الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
الزَّكَاةُ في اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَقِيلَ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ لِأَنَّهَا تُنَمِّي الْمَالَ وَتُطَهِّرُ مُعْطِيَهَا وَقِيلَ تُنَمِّي أَجْرَهَا وقال الْأَزْهَرِيُّ تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ. قُلْت لو قِيلَ إنَّ هذه الْمَعَانِيَ كُلَّهَا فيها لَكَانَ حَسَنًا فَتُنَمِّي الْمَالَ وَتُنَمِّي أَجْرَهَا وَتُنَمِّي الْفُقَرَاءَ وَتُطَهِّرُ مُعْطِيَهَا وَسُمِّيَتْ زَكَاةً في الشَّرْعِ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَحَدُّهَا في الشَّرْعِ حَقٌّ يَجِبُ في مَالٍ خَاصٍّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ في غَيْرِ ذلك. يَعْنِي لَا تَجِبُ في غَيْرِ السَّائِمَةِ وَالْخَارِجِ من الْأَرْضِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ. وَقَوْلُهُ وقال أَصْحَابُنَا تَجِبُ في الْمُتَوَلِّدِ بين الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْهَادِي قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ قال ولم أَجِدْ فيه نَصًّا وَإِنَّمَا أَوْجَبُوا فيه تَغْلِيبًا وَاحْتِيَاطًا كَتَحْرِيمِ قَتْلِهِ وَإِيجَابِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِهِ وَالنُّصُوصُ تَتَنَاوَلُهُ قال الْمَجْدُ تَتَنَاوَلُهُ بِلَا شَكٍّ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فيه وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَّجَهٌ وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ فيه وَجْهَيْنِ وَذَكَرَ بن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَهُمَا وَحَكَى في الرِّعَايَةِ فيه رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْفَائِقِ. قَوْلُهُ وفي بَقَرِ الْوَحْشِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ. إحْدَاهُمَا تَجِبُ فيها وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اختاره [واختاره] أَصْحَابُنَا قال الْمَجْدُ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فيها اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ في غَيْرِ ذلك قال الشَّارِحُ وَهِيَ أَصَحُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلَا زَكَاةَ في بَقَرِ الْوَحْشِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال ابن رَزِينٍ وهو أَظْهَرُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في الْخُلَاصَةِ وَفَائِدَتُهُ تَكْمِيلُ النِّصَابِ بِبَقَرَةِ وَحْشٍ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ في الْغَالِبِ وَإِلَّا فَمَتَى كَمُلَ النِّصَابُ منه وَجَبَتْ فيه عِنْدَ من يقول ذلك.
فَوَائِدُ: منها حُكْمُ الْغَنَمِ الْوَحْشِيَّةِ حُكْمُ الْبَقَرِ الْوَحْشِيَّةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَالْوُجُوبُ فيها من الْمُفْرَدَاتِ. وَمِنْهَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في الظِّبَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْقَاضِي في الطَّرِيقَةِ وابن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ عن بن حَامِدٍ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فيها وَحَكَى رِوَايَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْغَنَمَ وَالظَّبْيَةُ تُسَمَّى عَنْزًا وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ. وَمِنْهَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا. وَهَلْ تَجِبُ في الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا أَمْ لَا. قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَجْدِ في مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مِلْكِ الصَّبِيِّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ له بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ليس حَمْلًا أو أَنَّهُ ليس حَيًّا. وقال الْمُصَنِّفُ في فِطْرَةِ الْجَنِينِ لم يَثْبُتْ له أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا في الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ. بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْوُجُوبَ بِحُكْمِنَا له بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا حتى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ وَهُمَا وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أبو الْمَعَالِي وَمَنَعَهُ في الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ: دخل في قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا يَمْلِكُهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ على كَافِرٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ قال في الرِّعَايَةِ لَا تَجِبُ على أَصْلِيٍّ على الْأَشْهَرِ وكذا الْمُرْتَدُّ نَصَّ عليه سَوَاءٌ حَكَمْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ مع الرِّدَّةِ أو زَوَالِهِ جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَذَكَرَهُ في الشَّرْحِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في كِتَابِ الصَّلَاةِ. فَقِيلَ لِكَوْنِهَا عِبَادَةً. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَقِيلَ لِمَنْعِهِ من مَالِهِ. وَإِنْ قُلْنَا يَزُولُ مِلْكُهُ فَلَا زَكَاةَ عليه وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ بن تَمِيمٍ. وَعَنْهُ تَجِبُ عليه بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ عليها إذَا مَاتَ على كُفْرِهِ. وَعَنْهُ تَجِبُ على الْمُرْتَدِّ نَصَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَصَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ. وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ تَجِبُ لِمَا مَضَى من الْأَحْوَالِ على مَالِهِ حَالَ رِدَّتِهِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ مِلْكَهُ بَلْ هو مَوْقُوفٌ وَحَكَاه ابن شَاقِلَا رِوَايَةً وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. وَتَقَدَّمَ ذلك بِأَتَمَّ من هذا في أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ على مُكَاتَبٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ هو كَالْقِنِّ وَعَنْهُ يزكى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ مَالًا وَقُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُهُ فَلَا زَكَاةَ فيه. يَعْنِي على وَاحِدٍ مِنْهُمَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال ابن تَمِيمٍ وابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَصَاحِبُ الْحَوَاشِي وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قُلْت منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالزَّرْكَشِيُّ. وهو الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يُزَكِّيهِ الْعَبْدُ ذَكَرَهَا في الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهِ وَقاله ابن حَامِدٍ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ. وَعَنْهُ يُزَكِّيهِ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قال ابن تَمِيمٍ وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ يُزَكِّي الْعَبْدُ مَالَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ وقال في الْفُرُوعِ تَبَعًا لِابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُزَكِّيَهُ السَّيِّدُ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَنْ بن حَامِدٍ أَنَّهُ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِوُجُوبِ زَكَاتِهِ على السَّيِّدِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا مَلَّكَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُهُ أولا لِأَنَّهُ إمَّا مِلْكٌ له أو في حُكْمِ مِلْكِهِ لِتَمَكُّنِهِ من التَّصَرُّفِ فيه كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ. قُلْت وهو مَذْهَبٌ حَسَنٌ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ فَزَكَاتُهُ على سَيِّدِهِ بِلَا نِزَاعٍ.
تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا أَنَّ في مِلْكِهِ خِلَافًا لِقَوْلِهِ وَقُلْنَا إنَّهُ يُمَلِّكُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قاله ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَقَوَاعِدِ بن اللَّحَّامِ وقال هذه الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قال في التَّلْخِيصِ في بَابِ. الدُّيُونِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّقِيقِ وَاَلَّذِي عليه الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قال في الْفُرُوعِ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ اخْتَارَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وابن شَاقِلَا وَصَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ أَظْهَرُ قال في الْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ لو مَلَكَ مَلَكَهُ في الْأَقْيَسِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالتَّلْخِيصِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ.
فائدة: لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ عَدِيدَةٌ أَكْثَرُهَا مُتَفَرِّقَةٌ في الْكِتَابِ. وَمِنْهَا ما تَقَدَّمَ وهو ما إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا. وَمِنْهَا إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا وَأَهَلَّ عليه هِلَالُ الْفِطْرِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ فَفِطْرَتُهُ على السَّيِّدِ. وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ لم تجب [يجب] على وَاحِدٍ مِنْهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا اعْتِبَارًا بِزَكَاةِ الْمَالِ وقال في الْفُرُوعِ فَلَا فِطْرَةَ إذَنْ في الْأَصَحِّ. وَقِيلَ تَجِبُ فِطْرَتُهُ على السَّيِّدِ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَيُؤَدِّي السَّيِّدُ عن عبد عَبْدِهِ إذْ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ وَإِنْ مَلَكَ فَلَا فِطْرَةَ له لِعَدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ وَنَقْصِ مِلْكِ الْعَبْدِ. وَقِيلَ يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْحُرَّ كَنَفَقَتِهِ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. وَمِنْهَا تَكْفِيرُهُ بِالْمَالِ في الْحَجِّ وَالْأَيْمَانِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهَا وَفِيهِ لِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ ذَكَرَهَا ابن رَجَبٍ في فَوَائِدِهِ وَذَكَرْتُهَا في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. وَمِنْهَا إذَا بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ وَلِلْأَصْحَابِ أَيْضًا فيها طُرُقٌ ذَكَرْتُهَا في آخِرِ بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَمِنْهَا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ له بِمَالِهِ عَبْدًا مُسْلِمًا فَاشْتَرَاهُ. فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ لم يَصِحَّ شِرَاؤُهُ له. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ صَحَّ وكان مَمْلُوكًا لِلسَّيِّدِ قال الْمَجْدُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي قال ابن رَجَبٍ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ فيه وَجْهٌ لَا يَصِحُّ على الْقَوْلَيْنِ بِنَاءً على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ بِالْوَكَالَةِ انْتَهَى. قُلْت وَيَتَخَرَّجُ الصَّحِيحُ على الْقَوْلَيْنِ بِنَاءً على أَحَد الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ بِالْوَكَالَةِ. وَمِنْهَا عَكْسُ هذه الْمَسْأَلَةِ لو أَذِنَ الْكَافِرُ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ الذي يَثْبُتُ مِلْكُهُ عليه أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ رَقِيقًا مُسْلِمًا فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ صَحَّ وكان الْعَبْدُ له وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لم يَصِحَّ. وَمِنْهَا تسرى الْعَبْدِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ في مِلْكِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ جَازَ تَسَرِّيهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْوَطْءَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وهي وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابِ بَعْدَهُ قاله ابن رَجَبٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ تَسَرِّيهِ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَأَبِي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا ذَكَرَهُ عنه في الْوَاضِحِ وَرَجَّحَهَا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال ابن رَجَبٍ وَهِيَ أَصَحُّ وَحَرَّرَهَا في فَوَائِدِهِ. وَتَأْتِي هذه الْفَائِدَةُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ في قَوْلِهِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِأَتَمَّ من هذا. وَمِنْهَا لو بَاعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ في يَدِهِ فَهَلْ يُعْتَقُ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ. يُعْتَقُ بِذَلِكَ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي مع قَوْلِهِ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَقَوْلُ الْقَاضِي على الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ. وَمِنْهَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ مَالٌ فَهَلْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ أَمْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ على رِوَايَتَيْنِ فَمِنْ الْأَصْحَابِ من بَنَاهَا على الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ وَعَدَمِهِ. فَإِنْ قُلْنَا بملكه [يملكه] اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عليه بِالْعِتْقِ وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي في خِلَافِهِ وَالْمَجْدُ وَمِنْهُمْ من جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ على الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ. وَمِنْهَا لو اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ بِمَالِهِ. فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ لم يَنْفَسِخْ. وَمِنْهَا لو مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا. فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ فَالْوَلَدُ مِلْكُ السَّيِّدِ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكُ الْعَبْدِ لَكِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عليه حتى يُعْتَقَ فإذا أُعْتِقَ ولم يَنْزِعْهُ منه قبل عِتْقِهِ عَتَقَ عليه لِتَمَامِ مِلْكِهِ حِينَئِذٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. وَمِنْهَا هل يَنْفُذُ تَصَرُّفُ السَّيِّدِ في مَالِ الْعَبْدِ دُونَ اسْتِرْجَاعِهِ. فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ صَحَّ بِغَيْرِ إشْكَالٍ وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُ السَّيِّدِ لرقيق [رقيق] عَبْدِهِ قال الْقَاضِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ فيه قبل عِتْقِهِ قال وَإِنْ حُمِلَ على ظَاهِرِهِ فَلِأَنَّ عِتْقَهُ يَتَضَمَّن الرُّجُوعَ في التَّمْلِيكِ. وَمِنْهَا لو وَقَفَ عليه فَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَقِيلَ ذلك يَتَفَرَّعُ على الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فَأَمَّا إنْ قِيلَ إنَّهُ يَمْلِكُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عليه كَالْمُكَاتَبِ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَالْأَكْثَرُونَ على أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عليه على الرِّوَايَتَيْنِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في أَوَّلِ الْوَقْفِ . وَمِنْهَا وَصِيَّةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِشَيْءٍ من مَالِهِ فَإِنْ كان بِجُزْءٍ مُشَاعٍ منه صَحَّ وَعَتَقَ من الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ ذلك الْجُزْءِ لِدُخُولِهِ في عُمُومِ الْمَالِ وَيَكْمُلُ عِتْقُهُ من بَقِيَّةِ. الْوَصِيَّةِ نَصَّ عليه وفي تَعْلِيلِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا ابن رَجَبٍ في فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ. وَمِنْهَا ذَكَرَ بن عَقِيلٍ وَإِنْ كانت الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ أو مُقَدَّرٍ فَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ. فَمِنْ الْأَصْحَابِ من بَنَاهُمَا على أَنَّ الْعَبْدَ هل يَتَمَلَّكُ أَمْ لَا وهي [وهما] طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَمِنْهُمْ من حَمَلَ الصِّحَّةَ على أَنَّ الوصية [للوصية] لِقَدْرٍ من الْعَيْنِ أو لِقَدْرٍ من التَّرِكَةِ لَا بِعَيْنِهِ فَيَعُودُ إلَى الْحَقِّ الْمُشَاعِ. قال ابن رَجَبٍ وهو بَعِيدٌ جِدًّا. وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْمُوصَى له بِأَتَمَّ من هذا. وَمِنْهَا لو غَزَا الْعَبْدُ على فَرَسٍ مَلَّكَهُ إيَّاهُ سَيِّدُهُ. فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهَا الْعَبْدُ لم يُسْهَمْ لها لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِمَالِكِهَا فَيَرْضَخُ لها كما يَرْضَخُ له وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهَا أَسْهَمَ لها لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ قال ابن رَجَبٍ قال الْأَصْحَابُ وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُسْهِمُ لِفَرَسِ الْعَبْدِ وَتَوَقَّفَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَا يُسْهِمُ لها مُتَّحِدًا. وَمَوْضِعُ هذه الْفَوَائِدِ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ في آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ في أَحْكَامِ الْعَبْدِ.
تَنْبِيهٌ: هل الْخِلَافُ في مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ مُخْتَصٌّ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا. فَاخْتَارَ في التَّلْخِيصِ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ فَلَا يَمْلِكُ من غَيْرِ جِهَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وقال في التَّلْخِيصِ وَأَصْحَابُنَا لم يُقَيِّدُوا الرِّوَايَتَيْنِ بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ بَلْ ذَكَرُوهُمَا مُطْلَقًا في مِلْكِ الْعَبْدِ إذَا مَلَكَ. قُلْت جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. قال في الْقَوَاعِدِ وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ يَدُلُّ على خِلَافِ ما اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ. فإذا عَلِمْت ذلك فَيَتَفَرَّعُ على هذا الْخِلَافِ مَسَائِلُ. منها اللُّقَطَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ قال طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ تَنْبَنِي على رِوَايَتَيْ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ جَعْلًا لِتَمْلِيكِ الشَّارِعِ كَتَمْلِيكِ السَّيِّدِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى أَنَّهُ يَمْلِكُ اللُّقَطَةَ وَإِنْ لم تُمْلَكْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَعِنْدَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ لَا يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ كَذَلِكَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ أنها مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ بِمُضِيِّ الْحَوْلِ. وَمِنْهَا حِيَازَةُ الْمُبَاحَاتِ من احْتِطَابٍ أو احْتِشَاشٍ أو اصْطِيَادٍ أو مَعْدِنٍ أو غَيْرِ ذلك فَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال هو مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ دُونَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً كَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ لَكِنْ لو أَذِنَ له السَّيِّدُ في ذلك فَهُوَ كَتَمْلِيكِهِ إيَّاهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَخَرَّجَ طَائِفَةٌ الْمَسْأَلَةَ على الْخِلَافِ في مِلْكِ الْعَبْدِ وَعَدَمِهِ منهم الْمَجْدُ وَقَاسَهُ على اللُّقَطَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ آخَرَ. وَمِنْهَا لو أَوْصَى لِلْعَبْدِ أو وَهَبَ له وَقَبِلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أو بِدُونِهِ إذَا أَجَزْنَا له ذلك على الْمَنْصُوصِ فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَبَنَاه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ على الْخِلَافِ في مِلْكِ السَّيِّدِ. وَيَأْتِي أَيْضًا هذا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْمُوصَى له. وَمِنْهَا لو خَلَعَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ بِعِوَضٍ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ بن عَقِيلٍ بِنَاؤُهُ على الْخِلَافِ في مِلْكِ الْعَبْدِ. قال ابن رَجَبٍ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّ الْعَبْدَ هُنَا يَمْلِكُ الْبِضْعَ فَمَلَكَ عِوَضَهُ بِالْخُلْعِ لِأَنَّ من مَلَكَ شيئا مَلَكَ عِوَضَهُ فَأَمَّا مَهْرُ الْأَمَةِ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ. ذَكَرَ ذلك كُلَّه ابن رَجَبٍ في الْفَائِدَةِ السَّابِعَةِ من قَوَاعِدِهِ بِأَبْسَطَ من هذا.
فائدة: تَجِبُ الزَّكَاةُ على الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ بِقَدْرِ ما يَمْلِكُهُ على ما تَقَدَّمَ.
. قَوْلُهُ الثَّالِثُ مِلْكُ نِصَابٍ فَإِنْ نَقَصَ عنه فَلَا زَكَاةَ فيه إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصًا يَسِيرًا كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ. فَالنِّصَابُ تَقْرِيبٌ في النَّقْدَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال قَالَهُ غَيْرُ الْخِرَقِيِّ قال في الْفَائِقِ وَلَوْ نَقَصَ النِّصَابُ ما لَا يُضْبَطُ كَحَبَّةٍ وَحَبَّتَيْنِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال في الْحَوَاشِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ لَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ. وَعَنْهُ النِّصَابُ تَحْدِيدٌ فَلَا زَكَاةَ فيه وَلَوْ كان النَّقْصُ يَسِيرًا قال في الْمُبْهِجِ هذا أَظْهَرُ وَأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في الشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْدَلَ عنه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وهو قَوْلُ الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ قال إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصًا يَدْخُلُ في الْمَكَايِيلِ كَالْأُوقِيَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَا يُؤَثِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ والحواشي [وحواشيه] وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَعَنْهُ لَا يَضُرُّ النَّقْصَ وَلَوْ كان أَكْثَرَ من حَبَّتَيْنِ. وَعَنْهُ حتى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفَ وَثُلُثَ مِثْقَالٍ وَأَطْلَقَ في الْفَائِقِ في ثُلُثِ مِثْقَالٍ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ في الدَّانَقِ وَالدَّانَقَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ الدَّانَقُ وَالدَّانَقَانِ لَا يَمْنَعُ في الْفِضَّةِ وَيَمْنَعُ في الذَّهَبِ قال أبو الْمَعَالِي وهذا [هذا] أَوْجَهُ. وَقِيلَ يَضُرُّ النَّقْصُ الْيَسِيرُ في أَوَّلِ الْحَوْلِ أو وَسَطِهِ دُونَ آخِرَهُ. قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ الْيَسِيرُ ثُمَّ بَعْدَ ذلك يُؤَثِّرُ نَقْصُ ثَمَنٍ في رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وفي أُخْرَى في الْفِضَّةِ ثُلُثُ دِرْهَمٍ وفي أُخْرَى في الذَّهَبِ نِصْفُ مِثْقَالٍ وَلَا يُؤَثِّرُ الثُّلُثُ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ أَنَّ نِصَابَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ تَحْدِيدٌ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَعَنْهُ نِصَابُ ذلك تَقْرِيبٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُؤَثِّرُ نَحْوُ رَطْلَيْنِ وَمُدَّيْنِ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يُؤَثِّرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال وَجَعَلَهُ في الرِّعَايَةِ من فَوَائِدِ الْخِلَافِ. الثَّانِيَةُ لَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ دَاخِلَ الْكَيْلِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ وقال في التَّلْخِيصِ إذَا نَقَصَ ما لو وُزِّعَ على الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ ظَهَرَ فيها سَقَطَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ وَتَجِبُ فِيمَا زَادَ على النِّصَابِ بِالْحِسَابِ إلافي [إلا] السائمة [في]. لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في وَقْصِ السَّائِمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ تَجِبُ في وَقْصِهَا اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ. فَعَلَى هذا الْقَوْلِ لو تَلِفَ بَعِيرٌ من تِسْعَةِ أَبْعِرَةٍ أو مَلَكَهُ قبل التَّمَكُّنِ إنْ اعْتَبَرْنَا التَّمَكُّنَ سَقَطَ تِسْعُ شِيَاهٍ وَلَوْ تَلِفَ من التِّسْعِ سِتَّةٌ زَكَّى الْبَاقِيَ ثُلُثَ شَاةٍ. وَلَوْ كانت مَغْصُوبَةً فَأَخَذَ منها بَعِيرًا بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّاهُ بِتُسْعِ شَاةٍ. وَلَوْ كان بَعْضُهَا رَدِيئًا أو صِغَارًا كان الْوَاجِبُ وَسَطًا وَيُخْرِجُ من الْأَعْلَى بِالْقِيمَةِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ من فَوَائِدِهِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ في الصُّورَةِ الْأُولَى شَاةٌ وفي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وفي الثَّالِثَةِ خُمُسُهَا وفي الرَّابِعَةِ يَتَعَلَّقُ الْوَاجِبُ بِالْخِيَارِ وَيَتَعَلَّقُ الرَّدِيءُ بِالْوَقْصِ لِأَنَّهُ أحظ [أحط] وَاخْتَارَهُ أبو الْفَرَجِ أَيْضًا. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَيْضًا لو تَلِفَ عِشْرُونَ بَعِيرًا من أَرْبَعِينَ قبل التَّمَكُّنِ فَيَجِبُ على الْمَذْهَبِ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو كان عليه دَيْنٌ بِقَدْرِ الْوَقْصِ لم يُؤَثِّرْ في وُجُوبِ الشَّاةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّصَابِ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَاقْتَصَرَ عليه قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَفَوَائِدُ ذلك كَثِيرَةٌ.
