الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
تَنْبِيهٌ: يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ وَهِيَ أَفْضَلُ تَطَوُّعِ الْبَدَنِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أنها أَفْضَلُ من جَمِيعِ التَّطَوُّعَاتِ فَيَدْخُلُ في ذلك التَّطَوُّعُ بِالْجِهَادِ وَغَيْرِهِ وهو أَحَدُ الْوُجُوهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ وهو ظَاهِرُ تَعْلِيلِ ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أنها أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ سِوَى الْجِهَادِ لِقَوْلِهِ في كِتَابِ الْجِهَادِ وَأَفْضَلُ ما يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ وَيَكُونُ عُمُومُ كَلَامِهِ هُنَا مَخْصُوصًا أو يُقَالُ لم يَدْخُلْ الْجِهَادُ في كَلَامِهِ لِأَنَّهُ في الْغَالِبِ لَا يَحْصُلُ بِالْبَدَنِ فَقَطْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أنها أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ الْمَقْصُورَةِ على الْبَدَنِ كَالصَّوْمِ وَالْوُضُوءِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَقَضَاءِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ وَالْإِصْلَاحِ بين الناس وَالْجِهَادِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ على ما يَأْتِي. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ تَطَوُّعَ الْبَدَنِ أَيْ غَيْرُ المتعدى نَفْعُهُ الْمَقْصُورُ على فَاعِلِهِ فَأَمَّا الْمُتَعَدِّي نَفْعُهُ فَهُوَ آكَدُ من نَفْلِ الصَّلَاةِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عن كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وهو كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدِي على نَفْلِ الْبَدَنِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيرَ الْمَذْهَبِ في ذلك أَنَّ أَفْضَلَ التَّطَوُّعَاتِ مُطْلَقًا الْجِهَادُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ قال في الْفُرُوعِ الْجِهَادُ أَفْضَلُ تَطَوُّعَاتِ الْبَدَنِ أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَيْضًا أَنَّهُ أَفْضَلُ من الرِّبَاطِ وَقِيلَ الرِّبَاطُ أَفْضَلُ وَحَكَى رِوَايَةً. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْعَمَلُ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ أَفْضَلُ في الثَّغْرِ وفي غَيْرِهِ نَظِيرُهَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ النَّفَقَةُ في الْجِهَادِ أَفْضَلُ من النَّفَقَةِ في غَيْرِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ الصَّدَقَةُ على قَرِيبِهِ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مع عَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابن هَانِئٍ أَنَّ أَحْمَدَ قال لِرَجُلٍ أَرَادَ الثَّغْرَ أَقِمْ على أُخْتِك أَحَبُّ إلَيَّ أَرَأَيْت إنْ حَدَثَ بها حَدَثُ من يَلِيهَا وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ قال لِرَجُلٍ له مَالٌ كَثِيرٌ أَقِمْ على وَلَدِك وَتَعَاهَدْهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ ولم يُرَخِّصْ له يَعْنِي في غَزْوٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. قال ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ صَفْوَةِ الصَّفْوَةِ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ من الْحَجِّ وَمِنْ الْجِهَادِ. وَيَأْتِي في آخِرِ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالصَّدَقَةُ على ذِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةُ أَهْلٍ هل الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ من الْعِتْقِ أَمْ لَا أَمْ هِيَ أَفْضَلُ زَمَنَ الْمَجَاعَةِ أو على الْأَقَارِبِ وَهَلْ هِيَ أَفْضَلُ من الْحَجِّ أَمْ لَا. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ من الْجِهَادِ الذي لم تَذْهَبْ فيه نَفْسُهُ وَمَالُهُ وَهِيَ في غَيْرِ الْعَشْرِ تَعْدِلُ الْجِهَادَ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ هذا مُرَادُهُمْ انْتَهَى. وَعَنْهُ الْعِلْمُ تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ أَفْضَلُ من الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ مُهَنَّا طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ قِيلَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَصِحُّ النِّيَّةُ قال يَنْوِي يَتَوَاضَعُ فيه وَيَنْفِي عنه الْجَهْلَ وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَ بَعْدَهُ الْجِهَادَ ثُمَّ بَعْدَ الْجِهَادِ إصْلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ ثُمَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَالتَّكَسُّبَ على الْعِيَالِ من ذلك نَصَّ عليه الْأَصْحَابُ انْتَهَى. وقال في نَظْمِهِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ وَالنِّكَاحِ الْمُؤَكَّدِ. وَاخْتَارَ الْحَافِظُ عبد الْغَنِيِّ أَنَّ الرِّحْلَةَ إلَى سَمَاعِ الحديث أَفْضَلُ من الْغَزْوِ وَمِنْ سَائِرِ النَّوَافِلِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ في الْجِهَادِ وَأَنَّهُ. نَوْعٌ من الْجِهَادِ من جِهَةِ أَنَّهُ من فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ قال وَالْمُتَأَخِّرُونَ من أَصْحَابِنَا أَطْلَقُوا الْقَوْلَ أَنَّ أَفْضَلَ ما يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ وَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْشِئَهُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ ليس بِفَرْضِ عَيْنٍ عليه بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفَرْضَ قد سَقَطَ عنه فإذا بَاشَرَهُ وقد سَقَطَ عنه الْفَرْضُ فَهَلْ يَقَعُ فَرْضًا أو نَفْلًا على وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ في صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا غَيْرُهُ. وَانْبَنَى على الْوَجْهَيْنِ جَوَازُ فِعْلِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذلك يَقَعُ فَرْضًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ وَإِنْ كان ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فيه تَطَوُّعًا كما في التَّطَوُّعِ الذي يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فإنه كان نَفْلًا ثُمَّ يَصِيرُ إتْمَامُهُ وَاجِبًا انْتَهَى. وقال في آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ الْعِلْمُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَأَقْرَبُ الْعُلَمَاءِ إلَى اللَّهِ وَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَكْثَرُهُمْ له خَشْيَةً انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْجِهَادِ وَالْعِلْمِ أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ الصَّوْمُ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَدْخُلُهُ رِيَاءٌ قال بَعْضُهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ على فَضِيلَتِهِ على غَيْرِهِ قال ابن شِهَابٍ أَفْضَلُ ما يَتَعَبَّدُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُ الصَّوْمُ وَقِيلَ ما تَعَدَّى نَفْعُهُ أَفْضَلُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وقال صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ في كُتُبِهِ وَحَمَلَ الْمَجْدُ كَلَامَهُ في الْهِدَايَةِ على هذا وَكَذَا صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ على هذا كما تَقَدَّمَ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إذَا صلى وَقَرَأَ وَاعْتَزَلَ فَلِنَفْسِهِ وإذا أَقْرَأَ فَلَهُ وَلِغَيْرِهِ يُقْرِئُ أَعْجَبُ إلَيَّ وَأَطْلَقَهُنَّ ابن تَمِيمٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ. وفي كَلَامِ الْقَاضِي التَّكَسُّبُ لِلْإِحْسَانِ أَفْضَلُ من التَّعَلُّمِ لِتَعَدِّيهِ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَهُ عن جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِلْخَبَرِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قال نَرَى لِمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ بَعْدَ ذلك وَعَنْ ابن عَبَّاسٍ الطَّوَافُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَكَذَا عَطَاءٌ هذا كَلَامُ أَحْمَدَ. وَذَكَرَ في رِوَايَةِ أبي دَاوُد عن عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ الصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَالطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ ما سَبَقَ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ من الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا سِيَّمَا وهو عِبَادَةٌ بِمُفْرَدِهِ يُعْتَبَرُ له ما يُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى. قُلْت وفي هذا نَظَرٌ. وَقِيلَ الْحَجُّ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ جِهَادٌ وَذَكَرَ في الْفُرُوعِ الْأَحَادِيثَ في ذلك وقال فَظَهَرَ أَنَّ نَفْلَ الْحَجِّ أَفْضَلُ من صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْعِتْقِ وَمِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَعَلَى هذا إنْ مَاتَ في الْحَجِّ فَكَمَا لو مَاتَ في الْجِهَادِ يَكُونُ شَهِيدًا وَذَكَرَ الْوَارِدَ في ذلك وقال على هذا فَالْمَوْتُ في طَلَبِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِالشَّهَادَةِ على ما سَبَقَ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ليس يُشْبِهُ الْحَجَّ شَيْءٌ لِلتَّعَبِ الذي فيه وَلِتِلْكَ الْمَشَاعِرِ وَفِيهِ مَشْهَدٌ ليس في الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَفِيهِ إهْلَالُ الْمَالِ وَالْبَدَنِ وَإِنْ مَاتَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ طَهُرَ من ذُنُوبِهِ. وَنَقَلَ مُهَنَّا الْفِكْرُ أَفْضَلُ من الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ قال في الْفُرُوعِ فَقَدْ يُتَوَجَّهُ أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ من عَمَلِ الْجَوَارِحِ وَيَكُونُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ عَمَلَ الْجَوَارِحِ وَلِهَذَا ذَكَرَ في الْفُنُونِ رِوَايَةَ مُهَنَّا فقال يَعْنِي الْفِكْرَ في آلَاءِ اللَّهِ وَدَلَائِلِ صُنْعِهِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الذي يُنْتِجُ أَفْعَالَ الْخَيْرِ وما أَثْمَرَ الشَّيْءُ فَهُوَ خَيْرٌ من ثَمَرَتِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ فإنه قال فيه من انْفَتَحَ له طَرِيقُ عَمَلٍ بِقَلْبِهِ بِدَوَامِ ذِكْرٍ أو فِكْرٍ فَذَلِكَ الذي لَا يَعْدِلُ بِهِ النِّيَّةَ. قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَالِمَ بِاَللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ أَفْضَلُ من الْعَالِمِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَعْلُومِهِ وَبِثَمَرَاتِهِ. وقال ابن عَقِيلٍ في خُطْبَةِ كِفَايَتِهِ إنَّمَا تَشْرُفُ الْعُلُومُ بِحَسَبِ مُؤَدَّيَاتِهَا وَلَا أَعْظَمَ من الْبَارِي فَيَكُونُ الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَتِهِ وما يَجِبُ له وما يَجُوزُ أَجَلُّ الْعُلُومِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ وَأَنَّ الذِّكْرَ بِالْقَلْبِ أَفْضَلُ من الْقِرَاءَةِ بِلَا قَلْبٍ وهو مَعْنَى كَلَامِ ابن الْجَوْزِيِّ فإنه قال أَصْوَبُ الْأُمُورِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ما يُطَهِّرُ الْقَلْبَ وَيُصَفِّيهِ لِلذِّكْرِ وَالْأُنْسِ فَيُلَازِمُهُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الرَّدِّ على الرَّافِضِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَفْضِيلَ أَحْمَدَ لِلْجِهَادِ وَالشَّافِعِيِّ لِلصَّلَاةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ لِلذِّكْرِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ من الْآخَرَيْنِ وقد يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ أَفْضَلَ في حَالٍ انْتَهَى. قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ الِاعْتِنَاءُ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّحْرِيضُ على ذلك وَعَجَبٌ مِمَّنْ احْتَجَّ بِالْفُضَيْلِ وقال لَعَلَّ الْفُضَيْلَ قد اكْتَفَى وقال لَا يُثَبِّطُ عن طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا جَاهِلٌ وقال ليس قَوْمٌ خير [خيرا] من أَهْلِ الحديث وَعَابَ على مُحَدِّثٍ لَا يَتَفَقَّهُ وقال يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فَهِمًا في الْفِقْهِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال أَحْمَدُ مَعْرِفَةُ الحديث وَالْفِقْهِ فيه أَعْجَبُ إلَيَّ من حِفْظِهِ. وقال ابن الْجَوْزِيِّ في خُطْبَةِ الْمُذْهَبِ بِضَاعَةُ الْفِقْهِ أَرْبَحُ الْبَضَائِعِ وَالْفُقَهَاءُ يَفْهَمُونَ مُرَادَ الشَّارِعِ وَيَفْهَمُونَ الْحِكْمَةَ في كل وَاقِعٍ وَفَتَاوِيهِمْ تُمَيِّزُ الْعَاصِيَ من الطَّائِعِ. وقال في كِتَابِ الْعِلْمِ له الْفِقْهُ عُمْدَةُ الْعُلُومِ. وقال في صَيْدِ الْخَاطِرِ الْفِقْهُ عليه مَدَارُ الْعُلُومِ فَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِلتَّزَيُّدِ من الْعِلْمِ فَلْيَكُنْ في التَّفَقُّهِ فإنه الْأَنْفَعُ وَفِيهِ الْمُهِمُّ من كل عِلْمٍ هو الْمُهِمُّ. قَوْلُهُ وَآكَدُهَا صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ. يَعْنِي آكَدُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الْوِتْرُ آكَدُ مِنْهُمَا وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ليس بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ أَفْضَلُ من قِيَامِ اللَّيْلِ.
