الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
الْأُولَى لو نَوَى بِسَلَامِهِ الْخُرُوجَ من الصَّلَاةِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَازَ ولم يُسْتَحَبَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفَائِقِ قال في التَّلْخِيصِ لم تَبْطُلْ على الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ تَبْطُلُ لِلتَّشْرِيكِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ. الثَّانِيَةُ لو نَوَى بِسَلَامِهِ على الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ ولم يَنْوِ الْخُرُوجَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ الْجَوَازُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ. وَقِيلَ تَبْطُلُ لِتَمَحُّضِهِ كَلَامَ آدَمِيٍّ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَعَنْهُ يَنْوِي الْمَأْمُومُ بِسَلَامِهِ الرَّدَّ على إمَامِهِ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ قال وَهَلْ هو مَسْنُونٌ أو مُسْتَحَبٌّ أو جَائِزٌ فيه رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا يُسَنُّ وهو اخْتِيَارُ أبي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ. وَالثَّانِيَةُ الْجَوَازُ وهو اخْتِيَارُ الْقَاضِي أبي يَعْلَى وَغَيْرِهِ. وقال في رِوَايَةِ ابن هَانِئٍ إذَا نَوَى بِتَسْلِيمِهِ الرَّدَّ على الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ قال وَظَاهِرُ هذا أَنَّهُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ رَدُّ سَلَامٍ فَيَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُسْلِمَ في الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ الرَّدُّ عليه أو يُقَالُ إنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الرَّدِّ إلَى بَعْدِ السَّلَامِ انْتَهَى. قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَبْطُلُ بِتَرْكِ السَّلَامِ على إمَامِهِ قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ لَا يَتْرُكُ السَّلَامَ على الْإِمَامِ في الصَّلَاةِ. وقال أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ السُّنَّةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى الْخُرُوجَ من الصَّلَاةِ وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ على الْإِمَامِ وَالْحَفَظَةِ وَمَنْ يُصَلِّي معه إنْ كان في جَمَاعَةٍ. وَقِيلَ عَكْسُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ قَوْلِ أبي حَفْصٍ وَفِيهِ وَجْهٌ يَنْوِي كَذَلِكَ إنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وَإِنْ قُلْنَا وَاجِبَةٌ نَوَى بِالْأُولَى الْحَفَظَةَ وَبِالثَّانِيَةِ الْخُرُوجَ. وقال الْآمِدِيُّ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ فَقَطْ وفي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَى ذلك نِيَّةَ الْحَفَظَةِ وَمَنْ معه. وقال صَاحِبُ الْإِيضَاحِ نِيَّةُ الْخُرُوجِ في الْأُولَى إنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ وفي الثَّانِيَةِ إنْ قُلْنَا هِيَ وَاجِبَةٌ وكذا قال في الْمُبْهِجِ وقال يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْخُرُوجَ في الثَّانِيَةِ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَلْ في الْأَوَّلَةِ. الثَّالِثَةُ قال ابن تَمِيمٍ لو رَدَّ سَلَامَهُ الْحَاضِرُونَ ولم يَنْوِ الْخُرُوجَ فقال ابن حَامِدٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وقال غَيْرُهُ فيه وَجْهَانِ. الرَّابِعَةُ قال في الْفُرُوعِ إنْ وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ اُعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الْخُرُوجُ فيها وَاقْتَصَرَ عليه وَتَقَدَّمَ ما يَشْهَدُ لِذَلِكَ. وقال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْوِي الْخُرُوجَ بِالْأُولَى سِرًّا إنْ قُلْنَا يَخْرُجُ بها من الصَّلَاةِ أو قُلْنَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِالثَّانِيَةِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ من قال إنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ نَوَى بِالْأُولَى الْخُرُوجَ وَإِنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ فَرْضٌ نَوَى الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ خَاصَّةً.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كان في مَغْرِبٍ أو رُبَاعِيَّةٍ نَهَضَ مُكَبِّرًا إذَا فَرَغَ من التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا نَهَضَ مُكَبِّرًا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ يَرْفَعُهُمَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ فإنه قد صَحَّ عنه عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: «أَنَّهُ كان يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا قام من التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ وَلَا يَقْرَأُ شيئا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. لَا يَجْهَرُ في الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شيئا من الْقُرْآنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُسَنُّ ذَكَرَهَا الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَالْقَاضِي أبي الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بَلْ تُبَاحُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ.
فائدة: النَّفَلُ في الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَالْفَرْضِ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال أَيْضًا فِيمَا إذَا شَفَعَ الْمَغْرِبَ بِرَابِعَةٍ في إعَادَتِهَا يَقْرَأُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ كَالتَّطَوُّعِ نَقَلَهُ أبو دَاوُد وَقَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى. قَوْلُهُ ثُمَّ يَجْلِسُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكًا يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُخْرِجُهُمَا عن يَمِينِهِ وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ على الْأَرْضِ. يَتَوَرَّكُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ في صِفَتِهِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وقال الْخِرَقِيُّ إذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ تَوَرَّكَ فَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَجَعَلَ بَاطِنَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَجَعَلَ أَلْيَتَيْهِ على الْأَرْضِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي. قال الْمُصَنِّفُ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ فَحَسَنٌ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُخْرِجُ قَدَمَهُ الْأَيْسَرَ من تَحْتِ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ وَيَقْعُدُ على أَلْيَتَيْهِ أو يَجْعَلُ فَخِذَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى على بَاطِنِ قَدَمِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ على أَلْيَتَيْهِ وَقِيلَ أو يُؤَخِّرُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا على شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أو يَجْعَلُ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكًا أَنَّهُ سَوَاءٌ كان من رُبَاعِيَّةٍ أو ثُلَاثِيَّةٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يَتَوَرَّكُ في الْمَغْرِبِ.
فائدة: لو سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ من ثُلَاثِيَّةٍ أو رُبَاعِيَّةٍ تَوَرَّكَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه وَإِنْ كان من ثُنَائِيَّةٍ فَهَلْ يَتَوَرَّكُ أو يَفْتَرِشُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. أَحَدُهُمَا يَفْتَرِشُ وهو الصَّحِيحُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال وهو أَصَحُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ افْتَرَشَ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَوَرَّكُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في آخِرِ بَابِ. سُجُودِ السَّهْوِ وَيَأْتِي أَيْضًا تَوَرُّكُ الْمَسْبُوقِ في بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وما أَدْرَكَ مع الْإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ. قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ في ذلك إلَّا أنها تَجْمَعُ نَفْسَهَا في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَذَا في بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ بِلَا نِزَاعٍ وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً أو تَسْدِلُ رِجْلَيْهَا فَتَجْعَلُهَا في جَانِبِ يَمِينِهَا. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أنها مُخَيَّرَةٌ بين السَّدْلِ وَالتَّرَبُّعِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ لَكِنْ قَالَا تَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً أو مُتَوَرِّكَةً وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ السَّدْلَ أَفْضَلُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحَكَاهُ رِوَايَةً في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وغيرهم [وغيرهما] أنها تَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً. وَأَمَّا إسْرَارُهَا بِالْقِرَاءَةِ فَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ في الصُّبْحِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يُسَنُّ لها رَفْعُ الْيَدَيْنِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُذْهَبِ وَهُمَا فيه وَجْهَانِ. إحْدَاهُمَا يُسَنُّ لها رَفْعُ الْيَدَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. الثَّانِيَةُ لَا يُسَنُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالتَّسْهِيلِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْهِدَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ لِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهِ. وَعَنْهُ تَرْفَعُهُمَا قَلِيلًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ فإنه قال هو أَوْسَطُ الْأَقْوَالِ وَعَنْهُ يَجُوزُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَهَلْ يُسَنُّ لها رَفْعُ الْيَدَيْنِ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ.