فائدة: قال في الْفُرُوعِ في تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالزَّائِدِ على نِصَابِ السَّرِقَةِ احْتِمَالَانِ يَعْنِي أَنَّ الْقَطْعَ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْمَسْرُوقِ أو بِالنِّصَابِ منه فَقَطْ فَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ وَهِيَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ فَلَا زَكَاةَ في دَيْنِ الْكِتَابَةِ. هذا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا قال في الْفُرُوعِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ الْكِتَابَةِ وَفِيهِ رِوَايَةٌ بِصِحَّةِ الضَّمَانِ فَدَلَّ على الْخِلَافِ هُنَا انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا في السَّائِمَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَلَا في حِصَّةِ الْمُضَارِبِ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا. أَمَّا السَّائِمَةُ الْمَوْقُوفَةُ فَإِنْ كانت على مُعَيَّنِينَ كَالْأَقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ فَفِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فيها وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. أَحَدُهُمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فيها وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفَائِقِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّصُّ الْوُجُوبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا زَكَاةَ فيها قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عليه وَعَدَمِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على رِوَايَةِ الْمِلْكِ فَقَطْ قاله ابن تَمِيمٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ من عَيْنِهَا لِمَنْعِ نَقْلِ الْمِلْكِ في الْوَقْفِ فَيَخْرُجُ من غَيْرِهَا. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَإِنْ كانت السَّائِمَةُ أو غَيْرُهَا وَقْفًا على غَيْرِ مُعَيَّنٍ أو على الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَنَحْوِهَا لم تَجِبْ الزَّكَاةُ فيها وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً وَنَصَّ عليه فقال في أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ على الْمَسَاكِينِ لَا عُشْرَ فيها لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَصِيرُ إلَيْهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ.
فائدة: لو وَقَفَ أَرْضًا أو شَجَرًا على مُعَيَّنٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ مُطْلَقًا في الْغَلَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالتَّلْخِيصِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمُسْتَوْعِبِ وقال رِوَايَةً وَاحِدَةً وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ تَجِبُ مع غِنَى الْمَوْقُوفِ عليه دُونَ غَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ أبو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ ما نَقَلَهُ عَلِيُّ بن سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ. فَحَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَإِنْ حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابُ زَكَاةٍ وَإِلَّا خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في تَأْثِيرِ الْخَلْطِ في غَيْرِ السَّائِمَةِ على ما يَأْتِي.
فَوَائِدُ: منها لو أَوْصَى بِدَرَاهِمَ في وُجُوهِ الْبِرِّ أو لِيَشْتَرِيَ بها ما يُوقَفُ فَاتَّجَرَ بها [بهما] الموصي [الوصي] فَرِبْحُهُ مع أَصْلِ الْمَالِ فِيمَا وَصَّى بِهِ وَلَا زَكَاةَ فِيهِمَا وَإِنْ خَسِرَ ضَمِنَ النَّقْصَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ رِبْحُهُ إرْثٌ. وقال في الْمُؤَجَّرِ فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ إنْ رَبِحَ له أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَيَأْتِي ما إذَا بَنَى في الموصي بِوَقْفِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ وَقْفِهِ في كِتَابِ الْوَصَايَا في فَوَائِدِ ما إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَتَى يَثْبُتُ له الْمِلْكُ. وَمِنْهَا الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ يُزَكِّيهِ من حَالَ عليه الْحَوْلُ على مِلْكِهِ. وَمِنْهَا لو وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ لَا زَكَاةَ إنْ وَصَّى بها أَبَدًا فَيُعَايَى بها. وَأَمَّا حِصَّةُ الْمُضَارِبِ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ فذكر الْمُصَنِّفُ في وُجُوبِ الزَّكَاةِ فيها وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وقال إنَّ حِصَّةَ الْمُضَارِبِ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ لَا يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ أو يَمْلِكُهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ فَلَا زَكَاةَ فيها وَلَا يَنْعَقِدُ عليها الْحَوْلُ حتى تُقْسَمَ وَإِنْ قُلْنَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الظُّهُورِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا تَجِبُ فيها الزَّكَاةُ أَيْضًا وَلَا يَنْعَقِدُ عليها الْحَوْلُ قبل الْقِسْمَةِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْخِلَافِ وَالْمُجَرَّدِ وَذَكَرَهُ في الْوَسِيلَةِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فيها وَيَنْعَقِدُ عليها الْحَوْلُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ وَالْفَائِقِ وقال في الْفَائِقِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ وَالْمُخْتَارُ وُجُوبُهَا بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ حِصَّتِهِ نِصَابًا فَإِنْ كانت دُونَهُ انْبَنَى على الْخُلْطَةِ فيه على ما يَأْتِي وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا قبل الْقَبْضِ كَالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال في الْقَوَاعِدِ وَأَمَّا حَقُّ رَبِّ الْمَالِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ تَزْكِيَتُهُ بِدُونِ إذْنِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْآجُرِّيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَصِيرَ الْمُضَارِبُ شَرِيكًا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْخُلَطَاءِ. وَقِيلَ يَجُوزُ لِدُخُولِهِمَا على حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حُكْمِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِخْرَاجُهَا من الْمَالِ صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وأطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ.
فائدة: يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاةُ رَأْسِ مَالِهِ مع حِصَّتِهِ من الرِّبْحِ وَيَنْعَقِدُ عليها الْحَوْلُ بِالظُّهُورِ نَصَّ عليه زَادَ بَعْضُهُمْ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ وَقِيلَ قَبْضِهَا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَيُحْتَمَلُ سُقُوطُهَا قَبْلَهُ لِتَزَلْزُلِهَا انْتَهَى. وَأَمَّا حِصَّةُ الْمُضَارِبِ إذَا قُلْنَا لَا يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاتُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَحَكَى أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ عن الْقَاضِي يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ زَكَاتُهُ إذَا قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَامِلُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ في مَسْأَلَةِ الْمُزَارَعَةِ وَحَكَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَجْهًا وَصَحَّحَهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو ضَعِيفٌ قال في الْحَوَاشِي وهو بَعِيدٌ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَكِنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ.
فائدة: لو أَدَّاهَا رَبُّ الْمَالِ من غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ وَإِنْ أَدَّاهَا منه حُسِبَ من الْمَالِ وَالرِّبْحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا فَيَنْقُصُ رُبْعُ عُشْرِ رَأْسِ الْمَالِ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ يُحْسَبُ من الرِّبْحِ فَقَطْ وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ وَجَزَمَا بِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَوَاشِي وقال في الْكَافِي هِيَ من رَأْسِ الْمَالِ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عليه كَدَيْنِهِ وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ في الذِّمَّةِ فَمِنْ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ قُلْنَا في الْعَيْنِ فَمِنْ الرِّبْحِ فَقَطْ. قَوْلُهُ وَمَنْ كان له دَيْنٌ على ملىء [مليء] من صَدَاقٍ أو غَيْرِهِ زكاة إذَا قَبَضَهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ فَلَا يُزَكِّيهِ إذَا قَبَضَهُ وَعَنْهُ يُزَكِّيهِ إذَا قَبَضَهُ أو قبل قَبْضِهِ قال في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ في الْحَالِ وهو الْمُخْتَارُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ على ملىء [مليء] من شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ بَاذِلًا.
فائدة: الْحَوَالَةُ بِهِ وَالْإِبْرَاءُ منه كَالْقَبْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ جُعِلَا وَفَاءً فَكَالْقَبْضِ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ زكاة إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى. يَعْنِي من الْأَحْوَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَصْد بِبَقَائِهِ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ أو لَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُزَكِّيهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِنَاءً على أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ ولم يُوجَدْ فِيمَا مَضَى.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا يُجْزِيهِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ قبل قَبْضِهِ لِزَكَاةِ سِنِينَ وَلَوْ وَقَعَ التَّعْجِيلُ لِأَكْثَرَ من سَنَةٍ لِقِيَامِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا لم يَجِبْ الْأَدَاءُ رُخْصَةً. الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ مِائَةً نَقْدًا وَمِائَةً مُؤَجَّلَةً زَكَّى النَّقْدَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ وَزَكَّى الْمُؤَجَّلَ إذَا قَبَضَهُ. الثَّالِثَةُ حَوْلُ الصَّدَاقِ من حِينِ الْعَقْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ عَيْنًا كان أو دَيْنًا مُسْتَقِرًّا كان أو لَا نَصَّ عليه وكذا عِوَضُ الْخُلْعِ وَالْأُجْرَةِ. وَعَنْهُ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ من حِينِ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ. وَعَنْهُ لَا زَكَاةَ في الصَّدَاقِ قبل الدُّخُولِ حتى يُقْبَضَ فَيَثْبُتُ الِانْعِقَادُ وَالْوُجُوبُ قبل الْحَوْلِ قال الْمَجْدُ بِالْإِجْمَاعِ مع احْتِمَالِ الِانْفِسَاخِ. وَعَنْهُ تَمْلِكُ قبل الدُّخُولِ نِصْفَ الصَّدَاقِ. وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا في اعْتِبَارِ الْقَبْضِ في كل دَيْنٍ إذَا كان في غَيْرِ مُقَابَلَةِ مَالٍ أو مَالٌ زكوى عِنْدَ الْكُلِّ كَمُوصًى بِهِ وَمَوْرُوثٍ وَثَمَنِ مَسْكَنٍ. وَعَنْهُ لَا حَوْلَ لأجره فَيُزَكِّيهِ في الْحَالِ كَالْمَعْدِنِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِأُجْرَةِ الْعَقَارِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا نَظَرًا إلَى كَوْنِهَا غَلَّةَ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ له. وَعَنْهُ أَيْضًا لَا حَوْلَ لِمُسْتَفَادٍ وَذَكَرَهَا أبو الْمَعَالِي فِيمَنْ بَاعَ سَمَكًا صَادَهُ بِنِصَابِ زَكَاةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ قبل الْقَبْضِ. الرَّابِعَةُ لو كان عليه دَيْنٌ من بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا زَكَاةَ لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ فيها فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا وَكَذَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تَجِبُ فيها الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا لم تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا لِأَنَّ الْإِبِلَ في الذِّمَّةِ فيها أَصْلٌ أو أَحَدُهَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ من صَدَاقٍ أو غَيْرِهِ الْقَرْضَ وَدَيْنَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَكَذَا الْمَبِيعُ قبل الْقَبْضِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ عنه أو زَالَ أو انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِ مَطْعُومٍ قبل قَبْضِهِ. وَيُزَكَّى الْمَبِيعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أو في خِيَارِ الْمَجْلِسِ من حُكِمَ له بِمِلْكِهِ وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ. وَيُزَكَّى أَيْضًا دَيْنُ السَّلَمِ إنْ كان لِلتِّجَارَةِ ولم يَكُنْ أَثْمَانًا. وَيُزَكَّى أَيْضًا ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ قبل قَبْضِ عِوَضِهِمْ وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في مِلْكٍ تَامٍّ مَقْبُوضٍ وَعَنْهُ أو مُمَيَّزٍ لم يُقْبَضْ ثُمَّ قال قُلْت وَفِيمَا صَحَّ تَصَرُّفُ رَبِّهِ فيه قبل قَبْضِهِ أو ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ وفي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَرَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ قبل قَبْضِ عِوَضِهِمَا. وَدَيْنُ السَّلَمِ إنْ كان لِلتِّجَارَةِ ولم يَكُنْ أَثْمَانًا وفي الْمَبِيعِ في مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْل الْقَبْضِ رِوَايَتَانِ. وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فيه خِيَارٌ منه فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ في قَدْرِهِ وفي قِيمَتِهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وفي أَيِّهِمَا تُقْبَلُ. قَوْلُهُ وفي قِيمَةِ الْمُخْرَجِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. قُلْت الصَّوَابُ قَوْلُ الْمُخْرَجِ. فَأَمَّا مَبِيعٌ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ وَلَا مُتَمَيِّزٍ فَيُزَكِّيهِ الْبَائِعُ. الْخَامِسَةُ كُلُّ دَيْنٍ سَقَطَ قبل قَبْضِهِ ولم يَتَعَوَّضْ عنه تَسْقُطُ زَكَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ هل يُزَكِّيهِ من سَقَطَ عنه يُخَرَّجُ على رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ رَبُّهُ زَكَاةٌ نَصَّ عليه وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَالْإِبْرَاءِ من الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ يُزَكِّيهِ الْمُبَرَّأُ من الدَّيْنِ لِأَنَّهُ مُلِكَ عليه وَقِيلَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ عِوَضًا أو أَحَالَ أو احْتَالَ زَادَ بَعْضُهُمْ وَقُلْنَا الْحَوَالَةُ وَفَاءٌ زَكَّاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَعَيْنٍ وَهَبَهَا وَعَنْهُ زَكَاةُ التَّعْوِيضِ على الدَّيْنِ وَقِيلَ في ذلك وفي الْإِبْرَاءِ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا الْمَدِينَ. السَّادِسَةُ الصَّدَاقُ في هذه الْأَحْكَامِ كَالدَّيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ سُقُوطُهُ كُلُّهُ لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ من جِهَتِهَا كَإِسْقَاطِهَا وَإِنْ زَكَّتْ صَدَاقَهَا قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فيه غَيْرُ تَامٍّ. وَقِيلَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا قبل الدُّخُولِ. هذا إذَا كان في الذِّمَّةِ أَمَّا إنْ كان مُعَيَّنًا فإن الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ من حِينِ الْمِلْكِ نَصَّ عليه انْتَهَى. وَإِنْ زَكَّتْ صَدَاقَهَا كُلَّهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ بِطَلَاقٍ رَجَعَ فِيمَا بَقِيَ بِكُلِّ حَقِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ كان مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَقِيمَةُ حَقِّهِ. وَقِيلَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ ما بَقِيَ وَنِصْفِ بَدَلِ ما أَخْرَجَتْ. وَقِيلَ يُخَيَّرُ بين ذلك وَنِصْفِ قِيمَةِ ما أَصْدَقَهَا يوم الْعَقْدِ أو مثله وَلَا تُجْزِيهَا زَكَاتُهَا منه بَعْدَ طَلَاقِهِ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. وَقِيلَ بَلَى عن حَقِّهَا وَتَغْرَمُ له نِصْفَ ما أَخْرَجَتْ وَمَتَى لم تُزَكِّهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ كَامِلًا وَتُزَكِّيهِ هِيَ. فَإِنْ تَعَذَّرَ فقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ وقال في الرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ وَيَرْجِعُ عليها إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ وَقِيلَ أو بِالذِّمَّةِ.
فائدة: لو وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا لم تَسْقُطْ عنها الزَّكَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ تَجِبُ على الزَّوْجِ وفي الْكَافِي احْتِمَالٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ عليها. قَوْلُهُ وفي الدَّيْنِ على غَيْرِ الملىء [المليء] وَالْمُؤَجَّلِ وَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ وَالضَّائِعِ رِوَايَتَانِ. وَكَذَا لو كان على مُمَاطِلٍ أو كان الْمَالُ مَسْرُوقًا أو مَوْرُوثًا أو غَيْرَهُ جَهِلَهُ أو جَهِلَ عِنْدَ من هو وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَذْهَبُ الْأَحْمَدُ وَالْمُحَرَّرِ. إحْدَاهُمَا كَالدِّينِ على الملىء [المليء] فَتَجِبُ الزَّكَاةُ في ذلك كُلِّهِ إذَا قَبَضَهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ وأبو الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَنَصَرَهَا أبو الْمَعَالِي وقال اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ. وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الْمُؤَجَّلِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَالْإِبْرَاءِ وَشَمِلَهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَقَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا زَكَاةَ فيه بِحَالٍ صَحَّحَهَا في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ في غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ وَاخْتَارَهَا ابن شِهَابٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ. وَقِيلَ تَجِبُ في الْمَدْفُونِ في دَارِهِ وفي الدَّيْنِ على الْمُعْسِرِ وَالْمُمَاطِلِ وَجَزَمَ في الْكَافِي بِوُجُوبِهَا في وَدِيعَةٍ جَهِلَ عِنْدَ من هِيَ. وَعَلَيْهِ ما لَا يُؤْمَلُ رُجُوعُهُ كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ لَا زَكَاةَ فيه وما يُؤْمَلُ رُجُوعُهُ كَالدَّيْنِ على الْمُفْلِسِ أو الْغَائِبُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ فيه الزَّكَاةُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذه أَقْرَبُ. وَعَنْهُ إنْ كان الذي عليه الدَّيْنُ يؤدى زَكَاتَهُ فَلَا زَكَاةَ على رَبِّهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ نَصَّ عليه في الْمَجْحُودِ ذَكَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يزكى ذلك كُلَّهُ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى من السِّنِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمُوا بِهِ. وقال أبو الْفَرَجِ في الْمُبْهِجِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ في الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ فَهَلْ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ ذلك في بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ الْمَجْحُودُ يعنى سَوَاءً كان مَجْحُودًا بَاطِنًا أو ظَاهِرًا أو ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَيَّدَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ بِالْمَجْحُودِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وقال أبو الْمَعَالِي ظَاهِرًا.
