الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة طه: الآيات 77- 82]: .اللغة: {دَرَكًا}: بفتحتين أي أن يدركك فرعون وجنوده والدرك والدرك بفتحتين وبفتح الدال وسكون الراء اللحاق وادراك الحاجة وأقصى قعر الشيء يقال بلغ الغواص درك البحر ويقال فرس درك الطريدة أي يدركها ومنه قولهم: ما لحقك من درك فعليّ خلاصه فاستعمال رجال الدرك صحيح لا غبار عليه. .الإعراب: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخافُ دَرَكًا وَلا تَخْشى} فاضرب عطف على أسر أي اجعل، من قولهم ضرب له في ماله سهما وضرب اللبن عمله فقول العامة: ضرب لبنا لا غبار عليه. ولهم متعلقان باضرب أي قائم مقام المفعول الثاني وطريقا مفعول به أول وفي البحر صفة ويبسا صفة ثانية وهو وصف لما يئول إليه كما سيأتي في باب البلاغة أو مصدر وصف به مبالغة كرجل عدل وصدق وجملة لا تخاف حالية من فاعل اضرب أي اضرب غير خائف أو صفة لطريقا والعائد محذوف أي لا تخاف فيه أو هي جملة مستأنفة والأول أظهر ولا نافية وتخاف فعل مضارع مرفوع وفاعله أنت ودركا مفعول به وجملة ولا تخشى عطف على لا تخاف. {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ} الفاء عاطفة واتبعهم فعل ماض متعد لاثنين حذف ثانيهما والتقدير فأتبعهم فرعون عقابه والهاء هو المفعول الأول وقيل الباء زائدة في المفعول الثاني والتقدير فأتبعهم فرعون جنوده فهو كقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} واتبع قد جاء متعديا إلى اثنين مصرح بهما قال: {وَأَتْبَعْناهُمْ ذرياتهم} وقيل هو بمعنى تبع يتعدى لواحد فتكون بجنوده في محل نصب على الحال فغشيهم الفاء عاطفة وغشيهم فعل ماض والهاء مفعوله أي غمرهم وما فاعل وجملة عشيهم صلة وهو من الإبهام وسيأتي الكلام عنه مرة ثانية في باب البلاغة. {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى} الواو عاطفة مع تقديم وتأخير في الكلام لأن إضلاله قومه كان قبل العرق طبعا وأضل فعل ماض وفرعون فاعل وقومه مفعول به وجملة وما هدى عطف على أضل وسيأتي الكلام عن هذا العطف في باب البلاغة والتهكم فيه. {يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ} يا حرف نداء وبني إسرائيل منادى مضاف وقد حرف تحقيق وأنجيناكم فعل ماض وفاعل ومفعول به ومن عدوكم متعلقان بأنجيناكم. {وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى} وواعدناكم عطف على أنجيناكم وواعدناكم فعل وفاعل ومفعول به أول وجانب الطور مفعول به ثان على حذف مضاف أي إتيان جانب ولا يكون ظرفا لأنه محدود، والأيمن صفة لجانب ونزلنا عطف على ما قبله لتتمة تعداد النعم الدنيوية والدينية المترادفة عليهم وعليكم متعلقان بنزلنا والمن مفعول به والسلوى عطف على المن وقد تقدم ذكرهما والنداء إما أن يكون لبني إسرائيل بعد انجائهم من البحر وإهلاك فرعون وجنوده وإما أن يكون موجها إلى اليهود في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم، خوطبوا بما أنعم اللّه به على أجدادهم ومع ذلك كفروا بالنعمة وغمطوها وجحدوها فهم علة العلل في مختلف ظروف الزمان والمكان، وهم أداة تعطيل السلام في كل آن. {كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} كلوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل ومن طيبات متعلقان بكلوا وما مفعول به وجملة رزقناكم صلة ولا تطغوا الواو عاطفة ولا ناهية وتطغوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعل وفيه متعلقان بتطغوا فيحل الفاء السببية ويحل فعل مضارع منصوب بأن مضمرة لأنه وقع في جواب النهي وعليكم متعلقان بيحل وغضبي فاعل وقيل هو معطوف فيكون