فائدة: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ قاله ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ في الصَّلَاةِ. مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ كما إذَا اشْتَدَّ الْحَرْبُ وَنَحْوُهُ لم يُكْرَهْ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا كان يَسِيرًا فَأَمَّا إنْ كان كَثِيرًا مِثْلَ إنْ اسْتَدَارَ بِجُمْلَتِهِ أو اسْتَدْبَرَهَا فإن صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِلَا نِزَاعٍ. قُلْت وَيُسْتَثْنَى من عُمُومِ ذلك مَسْأَلَةٌ وَهِيَ ما إذَا اسْتَدَارَ بِجُمْلَتِهِ وكان دَاخِلَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فإنه إذَا فَعَلَ ذلك لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِلَا نِزَاعٍ فيعايي بها. وقد يُسْتَثْنَى أَيْضًا ما إذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ وهو في الصَّلَاةِ فإنه يَسْتَدِيرُ إلَى جِهَةِ ما أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هذه الْجِهَةُ بَقِيَتْ قِبْلَتُهُ فِيمَا إذَا اسْتَدَارَ عن الْقِبْلَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ الِالْتِفَاتُ في الصَّلَاةِ أَنَّهُ لو الْتَفَتَ بِصَدْرِهِ مع وَجْهِهِ أنها لَا تَبْطُلُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم ابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أنها تَبْطُلُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ. يَعْنِي يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ تَبْطُلُ بِهِ وَحْدَهُ ذَكَرَهُ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى من ذلك حَالَةُ التَّجَشِّي فإنه يَرْفَعُ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَغَيْرِهِ إذَا تَجَشَّأَ وهو في الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ إلَى فَوْقٍ لِئَلَّا يُؤْذِيَ من حَوْلَهُ بِالرَّائِحَةِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ إذَا تَجَشَّأَ وهو في الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ حتى يَذْهَبَ الرِّيحُ وإذا لم يَرْفَعْ آذَى من حَوْلَهُ من رِيحِهِ . قُلْت فَيُعَايَى بها. قَوْلُهُ وَالْإِقْعَاءُ في الْجُلُوسِ. يَعْنِي يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ سُنَّةٌ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَعَنْهُ جَائِزٌ.
تَنْبِيهٌ: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ صِفَةَ الْإِقْعَاءِ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وهو أَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ على عَقِبَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ هو أَنْ يُقِيمَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ على عَقِبَيْهِ أو يَجْلِسَ على أَلْيَتَيْهِ وَيُقِيمَ قَدَمَيْهِ. وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ هو أَنْ يَجْلِسَ على عَقِبَيْهِ أو بَيْنَهُمَا نَاصِبًا قَدَمَيْهِ. قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وهو حَاقِنٌ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يُعِيدُ مع مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ وَعَنْهُ يُعِيدُ إنْ أَزْعَجَهُ وَذَكَرَ ابن أبي مُوسَى أَنَّهُ الْأَظْهَرُ من قَوْلِهِ وَحَكَاهَا في الرِّعَايَةِ قَوْلًا. قال في النُّكَتِ ولم أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ صَلَاةِ من طَرَأَ عليه ذلك وَلَا من طَرَأَ عليه التَّوَقَانُ إلَى الْأَكْلِ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَسَائِلَ فيها خِلَافٌ فَخَرَّجَ منها وَجْهًا بِالْكَرَاهَةِ.
فائدة: يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مع رِيحٍ مُحْتَبِسَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وقال في الْمَطْلَعِ هِيَ في مَعْنَى مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ فَتَجِيءُ الرِّوَايَاتُ التي في الْمُدَافَعَةِ هُنَا. وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي كَلَامَ ابن أبي مُوسَى في الْمُدَافَعَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ قال وَكَذَا حُكْمُ الْجُوعِ الْمُفْرِطِ وَالْعَطَشِ الْمُفْرِطِ وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ قال في الْفُرُوعِ فَتَجِيءُ الرِّوَايَاتُ قال وَهَذَا أَظْهَرُ وَكَذَا قال أبو الْمَعَالِي يُكْرَهُ ما يَمْنَعُهُ من إتْمَامِ الصَّلَاةِ بِخُشُوعِهَا كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ في مَكَان وقال في الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ لِأَنَّ من شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَعِيَ. أَفْعَالَهَا وَيَعْقِلَهَا وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَمْنَعُ ذلك فإذا زَالَتْ فَعَلَهَا على كَمَالِ خُشُوعِهَا وَفِعْلُهَا على كَمَالِ خُشُوعِهَا بَعْدَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى من فِعْلِهَا مع الْجَمَاعَةِ بِدُونِ كَمَالِ خُشُوعِهَا. قَوْلُهُ أو بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إلَيْهِ. هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْعُ على سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وقال في الْفُرُوعِ وَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا تَائِقًا إلَى طعام [الطعام] وهو أَوْلَى قال ابن نَصْرِ اللَّهِ وَإِنْ كان تَائِقًا إلَى شَرَابٍ أو جِمَاعٍ ما الْحُكْمُ لم أَجِدْهُ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ انْتَهَى. قُلْت بَلْ هُمَا أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ وهو كَذَلِكَ. قَوْلُهُ وَالتَّرَوُّحُ. يَعْنِي يُكْرَهُ وهو مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم تَكُنْ حَاجَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ كَغَمٍّ شَدِيدٍ وَنَحْوِهِ جَازَ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ تَرَوُّحُهُ وَقِيلَ يَسِيرًا لِغَمٍّ أو حُزْنٍ وَلَعَلَّهُ يَعْنِي لَا يُكْرَهُ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ هُنَا بِالتَّرَوُّحِ أَنْ يُرَوِّحَ على نَفْسِهِ بِمِرْوَحَةٍ أو خِرْقَةٍ أو غَيْرِ ذلك وَأَمَّا مُرَاوَحَتُهُ بين رِجْلَيْهِ فَمُسْتَحَبَّةٌ زَادَ بَعْضُهُمْ إذَا طَالَ قِيَامُهُ وَيُكْرَهُ كَثْرَتُهَا لِأَنَّهُ من فِعْلِ الْيَهُودِ. قَوْلُهُ وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ بين يَدَيْهِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ له رَدُّ الْمَارِّ بين يَدَيْهِ سَوَاءٌ كان آدَمِيًّا أو غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَتَنْقُصُ صَلَاتُهُ إنْ لم يَرُدَّهُ نَصَّ عليه وَحَمَلَهُ. الْقَاضِي وَتَابَعَهُ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ على تَرْكِهِ قَادِرًا وَعَنْهُ يَجِبُ رَدُّهُ وَالْمُرَادُ إذَا لم يَغْلِبْهُ وَعَنْهُ يَرُدُّهُ في الْفَرْضِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ له رَدَّهُ سَوَاءٌ كان الْمَارُّ مُحْتَاجًا إلَى الْمُرُورِ أو لَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ.
فَوَائِدُ: منها يَحْرُمُ الْمُرُورُ بين الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَلَوْ كان بَعِيدًا عنها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْكَافِي. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيَحْرُمُ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ يُكْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَمِنْهَا يَحْرُمُ عليه أَيْضًا الْمُرُورُ بين يَدَيْ الْمُصَلِّي قَرِيبًا من غَيْرِ سُتْرَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُكْرَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَمِنْهَا الْقُرْبُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَقْوَى عِنْدِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ الْعُرْفُ وَقِيلَ ماله الْمَشْيُ إلَيْهِ لِقَتْلِ الْحَيَّةِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ مَرَّ بِقُرْبِهِ عن ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أو ماله الْمَشْيُ إلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ مَكَّةَ كَغَيْرِهَا في السُّتْرَةِ وَالْمُرُورِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قال في النُّكَتِ قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَدَّمَهُ هو في حَوَاشِيهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَوَازُ الْمُرُورِ بين يَدَيْهِ في مَكَّةَ من غَيْرِ سُتْرَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ مَرَّ بِقُرْبِهِ دُونَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَلَا سُتْرَةَ له أو مَرَّ دُونَ سُتْرَتِهِ في غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَكَّةَ وَقِيلَ وَالْحَرَمِ وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ أَمَامَهُ دُونَ سُتْرَتِهِ وَقِيلَ يَرُدُّهُ في غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَكَّةَ وَقِيلَ وَالْحَرَمِ وَقِيلَ وَفِيهِمَا انْتَهَى. وقال الْمُصَنِّفُ وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ الْحَرَمُ كَمَكَّةَ قال في النُّكَتِ ولم أَعْلَمْ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ قال بِهِ.
