الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فوائد: إحداها الْأَذَانُ أَفْضَلُ من الْإِقَامَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ الْإِقَامَةُ أَفْضَلُ وهو رِوَايَةٌ في الْفَائِقِ وَقِيلَ هُمَا في الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ. الثَّانِيَةُ الْأَذَانُ أَفْضَلُ من الْإِمَامَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قال في الْمُغْنِي اخْتَارَهُ. بن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ وهو وَجْهٌ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وابن الْجَوْزِيِّ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ في الْفَضِيلَةِ وَقِيلَ إنْ عَلِمَ من نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ وَجَمِيعِ خِصَالِهَا فَهِيَ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثَةُ له الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي أَنَّهُ أَفْضَلُ وقال ما صَلَحَ له فَهُوَ أَفْضَلُ. تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ سَوَاءٌ كانت حَاضِرَةً أو فَائِتَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ غير الْفَائِتَةِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ في ذلك قَرِيبًا وَيَأْتِي أَيْضًا إذَا جَمَعَ بين صَلَاتَيْنِ أو قَضَاءِ فَوَائِتَ. الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِغَيْرِهَا من الصَّلَوَاتِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُشْرَعُ لِلْمَنْذُورَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ ما يقول لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْجِنَازَةِ وَالتَّرَاوِيحِ. الثَّالِثُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلرِّجَالِ أَنَّهُ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُصَلٍّ منهم سَوَاءٌ صلى في جَمَاعَةٍ أو مُنْفَرِدًا سَفَرًا أو حَضَرًا وهو صَحِيحٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَفْضَلُ لِكُلِّ مصلي [مصل] أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَضَاءً أو في غَيْرِ وَقْتِ الْأَذَانِ قال في الْفُرُوعِ وهما [وهو] أَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ إلَّا لكل [كل] وَاحِدٍ مِمَّنْ في الْمَسْجِدِ فَلَا يُشْرَعُ بَلْ حَصَلَ له الْفَضِيلَةُ كَقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُسَافِرُ أو الْمُنْفَرِدُ على الْإِقَامَةِ جَازَ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ نُصَّ عليه وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ انْتَهَى وَيَأْتِي قَرِيبًا هل يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُسَافِرِ أَمْ لَا. الرَّابِعُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلرِّجَالِ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ للخناثي وَلَا لِلنِّسَاءِ وهو صَحِيحٌ بَلْ يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ من. الرِّوَايَاتِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ يُبَاحَانِ لَهُمَا مع خَفْضِ الصَّوْتِ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ وقال في الْفُصُولِ تُمْنَعُ من الْجَهْرِ بِالْأَذَانِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبَّانِ لِلنِّسَاءِ ذَكَرَهَا في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ لَا الْأَذَانُ ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فقال في الْفُرُوعِ وفي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ يُسَنُّ الْإِقَامَةُ فَقَطْ وَيُتَوَجَّهُ في التَّحْرِيمِ جَهْرًا الْخِلَافُ في قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ انْتَهَى وَمَنَعَهُنَّ في الْوَاضِحِ من الْأَذَانِ ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في آخِرِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. اعْلَمْ أَنَّهُمَا تَارَةً يُفْعَلَانِ في الْحَضَرِ وَتَارَةً في السَّفَرِ فَإِنْ فَعَلَهُمَا في الْحَضَرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ في الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ هُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ في الْأَمْصَارِ سُنَّةٌ في غَيْرِهَا وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وقال في الرَّوْضَةِ الْأَذَانُ فَرْضٌ وَالْإِقَامَةُ سُنَّةٌ وَعَنْهُ هُمَا وَاجِبَانِ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ اخْتَارَهُ ابن أبي مُوسَى وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا وَأَقَامَ الْأَدِلَّةَ على ذلك قال الزَّرْكَشِيُّ لَا نِزَاعَ فِيمَا نَعْلَمُهُ في وجوبهما [وجوبها] لِلْجُمُعَةِ لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لها. قُلْت قد تَقَدَّمَ الْخِلَافُ في ذلك ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ عُذْرَهُ أَنَّهُ لم يَطَّلِعْ على ذلك وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَسْقُطُ الْفَرْضُ لِلْجُمُعَةِ بِأَوَّلِ أَذَانٍ. وَإِنْ فُعِلَا في السَّفَرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في الْمُحَرَّرِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ حُكْمُ الْحَضَرِ فِيهِمَا. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قال الزَّرْكَشِيُّ. وهو ظَاهِرُ إطْلَاقِ طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يُسْتَثْنَى من ذلك المصلى وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ الْمَنْذُورَةُ وَالْقَضَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَيْسَ هُمَا في حَقِّهِمْ فَرْضَ كِفَايَةٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ بِفَرْضِيَّتِهِمَا فِيهِنَّ وَهِيَ رِوَايَةٌ في الْمُنْفَرِدِ وَاخْتَارَهُ في الْمُنْفَرِدِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرعاية [الكفاية] وَالزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ على تَرْكِهِمَا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ. أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهُمَا سُنَّةٌ وَاتَّفَقُوا على تَرْكِهِمَا فَلَا يُقَاتَلُونَ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُقَاتَلُونَ أَيْضًا على الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
فائدة: يَكْفِي مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ في الْمِصْرِ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَكْفِي مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِحَيْثُ يُسْمِعُهُمْ قال الْمَجْدُ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ لِأَهْلِهِ الْعِلْمُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَمَّنْ صلى معه لَا عَمَّنْ لم يُصَلِّ معه وَإِنْ سَمِعَهُ سَوَاءٌ كان وَاحِدًا أو جَمَاعَةً في الْمَسْجِدِ الذي صلى فيه بِأَذَانٍ أو غَيْرِهِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ في الْفَجْرِ فَقَطْ كَبِلَالٍ وابن أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وقال الْقَاضِي لَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ على أَرْبَعَةٍ لِفِعْلِ عُثْمَانَ إلَّا من حَاجَةٍ وَتَابَعَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَيُقِيمَ من أَذَّنَ أَوَّلًا. وَإِنْ لم يَحْصُلْ الْإِعْلَامُ بِوَاحِدٍ يَزِيدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كُلُّ وَاحِدٍ من جَانِبٍ أو دَفْعَةٍ. وَاحِدَةٍ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَيُقِيمُ أَحَدُهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ وهو كما قال فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمَا في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَجُوزُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَنَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَقِيلَ يَجُوزُ إنْ كان فَقِيرًا وَلَا يَجُوزُ مع غِنَاهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال وَكَذَا كُلُّ قُرْبَةٍ ذَكَرَهُ عنه في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيَأْتِي في أَثْنَاءِ بَابِ الْإِجَارَةِ هل تَصِحُّ الْإِجَارَةُ على عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْقُرْبَةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا رَزَقَ الْإِمَامُ من بَيْتِ الْمَالِ من يَقُومُ بِهِمَا. كَرِزْقِ الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ على ما يَأْتِي في بَابِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ الْإِمَامُ غَيْرَهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَجُوزُ إلَّا مع امْتِيَازٍ بِحُسْنِ صوت [الصوت].
تنبيه: قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا أَمِينًا عَالِمًا بِالْأَوْقَاتِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ في ذلك بين الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ في الْعَبْدِ وَصَرَّحَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وقال يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ وقال ابن هُبَيْرَةَ في الْإِفْصَاحِ وَأَجْمَعُوا على أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ حُرًّا بَالِغًا طَاهِرًا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ. قُلْت قال في الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَأَمَّا الْأَعْمَى فَصَرَّحَ بِأَذَانِهِ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا عَلِمَ بِالْوَقْتِ وَنُصَّ عليه.