فائدة: صَلَاةُ الْكُسُوفِ آكَدُ من صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ قاله ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وقال صَرَّحَ في النِّهَايَةِ يَعْنِي جَدَّهُ أَبَا الْمَعَالِي بِأَنَّ التَّرَاوِيحَ أَفْضَلُ من صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ الْوِتْرُ ثُمَّ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ. أَنَّهُمَا أَفْضَلُ من صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وهو كَالصَّرِيحِ على ما يَأْتِي من كَلَامِهِ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّرَاوِيحَ أَفْضَلُ من الْوِتْرِ وَأَنَّهَا في الْفَضِيلَةِ مِثْلُ ما تُسَنُّ له الْجَمَاعَةُ من الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِمَا وَأَفْضَلُ مِنْهُمَا فَإِنَّهَا مِمَّا تُسَنُّ لها الْجَمَاعَةُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْوِتْرَ أَفْضَلُ من سُنَّةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا من الرَّوَاتِبِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ سُنَّةُ الْفَجْرِ آكَدُ منها اخْتَارَهَا الْقَاضِي لِاخْتِصَاصِهَا بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَيَأْتِي هل سُنَّةُ الْفَجْرِ آكَدُ من سُنَّةِ الْمَغْرِبِ أَمْ هِيَ آكَدُ. قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ أَنَّهُ وَاجِبٌ. اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وُجُوبَهُ على من يَتَهَجَّدُ بِاللَّيْلِ. قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ ما بين صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ آخِرُهُ إلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي.
فائدة: أَفْضَلُ وَقْتِ الْوِتْرِ آخِرُ اللَّيْلِ لِمَنْ وَثِقَ بِنَفْسِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ كَصَلَاةِ الْعِشَاءِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقِيلَ الْكُلُّ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ أَكْثَرُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَقِيلَ الْوِتْرُ رَكْعَةٌ وما قَبْلَهُ ليس منه نَقَلَ ابن تَمِيمٍ أَنَّ أَحْمَدَ قال أنا أَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ وَلَكِنْ يَكُونُ قَبْلَهَا صَلَاةٌ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْقَوْلِ وهو أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ إذَا كانت مَفْصُولَةً فَأَمَّا إذَا اتَّصَلَتْ بِغَيْرِهَا كما لو أَوْتَرَ بِخَمْسٍ أو سَبْعٍ أو تِسْعٍ فَالْجَمِيعُ وِتْرٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كما ثَبَتَ في الْأَحَادِيثِ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ. قال شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَعْلِيُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ على هذا الْقَوْلِ لَا يُصَلِّي خَمْسًا وَلَا سَبْعًا وَلَا تِسْعًا بَلْ لَا بُدَّ من الْوَاحِدَةِ مَفْصُولَةً كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وما قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ لم يذكر من قَالَهُ من أَشْيَاخِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا قال الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ انْتَهَى. قُلْت قد صَرَّحَ بِأَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عليه.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ حتى في حَقِّ الْمُسَافِرِ وَمَنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ وَتُسَمَّى الْبُتَيْرَاءُ وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ يُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ وقال أبو بَكْرٍ لَا بَأْسَ بِالْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ لِعُذْرٍ من مَرَضٍ أو سَفَرٍ وَنَحْوِهِ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْوِتْرِ على الرَّاحِلَةِ في أَوَّلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَتَقَدَّمَ هل يَجُوزُ فِعْلُهُ قَاعِدًا في أَوَّلِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ وَأَكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ من كل رَكْعَتَيْنِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ كَالتِّسْعِ وَجَزَمَ بِهِ أبو الْبَقَاءِ في شَرْحِهِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ سَرَدَ عَشْرًا وَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ ثُمَّ أَوْتَرَ بِالْأَخِيرَةِ وَتَحَّى وسلم صَحَّ نَصَّ عليه وَقِيلَ له سَرْدُ إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ وَسَلَامٍ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَهُ سَرْدُ الْإِحْدَى عَشْرَةَ وَحَكَى ابن عَقِيلٍ وَجْهَانِ بِأَنَّ ذلك أَفْضَلُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ إنْ صلى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أو ما شَاءَ مِنْهُنَّ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ سَرَدَ ثَمَانِيًا وَجَلَسَ ولم يُسَلِّمْ ثُمَّ صلى التَّاسِعَةَ وَتَشَهَّدَ وسلم. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ كَإِحْدَى عَشْرَةَ فَيُسَلِّمُ من كل رَكْعَتَيْنِ. قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ السَّبْعُ. هذا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْرُدُ السَّبْعَ كَالْخَمْسِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ كَإِحْدَى عَشْرَةَ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لم يَجْلِسْ إلَّا في آخِرِهِنَّ. وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ كَتِسْعٍ وَقِيلَ كَإِحْدَى عَشْرَةَ. وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ من ثَلَاثٍ فَهَلْ يُسَلِّمُ من كل رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ قال وَهَذَا أَصَحُّ أو يَجْلِسُ عَقِيبَ الشَّفْعِ وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَجْلِسُ عَقِيبَ الْوِتْرِ وَيُسَلِّمُ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى. وَهَذِهِ الصِّفَاتُ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: ذَكَرَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّ هذه الصِّفَاتِ الْوَارِدَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا هِيَ على صِفَاتِ الْجَوَازِ وَإِنْ كان الْأَفْضَلُ غَيْرَهُ وقد نَصَّ أَحْمَدُ على جَوَازِ هذا فَمَحَلُّ نُصُوصِ أَحْمَدَ على الْجَوَازِ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ فإنه قال وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَلَهُ سَرْدُ خَمْسٍ أو سَبْعٍ. وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيَجُوزُ بِخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ بِسَلَامٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ فِعْلَ هذه الصِّفَاتِ مُسْتَحَبٌّ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ من صَلَاتِهِ مَثْنَى قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَقَالُوا نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فإنه حَكَى وَجْهًا أَنَّ الْوِتْرَ بِخَمْسٍ أو سَبْعٍ كَإِحْدَى عَشْرَةَ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِاقْتِصَارِهِمْ على هذه الصِّفَاتِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ. قَوْلُهُ وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَتَيْنِ. أَيْ بِسَلَامَيْنِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ وهو الْمَذْهَبُ قال الْإِمَامُ احمد وَإِنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ لم يُسَلِّمْ فِيهِنَّ لم يضيق [يضق] عليه عِنْدِي قال في الْفُرُوعِ وَبِتَسْلِيمَةٍ يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال نَصَّ عليه وقال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَبِوَاحِدَةٍ لَا بَأْسَ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ بِسَلَامَيْنِ أو سَرْدًا بِسَلَامٍ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ إذَا قُلْنَا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ أنها تَكُونُ سَرْدًا. قال الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ إذَا صلى الثَّلَاثَ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ ولم يَكُنْ جَلَسَ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ جَازَ وَإِنْ كان جَلَسَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَكُونُ وِتْرًا انْتَهَى. وَقِيلَ يَفْعَلُ الثَّلَاثَ كَالْمَغْرِبِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَإِنْ صلى ثَلَاثًا بِسَلَامٍ وَاحِدٍ جَازَ وَيَجْلِسُ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ كَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَخَيَّرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بين الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَقْنُتُ فيها أَنَّهُ يَقْنُتُ في جَمِيعِ السَّنَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم . وَعَنْهُ لَا يَقْنُتُ إلَّا في نِصْفِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وهو وَجْهٌ في مُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَنَقَلَ صَالِحٌ أَخْتَارُ الْقُنُوتَ في النِّصْفِ الْأَخِيرِ من رَمَضَانَ وَإِنْ قَنَتَ في السَّنَةِ كُلِّهَا فَلَا بَأْسَ. قال في الْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن تَرْكِ الْقُنُوتِ في غَيْرِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ من رَمَضَانَ قال الْقَاضِي عِنْدِي أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عن الْقَوْلِ بِأَنْ لَا يَقْنُتَ في الْوِتْرِ إلَّا في النِّصْفِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ في رِوَايَةِ خَطَّابٍ فقال كُنْت أَذْهَبُ إلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت السَّنَةَ كُلَّهَا. وَخَيَّرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في دُعَاءِ الْقُنُوتِ بَيْنِ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ وَأَنَّهُ إنْ صلى بِهِمْ قِيَامَ رَمَضَانَ فَإِنْ قَنَتَ جَمِيعَ الشَّهْرِ أو نِصْفَهُ الْأَخِيرَ أو لم يَقْنُتْ بِحَالٍ فَقَدْ أَحْسَنَ. قَوْلُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَعْنِي على سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ فَلَوْ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَنَتَ قبل الرُّكُوعِ جَازَ ولم يُسَنَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يُسَنُّ ذلك وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذلك قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلِي فَلَوْ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَنَتَ قبل الرُّكُوعِ جَازَ ولم يُسَنَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يُسَنُّ ذلك هَكَذَا قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وقال نَصَّ عليه وقال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَإِنْ قَنَتَ قبل الرُّكُوعِ جَازَ. قَوْلُهُ فيقول اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى قَوْلِهِ أنت كما أَثْنَيْت على نَفْسِك. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَدْعُو في الْقُنُوتِ بِذَلِكَ كُلِّهِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَدْعُو بِدُعَاءِ عُمَرَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك الخ وَبِدُعَاءِ الْحَسَنِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت الخ وقال في التَّلْخِيصِ وَيَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ من يَفْجُرُكَ وقال في النَّصِيحَةِ وَيَدْعُو معه بِمَا في الْقُرْآنِ وَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ بِمَا شَاءَ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ ليس في الدُّعَاءِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ وَمَهْمَا دَعَا بِهِ جَازَ. وَاقْتَصَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ على دُعَاءِ اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُسْتَحَبُّ هذا وَإِنْ لم يَتَعَيَّنْ وقال في الْفُصُولِ اخْتَارَهُ أَحْمَدُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُسْتَحَبُّ بِالسُّورَتَيْنِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى يُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْدَ الدُّعَاءِ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وقال في التَّبْصِرَةِ يُصَلِّي على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وزاد. {وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي لم يَتَّخِذْ وَلَدًا ولم يَكُنْ له شَرِيكٌ في الْمُلْكِ} الْآيَةَ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ عليه قَوْلُهَا قُبَيْلَ الْأَذَانِ وفي نِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي يُكْرَهُ قال في الْفُصُولِ لَا يُوصَلُ الْأَذَانُ بِذِكْرٍ قَبْلَهُ خِلَافَ ما عليه أَكْثَرُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ وَلَيْسَ مَوْطِنَ قُرْآنٍ ولم يُحْفَظْ عن السَّلَفِ فَهُوَ مُحْدَثٌ انْتَهَى. وقال ابن تَمِيمٍ مَحَلُّ الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوَّلُ الدُّعَاءِ وَوَسَطُهُ وَآخِرُهُ. الثَّانِيَةُ يُفْرِدُ الْمُنْفَرِدُ الضَّمِيرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ لَا يُفْرِدُهُ بَلْ يَجْمَعُهُ لِأَنَّهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ. الثَّالِثَةُ يُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ وَلَا يَقْنُتُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يَقْنُتُ قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ يَقْنُتُ في الثَّنَاءِ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بين الْقُنُوتِ وَعَدَمِهِ وَعَنْهُ إنْ لم يَسْمَعْ الْإِمَامُ دَعَا وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ. وَحَيْثُ قُلْنَا يَقْنُتُ فإنه لَا يَجْهَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجْهَرُ بها الْإِمَامُ قال في النُّكَتِ ثُمَّ الْخِلَافُ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ قِيلَ في الْأَفْضَلِيَّةِ وَقِيلَ بَلْ في الْكَرَاهَةِ. الرَّابِعَةُ يَجْهَرُ الْمُنْفَرِدُ بِالْقُنُوتِ كَالْإِمَامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ لَا يَجْهَرُ إلَّا الْإِمَامُ فَقَطْ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ. الْخَامِسَةُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ في الْقُنُوتِ إلَى صَدْرِهِ وَيَبْسُطُهُمَا وَتَكُونُ بُطُونُهُمَا نحو السَّمَاءِ نَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَهَلْ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. إحْدَاهُمَا يَمْسَحُ وهو الْمَذْهَبُ فَعَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْكَافِي هذا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَمْسَحُ قال الْقَاضِي نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ فَعَلَيْهَا روى عنه لَا بَأْسَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْمَسْحُ صَحَّحَهَا في الْوَسِيلَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى يَضَعُهُمَا على صَدْرِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال.