فَوَائِدُ:
منها لو كان بِالْمَجْحُودِ بَيِّنَةٌ وَقُلْنَا لَا تَجِبُ في الْمَجْحُودِ فَفِيهِ هُنَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وقال ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. أَحَدُهُمَا تَجِبُ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. الثَّانِي لَا تَجِبُ. وَمِنْهَا لو وَجَبَتْ في نِصَابٍ بَعْضُهُ دَيْنٌ على مُعْسِرٍ أو غَصْبٌ أو ضَالٌّ وَنَحْوُهُ فَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ ما بيده قبل قَبْضِ الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. أَحَدُهُمَا يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ ما بيده وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ فَلَوْ كانت إبِلًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ منها خَمْسٌ مَغْصُوبَةٌ أَرْضًا أَخْرَجَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بِنْتَ مَخَاضٍ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ حتى يَقْبِضَ ذلك فَعَلَى هذا الْوَجْهِ لو كان الدَّيْنُ على ملىء [مليء] فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ. وَمِنْهَا لو قَبَضَ شيئا من الدَّيْنِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ وَلَوْ لم يَبْلُغْ نِصَابًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي طَالِبٍ وابن مَنْصُورٍ وقال يُخْرِجُ زَكَاتَهُ بِالْحِسَابِ وَلَوْ أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ لَا يَلْزَمُهُ ما لم يَكُنْ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا أو يَصِيرُ ما بيده ما يُتَمِّمُ بِهِ نِصَابًا. وَمِنْهَا يَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ منه على الْغَاصِبِ بِالزَّكَاةِ لِنَقْصِهِ بيده كَتَلَفِهِ. وَمِنْهَا لو غُصِبَ رَبُّ الْمَالِ بِأَسْرٍ أو حَبْسٍ وَمُنِعَ من التَّصَرُّفِ في مَالِهِ لم تَسْقُطْ زَكَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فيه وَقِيلَ تَسْقُطُ. قَوْلُهُ وقال الْخِرَقِيُّ وَاللُّقَطَةُ إذَا جاء رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلْحَوْلِ الذي كان الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا منها. اللُّقَطَةُ قبل أَنْ يَعْلَمَ بها رَبُّهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَالِ الضَّائِعِ على ما تَقَدَّمَ خِلَافًا. وَمَذْهَبًا وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فيها إذَا وَجَدَهَا رَبُّهَا لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْخِرَقِيُّ تَأْكِيدًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذَكَرَهُ. فَوَائِدَ. إذَا مَلَكَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ اسْتَقْبَلَ بها حَوْلًا وَزَكَّاهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَدِينٌ بها وحكى عن الْقَاضِي لَا زَكَاةَ فيها نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَلَكَهَا مَضْمُونَةً عليه بِمِثْلِهَا أو قِيمَتِهَا فَهِيَ دَيْنٌ عليه في الْحَقِيقَةِ انْتَهَى وَلِذَلِكَ قال ابن عَقِيلٍ لَكِنْ نَظَرًا إلَى عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فيها انْتَهَى. فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لو مَلَكَ قَدْرَ ما يُقَابِلُ قَدْرَ عِوَضِهَا زَكَّى على الصَّحِيحِ. وَقِيلَ لَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لها وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَقِيلٍ. وإذا مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ وَزَكَّاهَا فَلَا زَكَاةَ إذَنْ على رَبِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ بَلَى وَهَلْ يُزَكِّيهَا رَبُّهَا حَوْلَ التَّعْرِيفِ أو بَعْدَهُ إذا لم [لما] يَمْلِكُهَا الْمُلْتَقِطُ فيه الرِّوَايَتَانِ في الْمَالِ الضَّالِّ. وَإِنْ لم يَمْلِكْ اللُّقَطَةَ وَقُلْنَا له أَنْ يَتَصَدَّقَ بها لم يَضْمَنْ حتى يَخْتَارَ ربها [بها] الضَّمَانَ فَتَثْبُتُ حِينَئِذٍ في ذِمَّتِهِ كَدَيْنٍ تَجَدَّدَ فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُلْتَقِطُ زَكَاتَهَا عليه منها ثُمَّ أَخَذَهَا رَبُّهَا رَجَعَ عليه بِمَا أَخْرَجَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي لَا يَرْجِعُ عليه إنْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ رَبَّهَا زَكَاتُهَا قال في الرِّعَايَةِ لِوُجُوبِهَا على الْمُلْتَقِطِ إذَنْ. قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةَ في مَالِ من عليه دَيْنٌ يُنْقِصُ النِّصَابَ. هذا الْمَذْهَبُ إلَّا ما اسْتَثْنَى وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يَمْنَعُ الدَّيْنُ الْحَالُّ خَاصَّةً جَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ إلَّا في الْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي. في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَمْنَعُ أَيْضًا وَهِيَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قال ابن أبي مُوسَى هذا الصَّحِيحُ من مَذْهَبِ أَحْمَدَ. قُلْت اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْحَلْوَانِيُّ وابن الْجَوْزِيِّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ يَمْنَعُ ما اسْتَدَانَهُ لِلنَّفَقَةِ على ذلك أو كان ثَمَنُهُ وَلَا يَمْنَعُ ما اسْتَدَانَهُ لِمُؤْنَةِ نَفْسِهِ أو أَهْلِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الْمَنْعِ ما لَزِمَهُ من مُؤْنَةِ الزَّرْعِ من أُجْرَةِ حَصَادٍ وَكِرَاءِ أَرْضٍ وَنَحْوِهِ يَمْنَعُ نَصَّ عليه وَذَكَرَه ابن أبي مُوسَى وقال رِوَايَةً وَاحِدَةً وَتَبِعَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَحَكَى أبو الْبَرَكَاتِ رِوَايَةً أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ في الظَّاهِرِ مُطْلَقًا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لم أَجِدْ بها نَصًّا عن أَحْمَدَ انْتَهَى. وَعَنْهُ يَمْنَعُ خَلَا الْمَاشِيَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى في الْأَمْوَالِ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فَالظَّاهِرَةُ ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ من الْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي وَكَذَا الثِّمَارُ وَالْبَاطِنَةُ كَالْأَثْمَانِ وَقِيمَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ هِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَقَطْ انْتَهَى. وَهَلْ الْمَعْدِنُ من الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أو الْبَاطِنَةِ فيه وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. أَحَدُهُمَا هو من الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشِّيرَازِيِّ على ما تَقَدَّمَ. الثَّانِي هو من الْأَمْوَالِ الباطنة [الباطنية]. قُلْت وهو الصَّوَابُ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأَثْمَانِ وَقِيمَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ. قال في الْمُغْنِي الْأَمْوَالُ الظَّاهِرَةُ السَّائِمَةُ وَالْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ قال في الْفَائِقِ وَالْمَنْعُ في الْمَعْدِنِ وَقِيلَ لَا. الثَّانِيَةُ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ خُمُسَ الزَّكَاةِ بِلَا نِزَاعٍ. الثَّالِثَةُ لو تَعَلَّقَ بِعَبْدِ تِجَارَةٍ أَرْشُ جِنَايَةٍ مَنَعَ الزَّكَاةَ في قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ جَبْرًا لَا مُوَاسَاةً بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ كَالدَّيْنِ منهم صَاحِبُ الْفُرُوعِ في حَوَاشِيهِ. الرَّابِعَةُ لو كان له عَرَضُ قُنْيَةٍ يُبَاعُ لو أَفْلَسَ يفي [بقي] بِمَا عليه من الدَّيْنِ جُعِلَ في مُقَابَلَةِ ما عليه من الدَّيْنِ وَزَكَّى ما معه من الْمَالِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قال الْقَاضِي هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ أبو الْمَعَالِي اعْتِبَارًا بِمَا فيه الْحَظَّ لِلْمَسَاكِينِ. وَعَنْهُ يُفْعَلُ في مُقَابَلَةِ ما معه وَلَا يُزَكِّيهِ صَحَّحَه ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَوَاشِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفَائِقِ وَيَنْبَنِي على هذا الْخِلَافِ ما إذَا كان بيده أَلْفٌ وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ على ملىء [مليء] وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فإنه يُزَكِّي ما معه على الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ هُنَا جَعَلَ الدَّيْنَ مُقَابِلًا لِمَا في يَدِهِ وَقَالُوا نَصَّ عليه ثُمَّ قالوا أو قِيلَ مُقَابِلًا لِلدَّيْنِ. الْخَامِسَةُ لو كان له عَرَضُ تِجَارَةٍ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الذي عليه وَمَعَهُ عَيْنٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الذي عليه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْعَلُ الدَّيْنُ في مُقَابَلَةِ الْعَرَضِ وَيُزَكِّي ما معه من الْعَيْنِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي الْحَارِثِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي وابن تَمِيمٍ. وَقِيلَ إنْ كان فِيمَا معه من الْمَالِ الزَّكَوِيِّ جِنْسَ الذي جُعِلَ في مُقَابَلَتِهِ وَحَكَاه ابن الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً وَتَابَعَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْأَحَظُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ مُطْلَقًا فَمَنْ له مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ جَعَلَ الدَّنَانِيرَ قُبَالَةَ دَيْنِهِ وَزَكَّى ما معه وَمَنْ له أَرْبَعُونَ شَاةً وَعَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ وَدَيْنُهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا جَعَلَ قُبَالَةَ دَيْنِهِ الْغَنَمَ وَزَكَّى شَاتَيْنِ. السَّادِسَةُ دَيْنُ الْمَضْمُونِ عنه يَمْنَعُ الزَّكَاةَ بِقَدْرِهِ في مَالِهِ دُونَ الضَّامِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي. السَّابِعَةُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْمَالِ الذي حَجَرَ عليه الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ تَشْبِيهًا لِلْمَنْعِ الشَّرْعِيِّ بِالْمَنْعِ الْحِسِّيِّ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وقال الْأَزَجِيُّ في النِّهَايَةِ هذا بَعِيدٌ بَلْ إلْحَاقُهُ بِمَالِ الدُّيُونِ أَقْرَبُ اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ. وَقِيلَ إنْ كان الْمَالُ سَائِمَةً زَكَّاهَا لِحُصُولِ النَّمَاءِ وَالنِّتَاجِ من غَيْرِ تَصَرُّفٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وقال أبو الْمَعَالِي إنْ قَضَى الْحَاكِمُ دُيُونَهُ من مَالِهِ ولم يَفْضُلْ شَيْءٌ من مَالِهِ فَهُوَ الذي مَلَكَ نِصَابًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قال وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ غَرِيمٍ بَعْضَ أَعْيَانِ مَالِهِ فَلَا زَكَاةَ عليه مع بَقَاءِ مِلْكِهِ لِضَعْفِهِ بِتَسْلِيطِ الْحَاكِمِ لِغَرِيمِهِ على أَخْذِ حَقِّهِ انْتَهَى وَإِنْ حَجَر عليه بَعْدَ وُجُوبِهَا لم تَسْقُطْ الزَّكَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَسْقُطُ إنْ كان قبل تَمَكُّنِهِ من الْإِخْرَاجِ قال في الْحَوَاشِي وابن تَمِيمٍ وهو بَعِيدٌ وَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَهَا من الْمَالِ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال ابن تَمِيمٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَمْلِكَ ذلك كَالرَّاهِنِ وَهُمَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فإنه قال لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بها وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَحْجُورِ عليه بِالزَّكَاةِ وَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ ذَكَرَهُ. الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وأبو الْمَعَالِي وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ كما لو صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ. وَيَأْتِي زَكَاةُ الْمَرْهُونِ في فَوَائِدِ الْخِلَافِ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ. قَوْلُهُ وَالْكَفَّارَةُ كَالدَّيْنِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَحَكَاهُمَا أَكْثَرُهُمْ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَوَاشِي وابن تَمِيمٍ وَالْمُحَرَّرِ إذَا لم يَمْنَعْ دَيْنُ الْآدَمِيِّ الزَّكَاةَ فَدَيْنُ اللَّهِ من الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَدَيْنِ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ لَا يَمْنَعُ بِطَرِيقِ أَوْلَى وَإِنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَهَلْ يَمْنَعُ دَيْنَ اللَّهِ فيه الْخِلَافُ. أَحَدُهُمَا هو كَالدَّيْنِ الذي لِلْآدَمِيِّ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَأَتْبَاعِهِ وَجَزَمَ بِه ابن الْبَنَّا في خِلَافِهِ في الْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وقال نَصَّ عليه وهو الذي احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي في الْكَفَّارَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ وَدَيْنُ الْحَجِّ وَنَحْوُهُ كَالْكَفَّارَةِ كما تَقَدَّمَ وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْخَرَاجُ من دَيْنِ اللَّهِ وَتَابَعَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ الْقَاضِي وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا فَفِيهِ الْخِلَافُ في إلْحَاقِهِ بِدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ. وَأَمَّا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَقَدَّمَ الْخَرَاجَ على الزَّكَاةِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْخَرَاجُ مُلْحَقٌ بِدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ. وَالثَّانِي لو كان الدَّيْنُ زَكَاةً هل يَمْنَعُ عِنْدَ قَوَاعِدِ الْخِلَافِ في الزَّكَاةِ هل تَجِبُ في الْمُعَيَّنِ أو في الذِّمَّةِ. الثَّانِيَةُ لو قال لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بهذا أو هو صَدَقَةٌ فَحَال الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن حَامِدٍ فيه الزَّكَاةُ فقال. في قَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت من هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ فشفي ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ قبل أَنْ يَتَصَدَّقَ بها وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وقال في الرِّعَايَةِ إنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِنِصَابٍ مُعَيَّنٍ وَقِيلَ أو قال جَعَلْته ضَحَايَا فَلَا زَكَاةَ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهَا إذَا تَمَّ حَوْلُهُ قَبْلَهَا انْتَهَى. وَلَوْ قال عَلَيَّ لِلَّهِ أَنْ أَتَصَدَّقَ بهذا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقِيلَ هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ تُجْزِئُهُ الزَّكَاةُ منه على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا من الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا لِكَوْنِ الزَّكَاةِ صَدَقَةً وَكَذَا لو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ هل يُخْرِجُهُمَا أو يُدْخِلُ النَّذْرَ في الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا وقال ابن تَمِيمٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمَا مَعًا وَقِيلَ يُدْخِلُ النَّذْرَ في الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا مَعًا انْتَهَى. قَوْلُهُ الْخَامِسُ مُضِيُّ الْحَوْلِ شَرْطٌ إلَّا في الْخَارِجِ من الْأَرْضِ. فَيُشْتَرَطُ مُضِيُّ الْحَوْلِ في الْأَثْمَانِ وَالْمَاشِيَةِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاطُ مُضِيِّ الْحَوْلِ كَامِلًا وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي لَكِنْ ذَكَرَهُ إذَا كان النَّقْصُ في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْفَى عن سَاعَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ. قُلْت عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ . وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ أَقَلُّ من مُعْظَمِ الْيَوْمِ وقال في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَلَا يُؤَثِّرُ نَقْصٌ دُونَ الْيَوْمِ وَقِيلَ يُعْفَى عن نِصْفِ يَوْمٍ وقال أبو بَكْرٍ يُعْفَى عن يَوْمٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ كما قال وقد تَقَدَّمَ لَفْظُهُ. وَقِيلَ يُعْفَى عن يَوْمَيْنِ وَقِيلَ الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وقال في الرَّوْضَةِ يُعْفَى عن أَيَّامٍ قال في الْفُرُوعِ فَإِمَّا أَنَّ مُرَادَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لِقِلَّتِهَا وَاعْتِبَارِهَا في مَوَاضِعَ أو ما لم يُعَدَّ كَثِيرًا عُرْفًا. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ طَرَفَا الْحَوْلِ خَاصَّةً في الْعُرُوضِ خَاصَّةً. قَوْلُهُ فإذا اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فيه حتى يَتِمَّ عليه الْحَوْلُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ إلَّا ما اسْتَثْنَى وَسَوَاءٌ كان الْمُسْتَفَادُ من جِنْسِ ما يَمْلِكُهُ أو لَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وحكى عنه رِوَايَةٌ في الْأُجْرَةِ أنها تَتْبَعُ الْمَالَ الذي من جِنْسِهَا.
فائدة: يُضَمُّ الْمُسْتَفَادُ إلَى نِصَابٍ بيده من جِنْسِهِ أو في حُكْمِهِ وَيُزَكَّى كُلُّ مَالٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يعتبر [ويعتبر] النِّصَابُ في الْمُسْتَفَادِ أَيْضًا. قَوْلُهُ إلَّا نِتَاجَ السَّائِمَةِ وَرِبْحَ التِّجَارَةِ فإن حَوْلَهُمَا حَوْلُ أَصْلِهِمَا إنْ كان نِصَابًا وَإِنْ لم يَكُنْ نِصَابًا فَحَوْلُهُ من حِينِ كَمُلَ النِّصَابُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ حَوْلُهُ من حين مَلَكَ الْأُمَّاتِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ. وَقِيلَ حَوْلُ النِّتَاجِ مُنْذُ كَمَّلَ أُمَّهَاتُهُ نِصَابًا وَحَوْلُ أُمَّهَاتِهِ مُنْذُ مَلَكَهُنَّ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا وَاحْتِمَالًا في رِبْحِ التِّجَارَةِ أَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ أَصْلِهِ. قُلْت قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ عنه إذَا كَمُلَ النِّصَابُ بِالرِّبْحِ فَحَوْلُهُ من حين مَلَكَ الْأَصْلَ كَالْمَاشِيَةِ في رِوَايَةٍ. فَعَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ لو أَبْدَلَ بَعْضَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ من جِنْسِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً بِأَرْبَعِينَ اُحْتُمِلَ أَنْ يَنْبَنِيَ على حَوْلِ الْأُولَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْحَوْلَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَرِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قُلْت الصَّوَابُ الثَّانِي من الِاحْتِمَالَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا صِغَارًا انْعَقَدَ عليه الْحَوْلُ من حين مَلَكَهُ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ حتى يَبْلُغَ سِنًّا يُجْزِئُ مِثْلُهُ في الْوَاجِبِ وَحَكَى بن تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قال في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْحِقَاقِ وفي بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَاللَّبُونِ بِنَاءً على أَصْلِ السِّخَالِ وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا زَكَاةَ في بَنَاتِ الْمَخَاضِ حتى تكون [يكون] فيها كَبِيرَةٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَغَذَّتْ بِاللَّبَنِ فَقَطْ لم تَجِبْ لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ تَجِبُ لِوُجُوبِهَا فيه تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ كما تَتْبَعُهَا في الْحَوْلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن تَمِيمٍ وَهُمَا احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا ابن عَقِيلٍ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَنْقَطِعُ ما لم يَبْقَ وَاحِدَةً من الْأُمَّاتِ نَصَّ عليه وهو الصَّحِيحُ عليها وَقِيلَ يَنْقَطِعُ ما لم يَبْقَ نِصَابٌ من الْأُمَّاتِ. قَوْلُهُ وَمَتَى نَقَصَ النِّصَابُ في بَعْضِ الْحَوْلِ. انْقَطَعَ الْحَوْلُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لو انْقَطَعَ في أَثْنَاءِ حَوْلِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وكان كَامِلًا في أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ . قَوْلُهُ أو بَاعَهُ أو أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ. هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ أَبْدَلَهُ لَا بمثله مِمَّا فيه الزَّكَاةُ انْقَطَعَ على الْأَصَحِّ قال في الْقَوَاعِدِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ رِوَايَةً بِالْبِنَاءِ في الْإِبْدَالِ من غَيْرِ الْجِنْسِ مُطْلَقًا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِإِبْدَالِ نِصَابِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أو بِالْعَكْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَكُونُ ذلك مُسْتَثْنًى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ من عَدَمِ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَإِخْرَاجِهِ عنه قال ابن تَمِيمٍ. إبْدَالُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخِرِ يَنْبَنِي على الضَّمِّ قال في الْقَوَاعِدِ فيه رِوَايَتَانِ قال الزَّرْكَشِيُّ طَرِيقَةُ أبي مُحَمَّدٍ وَطَائِفَةٍ وَصَحَّحَهَا أبو الْعَبَّاسِ مَبْنِيَّةٌ على الضَّمِّ وَطَرِيقَةُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ منهم الْمَجْدُ أَنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ مُطْلَقًا وَإِنْ لم نَقُلْ بِالضَّمِّ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ عِنْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي وَتَبِعَهُ في شَرْحِ الْمُذْهَبِ يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ قال ابن تَمِيمٍ وَنَصَّ أَحْمَدُ على مِثْلُهُ. الثَّانِيَةُ لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ في أَمْوَالِ الصَّيَارِفَةِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِهَا فِيمَا يَنْمُو أو وُجُوبُهَا في غَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ وَهَذَا أَيْضًا يَكُونُ مُسْتَثْنًى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا قُصِدَ بِالْبَيْعِ أو الْهِبَةِ أو الْإِتْلَافِ أو نَحْوِهِ الْفِرَارُ من الزَّكَاةِ لم تَسْقُطْ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ في مُفْرَدَاتِهِ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالتَّحَيُّلِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ كما في بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ. قُلْت وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ وَأُصُولُهُ تَأْبَى ذلك. فَعَلَى الْمَذْهَبِ اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ ذلك عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ. وَقَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ عَدَمَ السُّقُوطِ إذَا فَعَلَهُ فَارًّا قِبَلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ أو يَوْمٍ فَأَكْثَرَ وفي كَلَامِ الْقَاضِي بِيَوْمَيْنِ أو يَوْمٍ وَقِيلَ بِشَهْرَيْنِ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ مُطْلَقًا لم تَسْقُطْ وَسَوَاءٌ كان في أَوَّلِ الْحَوْلِ أو وَسَطِهِ أو آخِرِهِ قال وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَلِهَذَا. قال ابن عَقِيلٍ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وهو الْغَالِبُ على كَلَامِ كَثِيرٍ من الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ من الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ عَقِيلٍ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وقال في الْفَائِقِ نَصَّ أَحْمَدُ على وُجُوبِهَا فِيمَنْ بَاعَ قبل الْحَوْلِ بِنِصْفِ عَامٍ. قال ابن تَمِيمٍ وَالصَّحِيحُ تَأْثِيرُ ذلك بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْحَوْلِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ لَا أَوَّلَ الْحَوْلِ لِنُدْرَتِهِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي في اول الْحَوْلِ نَظَرٌ وقال أَيْضًا في أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ لم يُوجَدْ لِرَبِّ الْمَالِ الْغَرَضُ وهو التَّرَفُّهُ بِأَكْثَرِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ وَحُصُولُ النَّمَاءِ فيه.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا يُزَكَّى من جِنْسِ الْمَبِيعِ لِذَلِكَ الْحَوْلِ فَقَطْ إذَا قَصَدَ الْفِرَارَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ إنْ أَبْدَلَهُ بِعَقَارٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَتْ زَكَاةُ كل حَوْلٍ وَسَأَلَه ابن هَانِئٍ فِيمَنْ مَلَكَ نِصَابَ غَنَمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَاعَهَا فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ قال إذَا فَرَّ بها من الزَّكَاةِ زَكَّى ثَمَنَهَا إذَا حَالَ عليها الْحَوْلُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ. الثَّانِيَةُ لو [له] ادَّعَى أَنَّهُ لم يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَ الْفِرَارَ من الزَّكَاةِ قُبِلَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وفي الْحُكْمِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. قُلْت الْأَوْلَى أَنَّهُ إنْ عُرِفَ بِقَرَائِنَ أَنَّهُ قَصَدَ الْفِرَارَ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَإِلَّا قُبِلَ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ من جِنْسِهِ بَنَى على حَوْلِهِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَنْقَطِعَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ كَالْجِنْسَيْنِ. قال ابن تَمِيمٍ لم يَنْقَطِعْ على الْأَصَحِّ وَقَاسَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي. وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ الْبِنَاءُ على الْحَوْلِ الْأَوَّلِ في هذه الْمَسْأَلَةِ على عُرُوضِ التِّجَارَةِ تُبَاعُ بِنَقْدٍ أو تُشْتَرَى بِهِ فإنه يبنى وَحَكَى الْخِلَافَ.
تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ عَبَّرَ في هذه الْمَسْأَلَةِ بِالْبَيْعِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِالْإِبْدَالِ قال في الْفُرُوعِ وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَعَبَّرَ الْقَاضِي بِالْإِبْدَالِ ثُمَّ قال نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن سَعِيدٍ في الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ فَيَبِيعُهَا بِضَعْفِهَا من الْغَنَمِ هل يُزَكِّيهَا أَمْ يُزَكِّي الْأَصْلَ فقال بَلْ يُعْطِي زَكَاتَهَا لِأَنَّ نَمَاءَهَا منها. وقال أبو الْمَعَالِي الْمُبَادَلَةُ هل هِيَ بَيْعٌ فيه رِوَايَتَانِ ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّهُ بِجَوَازِ إبْدَالِ الْمُصْحَفِ لَا بَيْعِهِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ وَالْمُبَادَلَةُ مُعَاطَاةٌ وَأَنَّ هذا أَشْبَهُ قال فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْقَطَعَ الْحَوْلُ كَلَفْظِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ. نعم الْمُبَادَلَةُ تَدُلُّ على وَضْعِ شَيْءٍ مُمَاثِلٍ له كَالتَّيَمُّمِ عن الْوُضُوءِ فَكُلُّ بَيْعٍ مُبَادَلَةٌ وَلَا عَكْسَ انْتَهَى. وقال أبو بَكْرٍ في الْمُبَادَلَةِ هل هِيَ بَيْعٌ أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي ذلك وقال هِيَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَه ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَيَأْتِي هذا في أَوَائِلِ كِتَابِ الْبَيْعِ عِنْدَ حُكْمِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ.
فائدة: لو زَادَ بِالِاسْتِبْدَالِ تَبِعَ الْأُصُولَ في الْحَوْلِ أَيْضًا نَصَّ عليه كَنِتَاجٍ فَلَوْ أَبْدَلَ مِائَةَ شَاةٍ بِمِائَتَيْنِ لَزِمَهُ زَكَاةُ مِائَتَيْنِ إذَا حَالَ حَوْلُ الْمِائَةِ نَصَّ عليه وقال أبو الْمَعَالِي يَسْتَأْنِفُ لِلزَّائِدِ حَوْلًا وقال في الِانْتِصَارِ إنْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بَنَى أَوْمَأَ إلَيْهِ ثُمَّ سَلَّمَهُ وَفَرَّقَ وقال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ لَا يبنى في الْأَصَحِّ.