فائدتان: إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي مُرَادُهُ يُسْتَحَبُّ قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ. الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ في الْمُؤَذِّنِ ذُكُورِيَّتُهُ وَعَقْلُهُ وَإِسْلَامُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِالْوَقْتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال أبو الْمَعَالِي يُشْتَرَطُ ذلك وَيَأْتِي ذِكْرُ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إلَّا مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ فَإِنْ تَشَاحَّ فيه نَفْسَانِ قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا في ذلك. يَعْنِي في الصَّوْتِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعِلْمِ بِالْوَقْتِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَوْلُهُ ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا في دِينِهِ وَعَقْلِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَدْيَنُ على الْأَفْضَلِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ ثُمَّ من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ أو أَكْثَرُهُمْ وهو الْمَذْهَبُ. قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. وهو الْمَذْهَبُ وَقُدِّمَ في الْكَافِي الْقُرْعَةُ بَعْدَ الْأَفْضَلِيَّةِ في الصَّوْتِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعِلْمِ وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْقُرْعَةُ على من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ نَقْلُهَا طَاعَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ إذَا اسْتَوَيَا في الْأَفْضَلِيَّةِ في الْخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ في الدِّينِ وَالْعَقْلِ قُدِّمَ أَعْمَرُهُمْ لِلْمَسْجِدِ وَأَتَمُّهُمْ له مُرَاعَاةً وَأَقْدَمُهُمْ تَأْذِينًا وَجُزِمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وقال أبو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ يُقَدَّمُ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا أو أَبُوهُ وقال السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ من أَوْلَادِ من جَعَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْأَذَانَ فيه وَإِنْ كان من غَيْرِهِمْ جَازَ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَاتِ الْمُصَنَّفِينَ مُخْتَلِفَةٌ في ذلك بَعْضُهَا مُبَايِنٌ لِبَعْضٍ فَأَنَا أَذْكُرُ لَفْظَ كل مُصَنِّفٍ تَكْمِيلًا لِلْفائدة فقال في الْكَافِي فَإِنْ تَشَاحَّ فيه اثْنَانِ قُدِّمَ أَكْمَلُهُمَا في هذه الْخِصَالِ وَهِيَ. الصَّوْتُ وَالْأَمَانَةُ وَالْعِلْمُ بِالْوَقْتِ وَالْبَصَرُ فَإِنْ اسْتَوَيَا في ذلك أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ من يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ. وقال في الْوَجِيزِ فَإِنْ تَشَاحَّ اثْنَانِ قُدِّمَ الْأَدْيَنُ الْأَفْضَلُ فيه ثُمَّ من قُرِعَ. وقال في تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فيه ثُمَّ الْأَدْيَنُ ثُمَّ مُخْتَارُ جَارٍ مُصَلٍّ ثُمَّ من قُرِعَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ بِعَيْنِهَا لَكِنْ شُرِطَ في الْجَارِ أَنْ يَكُونَ مُصَلِّيًا وهو كَذَلِكَ. وقال في الْفَائِقِ وَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّشَاحُنِ أَفْضَلُهُمَا في ذلك ثُمَّ في الدِّينِ ثُمَّ من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْإِقْرَاعُ. وقال في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فيه ثُمَّ في دِينِهِ ثُمَّ مُرْتَضَى الْجِيرَانِ ثُمَّ الْقَارِعُ. وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُقَدَّمُ أَعْلَمُ ثُمَّ أَدْيَنُ ثُمَّ مُخْتَارٌ ثُمَّ قَارِعٌ فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ طَرِيقَتُهُمْ كَطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ. وقال النَّاظِمُ يُقَدَّمُ مُتْقِنٌ عِنْدَ التَّنَازُعِ ثُمَّ أَدْيَنُ ثُمَّ أَعْقَلُ ثُمَّ من يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ ثُمَّ الْإِقْرَاعُ فَقُدِّمَ الْأَدْيَنُ على الْأَعْقَلِ وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ تَشَاحَّ فيه اثْنَانِ قُدِّمَ من له التَّقْدِيمُ ثُمَّ الْأَعْقَلُ ثُمَّ الْأَدْيَنُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ فيه ثُمَّ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ ثُمَّ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي له ثُمَّ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا فيه وَقِيلَ أو أَبُوهُ ثُمَّ من قُرِعَ مع التَّسَاوِي وَعَنْهُ بَلْ من رَضِيَهُ الْجِيرَانُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا في صَوْتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَعِلْمِهِ بِالْوَقْتِ ثُمَّ في دِينِهِ وَعَقْلِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ. وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَإِنْ تَشَاحَّ اثْنَانِ قُدِّمَ الْأَدْيَنُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ فيه ثُمَّ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ ثُمَّ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي له ثُمَّ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا فيه ثُمَّ من قُرِعَ وَعَنْهُ من رَضِيَهُ الْجِيرَانُ. وقال في الْإِفَادَاتِ فَإِنْ تَشَاحَّ فيه اثْنَانِ قُدِّمَ أَدْيَنُهُمَا ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا ثُمَّ أَعْمَرُهُمَا لِلْمَسْجِدِ وَأَكْثَرُهُمَا مُرَاعَاةً له ثُمَّ أَسْبَقُهُمَا تَأْذِينًا فيه ثُمَّ من رَضِيَهُ الْجِيرَانُ ثُمَّ من قُرِعَ. وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ تشاح [تشاحا] فيه اثْنَانِ قُدِّمَ الْأَفْضَلُ فيه وَالْأَدْيَنُ الْأَعْقَلُ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ المراعى له الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا ثُمَّ من قُرِعَ وَعَنْهُ من رَضِيَهُ الْجِيرَانُ. وقال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَأَحَقُّهُمْ بِهِ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ أَصْلَحُهُمْ لِلْمَسْجِدِ ثُمَّ مُخْتَارُ الْجِيرَانِ ثُمَّ الْقَارِعُ وَعَنْهُ الْقَارِعُ ثُمَّ مُخْتَارُ الْجِيرَانِ. وقال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فَإِنْ تَشَاحُّوا قُدِّمَ أَكْمَلُهُمْ في دِينِهِ وَعَقْلِهِ وَفَضْلِهِ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ مَزِيَّةٌ في عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ أو التَّقْدِيمِ بِالْأَذَانِ وَعَنْهُ يَقُومُ من يَرْتَضِي الْجِيرَانُ. وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. وقال في الْفُصُولِ وَإِنْ تَشَاحُّوا قُدِّمَ من رَضِيَهُ الْجِيرَانُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى يُقَدَّمُ من تُخْرِجُهُ الْقُرْعَةُ ولم يَزِدْ عليه. وقال في الْمُبْهِجِ وَإِنْ تشاح [تشاحا] اثْنَانِ في الْأَذَانِ أَذَّنَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ ولم يَزِدْ عليه. وقال في الْفُرُوعِ وَمَعَ التَّشَاجُرِ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ في ذلك ثُمَّ الْأَدْيَنُ وَقِيلَ يُقَدَّمُ هو ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجِيرَانِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَعَنْهُ هِيَ قَبْلَهُمْ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ قَالَهُ الْقَاضِي وَعَنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا بِمَزِيَّةِ عِمَارَةٍ وَقِيلَ أو سَبْقِهِ بِأَذَانٍ انْتَهَى. وَهِيَ أَحْسَنُ الطُّرُقِ وَأَصَحُّهَا ولم يذكر الْمَسْأَلَةَ ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْعُقُودِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ وَالْأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً لَا تَرْجِيعَ فيه. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُخْتَارَ من الْأَذَانِ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَيْسَ فيه تَرْجِيعٌ. وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ وَعَنْهُ التَّرْجِيعُ أَحَبُّ إلَيَّ وَعَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى الْيَوْمِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ.
فائدة: قال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ قُبَيْلَ الْأَذَانِ {وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي لم يَتَّخِذْ وَلَدًا ولم يَكُنْ له شَرِيكٌ في الْمُلْكِ ولم يَكُنْ له وَلِيٌّ من الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} وقال في الْفُصُولِ لَا يُوصَلُ الْأَذَانُ بِذِكْرٍ قَبْلَهُ خِلَافَ ما عليه أَكْثَرُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ وَلَيْسَ مَوْطِنَ قُرْآنٍ ولم يُحْفَظْ عن السَّلَفِ فَهُوَ مُحْدَثٌ انْتَهَى وقال في التَّبْصِرَةِ يقول في آخِرِ دُعَاءِ الْقُنُوتِ {وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ} الْآيَةَ فقال في الْفُرُوعِ فَيُتَوَجَّهُ عليه قَوْلُهَا قبل الْأَذَانِ. قَوْلُهُ وَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً. هو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ وَعَنْهُ هو مُخَيَّرٌ بين هذه الصِّفَةِ وَتَثْنِيَتِهَا.
فائدة: لَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْأَذَانُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا لِنَفْسِهِ مع عَجْزِهِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي ذَكَرَهُ عنه في الْفُرُوعِ في آخِرِ بَابِ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَّعَ في الْأَذَانِ أو ثَنَّى في الْإِقَامَةِ فَلَا بَأْسَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي تَرْجِيعُ الْأَذَانِ وَعَنْهُ التَّرْجِيعُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.