فائدة: حَيْثُ قُلْنَا له رَدُّ الْمَارِّ وَرَدَّهُ فَأَبَى فَلَهُ دَفْعُهُ فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ ليس له قِتَالُهُ. وَمَتَى خَافَ فَسَادَ صَلَاتِهِ لم يُكَرِّرْ دَفْعَهُ وَيَضْمَنْهُ إنْ كَرَّرَهُ على [وعلى] الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا وَعَنْهُ له تَكْرَارُ دَفْعِهِ وَلَا يَضْمَنُهُ. قَوْلُهُ وَعَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحُ. له عَدُّ الْآيِ بِأَصَابِعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يُكْرَهُ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ. وَلَهُ عَدُّ التَّسْبِيحِ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال أبو بَكْرٍ هو في مَعْنَى عَدِّ الْآيِ قال ابن أبي مُوسَى لَا يُكْرَهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى له عَدُّ التَّسْبِيحِ في الْأَصَحِّ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُكْرَهُ قال النَّاظِمُ هو الْأَجْوَدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ في الْمُبَاحِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَقَالَا نَصَّ عليه وَصَحَّحَه ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ. قال الشَّارِحُ قد تَوَقَّفَ أَحْمَدُ في ذلك قال ابن عَقِيلٍ لَا يُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَجْهًا وَاحِدًا وفي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْقَمْلَةِ. بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ بِشَرْطِهِ وَلَهُ قَتْلُ الْقَمْلَةِ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعِنْدَ الْقَاضِي التغافل [بالتغافل] عنها أَوْلَى وَعَنْهُ يَصُرُّهَا في ثَوْبِهِ وقال الْقَاضِي إنْ رَمَى بها جَازَ.
فائدة: إذَا قَتَلَ الْقَمْلَةَ في الْمَسْجِدِ جَازَ دَفْنُهَا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَالْبُصَاقِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَ الْجَوَازَ وَعَدَمَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الْكُبْرَى. قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ دَفْنُهَا إنْ قِيلَ بِنَجَاسَةِ دَمِهَا وَلِهَذَا قال ابن عَقِيلٍ. في الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ أَعْمَاقُ الْمَسْجِدِ كَظَاهِرِهِ في وُجُوبِ صِيَانَتِهِ عن النَّجَاسَةِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ فَإِنْ طَالَ الْفِعْلُ في الصَّلَاةِ أَبْطَلَهَا عَمْدًا كان أو سَهْوًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يُبْطِلُهَا إلَّا إذَا كان عَمْدًا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ فإنه عليه افضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَشَى وَتَكَلَّمَ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وفي رِوَايَةٍ وَدَخَلَ الْحُجْرَةَ وَمَعَ ذلك بَنَى على صَلَاتِهِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ من الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ قال ابن تَمِيمٍ وَمَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِهِ لَا تَبْطُلُ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ كَالنَّاسِي. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ مُتَفَرِّقًا. يَعْنِي أَنَّهُ لو فَعَلَ أَفْعَالًا مُتَفَرِّقَةً وَكَانَتْ بِحَيْثُ لو جُمِعَتْ مُتَوَالِيَةً لَكَانَتْ كَثِيرَةً لم تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَبْطُلُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ طَالَ الْفِعْلُ في الصَّلَاةِ أَبْطَلَهَا إذَا لم تَكُنْ ضَرُورَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ ضَرُورَةٌ كَحَالَةِ الْخَوْفِ وَالْهَرَبِ من عَدُوٍّ أو سَيْلٍ أو سَبُعٍ وَنَحْوِ ذلك لم تَبْطُل بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَعُدَّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ من الضَّرُورَةِ إذَا كان بِهِ حَكَّةٌ لَا يَصْبِرُ عنه وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في صَلَاةِ الْخَوْفِ. الثَّانِي يَرْجِعُ في طُولِ الْفِعْلِ وَقِصَرِهِ في الصَّلَاةِ إلَى الْعُرْفِ فما عُدَّ في الْعُرْفِ كثيرا [كثير] فَهُوَ كَثِيرٌ وما عُدَّ في الْعُرْفِ يسيرا [يسير] فَهُوَ يَسِيرٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفُ في هذا الْكِتَابِ في بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ عِنْدَ الْفَاعِلِ. وَقِيلَ قَدْرُ الْكَثِيرِ ما خُيِّلَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ ليس في صَلَاةٍ. وقال ابن عَقِيلٍ الثَّلَاثُ في حَدِّ الْكَثِيرِ قال في الْفَائِقِ وهو ضَعِيفٌ لِنَصِّ أَحْمَدَ فِيمَنْ رَأَى عَقْرَبًا في الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَخْطُو إلَيْهَا وَيَأْخُذُ النَّعْلَ وَيَقْتُلُهَا وَيَرُدُّ النَّعْلَ إلَى مَوْضِعِهَا وَهِيَ أَكْثَرُ من ثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ. وَقِيلَ الْيَسِيرُ كَفِعْلِ أبي بَرْزَةَ حين مَشَى إلَى الدَّابَّةِ وقد انْفَلَتَتْ وما فَوْقَهُ كَثِيرٌ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالْعَمَلِ سَوَاءٌ فُهِمَتْ أو لَا ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ مَعْنَاهُ وقال أبو الْوَفَاءِ إشَارَتُهُ الْمَفْهُومَةُ كَالْكَلَامِ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ إلَّا بِرَدِّ السَّلَامِ. الثَّانِيَةُ عَمَلُ الْقَلْبِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَإِنْ طَالَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يُبْطِلُ إنْ طَالَ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وابن الْجَوْزِيِّ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُثَابُ إلَّا على ما عَمِلَهُ بِقَلْبِهِ. الثَّالِثَةُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِإِطَالَةِ النَّظَرِ في كِتَابٍ إذَا قَرَأَ بِقَلْبِهِ ولم يَنْطِقْ بِلِسَانِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ وقد رُوِيَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَقِيلَ تَبْطُلُ قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن حَامِدٍ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. الرَّابِعَةُ قال في الْفُرُوعِ لَا أَثَرَ لِعَمَلِ غَيْرِهِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ كَصَبِيٍّ مَصَّ ثَدْيَ أُمِّهِ ثَلَاثًا فَنَزَلَ لَبَنُهَا. قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ تَبْطُلُ وهو رِوَايَةٌ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ بين سُوَرٍ في الْفَرْضِ. يَعْنِي يُكْرَهُ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن أَحْمَدَ نَقَلَهَا ابن مَنْصُورٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ. قال أبو حَفْصٍ الْعَمَلُ على ما رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ لَا بَأْسَ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. قال النَّاظِمُ عن الْأَوَّلِ وهو بَعِيدٌ كَتَكْرَارِ سُورَةٍ في رَكْعَتَيْنِ وَتَفْرِيقِ سُورَةٍ في رَكْعَتَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِمَا مع أَنَّهُ لَا يَسْتَحِبُّ الزِّيَادَةَ على سُورَةٍ في رَكْعَةٍ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهَادِي وَالشَّارِحُ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ. قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ في النَّفْلِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يُكْرَهُ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا. هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ تُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ أَوْسَاطُ السُّوَرِ دُونَ أَوَاخِرِهَا.
فَوَائِدُ: منها لَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ أَوَائِلِ السُّوَرِ وَقِيلَ أَوَاخِرُهَا أَوْلَى. وَمِنْهَا يُكْرَهُ قِرَاءَةُ كل الْقُرْآنِ في فَرْضٍ لِعَدَمِ نَقْلِهِ وَلِلْإِطَالَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ. وَمِنْهَا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ مُلَازَمَةُ سُورَةٍ مع اعْتِقَادِ جَوَازِ غَيْرِهَا قال وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ يَعْنِي بِالْكَرَاهَةِ لِعَدَمِ نَقْلِهِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ على الْإِمَامِ أذا ارتج عليه. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَفْتَحُ عليه إنْ طَالَ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْهُ يَفْتَحُ عليه في النَّفْلِ فَقَطْ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ كان في النَّفْلِ جَازَ وَإِنْ كان في الْفَرْضِ جَازَ في الْفَاتِحَةِ ولم يَجُزْ في غَيْرِهَا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ فَتَحَ بَعْدَ أَخْذِهِ في قِرَاءَةِ غَيْرِهَا تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ على الْإِمَامِ يَشْمَلُ الْفَاتِحَةَ وَغَيْرَهَا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَمَّا في غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَلَا يَجِبُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَأَمَّا في الْفَاتِحَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ الْفَتْحِ عليه وَقِيلَ لَا يَجِبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. الثَّانِي الْأَلِفُ وَاللَّامُ في قَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ على الْإِمَامِ لِلْعَهْدِ أَيْ إمَامِهِ فَلَا يَفْتَحُ على غَيْرِ إمَامِهِ نَصَّ عليه سَوَاءٌ كان مُصَلِّيًا أو قَارِئًا لَكِنْ لو فَتَحَ عليه لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيُكْرَهُ وَعَنْهُ تَبْطُلُ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِتَجَرُّدِهِ لِلتَّفْهِيمِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَكَذَا إذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ على [وعلى] ما يَأْتِي قَرِيبًا لَا تَبْطُلُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ.