فائدة: لو أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ رَدَّ عليه بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ إذَا أَبْدَلَ نِصَابًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ رَدَّ عليه بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ يَنْبَنِي على الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا لم تَحْصُلْ الْمُبَادَلَةُ بَيْعًا وفي نُسْخَةٍ إذَا لم نَقُلْ الْمُبَادَلَةُ بيعا [بيع] وَلَوْ أَبْدَلَ نِصَابَ سَائِمَةٍ بمثله ثُمَّ ظَهَرَ فيه على عَيْبٍ بَعْدَ أَنْ. وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وقال ابن حَامِدٍ إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ فَرَدَّ عليه فَزَكَاتُهُ عليه فَإِنْ خَرَجَ من النِّصَابِ فَلَهُ رَدُّ ما بَقِيَ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ يَتَعَيَّنُ له الْأَرْشُ. قُلْت هذا الْمَذْهَبُ على ما يَأْتِي في خِيَارِ الْعَيْبِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ لو اخْتَلَفَا في قِيمَةِ الْمُخْرَجِ كان الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُخْرِجِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعُ على ما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وإذا تَمَّ الْحَوْلُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ في عَيْنِ الْمَالِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ. قال الْجُمْهُورُ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ حَكَاهُ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هِيَ الظَّاهِرَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَالْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ تَجِبُ في الذِّمَّةِ قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. قال ابن عَقِيلٍ هو الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وقال رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَنِهَايَتُهُ وَنَظْمُهَا وَاخْتَارَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَقِيلَ تَجِبُ في الذِّمَّةِ وَتَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَوَقَعَ ذلك في كَلَامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. قال في الْقَوَاعِدِ وفي كَلَامِ أبي بَكْرٍ إشْعَارٌ بتنزيل [بتزيل] الرِّوَايَتَيْنِ على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَهُمَا يَسَارُ الْمَالِكِ وَإِعْسَارُهُ فَإِنْ كان مُوسِرًا وَجَبَتْ في ذِمَّتِهِ وَإِنْ كان مُعْسِرًا وَجَبَتْ في عَيْنِ الْمَالِ قال وهو غَرِيبٌ.
تَنْبِيهٌ: لِهَذَا الْخِلَافِ أَعْنِي أنها هل تَجِبُ في الْعَيْنِ أو في الذِّمَّةِ.
فَوَائِدُ جَمَّةٌ: منها ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو ما إذَا مَضَى حَوْلَانِ على النِّصَابِ لم تُؤَدَّ زَكَاتُهُمَا فَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ إنْ قُلْنَا تَجِبُ في الْعَيْنِ وَزَكَاتَانِ إنْ قُلْنَا تَجِبُ في الذِّمَّةِ هَكَذَا أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ عليه زَكَاتَيْنِ إذَا قُلْنَا تَجِبُ في الذِّمَّةِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ هُنَا فَأَطْلَقُوا حتى قال ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لم تَسْقُطْ هُنَا لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْقِطُ نَفْسَهُ وقد يُسْقِطُ غَيْرَهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا إنْ قُلْنَا تَجِبُ في الذِّمَّةِ زَكَّى لِكُلِّ حَوْلٍ إلَّا إذَا قُلْنَا دَيْنُ اللَّهِ يَمْنَعُ فيزكى عن حَوْلٍ وَاحِدٍ وَلَا زَكَاةَ لِلْحَوْلِ الثَّانِي لِأَجْلِ الدَّيْنِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وزاد في الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى قُلْنَا يَمْنَعُ الدَّيْنَ فَلَا زَكَاةَ لِلْعَامِ الثَّانِي تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ أو بالذمة [الذمة] وقال حَيْثُ لم يُوجِبْ أَحْمَدُ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي فإنه بَنَى على رِوَايَةِ مَنْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْأَوَّلِ صَارَتْ دَيْنًا على رَبِّ الْمَالِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ. وَجَعَلَ من فَوَائِدِ الرِّوَايَتَيْنِ إخْرَاجَ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ من الرَّهْنِ بِلَا إذْنٍ إنْ عَتَقَتْ بِالْعَيْنِ وَاخْتَارَ سُقُوطَهَا بِالتَّلَفِ وَتَقْدِيمَهَا على الدَّيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال غَيْرُهُ خِلَافَهُ وَيَأْتِي أَيْضًا. وقال في الْقَوَاعِدِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ تَتَكَرَّرُ زَكَاتُهُ لِكُلِّ حَوْلٍ على الْقَوْلَيْنِ وَتَأَوَّلَ كَلَامَ أَحْمَدَ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ هذه الْفَائِدَةِ في غَيْرِ ما زَكَاتُهُ الْغَنَمُ من الْإِبِلِ كما قال الْمُصَنِّفُ فَأَمَّا ما زَكَاتُهُ الْغَنَمُ من الْإِبِلِ فإن عليه لِكُلِّ حَوْلٍ زَكَاةً على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ أَمَّا لو كان الْوَاجِبُ غير الْجِنْسِ بَلْ الْإِبِلُ الْمُزَكَّاةُ بِالْغَنَمِ فَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ الْوَاجِبَ فيه في الذِّمَّةِ وَإِنْ كانت الزَّكَاةُ فيه تَتَكَرَّرُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ من الْجِنْسِ وقال في الرِّعَايَةِ وَالشِّيَاهُ عن الْإِبِلِ تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ فَتَتَعَدَّدُ وَتَتَكَرَّرُ. قُلْت هذا إنْ قُلْنَا لَا تَسْقُطُ بِدَيْنِ اللَّهِ انْتَهَى. وقال أبو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ في الْمُبْهِجِ حُكْمُهُ حُكْمُ ما لو كان الْوَاجِبُ من جِنْسِ الْمُخْرَجِ عنه قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ من الْجِنْسِ على ما سَبَقَ من الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي وَالدَّيْنِ بِالرَّهْنِ فَلَا فَرْقَ إذَنْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو لم يَكُنْ سِوَى خَمْسٍ من الْإِبِلِ فَفِي امْتِنَاعِ زَكَاةِ الْحَوْلِ الثَّانِي لِكَوْنِهَا دَيْنًا الْخِلَافُ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في هذه الْمَسْأَلَةِ لَا يَلْزَمُهُ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا في خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا في ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ الْأَوَّلُ حَوْلُ بِنْتِ مَخَاضٍ ثُمَّ ثَمَانِ شِيَاهٍ لِكُلِّ حَوْلٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ. وَعَلَى كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ أنها تَجِبُ في الْعَيْنِ مُطْلَقًا كَذَلِكَ لِأَوَّلِ حَوْلٍ ثُمَّ لِلثَّانِي ثُمَّ إنْ نَقَصَ النِّصَابُ بِذَلِكَ عن عِشْرِينَ بَعِيرًا إذَا قَوَّمْنَاهُ فَلِلثَّالِثِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَالْأَرْبَعُ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا مَتَى أَفْنَتْ الزَّكَاةُ الْمَالَ سَقَطَتْ بَعْدَ ذلك صَرَّحَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ في رِوَايَةٍ منها على وُجُوبِهَا في الدَّيْنِ بَعْدَ. اسْتِغْرَاقِهِ بِالزَّكَاةِ قال في الْقَوَاعِدِ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ ذلك على الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ في الذِّمَّةِ وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بين الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ حُكْمِيٌّ لَا وُجُودَ له في الْخَارِجِ فَتَتَعَلَّقُ زَكَاتُهُ بِالذِّمَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ على التَّسْوِيَةِ بين الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ في امْتِنَاعِ الزَّكَاةِ فِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ مَانِعٌ من وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْحَوْلِ الثَّانِي وما بَعْدَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَلَيْسَ بِمَانِعٍ من انْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي ابْتِدَاءً وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وابن عَقِيلٍ وَنَقَلَ الْمَجْدُ الِاتِّفَاقَ عليه وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ في الْجَامِعِ وَأَوْرَدَ عن أَحْمَدَ من رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ما يَشْهَدُ له. وَقِيلَ إنَّهُ مَانِعٌ من انْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي ابْتِدَاءً وهو قَوْلُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ وَيَأْتِي مَعْنَى ذلك في الْخُلْطَةِ إذَا بَاعَ بَعْضَ النِّصَابِ. الثَّالِثَةُ إذَا قُلْنَا تَجِبُ الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ فقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ جِنَايَةِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَتِهِ فَلَزِمَهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ من غَيْرِهِ وَالتَّصَرُّفُ فيه بِبَيْعِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِ السَّاعِي وكل [كل] النَّمَاءِ له وَإِنْ أَتْلَفَهُ لَزِمَهُ قِيمَةُ الزَّكَاةِ دُونَ جِنْسِهِ حَيَوَانًا كان النِّصَابُ أو غَيْرَهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِكُلِّهِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ ولم يَنْوِهَا لم يُجْزِهِ وإذا كان كُلُّهُ مِلْكًا لِرَبِّهِ لم يَنْقُصْ بِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بَلْ يَكُونُ دَيْنًا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ أو لَا يَمْنَعُ لِعَدَمِ رُجْحَانِهَا على زَكَاةِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ دَيْنِ الْآدَمِيِّ. وَقِيلَ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ وَبِمَالِ من حُجِرَ عليه لِفَلْسِهِ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فيه قبل وَفَائِهِ أو إذْنِ رَبِّهِ. وَقِيلَ بَلْ كَتَعَلُّقِهِ بِالتَّرِكَةِ قال وهو أَقْيَسُ قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِالنِّصَابِ هل هو تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ أو ارْتِهَانٍ أو تَعَلُّقُ اسْتِيفَاءٍ. كَالْجِنَايَةِ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ اضْطِرَابًا كَثِيرًا وَيَحْصُلُ منه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا أَنَّهُ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من شَرْحِ الْمُذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ يَدُلُّ عليه وقد بَيَّنَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالثَّانِي تَعَلُّقُ اسْتِيفَاءٍ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ منهم الْقَاضِي ثُمَّ منهم من يُشَبِّهُهُ بِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ وَمِنْهُمْ من يُشَبِّهُهُ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ تَعَلُّقُ رَهْنٍ وَيَنْكَشِفُ هذا النِّزَاعُ بِتَحْرِيرِ مَسَائِلَ. منها أَنَّ الْحَقَّ هل يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ النِّصَابِ أو بِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ فيه غير مُعَيَّنٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الِاتِّفَاقَ على الثَّانِي. وَمِنْهَا أَنَّهُ مع التَّعَلُّقِ بِالْمَالِ هل يَكُونُ ثَابِتًا في ذِمَّةِ الْمَالِكِ أَمْ لَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ على الْقَوْلِ بِالتَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ لَا يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ منه شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَتْلَفَ الْمَالُ أو يَتَصَرَّفَ فيه الْمَالِكُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ إذَا قُلْنَا الزَّكَاةُ في الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ اسْتِيفَاءٍ مَحْضٍ كَتَعَلُّقِ الدُّيُونِ بِالتَّرِكَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو حَسَنٌ. وَمِنْهَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَمْنَعُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ في وُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ وَلَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ أنها تَسْقُطُ إذَا لم يُفَرِّطْ فَيُعْتَبَرُ التَّمَكُّنُ من الْأَدَاءِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ النِّصَابَ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ من الْمَالِكِ لم يَضْمَنْ الزَّكَاةَ على الرِّوَايَتَيْنِ قال وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ رِوَايَةً بِاعْتِبَارِ إمْكَانِ الْأَدَاءِ في غَيْرِ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَذَكَرَ أبو الْحُسَيْنِ. رِوَايَةً لَا يَسْقُطُ بِتَلَفِ النِّصَابِ غَيْرُ الْمَاشِيَةِ وقال الْمَجْدُ على الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَسْقُطُ في الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْبَاطِنَةِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي عبد اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ رَوَى أبو عبد اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ الْفَرْقُ بين الْمَاشِيَةِ وَالْمَالِ وَالْعَمَلِ على ما رَوَى الْجَمَاعَةُ أنها كَالْمَالِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وقال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ إذَا تَلِفَ النِّصَابُ أو بَعْضُهُ قبل التَّمَكُّنِ من أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَبَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَمِنْهُمْ من قال هِيَ عَامَّةٌ في جَمِيعِ الْأَمْوَالِ وَمِنْهُمْ من خَصَّهَا بِالْمَالِ الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ وَمِنْهُمْ من عَكَسَ ذلك وَمِنْهُمْ من خَصَّهَا بِالْمَوَاشِي.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى من عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ زَكَاةُ الزُّرُوعِ إذَا تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ قبل الْقَطْعِ فإن [كأنها] كاتها تَسْقُطُ وقد صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ منه سَقَطَتْ الزَّكَاةُ قال الْقَوَاعِدُ اتِّفَاقًا قال وَخَرَّجَ بن عَقِيلٍ وَجْهًا بِوُجُوبِ زَكَاتِهَا أَيْضًا قال وهو ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ الذي حَكَاه ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ. قُلْت قد قاله ابن عَقِيلٍ وَذَكَرَه ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ رِوَايَةً ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ قال في الْفُرُوعِ وَأَظُنُّ في الْمُغْنِي أَنَّهُ قال قِيَاسُ من جَعَلَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادَ الْحَبِّ أَنَّهُ كَنَقْصِ نِصَابٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ قبل التَّمَكُّنِ انْتَهَى وَيَأْتِي ذلك في بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تلف النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ من الْأَدَاءِ ضَمِنَهَا. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَضْمَنُهَا وَجَزَمَ في الْكَافِي وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي بِالضَّمَانِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو تَلِفَ النِّصَابُ ضَمِنَهَا وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَضْمَنُهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ في النَّصِيحَةِ وَصَاحِبُ. الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَلَوْ أَمْكَنَهُ إخْرَاجُهَا لَكِنْ خَافَ رُجُوعَ السَّاعِي فَهُوَ كَمَنْ لم يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهَا فَلَوْ نَتَجَتْ السَّائِمَةُ لم تُضَمَّ في حُكْمِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ على الْمَذْهَبِ وَتُضَمُّ على الثَّانِيَةِ.
تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في مَأْخَذِ الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَقِيلَ الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في مَحَلِّ الزَّكَاةِ فَإِنْ قِيلَ في الذِّمَّةِ لم تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ وهو قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ في التَّبْصِرَةِ وَالسَّامِرِيِّ وَقِيلَ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وفي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إيمَاءٌ إلَيْهِ أَيْضًا فَتَكُونُ من جُمْلَةِ فَوَائِدِ الْخِلَافِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً على الْخِلَافِ في مَحَلِّ الزَّكَاةِ هل هِيَ في الذِّمَّةِ أو في الْعَيْنِ قال في الْقَوَاعِدِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَمِنْ الْفَوَائِدِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كان أَكْثَرَ من نِصَابٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ جَمِيعِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ إنْ قُلْنَا تَجِبُ في الذِّمَّةِ وَإِنْ قُلْنَا تَجِبُ في الْعَيْنِ نَقَصَ من زَكَاتِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ نَقْصِهِ منها. قَوْلُهُ وإذا مَاتَ من عليه الزَّكَاةُ أُخِذَتْ من تَرِكَتِهِ. هذا الْمَذْهَبُ أَوْصَى بها أو لم يُوصِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بن هَانِئٍ فِيمَنْ عليه حَجٌّ لم يُوصِ بِهِ وَزَكَاةٌ وَكَفَّارَةٌ من الثُّلُثِ وَنُقِلَ عنه من رَأْسِ الْمَالِ مع عِلْمِ وَرَثَتِهِ بِهِ وَنُقِلَ عنه أَيْضًا في زَكَاةٍ من رَأْسِ مَالِهِ مع صَدَقَةٍ. قال في الْفُرُوعِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ في الْمَسْأَلَةِ وَلَفْظُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَحْتَمِلُ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ وَصِيَّتِهِ كما قَيَّدَ الْحَجَّ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مِثْلُهُ أو آكَدُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ على إطْلَاقِهِ ولم أَجِدْ في كَلَامِ الْأَصْحَابِ سِوَى النَّصِّ السَّابِقِ انْتَهَى. قَوْلُهُ فَإِنْ كان عليه دَيْنٌ اقْتَسَمُوا بِالْحِصَصِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ يَبْدَأُ. بِالدَّيْنِ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَوْلًا منهم بن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمَا كَعَدَمِهِ بالرهنية [بالرهينة]. وَقِيلَ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا قال الْمَجْدُ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ كَبَقَاءِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ فَجَعَلَهُ أَصْلًا وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ من تَتِمَّةِ الْقَوْلِ وَحَكَى بن تَمِيمٍ وَجْهًا تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ وَلَوْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ وقال هو أَوْلَى وَقَالَهُ الْمَجْدُ قَبْلَهُ وَقِيلَ إنْ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا فَلَا وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت إنْ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالذِّمَّةِ تَحَاصَّا وَإِلَّا فَلَا بَلْ يُقَدَّمُ دَيْنُ الْآدَمِيِّ وَيَأْتِي بَعْضُ ذلك في آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو كان الْمَالِكُ حَيًّا وَأَفْلَسَ فَصَرَّحَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ أَنَّ الزَّكَاةَ تُقَدَّمُ حتى في حَالِ الْحَجْرِ وقال سَوَاءٌ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ أو بِالذِّمَّةِ إذَا كان النِّصَابُ بَاقِيًا قال في الْقَوَاعِدِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ بن الْقَاسِمِ تَقْدِيمُ الدَّيْنِ على الزَّكَاةِ. الثَّانِيَةُ دُيُونُ اللَّهِ كُلُّهَا سَوَاءٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ على الْحَجِّ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا وَأَمَّا النَّذْرُ بِمُتَعَيِّنٍ فإنه يُقَدَّمُ على الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الدَّيْنِ انْتَهَى. وَمِنْ الْفَوَائِدِ إنْ كان النِّصَابُ مَرْهُونًا وَوَجَبَتْ فيه الزَّكَاةُ فَهَلْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ منه هُنَا حَالَتَانِ. إحْدَاهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ له مَالٌ غَيْرُهُ يؤدى منه الزَّكَاةَ فَهُنَا يؤدى الزَّكَاةَ من عَيْنِ الرَّهْنِ صَرَّحَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْأَصْحَابُ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ مَالٌ يُؤَدِّي منه الزَّكَاةَ غير الرَّهْنِ فَهُنَا ليس له أَدَاءُ الزَّكَاةِ منه بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ أَيْضًا وَذَكَرَ في الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ مَتَى قُلْنَا الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالدَّيْنِ قَبْلَهُ. أَخْرَجَهَا منه أَيْضًا لِأَنَّهُ تَعَلُّقٌ قَهْرِيٌّ وَيَنْحَصِرُ في الْعَيْنِ فَهُوَ كَحَقِّ الْجِنَايَةِ وقال في الْفُرُوعِ وَيُزَكَّى الْمَرْهُونُ على الْأَصَحِّ وَيُخْرِجُهَا الرَّاهِنُ منه بِلَا إذْنٍ إنْ عُدِمَ كَجِنَايَةِ رَهْنٍ على دينه [ديته] وَقِيلَ منه مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ عُلِّقَتْ بِالْعَيْنِ وَقِيلَ يزكى رَاهِنٌ مُوسِرٌ وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ جَعَلَ بَدَلَهُ رَهْنًا وَقِيلَ لَا انْتَهَى. وَمِنْ الْفَوَائِدِ التَّصَرُّفُ في النِّصَابِ أو بَعْضِهِ بِبَيْعٍ أو غَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ قُلْنَا الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ أو في الذِّمَّةِ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي إنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ في الذِّمَّةِ صَحَّ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا في الْعَيْنِ لم يَصِحَّ التَّصَرُّفُ في مِقْدَارِ الزَّكَاةِ قال ابن رَجَبٍ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ على قَوْلِنَا إنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ أو رَهْنٍ صَرَّحَ به بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قُلْت تَقَدَّمَ ذلك في الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةِ قَرِيبًا. وَنَزَّلَ أبو بَكْرٍ هذا على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ عن أَحْمَدَ في الْمَرْأَةِ إذَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا مَهْرَهَا الذي لها في ذِمَّتِهِ فَهَلْ تَجِبُ زَكَاتُهُ عليه أو عليها قال فَإِنْ صَحَّحْنَا هِبَةَ الْمَهْرِ جَمِيعِهِ فَعَلَى الْمَرْأَةِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ من مَالِهَا وَإِنْ صَحَّحْنَا الْهِبَةَ فِيمَا عَدَا مِقْدَارَ الزَّكَاةِ كان قَدْرُ الزَّكَاةِ حقا [حق] لِلْمَسَاكِينِ في ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ إلَيْهِمْ وَيَسْقُطُ عنه بِالْهِبَةِ ما عَدَاهُ قال ابن رَجَبٍ وَهَذَا بِنَاءٌ غَرِيبٌ جِدًّا. وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بَاعَ النِّصَابَ كُلَّهُ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِذِمَّتِهِ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ كما لو تَلِفَ. فَإِنْ عَجَزَ عن أَدَائِهَا فقال الْمَجْدُ إنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ في الذِّمَّةِ ابْتِدَاءً لم يُفْسَخْ الْبَيْعُ وَإِنْ قُلْنَا في الْعَيْنِ فُسِخَ الْبَيْعُ في قَدْرِهَا تَقْدِيمًا لَحِقَ الْمَسَاكِينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ. وقال الْمُصَنِّفُ تَتَعَيَّنُ في ذِمَّتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ بِكُلِّ حَالٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا بِالْفَسْخِ في مِقْدَارِ الزَّكَاةِ من غَيْرً بِنَاءٍ على مَحَلِّ التَّعَلُّقِ. وَمِنْ الْفَوَائِدِ إذَا كان النِّصَابُ غَائِبًا عن مَالِكِهِ لَا يَقْدِرُ على الْإِخْرَاجِ منه لم يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حتى يَتَمَكَّنَ من الْأَدَاءِ منه نَصَّ عليه وَصَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في مَوْضِعٍ من شَرْحِهِ وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ وَجَبَ عليه زَكَاةُ مَالٍ فَأَقْرَضَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاتِهِ حتى يَقْبِضَهُ قال في الْقَوَاعِدِ وَلَعَلَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ أَدَاءَ الزَّكَاةِ لَا يَجِبُ على الْفَوْرِ. وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ يلزمه [ويلزمه] أَدَاءُ زَكَاتِهِ قبل قَبْضِهِ لِأَنَّهُ في يَدِهِ حُكْمًا وَلِهَذَا يَتْلَفُ من ضَمَانِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ في ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَكَذَا ذكره [ذكرها] الْمَجْدُ في مَوْضِعٍ من شَرْحِهِ وَأَشَارَ في مَوْضِعٍ إلَى بِنَاءِ ذلك على مَحَلِّ الزَّكَاةِ فَإِنْ قُلْنَا الذِّمَّةُ لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عنه من غَيْرِهِ لِأَنَّ زَكَاتَهُ لَا تَسْقُطُ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَإِنْ قُلْنَا الْعَيْنُ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ حتى يَتَمَكَّنَ من قَبْضِهِ. وقال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَمَنْ كان له مَالٌ غَائِبٌ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ لم يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ عنه وَإِنْ قُلْنَا في الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ. قال ابن رَجَبٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وقال وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ على الْغَائِبِ إذَا تَلِفَ قبل قَبْضِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَحْمَدَ. وَمِنْ الْفَوَائِدِ ما تَقَدَّمَ على قَوْلٍ وهو ما إذَا أَخْرَجَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاةَ حَقِّهِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ منه فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُحْسَبُ ما أَخْرَجَهُ من رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبُهُ من الرِّبْحِ كما تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُحْسَبُ من نَصِيبِهِ من الرِّبْحِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وقال في الْكَافِي هِيَ من رَأْسِ الْمَالِ. فَبَعْضُ الْأَصْحَابِ بَنَى الْخِلَافَ على الْخِلَافِ في مَحَلِّ التَّعَلُّقِ فَإِنْ قُلْنَا الذِّمَّةُ فَهِيَ مَحْسُوبَةٌ من الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَإِنْ قُلْنَا الْعَيْنُ حُسِبَتْ من الرِّبْحِ كَالْمُؤْنَةِ. قال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُبْنَى على هذا الْأَصْلِ أَيْضًا الْوَجْهَانِ في جَوَازِ إخْرَاجِ الْمُضَارِبِ زَكَاةَ حِصَّتِهِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنْ قُلْنَا الزَّكَاةُ. تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ منه وَإِلَّا فَلَا قال وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إيمَاءٌ إلَى ذلك.
