الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فائدة: قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ. يَعْنِي: إذَا خَرَجَ كَامِلًا وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَالْأَفْضَلُ منها الْأَسْمَنُ بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ الْأَغْلَى ثَمَنًا ثُمَّ الْأَشْهَبُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ ثُمَّ الْأَسْوَدُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ فيها الْبِيضَ ثُمَّ الشُّهْبَ ثُمَّ الصُّفْرَ ثُمَّ الْعُفْرَ ثُمَّ الْبُلْقَ ثُمَّ السُّودَ. وَقِيلَ عَفْرَاءُ خَيْرٌ من سَوْدَاءَ وَبَيْضَاءُ خَيْرٌ من شَهْبَاءَ. قال أَحْمَدُ يُعْجِبُنِي الْبَيَاضُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَكْرَهُ السَّوَادَ. وقال في الْكَافِي أَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ ثُمَّ ما كان أَحْسَنَ لَوْنًا.
فائدة: الْأَشْهَبُ هو الْأَمْلَحُ قال في الْحَاوِيَيْنِ الْأَشْهَبُ هو الْأَبْيَضُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَمْلَحُ ما بَيَاضُهُ أَكْثَرُ من سَوَادِهِ.
فوائد: منها جَذَعُ الضَّأْنِ أَفْضَلُ من ثَنِيِّ الْمَعْزِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالضَّأْنِ. وقيل الثَّنِيُّ أَفْضَلُ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْفَائِقِ. وَمِنْهَا كُلٌّ من الْجَذَعِ وَالثَّنِيُّ أَفْضَلُ من سُبْعِ بَعِيرٍ وَسُبْعِ بَقَرَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الْأَجْرُ على قَدْرِ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا. وَمِنْهَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ من كل وَاحِدٍ من الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ وَهَلْ الْأَفْضَلُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ كَالْعِتْقِ أو الْمُغَالَاةِ في الثَّمَنِ أو الْكُلُّ سَوَاءٌ قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْعَدَدُ أَفْضَلُ نَصًّا. وَسَأَلَه ابن مَنْصُورٍ بَدَنَتَانِ سَمِينَتَانِ بِتِسْعَةٍ وَبَدَنَةٌ بِعَشَرَةٍ قال اثنتان أَعْجَبُ إلَيَّ. وَرَجَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَفْضِيلَ الْبَدَنَةِ السَّمِينَةِ. قال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ عَشْرَةَ في سُنَنِ أبي دَاوُد حَدِيثٌ يَدُلُّ عليه. قَوْلُهُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْبُلْغَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ الذَّكَرُ أَفْضَلُ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ الْأُنْثَى أَفْضَلُ قَدَّمَهُ في الْفُصُولِ. قُلْت الْأَسْمَنُ وَالْأَنْفَعُ من ذلك كُلِّهِ أَفْضَلُ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فَقَدْ اسْتَوَيَا في الْفَضْلِ. قال في الْفَائِقِ وَالْخَصِيُّ رَاجِحٌ على النَّعْجَةِ نَصَّ عليه. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْخَصِيُّ أَحَبُّ إلَيْنَا من النَّعْجَةِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالْكَبْشُ في الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ من الْغَنَمِ لِأَنَّهَا أُضْحِيَّةُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَكَرَه ابن أبي مُوسَى. قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ من الضَّأْنِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِمَا كان أَصْغَرَ من الْجَذَعِ من الضَّأْنِ لِمَنْ ذَبَحَ قبل صَلَاةِ الْعِيدِ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ إذَا لم يَكُنْ عِنْدَهُ ما يُعْتَدُّ بِهِ في الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِقِصَّةِ أبي بُرْدَةَ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَلَنْ تُجْزِئَ عن أَحَدٍ بَعْدَك أَيْ بَعْدَ ذلك. قَوْلُهُ وهو ما له سِتَّةُ أَشْهُرٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ. وقال في الْإِرْشَادِ وَلِلْجَذَعِ ثَمَانُ شُهُورٍ. قَوْلُهُ وَثَنِيُّ الْإِبِلِ ما كَمُلَ له خَمْسُ سِنِينَ وَمِنْ الْبَقَرِ ما له سَنَتَانِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال في الْإِرْشَادِ لِثَنِيِّ الْإِبِلِ سِتُّ سِنِينَ كَامِلَةً وَلِثَنِيِّ الْبَقَرِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَامِلَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يجزئ [يجيء] أَعْلَى سِنًّا مِمَّا تَقَدَّمَ قال في الْفُرُوعِ وَيُجْزِئُ أَعْلَى سِنًّا ال تنبيه: وَبِنْتُ الْمَخَاضِ عن وَاحِدٍ وحكى رِوَايَةً. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ جَذَعُ إبِلٍ أو بَقَرٍ عن وَاحِدٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. وَسَأَلَهُ حَرْبٌ أتجزىء [أتجزئ] عن ثَلَاثٍ قال يُرْوَى عن الْحَسَنِ وَكَأَنَّهُ سَهَّلَ فيه انْتَهَى. وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تُجْزِئُ بِنْتُ مَخَاضٍ عن وَاحِدٍ قال أبو بَكْرٍ في ال تنبيه: تُجْزِئُ بِنْتُ الْمَخَاضِ عن وَاحِدٍ. الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُ بَقَرُ الْوَحْشِ في الْأُضْحِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالزَّكَاةِ قال في الْفُرُوعِ لَا يُجْزِئُ في هَدْيٍ وَلَا أُضْحِيَّةٍ في أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ يُجْزِئُ. قَوْلُهُ وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عن الْوَاحِدِ. بِلَا نِزَاعٍ وَتُجْزِئُ عن أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ في الثَّوَابِ لَا في الْإِجْزَاءِ. قَوْلُهُ وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عن سَبْعٍ سَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمْ الْقُرْبَةَ أو بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ اللَّحْمَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ كان بَعْضُهُمْ ذِمِّيًّا في قِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَهُ الْقَاضِي. وَقِيلَ لِلْقَاضِي الشَّرِكَةُ في الثَّمَنِ تُوجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِسْطًا من اللَّحْمِ وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ. قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على الْمَنْعِ إنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْتَهَى. قال في الرِّعَايَةِ وَلَهُمْ قِسْمَتُهَا إنْ جَازَ إبْدَالُهَا وَقِيلَ أو حَرُمَ وَقُلْنَا هِيَ إفْرَازُ حَقٍّ وَإِلَّا مَلَّكَهُ رَبُّهُ لِلْفُقَرَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ فَبَاعُوهُ إنْ شاؤوا انْتَهَى.