فائدة: لو ارتج على الْمُصَلِّي في الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عن إتْمَامِهَا فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عن الْقِيَامِ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عليه وَلَا يُعِيدُ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ. قال في الْفُرُوعِ وَيُؤْخَذُ منه وَلَوْ كان إمَامًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَيَأْتِي ذلك في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ في إمَامِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ عن الْقِيَامِ تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وإذا نَابَهُ شَيْءٌ مِثْلُ سَهْوِ إمَامِهِ أو اسْتِئْذَانِ إنْسَانٍ عليه سَبَّحَ إنْ كان رَجُلًا. بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَضُرُّ وَلَوْ كَثُرَ وَيُكْرَهُ له التَّصْفِيقُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ إنْ كَثُرَ. الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كانت امْرَأَةً صَفَحَتْ بِبَطْنِ كَفِّهَا على ظَهْرِ الْأُخْرَى أَنَّ ذلك مُسْتَحَبٌّ في حَقِّهَا وهو صَحِيحٌ لَكِنَّ مَحَلَّهُ أَنْ لَا يُكْثِرَ فَإِنْ كَثُرَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فَلَوْ سَبَّحَتْ كَالرَّجُلِ كُرِهَ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ قال ابن تَمِيمٍ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ذلك لَا تَبْطُلُ بِتَصْفِيقِهَا على جِهَةِ اللَّعِبِ قال وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَتَبْطُلُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ الصَّلَاةَ.
فَوَائِدُ: منها قال في الْفُرُوعِ وفي كَرَاهَةِ التَّنْبِيهِ بِنَحْنَحَةٍ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ. قُلْت الصَّوَابُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ وَجَدْت ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ قال أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ. وَالثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ قال وهو أَظْهَرُ. وَمِنْهَا لَا يُكْرَهُ تَنْبِيهُهُ بِقِرَاءَةٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَسْبِيحٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وقال وَعَنْهُ تَبْطُلُ بِذَلِكَ إلَّا في تَنْبِيهِ الْإِمَامِ وَالْمَارِّ بين يَدَيْهِ قال في الْفُرُوعِ إلَّا أنها لَا تَبْطُلُ بِتَنْبِيهِ مَارٍّ بين يَدَيْهِ. وَمِنْهَا لو عَطَسَ فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ أو لَسَعَهُ شَيْءٌ فقال بِسْمِ اللَّهِ أو سمع أو رَأَى ما يَغُمُّهُ فقال إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أو رَأَى ما يُعْجِبُهُ فقال سُبْحَانَ اللَّهِ وَنَحْوَهُ كُرِهَ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَرْكُ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ أَوْلَى نَقَلَ أبو دَاوُد يَحْمَدُ في نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا يُعْجِبُنِي رَفْعُ صَوْتِهِ بها انْتَهَى. وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ فِيمَنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَنَقَلَ ها [ههنا] هنا فِيمَنْ قِيلَ له في الصَّلَاةِ وُلِدَ لَك غُلَامٌ فقال الْحَمْدُ لِلَّهِ أو احْتَرَقَ دُكَّانُك فقال لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أو ذَهَبَ كِيسُك فقال لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ وَعَنْهُ تَبْطُلُ. وَكَذَا لو خَاطَبَ بِشَيْءٍ من الْقُرْآنِ مِثْلُ أَنْ يُسْتَأْذَنَ عليه فيقول اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ أو يقول لِمَنْ اسْمُهُ يحيى يا يحيى خُذْ الْكِتَابَ وَنَحْوَ ذلك خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وقال الْقَاضِي إنْ قَصَدَ بِمَا تَقَدَّمَ من ذلك كُلِّهِ الذِّكْرَ فَقَطْ لم تَبْطُلْ وَإِنْ قَصَدَ خِطَابَ آدَمِيٍّ بَطَلَتْ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَوَجْهَانِ. وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَيَتَأَتَّى الْخِلَافُ أَيْضًا في تَحْذِيرِ ضَرِيرٍ من وُقُوعِهِ في بِئْرٍ وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ إذَا نَبَّهَ غير الْإِمَامِ. قَوْلُهُ وَإِنْ بَدَرَهُ الْبُصَاقُ بَصَقَ في ثَوْبِهِ. يَعْنِي إذَا كان في الْمَسْجِدِ وَبَدَرَهُ الْبُصَاقُ فَلَا يَبْصُقُ إلَّا في ثَوْبِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَاخْتَارَ الْمَجْدُ جَوَازَهُ في الْمَسْجِدِ وَدَفْنَهُ فيه. قَوْلُهُ وَإِنْ كان في غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ أَنْ يَبْصُقَ عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ. وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ بَلْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كان [كانت] قَدَمُهُ الْيُمْنَى أو الْيُسْرَى وهو الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يَبْصُقُ عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ تَنْبِيهَانِ . الْأَوَّلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كان في غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ أَنْ يَبْصُقَ عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ إنْ كان يُصَلِّي فَفِي ثَوْبِهِ أَوْلَى وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ إنْ كان خَارِجَ الْمَسْجِدِ جَازَ الْأَمْرَانِ وفي الْبُقْعَةِ أَوْلَى لِأَنَّ نَظَافَةَ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ من الْمُسْتَقْذَرَاتِ الطاهرات [الظاهرات] مُسْتَحَبٌّ ولم يُعَارِضْهُ حُرْمَةُ الْبُقْعَةِ. وقال في الْوَجِيزِ وَيَبْصُقُ في الصَّلَاةِ وَالْمَسْجِدِ في ثَوْبِهِ وفي غَيْرِهِمَا عن يَسَارِهِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْصُقُ عن يَسَارِهِ إذَا كان يُصَلِّي خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَالْأَوْلَى كما قال في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَإِلَّا فَلَا أَعْلَمُ له مُتَابِعًا. الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ جَازَ أَنْ يَبْصُقَ عن يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ أَنَّهُ لَا يَبْصُقُ عن يَمِينِهِ وَلَا أَمَامَهُ وهو صَحِيحٌ فإن الْمَذْهَبَ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّ ذلك مَكْرُوهٌ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى سُتْرَةٍ مِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَأَطْلَقَ في الْوَاضِحِ الْوُجُوبَ. قَوْلُهُ مِثْلِ آخره الرَّحْلِ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ يَكُونُ طُولُهَا ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا لَا حَدَّ له قال. بن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ مِثْلِ عَظْمِ الذِّرَاعِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ عُلُوُّ شِبْرٍ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو عُلُوُّ شِبْرٍ.
فَائِدَتَانِ: الْأُولَى تَكْفِي السُّتْرَةُ سَوَاءٌ كانت من جِدَارٍ قَرِيبٍ أو سَارِيَةٍ أو جَمَادٍ غَيْرِهِ أو حَرْبَةٍ أو شَجَرَةٍ نَصَّ عليه أو عَصًا أو إنْسَانٍ أو حَيَوَانٍ بَهِيمٍ طَاهِرٍ غَيْرِ وَجْهَيْهِمَا وَيُكْرَهُ إلَى وَجْهِ آدَمِيٍّ نَصَّ عليه وفي الرِّعَايَةِ أو حَيَوَانٍ غَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ أو لَبِنَةٍ وَنَحْوِهَا أو مِخَدَّةٍ أو شَيْءٍ شَاخِصٍ غَيْرِ ذلك في الْفَضَاءِ كَبَعِيرٍ أو رَحْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذلك فَعَصًا مُلْقَاةٌ عَرْضًا نَصَّ عليه أو سَوْطٌ أو سَهْمٌ أو مُصَلَّاهُ الذي تَحْتَهُ أو خَيْطٌ أو ما اعْتَقَدَهُ سُتْرَةً فَإِنْ تَعَذَّرَ غَرْزُ العصي [العصا] وَضَعَهَا. الثَّانِيَةُ عَرْضُ السُّتْرَةِ أَعْجَبُ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يُسْتَحَبُّ ذلك وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يَنْحَرِفَ عنها يَسِيرًا وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا الْقُرْبُ من سُتْرَتِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ من قَدَمَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَجِدْ خَطَّ خَطًّا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْخَطُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ مِثْلَ الْهِلَالِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ يَكْفِي طُولًا.