فَوَائِدُ: الْأُولَى يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ إذَا دَعَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ ابن هَانِئٍ عن أَحْمَدَ رَفْعَ يَدَيْهِ ولم يَمْسَحْ وَذَكَرَ أبو حَفْصٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فيه. الثَّانِيَةُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ فَرَاغِهِ من الْقُنُوتِ رَفَعَ يَدَيْهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ في الْقِيَامِ فَهُوَ كَالْقِرَاءَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وكان الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَفْعَلُهُ وَقَطَعَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وقال في التَّلْخِيصِ في صِفَةِ الصَّلَاةِ في الرُّكْنِ السَّابِعِ وَهَلْ يَرْفَعُهُمَا لِرَفْعِ الرُّكُوعِ أو لِيَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. على رِوَايَتَيْنِ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ وهو في الصَّلَاةِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ إذَا سَلَّمَ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثًا وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ في الثَّالِثَةِ زَادَ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ. قَوْلُهُ وَلَا يَقْنُتُ في غَيْرِ الْوِتْرِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْقُنُوتُ في الْفَجْرِ كَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقال في الْوَجِيزِ لَا يَجُوزُ الْقُنُوتُ في الْفَجْرِ. قُلْت النَّصُّ الْوَارِدُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَقْنُتُ في الْفَجْرِ مُحْتَمِلُ الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدَ أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي وفي هذا اللَّفْظِ لِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ على ما يَأْتِي مُحَرَّرًا آخِرَ الْكِتَابِ في الْقَاعِدَةِ. وقال أَيْضًا لَا أُعَنِّفُ من يَقْنُتُ وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ في الْفَجْرِ ولم يَذْهَبْ إلَيْهِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي وابن تَمِيمٍ وَقِيلَ هو بِدْعَةٌ قال ابن تَمِيمٍ الْقُنُوتُ في غَيْرِ الْوِتْرِ من غَيْرِ حَاجَةٍ بِدْعَةٌ.
فائدة: لو ائْتَمَّ بِمَنْ يَقْنُتُ في الْفَجْرِ تَابَعَهُ فَأَمَّنَ أو دَعَا جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ في الْفُصُولِ بِالْمُتَابَعَةِ وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في رؤوس الْمَسَائِلِ تَابَعَهُ في الدُّعَاءِ قال ابن تَمِيمٍ أَمَّنَ على دُعَائِهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى تَبِعَهُ فَأَمَّنَ وَدَعَا وَقِيلَ أو قَنَتَ وقال في الْفُرُوعِ فَفِي سُكُوتِ مُؤْتَمٍّ وَمُتَابَعَتِهِ كَالْوِتْرِ رِوَايَتَانِ وفي فَتَاوَى ابن الزَّاغُونِيِّ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَحْمَدَ مُتَابَعَتُهُ في الدُّعَاءِ الذي رَوَاهُ الْحَسَنُ ابن عَلِيٍّ فَإِنْ زَادَ كُرِهَ مُتَابَعَتُهُ وَإِنْ فَارَقَهُ إلَى تَمَامِ الصَّلَاةِ كان أَوْلَى وَإِنْ صَبَرَ وَتَابَعَهُ جَازَ وَعَنْهُ لَا يُتَابِعُهُ قال الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدِي. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ فَلِلْإِمَامِ خَاصَّةً الْقُنُوتُ. هذا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ. وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَعَنْهُ وَيَقْنُتُ نَائِبُهُ أَيْضًا جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَيَخْتَصُّ الْقُنُوتُ بِالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبِأَمِيرِ الْجَيْشِ لَا بِكُلِّ إمَامٍ على الْمَشْهُورِ وَعَنْهُ يَقْنُتُ نَائِبُهُ بِإِذْنِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْحُسَيْنِ وَعَنْهُ يَقْنُتُ إمَامُ جَمَاعَةٍ وَعَنْهُ وَكُلُّ مُصَلٍّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُشْرَعُ لِسَائِرِ الناس على رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ في صَلَاةِ الْفَجْرِ. هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَالَ إلَيْهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَعَنْهُ يَقْنُتُ في الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في صَلَاةِ الْجَهْرِ وفي بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ وَلِلْإِمَامِ خَاصَّةً الْقُنُوتُ في صَلَاةِ الْجَهْرِ قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن تَمِيمٍ وقال صَاحِبُ الْمُغْنِي يَقْنُتُ في الْجَهْرِيَّاتِ فَقَطْ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ من الْمُقْنِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَعَنْهُ يَقْنُتُ في الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ فَقَطْ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ قال في الْمُغْنِي وَلَا يَصِحُّ هذا وَلَا الذي قَبْلَهُ. وقال في الْمُذْهَبِ يَقْنُتُ في صَلَاةِ الصُّبْحِ في النَّوَازِلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهَلْ يَقْنُتُ مع الصُّبْحِ في الْمَغْرِبِ على رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى. وَعَنْهُ يَقْنُتُ في جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ خَلَا الْجُمُعَةِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَقْنُتُ في الْجُمُعَةِ أَيْضًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ خِلَافُهُ.
تَنْبِيهٌ: قد يُقَالُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَقْنُتُ لِرَفْعِ الْوَبَاءِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالنَّازِلَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقْنُتُ لِرَفْعِهِ في الْأَظْهَرِ. لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ الْقُنُوتُ في طَاعُونِ عَمَوَاسَ وَلَا في غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ شَهَادَةٌ لِلْأَخْيَارِ فَلَا يُسْأَلُ رَفْعُهُ انْتَهَى.
فائدة: قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُنُوتِ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ في صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ وَظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ ثُمَّ السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ وَهِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ أَنَّ السُّنَنَ الرَّاتِبَةَ ثَمَانٍ قال في الْمُسْتَوْعِبِ فلم يذكر قبل الظُّهْرِ شيئا وقال في التَّلْخِيصِ الرَّوَاتِبُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَعَدَّ رَكْعَةَ الْوِتْرِ وَذَكَرَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ. قُلْت وهو مُرَادُ من لم يَذْكُرْهُ لَكِنْ له أَحْكَامٌ كثيره فَأَفْرَدَهُ. قَوْلُهُ رَكْعَتَانِ قبل الظُّهْرِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَرْبَعٌ قَبْلَهَا وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بِسَلَامٍ أو سَلَامَيْنِ وَحَكَى لَا سُنَّةَ قَبْلَهَا وَحَكَى سِتٌّ قَبْلَهَا قال ابن تَمِيمٍ وَجَعَلَ الْقَاضِي قبل الظُّهْرِ سِتًّا وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَيَأْتِي في بَابِ الْجُمُعَةِ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا. قَوْلُهُ وَرَكْعَتَانِ قبل الْفَجْرِ وَهُمَا آكَدُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال ابن عَقِيلٍ وَجْهًا وَاحِدًا وَحَكَى أَنَّ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ آكَدُ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلًا.
فَوَائِدُ: يُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَقِرَاءَتُهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ في الْأُولَى {قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا {قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الْأُولَى بَعْدَهَا {قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ} الْآيَةَ وفي الثَّانِيَةِ {قُلْ يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} الْآيَةَ وَيَجُوزُ فِعْلُهَا رَاكِبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ في مَوْضِعٍ في سُنَّةِ الْفَجْرِ رَاكِبًا فَنَقَلَ أبو الْحَارِثِ ما سَمِعْت فيه شيئا ما أَجْتَرِئُ عليه وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عن ذلك فقال قد أَوْتَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم على بَعِيرِهِ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ ما سَمِعْت فِيهِمَا بِشَيْءٍ وَلَا أَجْتَرِئُ عليه وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَنْعُ فِعْلِ السُّنَنِ رَاكِبًا تَبَعًا لِلْفَرَائِضِ خُولِفَ في الْوِتْرِ لِلْخَبَرِ فَبَقِيَ غَيْرُهُ على الْأَصْلِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. فَقَدْ مَنَعَ يَعْنِي الْقَاضِي غير الْوِتْرِ من السُّنَنِ وقد وَرَدَ في مُسْلِمٍ غير أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عليها الْمَكْتُوبَةَ وَلِلْبُخَارِيِّ إلَّا الْفَرَائِضَ انْتَهَى. وَيُسْتَحَبُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَيَكُونُ على الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَنَقَلَ صَالِحٌ وابن مَنْصُورٍ وأبو طَالِبٍ وَمُهَنَّا كَرَاهَةَ الْكَلَامِ بعدهما [بعدها] وقال الْمَيْمُونِيُّ كنا نَتَنَاظَرُ في الْمَسَائِلِ أنا وأبو عبد اللَّهِ قبل صَلَاةِ الْفَجْرِ وَنَقَلَ صَالِحٌ أَنَّهُ أَجَازَ في قَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا الْكَلَامِ الْكَثِيرِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ وقال أبو الْخَطَّابِ وَأَرْبَعٌ قبل الْعَصْرِ. وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وقال اخْتَارَهُ أَحْمَدُ قال في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ بِسَلَامٍ أو سَلَامَيْنِ وقال في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِسَلَامَيْنِ. وَذَكَرَ ابن رَجَبٍ في الطَّبَقَاتِ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ انْفَرَدَ بهذا الْقَوْلِ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ فيها وَجْهَيْنِ.