فوائد: الْأُولَى نَقَلَ أَحْمَدُ في ثَلَاثَةٍ اشْتَرَكُوا في بَدَنَةِ أُضْحِيَّةٍ وَقَالُوا من جَاءَنَا يُرِيدُ أُضْحِيَّةً شَارَكْنَاهُ فَجَاءَ قَوْمٌ فَشَارَكُوهُمْ قال لَا تُجْزِئُ إلَّا عن الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُمْ أوجبوها [أوجبوه] عن أَنْفُسِهِمْ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ من الْأَصْحَابِ من جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ وَمِنْهُمْ من جَعَلَهَا على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَجَوَّزَ الشَّرِكَةَ قبل الْإِيجَابِ وَمَنَعَ منها بَعْدَ الْإِيجَابِ. قُلْت وَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّيرَازِيِّ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ فقال الِاعْتِبَارُ أَنْ يَشْتَرِك الْجَمِيعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ في بَقَرَةٍ وَذَكَرَ مَعْنَى النَّصِّ لم يُجْزِ إلَّا عن الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ انْتَهَى. الثَّانِيَةُ لو اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ في بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ لِلتَّضْحِيَةِ فَذَبَحُوهَا على أنهم [أنه] سَبْعَةٌ فَبَانُوا ثَمَانِيَةً ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَتْهُمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَه ابن الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في التَّلْخِيصِ في مَوْضِعٍ قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَنَقَلَ مُهَنَّا تُجْزِئُ عن سَبْعَةٍ وَيَرْضَوْنَ الثَّامِنَ ويضحى وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ. قال الشِّيرَازِيُّ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا تُجْزِئُ عن الثَّامِنِ وَيُعِيدُ عن الْأُضْحِيَّةِ. الثَّالِثَةُ لو اشْتَرَكَ اثْنَانِ في شَاتَيْنِ على الشُّيُوعِ أَجْزَأَ على الصَّحِيحِ قال في التَّلْخِيصِ أَشْبَهَ الْوَجْهَيْنِ الْإِجْزَاءُ فَقَاسَهُ على قَوْلِ الْأَصْحَابِ في التي قَبْلَهَا. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ. الرَّابِعَةُ لو اشْتَرَى رَجُلٌ سُبْعَ بَقَرَةٍ ذُبِحَتْ لِلَّحْمِ على أَنْ يضحى بِهِ لم يُجْزِهِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ هو لَحْمٌ اشْتَرَاهُ وَلَيْسَ بِأُضْحِيَّةٍ ذَكَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ ولايجزىء [ولا] فِيهِمَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا. بِلَا نِزَاعٍ قال الْأَصْحَابُ هِيَ التي انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا وَذَهَبَتْ فَإِنْ كان بها بَيَاضٌ لَا يَمْنَعُ النَّظَرَ أَجْزَأَتْ وَإِنْ أَذْهَبَ الضَّوْءَ كَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ فَفِي الْإِجْزَاءِ بها رِوَايَتَانِ في الْخِلَافِ وَقِيلَ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا لَا تُجْزِئُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ أَصَحُّهُمَا لَا تُجْزِئُ عِنْدِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ. الثَّانِي تُجْزِئُ قال الزَّرْكَشِيُّ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْإِجْزَاءُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَنَصَّ أَحْمَدُ تُجْزِئُ. قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنْ كان على عَيْنِهَا بَيَاضٌ ولم يُذْهِبْ الضَّوْءَ جَازَتْ التَّضْحِيَةُ بها لِأَنَّ عَوَرَهَا ليس بِبَيِّنٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِهِ من طَرِيقِ أَوْلَى أَنَّ الْعَمْيَاءَ لَا تُجْزِئُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قُلْت لو نُقِلَ الْخِلَافُ الذي في الْعَوْرَاءِ التي عليها بَيَاضٌ أَذْهَبَ الضَّوْءَ فَقَطْ إلَى الْعَمْيَاءِ لَكَانَ مُتَّجَهًا. قَوْلُهُ وَلَا تُجْزِئُ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلَعُهَا فَلَا تَقْدِرُ على الْمَشْيِ مع الْغَنَمِ. لَا تُجْزِئُ الْعَرْجَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا في الْجُمْلَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا في مِقْدَارِ ما يَمْنَعُ من الْإِجْزَاءِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَهِيَ التي لَا تَقْدِرُ على الْمَشْيِ مع الْغَنَمِ وَمُشَارَكَتِهِمْ في الْعَلَفِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ هِيَ التي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَتَّبِعَ الْغَنَمَ إلَى الْمَنْحَرِ. وقال أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي هِيَ التي لَا تُطِيقُ أَنْ تَبْلُغَ النُّسُكَ فَإِنْ كانت تَقْدِرُ على الْمَشْيِ إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ أَجْزَأَتْ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْعِيبِ هِيَ التي لَا تَقْدِرُ على الْمَشْيِ مع جِنْسِهَا قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تُجْزِئُ وَذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا. سَوَاءٌ كانت بِجَرَبٍ أو غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. قال في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وما بِهِ مَرَضٌ مُفْسِدٌ لِلَّحْمِ كَجَرْبَاءَ. وقال الْخِرَقِيُّ وَالشِّيرَازِيُّ في الْإِيضَاحِ هِيَ التي لَا يُرْجَى بُرْؤُهَا. وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ الْمَرِيضَةُ هِيَ الْجَرْبَاءُ وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا مَثَلًا من الْأَمْثِلَةِ لَا أَنَّ الْمَرَضَ مَخْصُوصٌ بِالْجَرَبِ وهو أَوْلَى فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ. قَوْلُهُ وَالْعَضْبَاءُ هِيَ التي ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أو قَرْنُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَأَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ هِيَ التي ذَهَبَ ثُلُثُ قَرْنِهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ وذكر الْخَلَّالُ أنهم [أنهما] اتَّفَقُوا أَنَّ نِصْفَهُ أو أَكْثَرَ لَا يُجْزِئُ. وَقِيلَ فَوْقَ الثُّلُثِ لَا يُجْزِئُ قَالَهُ الْقَاضِي الْجَمْعُ وَذَكَرَه ابن عقيل رِوَايَةً وَكَوْنُ الْعَضْبَاءِ لَا تُجْزِئُ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجُوزُ أَعْضَبُ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ في صِحَّةِ الْخَبَرِ نَظَرًا وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذلك لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يُؤْكَلُ وَالْأُذُنُ لَا يُقْصَدُ أَكْلُهَا غَالِبًا ثُمَّ هِيَ كَقَطْعِ الذَّنَبِ وَأَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ. قُلْت هذا الِاحْتِمَالُ هو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ الْمَعِيبَةُ الْأُذُنِ بِخَرْقٍ أو شَقٍّ أو قَطْعٍ لِأَقَلَّ من النِّصْفِ. وَكَذَا الْأَقَلُّ من الثُّلُثِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ في أَقَلَّ من الثُّلُثِ وفي الْخَرْقِ وَالشَّقِّ. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ بِعَدَمِ إجْزَاءِ ما ذَهَبَ ثُلُثُ أُذُنِهَا أو قَرْنُهَا. وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ ما ذَهَبَ منه أَكْثَرُ من الثُّلُثِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ ما ذَهَبَ أَقَلُّ ثُلُثِ أُذُنِهَا أو قَرْنِهَا وَلَا الْمَعِيبَةُ بِخَرْقٍ أو شَقٍّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه لَا تُضَحِّي بِمُقَابَلَةٍ وَهِيَ ما قُطِعَ شَيْءٌ من مُقَدَّمِ أُذُنِهَا وَلَا بِمُدَابَرَةٍ وَهِيَ ما كان ذلك من خَلْفِ أُذُنِهَا وَلَا شَرْقَاءَ وَهِيَ ما شَقَّ الْكَيُّ أُذُنُهَا وَلَا خَرْقَاءُ وَهِيَ ما ثَقَبَ الْكَيُّ أُذُنَهَا وَحَمَلَهُ الْأَصْحَابُ على نَهْيِ التَّنْزِيهِ.