فائدة: قال في الْفُرُوعِ النِّصَابُ الزَّكَوِيُّ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَكَمَا يَدْخُلُ فيه إتْمَامُ الْمِلْكِ يَدْخُلُ فيه من يَجِبُ عليه. أو يُقَالُ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلسَّبَبِ فَعَدَمُهُمَا مَانِعٌ من صِحَّةِ السَّبَبِ وَانْعِقَادِهِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ هذه الْأَرْبَعَةَ شُرُوطًا لِلْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ فإنه شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ بِلَا خِلَافٍ لَا أَثَرَ له في السَّبَبِ وَأَمَّا إمْكَانُ الْأَدَاءِ فَشَرْطٌ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ وَعَنْهُ لِلْوُجُوبِ انْتَهَى.
قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ إلَّا في السَّائِمَةِ منها. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ تَجِبُ في الْمَعْلُوفَةِ أَيْضًا قال ابن تَمِيمٍ وَنَصْرُ بن عَقِيلٍ وُجُوبُ الزَّكَاةِ في الْمَعْلُوفَةِ في غَيْرِ مَوْضِعٍ من فَنُونِهِ انْتَهَى وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالْفُنُونِ تَخْرِيجًا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا أُعِدَّ لِلْإِجَارَةِ من الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ في الْقِيمَةِ وقال في الرِّعَايَةِ فَلَوْ كان نِتَاجُ النِّصَابِ الْمُبَاعِ له في الْحَوْلِ رَضِيعًا غير سَائِمٍ في بَقِيَّةِ حَوْلِ أُمَّهَاتِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا بَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ تَجِبُ فِيمَا أُعِدَّ لِلْعَمَلِ كَالْإِبِلِ التي تُكْرَى وهو أَظْهَرُ وَنَصُّهُ لَا انْتَهَى. قَوْلُهُ وَهِيَ التي تَرْعَى في أَكْثَرِ الْحَوْلِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ أَنْ تَرْعَى الْحَوْلَ كُلَّهُ زَادَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَا أَثَرَ لِعَلَفِ يَوْمٍ أو يَوْمَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في أَحْكَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ أَكْثَرِ الْحَوْلِ قاله ابن تَمِيمٍ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى من ذلك الْعَوَامِلُ وَلَوْ كانت سَائِمَةً نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَقَالَهُ الْمَجْدُ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا زَكَاةَ في عَوَامِلِ أَكْثَرِ السُّنَّةِ بِحَالٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. وَقِيلَ تَجِبُ في الْمُؤَجَّرَةِ السَّائِمَةِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا تَجِبُ في الرَّبَائِب في الْأَصَحِّ وَإِنْ كانت سَائِمَةً انْتَهَى.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا لَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَرَجَّحَهُ أبو الْمَعَالِي قال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ لَا يُعْتَبَرُ في السَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ لَهُمَا قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ. فَلَوْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أو عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ على الْأَوَّلِ لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ كما لو غَصَبَ حَبًّا وَزَرَعَهُ في أَرْضِ رَبِّهِ فإن فيه الزَّكَاةَ على مَالِكِهِ كما لو نَبَتَ بِلَا زَرْعٍ وَفِعْلُ الْغَاصِبِ مُحَرَّمٌ كما لو غَصَبَ أَثْمَانًا فَضَاعَفَهَا وَلِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ كما لو ضَلَّتْ فَأَكَلَتْ الْمُبَاحَ. قال الْمَجْدُ وَطَرَدَهُ ما لو سَلَّمَهَا إلَى رَاعٍ يُسِيمُهَا فَعَلَفَهَا وَعَكْسُهُمَا لو تَبَرَّعَ حَاكِمٌ أو وصى بِعَلَفِ مَاشِيَةِ يَتِيمٍ أو صَدِيقٍ بِذَلِكَ بِإِذْنِ صَدِيقِهِ لِفَقْدِ قَصْدِ الْإِسَامَةِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ منه. وَقِيلَ تَجِبُ إذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وفي مَأْخَذِهِ وَجْهَانِ تَحْرِيمُ عَلَفِ الْغَاصِبِ أو لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عن رَبِّهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. قُلْت الصَّوَابُ الثَّانِي وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أو أَسَامَهَا غَاصِبٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ على الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي لِأَنَّ رَبَّهَا لم يَرْضَ بِإِسَامَتِهَا فَقَدْ فُقِدَ قَصْدُ الأسامة الْمُشْتَرَطِ زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ كما لو سَامَتْ من غَيْرِ أَنْ يُسِيمَهَا قال في الْفُرُوعِ فَجَعَلَاهُ أَصْلًا وَكَذَا قَطَعَ بِهِ أبو الْمَعَالِي. وَقِيلَ يَجِبُ إنْ أَسَامَهَا الْغَاصِبُ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ كما لو كَمُلَ النِّصَابُ بِيَدِ الْغَاصِبِ. وَإِنْ لم يُعْتَدَّ بِسَوْمِ الْغَاصِبِ فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا عَدَمُ اعْتِبَارِ ذلك وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ وابن رَزِينٍ وقال الْأَصْحَابُ يَسْتَوِي غَصْبُ النِّصَابِ وَضَيَاعُهُ كُلَّ الْحَوْلِ أو بَعْضَهُ وَقِيلَ إنْ كان السَّوْمُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَكْثَرَ فَالرِّوَايَتَانِ وَإِنْ كان عِنْدَ رَبِّهَا أَكْثَرَ وَجَبَتْ وَإِنْ كانت سَائِمَةً عِنْدَهُمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ على رِوَايَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْمَغْصُوبِ وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ في السَّوْمِ أَنْ تَرْعَى الْمُبَاحَ فَلَوْ اشْتَرَى ما تَرْعَاهُ أو جَمَعَ لها ما تَأْكُلُ فَلَا زَكَاةَ فيها قَالَهُ الْأَصْحَابُ. الثَّالِثَةُ هل السَّوْمُ شَرْطٌ أو عَدَمُ السَّوْمِ مَانِعٌ فيه وَجْهَانِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قبل الشُّرُوعِ وَيَصِحُّ على الثَّانِي. قُلْت قَطَعَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ. قُلْت مَنَعَ بن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ من تَحَقُّقِ هذا الْخِلَافِ وقال كُلُّ ما كان وُجُودُهُ شَرْطًا كان عَدَمُهُ مَانِعًا كما أَنَّ كُلَّ مَانِعٍ فَعَدَمُهُ شَرْطٌ ولم. يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا بَلْ نَصُّوا على أَنَّ الْمَانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ وَأَطَالَ الْكَلَامَ على ذلك. وقال في الْفُرُوعِ في الْخُلْطَةِ في أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ اتِّفَاقًا. الرَّابِعَةُ لو غَصَبَ رَبُّ السَّائِمَةِ عَلَفَهَا فَعَلَفَهَا وَقَطَعَ السَّوْمَ فَفِي انْقِطَاعِهِ شَرْعًا وَجْهَانِ قَطَعَ في الْمُغْنِي بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَكَذَا لو قَطَعَ مَاشِيَتَهُ عن السَّوْمِ لِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بها وَنَحْوِهِ أو نَوَى قِنْيَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ لِذَلِكَ أو نَوَى بِثِيَابِ الْحَرِيرِ التي لِلتِّجَارَةِ لُبْسَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في ذلك كُلِّهِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ. قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِذَلِكَ. وقال في الرَّوْضَةِ إنْ أَسَامَهَا بَعْضَ الْحَوْلِ ثُمَّ نَوَاهَا لِعَمَلٍ أو حَمْلٍ فَلَا زَكَاةَ كَسُقُوطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٍ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ من نَوَى بِسَائِمَةٍ عَمَلًا لم تَصِرْ له قِنْيَةً انْتَهَى. الْخَامِسَةُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا تَوَلَّدَ بين سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَتَجِبُ على الْأَظْهَرِ فِيمَا وُلِدَ بين سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَحَدُهَا الْإِبِلُ فَلَا زَكَاةَ فيها حتى تَبْلُغَ خَمْسًا فَتَجِبُ فيها شَاةٌ. أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُجْزِئُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو بَكْرٍ تُجْزِئُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا بَدَلُ شَاةِ الْجُبْرَانِ أَطْلَقَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَا تُجْزِئُهُ مع وُجُودِ الشَّاةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ منهم بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ.
فائدة: يُشْتَرَطُ في الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ عن الْإِبِلِ أَنْ تَكُونَ بِصِفَتِهَا فَفِي كِرَامٍ سِمَانٍ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَإِنْ كانت الْإِبِلُ مَعِيبَةً فَقِيلَ يُخْرِجُ شَاةً. كَشَاةِ الصِّحَاحِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ من غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ فلم يُؤَثِّرْ فيها عَيْبُهُ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ. وَقِيلَ تُجْزِئُهُ شَاةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالِ تَنْقُصُ قِيمَتُهَا على قَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ كَالْمُخْرَجَةِ عن الْغَنَمِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ لِلْمُوَاسَاةِ. ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ في الْمُغْنِي قَدَّمَهُ وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَلَيْهَا لَا يُجْزِئُهُ شَاةٌ مَعِيبَةٌ لِأَنَّ الْوَاجِبَ ليس من جِنْسِ الْمَالِ. وَقِيلَ تُجْزِئُهُ شَاةٌ تُجْزِئُ في الْأُضْحِيَّةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا لم يُجْزِئْهُ. هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. وَقِيلَ يُجْزِئُهُ إنْ كانت قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ بِنَاءً على إخْرَاجِ الْقِيمَةِ. وَقِيلَ يُجْزِئُهُ إنْ أَجْزَأَ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَإِلَّا فَلَا. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ هل الْوَاجِبُ كُلُّهُ أو خُمُسُهُ حَكَى الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرِ وَجْهَيْنِ فَعَلَى الثَّانِي يُجْزِئُ عن الْعِشْرِينَ بَعِيرًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُجْزِئُ عنها إلَّا أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ. قُلْت الْأَوْلَى أَنَّ الْوَاجِبَ كُلُّهُ وَأَنَّهُ يُجْزِئُ عن الْعِشْرِينَ بَعِيرًا على الْأَوَّلِ أَيْضًا قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُلْت وَيَنْبَنِي عليها لو اقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِكُلِّهِ أو خُمُسِهِ فَإِنْ قُلْنَا الْجَمِيعُ وَاجِبٌ رَجَعَ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْخُمُسُ وَالزَّائِدُ تَطَوُّعٌ رَجَعَ بِالْوَاجِبِ لَا التَّطَوُّعِ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عليه أَيْضًا النِّيَّةُ فَإِنْ جَعَلْنَا الْجَمِيعَ فَرْضًا نَوَى الْجَمِيعَ فَرْضًا لُزُومًا وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْخُمُسُ كَفَاهُ الِاقْتِصَارُ عليه في النِّيَّةِ انْتَهَى. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في أَوَاخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَكُلُّ دَمٍ ذَكَرْنَاهُ يُجْزِئُ فيه شَاةٌ أو سُبُعُ بَدَنَةٍ وفي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ إذَا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا.
فَوَائِدُ: منها لو أَخْرَجَ بَقَرَةً لم تُجْزِهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ أَخْرَجَ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ لم يُجْزِهِ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُجْزِئُ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ في بِنْتِ الْمَخَاضِ فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزَأَه ابن لَبُونٍ الْعَدَمُ أما لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ في مَالِهِ أو كانت في مَالِهِ وَلَكِنَّهَا مَعِيبَةٌ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ عَدِمَهَا أَجْزَأَه ابن لَبُونٍ. أَنَّ خُنْثَى بن لَبُونٍ لَا يُجْزِئُ وهو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ جَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو الْأَشْهَرُ قال في الرِّعَايَةِ وَيُجْزِئُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ في الْأَقْيَسِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ. وَمِنْهَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ وَالثَّنِيُّ عن بِنْتِ الْمَخَاضِ إذَا عَدِمَهَا على الْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ أَوْلَى لِزِيَادَةِ السِّنِّ وَلَوْ وُجِدَ بن لَبُونٍ. وَأَمَّا بِنْتُ اللَّبُونِ فَجَزَمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ بِالْجَوَازِ مع وُجُودِ بن لَبُونٍ وَلَهُ جبران [جيران] وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ على ما يَأْتِي وقال في الْفُرُوعِ وفي بِنْتِ لَبُونٍ وَجْهَانِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ اللَّبُونِ عن الجبران [الجيران] وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لم يَشْتَرِطْ لِأَحَدِهِمَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ انْتَهَى. وَمِنْهَا لو كان في مَالِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَعْلَى من الْوَاجِبِ لم يُجْزِئْه ابن لَبُونٍ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُخَيَّرُ بين إخْرَاجِهَا وَبَيْنِ شِرَاءِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِصِفَةِ الْوَاجِبِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَمِنْهَا لَا يَجْبُرُ فَقْدَ الْأُنُوثِيَّةِ بِزِيَادَةِ السِّنِّ في مَالِهِ غَيْرُ بِنْتِ مَخَاضٍ على. الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَلَا يُخْرِجُ عن بِنْتِ لَبُونٍ حِقًّا إذَا لم تَكُنْ في مَالِهِ وَلَا عن الْحِقِّ جَذَعًا قَالَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ قال في الْفَائِقِ لَا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بِزِيَادَةِ سَنٍّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ يَجْبُرُ ذَكَرَ بن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من الْفُصُولِ جَوَازَ الْجَذَعِ عن الْحِقَّةِ وَعَنْ بِنْتِ لَبُونٍ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَهُ أَيْضًا لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِهِ في خَبَرِ أبي بَكْرٍ الصَّحِيحِ فَمَنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ على وَجْهِهَا وَعِنْدَه ابن لَبُونٍ فإنه يُقْبَلُ منه ذَكَرَه ابن حَامِدٍ وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُجْزِئُه ابن لَبُونٍ إذَا حَصَّلَهُ اخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنْ عَدِمَ بن لَبُونٍ حَصَّلَ أَصْلًا لَا بَدَلًا في الْأَظْهَرِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وفي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ. عَدَمُ إجْزَاءِ بن لَبُونٍ إذَا عَدِمَهَا وَلَوْ جَبَرَهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَيَجْبُرُهُ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى تجزئ [يجزئ] الثَّنِيَّةُ عن الْجَذَعَةِ بِلَا جُبْرَانٍ بِلَا نِزَاعٍ قال أبو الْمَعَالِي وَلَا تجزئ [يجزئ] سِنٌّ فَوْقَ الثَّنِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ الْإِجْزَاءَ في مَسْأَلَةِ الْجُبْرَانِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَقِيلَ تُجْزِئُ حِقَّتَانِ أو ابْنَتَا لَبُونٍ عن الْجَذَعَةِ وَابْنَتَا لَبُونٍ عن الْحِقَّةِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَيَنْتَقِضُ بِنْتُ مَخَاضٍ عن عِشْرِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ مَخَاضٍ عن الْجَذَعَةِ. الثَّانِيَةُ الْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ في الْإِبِلِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْفُقَهَاءِ هو قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى أَنَّ بِنْتَ الْمَخَاضِ عُمُرُهَا سَنَتَانِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ لها ثَلَاثُ سِنِينَ وَالْحِقَّةُ أَرْبَعُ سِنِينَ وَالْجَذَعَةُ خَمْسُ سِنِينَ كَامِلَةٌ وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ على بَعْضِ السَّنَةِ قال في الْفُرُوعِ فَكَيْفَ يَحْمِلُهُ على بَعْضِ السَّنَةِ مع قَوْلِهِ كَامِلَةٌ انْتَهَى. وَقِيلَ لِبِنْتِ الْمَخَاضِ نِصْفُ سَنَةٍ وَلِبِنْتِ اللَّبُونِ سَنَةٌ وَلِلْحِقَّةِ سَنَتَانِ وَلِلْجَذَعَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ. وَقِيلَ لِلْجَذَعَةِ سِتُّ سِنِينَ وَقِيلَ سِنُّ بِنْتِ الْمَخَاضِ مُدَّةُ الْحَمْلِ وَعَنْ أَحْمَدَ بِنْتُ الْمَخَاضِ التي تَتَمَخَّضُ بِغَيْرِهَا. الثَّالِثَةُ سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ لِأَنَّ أُمَّهَا قد حَمَلَتْ غَالِبًا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمَخَاضُ الْحَمْلُ وَسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبُونٍ لِأَنَّ أُمَّهَا وَضَعَتْ وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ وَسُمِّيَتْ حِقَّةً لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عليها وَيَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَسُمِّيَتْ جَذَعَةً لِأَنَّهَا تَجْذَعُ إذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا وَالثَّنِيَّةُ يَأْتِي مِقْدَارُ سِنِّهَا في بَابِ الْأُضْحِيَّةِ. قَوْلُهُ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فإذا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم أَنَّ الْفَرْضَ يَتَغَيَّرُ بِزِيَادَةِ وَاحِدَةٍ على عِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَعَنْهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ حتى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَيَكُونُ فيها حِقٌّ وَبِنْتًا لَبُونٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ في كِتَابِ الْخِلَافِ وأبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ. فَعَلَيْهَا وُجُوبُ الْحِقَّتَيْنِ إلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَعَنْهُ في إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ إلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. قال الْقَاضِي وَذَلِكَ سَهْوٌ من نَاقِلِهِ وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ رَجَعَ عن ذلك قاله ابن تَمِيمٍ في بَعْضِ النُّسَخِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ الْفَرْضُ بها يَتَعَلَّقُ بها الْوُجُوبُ فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا ابن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَتَابَعَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا. قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بها وَكَذَا في غَيْرِ هذه الْمَسْأَلَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ.
فائدة: لَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بِزِيَادَةِ بَعْضِ بَعِيرٍ وَلَا بَقَرَةٍ وَلَا شَاةٍ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ في الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ فإذا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ. هذا عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي قال في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ هذا الْأَشْبَهُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قال الْآمِدِيُّ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ صَالِحٍ وابن مَنْصُورٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال ابن تَمِيمٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وقال وهو الْأَظْهَرُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقد نَصَّ أَحْمَدُ على نَظِيرِهِ في زَكَاةِ الْبَقَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحِقَاقَ وَقَالَهُ الْقَاضِي في شَرْحِهِ وَمُقْنِعِهِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاسْتَثْنَى في الْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمَا مَالَ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ فإنه يَتَعَيَّنُ إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ مِنْهُمَا وَقَدَّمَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ. السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهُمَا إذَا وُجِدَا في مَالِهِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا يَتَعَيَّنُ ما وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا. قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّاعِيَ ليس له تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ وفي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ما يَدُلُّ على هذا قال ولم أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِهِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ لَا وَجْهَ له.