فائدة: فِعْلُ الرَّوَاتِبِ في الْبَيْتِ أَفْضَلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال في الْمُغْنِي الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ بِصَلَاتِهَا في الْمَسْجِدِ. ذَكَرَهُ الْبَرْمَكِيُّ نَقَلَهُ عنه في الْفَائِقِ وفي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ صَلَاةُ النَّوَافِلِ في الْبُيُوتِ أَفْضَلُ منها في الْمَسَاجِدِ إلَّا الرَّوَاتِبَ. قال عبد اللَّهِ لِأَبِيهِ إنَّ مُحَمَّدَ ابن عبد الرحمن قال في سُنَّةِ الْمَغْرِبِ لَا تُجْزِيهِ إلَّا في بَيْتِهِ لِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قال هِيَ من صَلَاةِ الْبُيُوتِ قال ما أَحْسَنَ ما قال. قَوْلُهُ وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ من هذه السُّنَنِ سُنَّ له قَضَاؤُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ سُنَّ على الْأَصَحِّ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا وَعَنْهُ يقضى سُنَّةَ الْفَجْرِ إلَى الضُّحَى وَقِيلَ لَا يَقْضِي إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ إلَى وَقْتِ الضُّحَى وَرَكْعَتَيْ الظُّهْرِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَأْثَمُ تَارِكُهُنَّ مِرَارًا وَيُرَدُّ قَوْلُهُ قال أَحْمَدُ من تَرَكَ الْوِتْرَ فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ. وَأَمَّا قَضَاءُ الْوِتْرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْضَى وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو دَاخِلٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ من السُّنَنِ. فَعَلَى هذا يُقْضَى مع شَفْعِهِ على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ من يقول إنَّ الْوِتْرَ الْمَجْمُوعُ وَعَنْهُ يَقْضِيهِ مُنْفَرِدًا وَحْدَهُ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ لَا يُقْضَى اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَنْهُ لَا يُقْضَى بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وقال أبو بَكْرٍ يُقْضَى ما لم تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ قَضَاءِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ الْفَائِتَةِ في آخِرِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا مع أنها دَاخِلَةٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا.
فَوَائِدُ: إحداها يُكْرَهُ تَرْكُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَمَتَى دَاوَمَ على تَرْكِهَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ قاله ابن تَمِيمٍ قال الْقَاضِي وَيَأْثَمُ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ أَنَّ الْإِدْمَانَ على تَرْكِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ غَيْرُ جَائِزٍ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا إثْمَ بِتَرْكِ سُنَّةٍ على ما يَأْتِي في الْعَدَالَةِ وقال عن كَلَامِ الْقَاضِي مُرَادُهُ إذَا كان سَبَبًا لِتَرْكِ فَرْضٍ. وَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ على ذلك في بَابِ شُرُوطِ من تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. الثَّانِيَةُ تُجْزِئُ السُّنَّةُ عن تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَا عَكْسَ. الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بين الْفَرْضِ وَسُنَّتِهِ بِقِيَامٍ أو كَلَامٍ. الرَّابِعَةُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَجِيرِ وَالْوَلَدِ وَالْعَبْدِ فِعْلُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مع الْفَرْضِ وَلَا يَجُوزُ مَنْعُهُمْ. الْخَامِسَةُ لو صلى سُنَّةَ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا أو سُنَّةَ الظُّهْرِ التي قَبْلَهَا بَعْدَهَا وَقَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كانت قَضَاءً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ أَدَاءً أو صلى بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَضَاءً بِلَا نِزَاعٍ فَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ قال ابن تَمِيمٍ قَضَى بَعْدَهَا وَبَدَأَ بها. قال شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابن قُنْدُسٍ الْبَعْلِيُّ ولم أَجِدْ من صَرَّحَ بهذا غَيْرَهُ. وقد قال في الْمُنْتَقَى بَابُ ما جاء في قَضَاءِ سُنَّتَيْ الظُّهْرِ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها قالت: كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قبل الظُّهْرِ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ رَوَاه ابن مَاجَهْ فَهَذَا مُخَالِفٌ لَمَا قاله ابن تَمِيمٍ. قُلْت الْحَكَمُ كما قاله ابن تَمِيمٍ وقد صَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَالَا بَدَأَ بها عِنْدَنَا وَنَصَرَاهُ على دَلِيلِ الْمُخَالِفِ وَقَاسَاهُ على الْمَكْتُوبَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِهِمَا عِنْدَنَا. السَّادِسَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ غير الرَّوَاتِبِ أَرْبَعًا قبل الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا وَأَرْبَعًا قبل الْعَصْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَ الْمَغْرِبِ وقال الْمُصَنِّفُ سِتًّا وَقِيلَ أو أَكْثَرَ وأربعا [وأربع] بَعْدَ الْعِشَاءِ وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا فَقِيلَ هُمَا سُنَّةٌ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَدَّهُمَا الْآمِدِيُّ من السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قال في الرِّعَايَةِ وهو غَرِيبٌ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ عَدَّهُمَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ من السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِسُنَّةٍ وَلَا يُكْرَهُ فِعْلُهُمَا نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ وقال قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وقال في الهدى هُمَا سُنَّةُ الْوِتْرِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ في بَابِ الْأَذَانِ. قَوْلُهُ ثُمَّ التَّرَاوِيحُ. يَعْنِي أنها سُنَّةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا حَكَاه ابن عَقِيلٍ عن أبي بَكْرٍ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ التَّرَاوِيحُ أَنَّ الْوِتْرَ وَالسُّنَنَ الرَّوَاتِبَ أَفْضَلُ منها وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّرَاوِيحَ أَفْضَلُ منها وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَتَقَدَّمَ ذلك أَوَّلَ الْبَابِ أَيْضًا. قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً. هَكَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال في الرِّعَايَةِ عِشْرُونَ وَقِيلَ أو أَزْيَدُ قال في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ نَصَّ عليه وقال روى في هذا أَلْوَانٌ ولم يَقْضِ فيها بِشَيْءٍ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كُلُّ ذلك أو إحْدَى عَشْرَةَ أو ثَلَاثَ عَشْرَةَ حَسَنٌ كما نَصَّ عليه أَحْمَدُ لِعَدَمِ التَّوْقِيتِ فَيَكُونُ تَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ وَتَقْلِيلُهَا بِحَسَبِ طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ.
فَوَائِدُ: منها لَا بُدَّ من النِّيَّةِ في أَوَّلِ كل تَسْلِيمَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَكْفِيهَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ. وَمِنْهَا أَوَّلُ وَقْتِهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَسُنَّتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَعَنْهُ بَلْ قبل السُّنَّةِ وَبَعْدَ الْفَرْضِ نَقَلَهَا حَرْبٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَتُسَنُّ التَّرَاوِيحُ في جَمَاعَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ انْتَهَى. وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ من الْأَصْحَابِ بِجَوَازِهَا قبل الْعِشَاءِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من صَلَّاهَا قبل الْعِشَاءِ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُبْتَدَعَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَّةِ. وَمِنْهَا فِعْلُهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ أَطْلَقَهُ في الْفُرُوعِ فقال فِعْلُهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ أَحَبُّ إلَى أَحْمَدَ وقال ابن تَمِيمٍ إلَّا بِمَكَّةَ فَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِهَا وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا بِمَكَّةَ وَلَيْسَ ذلك مُنَافِيًا لَمَا في الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا فِعْلُهَا في الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. قُلْت وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ في كل عَصْرٍ وَمِصْرٍ. وَعَنْهُ في الْبَيْتِ أَفْضَلُ ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قُلْت وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ أَنَّ صَلَاتَهَا جَمَاعَةٌ أَفْضَلُ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ يُوسُفَ ابن مُوسَى. وَمِنْهَا يَسْتَرِيحُ بَعْدَ كل أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِجِلْسَةٍ يَسِيرَةٍ فَعَلَهُ السَّلَفُ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهِ وَلَا يَدْعُو إذَا اسْتَرَاحَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَنْحَرِفُ إلَى الْمُصَلِّينَ وَيَدْعُو وَكَرِه ابن عَقِيلٍ الدُّعَاءَ. قَوْلُهُ فَإِنْ كان له تَهَجُّدٌ جَعَلَ الْوِتْرَ بَعْدَهُ فَإِنْ أَحَبَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فَأَوْتَرَ معه قام إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَشَفَعَهَا بِأُخْرَى. هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يُوتِرَ معه اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَذَكَرَ أبو جَعْفَرٍ الْعُكْبَرِيُّ في شَرْحِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْوِتْرَ مع الْإِمَامِ في قِيَامِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ من قام مع الْإِمَامِ حتى يَنْصَرِفَ ذَكَرَهُ عنه ابن رَجَبٍ. وقال الْقَاضِي إنْ لم يُوتِرْ معه لم يَدْخُلْ في وِتْرِهِ لِئَلَّا يَزِيدَ على ما اقْتَضَتْهُ تَحْرِيمَةُ الْإِمَامِ وَحَمَلَ نَصُّ أَحْمَدَ على رِوَايَةِ إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَشَفْعِهَا. وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ سَلَّمَ معه جَازَ بَلْ هو أَفْضَلُ.
فَوَائِدُ: إحداها لَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ. الثَّانِيَةُ إذَا أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ وِتْرُهُ وَيُصَلِّي وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ كان قد أَوْتَرَ قبل التَّهَجُّدِ لم يَنْقُضْهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ. فَعَلَى هذا لَا يُوتِرُ إذَا فَرَغَ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُوتِرُ. وَعَنْهُ يَنْقُضُهُ اسْتِحْبَابًا بِرَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا فَتَصِيرُ شَفْعًا ثُمَّ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ يُوتِرُ قَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَعَنْهُ يَنْقُضُهُ وُجُوبًا على الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بين نَقْضِهِ وَتَرْكِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْوِتْرِ مَثْنَى. مَثْنَى زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ يُكْرَهُ قالوا وَإِنْ نَقَضَهُ بِرَكْعَةٍ صلى ما شَاءَ وَأَوْتَرَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ نَقْضُهُ وَعَنْهُ يَجِبُ انْتَهَى وقال في الْكَبِيرِ إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ شَفَعَهُ بِأُخْرَى وَإِنْ بَعُدَ فَلَا بَلْ يُصَلِّي مَثْنَى وَلَا يُوتِرُ بَعْدَهُ. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بين التَّرَاوِيحِ. بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَنَصَّ عليه وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الطَّوَافُ بين التَّرَاوِيحِ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ إذَا طَافَ مع إمَامِهِ وَإِلَّا كُرِهَ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وفي التَّعْقِيبِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ في كِتَابَيْهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةُ قَوْلٌ قَدِيمٌ نَقَلَهُ محمد ابن الْحَكَمِ. قُلْت ليس هذا بِقَادِحٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ نَقَلَهَا محمد ابن الْحَكَمِ قال النَّاظِمُ يُكْرَهُ في الْأَظْهَرُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُكْرَهُ التَّعْقِيبُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ وهو أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ في جَمَاعَةٍ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه سَوَاءٌ طَالَ ما بَيْنَهُمَا أو قَصُرَ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وقال أبو بَكْرٍ وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ إذَا أَخَّرَ الصَّلَاةَ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ لم يُكْرَهْ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا رَجَعُوا قبل الْإِمَامِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لو تَنَفَّلُوا جَمَاعَةً بَعْدَ رَقْدَةٍ أو من آخِرِ اللَّيْلِ لم يُكْرَهْ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ أَكْلٍ وَنَحْوِهِ لم يُكْرَهْ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ أَيْضًا وَاسْتَحْسَنَه ابن أبي مُوسَى لِمَنْ نُقِضَ وِتْرُهُ. وقال ابن تَمِيمٍ فَإِنْ خَرَجَ ثُمَّ عَادَ فَوَجْهَانِ. قَوْلُهُ في جَمَاعَةٍ. هذا الصَّحِيحُ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ ولم يَقُلْ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ في جَمَاعَةٍ بَلْ أَطْلَقُوا وَاخْتَارَهُ في النِّهَايَةِ.