فوائد: الْأُولَى ذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الْهَتْمَاءَ لَا تُجْزِئُ قال في التَّلْخِيصِ لم أَعْثُرْ لِأَصْحَابِنَا فيها بِشَيْءٍ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أنها لَا تُجْزِئُ وَجَزَمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تُجْزِئُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. إذَا عُلِمْت ذلك فَالْهَتْمَاءُ هِيَ التي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا من أَصْلِهَا قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هِيَ التي سَقَطَ بَعْضُ أَسْنَانِهَا. الثَّانِيَةُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ لَا تُجْزِئُ الْعَصْمَاءُ وَهِيَ التي انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا. الثَّالِثَةُ لو قُطِعَ من الْأَلْيَةِ دُونَ الثُّلُثِ فَنَقَلَ جَعْفَرٌ فيه لَا بَأْسَ بِهِ وَنَقَلَ هَارُونُ كُلُّ ما في الْأُذُنِ وَغَيْرِهِ من الشَّاةِ دُونَ النِّصْفِ لَا بَأْسَ بِهِ. قال الْخَلَّالُ رَوَى هَارُونُ وَحَنْبَلٌ في الْأَلْيَةِ ما كان دُونَ النِّصْفِ أَيْضًا قال فَهَذِهِ رُخْصَةٌ في الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَاخْتِيَارُ أبي عبد اللَّهِ لَا بَأْسَ بِكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ وَعَلَيْهِ أَعْتَمِدُ قال وَرَوَى الْجَمَاعَةُ التَّشْدِيدَ في الْعَيْنِ وَأَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً. الرَّابِعَةُ الْجَدَّاءُ وَالْجَدْبَاءُ وَهِيَ التي شَابَ وَنَشَفَ ضَرْعُهَا وَجَفَّ لَا تُجْزِئُ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والفائق [والتلخيص] وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ وَالْبَتْرَاءُ وَالْخَصِيُّ. أَمَّا الْجَمَّاءُ وَهِيَ التي لَا قَرْنَ لها على الصَّحِيحِ وَقِيلَ هِيَ التي انْكَسَرَ كُلُّ قَرْنِهَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وقال ابن الْبَنَّا هِيَ التي لم يُخْلَقْ لها قَرْنٌ وَلَا أُذُنٌ. فَتُجْزِئُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَه ابن البنا في خِصَالِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال ابن حَامِدٍ لَا تُجْزِئُ الْجَمَّاءُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ.
فائدة: لو خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ فَهِيَ كَالْجَمَّاءِ قَالَهُ في الرَّوْضَةِ وَقَطَعَ في الرِّعَايَةِ بِالْإِجْزَاءِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن الْبَنَّا. وَأَمَّا الْبَتْرَاءُ وَهِيَ التي لَا ذَنَبَ لها فَتُجْزِئُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُضَحَّى بِأَبْتَرَ وَلَا بِنَاقِصَةِ الْخَلْقِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَأَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِالْبَتْرَاءِ ما قُطِعَ ذَنَبُهَا. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ في التَّلْخِيصِ فإنه قال هِيَ الْمَبْتُورَةُ الذَّنَبِ قال في الرِّعَايَةِ وَالْبَتْرَاءُ الْمَقْطُوعَةُ الذَّنَبِ وَقِيلَ هِيَ التي لَا ذَنَبَ لها خِلْقَةً. وَأَمَّا الْخَصِيُّ وهو الذي قُطِعَتْ خُصْيَتَاهُ أو سُلِتَا فَقَطْ فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْعُمْدَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لو رُضَّتْ خُصْيَتَاهُ أَيْضًا. وَلَوْ كان خَصِيًّا مَجْبُوبًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ وَقِيلَ يُجْزِئُ جَزَمَ بِه ابن البنا في الْخِصَالِ وَفَسَّرَ الْخَصِيَّ بِمَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ.
فائدة: قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي في الْخِلَافِ الْحَامِلُ لَا تُجْزِئُ في الْأُضْحِيَّةِ فَكَذَلِكَ في الزَّكَاةِ وَالْحَمْلُ يُنْقِصُ اللَّحْمَ فقال الْقَصْدُ من الْأُضْحِيَّةِ اللَّحْمُ وَالْحَمْلُ يُنْقِصُ اللَّحْمَ وَالْقَصْدُ من الزَّكَاةِ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ وَالْحَامِلُ أَقْرَبُ إلَى ذلك من الْحَائِلِ فَأَجْزَأَتْ. قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَفْعَلُ كَيْفَ شَاءَ بَارِكَةً وَقَائِمَةً.
