الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الخازن: .قال أبو حيان: وقوله صلى الله عليه وسلم: «والله إني لأمين في السماء، أمين في الأرض» حين قال له المنافقون: اعدل في القسمة، أكذاب لهم إذ وصفوه بخلاف ما وصفه به ربه، وشتان من شهد الله له بالتزكية، ومن شهد لنفسه أو شهد له من لا يعلم. قاله الزمخشري وفيه بعض تلخيص. قال الراغب ما ملخصه: التزكية ضربان: بالفعل، وهو أن يتحرى فعل ما يظهره وبالقول، وهو الإخبار عنه بذلك ومدحه به. وحظر أن يزكي الإنسان نفسه، بل أن يزكي غيره، إلا على وجه مخصوص. فالتزكية إخبار بما ينطوي عليه الإنسان، ولا يعلم ذلك إلا الله تعالى. اهـ. .قال ابن عطية: هذا لفظ عام في ظاهره، ولم يختلف أحد من المتأولين في أن المراد اليهود، واختلف في المعنى الذي به زكوا أنفسهم، فقال قتادة والحسن: ذلك قولهم: {نحن أبناء الله وأحباؤه} [المائدة: 18] وقولهم: {لا يدخل الجنة إلا من كان هودًا} [البقرة: 111] وقال الضحاك والسدي: ذلك قولهم: لا ذنوب لنا وما فعلناه نهارًا غفر ليلًا، وما فعلناه ليلًا غفر نهارًا، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب، وقال مجاهد وأبو مالك وعكرمة: تقديمهم أولادهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب لهم. قال المؤلف: وهذا يبعد من مقصد الآية وقال ابن عباس: ذلك قولهم أبناؤها الذين ماتوا يشفعون لنا ويزكوننا، وقال عبد الله بن مسعود: ذلك ثناء بعضهم على بعض، ومدحهم لهم وتزكيتهم لهم. قال القاضي أبو محمد: فتقتضي هذه الآية الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل. اهـ. .قال في روح البيان: قول الرجل: أنا مؤمن ليس بتزكية النفس بل إخبار عن شيء أكرم به وإنما التزكية أن يرى نفسه تقيا صالحا ويمدح به. قال السرى قدس سره: من تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله تعالى. فيجب على العبد المؤمن أن يمتنع عن مدح نفسه ألا يرى إلى قوله عليه السلام «أنا سيد ولد آدم» كيف عقبه بقوله: «ولا فخر» أي لست أقول هذا تفاخرا كما يقصده الناس بالثناء على أنفسهم لأن افتخاره عليه السلام كان بالله وتقربه من الله لا بكونه مقدما على أولاد آدم كما أن المقبول عند الملك قبولا عظيما إنما يكون بقبوله إياه وبه يفرح لا بتقديمه على بعض رعاياه. اهـ. .قال الفخر: .قال البيضاوي: .قال الألوسي: .قال ابن عاشور: وأنّ الذين زكَّوا أنفسهم لاحظّ لهم في تزكية الله، وأنّهم ليسوا ممّن يشاء الله تزكيته، ولو لم يذكر (بل) فقيل و{الله يزكّي من يشاء} لكان لهم مطمع أن يكونوا ممّن زكّاه الله تعالى. اهـ. .قال الفخر: .قال القرطبي: وغيرُ هذين الصنفين عُلِم أن الله تعالى لا يظلمه من غير هذه الآية. والفَتِيل الخيط الذي في شَقّ نواة التمرة؛ قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد. وقيل: القشرة التي حول النواة بينها وبين البُسْرة. وقال ابن عباس أيضًا وأبو مالك والسُّدِّي: هو ما يخرج بين أصبعيك أو كفّيك من الوسخ إذا فتلتهما؛ فهو فعِيل بمعنى مفعول. وهذا كله يرجع إلى كناية عن تحقير الشيء وتصغيره، وأن الله لا يظلمه شيئًا. ومثل هذا في التحقير قوله تعالى: {وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124] وهو النكتة التي في ظهر النّواة، ومنه تنبت النخلة، وسيأتي. قال الشاعر يذمّ بعض الملوك: . اهـ. .