فَوَائِدُ: إحداها يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ من كل رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ زَادَ فقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أنها كَغَيْرِهَا وقد قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ قام من التَّرَاوِيحِ إلَى ثَالِثَةٍ يَرْجِعُ وَإِنْ قَرَأَ لِأَنَّ عليه تَسْلِيمَةً وَلَا بُدَّ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا قَرِيبًا. الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَهَا بِسُورَةِ الْقَلَمِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ ما نَزَلَ نَصَّ عليه فإذا سَجَدَ قَرَأَ من الْبَقَرَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدِ بن الْحَارِثِ أَنَّهُ يَقْرَأُ بها في عِشَاءِ الْآخِرَةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو أَحْسَنُ. الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ الْإِمَامُ على خِتْمَةٍ إلَّا أَنْ يُؤْثِرَ الْمَأْمُومُ وَلَا يَنْقُصَ عنها نَصَّ عليه وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا. قال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ النَّقْصُ عن خِتْمَةٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَأْمُومِينَ قَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال التَّقْدِيرُ بِحَالِ الْمَأْمُومِينَ أَوْلَى. وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ لَا يَزِيدُ على خِتْمَةٍ لِئَلَّا يَشُقَّ فَيَسْأَمُوا فَيَتْرُكُوا بِسَبَبِهِ فَيَعْظُمُ إثْمُهُ. وَيَدْعُو لِخَتْمِهِ قبل الرُّكُوعِ آخِرَ رَكْعَةٍ من التَّرَاوِيحِ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيُطِيلُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ قال في الْفَائِقِ وَيُسَنُّ خَتْمُهُ آخِرَ رَكْعَةٍ من التَّرَاوِيحِ قبل الرُّكُوعِ وَمَوْعِظَتُهُ بَعْدَ الْخَتْمِ وَقِرَاءَةُ دُعَاءِ الْقُرْآنِ مع رَفْعِ الْأَيْدِي نَصَّ عليه انْتَهَى وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ يَخْتِمُ في الْوِتْرِ وَيَدْعُو فَسَهَّلَ فيه. قَوْلُهُ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ من صَلَاةِ النَّهَارِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَأَفْضَلُهَا وَسَطُ اللَّيْلِ وَالنِّصْفُ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ من الْأَوَّلِ. هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ يَعْنِي أَنَّ أَفْضَلَ الْأَثْلَاثِ الثُّلُثُ الْوَسَطُ وَأَفْضَلُ النِّصْفَيْنِ النِّصْفُ الْأَخِيرُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْمَجْدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وتذكرة ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ. وقال في الْكَافِي وَالنِّصْفُ الْأَخِيرُ أَفْضَلُ وَاقْتَصَرَ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ في النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ أَنَّ أَفْضَلَهُ الثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ كَصَلَاةِ دَاوُد عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أَحْمَدَ ابن الْحَسَنِ نَقَلَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ. وقال في الْإِفَادَاتِ وَسَطُهُ أَفْضَلُ ثُمَّ آخِرُهُ. وقال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَفْضَلُ عِنْدِي أَنْ يَنَامَ نِصْفَهُ الْأَوَّلَ أو ثُلُثَهُ. الْأَوَّلَ أو سُدُسَهُ الْأَخِيرَ وَيَقُومَ بَيْنَهُمَا وقال في الرِّعَايَتَيْنِ آخِرُهُ خَيْرٌ من أَوَّلِهِ ثُمَّ وَسَطُهُ. وَقِيلَ خَيْرُهُ أَنْ يَنَامَ نِصْفَهُ الْأَوَّلَ وَقِيلَ بَلْ ثُلُثُهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ سُدُسُهُ الْأَخِيرُ وَيَقُومُ ما بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وقال في الْفُرُوعِ أَفْضَلُهُ نِصْفُهُ الْأَخِيرُ وَأَفْضَلُهُ ثُلُثُهُ الْأَوَّلُ نَصَّ عليه وَقِيلَ آخِرُهُ وَقِيلَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْوَسَطِ انْتَهَى. فَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ثُلُثَهُ الْأَوَّلَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ من اللَّيْلِ فَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا وَإِنْ أَرَادَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ من النِّصْفِ الْأَخِيرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ فَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ثُلُثَ اللَّيْلِ من أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي وَفِيهِ بُعْدٌ ثُمَّ بَعْدَ ذلك رَأَيْت الْقَاضِيَ أَبَا الْحُسَيْنِ ذَكَرَ في فُرُوعِهِ أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ الْقِيَامِ قِيَامُ دَاوُد وكان يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَقُومُ سُدُسَهُ أو رُبْعَهُ فَقَوْلُهُ ثُمَّ يَقُومُ سُدُسَهُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ ما في الْفُرُوعِ.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّصْفَ الْأَخِيرَ أَفْضَلُ من الثُّلُثِ الْوَسَطِ وَمِنْ غَيْرِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ ثُلُثُهُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ الثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ جَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ وَقِيلَ أَفْضَلُهُ النِّصْفُ بَعْدَ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ حَكَاهُ في الرِّعَايَتَيْنِ كما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَطَوَّعَ في النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ فَلَا بَأْسَ. اعْلَمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ في صَلَاةِ التَّطَوُّعِ في اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ يَكُونَ مَثْنَى كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَإِنْ زَادَ على ذلك صَحَّ وَلَوْ جَاوَزَ ثَمَانِيًا لَيْلًا أو أَرْبَعًا نَهَارًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْعَدَدَ أو نَسِيَهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا مَثْنَى فِيهِمَا ذَكَرَهُ في الْمُنْتَخَبِ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ إلَّا مَثْنَى في اللَّيْلِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ هو وابن شِهَابٍ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ قام في التَّرَاوِيحِ إلَى ثَالِثَةٍ يَرْجِعُ وَإِنْ قَرَأَ لِأَنَّ عليه تسليم [تسليما] وَلَا بُدَّ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ التَّطَوُّعِ بِزِيَادَةٍ على مَثْنَى لَيْلًا لو فَعَلَهُ كُرِهَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ التَّطَوُّعِ في النَّهَارِ بِأَرْبَعٍ لو فَعَلَ لم يُكْرَهْ كما هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَلَوْ زَادَ عليها كُرِهَ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وقال في الْمُذْهَبِ فَإِنْ زَادَ على أَرْبَعٍ نَهَارًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ كُرِهَ رِوَايَةً وَاحِدَةً وفي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو زَادَ على رَكْعَتَيْنِ وَقُلْنَا يَصِحُّ ولم يَجْلِسْ إلَّا في آخِرِهِنَّ فَقَدْ تَرَكَ الْأَوْلَى وَيَجُوزُ بِدَلِيلِ الْوِتْرِ وَكَالْمَكْتُوبَةِ على رِوَايَةٍ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ وقال في الْفُصُولِ إنْ تَطَوَّعَ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ بِسَلَامٍ وَاحِدٍ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ له في الْفَرْضِ. الثَّانِيَةُ لو أَحْرَمَ بِعَدَدٍ فَهَلْ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عليه قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِيمَنْ قام إلَى ثَالِثَةٍ في التَّرَاوِيحِ لَا يَجُوزُ وَفِيهِ في الِانْتِصَارِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ في لُحُوقِ زِيَادَةٍ بِالْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ سُجُودِ السَّهْوِ لو نَوَى رَكْعَتَيْنِ نَفْلًا وَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ لَيْلًا أو نَهَارًا. قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ على النِّصْفِ من صَلَاةِ الْقَائِمِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ وقال صَاحِبُ الْإِرْشَادِ. في آخِرِ بَابِ جَامِعِ الصَّلَاةِ وَالسَّهْوِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ هِيَ على النِّصْفِ من صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا الْمُتَرَبِّعَ انْتَهَيَا. قُلْت قد رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ حَدِيثًا بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ. قَوْلُهُ وَيَكُونُ في حَالِ الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا. يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذلك وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَفْتَرِشُ وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً أن كَثُرَ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ لم يَتَرَبَّعْ وَإِلَّا تَرَبَّعَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُثْنِي رِجْلَيْهِ في سُجُودِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا في رُكُوعِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَطَعَ بِهِ في الْخِرَقِيِّ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ لَا يُثْنِيهِمَا في رُكُوعِهِ. قال الْمُصَنِّفُ هذا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ في النَّظَرِ إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ ذَهَبَ إلَى فِعْلِ أَنَسٍ وَأَخَذَ بِهِ قال في حَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ هذا أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُتَرَبِّعًا أَفْضَلُ وَقِيلَ حَالَ قِيَامِهِ وَيُثْنِي رِجْلَهُ إنْ رَكَعَ أو سَجَدَ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ في كَوْنِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ على النِّصْفِ من صَلَاةِ الْقَائِمِ إذَا كان غير مَعْذُورٍ فَأَمَّا أن كان مَعْذُورًا لِمَرَضٍ أو نَحْوِهِ فَإِنَّهَا كَصَلَاةِ الْقَائِمِ في الْأَجْرِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه فَرْضًا وَنَفْلًا.