فائدة: قَوْلُهُ وَيَقُولُ عِنْدَ ذلك بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ هذا مِنْك وَلَك. يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذلك وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ يُوَجِّهَهَا إلَى الْقِبْلَةِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ على جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ حين يُحَرِّكُ يَدَهُ بِالْقَطْعِ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ من فُلَانٍ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يقول اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي كما تَقَبَّلْت من إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَيَقُولُ إذَا ذَبَحَ وَجَّهْت وَجْهِي إلَى قَوْلِهِ وأنا من الْمُسْلِمِينَ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَذْبَحَهَا إلَّا مُسْلِمٌ. جَوَازُ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ لها وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في غَيْرِ الْإِبِلِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ. وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ ذَبْحُهُ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ ذَبْحُهُ لِلْإِبِلِ خَاصَّةً جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وقال الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا جَوَازُ ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ على الْيَهُودِ لَا تُحَرَّمُ عَلَيْنَا زَادَ الشَّرِيفُ أو على كِتَابِيٍّ نَصْرَانِيٍّ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى هذا أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ على الْقَوْلِ بِحِلِّ الشُّحُومِ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِ الشُّحُومِ فَلَا يَلِي الْيَهُودَ بلا نِزَاعَ. قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهَا بيده كان أَفْضَلَ. بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه فَإِنْ لم يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوَكِّلَ في الذَّبْحِ وَيَشْهَدَهُ نَصَّ عليه. وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ إنْ عَجَزَ عن الذَّبْحِ أَمْسَكَ بيده السِّكِّينَ حَالَ الْإِمْرَارِ فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَشْهَدْهَا وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ وَكَّلَ في الذَّبْحِ اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ من الْمُوَكِّلِ إذَنْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً لَا تَسْمِيَةُ الْمُضَحَّى عنه. وقال في الْمُفْرَدَاتِ تُعْتَبَرُ فيها النِّيَّةُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ وَكَّلَ في الذَّكَاةِ من يَصِحُّ منه نَوَى عِنْدَهَا أو عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَتَكْفِي نِيَّةُ الْوَكِيلِ وَحْدَهُ فَمَنْ أَرَادَ الذَّكَاةَ نَوَى إذَنْ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَوَقْتُ الذَّبْحِ يوم الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أو قَدْرِهَا. ظَاهِرُ هذا أَنَّهُ إذَا دخل وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمَضَى قَدْرُ الصَّلَاةِ فَقَدْ دخل وَقْتُ الذَّبْحِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِعْلُ ذلك وَلَا فَرْقَ في هذا بين أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى مِمَّنْ يُصَلِّي الْعِيدَ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ الشَّارِحُ. وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ أَمَّا وَقْتُ الذَّبْحِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا إذَا مَضَى أَحَدُ أَمْرَيْنِ من صَلَاةِ الْعِيدِ أو قَدْرِهَا لِأَنَّهُ ذَكَرَ ذلك بِلَفْظٍ أو وَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ ولم يُفَرِّقْ بين من تُقَامُ صَلَاةُ الْعِيدِ في مَوْضِعِ ذَبْحِهِ أو لم تَقُمْ انْتَهَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ فَقَطْ في حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى مِمَّنْ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّا في الْخِصَالِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ فَلَوْ سَبَقَتْ صَلَاةُ إمَامٍ في الْبَلَدِ جَازَ الذَّبْحُ. وَعَنْهُ وَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْخُطْبَةِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي. وقال الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقْتُهُ قَدْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالْخُطْبَةِ فلم يَشْتَرِطْ الْفِعْلَ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهَا في الرَّوْضَةِ. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ الذَّبْحُ قبل الْإِمَامِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى. وَقِيلَ ذلك مَخْصُوصٌ بِبَلَدِ الْإِمَامِ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ فقال وَعَنْهُ إذَا ضَحَّى الْإِمَامُ في بَلَدِهِ ضَحَّوْا انْتَهَى. قُلْت وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ.
تنبيه: تَابَعَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا أَبَا الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَعِبَارَتُهُ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ كَذَلِكَ. فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمَنْ تَابَعَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَابِعُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ للمذهب [المذهب] وَأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ يَعْنِي في حَقِّ من يُصَلِّيهَا وَقَوْلُهُ أو قَدْرِهَا في حَقِّ من لم يُصَلِّ وَتَكُونُ أو في كَلَامِهِ لِلتَّقْسِيمِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لم يَحْكِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا الْقَوْلَ ولم يُعَرِّجْ عليه. وقد قال في النَّظْمِ. وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أو *** بَعْدَ قَدْرِهَا لِمَنْ لم يُصَلِّ وَكَذَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا. فَغَايَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ فيه إضْمَارٌ مَعْلُومٌ وهو كَثِيرٌ مُسْتَعْمَلٌ إذْ يَبْعُدُ جِدًّا أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ وَافَقَهُ بِمَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ حَكَاهُ قَوْلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَوَهَّمَ ذلك فَحَكَاهُ قَوْلًا.
فائدة: حُكْمُ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ لَا صَلَاةَ عليهم وَمَنْ في حُكْمِهِمْ كَأَصْحَابِ الطُّنُبِ والخركاوات [الخركاوات] وَنَحْوِهِمْ في وَقْتِ الذَّبْحِ حُكْمُ أَهْلِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ فَإِنْ قُلْنَا وَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ في حَقِّهِمْ فَقَدْرُهَا في حَقِّ من لَا تَجِبُ عليه كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَقَدْرُهَا كَذَلِكَ في حَقِّهِمْ وَإِنْ قُلْنَا مع ذلك ذَبَحَ الْإِمَامُ اُعْتُبِرَ قَدْرُ ذلك أَيْضًا وقد عَلِمْت الْمَذْكُورَ ذلك فَكَذَا الْمَذْهَبُ هُنَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قال الزَّرْكَشِيُّ عَامَّةُ أَصْحَابِ الْقَاضِي على ذلك وقال في التَّرْغِيبِ هو كَغَيْرِهِ في الْأَصَحِّ. وقال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى الَّذِينَ لَا صَلَاةَ عليهم لِقِلَّتِهِمْ وَمَنْ في حُكْمِهِمْ فَأَوَّلُ وَقْتِهِمْ ذلك الْوَقْتُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وفي الْآخَرِ أَنْ يَمْضِيَ من يَوْمِ الْعِيدِ مِقْدَارُ ذلك. وقال في الْفَائِقِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ في اهل الْأَمْصَارِ وَمَنْ في حُكْمِهِمْ من أَهْلِ الْقُرَى وهو وَقْتٌ لِأَهْلِ الْبَرِّ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي مِقْدَارُهُ. وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقْتُ الذَّبْحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَقِيلَ أو قَدْرُهَا لِأَهْلِ الْبَرِّ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقْتُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ أو قَدْرُهَا لِأَهْلِ الْبِرِّ. وَقِيلَ وَغَيْرُهُمْ. وقال في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ في الْمُغْنِي. قُلْت قَطَعَ بِهِ في الْكَافِي.
تنبيه: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَدْرَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فقال الزَّرْكَشِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ ذلك بِمُتَوَسِّطِ الناس وأبو مُحَمَّدٍ اعْتَبَرَ قَدْرَ صَلَاةٍ وَخُطْبَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ في أَخَفِّ ما يَكُونُ.