فائدة: التَّرْجِيعُ قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ سِرًّا بَعْدَ التَّكْبِيرِ ثُمَّ يَجْهَرُ بِهِمَا. قَوْلُهُ وَيَقُولُ في أَذَانِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ من النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ. لَا نِزَاعَ في اسْتِحْبَابِ قَوْلِ ذلك وَلَا يَجِبُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَجِبُ ذلك جَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يُكْرَهُ التَّثْوِيبُ في غَيْرِ أَذَانِ الْفَجْرِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ أَيْضًا وَيُكْرَهُ النِّدَاءُ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَالْأَشْهَرُ في الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ نِدَاءِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ وهو قَوْلُهُ الصَّلَاةُ يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوُهُ قال في الْفُصُولِ يُكْرَهُ ذلك لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرِجَهُ عن الْبِدْعَةِ لِفِعْلِهِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ في الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال ابن بَطَّةَ وأبو حَفْصٍ وَغَيْرُهُمَا من الْأَصْحَابِ إنَّهُ يَكُونُ في حَالِ تَرَسُّلِهِ وَحَدْرِهِ لَا يَصِلُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مُعْرَبًا بَلْ جَزْمًا وَإِسْكَانًا وَحكاه ابن بَطَّةَ عن ابن الْأَنْبَارِيِّ عن أَهْلِ اللُّغَةِ قال وروى عن إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قال شَيْئَانِ مَجْزُومَانِ كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ قال وقال أَيْضًا الْأَذَانُ جَزْمٌ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ مَعْنَاهُ اسْتِحْبَابُ تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ بِالْوَقْفِ على كل جُمْلَةٍ فَيَحْصُلُ الْجَزْمُ وَالسُّكُونُ بِالْوَقْفِ لَا أَنَّهُ مع عَدَمِ الْوَقْفِ على الْجُمْلَةِ يَتْرُكُ إعْرَابَهَا كما قال انْتَهَى. وقال ابن تَمِيمٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ في الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ وَأَنْ يَقِفَ على كل كَلِمَةٍ وقال ابن بَطَّةَ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْإِعْرَابِ فِيهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَيَجْزِمُهُمَا وَلَا يُعْرِبُهُمَا وَكَذَا قال غَيْرُهُ. قَوْلُهُ وَيُؤَذِّنُ قَائِمًا. يَعْنِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا فَلَوْ أَذَّنَ أو أَقَامَ قَاعِدًا أو رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ أو مَاشِيًا جَازَ وَيُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَيَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ لِغَيْرِ الْقَائِمِ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ في الْجَمِيعِ وقال أَحْمَدُ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لَا يُعْجِبُنِي وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ بِالْكَرَاهَةِ لِلْمَاشِي وَبِعَدَمِهَا لِلرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ. قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا في السَّفِينَةِ وَالْمَرَضِ جَالِسًا وَقَالَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ حَالَ مَشْيِهِ وَرُكُوبِهِ في رِوَايَةٍ وقال في مَكَان آخَرَ وَلَا يَمْشِي فِيهِمَا وَلَا يَرْكَبُ نَصَّ عليه فَإِنْ رَكِبَ كُرِهَ وقال في الْفَائِقِ وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا انْتَهَى وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ ذلك في الْكُلِّ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ في الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ قال الْقَاضِي إنْ أَذَّنَ رَاكِبًا أو مَاشِيًا حَضَرًا كُرِهَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ ذلك في الأقامة في الْحَضَرِ وقال ابن حَامِدٍ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا أو مَشَى فيه كَثِيرًا بَطَلَ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وهو رِوَايَةٌ في الثَّانِيَةِ وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ إنْ مَشَى في الْأَذَانِ كَثِيرًا عُرْفًا بَطَلَ وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَى عَدَمِ إجْزَاءِ أَذَانِ الْقَاعِدِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ بِعَنْهُ وَعَنْهُ حَكَى أبو الْبَقَاءِ في شَرْحِهِ رِوَايَةً أَنَّهُ يُعِيدُ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا قال الْقَاضِي هذا مَحْمُولٌ على نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ على نَفْيِ الِاعْتِدَادِ بِهِ. قَوْلُهُ مُتَطَهِّرًا. يَعْنِي أَنَّهُ تستحب [يستحب] الطَّهَارَةُ له وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى له بِلَا نِزَاعٍ وَيَصِحُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لَكِنْ تُكْرَهُ له الْإِقَامَةُ بِلَا نِزَاعٍ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ ولم يُكْرَهْ الْأَذَانُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْأَذَانُ أَيْضًا وَهِيَ في الْإِقَامَةِ أَشَدُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَيَصِحُّ من الْجُنُبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَعَنْهُ يُعِيدُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْإِيضَاحِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ يُتَوَجَّهُ في إعَادَتِهِ احْتِمَالَانِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كان أَذَانُهُ في مَسْجِدٍ فَإِنْ كان مع جَوَازِ اللُّبْثِ إمَّا بِوُضُوءٍ على الْمَذْهَبِ أو نَجَسٍ وَنَحْوِ ذلك صَحَّ وَمَعَ تَحْرِيمِ اللُّبْثِ فَهُوَ كَالْأَذَانِ وَالزَّكَاةِ في مَكَان غَصْبٍ وفي ذلك قَوْلَانِ الْمَذْهَبُ. عِنْدَ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ الْبُطْلَانُ وهو مُقْتَضَى قَوْلِ ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ وَقَطَعَ بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ كَمَكَانِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ فإذا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا ولم يَسْتَدِرْ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يُزِيلُ قَدَمَهُ في مَنَارَةٍ وَنَحْوِهَا نَصَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ في الْإِعْلَامِ وهو الْمَعْمُولُ بِهِ. زَادَ أبو الْمَعَالِي يَفْعَلُ ذلك مع كِبَرِ الْبَلَدِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ قال في الْإِقْنَاعِ يَشْرَعُ إزَالَةَ قَدَمَيْهِ في الْمَنَارَةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال الْفُرُوعُ وَظَاهِرُهُ يُزِيلُ صَدْرَهُ انْتَهَى. قُلْت قال في التَّلْخِيصِ وَلَا يُحَوِّلُ صَدْرَهُ عن الْقِبْلَةِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا أَنَّهُ سَوَاءٌ كان على مَنَارَةٍ أو غَيْرِهَا أو على الْأَرْضِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ إنْ أَذَّنَ في صَوْمَعَةٍ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا ولم يُحَوِّلْ قَدَمَيْهِ وَإِنْ أَذَّنَ على الْأَرْضِ فَهَلْ يَلْتَفِتُ على رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُ ابن عُبَيْدَانَ وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَرِيبَةٌ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يقول حَيَّ على الصَّلَاةِ في الْمَرَّتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ عن يَمِينِهِ وَيَقُولُ حَيَّ على الْفَلَاحِ كَذَلِكَ عن يَسَارِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يقول حَيَّ على الصَّلَاةِ يَمِينًا ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا ثُمَّ يقول حَيَّ على الْفَلَاحِ يَمِينًا ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا وَقِيلَ يقول حَيَّ على الصَّلَاةِ مَرَّةً عن يَمِينِهِ ثُمَّ يقول عن يَسَارِهِ حَيَّ على الْفَلَاحِ مَرَّةً ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ وهو كما قال وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّانِيَةُ لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا في الْحَيْعَلَةِ في الْإِقَامَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ هذا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي فيه وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ. يَعْنِي السَّبَّابَتَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ على أُذُنَيْهِ مَبْسُوطَةً مَضْمُومَةً سِوَى الْإِبْهَامِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهِدَايَةِ وَلْيَجْعَلْ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً على أُذُنَيْهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ يَفْعَلُ ذلك مع قَبْضِهِ على كَفَّيْهِ وهو اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ نَقَلَهُ عنه ابن بَطَّةَ فقال سَأَلْت أَبَا الْقَاسِمِ الْخِرَقِيَّ عن صِفَةِ ذلك فَأَرَانِيهِ بِيَدَيْهِ جميعا وَضَمَّ أَصَابِعَهُ على رَاحَتَيْهِ وَوَضَعَهُمَا على أُذُنَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وابن الْبَنَّا وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ عن صَاحِبِ الْبُلْغَةِ وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَخَيَّرَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ بين وَضْعِ أَصَابِعِهِ وَإِصْبُعَيْهِ.
فائدة: يَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ في الْأَذَانِ كُلِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَالشَّهَادَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَيَتَوَلَّاهُمَا مَعًا. يَعْنِي يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَنْهُ الْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ في الْإِقَامَةِ سَوَاءٌ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ وَقِيلَ تُكْرَهُ الْإِقَامَةُ لِغَيْرِ الذي أَذَّنَ وَعِنْدَ أبي الْفَرَجِ تُكْرَهُ إلَّا أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَغْرِبَ بِمَنَارَةٍ فَلَا تُكْرَهُ الْإِقَامَةُ لِغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ إذ [إذا] اتشاح [تشاح] فيه اثْنَانِ فَأَكْثَرُ وَهَلْ تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ على الْوَاحِدِ قَرِيبًا. قَوْلُهُ وَيُقِيمُ في مَوْضِعِ أَذَانِهِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عليه. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال في النَّصِيحَةِ السُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْمَنَارَةِ وَيُقِيمَ أَسْفَلَ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ وَنَقَلَ جَعْفَرُ ابن مُحَمَّدٍ يُسْتَحَبُّ ذلك لِيَلْحَقَ آمِينَ مع الْإِمَامِ. قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا. بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا إلَّا بينة [بنية] وَيُشْتَرَطُ فيه أَيْضًا أَنْ يَكُونَ من وَاحِدٍ فَلَوْ أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْضَهُ وَكَمَّلَهُ آخَرُ لم يَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ.
فائدة: رَفْعُ الصَّوْتِ فيه رُكْنٌ قال في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ إذَا كان لِغَيْرِ حَاضِرٍ قال في الْبُلْغَةِ إذَا كان لِغَيْرِ نَفْسِهِ قال ابن تَمِيمٍ إنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أو لِجَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ فَإِنْ شَاءَ رَفَعَ صَوْتَهُ وهو أَفْضَلُ وَإِنْ شَاءَ خَافَتْ بِالْكُلِّ أو بِالْبَعْضِ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا مُرَادُ من أَطْلَقَ بَلْ هو كَالْمَقْطُوعِ بِهِ وهو وَاضِحٌ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إنْ أَذَّنَ في الْوَقْتِ لِلْغَائِبِينَ أو في الصَّحْرَاءِ فَزَادَ في الصَّحْرَاءِ وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ وقال أبو الْمَعَالِي رَفْعُ الصَّوْتِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ من يَقُومُ بِهِ لِجَمَاعَةٍ رُكْنٌ انْتَهَى.
فائدة: يُسْتَحَبُّ رَفْعُ صَوْتِهِ قَدْرَ طَاقَتِهِ ما لم يُؤَذِّنْ لِنَفْسِهِ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ التَّوَسُّطُ وَلَا بَأْسَ بِالنَّحْنَحَةِ قَبْلَهُمَا نُصَّ عليه.