فائدة: يَجُوزُ له الْقِيَامُ إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ جَالِسًا وَعَكْسُهُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صَلَاةَ الْمُضْطَجِعِ لَا تَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ من. الْمَذْهَبِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا الْمَنْعُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَّزَهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ وَنَقَلَ ابن هَانِئٍ يَصِحُّ فَيَكُونُ على النِّصْفِ من صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو قَوْلٌ شَاذٌّ لَا يُعْرَفُ له أَصْلٌ في السَّلَفِ. قال الْمَجْدُ وهو مَذْهَبٌ حَسَنٌ وَجَزَمَ بِهِ في نَظْمِ نِهَايَةِ ابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ مُضْطَجِعًا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْإِفَادَاتِ وَجَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في غَيْرِ الْمَعْذُورِ وَغَالِبُ من ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَطْلَقَ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ هل يُومِئُ أو يَسْجُدُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى والفائق [الفائق] وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَوَاشِي وَالنُّكَتِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا التَّطَوُّعُ سِرًّا أَفْضَلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَيُسِرُّ بِنِيَّتِهِ وَعَنْهُ هو وَالْمَسْجِدُ سَوَاءٌ انْتَهَى. وَلَا بَأْسَ بِالْجَمَاعَةِ فيه قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ جَمَاعَةً أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ. قُلْت منهم الشَّيْخُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ ما لم يَتَّخِذْ عَادَةً وَسُنَّةً قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ ما سَمِعْته وَتَقَدَّمَ هل يُكْرَهُ الْجَهْرُ نَهَارًا وَهَلْ يُخَيَّرُ لَيْلًا في صِفَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ. الثَّانِيَةُ اعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ قَائِمًا أَفْضَلُ منها قَاعِدًا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ كَثْرَةَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ من طُولِ الْقِيَامِ. قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَثْرَةَ أَفْضَلُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَنَصَرَهُ وقال هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالْإِفَادَاتِ. وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ في الْغُنْيَةِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ كَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ من طُولِ الْقِيَامِ في النَّهَارِ وَطُولُ الْقِيَامِ في اللَّيْلِ أَفْضَلُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا. وَعَنْهُ طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ ابن رَزِينٍ وَنَظَمَهَا وَعَنْهُ التَّسَاوِي اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال التَّحْقِيقُ أَنَّ ذِكْرَ الْقِيَامِ وهو الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ من ذِكْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وهو الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ وَأَمَّا نَفْسُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَأَفْضَلُ من نَفْسِ الْقِيَامِ فَاعْتَدَلَا وَلِهَذَا كانت صَلَاتُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مُعْتَدِلَةً فَكَانَ إذَا أَطَالَ الْقِيَامَ أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ بحسب ذلك حتى يَتَقَارَبَا. قَوْلُهُ وَأَدْنَى صَلَاةِ الضُّحَى رَكْعَتَانِ وأكثرها [وأكثرهما] ثَمَانٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ أَكْثَرُهَا اثْنَا عَشَرَ وَجَزَمَ بِهِ في الْغُنْيَةِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابن رَزِينٍ. قَوْلُهُ وَوَقْتُهَا إذَا عَلَتْ الشَّمْسُ. يَعْنِي إذَا خَرَجَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَهَكَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو الْمَذْهَبُ وقال في الْهِدَايَة وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ إذَا عَلَتْ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ حَرُّهَا وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ حين تَبْيَضُّ الشَّمْسُ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من عُلُوِّ الشَّمْسِ وَقِيلَ وَبَيَاضِهَا وَقِيلَ وَشِدَّةُ حَرِّهَا وَقِيلَ بَلْ زَوَالُ وَقْتِ النَّهْيِ انْتَهَى. وقال الْمَجْدُ عن كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالنَّصِّ وهو مَحْمُولٌ عِنْدِي على وَقْتِ الْفَضِيلَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ على وَقْتِ الْفَضِيلَةِ.
فائدة: آخِرُ وَقْتِهَا إلَى الزَّوَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ انْتَهَى. قُلْت هو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِهِمْ فإن قَوْلَهُمْ إلَى الزَّوَالِ لَا يَدْخُلُ الزَّوَالُ في ذلك لَكِنْ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَهُ نَظَائِرُ وقال الشَّيْخُ عبد الْقَادِرِ له فِعْلُهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَإِنْ أَخَّرَهَا حتى صلى الظُّهْرَ قَضَاهَا نَدْبًا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ على فِعْلِهَا بَلْ تُفْعَلُ غِبًّا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قال في الْهِدَايَةِ لَا يُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عليها عِنْدَ أَصْحَابِنَا. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قالوا لَا تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عليها وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وابن عَقِيلٍ اسْتِحْبَابَ الْمُدَاوَمَةِ عليها وَنَقَلَهُ مُوسَى بن هَارُونَ عن أَحْمَدَ. قال في الْهِدَايَةِ وَعِنْدِي تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عليها قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَيُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عليها في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدِي. قال ابن تَمِيمٍ وَاسْتِحْبَابُ الْمُدَاوَمَةِ عليها أَوْلَى. قال في الْإِفَادَاتِ وَلَا تُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهَا. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْآجُرِّيَّ وابن عَقِيلٍ وَأَبَا الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ وَالْمَجْدَ. وبن حَمْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبَ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ اخْتَارُوا اسْتِحْبَابَ الْمُدَاوَمَةِ عليها وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في التَّلْخِيصِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمُدَاوَمَةَ عليها لِمَنْ لم يَقُمْ من اللَّيْلِ وَلَهُ قَاعِدَةٌ في ذلك وَهِيَ ما ليس بِرَاتِبٍ لَا يُدَاوَمُ عليه كَالرَّاتِبِ. الثَّانِيَةُ أَفْضَلُ وَقْتِهَا إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ في ذلك. قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِرَكْعَةٍ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُمَا في التَّصْحِيحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ قال في الْخُلَاصَةِ يَصِحُّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِرَكْعَةٍ على الْأَصَحِّ قال في التَّلْخِيصِ وَيَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِرَكْعَةٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ والفائق [الفائق] وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَنِهَايَةِ ابن رَزِينٍ وَنَظَمَهَا وَصَحَّحَهُ أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ وَنَصَرَهَا الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال فيه ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ أَقَلُّ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ على ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ. وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ حُكْمُ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ حُكْمُ التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ فيه الرِّوَايَتَانِ وَلَا نَعْلَمُ لهم مُخَالِفًا قال في الْفُرُوعِ وَيَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِفَرْدِ رَكْعَةٍ. قَوْلُهُ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ صَلَاةٌ. فَيُشْتَرَطُ له ما يُشْتَرَطُ لِلنَّافِلَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ الشُّكْرِ خَارِجُ الصَّلَاةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ وَبِالْوُضُوءِ أَفْضَلُ وقد حَكَى النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ على اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ. قَوْلُهُ وهو سُنَّةٌ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فَعَلَيْهَا يَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِهِ وَقِيلَ بَلَى وَبَعْضُهُمْ خَرَّجَهَا على التَّيَمُّمِ لِلْجِنَازَةِ وَاسْتَحْسَنَه ابن تَمِيمٍ وقال الْمَجْدُ لَا يَسْجُدُ وهو مُحْدِثٌ وَلَا يَقْضِيهَا إذَا تَوَضَّأَ انْتَهَى. وَعَنْهُ وَاجِبٌ في الصَّلَاةِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ في اسْتِحْبَابِهَا لِلطَّائِفِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبِ. قُلْت الْأَظْهَرُ من الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَسْجُدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ هُمَا مَبْنِيَّانِ على قَطْعِ الْمُوَالَاةِ بِهِ وَعَدَمِهِ. وَعَلَى كل قَوْلٍ يُشْتَرَطُ لِسُجُودِهِ قِصَرُ الْفَصْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَيَسْجُدُ مُتَوَضِّئٌ وَيَتَيَمَّمُ من يُبَاحُ له التَّيَمُّمُ مع قِصَرِ الْفَصْلِ قال في الْفُنُونِ سَهْوُهُ عنه كَسُجُودِ سَهْوٍ يَسْجُدُ مع قِصَرِ الْفَصْلِ وَعَنْهُ وَيَتَطَهَّرُ أَيْضًا مُحْدِثٌ وَيَسْجُدُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ وهو سُنَّةٌ لِلْقَارِئِ وَلِلْمُسْتَمِعِ دُونَ السَّامِعِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ. وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ يَسْجُدُ السَّامِعُ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ يَصْلُحُ إمَامًا له فَلَا يَسْجُدُ قُدَّامَ إمَامِهِ وَلَا عن يَسَارِهِ. على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَسْجُدُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ فإنه قال وَلَيْسَ بِشَرْطٍ مَوْقِفٌ مُتَعَيِّنٌ وَقَطَعَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ كَسُجُودِهِ لِتِلَاوَةِ أُمِّيٍّ وَزَمِنٍ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالْقِيَامَ لَيْسَا من فُرُوضِهِ لَا أَعْلَمُ فِيهِمَا خِلَافًا. وَلَا يَسْجُدُ رَجُلٌ لِتِلَاوَةِ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى وفي سُجُودِهِ لِتِلَاوَةِ صَبِيٍّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. قُلْت الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ سُجُودُهُ لِتِلَاوَةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ كَالنَّافِلَةِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ إمَامَةِ الصَّبِيِّ في النَّافِلَةِ على ما يَأْتِي قال في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ وَلِمُسْتَمِعِهِ الْجَائِزِ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ في الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتِلَاوَةِ صَبِيٍّ.
فائدة: قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لم أَرَ من الْأَصْحَابِ من تَعَرَّضَ لِلرَّفْعِ قبل الْقَارِئِ فَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ كَالصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا يُفْضِي إلَى كَبِيرِ مُخَالَفَةٍ وَتَخْلِيطٍ وَقَالُوا لَا يَسْجُدُ قَبْلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ لَا يدرى هل يَسْجُدُ أَمْ لَا بِخِلَافِ رَفْعِهِ قَبْلَهُ انْتَهَى. قُلْت الثَّانِي هو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَسْجُدْ الْقَارِئُ لم يَسْجُدْ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ يَسْجُدُ غَيْرُ مُصَلٍّ وَقَدَّمَهُ في الْوَسِيلَةِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لَا يَسْجُدُ في صَلَاةٍ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه كَقِرَاءَةِ مَأْمُومٍ وَعَنْهُ يَسْجُدُ وَعَنْهُ يَسْجُدُ في النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وغيرهما [وغيرهم] وَخَصَّ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ الْخِلَافَ بِالنَّفْلِ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَجْدُ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَقِيلَ يَسْجُدُ إذَا فَرَغَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ السُّجُودِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي في التَّخْرِيجِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَ في الْفَائِقِ الْبُطْلَانَ. الثَّانِيَةُ لَا يَقُومُ رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ عن سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ في الصَّلَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ بَلَى وَقِيلَ يُجْزِئُ الرُّكُوعُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءً كان في الصَّلَاةِ أو لَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَحَكَى عن الْقَاضِي. وقال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ رُكُوعُ الصَّلَاةِ وَحْدَهُ انْتَهَى. قُلْت اخْتَارَهَا أبو الْحُسَيْنِ. وقال في الْفَائِقِ لَا يَقُومُ الرُّكُوعُ مَقَامَهُ وَتَقُومُ سَجْدَةُ الصَّلَاةِ عنه نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ. الثَّالِثَةُ لو سَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ فَفِي إعَادَتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال وَكَذَا يَتَوَجَّهُ في تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالتَّلْخِيصِ. وقال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ قَرَأَ سَجْدَةً فَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا في الْحَالِ مَرَّةً أُخْرَى لَا لِأَجْلِ السُّجُودِ فَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ على وَجْهَيْنِ وقال الْقَاضِي في تَخْرِيجِهِ إنْ سَجَدَ في غَيْرِ الصَّلَاةِ ثُمَّ صلى فَقَرَأَهَا فيها أَعَادَ السُّجُودَ وَإِنْ سَجَدَ في. صَلَاةٍ ثُمَّ قَرَأَهَا في غَيْرِ صَلَاةٍ لم يَسْجُدْ وقال إذَا قَرَأَ سَجْدَةً في رَكْعَةٍ فَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا في الثَّانِيَةِ فَقِيلَ يُعِيدُ السُّجُودَ وَقِيلَ لَا. وَإِنْ كَرَّرَ سَجْدَةً وهو رَاكِبٌ في صَلَاةٍ لم يُكَرِّرْ السُّجُودَ وَإِنْ كان في غَيْرِ صَلَاةٍ لم يُكَرِّرْ السُّجُودَ كَذَا وُجِدَ في النُّسَخِ وقال في الرِّعَايَةِ وَكُلَّمَا قَرَأَ آيَةَ سَجَدَ سجدة. قُلْت إنْ كَرَّرَهَا في رَكْعَةٍ سَجَدَ مَرَّةً. وَقِيلَ إنْ كانت السَّجْدَةُ آخِرَ سُورَةٍ فَلَهُ السُّجُودُ وَتَرْكُهُ وَقِيلَ إنْ قَرَأَ سَجْدَةً في مَجْلِسٍ مَرَّتَيْنِ أو في رَكْعَتَيْنِ أو سَجَدَ قَبْلَهَا فَهَلْ يَسْجُدُ لِلثَّانِيَةِ أو لِلْأَوَّلَةِ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ إنْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ ثُمَّ قَرَأَهَا وَقِيلَ في الْحَالِ فَوَجْهَانِ. الرَّابِعَةُ لو سمع سَجْدَتَيْنِ مَعًا فَهَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ أَمْ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ قال ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ الْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ الْبُزْرَاطِيِّ أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قال وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِوَاحِدَةٍ وقد خَرَّجَ الْأَصْحَابُ في الِاكْتِفَاءِ بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ عن سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَجْهًا فَهُنَا أَوْلَى انْتَهَى. قَوْلُهُ وهو أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً في الْحَجِّ منها اثْنَتَانِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ في الْحَجِّ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَهِيَ الْأُولَى نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَعَنْهُ هِيَ الثَّانِيَةُ فَتَكُونُ السَّجَدَاتُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَعَنْهُ سَجْدَةُ ص منه فَتَكُونُ خَمْسَ عَشْرَةَ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وابن عَقِيلٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ سَجْدَةُ ص سَجْدَةُ شُكْرٍ فَيَسْجُدُ بها خَارِجَ الصَّلَاةِ على كل رِوَايَةٍ وَلَا يَسْجُدُ بها في الصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ لِأَنَّ سَبَبَهَا من الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبُ وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال. على الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ لَا فَائِدَةَ في اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ من حَيْثُ الْمَعْنَى إلَّا هل هذه السَّجْدَةُ مُؤَكَّدَةٌ كَتَأْكِيدِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَمْ هِيَ دُونَهُ في التَّأْكِيدِ كَسُجُودِ الشُّكْرِ لِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ آكَدُ من سُجُودِ الشُّكْرِ.