نهيا أيضا. {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى} الواو عاطفة ومن شرطية مبتدأ ويحلل فعل الشرط وعليه متعلقان بيحلل وغضبي فاعل يحلل والفاء رابطة لجواب الشرط وقد حرف تحقيق وهوى فعل ماض أي هلك والجملة في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من على التحقيق. {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهْتَدى} الواو عاطفة وإن واسمها واللام المزحلقة، و{غفار} خبر إن ولمن متعلقان بغفار وجملة تاب صلة وآمن وعمل عطف وصالحا مفعول به أو صفة لمصدر محذوف أي عمل عملا صالحا ثم اهتدى عطف متأخر باعتبار الانتهاء لبعده عن أول الاهتداء أو للتفاوت بين المرتبتين فإن الاستمرار في التوبة والإيمان والعمل الصالح هو الشرط الاساسي لقبول الأعمال. .البلاغة: 1- المجاز المرسل: وذلك في قوله يبسا لأنه لم يكن حين خاطبه اللّه تعالى يبسا ولكن باعتبار ما يئول إليه كقوله تعالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} وقد تقدم القول فيه مفصلا. 2- الإبهام: وذلك في قوله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ} أي علاهم وغمرهم من الأمر الهائل الذي ليس في طوقهم احتماله ما لا يمكن ادراك كنهه ولا سبر غوره وهو من جوامع الكلم التي يقل لفظها ويتشعب القول في معناها. 3- التهكم: تقدم القول فيه مرارا وهو هنا في قوله: {وَما هَدى} والمعروف أن التهكم هو أن يأتي المتكلم بعبارة والمقصود عكس معناها كقوله: {إنك لأنت الحليم الرشيد} وغرضهم وصفه بضد هذين الوصفين وأما قوله تعالى: {وَما هَدى} فمضمونه هو الواقع فهو حينئذ مجرد إخبار عن عدم هدايته لقومه فأين التهكم؟ ولكن العرف في مثل ما هدى زيد عمرا بثبوت الهداية لزيد في نفسه ولكنه يؤخذ عليه أنه لم يهد عمرا ولكن فرعون ضال في نفسه بل أن الضلال مركوز في سليقته كامن فيه كمون الطبائع الاصيلة فكيف يتوهم أنه يهدي غيره وإذن فهو جمع بين المثلبتين واكتنفه الشر من ناحيتين فحق لمثله وقد صار مهزأة أن يتهكم به ويكون أداة للتهكم. 4- المجاز العقلي: وفي قوله تعالى: {وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} فإن لقائل أن يقول أن المواعدة كانت لموسى عليه السلام فكيف أضيفت إليهم، وإيضاح الجواب الدقيق الذي لم أر من وفّاه حقه أنه مجاز عقلي أسند المواعدة إليهم من قبل اللّه كما تسند الأمور المدركة إلى من ليس له ادراك على حد المجاز العقلي وهذا من أسمى ما يصل إليه الأسلوب اللبق تقول لابن صديقك المتعسف المرتطم في حمأة الهوان لقد عرفتكم أهل حجا وتصون، تريد أن تنسب إليه ما هو بعيد عنه بعد الأمور المدركة عن غير العقلاء حين تنسب إليهم على طريق المجاز العقلي. .[سورة طه: الآيات 83- 86]: .اللغة: {السَّامِرِيُّ}: في القاموس: الذي عبد العجل وكان علجا من كرمان أو عظيما من بني إسرائيل ينسب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة نسبة إلى مقاطعة في فلسطين، قال في المنجد: وهم قوم يخالفون اليهود في نقاط دينية جوهرية منها أنهم لا يقرون من كتب الوحي إلا أسفار موسى الخمسة المعروفة بالتوراة وانهم يقولون بواجب العبادة لا في أورشليم ولكن على جبل جريزيم جنوبي شكيم، وقال في الخازن واسمه موسى بن ظفر. .