فائدة: يُشْتَرَطُ في الْمُؤَذِّنِ ذُكُورِيَّتُهُ وَعَقْلُهُ وَإِسْلَامُهُ وَتَقَدَّمَ ذلك في اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ وَعَدَالَتِهِ بِخِلَافِ ما يَأْتِي. قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَّسَهُ أو فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ أو كَلَامٍ كَثِيرٍ أو مُحَرَّمٍ لم يُعْتَدَّ بِهِ. يَعْنِي لو فَرَّقَ بين الْأَذَانِ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ لم يُعْتَدَّ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُحَرَّمَ تَارَةً يَكُونُ كَثِيرًا وَتَارَةً يَكُونُ يَسِيرًا فَإِنْ كان كَثِيرًا أَبْطَلَ الْأَذَانَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وفي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ يُعْتَدُّ بِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان يَسِيرًا لم يُعْتَدَّ بِالْأَذَانِ وَأَبْطَلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَلَا يَقْطَعُهُمَا بِفَصْلٍ كَثِيرٍ وَلَا كَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَإِنْ كان يَسِيرًا وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ لَا يُبْطِلُهُ وَيُعْتَدُّ بِالْأَذَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لو ارْتَدَّ في الْأَذَانِ أَبْطَلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُبْطِلُهُ إنْ عاد [أعاد] في الْحَالِ كَجُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ سَرِيعًا وَبَالَغَ الْقَاضِي فَأَبْطَلَ الْأَذَانَ بِالرِّدَّةِ بَعْدَهُ قِيَاسًا على قَوْلِهِ في الطَّهَارَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ الْمُبَاحَ وَالسُّكُوتَ الْيَسِيرَ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا يَتَكَلَّمُ في الْإِقَامَةِ بِحَالٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرُدُّ السَّلَامَ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ إلَّا الْفَجْرُ فإنه يُؤَذَّنُ لها بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْأَذَانِ وَإِجْزَاؤُهُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الزَّرْكَشِيُّ لَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَذَانِ قبل الْوَقْتِ كَثِيرًا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا قبل الْوَقْتِ يَسِيرًا وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ قبل الْفَجْرِ إذَا كان بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَعْنِي الْكَاذِبَ وَقِيلَ الْأَذَانُ قبل الْفَجْرِ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الْأَذَانُ قَبْلَهَا كَغَيْرِهَا إجْمَاعًا وَكَالْإِقَامَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَعِنْدَ أبي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيِّ يَجُوزُ الْأَذَانُ قبل دُخُولِ الْوَقْتِ لِلْفَجْرِ وَالْجُمُعَةِ قَالَهُ في الْإِيضَاحِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَجْوَدُ من قَوْلِ ابن حَمْدَانَ وَقِيلَ لِلْجُمُعَةِ قبل الزَّوَالِ لِعُمُومِ كَلَامِ الشِّيرَازِيِّ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَاسْتَثْنَى ابن عَبْدُوسٍ مع الْفَجْرِ الصَّلَاةَ الْمَجْمُوعَةَ قال وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ صَارَا وَقْتًا وَاحِدًا وَعَنْهُ يُكْرَهُ قبل الْوَقْتِ مُطْلَقًا ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وقال في الْفَائِقِ يَجُوزُ الْأَذَانُ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَعَنْهُ لَا إلَّا أَنْ يُعَاوِدَ بَعْدَهُ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَذَّنَ قبل الْفَجْرِ أَنْ يَكُونَ معه من يُؤَذِّنُ في الْوَقْتِ وَأَنْ يَتَّخِذَ ذلك عَادَةً لِئَلَّا يَضُرَّ الناس وفي الْكَافِي ما يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ ذلك.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنْ يُكْرَهَ الْأَذَانُ قبل الْفَجْرِ في رَمَضَانَ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ والمغني وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن عُبَيْدَانَ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُكْرَهُ على الْأَظْهَرِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ في رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ إذَا لم يُعِدْهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَقِيلَ يُكْرَهُ إذَا لم يَكُنْ عَادَةً فَإِنْ كان عَادَةً لم يُكْرَهْ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الناس من غَيْرِ نَكِيرٍ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهَا الْآمِدِيُّ وَهِيَ ظَاهِرُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ فإنه قال وَيَجُوزُ فيه لِفَجْرِ غَيْرِ رَمَضَانَ من نِصْفِ اللَّيْلِ وَعَنْهُ يَحْرُمُ قَبْلَهُ في رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُعَادَ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ جَلْسَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يُقِيمَ. هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أَنَّ الْجَلْسَةَ تَكُونُ خَفِيفَةً جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ يَجْلِسُ بِقَدْرِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ قال أَحْمَدُ يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ قال في الْإِفَادَاتِ يَفْصِلُ بين الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَكَذَا الْحُكْمُ في كل صَلَاةٍ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ يَجْلِسُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ في صَلَاةٍ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا وفي الْمَغْرِبِ يَجْلِسُهُ وقال في التَّبْصِرَةِ يَجْلِسُ في الْمَغْرِبِ وما يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا بِقَدْرِ. حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ وقال في الْإِفَادَاتِ وَيَفْصِلُ بين كل أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ يَفْصِلُ بين الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ الْوُضُوءِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبُ فإنه يَجْلِسُ جَلْسَةً خَفِيفَةً وَاسْتِحْبَابُ الْجُلُوسِ بين أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَكَرَاهَةِ تَرْكِهِ من الْمُفْرَدَاتِ.
فائدة: تُبَاحُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاةِ الْمَغْرِبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ ذَكَرَاهُ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ يُكْرَهُ قال ابن عَقِيلٍ لَا يَرْكَعُ قبل الْمَغْرِبِ شيئا وَعَنْهُ يُسَنُّ فِعْلُهُمَا جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ لَا يُكْرَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهَلْ يُسْتَحَبُّ على رِوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ بين كل أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ وَقاله ابن هُبَيْرَةَ في غَيْرِ الْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ وَمَنْ جَمَعَ بين صَلَاتَيْنِ أو قَضَاءِ فَوَائِتَ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْأُولَى ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا. وَهِيَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ لَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ صَرَّحَ بِهِ ابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْإِقَامَةُ لِكُلِّ صَلَاةٍ من غَيْرِ أَذَانٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَنْهُ تُجْزِئُ إقَامَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ وقال في النَّصِيحَةِ يُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ في وَقْتِ الْأُولَى أو الثَّانِيَةِ فَيُؤَذِّنَ لها أَيْضًا وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ جَمَعَ في وَقْتٍ الأولى [للأولى] أو الثَّانِيَةِ أو قَضَى فَرَائِضَ أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَقَامَ قال في النُّكَتِ في الْجَمْعِ إذَا جَمَعَ في وَقْتِ. الثَّانِيَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا صَلَّاهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ كَالْفَائِتَيْنِ إذَا فَرَّقَهُمَا قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَجَمَاعَةٌ لم يُفَرِّقُوا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أو جَمَعَ بين صَلَاتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَقَامَ وَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِلْأُولَى خَاصَّةً وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وقال ابن أبي مُوسَى إذَا قَضَى فَوَائِتَ أو جَمَعَ فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَقَامَ وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ لو دخل مَسْجِدًا قد صلي فيه خُيِّرَ إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ. قَوْلُهُ وَهَلْ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وابن عُبَيْدَانَ. إحْدَاهُمَا يُجْزِئُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ في الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُحَرَّرِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ قال الْقَاضِي يَصِحُّ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا في الْمُرَاهِقِ.
فائدة: عَلَّلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفِعْلُ الصَّبِيِّ نَفْلٌ وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قَالَا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَتَخَرَّجُ في أَذَانِهِ رِوَايَتَانِ كَشَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ وقال أَمَّا صِحَّةُ أَذَانِهِ في الْجُمْلَةِ وَكَوْنُهُ جَائِزًا إذَا أَذَّنَ غَيْرُهُ فَلَا خِلَافَ في جَوَازِهِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من أَطْلَقَ الْخِلَافَ قال وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْأَذَانَ الذي يُسْقِطُ الْفَرْضَ عن أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَيُعْتَمَدُ في وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاشِرَهُ صَبِيٌّ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ في مَوَاقِيتِ الْعِبَادَاتِ وَأَمَّا الْأَذَانُ الذي يَكُونُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً في مِثْلِ الْمَسَاجِدِ التي في الْمِصْرِ وَنَحْوِ ذلك فَهَذَا فيه الرِّوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الْفَاسِقِ وَالْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ على وَجْهَيْنِ. أَمَّا أَذَانُ الْفَاسِقِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في الِاعْتِدَادِ بِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذه الرِّوَايَةُ أَقْوَى وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ قال في الْمُبْهِجِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ تَقِيًّا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَدُّ بِهِ اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وقال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيَصِحُّ من صَبِيٍّ بَالِغٍ وَفَاسِقٍ على الْأَظْهَرِ.
تنبيه: حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرُهُمْ وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ وهو الصَّوَابُ. وَأَمَّا الْأَذَانُ الْمُلَحَّنُ إذَا لم يُحِلْ الْمَعْنَى فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ. أَحَدُهُمَا يُعْتَدُّ بِهِ مع الْكَرَاهَةِ وَبَقَاءِ الْمَعْنَى وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ وَشَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ قَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْأَذَانِ الْمَلْحُونِ حُكْمُ الْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي إجْزَاءِ الْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ وَقِيلَ وَالْمَلْحُونِ وَجْهَانِ.
فائدة: لَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عنه قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ صِحَّتُهُ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ قال فَيُتَوَجَّهُ على هذا بَقَاءُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ لم يَفْعَلْهُ من هو فَرْضٌ عليه. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سمع الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كما يقول إلَّا في الْحَيْعَلَةِ فإنه يقول لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ السَّامِعُ في الْحَيْعَلَةِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحِ وَالنَّظْمِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ قال في النُّكَتِ هو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا حَكَاهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ قال في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وهو ضَعِيفٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وقال الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا يقول كما يقول وَقَالَهُ الْقَاضِي قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ كان بَعْضُ مَشَايِخِنَا. يقول إذَا كان في الْمَسْجِدِ حَيْعَلَ وَإِنْ كان خَارِجَهُ حَوْقَلَ وَقِيلَ يُخَيَّرُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَهُ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَجِبُ إجَابَتُهُ. تَنْبِيهَاتٌ. أَحَدُهَا يَدْخُلُ في قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سمع الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كما يقول الْمُؤَذِّنُ نَفْسُهُ وهو الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ فَيُجِيبُ نَفْسَهُ خُفْيَةً وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ فإن في قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سمع الْمُؤَذِّنَ من أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَقِيلَ لَا يُجِيبُ نَفْسَهُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وحكى رِوَايَةً عن أَحْمَدَ قال ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ السَّبْعِينَ هذا الْأَرْجَحُ. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا إجَابَةُ مُؤَذِّنٍ ثَانٍ وَثَالِثٍ وهو صَحِيحٌ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا يُسْتَحَبُّ ذلك قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ يَعْنِي الْأَذَانَ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَحَلُّ ذلك إذَا كان الْأَذَانُ مَشْرُوعًا. الثَّالِثُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْقَارِئَ وَالطَّائِفَ وَالْمَرْأَةَ يُجِيبُونَهُ وهو صَحِيحٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَأَمَّا الْمُصَلِّي إذَا سمع الْمُؤَذِّنَ فَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ وَلَوْ كانت الصَّلَاةُ نَفْلًا بَلْ يَقْضِيَهُ إذَا سَلَّمَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَهُ وَيَقُولُ مِثْلَ ما يقول وَلَوْ في الصَّلَاةِ انْتَهَى فَإِنْ أَجَابَهُ فيها بَطَلَتْ بِالْحَيْعَلَةِ فَقَطْ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال أبو الْمَعَالِي إنْ لم يَعْلَمْ أنها دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا وقال وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ الْحَيْعَلَةِ أَيْضًا إنْ نَوَى الْأَذَانَ لَا إنْ نَوَى الذِّكْرَ. وَأَمَّا الْمُتَخَلِّي فَلَا يُجِيبُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لَكِنْ إذَا خَرَجَ أَجَابَهُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُجِيبُهُ في الْخَلَاءِ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ. الرَّابِعُ شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وهو صَحِيحٌ لَكِنْ يقول عِنْدَ قَوْلِهِ قد قَامَتْ الصَّلَاةُ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا زَادَ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ ما دَامَتْ السماوات [السموات] وَالْأَرْضُ وَقِيلَ يَجْمَعُ بين قَوْلِهِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَبَيْنَ قد قَامَتْ الصَّلَاةُ. الْخَامِسُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ التَّثْوِيبِ صَدَقْت وَبَرَرْت فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَطَعَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَنَّهُ يقول صَدَقْت وَبِالْحَقِّ نَطَقْت. السَّادِسُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ لم يَرِدْ في الحديث فَلَا يَقُلْهُمَا وقد حَكَى لي بَعْضُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَرَّ بِهِ في مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ فيها الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
فائدة: لو دخل الْمَسْجِدَ وَالْمُؤَذِّنُ قد شَرَعَ في الْأَذَانِ لم يَأْتِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَا بِغَيْرِهَا حتى يَفْرُغَ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وقال نُصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا بَأْسَ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ أَذَانِ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ أَهَمُّ اخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْفَائِقِ وَمَنْ دخل الْمَسْجِدَ وهو يَسْمَعُ التَّأْذِينَ فَهَلْ يُقَدِّمُ إجَابَتَهُ على التَّحِيَّةِ على رِوَايَتَيْنِ.