فائدة: السَّجْدَةُ في حم عِنْدَ قَوْلِهِ يَسْأَمُونَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ عِنْدَ قَوْلِهِ يَعْبُدُونَ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيُكَبِّرُ إذَا سَجَدَ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ هو قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ من أَصْحَابِنَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. قَوْلُهُ وَيُكَبِّرُ إذَا سَجَدَ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيُكَبِّرُ غَيْرُ الْمُصَلِّي في الْأَصَحِّ لِلْإِحْرَامِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ منه فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ في تَكْبِيرَةِ السُّجُودِ خِلَافًا. قَوْلُهُ وإذا رَفَعَ. يَعْنِي يُكَبِّرُ إذَا رَفَعَ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةُ للسجود [السجود] وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ. هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ النَّدْبُ وَلِهَذَا لم يَذْكُرُوا جُلُوسَهُ في الصَّلَاةِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ ليس بِرُكْنٍ وَهُمَا وَجْهَانِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْزِئُهُ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَتَكُونُ عن يَمِينِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تَجِبُ الثِّنْتَانِ. قَوْلُهُ وَلَا يَتَشَهَّدُ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ بَلَى وهو تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ لَا يُسَنُّ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ سُجُودُهُ عن قِيَامٍ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال قَالَهُ طَائِفَةٌ من أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ فقال يَسْجُدُ وهو قَاعِدٌ وقال ابن تَمِيمٍ الْأَفْضَلُ أَنْ يَسْجُدَ عن قِيَامٍ وَإِنْ سَجَدَ عن جُلُوسٍ فَحَسَنٌ. الثَّانِيَةُ يقول في سُجُودِهِ ما يَقُولُهُ في سُجُودِ الصَّلَاةِ وَإِنْ زَادَ على ذلك مِمَّا وَرَدَ في سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَحَسَنٌ. قَوْلُهُ وَإِنْ سَجَدَ في الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ نَصَّ عليه. يَعْنِي في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وقال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لَا يَرْفَعُهُمَا وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ قال في النُّكَتِ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قُلْت منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ هذا الْأَصَحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَتَقَدَّمَ هل يَرْفَعُ يَدَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ من الْقُنُوتِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ في أَحْكَامِ الْوِتْرِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ في غَيْرِ الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ في الصَّلَاةِ أو لَا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ لَا يَرْفَعُهُمَا وَيُحْتَمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. الثَّانِيَةُ إذَا قام الْمُصَلِّي من سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَإِنْ شَاءَ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ وَإِنْ شَاءَ رَكَعَ من غَيْرِ قِرَاءَةٍ نَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ السُّجُودُ في صَلَاةٍ لَا يُجْهَرُ فيها. بَلْ يُكْرَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَالْمَأْمُومُ مُخَيَّرٌ بين اتِّبَاعِهِ وَتَرْكِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَكْثَرُهُمْ جَزَمَ بِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ في السُّجُودِ في صَلَاةِ الْجَهْرِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ يَلْزَمُهُ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو تَرَكَ مُتَابَعَتَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَلَى الثَّانِي لَا تَبْطُلُ بَلْ يُكْرَهُ.
فائدة: الرَّاكِبُ يُومِئُ بِالسُّجُودِ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَمَّا الْمَاشِي فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْجُدُ بِالْأَرْضِ وَقِيلَ يُومِئُ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِي وَقِيلَ يُومِئُ إنْ كان مُسَافِرًا وَإِلَّا سَجَدَ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ سُجُودُ الشُّكْرِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن تَمِيمٍ يُسْتَحَبُّ لِأَمِيرِ الناس لَا غَيْرُ قال في الْفُرُوعِ وهو غَرِيبٌ بَعِيدٌ. قَوْلُهُ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ وَانْدِفَاعِ النِّقَمِ. يَعْنِي الْعَامَّتَيْنِ لِلنَّاسِ هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقُوا. وقال الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أو دَفْعِ نِقْمَةٍ ظَاهِرَةٍ لِأَنَّ الْعُقَلَاءَ يُهَنُّونَ بِالسَّلَامَةِ من الْعَارِضِ وَلَا يَفْعَلُونَهُ في كل سَاعَةٍ وَإِنْ كان اللَّهُ يَصْرِفُ عَنْهُمْ الْبَلَاءَ وَالْآفَاتِ وَيُمَتِّعُهُمْ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ وَيُفَرِّقُونَ في التَّهْنِئَةِ بين النِّعْمَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ كَذَلِكَ السُّجُودُ لِلشُّكْرِ انْتَهَى.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنْ يَسْجُدَ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يَسْجُدُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال يُسَنُّ سُجُودُ الشُّكْرِ لِتَجَدُّدِ نِعْمَةٍ وَدَفْعِ نِقْمَةٍ عَامَّتَيْنِ لِلنَّاسِ وَقِيلَ أو خَاصَّتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وَلَا يَسْجُدُ له في الصَّلَاةِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَاسْتَحَبَّه ابن الزَّاغُونِيِّ فيها وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وهو احْتِمَالٌ في انْتِصَارِ أبي الْخَطَّابِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ سَبَبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَارِضٌ من أَفْعَالِ الصَّلَاةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو سَجَدَ جَاهِلًا أو نَاسِيًا لم تَبْطُلْ الصَّلَاةُ وَإِنْ كان عَامِدًا بَطَلَتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعِنْدَ ابن عَقِيلٍ فيه رِوَايَتَانِ من حَمِدَ لِنِعْمَةٍ أو اسْتَرْجَعَ لِمُصِيبَةٍ.
فائدة: لو [ولو] رَأَى مُبْتَلًى في دِينِهِ سَجَدَ شُكْرًا بِحُضُورِهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كان مُبْتَلًى في بَدَنِهِ سَجَدَ وَكَتَمَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَسْجُدُ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ إنْ قُلْنَا يَسْجُدُ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ. قُلْت فَهُوَ كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ ابن تَمِيمٍ فإنه قال وَهَلْ يَسْجُدُ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ فيه وَجْهَانِ لَكِنْ إنْ سَجَدَ لِرُؤْيَةِ مُبْتَلًى في بَدَنِهِ لم يُشْعِرْهُ. فَاسْتَدْرَكَ من السُّجُودِ لِأَمْرٍ مَخْصُوصٍ ذلك [بذلك]. قَوْلُهُ في أَوْقَاتِ النَّهْيِ هِيَ خَمْسَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ عِنْدَ قِيَامِهَا ليس بِوَقْتِ نهى لِقِصَرِهِ. قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ ليس بِوَقْتِ نَهْيٍ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ أَوْقَاتَ النَّهْيِ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ الْفَجْرِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ وَهَذَا الْوَقْتُ يَشْتَمِلُ على وَقْتَيْنِ وَعَنْهُ لَا نَهْيَ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا وَيَأْتِي ذلك مُفَصَّلًا قَرِيبًا أَتَمَّ من هذا. قَوْلُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. يَعْنِي الْفَجْرَ الثَّانِيَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ من صَلَاةِ الْفَجْرِ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ. قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ. يَعْنِي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا جَمَعَ وَعَنْهُ لَا نَهْيَ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا كما تَقَدَّمَ وَعَنْهُ لَا نَهْيَ بَعْدَ الْعَصْرِ ما لم تَصْفَرَّ الشَّمْسُ.
فائدة: الِاعْتِبَارُ بِالْفَرَاغِ من صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا بِالشُّرُوعِ فَلَوْ أَحْرَمَ بها ثُمَّ قَلَبَهَا نَفْلًا لِعُذْرٍ صَحَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا قاله ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَالِاعْتِبَارُ أَيْضًا بِصَلَاتِهِ فَلَوْ صلى مُنِعَ من التَّطَوُّعِ وَإِنْ لم يُصَلِّ غَيْرُهُ وَمَتَى لم يُصَلِّ فَلَهُ التَّطَوُّعُ وَإِنْ صلى غَيْرُهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حتى تَرْتَفِعَ قَيْدَ رُمْحٍ. هَكَذَا قال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ حتى تَبْيَضَّ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا. قَوْلُهُ وَعِنْدَ قِيَامِهَا حتى تَزُولَ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ ليس بِوَقْتِ نَهْيٍ لِقِصَرِهِ كما تَقَدَّمَ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في الْجُمُعَةِ إذَنْ لَا يُعْجِبُنِي قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ وَلَوْ لم يَحْضُرْ الْجَامِعَ وقال الْقَاضِي لِيَسْتَظْهِرَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ سَاعَةً بِقَدْرِ ما يَعْلَمُ زَوَالَهَا كَسَائِرِ الْأَيَّامِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو جَمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في وَقْتِ الْأُولَى مُنِعَ من التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ. بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا قاله ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْفَائِقُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا سُنَّةُ الظُّهْرِ الثَّانِيَةُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تُفْعَلُ بَعْدَ الْعَصْرِ إذَا جَمَعَ سَوَاءٌ جَمَعَ في وَقْتِ الْأُولَى أو الثَّانِيَةِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَفْعَلُهَا إذَا جَمَعَ في وَقْتِ الظُّهْرِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ يُصَلِّي سُنَّةَ الْأُولَى إذَا فَرَغَ من الثَّانِيَةِ إذَا لم تَكُنْ الثَّانِيَةُ عَصْرًا وَهَذَا في الْعِشَاءَيْنِ خَاصَّةً وَتُقَدَّمُ سُنَّةُ الْأُولَى مِنْهُمَا على الثَّانِيَةِ كما قُدِّمَ فَرْضُ الْأُولَى على الثَّانِيَةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَنْعَ في وَقْتِ النَّهْيِ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْبُلْدَانِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا نَهْيَ بِمَكَّةَ وَهِيَ قَوْلٌ في الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي على فِعْلِ ما له سَبَبٌ كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هو خِلَافُ الظَّاهِرِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا إنْ قُلْنَا الْحَرَمُ كَمَكَّةَ في الْمُرُورِ بين يَدَيْ الْمُصَلِّي أَنَّ هُنَا مثله وَكَلَامُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا يصلى فيه اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ وإذا تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ حتى تَغْرُبَ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَتَقَدَّمَ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا نَهْيَ بَعْدَ الْعَصْرِ مُطْلَقًا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وإذا تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ أَنَّ ابْتِدَاءَ وَقْتِ النَّهْيِ يَحْصُلُ قبل شُرُوعِهَا في الْغُرُوبِ فَيَكُونُ أَوَّلُهُ إذَا اصْفَرَّتْ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا أَوْلَى وَأَحْوَطُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالشَّرْحِ وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ. وَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَوَّلُهُ إذَا شَرَعَتْ في الْغُرُوبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال بن.