فَائِدَتَانِ: الْأُولَى السُّتْرَةُ الْمَغْصُوبَةُ وَالنَّجِسَةُ في ذلك كَغَيْرِهِمَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا تُفِيدُ شيئا وَجَزَمَ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ في الْمَغْصُوبَةِ. قُلْت الصَّوَابُ أَنَّ النَّجِسَةَ لَيْسَتْ كَالْمَغْصُوبَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَغْصُوبَةِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وقال فَالصَّلَاةُ إلَيْهَا كَالْقَبْرِ قال صَاحِبُ النَّظْمِ وَعَلَى قِيَاسِهِ سُتْرَةُ الذَّهَبِ. قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ مَعَهَا لو وَضَعَ الْمَارُّ سُتْرَةً وَمَرَّ أو تَسَتَّرَ بِدَابَّةٍ جَازَ. قال الشَّارِحُ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إذَا صلى في ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ على ما تَقَدَّمَ قال في الْكَافِي الْوَجْهَانِ هُنَا بِنَاءً على الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ. قُلْت فَعَلَى هذا لَا يَكُونُ ذلك سُتْرَةً. الثَّانِيَةُ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ وَسُتْرَةُ الْمَأْمُومِ لَا تَكْفِي أَحَدَهُمَا بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ له سُتْرَةٌ وَلَيْسَتْ سُتْرَةً له وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ مَعْنَى ذلك إذَا مَرَّ ما يُبْطِلُهَا قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ هذا فِيمَا يُبْطِلُهَا خَاصَّةً وَأَنَّ كَلَامَهُمْ في نَهْيِ الْآدَمِيِّ عن الْمُرُورِ على ظَاهِرِهِ. وقال صَاحِبُ النَّظْمِ لم أَجِدْ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِجَوَازِ مُرُورِ الْإِنْسَانِ بين يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ فَيَحْتَمِلُ جَوَازَهُ اعْتِبَارًا بِسُتْرَةِ الْإِمَامِ لهم حُكْمًا وَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصَ ذلك بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ لِمَا فيه من الْمَشَقَّةِ على الْجَمِيعِ. قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِهِ وقال احْتِجَاجُهُمْ بِقَضِيَّةِ ابن عَبَّاسٍ وَالْبَهِيمَةِ التي أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بين يَدَيْهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فدارءها [فدارأها] حتى الْتَصَقَتْ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ من وَرَائِهِ مُخْتَلِفٌ على وَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ قال ابن نَصْرِ لله [الله] في حَوَاشِي الْفُرُوعِ صَوَابُهُ الثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ أَعْنِي عُمُومَ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَا يُبْطِلُهَا وَلِغَيْرِهِ كَمُرُورِ الْآدَمِيِّ وَمَنْعِ. الْمُصَلِّي الْمَارَّ انْتَهَى وقال ابن تَمِيمٍ من وَجَدَ فُرْجَةً في الصَّفِّ قام فيها إذَا كانت بِحِذَائِهِ فَإِنْ مَشَى إلَيْهَا عَرْضًا كُرِهَ وَعَنْهُ لَا. قَوْلُهُ وَإِنْ لم تَكُنْ سُتْرَةٌ فَمَرَّ بين يَدَيْهِ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا من حَيْثُ الْجُمْلَةُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا جُمْلَةٌ من أَحْكَامِ الْمُرُورِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ.
فَائِدَتَانِ: الْأُولَى الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ هو الذي لَا لَوْنَ فيه سِوَى السَّوَادِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الصَّيْدِ هو ما لَا بَيَاضَ فيه نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا لَوْنَ فيه غَيْرُ السَّوَادِ انْتَهَى. وَعَنْهُ إنْ كان بين عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ لم يَخْرُجْ بِذَلِكَ عن كَوْنِهِ بَهِيمًا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لو كان بين عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ يُخَالِفَانِ لَوْنَهُ لم يَخْرُجْ بِهِمَا عن اسْمِ الْبَهِيمِ وَأَحْكَامِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَيَأْتِي ذلك في بَابِ الصَّيْدِ أَيْضًا. الثَّانِيَةُ الْبَهِيمُ في اللُّغَةِ هو الذي لَا يُخَالِطُ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرُ وَلَا يَخْتَصُّ ذلك بِالسَّوَادِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ وفي الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَخِصَالِ ابن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَنِهَايَةِ ابن رَزِينٍ. إحْدَاهُمَا لَا تَبْطُلُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَالْمُبْهِجِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ قال في الْمُغْنِي. هِيَ الْمَشْهُورَةُ قال في الْكَافِي هذا الْمَشْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهُرُهُمَا وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابن رَزِينٍ قال في الْفُصُولِ لَا تَبْطُلُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَبْطُلُ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَرَجَّحَهُ الشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو مَذْهَبُ أَحْمَدَ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وهو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وفي حِمَارِ الْوَحْشِ وَجْهٌ أَنَّهُ كَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ ذَكَرَهُ أبو الْبَقَاءِ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال في النُّكَتِ اسْمُ الْحِمَارِ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ الْمَأْلُوفِ في الِاسْتِعْمَالِ وهو الْأَهْلِيُّ هذا هو الظَّاهِرُ وَمَنْ صَرَّحَ بِهِ من الْأَصْحَابِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِمُرَادِ غَيْرِهِ فَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ على قَوْلَيْنِ كما يُوهِمُ كَلَامُهُ في الرِّعَايَةِ انْتَهَى. قُلْت وَلَيْسَ الْأَمْرُ كما قال فَقَدْ ذَكَرَ أبو الْبَقَاءِ في شَرْحِهِ وَجْهًا بِذَلِكَ كما تَقَدَّمَ وَذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابن رَجَبٍ في قَاعِدَةِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ قال وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ ما لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ بَقَرِ الْوَحْشِ على وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا في التَّرْغِيبِ وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حِمَارًا فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا هل يَحْنَثُ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ وَكَذَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ في بَقَرِ الْوَحْشِ وما أَشْبَهَهُ انْتَهَى فَالْوَجْهُ له وَجْهٌ حَسَنٌ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى قال في النُّكَتِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّغِيرَةَ التي لَا يَصْدُقُ عليها أنها امْرَأَةٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِهَا وهو ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ قال وقد يُقَالُ تُشْبِهُ خَلْوَةَ الصَّغِيرَةِ بِالْمَاءِ هل يَلْحَقُ بِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى. قُلْت الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِخَلْوَتِهَا على ما مَرَّ. وقال في الْفُرُوعِ كَلَامُهُمْ في الصَّغِيرَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. الثَّانِيَةُ حُكْمُ مُرُورِ الشَّيْطَانِ بين يَدَيْ الْمُصَلِّي حُكْمُ مُرُورِ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَحَكَى ابن حَامِدٍ فيه وَجْهَيْنِ. الثَّالِثَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِمُرُورِ غَيْرِ من تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ رِوَايَةً أَنَّ السِّنَّوْرَ الْأَسْوَدَ في قَطْعِ الصَّلَاةِ كَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ. الرَّابِعَةُ حَيْثُ قُلْنَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالْمُرُورِ فَلَا تَبْطُلُ بِالْوُقُوفِ قُدَّامَهُ وَلَا الْجُلُوسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَلَيْسَ وُقُوفُهُ كَمُرُورِهِ على الْأَصَحِّ كما لَا يُكْرَهُ إلَى بَعِيرٍ وَظَهْرٍ وَرَحْلٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَعَنْهُ تَبْطُلُ وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ. الْخَامِسَةُ لَا فَرْقَ في الْمُرُورِ بين النَّفْلِ وَالْفَرْضِ وَالْجِنَازَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَضُرُّ الْمُرُورُ إذَا كان في النَّفْلِ ذَكَرَهَا في التَّمَامِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَعَنْهُ لَا يَضُرُّ إذَا كان في نَفْلٍ أو جِنَازَةٍ. السَّادِسَةُ يَجِبُ رَدُّ الْكَافِرِ الْمَعْصُومِ دَمُهُ عن بِئْرٍ إذَا كان يُصَلِّي على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَرَدِّ مُسْلِمٍ عن ذلك فَيَقْطَعُ الصَّلَاةَ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُتِمُّهَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ رَدُّ الْكَافِرِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَتَقَدَّمَ ما قَالَهُ في التَّعْلِيقِ من حِكَايَةِ الْخِلَافِ في عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاةِ من حَذَّرَ ضَرِيرًا قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَإِنْ بَدَرَهُ الْبُصَاقُ وَكَذَا يَجُوزُ له قَطْعُ الصَّلَاةِ إذَا هَرَبَ منه غَرِيمُهُ نَقَلَ حُبَيْشٌ يَخْرُجُ في طَلَبِهِ وَكَذَا إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من. الْمَذْهَبِ وَقِيلَ نَفْلًا فَلَوْ أَبَى قَطْعَهَا صَحَّتْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ في الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. السَّابِعَةُ لو دَعَاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَجَبَ عليه إجَابَتُهُ في الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ هل تَبْطُلُ الْأَظْهَرُ الْبُطْلَانُ قاله ابن نَصْرِ اللَّهِ وَلَا يُجِيبُ وَالِدَيْهِ في الْفَرْضِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا في النَّفْلِ إنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ وَإِنْ لم يَلْزَمْ بِالشُّرُوعِ كما هو الْمَذْهَبُ أَجَابَهُمَا. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَجِبْ أُمَّك وَلَا تُجِبْ أَبَاك وَهَلْ ذلك وُجُوبًا أو اسْتِحْبَابًا لم يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ الْأَظْهَرُ الوجوب [بالوجوب]. قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ. أو يَنْظُرُ إلَى قَرِينَةِ الْحَالِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ في الْجِهَادِ حَيْثُ قالوا لَا طَاعَةَ لَهُمَا في تَرْكِ فَرِيضَةٍ وَكَذَا حُكْمُ الصَّوْمِ لو دَعَوَاهُ أو أَحَدُهُمَا إلَى الْفِطْرِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ له النَّظَرُ في الْمُصْحَفِ. يَعْنِي الْقِرَاءَةَ فيه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ يَجُوزُ له ذلك في النَّفْلِ وَعَنْهُ يَجُوزُ لِغَيْرِ حَافِظٍ فَقَطْ وَعَنْهُ فِعْلُ ذلك يُبْطِلُ الْفَرْضَ وَقِيلَ وَالنَّفَلَ وَتَقَدَّمَ إذَا نَظَرَ في كِتَابٍ وَأَطَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ مُتَفَرِّقًا. قَوْلُهُ وإذا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَهَا أو آيَةُ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ منها. هذا الْمَذْهَبُ يَعْنِي يَجُوزُ له ذلك وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَقِيلَ السُّؤَالُ وَالِاسْتِعَاذَةُ هُنَا إعَادَةُ قِرَاءَتِهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ وابن الْجَوْزِيِّ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي وَفِيهِ ضَعْفٌ قال ابن تَمِيمٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَتَابَعُوا في ذلك الْمَجْدَ في شَرْحِهِ فإنه قال هذا وَهْمٌ من قَائِلِهِ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ في الْفَرْضِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في جَوَازِهِ في الْفَرْضِ رِوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَفْعَلُهُ وَحْدَهُ. وَقِيلَ يُكْرَهُ فِيمَا يَجْهَرُ فيه من الْفَرْضِ دُونَ غَيْرِهِ. وَنَقَلَ الْفَضْلُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهُ مَأْمُومٌ وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ وقال أَحْمَدُ إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذلك بِقَادِرٍ على أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} في صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا قال سُبْحَانَك فَبَلَى في فَرْضٍ وَنَفْلٍ. وقال ابن عَقِيلٍ لَا يَقُولُهُ فيها وقال أَيْضًا لَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ في نَفْلٍ قال وَكَذَا إنْ قَرَأَ في نَفْلٍ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فقال بَلَى لَا يَفْعَلُ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذلك بِقَادِرٍ على أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} هل يقول سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى قال إنْ شَاءَ قال في نَفْسِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهِ.
فَوَائِدُ: إحداها لو قَرَأَ آيَةً فيها ذِكْرُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَإِنْ كان في نَفْلٍ فَقَطْ صلى عليه نَصَّ عليه وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ. قال ابن الْقَيِّمِ في كِتَابِهِ الصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُصَلِّي عليه في النَّفْلِ فَقَطْ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي وَإِنْ قَرَأَ آيَةً فيها ذِكْرُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه جَازَ له الصَّلَاةُ عليه ولم يُقَيِّدَاهُ بِنَافِلَةٍ قال ابن الْقَيِّمِ هو قَوْلُ أَصْحَابِنَا. الثَّانِيَةُ له رَدُّ السَّلَامِ من إشَارَةٍ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَكْرَه في الْفَرْض وَعَنْهُ يَجِبُ وَلَا يَرُدُّهُ في نَفْسِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ الرَّدُّ بَعْدَ فَرَاغِهِ منها. الثَّالِثَةُ له أَنْ يُسَلِّمَ على الْمُصَلِّي من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَقَاسَه ابن عَقِيلٍ على الْمَشْغُولِ بِمَعَاشٍ أو حِسَابٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وقال وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ إنْ تَأَذَّى بِهِ كُرِهَ وَإِلَّا لم يُكْرَهْ وَعَنْهُ يُكْرَهُ في الْفَرْضِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إنْ عَرَفَ الْمُصَلِّي كَيْفِيَّةَ الرَّدِّ بِهِ وَإِلَّا كُرِهَ. قَوْلُهُ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ اثْنَا عَشَرَ الْقِيَامِ. مَحَلُّ ذلك إذَا كانت الصَّلَاةُ فَرْضًا وكان قَادِرًا عليه وَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ لو كان عُرْيَانًا أو لم يَجِدْ إلَّا ما يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ أو مَنْكِبَيْهِ فَلَوْ كان نَفْلًا لم يَجِبْ الْقِيَامُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَجِبُ في الْوِتْرِ. قال في الرِّعَايَةِ قُلْت إنْ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ.
تَنْبِيهٌ: عَدَّ الْأَصْحَابُ الْقِيَامَ من الْأَرْكَانِ وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ في عَدِّ الْقِيَامِ من الْأَرْكَانِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُهُ على التَّكْبِيرِ فَهُوَ أَوْلَى من النِّيَّةِ بِكَوْنِهِ شَرْطًا انْتَهَى. قُلْت الذي يَظْهَرُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الشُّرُوطَ هِيَ التي يُؤْتَى بها قبل الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ وَتُسْتَصْحَبُ إلَى آخِرِهَا وَالرُّكْنُ يُفْرَغُ منه وَيُنْتَقَلُ إلَى غَيْرِهِ وَالْقِيَامُ كَذَلِكَ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا قال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ حَدُّ الْقِيَامِ ما لم يَصِرْ رَاكِعًا قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ حَدُّهُ الِانْتِصَابُ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ فَرْضَ الْقِيَامِ وَلَا يَضُرُّهُ مَيْلُ رَأْسِهِ . الثَّانِيَةُ لو قام على رِجْلٍ وَاحِدَةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْإِجْزَاءُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَ خَطَّابُ ابن بِشْرٍ عن أَحْمَدَ لَا أَدْرِي وقال ابن الْجَوْزِيِّ لَا يُجْزِئُهُ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ. وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ لو أتى بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أو بِبَعْضِهَا رَاكِعًا عِنْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ يقول اللَّهُ أَكْبَرُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ هِيَ من الصَّلَاةِ نَصَّ عليه وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ لها شُرُوطُهَا. قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ رُكْنٌ في كل رَكْعَةٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ رُكْنٌ في الْأُولَيَيْنِ وَعَنْهُ لَيْسَتْ رُكْنًا مُطْلَقًا وَيُجْزِئُهُ آيَةٌ من غيرها [غيرهم] قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصُرَتْ وَلَوْ كانت كَلِمَةً وَأَنَّ الْفَاتِحَةَ سُنَّةٌ. وَأَطْلَقَ في الْمُسْتَوْعِبِ الرِّوَايَتَيْنِ في تَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنها لَا تَجِبُ في الْجِنَازَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً لَا يَكْفِي إلَّا سَبْعُ آيَاتٍ من غَيْرِهَا. وَعَنْهُ ما تَيَسَّرَ وَعَنْهُ لَا تَجِبُ قِرَاءَةٌ في الْأُولَيَيْنِ وَالْفَجْرِ وَعَنْهُ إنْ نَسِيَهَا فِيهِمَا قَرَأَهَا في الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَرَّتَيْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ زَادَ عبد اللَّهِ في هذه الرِّوَايَةِ وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ في ثَلَاثٍ ثُمَّ ذَكَرَ في الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَأْنَفَهَا. وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ إنْ نَسِيَهَا في رَكْعَةٍ أتى بها فِيمَا بَعْدَهَا مَرَّتَيْنِ وَيَعْتَدُّ بها وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قال في الْفُنُونِ وقد أَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَجِبُ الْفَاتِحَةُ على الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَكَذَا على الْمَأْمُومِ لَكِنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُهَا عنه هذا الْمَعْنَى في كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ على الْمَأْمُومِ في الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ حَيْثُ تَجِبُ فِيهِمَا على الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَالطُّمَأْنِينَةُ في هذه الْأَفْعَالِ. بِلَا نِزَاعٍ وَحَدُّهَا حُصُولُ السُّكُونِ وَإِنْ قَلَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ نَقَصَ عنه فَاحْتِمَالَانِ. وَقِيلَ هِيَ بِقَدْرِ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وهو الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَفَائِدَةُ الْوَجْهَيْنِ إذَا نَسِيَ التَّسْبِيحَ في رُكُوعِهِ أو سُجُودِهِ أو التَّحْمِيدَ في اعْتِدَالِهِ أو سُؤَالَ الْمَغْفِرَةِ في جُلُوسِهِ أو عَجَزَ عنه لعجمه أو خَرَسٍ أو تَعَمَّدَ تَرْكَهُ وَقُلْنَا هو سُنَّةٌ وَاطْمَأَنَّ قَدْرًا لَا يَتَّسِعُ له فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَلَا تَصِحُّ على الثَّانِي. وَقِيلَ هِيَ بِقَدْرِ ظَنِّهِ أَنَّ مَأْمُومَهُ أتى بِمَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَالْجُلُوسُ له. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ قال في الرِّعَايَةِ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ وقال أَيْضًا وَقِيلَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ وَاجِبٌ وَالْجُلُوسُ له رُكْنٌ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ. وقال أبو الْحُسَيْنِ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ أَنَّ الْجُلُوسَ فَرْضٌ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ في الذِّكْرِ فيه وَعَنْهُ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ وَعَنْهُ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ فَقَطْ سُنَّةٌ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَيُجْزِئُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَتُجْزِئُ الصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْأَصَحِّ. قال ابن تَمِيمٍ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. وَقِيلَ الْوَاجِبُ الْجَمِيعُ إلَى قَوْلِهِ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ الْأَخِيرَتَانِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُجْزِئُ التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى حَمِيدٌ مَجِيدٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ والتخليص [والتلخيص]. قال في الْكَافِي وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَتَجِبُ الصَّلَاةُ على هذه الصِّفَةِ يَعْنِي حَدِيثَ كَعْبِ بن عُجْرَةَ وَيَأْتِي قَرِيبًا مِقْدَارُ الْوَاجِبِ من التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ. الثَّانِيَةُ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ كان يَلْزَمُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَقُولَ في التَّشَهُّدِ: «وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كما صَلَّيْت على إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» وَالشَّهَادَتَانِ في الْأَذَانِ وقال ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ لُزُومُ ذلك وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ. اعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ عَدَّ التَّرْتِيبَ من الْأَرْكَانِ. وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَابَعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ التَّرْتِيبُ صِفَةٌ مُعْتَبَرَةٌ لِلْأَرْكَانِ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ وَلَا يَلْزَمُ من ذلك أَنْ يَكُونَ رُكْنًا زائد [زائدا] كما أَنَّ الْفَاتِحَةَ رُكْنٌ وَتَرْتِيبَهَا مُعْتَبَرٌ وَلَا يُعَدُّ رُكْنًا آخَرَ وَالتَّشَهُّدُ كَذَلِكَ وَكَذَا. السُّجُودُ رُكْنٌ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ على الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ وَلَا يُجْعَلُ ذلك رُكْنًا إلَى نَظَائِرِ ذلك انْتَهَى. قال الزَّرْكَشِيُّ بَعْضُهُمْ يَعُدُّ التَّرْتِيبَ رُكْنًا وَبَعْضُهُمْ يقول هو مُقَوِّمٌ لِلْأَرْكَانِ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ انْتَهَى. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَدَّ الطُّمَأْنِينَةُ رُكْنًا لِأَنَّهَا أَيْضًا صِفَةُ الرُّكْنِ وَهَيْئَتُهُ فيه انْتَهَى. قُلْت لَعَلَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ إذْ لَا يَظْهَرُ له.
فائدة: قَوْلُهُ وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ التَّكْبِيرَةُ غير تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالتَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ في الرَّفْعِ من الرُّكُوعِ وَالتَّسْبِيحُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَرَّةً مَرَّةً. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ أَنَّ ذلك رُكْنٌ وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَعَنْهُ التَّكْبِيرُ رُكْنٌ إلَّا في حَقِّ الْمَأْمُومِ فَوَاجِبٌ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ وَسُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ بين السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً. يَعْنِي أَنَّهُ وَاجِبٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ رُكْنٌ وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَإِنْ قُلْنَا التَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ وَنَحْوُهُمَا وَاجِبٌ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَنَبَّهَ عليه ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وقال جَمَاعَةٌ يُجْزِئُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي. قَوْلُهُ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالْجُلُوسُ له. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ رُكْنٌ وَعَنْهُ سُنَّةٌ.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُجْزِئَ من التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النبي وَرَحْمَةُ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخَانِ. وزاد بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَالصَّلَوَاتُ وزاد ابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَبَرَكَاتُهُ وزاد بَعْضُهُمْ وَالطَّيِّبَاتُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ السَّلَامُ مُعَرَّفًا وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَذَكَرَ ابن منجا في الْأَوَّلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى إنْ أَسْقَطَ أَشْهَدُ الثَّانِيَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ وَجْهَانِ وَالْمَنْصُوصُ الْإِجْزَاءُ. وقال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في التَّمَامِ إذَا خَالَفَ التَّرْتِيبَ في أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ فَهَلْ يُجْزِيهِ على وَجْهَيْنِ وَقِيلَ الْوَاجِبُ جَمِيعُ ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وهو تَشَهُّدُ ابن مَسْعُودٍ وهو الذي في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. قال ابن حَامِدٍ رَأَيْت جَمَاعَةً من أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ لو تَرَكَ وَاوًا أو حَرْفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا قَوْلُ جَمَاعَةٍ منهم ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ حِكَايَةِ تَشَهُّدِ ابن مَسْعُودٍ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَقِيلَ مَتَى أَخَلَّ بِلَفْظَةٍ سَاقِطَةٍ في غَيْرِهِ أَجْزَأَ انْتَهَى. وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُجْزِئُ من التَّشَهُّدِ ما لم يَرْفَعْ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا قَدْرُ الْوَاجِبِ من الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وما تَقَدَّمَ من الْوَاجِبِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ وَالصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَوْضِعِهَا. يَعْنِي أنها وَاجِبَةٌ في التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهَا في النَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. قال في الْمُغْنِي هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. وَعَنْهُ أنها رُكْنٌ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ رُكْنٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْبُلْغَةِ هِيَ رُكْنٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ. قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ رُكْنٌ في الْأَصَحِّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذه أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ قال في الْفُرُوعِ رُكْنٌ على الْأَشْهَرِ عنه اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَه ابن الزَّاغُونِيِّ وَالْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ أنها سُنَّةٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ كَخَارِجِ الصَّلَاةِ وَنَقَلَ أبو زُرْعَةَ رُجُوعَهُ عن هذه الرِّوَايَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. وَتَقَدَّمَ هل تَجِبُ الصَّلَاةُ عليه صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه أو تُسْتَحَبُّ خَارِجَ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ شَاءَ قال كما صَلَّيْت على إبْرَاهِيمَ. قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ في رِوَايَةٍ. وَكَذَا قال في الْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا جَزَمَ بها في الْإِفَادَاتِ وَالتَّسْهِيلِ قال الْقَاضِي وَهِيَ أَصَحُّ. وقال في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُمَا وَاجِبَانِ لَا يَخْرُجُ من الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهَا نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهَا في الْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أنها رُكْنٌ مُطْلَقًا كَالْأُولَى جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْهِدَايَةِ في عَدِّ الْأَرْكَانِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قال في الْمُذْهَبِ رُكْنٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهَا في الْحَوَاشِي وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مع أَنَّ ما قَالَهُ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَحْتَمِلُهُ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ أنها سُنَّةٌ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. قُلْت وهو قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا فقال أَجْمَعَ كُلُّ من نَحْفَظُ عنه من أَهْلِ الْعِلْمِ على أَنَّ صَلَاةَ من اقْتَصَرَ على تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزَةٌ وَتَبِعَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. قُلْت هذا مُبَالَغَةٌ منه وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ. قال الْعَلَّامَةُ ابن الْقَيِّمِ وَهَذِهِ عَادَتُهُ إذَا رَأَى قَوْلَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ حَكَاهُ إجْمَاعًا. وَعَنْهُ هِيَ سُنَّةٌ في النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ وَجَزَمَ في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ أنها لَا تَجِبُ في النَّفْلِ وَقَدَّمَ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهِ أنها وَاجِبَةٌ في الْمَكْتُوبَةِ. وقال الْقَاضِي التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ في الْجِنَازَةِ وَالنَّافِلَةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ هل هِيَ سُنَّةٌ أَمْ لَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. قال في الْمُحَرَّرِ وفي وُجُوبِهَا في الْفَرْضِ رِوَايَتَانِ. قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وفي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ رِوَايَتَانِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى السَّلَامُ من نَفْسِ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ. وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ فيها رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا هِيَ منها وَالثَّانِيَةُ لَا لِأَنَّهَا لَا تُصَادِفُ جُزْءًا منها قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخُشُوعَ في الصَّلَاةِ سُنَّةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَمَعْنَاهُ في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا غَلَبَ الْوَسْوَاسُ على أَكْثَرِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ. وقال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ هو وَاجِبٌ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. في بَعْضِهَا وقال ابن حَامِدٍ وابن الْجَوْزِيِّ تَبْطُلُ صَلَاةُ من غَلَبَ الْوَسْوَاسُ على أَكْثَرِ صَلَاتِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ. الثَّالِثَةُ أَلْحَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ الْجَهْلَ بِالسَّهْوِ في تَرْكِ الْأَرْكَانِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنِ وفي الْكَافِي ما يَدُلُّ عليه فإنه قال في الْفَصْلِ الثَّالِثِ من بَابِ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ ثُمَّ أنسبها [أنسيها] فيه رِوَايَتَانِ كما لو جَهِلَهَا لِأَنَّ ما يُعْذَرُ فيه بِالْجَهْلِ يُعْذَرُ فيه بِالنِّسْيَانِ كَوَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ. الرَّابِعَةُ يُسْتَثْنَى من قَوْلِهِ من تَرَكَ منها شيئا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ لِمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فإن تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ تُجْزِئُهُ وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وهو الْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ في مَوَاضِعَ وَسَيَأْتِي هُنَاكَ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَلَوْ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْحَالَةُ هذه لَكَانَ سَدِيدًا كَوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ على الْمَأْمُومِ وَسُقُوطِهَا عنه بِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لها عنه أو يُقَالُ هُنَا سَقَطَتْ من غَيْرِ تَحَمُّلٍ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَسُنَنُ الْأَقْوَالِ اثْنَا عَشَرَ الِاسْتِفْتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ اخْتَارَه ابن بَطَّةَ وَعَنْهُ التَّعَوُّذُ وَحْدَهُ وَاجِبٌ وَعَنْهُ يَجِبُ التَّعَوُّذُ في كل رَكْعَةٍ. قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرَّحِيمِ. تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فيها هل هِيَ من الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا مُسْتَوْفًى في أَوَّلِ الْبَابِ. قَوْلُهُ وَقَوْلُ آمِينَ. يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهَا سُنَّةٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وعنه وَاجِبٌ قال في. رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ آمِينَ أَمْرٌ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو آكَدُ من الْفِعْلِ وَيَجُوزُ فيها الْقَصْرُ وَالْمَدُّ وهو أَوْلَى وَيَحْرُمُ تَشْدِيدُ الْمِيمِ. قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ قِرَاءَةَ السُّورَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَجِبُ قِرَاءَةُ شَيْءٍ بَعْدَهَا وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ على الْفَاتِحَةِ.
فائدة: يَبْتَدِئُ السُّورَةَ التي يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِالْبَسْمَلَةِ نَصَّ عليه زَادَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ سِرًّا قال الشَّارِحُ الْخِلَافُ في الْجَهْرِ هُنَا كَالْخِلَافِ في أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ وَالْإِخْفَاتُ. هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْمُولُ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ هُمَا وَاجِبَانِ وَقِيلَ الْإِخْفَاتُ وَحْدَهُ وَاجِبٌ. وَنَقَلَ أبو دَاوُد إذَا خَافَتْ فِيمَا يَجْهَرُ فيه حتى فَرَغَ من الْفَاتِحَةِ ثُمَّ ذَكَرَ يَبْتَدِئُ الْفَاتِحَةَ فَيَجْهَرُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَتَقَدَّمَ ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ من يُشْرَعُ له الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاتُ مُسْتَوْفًى.
تَنْبِيهٌ: في عَدِّ الْمُصَنِّفِ الْجَهْرَ وَالْإِخْفَاتَ من سُنَنِ الْأَقْوَالِ نَظَرٌ فَإِنَّهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ من سُنَنِ الْأَفْعَالِ لِأَنَّهُمَا هَيْئَةٌ لِلْقَوْلِ لَا أَنَّهُمَا قَوْلٌ مع أَنَّهُ عَدَّهُمَا أَيْضًا من سُنَنِ الْأَقْوَالِ في الْكَافِي.
تَنْبِيهٌ: وَقَوْلُهُ مِلْءَ السَّمَاءِ بَعْدَ التَّحْمِيدِ. يَعْنِي في حَقِّ من شُرِعَ له قَوْلُ ذلك على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ وَاجِبٌ إلَى آخِرِهِ. قَوْلُهُ وَالتَّعَوُّذُ في التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ وَاجِبٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وقال ابن بَطَّةَ من تَرَكَ من الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ شيئا مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الثَّنَاءُ على اللَّهِ تَعَالَى أَعَادَ وَعَنْهُ من تَرَكَ شيئا من الدُّعَاءِ عَمْدًا أَعَادَ. وَتَقَدَّمَ ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَوَّذَ. قَوْلُهُ وَالْقُنُوتُ في الْوِتْرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ أَكْثَرُهُمْ بِهِ وقال ابن شِهَابٍ سُنَّةٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: قَوْلُهُ فَهَذِهِ سُنَنٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا وَلَا يَجِبُ السُّجُودُ لها. لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ في ذلك لِأَنَّهُ بَدَلٌ عنها قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْرَعُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْحَاوِيَيْنِ في سُجُودِ السَّهْوِ. إحْدَاهُمَا يُشْرَعُ له السُّجُودُ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْرَعُ قال في الْإِفَادَاتِ لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ قالوا سُنَّ في رِوَايَةٍ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في آخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قال الزَّرْكَشِيُّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ. قَوْلُهُ وما سِوَى هذا من سُنَنِ الْأَفْعَالِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يُشْرَعُ السُّجُودُ له. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بها في الْمُغْنِي وَالْكَافِي. قال الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ تَرْكُ السُّجُودِ هُنَا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَقَالَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. وَاَلَّذِي عليه أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ في سُنَنِ الْأَفْعَالِ أَيْضًا وَأَنَّهُمَا في سُنَنِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ مُخَرَّجَتَانِ من كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقد نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ ابن مَنْصُورٍ أَنَّهُ قال إنْ سَجَدَ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ لم يَسْجُدْ فَلَيْسَ عليه شَيْءٌ وقال في رِوَايَةِ صَالِحٍ يَسْجُدُ لِذَلِكَ وما يَضُرُّهُ إنْ سَجَدَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا لَا يَسْجُدُ في سُنَنِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ فَلَا بَأْسَ نَصَّ عليه قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في شَرْحِ الْمَجْدِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ نَصَّ عليه. قُلْت قد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتِلَاوَةِ غَيْرِ أمامه فَإِنْ فَعَلَ فَذَكَرُوا في بُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَجْهَيْنِ. وَقَالُوا إذَا قُلْنَا سَجْدَةُ ص سجد [سجدة] شُكْرٍ لَا يَسْجُدُ لها في الصَّلَاةِ فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ فَالْمَذْهَبُ تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ فَلَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يُخَرَّجَ هُنَا مِثْلُ ذلك. الثَّانِيَةُ عَدَّ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي سُنَنَ الْأَفْعَالِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَذَكَرَ في الْهِدَايَةِ أَنَّ الْهَيْئَاتِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَذَكَرَهَا في الْمُسْتَوْعِبِ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ هَيْئَةً وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هِيَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ في الْأَشْهَرِ وَقَالُوا سُمِّيَتْ هَيْئَةً لِأَنَّهَا صِفَةٌ في غَيْرِهَا. قال في الرِّعَايَةِ فَكُلُّ صُورَةٍ أو صِفَةٍ لِفِعْلٍ أو قَوْلٍ فَهِيَ هَيْئَةٌ. قال في الْخُلَاصَةِ وَالْهَيْئَاتُ هِيَ صُوَرُ الْأَفْعَالِ وَحَالَاتُهَا فَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ سُنَنُ الْأَفْعَالِ. وقد عَدَّهَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وغيرهما [وغيرهم] وَهِيَ تَشْمَلُ سُنَنَ الْأَفْعَالِ وَغَيْرِهَا وقد تَكُونُ رُكْنًا كَالطُّمَأْنِينَةِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَعَدَّ فيها أَنَّ من الْهَيْئَاتِ الْجَهْرَ وَالْإِخْفَاتَ وَعَدَّهُمَا الْمُصَنِّفُ في سُنَنِ الْأَقْوَالِ كما تَقَدَّمَ.
|