فوائد: منها إذَا لم يُصَلِّ الْإِمَامُ في الْمِصْرِ لم يَجُزْ الذَّبْحُ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ عِنْدَ من اعْتَبَرَ نَفْسَ الصَّلَاةِ فإذا زَالَتْ جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال ابن عَقِيلٍ الذَّبْحُ يَتْبَعُ الصَّلَاةَ قَضَاءً كما يَتْبَعُهَا أَدَاءً ما لم يُؤَخَّرْ عن أَيَّامِ الذَّبْحِ فَيَتْبَعُ الْوَقْتَ ضَرُورَةً. وَمِنْهَا حُكْمُ الْهَدْيِ الْمَنْذُورِ في وَقْتِ الذَّبْحِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ وَقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهَا في أَوَاخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ. وَتَقَدَّمَ وَقْتُ ذَبْحِ دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ في بَابِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَجِبُ على الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دَمُ نُسُكٍ. وَمِنْهَا لو ذَبَحَ قبل وَقْتِ الذَّبْحِ لم يَجُزْ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ ما شَاءَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ هو كَالْأُضْحِيَّةِ وَعَلَيْهِ بَدَلُ الْوَاجِبِ. قَوْلُهُ إلَى آخِرِ يَوْمَيْنِ من أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وقال في الْإِيضَاحِ آخِرُهُ آخِرُ يَوْمٍ من أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاخْتَارَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ أَنَّ آخِرَهُ آخِرُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ من أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَهُ في الِاخْتِيَارَاتِ وَجَزَمَ بِه ابن رزين في نِهَايَتِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ صَاحِبِ الْإِيضَاحِ فإن كَلَامَهُ مُحْتَمَلٌ.
فائدة: أَفْضَلُ وَقْتِ الذَّبْحِ أَوَّلُ يَوْمٍ من وَقْتِهِ ثُمَّ ما يَلِيهِ. قُلْت وَالْأَفْضَلُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَذَبْحِ الْإِمَامِ إنْ كان. قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ في لَيْلَتِهِمَا في قَوْلِ الْخِرَقِيِّ. وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ منهم الْخَلَّالُ قال وَهِيَ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي. وقال غَيْرُهُ يُجْزِئُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ منهم [منه] الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَصَحَّحَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ.
فائدة: قال ابن الْبَنَّا في خِصَالِهِ يُكْرَهُ ذَبْحُ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا لَيْلًا في أَوَّلِ يَوْمٍ وَلَا يُكْرَهُ ذلك في الْيَوْمَيْنِ الْأَخِيرِينَ. قُلْت الْأَوْلَى الْكَرَاهَةُ لَيْلًا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً وَسَقَطَ التَّطَوُّعَ. فإذا ذَبَحَ الْوَاجِبَ كان حُكْمُهُ حُكْمَ أَصْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وقال في التَّبْصِرَةِ يَكُونُ لَحْمًا يَتَصَدَّقُ بِهِ لَا أُضْحِيَّةً في الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْيُ بِقَوْلِهِ هذا هَدْيٌ أو بِتَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ مع النِّيَّةِ وَالْأُضْحِيَّةُ بِقَوْلِهِ هذه أُضْحِيَّةٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ هذا لِلَّهِ وَنَحْوِهِ من أَلْفَاظِ النَّذْرِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا واختاره الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وقال في الْكَافِي إنْ قَلَّدَهُ أو أَشْعَرَهُ وَجَبَ كما لو بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فيه ولم يذكر النِّيَّةَ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ خَالَفَ أبو مُحَمَّدٍ الْأَصْحَابَ فقال يُؤْخَذُ بِهِ جَازِمًا بِهِ وقال لَا يُتَابَعُ الْمُصَنِّفُ على كَوْنِ ذلك الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ ذلك إلَّا بِالْقَوْلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ أو بِالنِّيَّةِ فَقَطْ وَقِيلَ مع تَقْلِيدٍ وَإِشْعَارٍ. وقال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ يَعْنِي قَوْلَهُ وَقِيلَ أو بِالنِّيَّةِ فَقَطْ إذْ ظَاهِرُ ذلك أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ مع النِّيَّةِ على هذا الْقَوْلِ وَلَا بِقَوْلِهِ هذا هَدْيٌ أو أُضْحِيَّةٌ وهو كما قال. قال في الْفُرُوعِ فإن هذا الْقَوْلَ هو احْتِمَالُ لأبي [أبي] الْخَطَّابِ وَيَأْتِي قَرِيبًا ولم يذكر لَفْظَةَ فَقَطْ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ولا في غَيْرِهَا. وقال في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ إذَا أَوْجَبَهَا بِلَفْظِ الذَّبْحِ نحو لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُهَا لَزِمَهُ ذَبْحُهَا وَتَفْرِيقُهَا على الْفُقَرَاءِ وهو مَعْنَى قَوْلِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لو قال لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هذه الشَّاةِ ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لها. قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى حَالَ الشِّرَاءِ لم يَتَعَيَّنْ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ بِالشِّرَاءِ مع النِّيَّةِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَهُ في الْفَائِقِ. وقال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ بِالنِّيَّةِ كما تقدم [قدم]. قَوْلُهُ وإذا تَعَيَّنَتْ لم يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا إلَّا أَنْ يُبَدِّلَهَا بِخَيْرٍ منها. قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ رحمة اللَّهُ عليه أَنَّ الْهَدْيَ وَالْأُضْحِيَّةَ إذَا تَعَيَّنَا لم يَجُزْ بَيْعُهُمَا وَلَا هِبَتُهُمَا إلَّا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا بِخَيْرٍ منهما [منهم] وهو أَحَدُ الْأَقْوَالِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ. قال في الْمُحَرَّرِ فَإِنْ نَذَرَهَا ابْتِدَاءً بِعَيْنِهَا لم يَجُزْ إبْدَالُهَا إلَّا بِخَيْرٍ منها انْتَهَى. وَقَطَعَ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ بِجَوَازِ إبْدَالِهَا بِخَيْرٍ منها وقال نَصّ عليه. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ له نَقْلُ الْمِلْكِ فيه وَشِرَاءُ خَيْرٍ منه نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا. قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ ذلك لِمَنْ ضَحَّى دُونَ غَيْرِهِ قال ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ إنْ بَاعَهَا بِشَرْطِ أَنْ يضحى بها صَحَّ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَعَنْهُ أَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ بِالْيَقِينِ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهَا وَلَا غَيْرُهُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَخِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَاسْتَشْهَدَ في الْهِدَايَةِ بِمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ تَشْهَدُ لِذَلِكَ. فَعَلَى هذا لو عَيَّنَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لم يَمْلِكْ الرَّدَّ وَيَمْلِكُهُ على الْأَوَّلِ. وَعَلَيْهِمَا إنْ أَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ هو له أو هو كَزَائِدٍ عن الْقِيمَةِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. وَقَدَّمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمَ الزَّائِدِ عن قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ. وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ له وَقِيلَ بَلْ لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ بَلْ يَشْتَرِي لهم بِهِ شَاةً فَإِنْ عَجَزَ فَسَهْمًا من بَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ فَلَحْمًا. قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَجْهًا أَنَّ التَّصَرُّفَ في أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَهَدْيٍ قال وهو سَهْوٌ.