. تَمِيمٍ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ في الْخَامِسِ فَعَنْهُ أَوَّلُهُ إذَا شَرَعَتْ في الْغُرُوبِ وَعَنْهُ أَوَّلُهُ إذَا اصْفَرَّتْ وقال في الْفُرُوعِ في تَعْدَادِ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا حتى تَتِمَّ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ فيها. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَحَكَى في التَّبْصِرَةِ في قَضَاءِ الْفَرَائِضِ في وَقْتِ النَّهْيِ رِوَايَتَيْنِ.
فَوَائِدُ: إحداها يَجُوزُ صَلَاةُ النَّذْرِ في هذه الْأَوْقَاتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وغيرهم [وغيره] وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْأَشْهَرُ الْجَوَازُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يَفْعَلُهَا ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ. الثَّانِيَةُ لو نَذَرَ صَلَاةً في أَوْقَاتِ النَّهْيِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ صَلَاةِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ في وَقْتِ النَّهْيِ على ما تَقَدَّمَ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال أَصْحَابُنَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ وَيَأْتِي بِهِ فيها وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ مُوجِبًا لها وَتَبِعَهُمْ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعِ وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ يَفْعَلُهَا في غَيْرِ وَقْتِ النَّهْيِ وَيُكَفِّرُ كَنَذْرِهِ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ أو نَذَرَ صَلَاةً مُطْلَقَةً أو في وَقْتٍ وَفَاتَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَجُوزُ فِعْلُهَا في وَقْتِ النَّهْيِ لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ صَوْمَ النَّذْرِ في أَيَّامِ التَّشْرِيقِ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مع تَأَكُّدِ الصَّوْمِ. الثَّالِثَةُ لو نَذَرَ الصَّلَاةَ في مَكَان غُصِبَ فَفِي مُفْرَدَاتِ أبي يَعْلَى يَنْعَقِدُ فَقِيلَ له يُصَلِّي في غَيْرِهَا فقال فلم يَفِ بِنَذْرِهِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ إذَا أُقِيمَتْ وهو في الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا إجْمَاعًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَقَيَّدَه ابن تَمِيمٍ وَحَكَى في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلًا بِصَلَاةِ الْفَرْضِ مِنْهُمَا وَعَنْهُ الْمَنْعُ من الصَّلَاةِ عليها نَقَلَه ابن هَانِئٍ وَعَنْهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْفَجْرِ فَقَطْ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ فِعْلِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ الْمَنْعُ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا مُطْلَقًا جَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ إلَّا مع إمَامِ الْحَيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال ابن تَمِيمٍ وَتُعَادُ الْجَمَاعَةُ مع إمَامِ الْحَيِّ إذَا أُقِيمَتْ وهو في الْمَسْجِدِ أو دخل وَهُمْ يُصَلُّونَ سَوَاءٌ صلى جَمَاعَةً أو فُرَادَى لَكِنْ لَا يُسْتَحَبُّ له الدُّخُولُ انْتَهَى وَعَنْهُ الْمَنْعُ فيها مُطْلَقًا وَيَأْتِي ذلك مُسْتَوْفًى في صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ صلى ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وهو في الْمَسْجِدِ اُسْتُحِبَّ له إعَادَتُهَا. قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ في الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ على رِوَايَتَيْنِ. يَعْنِي هل يَجُوزُ فِعْلُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ في الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالْخُلَاصَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ فِعْلِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَإِعَادَةُ. الْجَمَاعَةِ في هذه الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قال ابن تَمِيمٍ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ جَوَازَ إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ فيها. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يَجُوزُ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرْحِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ في هذه الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ في الْأَشْهَرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْمَجْدِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ذَكَرَاهُ في الْجَنَائِزِ. وقال ابن أبي مُوسَى يُصَلِّي عليها في جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا حَالَ الْغُرُوبِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا بِالْجَوَازِ في جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا حَالَ الْغُرُوبِ وَالزَّوَالِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ في الصَّلَاةِ على الْجِنَازَةِ إذَا لم يُخَفْ عليها أَمَّا إذَا خِيفَ عليها فإنه يُصَلِّي عليها في هذه الْأَوْقَاتِ قَوْلًا وَاحِدًا.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ على الْقَبْرِ وَالْغَائِبِ في أَوْقَاتِ النَّهْيِ كُلِّهَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ إنْ كانت فَرْضًا لم يَحْرُمْ وَإِنْ كانت نَفْلًا حَرُمَتْ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَصَحَّحَ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ جَوَازَ الصَّلَاةِ على الْقَبْرِ في الْوَقْتَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ وَحَكَى قَوْلًا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ على الْقَبْرِ في الْأَوْقَاتِ الْخَمْسِ. وقال في الْفُصُولِ لَا تَجُوزُ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ في جَوَازِهَا على الْجِنَازَةِ خَوْفَ الِانْفِجَارِ وقد أُمِنَ في الْقَبْرِ قال وَصَلَّى قَوْمٌ من أَصْحَابِنَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِفَتْوَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَلَعَلَّهُ قَاسَ على الْجِنَازَةِ قال وَحَكَى عنه أَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ وَهَذَا يَلْزَمُ عليه فِعْلُهَا في الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِغَيْرِهَا في شَيْءٍ من الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ إلَّا ما له سَبَبٌ. التَّطَوُّعُ بِغَيْرِ ما تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ نَوْعَانِ نَوْعٌ له سَبَبٌ وَنَوْعٌ لَا سَبَبَ له. فَأَمَّا الذي لَا سَبَبَ له وهو التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ في شَيْءٍ منها وهو الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يَجُوزُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو شَرَعَ في التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ فَدَخَلَ وَقْتُ النَّهْيِ وهو فيها حَرُمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فإنه قال وَلَا يَبْتَدِئُ في هذه الْأَوْقَاتِ صَلَاةً يَتَطَوَّعُ بها وَكَذَا قال في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قال يُخَفِّفُهَا وَاقْتَصَرَ عليه ابن تَمِيمٍ وهو الصَّوَابُ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو ابْتَدَأَ التَّطَوُّعَ الْمُطْلَقَ فيها لم يَنْعَقِدْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ في التَّاسِعَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ لم تَنْعَقِدْ على الْأَصَحِّ قال في التَّلْخِيصِ لم تَنْعَقِدْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ لَا تَنْعَقِدُ من الْجَاهِلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ منه قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَحَوَاشِي ابن مُفْلِحٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ. النَّوْعُ الثَّانِي ما له سَبَبٌ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَقَضَاءِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيها الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن تَمِيمٍ وَالْهَادِي وَالْكَافِي. إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قاله ابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ قال في الْوَاضِحِ في تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إنَّهُ اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ قال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ هو قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو الْأَشْهَرُ قال الشَّارِحُ هو الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ قال ابن هُبَيْرَةَ هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَحْمَدَ في الْكُسُوفِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الصَّحِيحُ وَنَصَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَفُرُوعِ الْقَاضِي أبي الْحُسَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ فِعْلُهَا فيها اخْتَارَهَا أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن عَقِيلٍ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وهو ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّيْخِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ يَجُوزُ قَضَاءُ وِرْدِهِ وَوِتْرِهِ قبل صَلَاةِ الْفَجْرِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وهو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ في قَضَاءِ وِتْرِهِ واختاره [واختار] ابن أبي مُوسَى وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ وَجَزَمَ في الْمُنْتَخَبِ بِجَوَازِ قَضَاءِ السُّنَنِ في الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ جَوَازَ قَضَاءِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ في الْوَقْتَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ وَهُمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا. في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ جَوَازَ قَضَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَجَوَازَ قَضَاءِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَاخْتَارَهُ في التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ وقال صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ جَوَازَ ماله سَبَبٌ في الْوَقْتَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ يَجُوزُ قَضَاءُ وِتْرِهِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ مُطْلَقًا إنْ خَافَ إهْمَالَهُ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ في الْكُسُوفِ فإنه يَذْكُرُ وَيَدْعُو حتى يَنْجَلِيَ وَيَأْتِي ذلك في بَابِهِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حَالَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فإنه يَجُوزُ فِعْلُهَا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وقال ليس عنها جَوَابٌ صَحِيحٌ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ لم يَخْتَصَّ الصلاة [بالصلاة] وَلِهَذَا يُمْنَعُ من الْقِرَاءَةِ وَالْكَلَامِ فَهُوَ أَخَفُّ وَالنَّهْيُ هُنَا اخْتَصَّ الصَّلَاةَ فَهُوَ آكَدُ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا على الْعِلَّتَيْنِ أَظْهَرُ ثُمَّ قال الْقَاضِي مع أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ تَرَكْنَاهُ لِخَبَرِ سُلَيْكٍ.
فائدة: مِمَّا له سَبَبٌ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صَلَاةَ الِاسْتِخَارَةِ بِمَا يَفُوتُ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ وَسُجُودُ الشُّكْرِ وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فَعَدُّوهُمَا فِيمَا له سَبَبٌ وَصَحَّحُوا جَوَازَ الْفِعْلِ كما تَقَدَّمَ عَنْهُمْ. قُلْت ذِكْرُ الِاسْتِسْقَاءِ فِيمَا له سَبَبٌ ضَعِيفٌ بَعِيدٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَجُوزُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَقْتَ نَهْيٍ. قال صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُنَاكَ وَغَيْرُهُمْ بِلَا خِلَافٍ. قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ إجْمَاعًا وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الرِّوَايَتَيْنِ وَيَأْتِي أَيْضًا في بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ بِأَتَمَّ من هذا. وَلَا تُصَلَّى رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ على الصَّحِيحِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه بِخِلَافِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَيَأْتِي في بَابِ الْإِحْرَامِ.
|