تنبيه: قَوْلُهُ: «وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ» بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ هَكَذَا وَرَدَ في لَفْظٍ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وابن حِبَّانَ وابن خُزَيْمَةَ في صَحِيحِهِمَا وَتَابَعَ الْمُصَنِّفُ على هذه الْعِبَارَةِ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَمَاعَةً وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُمَا إلَّا مُنْكِرِينَ فيقول: «وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا» مُوَافَقَةً لِلْقُرْآنِ وهو الْوَارِدُ في الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَرَدُّ ابن الْقَيِّمِ الْأَوَّلُ في بَدَائِعِ الْفوائد من خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.
فوائد: الْأُولَى لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ من الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ بِلَا عُذْرٍ وَنِيَّتُهُ الرُّجُوعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَكَرِهَهُ أبو الْوَفَا وأبو الْمَعَالِي وَنَقَلَ ابن الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا يَخْرُجُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا يَنْبَغِي وقال ابن تَمِيمٍ وَيَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ أَذَانِ الْفَجْرِ نُصَّ عليه قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّأْذِينُ لِلْفَجْرِ قبل الْوَقْتِ فَلَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ نُصَّ عليه. قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ هذا مُرَادُ من أَطْلَقَ. الثَّانِيَةُ لَا يُؤَذَّنُ قبل الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ وَقْتِ التَّأْذِينِ كَالْإِمَامِ وَجَزَمَ أبو الْمَعَالِي بِتَحْرِيمِهِ وَمَتَى جاء الْمُؤَذِّنُ الرَّاتِبُ وقد أَذَّنَ قَبْلَهُ اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ نُصَّ عليه. الثَّالِثَةُ لَا يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّ وَقْتَ الْإِقَامَةِ إلَيْهِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا دخل الْمَسْجِدَ حَالَ الْأَذَانِ. الرَّابِعَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنَادِي لِلْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدِ بِقَوْلِهِ الصَّلَاةَ جَامِعَةً أو الصَّلَاةُ وَقِيلَ لَا ينادى لَهُنَّ وَقِيلَ لَا ينادى لِلْعِيدِ فَقَطْ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا ينادى لِلْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَقَالَهُ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا وَيَأْتِي هل النِّدَاءُ لِلْكُسُوفِ سُنَّةٌ أو فَرْضُ كِفَايَةٍ في بَابِهِ. إذَا عَلِمْت ذلك فَنَصْبُ الصَّلَاةِ على الْإِغْرَاءِ وَنَصْبُ جامعه على الْحَالِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَرْفَعُهُمَا وَيَنْصِبُهُمَا. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا ينادى على الْجِنَازَةِ وَالتَّرَاوِيحِ نَصَّ عليه في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ ينادى لَهُمَا وقال الْقَاضِي ينادى لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَيَأْتِي ذلك مُفَرَّقًا في أَبْوَابِهِ.
فائدة: قَوْلُهُ أَوَّلُهَا دُخُولُ الْوَقْتِ. اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا من شُرُوطِ الصَّلَاةِ دُخُولُ الْوَقْتِ وقال في الْفُرُوعِ وَسَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ وَهِيَ تَدُلُّ على السَّبَبِيَّةِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ وَهِيَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْخِطَابُ وَكَذَا قال الْأُصُولِيُّونَ إنْ من السَّبَبِ وَقْتِيٌّ كَالزَّوَالِ لِلظُّهْرِ وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ النِّيَّةِ عن النِّيَّةِ هِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ وَلَا تَكُونُ شَرْطًا سَادِسًا إلَّا بِكَوْنِ دُخُولِ الْوَقْتِ شَرْطًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَمَّاهُ سَبَبًا وَحَكَمَ بِأَنَّهُ شَرْطٌ. قُلْت السَّبَبُ قد يَجْتَمِعُ مع الشَّرْطِ وَإِنْ كان يَنْفَكُّ عنه فَهُوَ هُنَا سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ من الشُّرُوطِ فَإِنَّهَا شُرُوطٌ لِلْأَدَاءِ فَقَطْ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَمِيعُهَا شُرُوطٌ لِلْأَدَاءِ مع الْقُدْرَةِ دُونَ الْوُجُوبِ إلَّا الْوَقْتَ فإن دُخُولَهُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ جميعا إلَّا ما استثنى من الْجَمِيعِ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ إنَّمَا تَجِبُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ بِالِاتِّفَاقِ فإذا دخل وَجَبَتْ وإذا وَجَبَتْ وَجَبَتْ بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ عليها كَالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ وَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ خَمْسٌ الظُّهْرُ وَهِيَ الْأُولَى. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الظُّهْرَ هِيَ الْأُولَى لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْخَمْسِ افْتِرَاضًا وَبِهَا بَدَأَ جِبْرِيلُ حين أَمَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عِنْدَ الْبَيْتِ وَبَدَأَ بها الصَّحَابَةُ حين سُئِلُوا عن الْأَوْقَاتِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَبَدَأَ في الْإِرْشَادِ وَالشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ وَالْمُبْهِجِ وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَتَابَعَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ بِالْفَجْرِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فقال بَدَأَ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا كَالْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ وَغَيْرِهِمَا بِالظُّهْرِ وَمِنْهُمْ من بَدَأَ بِالْفَجْرِ كَابْنِ أبي مُوسَى وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي في مَوْضِعٍ قال وَهَذَا أَجْوَدُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْوُسْطَى إذَا كانت الْفَجْرُ الْأُولَى انْتَهَى وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالْفَجْرِ لِبُدَاءَتِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بها لِلسَّائِلِ وهو مُتَأَخِّرٌ عن الْأَوَّلِ وَنَاسِخٌ لِبَعْضِهِ وَبَدَأَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ بِالْفَجْرِ ثُمَّ ثَنَّيَا بِالظُّهْرِ وَقَالَا هِيَ الْأُولَى. قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا في شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْغَيْمُ وَشِدَّةُ الْحَرِّ اُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَأَمَّا في شِدَّةِ الْحَرِّ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها تُؤَخَّرُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أنها تُؤَخَّرُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَرَجَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْفَخْرِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَالْفَائِقُ وَشَرَطَ الْقَاضِي في الْمُحَرَّرِ مع الْخُرُوجِ إلَى الْجَمَاعَةِ كَوْنَهُ في بَلَدٍ حَارٍّ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اشْتَرَطَ ذلك طَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا وقال وَمِنْهُمْ من يَشْتَرِطُ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ انْتَهَى وَشَرَطَ ابن الزَّاغُونِيِّ كَوْنَهُ في مَسَاجِدِ الدُّرُوبِ.
فائدة: قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اُخْتُلِفَ في الْمَعْنَى الذي من أَجْلِهِ أُمِرَ بِالْإِبْرَادِ فَمِنْهُمْ من قال هو حُصُولُ الْخُشُوعِ فيها فَلَا فَرْقَ بين من يُصَلِّي وَحْدَهُ أو في جَمَاعَةٍ وَمِنْهُمْ من قال هو خَشْيَةُ الْمَشَقَّةِ على من بَعُدَ من الْمَسْجِدِ بِمَشْيِهِ في الْحَرِّ فَتَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ في مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ التي تُقْصَدُ من الْأَمْكِنَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ. وَمِنْهُمْ من قال هو وَقْتُ تَنَفُّسِ جَهَنَّمَ فَلَا فَرْقَ بين من يُصَلِّي وَحْدَهُ أو في جَمَاعَةٍ انْتَهَى.
تنبيه: فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّأْخِيرِ إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُؤَخِّرُ لِيَمْشِيَ في الْفَيْءِ منهم صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ يُؤَخِّرُ حتى يَنْكَسِرَ الْحَرُّ وقال ابن الزَّاغُونِيِّ حتى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا وَنَحْوَهُ وقال جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ إلَى وَسَطِ الْوَقْتِ وقال الْقَاضِي بِحَيْثُ يَكُونُ بين الْفَرَاغِ من الصَّلَاتَيْنِ آخِرَ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَضْلٌ وَاقْتَصَرَ عليه ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا مع الْغَيْمِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَنَصَرُوهُ وَعَنْهُ لَا يُؤَخِّرُ مع الْغَيْمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَجَمَاعَةٍ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لِذَلِكَ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ.