فوائد: إحداها لو بَانَ مُسْتَحِقًّا بَعْدَ تَعَيُّنِهِ لَزِمَهُ بَدَلُهُ نَقَلَهُ على بن سَعِيدٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه كَأَرْشٍ. الثَّانِيَةُ قال في الْفَائِقِ يَجُوزُ إبْدَالُ اللَّحْمِ بِخَيْرٍ منه نَصَّ عليه وَذَكَرَهُ الْقَاضِي. الثَّالِثَةُ لو أَتْلَفَ الْأُضْحِيَّةَ مُتْلِفٌ وَأُخِذَتْ منه الْقِيمَةُ أو بَاعَهَا من أَوْجَبَهَا ثُمَّ اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ أو بِالثَّمَنِ مِثْلَهَا فَهَلْ تَصِيرُ مُتَعَيِّنَةً بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذلك في آخِرِ الرَّهْنِ وَالْوَقْفِ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا بِخَيْرٍ منه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بمثله وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كان في الْهَدْيِ أو الْأُضْحِيَّةِ وَسَوَاءً كان في الْإِبْدَالِ أو الشِّرَاءِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ يَجُوزُ بمثله نَصَّ عليه قال الْإِمَامُ احمد ما لم يَكُنْ أَهْزَلَ وَهُمَا. احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ. الثاني [الثانية] مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَهُ رُكُوبُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ من غَيْرِ ضَرَرٍ بها جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ. قُلْت وهو ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
فوائد: إحْدَاهَا يَضْمَنُ نَقْصَهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ يَضْمَنُ إنْ رَكِبَهَا بَعْدَ الضَّرُورَةِ وَنَقَصَ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ ذَبَحَ وَلَدُهَا مَعَهَا بِلَا نِزَاعٍ وَسَوَاءٌ عَيَّنَهَا حَامِلًا أو حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَهُ فَلَوْ تَعَذَّرَ حَمْلُ وَلَدِهَا وَسَوْقِهِ فَهُوَ كَالْهَدْيِ إذَا عَطِبَ على ما يَأْتِي. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ وَلَا يَشْرَبُ من لَبَنِهَا إلَّا ما فَضَلَ عن وَلَدِهَا بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ حَرُمَ وضمنه. الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ وَيَجُزُّ صُوفَهَا وَوَبَرَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ إنْ كان أَنْفَعَ لها. بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ زَادَ في الْمُسْتَوْعِبِ يتصدق [تصدق] بِهِ نَدْبًا وقال في الرَّوْضَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ إنْ كانت نَذْرًا وقال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَيُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ بِالشَّعْرِ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ أَنَّ اللَّبَنَ وَالصُّوفَ لَا يَدْخُلَانِ في الْإِيجَابِ. وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا إذَا لم يَضُرَّ بِالْهَدْيِ وَكَذَلِكَ قال صَاحِبُ التَّلْخِيصِ في اللَّبَنِ. قَوْلُهُ وَلَا يعطى الْجَازِرَ أُجْرَتَهُ شيئا منها. بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إنْ دُفِعَ إلَيْهِ على سَبِيلِ الصَّدَقَةِ أو الْهَدِيَّةِ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْأَخْذِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ بَاشَرَهَا وَتَاقَتْ نَفْسُهُ إلَيْهَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَا خِلَافَ في الِانْتِفَاعِ بجلودها [بجلودهما] وَجِلَالِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا يَنْتَفِعُ بِمَا كان وَاجِبًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. وَجَزَمَ في الْفُصُولِ والمستوعب [المستوعب] وَغَيْرِهِمَا يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الْهَدَايَا الْوَاجِبَةِ وَلَا يبقى منها لَحْمًا وَلَا جِلْدًا وَلَا غَيْرُهُ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِجِلَالِهَا. قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ وَلَا شيئا منها. يَحْرُمُ بَيْعُ الْجِلْدِ وَالْجَلِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. قال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ هذا هو الْمَشْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ به في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يَجُوزُ ويشترى بِهِ آلَةَ الْبَيْتِ لَا مَأْكُولًا قال في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِمَتَاعِ الْبَيْتِ كَالْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ وَنَحْوِهِمَا فَيَكُونُ إبْدَالًا بِمَا يَحْصُلُ منه مَقْصُودُهُمَا كما أَجَزْنَا إبْدَالَ الْأُضْحِيَّةِ انْتَهَى. وَقَطَعَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وقال نَصَّ عليه وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ أُضْحِيَّةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا من الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ دُونَ الشَّاةِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ له بَيْعُ سَوَاقِطِ الْأُضْحِيَّةِ وَالصَّدَقَةُ بِالثَّمَنِ قال قُلْت وَكَذَا الْهَدْيُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهَا فَسُرِقَتْ فَلَا شَيْءَ عليه فيها. وَلَوْ كانت وَاجِبَةً هذا الْمَذْهَبُ نَقَلَه ابن مَنْصُورٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ ذَبْحُهُ لم يُعَيِّنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّ له بَيْعَهُ عِنْدَنَا. وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أبي الْخَطَّابِ إنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ عنه كما لو نَحَرَهُ وَقَبَضَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ في وَقْتِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ على ذَابِحِهَا. وإذا ذَبَحَهَا غَيْرُ رَبِّهَا فَتَارَةً يَنْوِيهَا عن صَاحِبِهَا وَتَارَةً يُطْلِقُ وَتَارَةً يَنْوِيهَا عن نَفْسِهِ فَإِنْ نَوَى ذَبْحَهَا عن صَاحِبِهَا أَجْزَأَتْ عنه وَلَا ضَمَانَ على ذَابِحِهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارُ لُزُومُ أَرْشِ ما بين قِيمَتِهَا صَحِيحَةً وَمَذْبُوحَةً. وَإِنْ ذَبَحَهَا وَأَطْلَقَ النِّيَّةَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الْإِجْزَاءُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَالْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ وَقَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَإِنْ ذَبَحَهَا وَنَوَى عن نَفْسِهِ فَفِي الْإِجْزَاءِ عن صَاحِبِهَا وَالضَّمَانِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ. إحْدَاهُمَا لَا تُجْزِئُ وَيَضْمَنُهَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تُجْزِئُ مُطْلَقًا وَلَا ضَمَانَ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ فُضُولِيٍّ. قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالتِّسْعِينَ حَكَى الْقَاضِي في الْأُضْحِيَّةِ رِوَايَتَيْنِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ تَنْزِلَانِ على اخْتِلَافِ حَالَيْنِ لَا على اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فَإِنْ نَوَى الذَّابِحُ بِالذَّبْحِ عن نَفْسِهِ مع عِلْمِهِ بِأَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ لم يُجْزِئْهُ لِغَصْبِهِ وَاسْتِيلَائِهِ على مَالِ الْغَيْرِ وَإِتْلَافِهِ له عُدْوَانًا وَإِنْ كان الذَّابِحُ يَظُنُّ أنها أُضْحِيَّةٌ لِاشْتِبَاهِهَا عليه أَجْزَأَتْ عن الْمَالِكِ وقد نَصَّ أَحْمَدُ على الصُّورَتَيْنِ في رِوَايَةِ أبي الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٍّ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا مُصَرِّحًا بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَذَلِكَ الْخَلَّالُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَعَقَدَ لَهُمَا بَابَيْنِ مُفْرَدَيْنِ فَلَا تَصِحُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ على هذه الرِّوَايَةِ أَنْ يَلِيَ رَبُّهَا تَفْرِقَتَهَا. وقال في الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ واما إذَا فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ اللَّحْمَ فقال الْأَصْحَابُ لَا يُجْزِئُ وأبدى [أبدى] بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ وَمَالَ إلَيْه ابن رجب وَقَوَّاهُ وَإِنْ لم يُفَرِّقْهَا ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ اللَّحْمِ. فَإِنْ كان على رِوَايَةِ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ يَعُودُ مِلْكًا قال في الْفُرُوعِ وقد ذَكَرَ الْأَصْحَابُ في كل تَصَرُّفِ غَاصِبٍ حُكْمِيٍّ عِبَادَةً وَعَقَدَ الرِّوَايَاتِ انْتَهَى. قال في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالتِّسْعِينَ إذَا عَيَّنَ أُضْحِيَّةً وَذَبَحَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَجْزَأَتْ عن صَاحِبِهَا ولم يَضْمَنْ الذَّابِحُ شيئا نَصَّ عليه. وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ بين أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً ابْتِدَاءً أو عن وَاجِبٍ في الذِّمَّةِ. وَفَرَّقَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بين ما وَجَبَ في الذِّمَّةِ وَغَيْرِهِ وقال الْمُعَيَّنَةُ عَمَّا في. الذِّمَّةِ يُشْتَرَطُ لها نِيَّةُ الْمَالِكِ عِنْدَ الذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَضْمَنُ انْتَهَى. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ يَضْمَنُ ما بين كَوْنِهَا حَيَّةً إلَى مَذْبُوحَةً ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا. بِلَا نِزَاعٍ وَيَكُونُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا يوم تَلَفِهَا قال الشَّارِحُ وَجْهًا وَاحِدًا فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا على ثَمَنِ مِثْلِهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ ما لو أَتْلَفَهَا صَاحِبُهَا على ما يَأْتِي فَإِنْ لم تَبْلُغْ الْقِيمَةُ ثَمَنَ الْأُضْحِيَّةِ فَالْحُكْمُ فيه على ما يَأْتِي فِيمَا إذَا أَتْلَفَهَا رَبُّهَا وقال في الْفُرُوعِ ضَمِنَ ما بين كَوْنِهَا حَيَّةً إلَى كَوْنِهَا مَذْبُوحَةً ذَكَرَهُ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ كما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَهَا صَاحِبُهَا ضَمِنَهَا بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ من مِثْلِهَا أو قِيمَتِهَا. وَلَا خِلَافَ في ضَمَانِ صَاحِبِهَا إذَا أَتْلَفَهَا مُفَرِّطًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا في مِقْدَارِ الضَّمَانِ. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ من مِثْلِهَا أو قِيمَتِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ يوم التَّلَفِ فَيُصْرَفُ في مِثْلِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيِّ. فَعَلَى الْأَوَّلِ تَكُونُ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ من الْإِيجَابِ إلَى التَّلَفِ وهو الصَّحِيحُ على هذا الْقَوْلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ. وقال في التَّبْصِرَةِ من الْإِيجَابِ إلَى النَّحْرِ. وَقِيلَ من التَّلَفُ إلَى وُجُوبِ النَّحْرِ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ. قال في الْقَوَاعِدِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِأَكْثَرِ الْقِيمَتَيْنِ من يَوْمِ الْإِتْلَافِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ أو من حِينِ التَّلَفِ إلَى جَوَازِ الذَّبْحِ عِنْدَ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالشِّيرَازِيِّ وَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى. ولم أَرَ ذلك عَمَّنْ ذَكَرَ. قوله فَإِنْ ضمنها [ضمنهما] بِمِثْلِهَا وَأَخْرَجَ فَضْلَ الْقِيمَةِ جَازَ وَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً أو سُبْعَ بَدَنَةٍ. بلا نِزَاعَ لَكِنْ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاويين [الحاويين] وَغَيْرِهِمْ يَشْتَرِي بِهِ شَاةً فَإِنْ عَجَزَ فَسَهْمًا من بَدَنَةٍ انْتَهَى. وقال في الْمُحَرَّرِ كَالْمُصَنِّفِ فَإِنْ لم يَبْلُغْ ثَمَنَ شَاةٍ وَلَا سُبْعَ بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا فَتَصَدَّقَ بِهِ أو تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ. فَخَيَّرَهُ الْمُصَنِّفُ إذَا لم يَبْلُغْ الْفَاضِلُ ما يَشْتَرِي بِهِ دَمًا خَيَّرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ لَحْمًا يتصدق [تصدق] بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ شِرَاءُ لَحْمٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وما زَادَ مِنْهُمَا اشْتَرَى بِالْفَضْلَةِ شَاةً فَإِنْ عَجَزَ فَسَهْمًا من بَدَنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ فَلَحْمًا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَقِيلَ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ.