الإعراب: {قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى} هم مبتدأ وأولاء خبر وعلى أثري خبر ثان أو حال وعجلت فعل وفاعل والواو حالية بتقدير قد أو عاطفة وإليك متعلقان بعجلت ورب منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة وحرف النداء محذوف ولترضى اللام للتعليل وترضى فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بعجلت أيضا كأنه تعليل لعجلته. {قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} قال فعل ماض وفاعله مستتر يعود على اللّه والفاء الفصيحة أي إن شئت أن تعلم مصير قومك، وإن واسمها وجملة قد فتنا خبرها وهي فعل وفاعل وقومك مفعول به وأضلهم السامري فعل ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر. {فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفًا} تقدم القول في فاء التعقيب انها قد تتخلف في وقتها دون أن يحدث فاصل فلم يرجع موسى إلا بعد أن استوفى الأربعين يوما وأخذ التوراة، ورجع فعل ماض وموسى فاعل وإلى قومه متعلقان برجع وغضبان أسفا حالان. {قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} يا حرف نداء وقوم منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، ألم الهمزة للاستفهام الانكاري ويعدكم فعل مضارع مجزوم بلم والكاف مفعول به وربكم فاعل ووعدا مفعول مطلق وحسنا صفة. {أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} الهمزة للاستفهام والفاء حرف عطف على محذوف وطال فعل ماض وعليكم متعلقان بطال والعهد فاعل وأم حرف عطف معادل للهمزة وأردتم فعل وفاعل وأن وما في حيزها مفعول أردتم وعليكم متعلقان بيحل وغضب فاعل يحل ومن ربكم صفة لغضب فأخلفتم الفاء حرف عطف وأخلفتم عطف على أردتم وموعدي مفعول أخلفتم. .البلاغة: آ- لتعريف المسئول بما يجهله من أمور وقد أراد سبحانه تعريفه بفتنة قومه فقد قيل إنهم كانوا نحو ستمائة ألف نفس ما نجا منهم من عبادة العجل إلا اثنا عشر ألفا. ب- تبكيت المسئول وتفهيمه وتنبيهه إلى خطل ما جاء به من ترك القوم وافساح المجال للسامري كي يضلهم لأنه مغرق في الضلالة وماهر في الإضلال. ج- تعليم المسئول آداب السفر وهي: أنه ينبغي على رئيس القوم أن يتأخر عنهم في المسير ليكون نظره محيطا بهم ونافذا فيهم ومهيمنا عليهم، وقاطعا الطريق على كل فتنة قد تتسرب إلى صفوفهم. على أن موسى عليه السلام أغفل هذه الأمور ولعله ملم بها ومطلع عليها ولكن الشوق إلى لقاء اللّه والمسارعة إلى ميعاده ألهب قلبه فلم يملك عنان صبره الجامح وذلك شأن الموعود بما طال حنينه إليه يودّ لو امتطى أجنحة الطير واستبق الساعات وهل ثمة ما يلهب الشوق مثل مواعدة اللّه؟ .[سورة طه: الآيات 87- 98]: .اللغة: {أَوْزارًا}: أثقالا وأرادوا بها حلي القبط التي استعاروها منهم وأرادوا بالأوزار انها آثام وتبعات لأنهم استعاروها منهم وليس لهم فيها حق. {خُوارٌ}: بضم الخاء صوت البقر والعجاجيل وعبر بالجسد مع أنه لا يقال للعاقل: ولأن الجسد لا يقال إلا أمسكه قضت قبضة وقبصت قبصة ويقال: إن القبصة أقل من القبضة وقال غيره: القبص بأطراف الأصابع والقبض بالكف كلها ويقال عاد إلى ضئضئه وصئصئه أي إلى أصله والهمز الأصل وأنشد: الحذل: الحجر وقال اللحياني: بخ بخ وبه به تقال للانسان إذا عظّم، وقال أبو عمرو: ما ينوض بحاجة وما يقدر على أن ينوص أي يتحرك ومنه قوله عز وجل: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} ومناص ومناض واحد ويقال: أنقاص وأنقاض بمعنى واحد وقال الأصمعي: المنقاض: المنقعر من أصله والمنقاص: المنشقّ طولا وقال أيضا: مضمض لسانه ومصمص لسانه إذا حركه وقال اللحياني: يقال: إنه لصلّ أصلال وضلّ أضلال والصل الحية التي تقتل إذا نهشت من ساعتها ويقال مصمص إناءه ومضمضه إذا غسله فقول العامة مصمص العظم صحيح لا غبار عليه. {بَصُرْتُ}: بصر بالشيء بضم الصاد وأبصره بمعنى علمه وهو من باب ظرف ويقال بصر بالكسر من باب علم. {مِساسَ}: بكسر الميم مصدر ماس وستأتي حقيقة هذا التركيب في باب الاعراب. .الإعراب:
|