تنبيه: قَوْلُهُ في الْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجُزِمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ صلى في جَمَاعَةٍ أو وَحْدَهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ كَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً وهو ظَاهِرُ نِهَايَةِ ابن رَزِينٍ. قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّأْخِيرِ إمَّا مُطْلَقًا أو لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً قال ابن الزَّاغُونِيِّ يُؤَخِّرُ. إلَى قَرِيبٍ من وَسَطِ الْوَقْتِ وقال في الْحَاوِي تُؤَخَّرُ لِقُرْبِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ.
تنبيه: يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في مَسْأَلَةِ الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْغَيْمِ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ لِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا مُطْلَقًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ مع الْغَيْمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ وَجَمَاعَةٍ. قُلْت وهو الْأُولَى لِيَخْرُجَ من الْخِلَافِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَالْأَثْرَمِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ في الْغَيْمِ حُكْمُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ في الْغَيْمِ على ما تَقَدَّمَ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ.
فائدة: قَوْلُهُ عن الْعَصْرِ وَهِيَ الْوُسْطَى هو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَلَا أَعْلَمُ عنه وَلَا عَنْهُمْ فيها خِلَافًا. قُلْت وَذَكَرَ الْحَافِظُ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ ابن حُجْرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ في تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فيها عِشْرِينَ قَوْلًا وَذَكَرَ الْقَائِلَ بِكُلِّ قَوْلٍ من الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَدَلِيلَهُ فَأَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَهَا مُلَخَّصَةً. فَنَقُولُ هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ الْمَغْرِبِ الْعِشَاءِ الْفَجْرِ الظُّهْرِ جميعا بها وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ التَّوَقُّفُ الْجُمُعَةُ الظُّهْرُ في الْأَيَّامِ وَالْجُمُعَةُ في غَيْرِهَا الصُّبْحُ أو الْعِشَاءُ الصُّبْحُ او الْعَصْرُ الصُّبْحُ أو الْعَصْرُ على التَّرْدِيد وهو غَيْرُ الذي قَبْلَهُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ صَلَاةُ الْخَوْفِ صَلَاةُ عِيدِ النَّحْرِ صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ الْوِتْرُ صَلَاةُ الضُّحَى صَلَاةُ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا من خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ يَعْنِي أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَلِي وَقْتَ الظُّهْرِ ليس بَيْنَهُمَا وَقْتٌ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عن خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالتَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَالتَّلْخِيصِ وقال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْ أَحْمَدَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ قال في الْفُرُوعِ فَبَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ قَدْرَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ. قَوْلُهُ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ. هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَجَزَمَ بها في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَجَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ ابن عَقِيلٍ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَنَظْمِ النِّهَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْإِرْشَادِ وَالْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. قَوْلُهُ وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. يَعْنِي إنْ قُلْنَا وَقْتُ الِاخْتِيَارِ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ فما بَعْدَهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى الْغُرُوبِ وَإِنْ قُلْنَا إلَى مَصِيرِ ظِلِّ كل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَكَذَلِكَ فَلَهَا وَقْتَانِ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازِ الِاصْفِرَارِ وَبَعْدَهُ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ إلَى الْغُرُوبِ وقال في الْكَافِي يَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ هو غَرِيبٌ وقال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَوَّلَ بَاقٍ. قُلْت لو قِيلَ إنَّهُ أَرَادَ الْجَوَازَ مع الْكَرَاهَةِ لَكَانَ له وَجْهٌ فإن لنا وَجْهًا بِجَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ مع الْكَرَاهَةِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُوَافِقًا لِذَلِكَ الْقَوْلِ وَاخْتَارَهُ ابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ على ما يَأْتِي مع أَنَّ الْمُصَنِّفَ لم يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ بَلْ قَالَهَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ وَالْجَوَازِ انْتَهَى وَنَقُولُ هو وَقْتُ جَوَازٍ في الْجُمْلَةِ لِأَجْلِ الْمَعْذُورِ قال ابن تَمِيمٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَخْرُجُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وهو قَوْلٌ حَكَاهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا مع الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ نَقَلَهَا صَالِحٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَفْظُ رِوَايَةِ صَالِحٍ يُؤَخَّرُ الْعَصْرُ أَحَبُّ إلَيَّ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدِي ما لم تَصْفَرَّ الشَّمْسُ فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا قاله في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا إلَّا مع الصَّحْوِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَقِيلَ عنه يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مع الصَّحْوِ. قَوْلُهُ عن الْمَغْرِبِ وَوَقْتُهَا من مَغِيبِ الشَّمْسِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ في الْحَضَرِ وَالْأَحْمَرِ في غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قال الْمُصَنِّفُ تُعْتَبَرُ غَيْبُوبَةُ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ لِدَلَالَتِهَا على غَيْبُوبَةِ الْأَحْمَرِ لَا لِنَفْسِهِ وَحَكَى ابن عَقِيلٍ إذَا غَابَ قُرْصُ الشَّمْسِ فَهَلْ يَدْخُلُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مع بَقَاءِ الْحُمْرَةِ أو حتى يَذْهَبَ ذلك فيه رِوَايَتَانِ.
فائدة: لِلْمَغْرِبِ وَقْتَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْآجُرِّيُّ في النَّصِيحَةِ لها وَقْتٌ وَاحِدٌ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ وقال من أَخَّرَ حتى يَبْدُوَ النَّجْمُ فَقَدْ أَخْطَأَ. قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا. يَعْنِي لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِمًا وَهَذَا إجْمَاعٌ وقال صَاحِبُ الْفُرُوعِ وكلامهم [كلامهم] يَقْتَضِي لو دُفِعَ من عَرَفَةَ قبل الْمَغْرِبِ وَحَصَلَ بِمُزْدَلِفَةَ وَقْتَ الْغُرُوبِ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهَا وَيُصَلِّيهَا في وَقْتِهَا قال وكلام [كلام] الْقَاضِي يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها لَا تُؤَخَّرُ لِأَجْلِ الْغَيْمِ وهو قَوْلُ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ وهو الْمُخْتَارُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها في الْغَيْمِ كَالظُّهْرِ كما تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَكُونُ تَأْخِيرُهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَاقْتُصِرَ في الْفُصُولِ على قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ وَذَلِكَ نُسُكٌ وَفَضِيلَةٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَقَوْلُهُ إلَّا بِمِنًى هو في الْفُصُولِ وَصَوَابُهُ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ. الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن هُبَيْرَةَ يُكْرَهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ كَثُرَ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا وَيَأْتِي ذلك في تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ تَسْمِيَتُهَا بِالْمَغْرِبِ. قَوْلُهُ عن الْعِشَاءِ وَوَقْتُهَا من مَغِيبِ الشَّفَقِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. يَعْنِي وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قال الشَّارِحُ الْأَوْلَى أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عن ثُلُثِ اللَّيْلِ فَإِنْ أَخَّرَهَا جَازَ انْتَهَى وَعَنْهُ نِصْفُهُ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُبْهِجِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي في الرِّوَايَتَيْنِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَصَحَّحَهُ في نَظْمِهِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. قَوْلُهُ ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في الْكَافِي ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي كما قال في الْعَصْرِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَدَاءَ بَاقٍ وَتَقَدَّمَ ما قلنا [قلناه] في كَلَامِهِ وَوَافَقَ الْكَافِيَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبُ وَمَسْبُوكُ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصُ وَالْبُلْغَةُ فَقَالُوا وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ انْتَهَى وَقِيلَ يَخْرُجُ الْوَقْتُ مُطْلَقًا بِخُرُوجِ وَقْت الِاخْتِيَارِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ لِابْنِ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا لم يذكر في الْوَجِيزِ لِلْعِشَاءِ وَقْتَ ضَرُورَةٍ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِهِ في الْعَصْرِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ. الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْضِهَا إلَى وَقْتِ ضَرُورَةٍ ما لم يَكُنْ عُذْرٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ ضَرُورَةٍ في الْأَصَحِّ وَقَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ في الْعَصْرِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَقِيلَ يُكْرَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَتَقَدَّمَ التنبيه على ذلك في كِتَابِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عليه الصَّلَاةُ تَأْخِيرُهَا عن وَقْتِهَا. قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ ما لم يُشَقَّ. اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ شَقَّ التَّأْخِيرُ على جَمِيعِ الْمَأْمُومِينَ كُرِهَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ شَقَّ على بَعْضِهِمْ كُرِهَ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ هل يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا أو يُرَاعَى حَالُ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ الْأَشَقِّ عليهم فيه رِوَايَتَانِ فَحَكَوْا الْخِلَافَ مُطْلَقًا وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ يُسَنُّ تَأْخِيرُهَا وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمْ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا.
تنبيه: يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إذَا أُخِّرَ الْمَغْرِبُ لِأَجْلِ الْغَيْمِ أو الْجَمْعِ فإنه حِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْعِشَاءِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا مع الْغَيْمِ نُصَّ عليه وَقِيلَ مع تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ معه وَالْخُرُوجِ إلَيْهَا.
فوائد: يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ إذَا كان له من يُوقِظُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ وما هو بِبَعِيدٍ. وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا إلَّا في أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أو شَغْلٍ أو شَيْءٍ يَسِيرٍ وَالْأَصَحُّ أو مع الْأَهْلِ وَقِيلَ يُكْرَهُ مع الْأَهْلِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ قال في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَلَا يُكْرَهُ لِمُسَافِرٍ وَلِمُصَلٍّ بَعْدَهَا. وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعَتَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَا تَسْمِيَةُ الْفَجْرِ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ وَقِيلَ يُكْرَهُ فِيهِمَا وَقِيلَ يُكْرَهُ في الْأَخِيرَةِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. وَقِيلَ يُكْرَهُ في الْأُولَى قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن عَبْدُوسٍ الْمَنْعُ من ذلك وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الْأَشْهَرُ عنه إنَّمَا يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ حتى يَغْلِبَ عليها الِاسْمُ وَأَنَّ مِثْلَهَا في الْخِلَافِ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ بِالْعِشَاءِ. قَوْلُهُ عن الْفَجْرِ وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ. وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ وَالْمُنْتَخَبُ وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ فَعَلَى هذا يُكْرَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ وَعَنْهُ إنْ أَسْفَرَ الْمَأْمُومُونَ فَالْأَفْضَلُ الْإِسْفَارُ وَالْمُرَادُ أَكْثَرُ الْمَأْمُومِينَ وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ وَنَصَرَهَا أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَعَنْهُ الْإِسْفَارُ مُطْلَقًا أَفْضَلُ قال في الْفُرُوعِ أَطْلَقَهَا بَعْضُهُمْ وقال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا الْحَاجُّ بِمُزْدَلِفَةَ قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ. قُلْت وهو عَيْنُ الصَّوَابِ وهو مُرَادُ من أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ.
تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كان الْأَرْفَقُ على الْمَأْمُومِينَ الْإِسْفَارَ مع حُضُورِهِمْ أو حُضُورِ بَعْضِهِمْ أَمَّا لو تَأَخَّرَ الْجِيرَانُ كلهم فَالْأَوْلَى هُنَا التَّأْخِيرُ بِلَا خِلَافٍ على مُقْتَضَى ما قَالَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وقال نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ ليس لها وَقْتُ ضَرُورَةٍ بَلْ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَجَوَازٍ كما في الْمَغْرِبِ وَالظُّهْرِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَذْهَبُ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيُكْرَهُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَجَعَلَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ لها وَقْتَيْنِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ وهو إلَى الْإِسْفَارِ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وهو إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ قال في الْحَاوِيَيْنِ وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِلَا عُذْرٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ اخْتِيَارِ الْأَوْلَى في اخْتِصَامِ الْمَلَاءِ الْأَعْلَى وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. وقال هذه صَلَاةُ مُفْرِطٍ إنَّمَا الْإِسْفَارُ أَنْ يَنْتَشِرَ الضَّوْءُ على الْأَرْضِ.
فائدة: حَيْثُ قُلْنَا يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ فَيَحْصُلُ له فَضِيلَةُ ذلك بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ إذَا دخل الْوَقْتُ قال في التَّلْخِيصِ وَيَقْرُبُ منه قَوْلُ الْمَجْدِ قَدْرُ الطَّهَارَةِ وَالسَّعْيِ إلَى الْجَمَاعَةِ وَنَحْوِ ذلك وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ قَوْلًا يَتَطَهَّرُ قبل الْوَقْتِ. قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ من صَلَاةٍ في وَقْتِهَا فَقَدْ أَدْرَكَهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في الْمَذْهَبِ وَلَوْ كان آخِرَ وَقْتِ الثَّانِيَةِ من الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ جَمْعَهُمَا وَعَنْهُ لَا يُدْرِكُهَا إلَّا بِرَكْعَةٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى وابن عَبْدُوسٍ تِلْمِيذِ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا بِنَاءُ ما خَرَجَ منها عن الْوَقْتِ على تَحْرِيمِهِ الْأَدَاءَ في الْوَقْتِ وَوُقُوعِهِ مَوْقِعَهُ في الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَابِعُهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي أنها مَسْأَلَةُ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ الْآتِيَةُ بَعْدَ ذلك. الثَّانِيَةُ جَمِيعُ الصَّلَاةِ التي قد أَدْرَكَ بَعْضَهَا في وَقْتِهَا أَدَاءٌ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَقِيلَ تَكُونُ جَمِيعُهَا أَدَاءً في الْمَعْذُورِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ أبو الْمَعَالِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى وَأَحَدُ احْتِمَالَيْ ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُتَوَجَّهٌ وَقِيلَ قَضَاءٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ الْخَارِجُ عن الْوَقْتِ قَضَاءٌ وَاَلَّذِي في الْوَقْتِ أَدَاءٌ.
تنبيه: يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهَا لَا تُدْرَكُ بِأَقَلَّ من رَكْعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما يَأْتِي في بَابِهِ وَعَنْهُ تُدْرَكُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ كَغَيْرِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَكِنَّ عُمُومَ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصٌ بِمَا قَالَهُ هُنَاكَ وهو أَوْلَى. قَوْلُهُ وَمَنْ شَكَّ في الْوَقْتِ لم يُصَلِّ حتى يَغْلِبَ على ظَنِّهِ دُخُولُهُ. فإذا غَلَبَ على ظَنِّهِ دُخُولُهُ صلى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يصلى حتى يَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ حتى يَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا احْتِيَاطًا إلَّا أَنْ يَخْشَى خُرُوجَ الْوَقْتِ أو تَكُونَ صَلَاةُ الْعَصْرِ في وَقْتِ الْغَيْمِ فإنه يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ وقال الْآمِدِيُّ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ إذَا تَيَقَّنَ غُرُوبَ الشَّمْسِ أو غَلَبَ على ظَنِّهِ غُرُوبُهَا.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَجِدْ من يُخْبِرُهُ عن يَقِينٍ أو لم يُمْكِنْهُ مُشَاهَدَةُ الْوَقْتِ بِيَقِينٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ أخبره بِذَلِكَ مُخْبِرٌ عن يَقِينٍ قَبِلَ قَوْلَهُ. يَعْنِي إذَا كان يَثِقُ بِهِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو سمع أَذَانَ ثِقَةٍ عَارِفٍ يَثِقُ بِهِ قال في الْفُصُولِ وأبو الْمَعَالِي في نِهَايَتِهِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ يَعْمَلُ بِالْأَذَانِ في دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ في دَارِ الْحَرْبِ حتى يَعْلَمَ إسْلَامَ الْمُؤَذِّنِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ في دُخُولِ الْوَقْتِ. مع إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ وهو مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ كما شَهِدَتْ بِهِ النُّصُوصُ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ كان عن ظَنٍّ لم يُقْبَلْ. مُرَادُهُ إذَا لم يَتَعَذَّرْ عليه الِاجْتِهَادُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عليه الِاجْتِهَادُ عَمِلَ بِقَوْلِهِ وفي كِتَابِ أبي عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيِّ وَأَبِي الْمَعَالِي وابن حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمَا لَا يُقْبَلُ أَذَانٌ في غَيْمٍ لِأَنَّهُ عن اجْتِهَادٍ فَيَجْتَهِدُ هو قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّهُ لو عَرَفَ أَنَّهُ يُعْرَفُ الْوَقْتُ بِالسَّاعَاتِ أو تَقْلِيدِ عَارِفٍ عَمِلَ بِهِ وَجَزَمَ بهذا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مع إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ وهو خِلَافُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ وَخِلَافُ ما شَهِدَتْ بِهِ النُّصُوصُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال.
فائدة: الْأَعْمَى الْعَاجِزُ يُقَلِّدُ فَإِنْ عَدِمَ من يُقَلِّدُهُ وَصَلَّى أَعَادَ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْرَكَ من الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَرَتَّبُ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ من الْوَقْتِ وَلَوْ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَلِهَذَا قِيلَ يُخَيَّرُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ لَا بُدَّ أَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءُ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم ابن بَطَّةَ وابن أبي مُوسَى وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ الْأَحْكَامُ إلَّا إنْ تَضَايَقَ الْوَقْتُ عن فِعْلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُوجَدُ الْمَانِعُ. قَوْلُهُ ثُمَّ جُنَّ أو حَاضَتْ الْمَرْأَةُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ. يَعْنِي إذَا طَرَأَ عَدَمُ التَّكْلِيفِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ التي أَدْرَكَهَا تَارَةً تُجْمَعُ إلَى غَيْرِهَا وَتَارَةً لَا تُجْمَعُ فَإِنْ كانت لَا تُجْمَعُ إلَى غَيْرِهَا وَجَبَ قَضَاؤُهَا بِشَرْطِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كانت تُجْمَعُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا قَضَاءُ التي دخل وَقْتُهَا فَقَطْ وَلَوْ خَلَا جَمِيعُ وَقْتِ الْأُولَى من الْمَانِعِ وَسَوَاءٌ فَعَلَهَا أو لم يَفْعَلْهَا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم ابن حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فيه وفي النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْمَجْمُوعَةِ إلَيْهَا وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أو أَسْلَمَ كَافِرٌ أو أَفَاقَ مَجْنُونٌ أو طَهُرَتْ حَائِضٌ قبل طُلُوعِ الشَّمْسِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ لَزِمَهُمْ الصُّبْحُ وَإِنْ كان ذلك قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ لَزِمَهُمْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَإِنْ كان قبل طُلُوعِ الْفَجْرِ لَزِمَهُمْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. يَعْنِي إذَا طَرَأَ التَّكْلِيفُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحْكَامَ مُتَرَتِّبَةٌ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ من الْوَقْتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ بِقَدْرِ جُزْءٍ ما قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ قال وقد يُؤْخَذُ منه الْقَوْلُ بِرَكْعَةٍ فَيَكُونُ فائدة: الْمَسْأَلَةِ وهو مُتَّجَهٌ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْخِلَافَ عِنْدَنَا فِيمَا إذَا طَرَأَ مَانِعٌ أو تَكْلِيفٌ هل يُعْتَبَرُ بِتَكْبِيرَةٍ أو رَكْعَةٍ وَاخْتَارَ بِرَكْعَةٍ في التَّكْلِيفِ انْتَهَى. إذَا عَلِمْت ذلك فإنه إذَا طَرَأَ التَّكْلِيفُ في وَقْتِ صَلَاةٍ لَا تُجْمَعُ لَزِمَتْهُ فَقَطْ وَإِنْ كان في وَقْتِ صَلَاةٍ تُجْمَعُ مع ما قَبْلَهَا إلَيْهَا لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا على الْفَوْرِ. هذا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ على الْفَوْرِ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَجِبُ على الْفَوْرِ في خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا إذَا تَابَ لَا يَشْرَعُ له قَضَاؤُهَا وَلَا تَصِحُّ منه بَلْ يُكْثِرُ من التَّطَوُّعِ وَكَذَا الصَّوْمُ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ في كَلَامِ طَائِفَةٍ من أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِعْلُهَا إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا منهم الْجُوزَجَانِيُّ وأبو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ وابن بَطَّةَ.