تَنْبِيهٌ: مَنْصُوصُ أَحْمَدَ على التَّعْيِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَتَجِبُ الْحِقَاقُ عَيْنًا مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ على صِفَةِ التَّخْيِيرِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ما وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو كانت إبِلٌ أَرْبَعَمِائَةٍ فَعَلَى الْمَنْصُوصِ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْحِقَاقِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ يُخَيَّرُ بين إخْرَاجِ ثَمَانِ حِقَاقٍ أو عَشْرِ بَنَاتِ لَبُونٍ فَإِنْ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَخَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ جَازَ قال في الْفُرُوعِ هذا الْمَعْرُوفُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ ثُمَّ قال فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ. قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ جَازَ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قُلْت ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ بن تَمِيمٍ. أَمَّا لو أَخْرَجَ مع التَّشْقِيصِ كَحِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفٍ عن مِائَتَيْنِ لم يَجُزْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال ابن تَمِيمٍ لم يَجُزْ على الْأَصَحِّ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا انْتَهَى قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ من عِتْقِ نِصْفَيْ عَبْدٍ في الْكَفَّارَةِ قال وهو ضَعِيفٌ. الثَّانِيَةُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ فِيمَا بين الْفَرْضَيْنِ شَيْءٌ أَنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ لَا بِمَا زَادَ من الْأَوْقَاصِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ تَجِبُ في وَقْصِهَا أَيْضًا اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى بِفَوَائِدِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَجِبُ فِيمَا زَادَ على النِّصَابِ بِالْحِسَابِ إلَّا في السَّائِمَةِ. قَوْلُهُ وَمَنْ وَجَبَتْ عليه سِنٌّ فَعَدِمَهَا أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ منها وَمَعَهَا شَاتَانِ أو عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى منها وَأَخَذَ مِثْلَ ذلك. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بِشَرْطِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَا عَدَلَ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ في مِلْكِهِ فَلَوْ عَدِمَهَا لَزِمَهُ تَحْصِيلُ الْأَصْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ وقال أبو الْمَعَالِي لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك في مِلْكِهِ كما تَقَدَّمَ في بِنْتِ الْمَخَاضِ إذَا عَدِمَهَا وعدم [أو] بن [عدم] اللَّبُونِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ لو أَخْرَجَ شَاةً أو عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أو أَخَذَ شَاةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو احْتِمَالٌ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَالَا إلَيْهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ. وَقِيلَ يُجْزِئُهُ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ قال ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ أَجْزَأَهُ في الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ له وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ السِّنَّ التي تَلِيهَا انْتَقَلَ إلَى الْأُخْرَى وَجَبَرَهَا بِأَرْبَعِ شِيَاهٍ أو أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هو أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ قال ابن أبي الْمَجْدِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وقال النَّاظِمِ هذا الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي. وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إلَى سِنٍّ تَلِي الْوَاجِبَ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ قال في النِّهَايَةِ هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى جُبْرَانٍ ثَالِثٍ إذَا عَدِمَ الثَّانِيَ كما لو وَجَبَتْ عليه جَذَعَةٌ وَعَدِمَ الْحِقَّةَ وَبِنْتَ اللَّبُونِ فَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَى بِنْتِ مَخَاضٍ أو وَجَبَتْ عليه بِنْتُ مَخَاضٍ وَعَدِمَ بِنْتَ لَبُونٍ وابن لَبُونٍ وَالْحِقَّةَ فَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَى الْجَذَعَةِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا حَيْثُ جَوَّزْنَا الْجُبْرَانَ فَالْخِيَرَةُ فيه لِرَبِّ الْمَالِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا وَلِيَّ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ فإنه يَتَعَيَّنُ عليه إخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ فَيُعَايَى بها. وقال الْقَاضِي الْخِيَرَةُ فيه لِمَنْ أَعْطَى سَوَاءٌ كان رَبَّ الْمَالِ أو الْآخِذَ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَخْرِيجًا بِتَخْيِيرِ السَّاعِي. الثَّانِيَةُ حَيْثُ تَعَدَّدَ الْجُبْرَانُ جَازَ إخْرَاجُ جُبْرَانٍ غَنَمًا وَجُبْرَانٍ دَرَاهِمَ فَيَجُوزُ إخْرَاجُ شَاتَيْنِ أو عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وكذا الْحُكْمُ في الْجُبْرَانِ الذي يُخْرِجُهُ عن فَرْضِ الْمِائَتَيْنِ من الْإِبِلِ إذَا أَخْرَجَ عن خَمْسِ بَنَاتٍ لَبُونٍ خَمْسَ بَنَاتِ. مَخَاضٍ أو مَكَانَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَقَالَهُ غَيْرُهُمَا وهو دَاخِلٌ في كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْجُبْرَانُ الْوَاحِدُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. الثَّالِثَةُ إذَا عَدِمَ السِّنَّ الْوَاجِبَ عليه وَالنِّصَابُ مُعَيَّبٌ فَلَهُ دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلِيِّ مع الْجُبْرَانِ وَلَيْسَ له دَفْعُ ما فَوْقَهَا مع أَخْذِ الْجُبْرَانِ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَفْقَ ما بين الصَّحِيحَيْنِ وما بين الْمَعِيبَيْنِ أَقَلُّ منه فإذا دَفَعَ الْمَالِكُ جَازَ التَّطَوُّعُ بِالزَّائِدِ بِخِلَافِ السَّاعِي وَبِخِلَافِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ فإنه لَا يَجُوزُ له إخْرَاجُ إلا الْأَدْوَنِ وهو أَقَلُّ الْوَاجِبِ كما لَا يَجُوزُ له أَنْ يَتَبَرَّعَ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا. الرَّابِعَةُ لو أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى من الْوَاجِبِ فَهَلْ كُلُّهُ فَرْضٌ أو بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ قال أبو الْخَطَّابِ كُلُّهُ فَرْضٌ وهو مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ وقال الْقَاضِي بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ قال أبو الْخَطَّابِ بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ قال ابن رَجَبٍ وهو الصَّوَابُ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَعْطَاهُ جُبْرَانًا عن الزِّيَادَةِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ في زَكَاةِ الْبَقَرِ فَيَجِبُ فيها تَبِيعٌ أو تَبِيعَةٌ. التَّبِيعُ ما عُمُرُهُ سَنَةٌ وَدَخَلَ في الثَّانِيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ هِيَ التي لها نِصْفُ سَنَةٍ وقال ابن أبي مُوسَى سَنَتَانِ وَقِيلَ ما يَتْبَعُ أُمَّهُ إلَى الْمَرْعَى وَقِيلَ ما انْعَطَفَ شَعْرُهُ وَقِيلَ ما حَاذَى قَرْنُهُ أُذُنَهُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالتَّبِيعُ جَذَعُ الْبَقَرِ. الثَّانِيَةُ يُجْزِئُ إخْرَاجُ مُسِنٍّ عن تَبِيعٍ وَتَبِيعَةٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وفي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَهِيَ التي لها سَنَتَانِ. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَعْنِي أَنَّ الْمُسِنَّةَ هِيَ التي لها سَنَتَانِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ هِيَ التي لها سَنَةٌ وَقِيلَ هِيَ التي. لها ثَلَاثُ سِنِينَ وَقِيلَ هِيَ التي لها أَرْبَعُ سِنِينَ وَقِيلَ هِيَ التي يَلِدُ مِثْلُهَا وَقِيلَ هِيَ التي لها ثَلَاثُ سِنِينَ وَقِيلَ هِيَ التي بَلَغَتْ سِنَّ أُمِّهَا حين وَضَعَتْهَا وَقِيلَ هِيَ التي أَلْقَتْ سِنًّا نَصَّ عليه وجزم [وحزم] بِهِ في الْفُرُوعِ وَلَهَا سَنَتَانِ.
فَوَائِدُ: منها الْمُسِنَّةُ هِيَ ثَنِيَّةُ الْبَقَرِ. وَمِنْهَا يَجُوزُ إخْرَاجُ أَعْلَى من الْمُسِنَّةِ منها عنها. وَمِنْهَا لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ مُسِنٍّ عن مُسِنَّةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. فَعَلَيْهِ يُجْزِئُ إخْرَاجُ ثَلَاثَةِ أَتْبِعَةٍ عن مُسِنَّتَيْنِ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ ثُمَّ في كل ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وفي كُلّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْإِبِلِ إذَا اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ على ما تَقَدَّمَ لَك نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ هُنَا على التَّخْيِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وقال في مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ فيها ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ أو يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ وَجْهَانِ. وقال الْقَاضِي في أَحْكَامِهِ يَأْخُذُ الْعَامِلُ الْأَفْضَلَ وَقِيلَ الْمُسِنَّاتِ. قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُهُ الذَّكَرُ في الزَّكَاةِ في غَيْرِ هذا إلَّا ابن لَبُونٍ مَكَانَ بِنْتِ مَخَاضٍ إذَا عَدِمَهَا. كما تَقَدَّمَ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إلَّا ما اسْتَثْنَى على ما يَأْتِي قَرِيبًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْزِئُ ذَكَرُ الْغَنَمِ عن الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ أَيْضًا. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا فَيُجْزِئُ الذَّكَرُ في الْغَنَمِ وَجْهًا وَاحِدًا. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ كَالْمُصَنِّفِ. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ فَعَلَيْهِ يُجْزِئُ أُنْثَى بِقِيمَةِ الذَّكَرِ فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ من الْأَنَاثَى وَتُقَوَّمُ فَرِيضَتُهُ وَيُقَوَّمُ نِصَابُ الذُّكُورِ وَتُؤْخَذُ أُنْثَى بِقِسْطِهِ. قَوْلُهُ وفي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. يَعْنِي يُجْزِئُ إخْرَاجُ الذَّكَرِ إذَا كان النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا في الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُ فيها إلَّا أُنْثَى فَتُقَدَّمُ كما تَقَدَّمَ في نِصَابِ ذُكُورِ الْغَنَمِ على الْوَجْهِ الثَّانِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ يُجْزِئُ عن الْبَقَرِ لَا عن الْإِبِلِ لِئَلَّا يُجْزِئَ بن لَبُونٍ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَعَنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَيُسَاوِي الْفَرْضَانِ. وَقِيلَ يُجْزِئُ بن مَخَاضٍ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَيَقُومُ الذَّكَرُ مَقَامَ الْأُنْثَى التي في سِنِّهِ كَسَائِرِ النُّصُبِ وَحَكَاه ابن تَمِيمٍ عن الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَصَحُّ وقال الْقَاضِي يُخْرِجُ عن سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بن لَبُونٍ زَائِدَ الْقِيمَةِ على بن مَخَاضٍ بِقَدْرِ ما بين النِّصَابَيْنِ وقال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ كانت كُلُّهَا ذُكُورًا أَجْزَأَ إخْرَاجُ الذَّكَرِ في الْبَقَرِ قَوْلًا وَاحِدًا وفي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَجْهَانِ. كَذَا وَجَدْته في نُسْخَتَيْنِ الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ في الْبَقَرِ وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ في الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ ولم أَرَ هذه الطَّرِيقَةَ لِغَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ تَصْحِيفٌ من الْكَاتِبِ. قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ من الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ وَمِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه في الصَّغِيرَةِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يُؤْخَذُ إلَّا كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ على قَدْرِ الْمَالِ وَحَكَاهُ عن أَحْمَدَ قال الْقَاضِي أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ وفي رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً. قال الْحَلْوَانِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَشَاةِ الْإِبِلِ وَفَرَّقَ بينهما [بينها]. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَصَوَّرُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ إذَا أَبْدَلَ الْكِبَارَ بِصِغَارٍ أو مَاتَتْ الْأُمَّاتُ وَبَقِيَتْ الصِّغَارُ وَذَلِكَ على الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ على الصِّغَارِ مُنْفَرِدًا كما تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَيُؤْخَذُ من الصِّغَارِ صَغِيرَةٌ الْفُصْلَانَ من الْإِبِلِ وَالْعَجَاجِيلَ من الْبَقَرِ فَيُؤْخَذُ منها كَالسِّخَالِ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ وَالشَّرْحُ وَشَرْحُ بن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فَيُؤْخَذُ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدَةً منها ثُمَّ في سِتٍّ وَسَبْعِينَ اثنتان وكذا في إحْدَى وَتِسْعِينَ وَيُؤْخَذُ في ثَلَاثِينَ عِجْلًا إلَى تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَاحِدٌ وَيُؤْخَذُ في سِتِّينَ إلَى تِسْعٍ وَثَمَانِينَ اثْنَانِ وفي التِّسْعِينَ ثَلَاثٌ منها فَيُعَايَى بِذَلِكَ على هذا الْوَجْهِ وَالتَّعْدِيلُ على هذا الْوَجْهِ بِالْقِيمَةِ وكان زِيَادَةُ السِّنِّ كما سَبَقَ في إخْرَاجِ الذُّكُورِ من الذُّكُورِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ التي غَايَرَ الشَّرْعُ بِالْأَحْكَامِ فيها بِاخْتِلَافِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَقَوَّاهُ وَمَالَ إلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ من الْكِبَارِ وَيُقَوَّمُ فَرْضُهُ ثُمَّ يُقَوَّمُ الصِّغَارُ وَيُؤْخَذُ عنها كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ في سِنِّ الْمُخْرَجِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ بِضِعْفِ سِنِّ الْمُخْرَجِ في الْإِبِلِ فَيُخْرِجُ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَاحِدَةً منها وَيُخْرِجُ عن سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَاحِدَةً منها كَسِنِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَرَّتَيْنِ وفي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ مِثْلُ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وفي إحْدَى وَسِتِّينَ مثلها [مثل] أَرْبَعِ مَرَّاتٍ وَالْعُجُولُ على هذا وَأَطْلَقَهُنَّ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ يُضَعَّفُ ذلك في الْإِبِلِ خَاصَّةً. وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ وَقَالَهُ السَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ يُخْرِجُ عن خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَصِيلًا وَاحِدًا منها وَعَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا وَاحِدًا منها وَمَعَهُ شَاتَانِ أو عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَعَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَاحِدًا منها وَمَعَهُ الْجُبْرَانُ مُضَاعَفًا مَرَّتَيْنِ فَيَكُونُ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا أو شَاتَانِ مع عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَنْ إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدًا منها وَمَعَهُ الْجُبْرَانُ مُضَاعَفًا مَرَّتَيْنِ فَيَكُونُ سِتُّ شِيَاهٍ أو سِتِّينَ دِرْهَمًا وَيُخْرِجُ عن ثَلَاثِينَ عِجْلًا وَاحِدًا منها وَعَنْ أَرْبَعِينَ وَاحِدًا وَثُلُثَ قِيمَةِ آخَرَ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ يُؤْخَذُ من الصِّغَارِ من غَيْرِ اعْتِبَارِ سِنٍّ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِغَنَمِهِ دُونَ غَنَمِ غَيْرِهِ.
فائدة: لو كان عِنْدَهُ أَقَلُّ من خَمْسٍ وَعِشْرِينَ من الْإِبِلِ صِغَارًا وَجَبَتْ عليه في كل خَمْسٍ شَاةٌ كَالْكِبَارِ. قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَصِحَاحٌ وَمِرَاضٌ وَذُكُورٌ وَإِنَاثٌ لم يُؤْخَذْ إلَّا أُنْثَى صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. فَعَلَى هذا لو كان قِيمَةُ الْمَالِ الْمُخْرَجِ إذَا كان الْمَالُ الْمُزَكَّى كُلُّهُ كِبَارًا صِحَاحًا عِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ بِالْعَكْسِ عَشَرَةً وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مع تَسَاوِي الْعَدَدَيْنِ وَلَوْ كان الثُّلُثُ أَعْلَى وَالثُّلُثَانِ أَدْنَى فَشَاةٌ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَبِالْعَكْسِ فَشَاةٌ قِيمَتُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ. وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ من لَزِمَهُ رَأْسَانِ فِيمَا نِصْفُهُ صَحِيحٌ وَمَعِيبٌ أَخْرَجَ صَحِيحَهُ وَمَعِيبَهُ كَنِصَابٍ صَحِيحٍ مُفْرَدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ من الْمُفْرَدَاتِ.
فائدة: لو كان مَالُهُ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاةً وَالْجَمِيعُ مَعِيبٌ إلَّا وَاحِدَةً أو كان عِنْدَهُ مِائَةٌ وَإِحْدَى وعشرون [وعشرين] شَاةً كَبِيرَةً أو الْجَمِيعُ سِخَالٌ إلَّا وَاحِدَةً كَبِيرَةً فإنه يُجْزِئُهُ على الْأَوَّلِ صحيحه ومعيبه وَعَنْ الثَّانِي شَاةٌ كَبِيرَةٌ وَسَخْلَةٌ إنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ في سِخَالٍ مُفْرَدَةٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ وهو مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَإِنْ كان الصَّحِيحُ غير وَاجِبٍ لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ صَحِيحًا بِقَدْرِ الْمَالِ. قَوْلُهُ وَإِنْ كان نَوْعَيْنِ كالبخاتى وَالْعِرَابِ وَالْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ أو كان فيه كِرَامٌ وَلِئَامٌ وَسِمَانٌ وَمَهَازِيلُ أُخِذَتْ الْفَرِيضَةُ من أَحَدِهِمَا على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان النِّصَابُ من نَوْعَيْنِ كما مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا فَقَطَعَ بِأَنَّهُ تُؤْخَذُ الْفَرِيضَةُ من أَحَدِهِمَا على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يُخَيَّرُ السَّاعِي وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ في ضَأْنٍ وَمَعْزٍ يُخَيَّرُ السَّاعِي لِاتِّحَادِ الْوَاجِبِ ولم يَعْتَبِرْ أبو بَكْرٍ الْقِيمَةَ في النَّوْعَيْنِ. قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ ما نَقَلَ حَنْبَلٌ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في حِنْثِ من حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِأَكْلِهِ لَحْمَ جَامُوسٍ الْخِلَافُ لنا هُنَا في تَعَارُضِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ. وَأَمَّا إذَا كان النِّصَابُ فيه كِرَامٌ وَلِئَامٌ وَسِمَانٌ وَمَهَازِيلُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِأَنَّهُ تؤخذ [يؤخذ] الْفَرِيضَةُ من أَحَدِهِمَا على قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ وهو اخْتِيَارُهُ وَذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ في هَزِيلَةٍ بِقِيمَةِ سَمِينَةٍ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ في ذلك الْوَسَطُ نَصَّ عليه بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
فَوَائِدُ: إحْدَاهُمَا لو أَخْرَجَ عن النِّصَابِ من غَيْرِ نَوْعِهِ ما ليس في مَالِهِ منه جَازَ إنْ لم تَنْقُصْ قِيمَةُ الْمُخْرَجِ عن النَّوْعِ الْوَاجِبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ يَجُوزُ وَلَوْ نَقَصَتْ. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ هُنَا مُطْلَقًا كَغَيْرِ الْجِنْسِ وَجَازَ من أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ لِتَشْقِيصِ الْفَرْضِ. وَقِيلَ يُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ من الضَّأْنِ عن الْمَعْزِ وَجْهًا وَاحِدًا. الثَّانِيَةُ لَا يُضَمُّ الظِّبَاءُ إذَا قُلْنَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فيها إلَى الْغَنَمِ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أنها تُضَمُّ وحكى وجه [وجها] وحكى رِوَايَةً أَيْضًا. الثَّالِثَةُ يُضَمُّ ما تَوَلَّدَ بين وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ إنْ وَجَبَتْ. قَوْلُهُ في زَكَاةِ الْغَنَمِ إلَى مِائَتَيْنِ فإذا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ. هذا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ ثُمَّ في كل مِائَةِ شاه شَاةٌ. فَتَكُونُ في أَرْبَعِمِائَةِ شَاةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وفي خَمْسِمِائَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ وَعَلَى هذا فَقِسْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ في ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ في كل مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ فَيَكُونُ في خَمْسِمِائَةِ شَاةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ فَالْوَقْصُ من ثَلَاثِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ. وَعَنْهُ أَنَّ الْمِائَةَ زَائِدَةٌ فَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ وفي خَمْسِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ سِتُّ شِيَاهٍ وَعَلَى هذا أَبَدًا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا من الْأَصْحَابِ من ذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ الْأَخِيرَةَ وقال اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَأَنَّ التي قَبْلَهَا سَهْوٌ منهم الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ وقال اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ ولم يذكر الثَّالِثَةَ وهو مَعْنَى ما في الْمُغْنِي وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ منهم بن حَمْدَانَ وابن تَمِيمٍ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ من الْمَعْزِ الثَّنِيُّ وَمِنْ الضَّأْنِ الْجَذَعُ. فَالثَّنِيُّ من الْمَعْزِ ما له سَنَةٌ وَالْجَذَعُ من الضَّأْنِ ما له نِصْفُ سَنَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ الْجَذَعُ من الضَّأْنِ ما له ثَمَانِ شُهُورٍ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَيَأْتِي ذلك في أَوَّلِ بَابِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ. قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ. أَمَّا التَّيْسُ فَتَارَةً يَكُونُ تَيْسَ الضِّرَابِ وهو فَحْلُهُ وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ. فَإِنْ كان فَحْلَ الضِّرَابِ فَلَا يُؤْخَذُ لِخَبَرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الفرع [الفروع] وَغَيْرِهِ قال الْمَجْدُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَكَذَا ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. فَلَوْ بَذَلَهُ الْمَالِكُ لَزِمَ قَبُولُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ وَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ. وَإِنْ كان التَّيْسُ غير فَحْلِ الضِّرَابِ فَلَا يُؤْخَذُ لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ. قَوْلُهُ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَهِيَ الْمَعِيبَةُ. لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ وَهِيَ التي لَا يُضَحَّى بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَنَصَّ عليه وقال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ يُرَدُّ بِهِ في الْبَيْعِ وَنُقِلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا تُؤْخَذُ عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا نَاقِصَةُ الْخَلْقِ. وَاخْتَارَ الْمَجْدُ الْإِجْزَاءَ إنْ رَآهُ السَّاعِي أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ لِزِيَادَةِ صِفَةٍ فيه وَأَنَّهُ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ من أَصْلِنَا إخْرَاجَ الْمُكَسَّرَةِ عن الصِّحَاحِ وردىء [ورديء] الْحَبِّ عن جَيِّدِهِ إذَا زَادَ قَدْرُ ما بينهما [بينها] من الْفَضْلِ على ما يَأْتِي.
فائدة: قَوْلُهُ وَلَا الرُّبَّى وَهِيَ التي تربى وَلَدَهَا وَلَا الْحَامِلُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ قال الْمَجْدُ وَلَوْ كان الْمَالُ كَذَلِكَ لِمَا فيه من مُجَاوَزَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْدُودَةِ وَمِثْلُ ذلك طروقه الْفَحْلِ. قُلْت لو قِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا كان النِّصَابُ كَذَلِكَ لَكَانَ قَوِيًّا في النَّظَرِ وهو مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ وَلَا يجوز [تجوز] إخْرَاجُ الْقِيمَةِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كان ثَمَّ حَاجَةٌ أَمْ لَا لِمَصْلَحَةٍ أو لَا لِفِطْرَةٍ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ يُجْزِئُ في غَيْرِ الْفِطْرَةِ. وَعَنْهُ تُجْزِئُ لِلْحَاجَةِ من تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وصححها [صححها] جَمَاعَةٌ منهم بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقِيلَ وَلِمَصْلَحَةٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةَ تُجْزِئُ للحاجة [للجاجة]. وقال ابن الْبَنَّا في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ إذَا كانت الزَّكَاةُ جُزْءًا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ جَازَ صَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ قال وَكَذَا كُلُّ ما يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرًا لَا يَقْدِرُ على الْمَشْيِ وَعَنْهُ تُجْزِئُ عَمَّا يُضَمُّ دُونَ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ وَهِيَ الثَّمَنُ لِمُشْتَرِي ثَمَرَتِهِ التي لَا تَصِيرُ تَمْرًا أو زَبِيبًا عن السَّاعِي قَبْل جِدَادِهِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فَلَا تُجْزِئُ الْقِيمَةُ على ما يَأْتِي.
