وهو يصلي ليطأ رقبته فأراه الله تعالى بينه وبينه خندقاً من نار وهواء وأجنحة فنكص وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً وكان في صلاة الظهر». {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)} {أَرَءَيْتَ إِن كَانَ} الرسول صلى الله عليه وسلم مهتدياً في نفسه وأمر بطاعة ربه أو إن كان أبو جهل مهتدياً ألم يكن خيراً منه؟ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)} {كَذَّبَ} بالله تعالى {وَتَوَلَّى} عن طاعته أو بالقرآن وتولى عن الإيمان. {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)} {أَلَمْ يَعْلَم} الرسول صلى الله عليه وسلم أو أبو جهل. {بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} عمله ويسمع قوله أو يراك في صلاتك حتى نهاك أبو جهل عنها. {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15)} {لَنَسْفَعاً} لنأخذن بناصيته وهو عند العرب أبلغ شيء في الإذلال والهوان أو أراد تسويد وجهه وتشويه خلقه والسفعة السواد من سفعته النار والشمس إذا غيرت وجهه وشوهته والناصية: شعر مقدم الرأس وقد يعبرون بها عن جملة الإنسان كقولهم ناصية مباركة. {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} {كَاذِبَةٍ} في قولها {خَاطِئَةٍ} في فعلها. {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)} {نَادِيَهُ} أهل ناديه والنادي: مجلس أهل الندى والجود. {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} {الزَّبَانِيَةَ} خزنة جهنم وهم أعظم الملائكة خلقاً وأشدهم بطشاً ويطلق الزبانية على من اشتد بطشه. {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} {وَاسْجُدْ} يا محمد {وَاقْتَرِب} إلى الله تعالى أقرب ما يكون في سجوده أو أسجد يا محمد واقترب يا أبا جهل من النار قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت في أبي جهل أربع وثمانون آية وفي الوليد مائة وأربع آيات وفي النظر بن الحارث اثنتان وثلاثون آية وهذه أول سورة نزلت عند الأكثرين وقد ذكر نزول جميع السور. {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} {أَنزَلْنَاهُ} جبريل عليه السلام أو القرآن نزل {فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ} في شهر رمضان في ليلة مباركة من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة ونجمه جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة فكان ينزل أرسالاً على مواقع النجوم في الشهر والأيام «ع» أو ابتدأ الله تعالى بإنزاله في ليلة القدر قاله الشعبي وليلة القدر في الشهر كله أو في العشر الأواخر ليلة الحادي والعشرين أو الثالث والعشرين أو السابع والعشرين «ع» أو الرابع والعشرين أو تنقل في كل عام من ليلة [إلى] أخرى {الْقَدْرِ} لأن الله تعالى قدر فيها [إنزال القرآن] أو لأنه يقدر فيها أمور السنة أو لعظم قدرها أو لعظم قدر الطاعات فيها وجزيل ثوابها. {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2)} {وَمَآ أَدْرَاكَ} تضخيماً لشأنها وحثاً على العمل فيها قال الشعبي: يومها كليلها وليلها كيومها قال الضحاك لا يقدر الله تعالى فيها إلا السعادة والنعم ويقدر في غيرها البلايا والنقم وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يسميها ليلة التعظيم وليلة النصف من شعبان ليلة البراءة وليلتي العيدين ليلة الجائزة. {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أو العمل فيها خير من العمل في غيرها ألف شهر أو خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر أو كان في بني إسرائيل رجل يقوم حتى يصبح ويجاهد العدو حتى يسمي فعل ذلك ألف شهر فأخبر الله تعالى أن قيامها خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر أو كان ملك سليمان عليه الصلاة والسلام خمسمائة شهر وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فجعلت ليلة القدر خيراً من ملكهما. {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)} {تَنَزَّلُ الْمَلآئِكَةُ} قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى {وَالرُّوحُ} جبريل عليه السلام أو حفظة الملائكة أو أشراف الملائكة أو جند من جند الله تعالى من غير الملائكة «ع» {بِإِذْنِ رَبِّهِم} بأمره {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} يقضى في تلك الليلة من رزق وأجل إلى مثلها من قابل. {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} {سَلامٌ} سالمة من كل شر لا يحدث فيها حدث ولا يرسل فيها شيطان أو هي سلامة وخير وبركة أو تسلم الملائكة على المؤمنين إلى طلوع الفجر. {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)} {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} اليهود والنصارى ومن المشركين. {مُنفَكِّينَ} منتهين عن الكفر حتى يتبين لهم الحق أو لم يزالوا على الشك حتى يأتيهم الرسل صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أو لم يختلفوا أن الله تعالى سيبعث إليهم رسولاً حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم فاختلفوا فآمن بعض وكفر آخرون أو لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله تعالى حتى تأتيهم بينة تقوم بها الحجة عليهم. {الْبَيِّنَةُ} القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بانت دلائل نبوته أو بيان الحق وظهور الحجج. {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2)} {رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ} محمد صلى الله عليه وسلم {صُحُفاً} القرآن {مُّطَهَّرَةً} من الشرك أو لحسن الثناء والذكر. {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)} {فِيهَا كُتُبٌ} الله تعالى المستقيمة التي جاء القرآن بتصديقها وذكرها أو فروض الله تعالى العادلة. {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)} {وَمَا تَفَرَّقَ} اليهود والنصارى إلا من بعد ما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم أو القرآن. {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} {مُخْلِصِينَ} مقرين له بالعبادة أو ينوون بعبادتهم وجهه أو إذا قال لا إله إلا الله قال على أثرها الحمد لله {حُنَفَآءَ} متبعين أو مستقيمين أو مخلصين أو مسلمين أو حجاجاً «ع» وقال عطية إذا اجتمع الحنيف والمسلم فالحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف فهو المسلم وقال سعيد بن جبير ولا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن أو المؤمنون بالرسل كلهم. {دِينُ الْقَيِّمَةِ} الأمة المستقيمة أو القضاء القيم «ع» أو الحساب البيّن. {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1)} {زُلْزِلَتِ} حركت الزلزلة: شدة الحركة مكرر من زل يزل {زِلْزَالَهَا} لأنها غاية زلزالها المتوقعة أو لأنها عامة في جميع الأرض بخلاف الزلازل المعهودة وفي زلزلة في الدنيا من أشراط الساعة عند الأكثر أو زلزلة يوم القيامة. {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)} {أَثْقَالَهَا} كنوزها عند من رآها من الأشراط أو من الموتى «ع» عند من رآها زلزلة القيامة أو ما عليها من جميع الأثقال. {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3)} {وَقَالَ الإِنسَانُ} المؤمن والكافر عند من رآها شرطاً أو الكافر عند الآخرين. {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4)} {تُحَدِّثُ} يخلق الله تعالى فيها الكلام أو يقلبها حيواناً يتكلم أو يكون عنها بيان يقوم مقام الكلام {أَخْبَارَهَا} ما عمله العباد على ظهرها عند من رآها القيامة أو بما أخرجت من أثقالها عند الآخرين أو تخبر إذا قال الإنسان مالها بأن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أتت فيكون ذلك جواباً لسؤالهم. {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5)} {أَوْحَى لَهَا} ألهمها فأطاعت أو قال لها أو أمرها والذي أوحاه إليها أن تخرج أثقالها أو تحدث أخبارها. {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6)} {يَوْمَئِذٍ} يوم القيامة {يَصْدُرُ النَّاسُ} من بين يدي الله تعالى فرقاً مختلفين بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار أو يصيرون في الدنيا عند غلبة الأهواء فرقاً مختلفين بالكفر والإيمان والإساءة والإحسان ليروا جزاء أعمالهم يوم القيامة والشتات: التفرق والاختلاف. {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7)} {يَرَهُ} يعرفه أو يرى صحيفة عمله أو يرى جزاءه ويلقاه في الآخرة مؤمناً كان أو كافراً أو يرى المؤمن جزاء سيئاته في الدنيا وجزاء حسناته في الآخرة ويرى الكافر جزاء حسناته في الدنيا وجزاء سيئاته في الآخرة قاله طاووس قيل نزلت في ناس من أهل المدينة كانوا لا يتورعون من الصغائر كالنظرة والغمزة والغيبة واللمسة قائلين إنما أوعدنا الله تعالى على الكبائر وفي ناس استقلوا إعطاء الكسرة والتمرة والجوزة قائلين إنما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبه ونزلت والرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يتغديان فقاما وأمسكا من شدة حزنهما. {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} {وَالْعَادِيَاتِ} الخيل في الجهاد «ع» أو الإبل في الحج قاله علي وابن مسعود رضي الله عنهما قال الشاعر: فلا والعاديات غداة جمع *** بأيديها إذا سطع الغبار من العَدْو وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي {ضَبْحاً} حمحمة الخيل عند العَدْو أو شدة النفس عند سير الإبل قيل لا يضج بالحمحمة في العَدْو إلا الفرس والكلب وضج الإبل تنفسها أو ضجها بقول سابقها أح أح «ع». {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)} {فَالْمُورِيَاتِ} الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت أو نيران المجاهدين إذا اشتعلت فأكثرت إرهاباً «ع» أو تهيج الحرب بينهم وبين عدوهم أو مكر الرجال في الحرب أو نيران الحجيج بمزدلفة أو الألسن إذا أقيمت بها الحجج وظهرت الدلائل فاتضح الحق قاله عكرمة. {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)} {فَالْمُغِيرَاتِ} الخيل تغير على العدو {صُبْحاً} أي علانية تشبيهاً بظهور الصبح «ع» أي الإبل حين تغدوا صبحاً من مزدلفة إلى منى. {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)} {نَقْعاً} غباراً أو النقع ما بين مزدلفة إلى منى أو بطن الوادي ولعله يرجع إلى الغبار المثار في هذا الموضع. {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)} {جَمْعاً} جمع العدو حين يلتقي الزحف «ع» أو المزدلفة تسمى جمعاً لاجتماع الناس فيها وإثارة النقع في الدفع منها إلى منى قاله مكحول. {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)} {لَكَنُودٌ} كنود قيل الذي يكفر اليسير ولا يشكر الكثير أو اللوام لربه يذكر المصائب وينسى النعم أو جاحد الحق قيل إنها سميت كندة لأنها جحدت أباها أو العاصي بلسان كندة وحضرموت أو البخيل بلسان مالك بن كنانة أو الذي ينفق نعم الله في معاصيه أو الذي يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رِفده قيل نزلت في الوليد بن المغيرة.
|