تنبيه: قَوْلُهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا على الْفَوْرِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَتَضَرَّرْ في بَدَنِهِ أو في مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا فَإِنْ تَضَرَّرَ بِسَبَبِ ذلك سَقَطَتْ الْفَوْرِيَّةُ نُصَّ عليه. قَوْلُهُ مُرَتَّبًا قَلَّتْ أو كَثُرَتْ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ قال في الْمُبْهِجِ التَّرْتِيبُ مُسْتَحَبٌّ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَمَالَ إلَى ذلك وقال كان أَحْمَدُ لِشِدَّةِ وَرَعِهِ يَأْخُذُ من هذه الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فيها بِالِاحْتِيَاطِ وَإِلَّا فَأَجَابَ سِنِينَ عَدِيدَةً بِبَقَاءِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَائِتَةٍ في الذِّمَّةِ لَا يَكَادُ يَقُومُ عليه دَلِيلٌ قَوِيٌّ قال وقد أخبرني بَعْضُ أَعْيَانِ شُيُوخِنَا الْحَنْبَلِيِّينَ أَنَّهُ رَأَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في النَّوْمِ وَسَأَلَهُ عَمَّا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ في هذه الْمَسَائِلِ أَيُّهَا أَرْجَحُ قال فَفَهِمْت منه أَنَّهُ أَشَارَ إلَى رُجْحَانِ ما يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَقِيلَ يَجِبُ التَّرْتِيبُ في خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في مَوْضِعٍ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ وَلَا يُعْتَبَرُ لِلصِّحَّةِ وَلَهُ نَظَائِرُ.
فائدة: لو كَثُرَتْ الْفَرَائِضُ الْفَوَائِتُ فَالْأَوْلَى تَرْكُ سُنَنِهَا قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا وَاسْتَثْنَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ سُنَّةَ الْفَجْرِ وقال لَا يُهْمِلُهَا وقال في الْوِتْرِ إنْ شَاءَ قَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ فَلَا وَنَقَلَ مَهَنَّا يَقْضِي سُنَّةَ. الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ قال الْمَجْدُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ دُونَهَا وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَقْضِي السُّنَنَ قال بَعْدَ رِوَايَةِ مُهَنَّا الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ كما يَقْضِي غَيْرَهُ من الرَّوَاتِبِ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ هذا من الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَقْضِي الْوِتْرَ في رِوَايَةٍ خَاصَّةٍ وَنَقَلَ ابن هَانِئٍ لَا يَتَطَوَّعُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مُتَقَدِّمَةٌ إلَّا الْوِتْرَ فإنه يُوتِرُ وقال في الْفُصُولِ يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وفي بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ من النَّوَافِلِ رِوَايَتَانِ نَصٌّ على الْوِتْرِ لَا يَقْضِي وَعَنْهُ يَقْضِي انْتَهَى. وَأَمَّا انْعِقَادُ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ إذَا كان عليه فَوَائِتُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ لِتَحْرِيمِهِ إذَنْ كَأَوْقَاتِ النَّهْيِ قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ غَيْرُهُ الْخِلَافَ في الْجَوَازِ وَأَنَّ على الْمَنْعِ لَا يَصِحُّ قال الْمَجْدُ وَكَذَا يَتَخَرَّجُ في النَّفْلِ الْمُبْتَدَأِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أو عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَوَاتِ مع عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ انْتَهَى وَعَنْهُ يَنْعَقِدُ النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في ابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي قَرِيبًا من ذلك في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ فإذا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ. قَوْلُهُ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ. سَقَطَ وُجُوبُهُ يَعْنِي وُجُوبَ التَّرْتِيبِ فَيُصَلِّي الْحَاضِرَةَ إذَا بَقِيَ من الْوَقْتِ بِقَدْرِ ما يَفْعَلُهَا فيه ثُمَّ يَقْضِي وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ مُطْلَقًا اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي هذه الرِّوَايَةَ وحكى عن أَحْمَدَ ما يَدُلُّ على رُجُوعِهِ عنها وَكَذَا قال أبو حَفْصٍ قال إمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلًا قَدِيمًا أو غَلَطًا وَعَنْهُ يَسْقُطُ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ عن قَضَاءِ كل الْفَوَائِتِ فَيُصَلِّي الْحَاضِرَةَ في أَوَّلِ الْوَقْتِ اخْتَارَهَا أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ وَعَنْهُ يَسْقُطُ بِخَشْيَةِ فَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَعَنْهُ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِكَوْنِهَا جُمُعَةً جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَالَهُ الْقَاضِي. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وقال نُصَّ عليه لَكِنْ عليه فِعْلُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ ثُمَّ يَقْضِيهَا ظُهْرًا وَفِيهِ وَجْهٌ ليس عليه فِعْلُ. الْجُمُعَةِ إذَا قُلْنَا لَا يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ قال في الْفُرُوعِ في أَوَّلِ الْجُمُعَةِ وَيَبْدَأُ بِالْجُمُعَةِ لِخَوْفِ فَوْتِهَا وَيَتْرُكُ فَجْرًا فَاتَتْهُ نُصَّ عليه.
فوائد: إحداها لو بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ مع ضِيقِ الْوَقْتِ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَصِحُّ. الثَّانِيَةُ لَا تَنْعَقِدُ النَّافِلَةُ مع ضِيقِ الْوَقْتِ عن الْحَاضِرَةِ إذَا فَعَلَهَا عَمْدًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَنْعَقِدُ وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُ الْمَجْدِ وهو أَعَمُّ. الثَّالِثَةُ خَشْيَةُ خُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ كَخَشْيَةِ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْكُلِّيَّةِ فإذا خَشِيَ الِاصْفِرَارَ صلى الْحَاضِرَةَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ أو نَسِيَ التَّرْتِيبَ سَقَطَ وُجُوبُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ حتى قال الْقَاضِي إذَا نَسِيَ التَّرْتِيبَ سَقَطَ وُجُوبُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ حَكَاهَا ابن عَقِيلٍ قال أبو حَفْصٍ هذه الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ ما نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عنه فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَلَطًا أو قَوْلًا قَدِيمًا.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو جَهِلَ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ وُجُوبُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقِيلَ يَسْقُطُ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ فقال هو كَالنَّاسِي لِلتَّرْتِيبِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو ذَكَرَ فَائِتَةً وقد أَحْرَمَ بِحَاضِرَةٍ فَتَارَةً يَكُونُ إمَامًا وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ فَإِنْ كان غير إمَامٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ لَا يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ وَيُتِمُّهَا نَفْلًا إمَّا رَكْعَتَيْنِ وَإِمَّا أَرْبَعًا وَعَنْهُ يُتِمُّهَا الْمَأْمُومُ دُونَ الْمُنْفَرِدِ وَعَنْهُ عَكْسُهَا حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ وَعَنْهُ يُتِمُّهَا فَرْضًا. اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَوَهِمَهُ الْخَلَّالُ وَعَنْهُ ذِكْرُ الْفَائِتَةِ في الْحَاضِرَةِ يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ عن الْمَأْمُومِ خَاصَّةً وَإِنْ كان إمَامًا فَالصَّحِيحُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ يَقْطَعُهُمَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمْ مُفْتَرِضُونَ خَلْفَ مُتَنَفِّلٍ فَعَلَى هذا إذَا قُلْنَا يَصِحُّ الْفَرْضُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ أَتَمَّهَا كَالْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ وَاخْتَارَ الْمَجْدُ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ وَالْحَالَةُ هذه فَيُتِمُّهَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فَرْضًا وَعَنْهُ تَبْطُلُ.
فوائد: الْأُولَى لو نَسِيَ صَلَاةً من يَوْمٍ وَجَهِلَ عَيْنَهَا صلى خَمْسًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَعَنْهُ يُصَلِّي فَجْرًا ثُمَّ مَغْرِبًا ثُمَّ رُبَاعِيَّةً وقال في الْفَائِقِ وَيَتَخَرَّجُ إيقَاعُ وَاحِدَةٍ بِالِاجْتِهَادِ أَخْذًا من الْقِبْلَةِ. الثَّانِيَةُ لو نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا من يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ تَحَرَّى في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا قال وَقِيلَ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى لو تَحَرَّى فلم يَقْوَ عِنْدَهُ شَيْءٌ بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرًا أو عَكْسَهُ ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي احْتِمَالًا ولم يُفَرِّقْ بين أَنْ يَسْتَوِيَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ أو لَا فقال وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ثَلَاثُ صَلَوَاتٍ ظُهْرٌ ثُمَّ عَصْرٌ ثُمَّ ظُهْرٌ أو بِالْعَكْسِ قال وَهَذَا أَقْيَسُ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ أَشْبَهَ ما لو نَسِيَ صَلَاةً لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وأبو الْمَعَالِي وابن مُنَجَّا وَنَقَلَ أبو دَاوُد ما يَدُلُّ على ذلك. الثَّالِثَةُ لو عَلِمَ أَنَّ عليه من يَوْمٍ الظُّهْرَ وَصَلَاةً أُخْرَى لَا يَعْلَمُ هل هِيَ الْمَغْرِبُ. أو الْفَجْرُ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ولم يَجُزْ له الْبُدَاءَةُ بِالظُّهْرِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا قَبْلَهَا. الرَّابِعَةُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لو تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا من إحْدَى طَهَارَتِهِ ولم يَعْلَمْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ أعادة الْوُضُوءِ وَالصَّلَاتَيْنِ وَلَوْ لم يَعْلَمْ حَدَثَهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلثَّانِيَةِ تَجْدِيدًا وَقُلْنَا لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا يَرْتَفِعُ لَزِمَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ لِلْأُولَى خَاصَّةً لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَحِيحَةٌ على كل تَقْدِيرٍ.
|