فائدة: قَوْلُهُ لو بَاعَ النِّصَابَ قبل إخْرَاجِ زَكَاتِهِ. وَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ على ما تَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ فَعَنْهُ له أَنْ يُخْرِجَ عُشْرَ ثَمَنِهِ نَصَّ عليه وَأَنْ يُخْرِجَ من جِنْسِ النِّصَابِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ وَإِنْ بَاعَ تَمْرَهُ أو زَرْعَهُ وقد بَلَغَ فَفِي ثَمَنِهِ الْعُشْرُ أو نِصْفُهُ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَتَصَدَّقُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ قال الْقَاضِي أَطْلَقَ الْقَوْلَ هُنَا أَنَّ الزَّكَاةَ في الثَّمَنِ وَخَبَرُهُ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد انْتَهَى وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ من الثَّمَنِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وقال الْقَاضِي الرِّوَايَتَانِ بِنَاءً على رِوَايَتَيْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ وقال هذا الْمَعْنَى قَبْلَهُ أبو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ بَعْدَهُ آخَرُونَ وقال أبو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ إذَا بَاعَ فَالزَّكَاةُ في الثَّمَنِ وَإِنْ لم يَبِعْ فَالزَّكَاةُ فيه وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ في إخْرَاجِ ثَمَنِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ وَعَنْ أبي بَكْرٍ إنْ لم يَقْدِرْ على تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَوَجَدَهُ رُطَبًا أَخْرَجَهُ وزاد بِقَدْرِ ما بَيْنَهُمَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا عنه. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ سِنًّا أَعْلَى من الْفَرْضُ من جِنْسِهِ جَازَ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَتَقَدَّمَ جَوَازُ إخْرَاجِ الْمُسِنِّ عن التَّبِيعِ وَالتَّبِيعَةِ وَإِخْرَاجُ الثَّنِيَّةِ عن الْجَذَعَةِ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَجْهًا بِعَدَمِ الْجَوَازِ قال الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخْرَجَ الْأَكُولَةَ وَهِيَ السَّمِينَةُ وَلِلسَّاعِي قَبُولُهَا وَعَنْهُ لَا لِأَنَّهَا قِيمَةٌ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ. قُلْت يُنَزَّهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذلك.
فَائِدَتَانِ: إحداهما [إحداها] قَوْلُهُ وإذا اخْتَلَطَ نَفْسَانِ أو أَكْثَرُ من أَهْلِ الزَّكَاةِ في نِصَابٍ من الْمَاشِيَةِ حَوْلًا لم يَثْبُتْ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ في بَعْضِهِ فَحُكْمُهُمَا في الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ سَوَاءٌ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ في إيجَابِ الزَّكَاةِ أو إسْقَاطِهَا أو ثرت [أثرت] في تَغْيِيرِ الْفَرْضِ أو عَدَمِهِ فَلَوْ كان لِأَرْبَعَيْنِ من أَهْلِ الزَّكَاةِ أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً لَزِمَهُمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَلَوْ كان لِثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً لَزِمَهُمْ وَاحِدَةٌ وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ على قَدْرِ الْمَالِ مع الْوَقْصِ فَسِتَّةُ أَبْعِرَةٍ مُخْتَلِطَةٌ مع تِسْعَةٍ يَلْزَمُ رَبَّ السِّتَّةِ شَاةٌ وَخُمُسُ شَاةٍ وَيَلْزَمُ رَبَّ التِّسْعَةِ شَاةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كانت خُلْطَةَ أَعْيَانٍ بِأَنْ تَكُونَ مَشَاعًا بَيْنَهُمَا. تُتَصَوَّرُ الْإِشَاعَةُ بِالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ أو غَيْرِهِ. قَوْلُهُ أو خُلْطَةَ أَوْصَافٍ بِأَنْ يَكُونَ مَالُ كل وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا. فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ بِشَاةٍ منها فَحَالَ الْحَوْلُ ولم يُفْرِدْهَا فَهُمَا خَلِيطَانِ وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَنَقَصَ النِّصَابُ فَلَا زَكَاةَ. قَوْلُهُ فَخَلَطَاهُ وَاشْتَرَكَا في الْمُرَاحِ والمسرج [والمسرح] وَالْمَشْرَبِ وَالْمَحْلَبِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ. وَهَكَذَا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالتَّسْهِيلِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ في ضَبْطِ ما يُشْتَرَطُ في صِحَّةِ الْخَلْطِ طُرُقًا أَحَدُهَا هذا. الطَّرِيقُ الثَّانِي اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحِ وَالْمَبِيتِ وهو الْمُرَاحُ وَالْمَحْلَبُ وَالْفَحْلُ لَا غَيْرُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بها الْخِرَقِيُّ وَالْمَجْدُ في. مُحَرَّرِهِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ فَزَادُوا على الْمُصَنِّفِ الْمَرْعَى وَأَسْقَطُوا الرَّاعِيَ وَالْمَشْرَبَ. الطَّرِيقُ الثَّالِثُ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وهو الْمَأْوَى وَالْمَرْعَى وَالرَّاعِي وَالْمَشْرَبِ وهو مَوْضِعُ الشُّرْبِ وَآنِيَتُهُ وَالْمَحْلَبِ وهو مَوْضِعُ الْحَلْبِ وَآنِيَتُهُ وَالْمَسْرَحِ وهو مُجْتَمَعُهَا لِتَذْهَبَ وَالْفَحْلُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ فَزَادُوا على الْمُصَنِّفِ الْمَرْعَى وَآنِيَةَ الشُّرْبِ وَآنِيَةَ الْحَلْبِ. الطَّرِيقُ الرَّابِعُ اشْتِرَاطُ الْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى وَالْمَشْرَبِ وَالْمُرَاحِ وَالْمَحْلَبِ وَالْفَحْلِ وَبِهِ جَزَمَ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْخَامِسُ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي وَالْمَرْعَى وَمَوْضِعِ شُرْبِهَا وَحَلْبِهَا وَآنِيَتِهَا وفحلها [ومحلها] وَمَسْرَحِهَا وَبِهِ جَزَمَ في الْوَجِيزِ فَأَسْقَطَ الْمُرَاحَ وزاد الْآنِيَةَ وَالْمَرْعَى. الطريق [الطرق] السَّادِسُ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي وَالْمَسْرَحِ وَالْمَبِيتِ وَالْمَحْلَبِ وَالْفَحْلِ قَدَّمَهَا في الْفَائِقِ فَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ. الطَّرِيقُ السَّابِعُ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي وَالْفَحْلِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمُرَاحِ وَجَزَمَ بها في الْفُصُولِ وَقَدَّمَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ فَأَسْقَطَ الْمَحْلَبَ وَالْمَشْرَبَ. الطَّرِيقُ الثَّامِنُ اشْتِرَاطُ الْفَحْلِ وَالرَّاعِي وَالْمَرْعَى وَالْمَأْوَى وهو الْمَبِيتُ وَالْمَحْلَبِ وَبِهِ جَزَمَ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ فَزَادَ الْمَرْعَى وَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ وَالْمَسْرَحَ. الطَّرِيقُ التَّاسِعُ اشْتِرَاطُ الْمَبِيتِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَحْلَبِ وَآنِيَتِهِ وَالْمَشْرَبِ وَالرَّاعِي وَالْمَرْعَى وَالْفَحْلِ قَدَّمَهَا ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ فَزَادَ الْمَرْعَى وَآنِيَةَ الْحَلْبِ. الطَّرِيقُ الْعَاشِرُ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَبِيتِ وَالْفَحْلِ وَبِهِ قَطَعَ في الْإِيضَاحِ فَجَمَعَ بين الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ وَأَسْقَطَ الْحَلْبَ وَالْمَشْرَبَ وَالرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْحَادِيَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْفَحْلِ وَالْمَرْعَى وَهِيَ. طَرِيقَةُ الْآمِدِيِّ فَزَادَ الْمَرْعَى وَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ وَالْمَحْلَبَ وَالرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الثَّانِيَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْفَحْلِ وَالرَّاعِي وَالْمَحْلَبِ فَقَطْ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ فَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ وَالْمُرَاحَ وَالْمَسْرَحَ. الطَّرِيقُ الثَّالِثَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحِ والمشرب [والشرب] وَالرَّاعِي وَبِهَا قَطَعَ بن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ. الطَّرِيقُ الرَّابِعَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمُحْلَبِ وَالْمَبِيتِ وَالْفَحْلِ وَبِهَا قَطَعَ في الْمُبْهِجِ فَجَمَعَ بين الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ كما فَعَلَ في الْإِيضَاحِ. إلَّا أَنَّهُ زَادَ عليه الْمَحْلَبَ وَأَسْقَطَ الْمَشْرَبَ وَالرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي فَقَطْ وَهِيَ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ عنه وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ. الطَّرِيقُ السَّادِسَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْفَحْلِ وَالْمَشْرَبِ وَبِهَا قَطَعَ بن الْبَنَّا في الْخِصَالِ وَالْعُقُودِ. الطَّرِيقُ السَّابِعَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي وَالْمَرْعَى وَالْفَحْلِ وَالْمَشْرَبِ وَبِهَا قَطَعَ في الْخُلَاصَةِ فَزَادَ الْمَرْعَى وَأَسْقَطَ الْمَسْرَحِ. الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى وَالْمَحْلَبِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَقِيلِ وَالْفَحْلِ وَبِهَا قَطَعَ في الْإِفَادَاتِ فَزَادَ الْمَقِيلَ وَالْمَرْعَى وَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ وَالْمُرَاحَ. الطَّرِيقُ التَّاسِعَ عَشَرَ اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى وَالْفَحْلِ وَالْمَبِيتِ وَالْمَحْلَبِ وَالْمَشْرَبِ وَبِهَا قَطَعَ في الْعُمْدَةِ. الطَّرِيقُ الْعِشْرُونَ اشْتِرَاطُ الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَبِيتِ وَالْمَحْلَبِ وَالْفَحْلِ وَبِهَا جَزَمَ في الْمُنَوِّرِ فَزَادَ الْمَرْعَى وَأَسْقَطَ الرَّاعِيَ. الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ اشْتِرَاطُ الْمُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَشْرَبِ وَالرَّاعِي وَالْفَحْلِ وَبِهَا قَطَعَ في الْمُنْتَخَبِ فَأَسْقَطَ الْمَحْلَبَ. الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ اشْتِرَاطُ الرَّاعِي وَالْمَبِيتِ فَقَطْ وهو رِوَايَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ. الطَّرِيقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ اشْتِرَاطُ الْحَوْضِ وَالرَّاعِي وَالْمُرَاحِ فَقَطْ وهو أَيْضًا رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ طَرِيقَةً لَكِنْ قد تَرْجِعُ إلَى أَقَلَّ منها بِاعْتِبَارِ ما تُفَسَّرُ بِهِ الْأَلْفَاظُ على ما يَأْتِي بَيَانُهُ.
فائدة: الْمُرَاحُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَكَانُ مَبِيتِهَا وهو الْمَأْوَى فَالْمَبِيتُ هو الْمُرَاحُ فَسَّرُوا كل [واحدا] واحد مِنْهُمَا بِالْآخَرِ وَهَذَا الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ الْمُرَاحُ رَوَاحُهَا منه جُمْلَةً إلَى الْمَبِيتِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَمَعَ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ بين الْمُرَاحِ وَالْمَبِيتِ كما تَقَدَّمَ فَعِنْدَهُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ. وَأَمَّا الْمَسْرَحُ فَهُوَ الْمَكَانُ الذي تَرْعَى فيه الْمَاشِيَةُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن حَامِدٍ وقال إنَّمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمَسْرَحَ لِيَكُونَ فيه رَاعٍ وَاحِدٌ قَدَّمَهُ في الْمَطْلَعِ فَعَلَيْهِ يَلْزَمُ من اتِّحَادِهِ اتِّحَادُ الْمَرْعَى وَلِذَلِكَ قال الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن حَامِدٍ الْمَسْرَحُ وَالْمَرْعَى شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَقِيلَ الْمَسْرَحُ مَكَانُ اجْتِمَاعِهَا لِتَذْهَبَ إلَى الْمَرَاعِي جَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الزَّرْكَشِيُّ وهو أَوْلَى دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ وهو الصَّحِيحُ. وَفَسَّرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ بِمَوْضِعِ رَعْيِهَا وَشُرْبِهَا. وَفَسَّرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بِمَوْضِعِ الْمَرْعَى مع أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا في الْمُحَرَّرِ مُتَابَعَةً لِلْخِرَقِيِّ وقال يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّعْيَ الذي هو الْمَصْدَرُ لَا الْمَكَانُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْرَحِ الْمَصْدَرَ الذي هو السروح [المسروح] لَا الْمَكَانَ لِأَنَّا قد بَيَّنَّا أَنَّهُمَا وَاحِدٌ بِمَعْنَى الْمَكَانِ فإذا حَمَلْنَا أَحَدَهُمَا على الْمَصْدَرِ زَالَ التَّكْرَارُ وَحَصَلَ بِهِ اتِّحَادُ الرَّاعِي وَالْمَشْرَبِ انْتَهَى. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّاعِيَ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحْمَدَ وَلِكَوْنِ الْمَرْعَى هو الْمَسْرَحَ انْتَهَى. وَأَمَّا الْمَشْرَبُ فَهُوَ مَكَانُ الشُّرْبِ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ مَوْضِعُ الشُّرْبِ وما يُحْتَاجُ إلَيْهِ من حَوْضٍ وَنَحْوِهِ وَبِهِ قَطَعَ بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَمَّا الْمَحْلَبُ فَهُوَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ على الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ مَوْضِعُ الْحَلْبِ وَآنِيَتُهُ وَبِهِ جَزَمَ بن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ اللَّبَنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم بَلْ مَنَعُوا من خَلْطِهِ وَحَرَّمُوهُ وَقَالُوا هو رِبًا. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ خَلْطُهُ وَقَالَهُ الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ. وَأَمَّا الرَّاعِي فَمَعْرُوفٌ وَمَعْنَى الِاشْتِرَاكِ فيه أَنْ لَا يَرْعَى أَحَدَ الْمَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وكذا لو كان رَاعِيَانِ فَأَكْثَرُ قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَرْعَى غير مَالِ الشَّرِكَةِ. وَأَمَّا الْفَحْلُ فَمَعْرُوفٌ وَمَعْنَى الِاشْتِرَاكِ فيه أَنْ لَا تَكُونَ فُحُولَةُ أَحَدِ الْمَالَيْنِ تَطْرُقُ الْمَالَ الْآخَرَ قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَنْزُو على غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ. وَأَمَّا الْمَرْعَى فَهُوَ مَوْضِعُ الرَّعْيِ وَوَقْتُهُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمَرْعَى هو الْمَسْرَحُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ. فَإِنْ كانت خُلْطَةَ أَعْيَانٍ لم تُشْتَرَطْ لها النِّيَّةُ إجْمَاعًا وَإِنْ كانت خُلْطَةَ أَوْصَافٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا لَا تُشْتَرَطُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في الْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وقال عن الْقَوْلِ الثَّانِي ليس بِشَيْءٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ لو وَقَعَتْ الْخُلْطَةُ اتِّفَاقًا أو فَعَلَهُ الرَّاعِي وَتَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عن الْمِلْكِ. وَقِيلَ لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُهَا عنه بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كتقديمها [كتقدمها] على الْمِلْكِ بَلْ من يَسِيرٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ منها أو ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ في بَعْضِ الْحَوْلِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِينَ فيه. فَيَضُمُّ من كان من أَهْلِ الزَّكَاةِ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ وَيُزَكِّيهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ إنْ تُصُوِّرَ بِضَمٍّ حول [وحول] إلَى آخَرَ يَقَعُ كَمَسْأَلَتِنَا يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْخُلْطَةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال.
فائدة: قَوْلُهُ أو ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ في بَعْضِ الْحَوْلِ زُكِّيَا زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِينَ فيه. مِثَالُ ذلك لو خَلَطَا في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ نِصَابَيْنِ ثَمَانِينَ شَاةً زَكَّى كُلُّ وَاحِدٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ فَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أَخْرَجَا شَاةً عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ على كل وَاحِدٍ نِصْفُهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا من غَيْرِ الْمَالِ فَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ شَاةٍ أَيْضًا إذَا تَمَّ حَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا من الْمَالِ فَقَدْ تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي على تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ شَاةً وَنِصْفِ شَاةٍ له منها أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَلْزَمُهُ. أَرْبَعُونَ جُزْءًا من تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا وَنِصْفَ جُزْءٍ من شَاةٍ فَنُضَعِّفُهَا فَتَكُونُ ثَمَانِينَ جُزْءًا من مِائَةِ جُزْءٍ وَتِسْعَةً وَخَمْسِينَ جُزْءًا من شَاةٍ ثُمَّ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ من زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ ما له فيه.
فائدة: قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَعَلَى الْآخَرِ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ. مِثَالُهُ إنْ مَلَكَا نِصَابَيْنِ فَخَلَطَاهُمَا ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي أَرْبَعِينَ لم يَثْبُتْ لها حُكْمُ الِانْفِرَادِ فإذا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادٍ شَاةٌ فإذا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ إنْ كان الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الشَّاةَ من غَيْرِ الْمَالِ وَإِنْ أَخْرَجَهَا منه لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْبَعُونَ جُزْءًا من تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا من شَاةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ يُزَكِّي الثَّانِي عن حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ لِأَنَّ خَلِيطَهُ لم يَنْتَفِعْ بِالْخُلْطَةِ. قَوْلُهُ ثُمَّ يُزَكِّيَانِ فِيمَا بَعْدَ ذلك الْحَوْلِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ ما له منها. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ.
فائدة: لو كان بَيْنَهُمَا نِصَابُ خُلْطَةٍ ثَمَانُونَ شَاةً فَبَاعَ كل مِنْهُمَا غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ لم يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا ولم تَزُلْ خُلْطَتُهُمَا في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فإن إبْدَالَ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ لَا يَقْطَعُ الْحَوْلَ وَكَذَا لو تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ قَلَّ أو أَكْثَرَ وَتَبْقَى الْخُلْطَةُ في غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كان نِصَابًا فيزكى بِشَاةٍ زَكَاةَ انْفِرَادٍ عَلَيْهِمَا لِتَمَامِ حَوْلِهِ. وإذا حَالَ حَوْلُ الْمَبِيعِ وهو أَرْبَعُونَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرَحَ بن رَزِينٍ وابن تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ. وَقِيلَ لَا زَكَاةَ فيه اخْتَارَهُ في الْمُجَرَّدِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هِيَ زَكَاةُ خُلْطَةٍ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وابن تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ . وَقِيلَ زَكَاةُ انْفِرَادٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. فَأَمَّا إنْ أفرادها [أفرداها] ثُمَّ تَبَايَعَاهَا ثُمَّ خَلَطَاهَا فَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِانْفِرَادِ بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ وَكَذَا إنْ لم يَطُلْ على الصَّحِيح من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ ما صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ في مَكَان. وَقِيلَ لَا أَثَرَ لِلِانْفِرَادِ الْيَسِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. وَإِنْ زَكَّى بَعْضَ النِّصَابِ وَتَبَايَعَاهُ وكان الْبَاقِي على الْخُلْطَةِ نِصَابًا بَقِيَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فيه وهو يَنْقَطِعُ في الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْخِلَافَ في ضَمِّ مَالِ الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ إلَى مَالِهِ الْمُخْتَلِطِ وَإِنْ بَقِيَ دُونَ نِصَابٍ بَطَلَتْ. وقال ابن عَقِيلٍ تَبْطُلُ الْخُلْطَةُ في هذه الْمَسَائِلِ بِنَاءً على انْقِطَاعِ الْحَوْلِ بِبَيْعِ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ وفي كَلَامِ الْقَاضِي كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي. قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَ رَجُلٌ نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهُ مَشَاعًا أو أَعْلَمَ على بَعْضِهِ وَبَاعَهُ مُخْتَلِطًا فقال أبو بَكْرٍ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيَسْتَأْنِفَانِهِ من حِينِ الْبَيْعِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وقال ابن حَامِدٍ لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ حِصَّتِهِ قَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَمُصَنَّفِ بن أبي الْمَجْدِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن منجا في شَرْحِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهَا من الْمَالِ انْقَطَعَ حَوْلُ المشترى لِنُقْصَانِ النِّصَابِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ على قَوْلِ بن حَامِدٍ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَسْتَدِمْ الْفَقِيرُ الْخُلْطَةَ بِنِصْفِهِ فَإِنْ اسْتَدَامَهَا لم يَنْقَطِعْ حَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَقِيلَ إنْ زَكَّى الْبَائِعُ منه إلَى فَقِيرٍ زَكَّى الْمُشْتَرِي. وَقِيلَ يَسْقُطُ كَأَخْذِ السَّاعِي منه قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا من غَيْرِهِ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ في الْعَيْنِ فَكَذَلِكَ. يَعْنِي يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْمُشْتَرِي لِنُقْصَانِ النِّصَابِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وفي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَاخْتَارَهُ أبو الْمَعَالِي وَالشَّارِحُ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عن أبي الْخَطَّابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في كِتَابِهِ الْهِدَايَةِ وَلَا نَعْرِفُ له مُصَنَّفًا يُخَالِفُهُ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُزَكِّي بِنِصْفٍ شاة إذَا تَمَّ حَوْلُهُ قال الْمَجْدُ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ الْحَوْلَ بِالِاتِّفَاقِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ منهم أبو الْخَطَّابِ في هِدَايَتِهِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ. وَذَكَرَ بن منجا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وقال إنَّهُ خَطَأٌ في النَّقْلِ وَالْمَعْنَى وَبَيَّنَ ذلك.