قال أبو حيان: وقيل: يعود على المذكورين من زكى نفسه، ومن يزكيه الله. ولم يذكر ابن عطية غير هذا القول. وقال الزمخشري: ولا يظلمون أي، الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكيتهم أنفسهم حق جزائهم، أو من يشاء يثابون ولا ينقصون من ثوابهم ونحوه، فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى انتهى. اهـ. .قال الألوسي: وقيل: هو استئناف، والضمير عائد على الموصولين من زكى نفسه، ومن زكاه الله تعالى أي لا ينقص هذا من ثوابه ولا ذاك من عقابه، والأول أمس بمقام الوعيد، وانتصاب {فَتِيلًا} على أنه مفعول ثان كقولك: ظلمته حقه، قال علي بن عيسى: ويحتمل أن يكون تمييزًا كقولك: تصببت عرقًا. اهـ. .قال ابن عاشور: .فوائد لغوية وإعرابية: قوله: {بل}، إضْرَابٌ عَنْ تزكيتهم أنفُسَهُم، وقدّر أبُو البقاء قبل هذا الإضراب جُمْلَةً؛ قال: تقديرهُ: أخْطؤوا، {بَلِ الله يُزَكِّي مَن يَشَاءُ}. وقوله: {ولا يظلمون}، يجوزُ أنْ يكونَ حَالًا ممَّا تقدَّم، وانْ يكون مُسْتَأنفًا، والضميرُ في {يظلمون} يجوزُ أنْ يعود على {من يشاء} أيْ: لا يُنْقِصُ مِنْ تزكيتهم شيئًا، وإنَّما جَمَعَ الضميرَ؛ حَمْلًا على مَعْنَى {من} وأنْ يَعُودَ على الذين يُزَكونَ، وأنْ يعُودَ على القَبِيليْن مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ، وَمَنْ زَكَّاهُ الله، فَذَاكَ لاَ يُنْقِصُ من عقابه شَيْئًا، وهذا لا يُنْقِصُ مِنْ ثَوَابِهِ شَيْئًا، والأوَّلُ أظْهَرُ؛ لأن {من} أقَرْبُ مَذْكُورٍ، ولأنَّ {بل} إضرابٌ مُنْقطعٌ ما بَعْدَهَا عمَّا قَبْلَهَا. وقال أبُو البَقَاءِ: ويجوزُ أن يكُونَ مُسْتأنَفًا، أيْ: منْ زَكَّى نَفْسَه، ومَنْ زَكَّاهُ اللهُ. انتهى. فجعل عودَ الضميرِ على الفَريقَيْنِ؛ بِناءً على وَجْهِ الاسْتِئْنافِ، وهذا غيرُ لازِمٍ بل يجوزُ عودهُ عَلَيْهِمَا، والجملةُ حَالِيَّةٌ. و{فَتِيلًا} مَفعُولٌ ثانٍ؛ لأن الأولَ قامَ مَقَامَ الفاعِلِ، ويجوزُ أنْ يكونَ نَعْت مَصْدرٍ مَحْذُوفٍ، كما تقدَّمَ تقديره في: {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40]، والفَتِيلُ: خَيْطٌ رَقيقٌ في شِقِّ النَّواة يَضْرَبُ به المَثلُ في القِلَّةِ، قالَهُ ابنُ السّكيتِ، وغيرُهُ. وقيل: هو مَا خَرَجَ مِنْ بيْن إصْبَعَيْكَ، أو كَفَّيْكَ مِنَ الوَسَخ حين تَفْتُلُهُمَا، فهو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُولٍ، وقد ضرب العَرَبُ المثلَ في القِلّةِ التافِهَةِ بأربَعةِ أشْيَاء، اجتمعْتَ في النواةِ، وهي: الفَتِيلُ، والنَّقِيرُ: وهو النُّقْرَةُ التي في ظهر النَّواةِ، والقِطْميرُ: هو القِشْرُ الرقيقُ فوقها وهذه الثلاثةُ واردَةٌ في الكتابِ العزيز، والثُّفْروق: وهو ما بيْنَ النواةِ والقِمْع الَّذِي يكوُنُ في رَأسِ التَّمرة كالعلاقَةِ بَيْنَهُمَا. اهـ.
|