فَوَائِدُ: منها إذَا لم يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ فَإِنْ كان له غَنَمٌ سَائِمَةٌ ضَمَّهَا إلَى حِصَّتِهِ في الْخُلْطَةِ وَزَكَّى الْجَمِيعَ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه. وَمِنْهَا حُكْمُ الْبَائِعِ بَعْدَ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ ما دَامَ نِصَابُ الْخُلْطَةِ نَاقِصًا كَذَلِكَ. وَمِنْهَا إنْ كان الْبَائِعُ اسْتَدَانَ ما أَخْرَجَهُ وَلَا مَالَ له يُجْعَلُ في مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ إلَّا مَالُ الْخُلْطَةِ أو لم يُخْرِجْ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ حتى تَمَّ حَوْلُ المشترى فَإِنْ قُلْنَا الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ أو قُلْنَا يَمْنَعُ لَكِنْ لِلْبَائِعِ مَالٌ يَجْعَلُهُ في مُقَابَلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ زَكَّى المشترى حِصَّتَهُ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ نِصْفَ شَاةٍ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عليه قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ. وقال ابن تَمِيمٍ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِنْ أَخْرَجَ من غَيْرِهِ فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا لَا زَكَاةَ عليه وَيَسْتَأْنِفُ الْحَوْلَ من حِينِ الْإِخْرَاجِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ بِنَاءً على تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ. وَالثَّانِي عليه الزَّكَاةُ وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. وَلَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ وُجُوبَهَا ما لم يَحُلْ حَوْلُهَا قبل إخْرَاجِهَا وَلَا انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي في حَقِّ الْبَائِعِ حتى يَمْضِيَ قبل الْإِخْرَاجِ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ له. وَإِنْ لم يَكُنْ أَخْرَجَ حتى حَالَ حَوْلُ الْمُشْتَرَى فَهِيَ من صُوَرِ تَكْرَارِ الْحَوْلِ قبل إخْرَاجِ الزَّكَاةِ انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ في مَسْأَلَةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قبل الْإِخْرَاجِ وقال قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كما تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْرَدَ بَعْضَهُ وَبَاعَهُ ثُمَّ اخْتَلَطَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ إذَا كان زَمَنًا يَسِيرًا. قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَ نِصَابَيْنِ شَهْرًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا مُشَاعًا فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أبي بَكْرٍ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَعَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةُ مُنْفَرِدٍ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ بن حَامِدٍ عليه زَكَاةُ خَلِيطٍ. وقد عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ قَطَعُوا بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وقال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ بن تَمِيمٍ أَنَّ الشَّيْخَ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ على وَجْهَيْنِ وَأَنَّ الْأَوْلَى وُجُوبُ شَاةٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَخْتَصُّ بِالشَّيْخِ انْتَهَى.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو كان الْمَالُ سِتِّينَ في هذه الْمَسْأَلَةِ وَالْمَبِيعُ ثُلُثَهَا زَكَّى الْبَائِعُ ثُلُثَيْ شَاةٍ عن الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ على قَوْلِ بن حَامِدٍ وَزَكَّى شَاةً على قَوْلِ أبي بَكْرٍ. الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ في نِصَابٍ فَأَكْثَرَ حِصَّةَ الْآخَرِ منه بِشِرَاءٍ أو إرْثٍ أو غَيْرِهِ فَاسْتَدَامَ الْخُلْطَةَ فَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ أبي بَكْرٍ وابن حَامِدٍ في الْمَعْنَى لَا في الصُّورَةِ لِأَنَّ هُنَاكَ كان خَلِيطَ نَفْسِهِ فَصَارَ هُنَا خَلِيطٌ أَجْنَبِيٌّ وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَعَلَى قَوْلِ أبي بَكْرٍ لَا زَكَاةَ حتى يَتِمَّ حَوْلُ الْمَالَيْنِ من كَمَالِ مِلْكَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا فَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ وَعَلَى قَوْلِ بن حَامِدٍ يزكى مِلْكَهُ الْأَوَّلَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ فِيمَا إذَا كان بين رَجُلٍ وَابْنِهِ عشر [حول] من الْإِبِلِ خُلْطَةً فَمَاتَ الْأَبُ في بَعْضِ الْحَوْلِ وَوَرِثَهُ الِابْنُ أَنَّهُ يبنى على حَوْلِ الْأَبِ فِيمَا وَرِثَهُ وَيُزَكِّيهِ. قَوْلُهُ وإذا مَلَكَ نِصَابًا شَهْرًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ مِثْلَ أَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً في الْمُحَرَّمِ وَأَرْبَعِينَ في صَفَرٍ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ عليه في الثَّانِي في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَهَذَا الْوَجْهُ وَجْهُ الضَّمِّ. وفي الْآخَرِ عليه لِلثَّانِي زَكَاةُ خُلْطَةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ في التي قَبْلَهَا. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو أَصَحُّ على ما يَأْتِي في التَّفْرِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ شَاةٌ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وهو وَجْهُ الِانْفِرَادِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وقال في أَوَّلِ الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةُ إذَا اسْتَفَادَ مَالًا زَكَوِيًّا من جِنْسِ النِّصَابِ في أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فإنه يَنْفَرِدُ بِحَوْلٍ عِنْدَنَا وَلَكِنْ هل يَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ في الْعَدَدِ أو يَخْلِطُهُ بِهِ وَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ أو يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كما أَفْرَدَهُ بِالْحَوْلِ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَصَحَّحَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْوَجْهَ الثَّالِثَ وَزَعَمَ الْمَجْدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ضَعَّفَهُ وَإِنَّمَا ضَعَّفَ الثَّالِثَ. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هل الزِّيَادَةُ كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ وهو قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وَالْمَجْدِ أو الْكُلُّ نِصَابٌ وَاحِدٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحِ قال في الْفَوَائِدِ وهو الْأَظْهَرُ فيه وَجْهَانِ. فَعَلَى الثَّانِي إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ وَجَبَ إخْرَاجُ بَقِيَّةِ الْمَجْمُوعِ بِكُلِّ حَالٍ. وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا تَمَّ حَوْلُ الْمُسْتَفَادِ وَجَبَ فيه ما بَقِيَ من فَرْضِ الْجَمِيعِ بَعْدَ إسْقَاطِ ما أُخْرِجَ عن الْأَوَّلِ منه إلَّا أَنْ يَزِيدَ بَقِيَّةُ الْفَرْضِ على فَرْضِ الْمُسْتَفَادِ بِانْفِرَادِهِ أو نَقَصَ عنه أو يَكُونُ من غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ فإنه يَتَعَذَّرُ هُنَا وَجْهُ الضَّمِّ وَيَتَعَيَّنُ وَجْهُ الْخُلْطَةِ وَيَلْغُو وَجْهُ الِانْفِرَادِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالتَّفَارِيعُ الْآتِيَةُ بَعْدَ ذلك مَبْنِيَّةٌ على هذه الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً أُخْرَى في رَبِيعٍ الْأَوَّلِ في مَسْأَلَتِنَا فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ عليه سِوَى الشَّاةِ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي عليه زَكَاةُ خُلْطَةٍ ثُلُثُ شَاةٍ لِأَنَّهَا ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَعَلَى الثَّالِثِ عليه شَاةٌ وَفِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ في كل ثُلُثٍ شَاةٌ لِتَمَامِ حَوْلَهَا على الثَّالِثِ أَيْضًا. الثَّانِيَةُ لو مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ. عليه سِوَى بِنْتِ مَخَاضٍ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي عليه سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى الثَّالِثِ عليه شَاةٌ وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ في الْأُولَى خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَسُدُسٌ على الْخُمُسِ الْبَاقِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا وَلَوْ مَلَكَ مع ذلك سِتًّا في رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَفِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى بِنْتُ مَخَاضٍ وفي الْأُخْرَى عَشَرَةٌ لِتَمَامِ حَوْلِهَا رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَنِصْفُ تُسْعِهَا وَعَلَى الثَّانِي في الْخُمُسِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ وفي السِّتِّ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ لَبُونٍ وَعَلَى الثَّالِثِ لِكُلٍّ من الْخَمْسِ وَالسِّتِّ شَاةٌ لِتَمَامِ حَوْلِهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ كان الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ. مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مِائَةَ شَاةٍ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا وَجْهًا وَاحِدًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ لِلثَّانِي شَاةٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ لِأَنَّ في الْكُلِّ شَاتَيْنِ وَالْمِائَةِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْكُلِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ على الْقَوْلِ الثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا من أَصْلِ الْمُصَنِّفِ وهو أَنَّ عليه زَكَاةَ خُلْطَةٍ. وقال ابن تَمِيمٍ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كان الثَّانِي يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ فيه زَكَاةُ انْفِرَادٍ في وَجْهٍ وَخُلْطَةٍ في وَجْهٍ وَلَا يُضَمُّ إلَى الْأَوَّلِ فِيمَا يَجِبُ فيها وَجْهًا وَاحِدًا إذَا كان الضَّمُّ يُوجِبُ تَغَيُّرَ الزَّكَاةِ أو نَوْعِهَا مِثْلُ أَنْ مَلَكَ ثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ فَيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ أو ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ وَلَا تَجِبُ الْمُسِنَّةُ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ في التي قَبْلَهَا بَلْ يَجِبُ ضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ وَيَخْرُجُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي ما بَقِيَ من زَكَاةِ الْجَمِيعِ فَتَجِبُ هُنَا الْمُسِنَّةُ قال ابن تَمِيمٍ وَهَذَا أَحْسَنُ.
فائدة: لو مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى في رَبِيعٍ فَفِيهَا شَاةٌ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وهو. وَجْهُ الْخُلْطَةِ عليه شَاةٌ وَرُبُعُ شَاةٍ لِأَنَّ في الْكُلِّ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَالْمِائَةُ رُبُعُ الْكُلِّ وَسُدُسُهُ فَحِصَّتُهَا من فَرْضِهِ رُبُعُهُ وَسُدُسُهُ.
فَوَائِدُ: لو مَلَكَ إحْدَى وَثَمَانِينَ شَاةً بَعْدَ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي عليه شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا من مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ جُزْءًا من شَاةٍ كَخَلِيطٍ وفي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاتَانِ أو شَاةٌ وَنِصْفٌ أو شَاةٌ على الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وفي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ عِشْرِينَ بَعِيرًا شَاةٌ على الصَّحِيحِ الثَّالِثُ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا اثْنَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُ بَنَاتِ مَخَاضٍ زَادَ بن تَمِيمٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا في ثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ تَبِيعٌ على الثَّالِثِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ على الثَّانِي. قال في الْفَوَائِدِ وهو الْأَظْهَرُ. وَعِنْدَ الْمَجْدِ لَا يَجِيءُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ في هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ يُفْضِي في الْأُولَى إلَى إيجَابِ ما يبقى [بقي] من بِنْتِ مَخَاضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ أَرْبَعِ شِيَاهٍ وَهِيَ من غَيْرِ الْجِنْسِ. وَيُفْضِي في الثَّانِيَةِ إلَى إيجَابِ فَرْضِ نِصَابٍ فما دُونَهُ فَلِهَذَا قال الْوَجْهُ الثَّانِي أَصَحُّ لِعَدَمِ اطِّرَادِ الْأَوَّلِ وَضَعْفِ الثَّالِثِ وَضَعَّفَهُ في الْمُغْنِي أَيْضًا. قَوْلُهُ وَإِنْ كان الثَّانِي يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ وَلَا يَبْلُغُ نِصَابًا مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ ثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ في الْمُحَرَّمِ وَعَشْرًا في صَفَرٍ فَعَلَيْهِ في الْعَشْرِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا رُبُعُ مُسِنَّةٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قَوْلًا وَاحِدًا قال في الْقَوَاعِدِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال ابن تَمِيمٍ قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ على الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَا شَيْءَ عليه هُنَا. قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَ مالا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ كَخَمْسٍ فَلَا شَيْءَ فيها في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وفي الثَّانِي عليه سُبْعُ تَبِيعٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا.
فائدة: مِثْلُ ذلك لو مَلَكَ عِشْرِينَ شَاةً بَعْدَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً أو مَلَكَ عَشْرًا من الْبَقَرِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا شَيْءَ عليه وَعَلَى الثَّانِي عليه ثُلُثُ شَاةٍ في الْأُولَى أو خُمُسُ مُسِنَّةٍ في الثَّانِيَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في الْأُولَى. قَوْلُهُ وإذا كان لِرَجُلٍ سِتُّونَ شَاةً كُلُّ عِشْرِينَ منها مُخْتَلِطَةٌ مع عِشْرِينَ لِرَجُلٍ آخَرَ فَعَلَى الْجَمِيعِ شَاةٌ نِصْفُهَا على صَاحِبِ السِّتِّينَ وَنِصْفُهَا على خُلَطَائِهِ على كل وَاحِدٍ سُدُسُ شَاةٍ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كانت السِّتُّونَ مُخْتَلِطَةً كُلُّ عِشْرِينَ منها مع عِشْرِينَ لِآخَرَ فَإِنْ كانت مُتَفَرِّقَةً وَبَيْنَهُمْ مَسَافَةُ قَصْرٍ فَالْوَاجِبُ عليهم ثَلَاثُ شِيَاهٍ على رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ إذَا قُلْنَا إنَّ الْبُعْدَ يُؤَثِّرُ في سَائِمَةِ الْإِنْسَانِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يُؤَثِّرُ أو كانت قَرِيبَةً وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفِ على الْجَمِيعِ شَاةٌ نِصْفُهَا على صَاحِبِ السِّتِّينَ وَنِصْفُهَا على خطائه [خلطائه] وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال هذا قَوْلُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ على الْجَمِيعِ شَاتَانِ وَرُبُعٌ على [وعلى] رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ شَاةٍ لِأَنَّهَا مُخَالِطَةٌ لِعِشْرِينَ خُلْطَةَ وَصْفٍ وَلِأَرْبَعِينَ بِجِهَةِ الْمِلْكِ وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ من زَكَاةِ الثَّمَانِينَ رُبُعُ شَاةٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّهُ مُخَالِطٌ لِعِشْرِينَ فَقَطْ. اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وقال الْآمِدِيُّ بهذا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ قال يَلْزَمُ كُلَّ خَلِيطٍ رُبُعُ شَاةٍ لِأَنَّ الْمَالَ الْوَاحِدَ يُضَمُّ. وَعِنْدَ بن عَقِيلٍ في الْجَمِيعِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ على رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ جَعْلًا لِلْخُلْطَةِ قَاطِعَةً بَعْضَ مِلْكِهِ عن بَعْضٍ بِحَيْثُ لو كان له مِلْكٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ اُعْتُبِرَ في تَزْكِيَتِهِ وَحْدَهُ وَعَلَى كل خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ لِأَنَّهُ لم يُخَالِطْ سِوَى عِشْرِينَ وَالتَّفَارِيعُ الْآتِيَةُ مَبْنِيَّةٌ على هذه الْأَوْجُهِ.
فَائِدَتَانِ: إحداهما [إحداها] لو لم يُخَالِطْ رَبَّ السِّتِّينَ منها إلَّا بِعِشْرِينَ لِآخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ في الْجَمِيعِ شَاةٌ على رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ رُبُعُهَا وَعَلَى الثَّانِي على رَبِّ السِّتِّينَ في الْأَرْبَعِينَ الْمُنْفَرِدَةِ ثُلُثَا شَاةٍ ضَمًّا لها إلَى بَقِيَّةِ مِلْكِهِ وفي الْعِشْرِينَ رُبُعُ شَاةٍ ضَمًّا لها إلَى بَقِيَّةِ مَالِهِ وهو الْأَرْبَعُونَ الْمُنْفَرِدَةُ وَإِلَى عِشْرِينَ الْآخَرُ لِمُخَالَطَتِهَا بَعْضَهُ وَصْفًا وَبَعْضَهُ مِلْكًا وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ نِصْفُ شَاةٍ وَذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ على الثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ هُنَا وَعَلَى الرَّابِعِ في الْأَرْبَعِينَ الْمُخْتَلِطَةِ شَاةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وفي الْأَرْبَعِينَ الْمُنْفَرِدَةِ شَاةٌ على رَبِّهَا. الثَّانِيَةُ لو كان خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا كُلُّ خَمْسَةٍ منها خُلْطَةٌ بِخَمْسَةٍ لِآخَرَ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عليه نِصْفُ حِقَّةٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ عُشْرُهَا. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي عليه خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ شَاةٌ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ عليه خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَعَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ عليه خَمْسُ شِيَاهٍ وَعَلَى كل خَلِيطٍ شَاةٌ. قَوْلُهُ وإذا كانت مَاشِيَةُ الرَّجُلِ مُتَفَرِّقَةً في بَلَدَيْنِ لَا تُقْصَرُ. بَيْنَهُمَا الصَّلَاةُ فَهِيَ كَالْمُجْتَمِعَةِ إجْمَاعًا وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ. وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لِكُلِّ مَالٍ حُكْمَ نَفْسِهِ كما لو كَانَا لِرَجُلَيْنِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. فعلى [على] ما اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ يَكْفِي إخْرَاجُ شَاةٍ بِبَلَدِ أَحَدِ الْمَالَيْنِ لِأَنَّهُ حَاجَةٌ وَقِيلَ يُخْرِجُ من كل بَلَدٍ بِالْقِسْطِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ سَائِرَ الْأَمْوَالِ لَا يُؤَثِّرُ فيها تَفَرُّقُ الْبُلْدَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وهو صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ إجْمَاعًا وَجَعَلَ أبو بَكْرٍ في سَائِرِ الْأَمْوَالِ رِوَايَتَيْنِ كَالْمَاشِيَةِ قاله ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَلَا تُؤَثِّرُ الْخُلْطَةُ في غَيْرِ السَّائِمَةِ. هذا الصَّحِيحُ وَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه. وَعَنْهُ أنها تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَصَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ. قال أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ هذا أَقْيَسُ وَخَصَّ الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ هذه الرِّوَايَاتِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ بِلَا نِزَاعٍ وكذا الْأَوْصَافُ أَيْضًا وهو تَخْرِيجُ وَجْهٍ لِلْقَاضِي وَحَكَاه ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَجْهًا قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ لِإِطْلَاقِهِمْ الرِّوَايَةَ. وَقِيلَ لَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْأَوْصَافِ على هذه الرِّوَايَةِ وَإِنْ أَثَّرَتْ خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ نَقَلَ حَنْبَلٌ تُضَمُّ كَالْمَوَاشِي فقال إذَا كان رَجُلَيْنِ لَهُمَا من الْمَالِ ما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِالْحِصَصِ. فَيُعْتَبَرُ على هذا الْوَجْهِ اتِّحَادُ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقِ الْمِلْكِ فَيُشْتَرَطُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَإِنْ كانت في الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فَلَا بُدَّ من الِاشْتِرَاكِ في الْمَاءِ وَالْحَرْثِ وَالْبَيْدَرِ وَالْعُمَّالِ من النَّاطُورِ وَالْحَصَادِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ كانت في التِّجَارَةِ فَلَا بُدَّ من الِاشْتِرَاكِ في الدُّكَّانِ وَالْمِيزَانِ وَالْمَخْزَنِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرْتَفَقُ بِهِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ من مَالِ أَيِّ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ مع الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا. يَعْنِي في خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ وَالْحَاجَةُ أَنْ يَكُونَ مَالُ أَحَدِهِمَا صِغَارًا وَمَالُ الْآخَرِ كِبَارًا أو يَكُونُ مَالُ كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ أو سِتِّينَ وَنَحْوَ ذلك وَعَدَمُ الْحَاجَةِ وَاضِحٌ وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فيه في الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه لَكِنْ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ في خُلْطَةِ أَعْيَانٍ مع بَقَاءِ نَصِيبَيْنِ وقد وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَقَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ لَا يَأْخُذُ إلَّا إذَا كان نَصِيبُ أَحَدِهِمَا مَفْقُودًا فَلَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ من النَّصِيبِ الْمَوْجُودِ وَيَرْجِعُ على صَاحِبِهِ بِالْقِسْطِ. قال في الْفُرُوعِ وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَّا عَدَمُ الْحَاجَةِ. فَيَتَوَجَّهُ منه اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ لِأَخْذِ السَّاعِي. قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا في الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عليه. يَعْنِي مع يَمِينِهِ إذَا اُحْتُمِلَ صِدْقُهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ غَارِمٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَتَوَجَّهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُعْطِي لِأَنَّهُ كَالْأَمِينِ. قَوْلُهُ وإذا أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ من الْفَرْضِ ظُلْمًا لم يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ على خَلِيطِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قال الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَخَذَ عن أَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةٍ شَاتَيْنِ من مَالِ أَحَدِهِمَا أو أَخَذَ عن ثَلَاثِينَ بَعِيرًا جَذَعَةً رَجَعَ على خَلِيطِهِ في الْأُولَى بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وفي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَهُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ رَجَعَ عليه. كَأَخْذِهِ صَحِيحَةً عن مِرَاضٍ أو كَبِيرَةً عن صِغَارٍ أو قِيمَةِ الْوَاجِبِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وقال أبو الْمَعَالِي إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَجَازَ أَخْذُهَا رَجَعَ بِنِصْفِهَا إنْ قُلْنَا الْقِيمَةُ أَصْلٌ وَإِنْ قُلْنَا بَدَلٌ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ شَاةٍ وَإِنْ لم تَجُزْ الْقِيمَةُ فَلَا رُجُوعَ. قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وقال ابن تَمِيمٍ إنْ أَخَذَ السَّاعِي فَوْقَ الْوَاجِبِ بِتَأْوِيلٍ أو أَخَذَ الْقِيمَةَ أَجْزَأَتْ في الْأَظْهَرِ وَرَجَعَ عليه بِذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا قال في الْفُرُوعِ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ منه عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَصَوَّبَ فيه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ وَجَعَلَهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ خَلْفَ تَارِكٍ شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. الثَّانِيَةُ يُجْزِئُ إخْرَاجُ بَعْضِ الْخُلَطَاءِ بِإِذْنِ بَاقِيهِمْ وَبِغَيْرِ إذْنِهِمْ غِيبَةً وَحُضُورًا قاله ابن حَامِدٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عَقْدُ الْخُلْطَةِ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْآذِنِ لِخَلِيطِهِ في الْإِخْرَاجِ عنه وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَتَقَدَّمَ في زَكَاةِ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ من الرِّبْحِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ من مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنٍ نَصَّ عليه لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ. قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَوْلَا الْمَانِعُ. وقال أَيْضًا وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ في إذْنِ كل شَرِيكٍ لِلْآخَرِ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ يُوَافِقُ ما اخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ وَيُشْبِهُ هذا أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ على الْأَصَحِّ انْتَهَى.
|