فوائد: منها [منهما] قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ لم يَضْمَنْهَا بِلَا نِزَاعٍ وَعِنْدَ. الْأَكْثَرِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ قبل ذَبْحِهِ أو بَعْدَهُ نَصَّ عليه وَنَقَلَ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وأبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ كَالزَّكَاةِ. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وهو بَعِيدٌ. وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ إذَا نَذَرَ أُضْحِيَّةً أو الصَّدَقَةَ بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فتلفت [فتلف] فَهَلْ يَضْمَنُهَا على رِوَايَتَيْنِ وقال جَمَاعَةٌ منهم الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَلَوْ تَمَكَّنَ من الْفِعْلِ نَظَرًا إلَى عَدَمِ تعيين [تعين] مُسْتَحِقٍّ كَالزَّكَاةِ وَإِلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ كَالْعَبْدِ الْجَانِي. وقال أبو الْمَعَالِي إنْ تَلِفَتْ قبل التَّمَكُّنِ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ شَرْعًا ضَمِنَ وَإِنْ قُلْنَا مَسْلَكَ التَّبَرُّعِ لم يَضْمَنْ انْتَهَى. وَمِنْهَا لو فَقَأَ عَيْنَهَا تَصَدَّقَ بِالْأَرْشِ. وَمِنْهَا لو [أو] مَرِضَتْ فَخَافَ عليها فَذَبَحَهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا وَلَوْ تَرَكَهَا فَمَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عليه قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِنْهَا لو ضَحَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عن نَفْسِهِ بِأُضْحِيَّةِ الْآخَرِ غَلَطًا كَفَتْهُمَا وَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْقِيَاسُ ضِدُّهُمَا وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ في اثْنَيْنِ ضَحَّى هذا بِأُضْحِيَّةِ هذا وَهَذَا بِأُضْحِيَّةِ هذا يَتَبَادَلَانِ اللَّحْمَ وَيُجْزِئُ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَطِبَ الْهَدْيُ في الطَّرِيقِ نَحَرَهُ في مَوْضِعِهِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَلَكِنْ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لو خَافَ أَنْ يَعْطَبَ ذَبَحَهُ وَفَعَلَ بِهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ وَلَا يَأْكُلُ منه هو وَلَا أَحَدٌ من رُفْقَتِهِ. يَعْنِي يَحْرُمُ عليه الْأَكْلُ هو وَرُفْقَتُهُ من الْهَدْيِ إذَا عَطِبَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَأَبَاحَ الْأَكْلَ منه الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ مع فَقْرِهِ وَاخْتَارَ في التَّبْصِرَةِ إبَاحَتَهُ لِرَفِيقِهِ الْفَقِيرِ. وَقَوْلُهُ وَلَا أَحَدٌ من رُفْقَتِهِ قال في الْوَجِيزِ وَلَا يَأْكُلُ هو وَلَا خَاصَّتُهُ منه. قُلْت وهو مُرَادُ غَيْرِهِ. وقد صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الرُّفْقَةَ الَّذِينَ معه مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ في السَّفَرِ. قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَيَّبَتْ ذَبَحَهَا وَأَجْزَأَتْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَاجِبَةً قبل التَّعْيِينِ كَالْفِدْيَةِ وَالْمَنْذُورَةِ في الذِّمَّةِ فإن عليه بَدَلَهَا. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تعيب [تعين] ما عَيَّنَهُ فَتَارَةً يَكُونُ قد عَيَّنَهُ عن وَاجِبٍ في ذِمَّتِهِ كَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ في النُّسُكِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أو بِفِعْلِ مَحْظُورٍ أو وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَتَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا بِنَفْسِ التَّعْيِينِ فَإِنْ كان وَاجِبًا بِنَفْسِ التَّعْيِينِ مِثْلَ ما لو وَجَبَ أُضْحِيَّةٌ سَلِيمَةٌ ثُمَّ حَدَثَ بها عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ من غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُنَا عليه ذَبْحُهُ وقد أَجْزَأَ عنه كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو الْمَذْهَبُ وَنَصَّ عليه فِيمَنْ جَرَّهَا بِقَرْنِهَا إلَى الْمَنْحَرِ فَانْقَلَعَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال الْقَاضِي الْقِيَاسُ لَا تُجْزِئُهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَخْرُجُ بِالْعَيْبِ عن كَوْنِهَا أُضْحِيَّةً قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ فإذا زَالَ الْعَيْبُ عَادَتْ أُضْحِيَّةً كما كانت ذَكَرَه ابن عقيل في عُمْدَةِ الْأَدِلَّةِ. فَلَوْ تعيبت [تعينت] هذه بِفِعْلِهِ فَلَهُ بَدَلُهَا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ. وَإِنْ كان مُعَيَّنًا عن وَاجِبٍ في الذِّمَّةِ وَتَعَيَّبَ أو تَلِفَ أو ضَلَّ أو عَطِبَ. أو سُرِقَ أو نحو ذلك لم يُجْزِئْهُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ وَيَلْزَمُ أَفْضَلُ مِمَّا في الذِّمَّةِ إنْ كان تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ. قال الْإِمَامُ احمد من سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا فَعَطِبَ أو مَاتَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَإِنْ نَحَرَهُ جَازَ أَكْلُهُ منه وَيُطْعِمُ لِأَنَّ عليه الْبَدَلَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال كَذَا قال وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَفْعَلُ بِهِ ما شَاءَ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ انْتَهَى. وفي بُطْلَانِ تَعْيِينِ الْوَلَدِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وقال في الْفُصُولِ في تَعْيِينِهِ هُنَا احْتِمَالَانِ. قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ إذَا قُلْنَا يَبْطُلُ تَعْيِينُهَا وَتَعُودُ إلَى مَالِكِهَا اُحْتُمِلَ أَنْ يَبْطُلَ التَّعْيِينُ في وَلَدِهَا تَبَعًا كما ثَبَتَتْ تَبَعًا قِيَاسًا على نَمَائِهَا الْمُتَّصِلِ بها وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَبْطُلَ وَيَكُونَ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ تَبِعَهَا في الْوُجُوبِ حَالَ اتِّصَالِهِ بها ولم يَتْبَعَهَا في زَوَالِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَصِلًا عنها فَهُوَ كَوَلَدِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ إذَا وُلِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ في وَلَدِهَا وَالْمُدَبَّرَةُ إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا فَبَطَلَ تَدْبِيرُهَا لَا يَبْطُلُ في وَلَدِهَا انْتَهَى. وَقَدَّمَ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا. قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَعْيِينُهُ لِأَنَّهُ بوجوده [بوحوده] قد صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ أُمِّهِ لَكِنْ تَعَذَّرَ في الْأُمِّ فَبَقِيَ حُكْمُ الْوَلَدِ بَاقِيًا. قَوْلُهُ وَهَلْ له اسْتِرْجَاعُ هذا الْعَاطِبِ وَالْمَعِيبِ إلَى مِلْكِهِ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا ليس له اسْتِرْجَاعُهُ إلَى مِلْكِهِ إذَا كان مُعَيَّنًا لِأَنَّهُ قد تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ ليس له اسْتِرْجَاعُهُ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ. والرواية [الرواية] الثَّانِيَةُ له اسْتِرْجَاعُهُ إلَى مِلْكِهِ فَيَصْنَعُ بِهِ ما شَاءَ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن أبي مُوسَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ. قَوْلُهُ وكذلك إذَا ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا. يَعْنِي أَنَّ في اسْتِرْجَاعِ الضَّالِّ إلَى مِلْكِهِ إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ ذَبْحِ بَدَلِهِ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ فَالْحُكْمَانِ وَاحِدٌ وَالْمُذْهَبُ هُنَا كَالْمَذْهَبِ هُنَاكَ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فَإِنَّهُمَا قَطَعَا بِأَنَّهُ يَذْبَحُ الْبَدَلَ وَالْمُبْدَلَ ولم يَحْكِيَا خِلَافًا وَلَكِنْ خَرَّجَا تَخْرِيجًا أَنَّهُ كَالْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا. وقال ابن مُنَجَّا وَيَقْوَى لُزُومُ ذَبْحِهِ مع ذَبْحِ الْوَاجِبِ حَدِيثٌ ذَكَرَهُ فَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى التَّفْرِقَةِ إمَّا لِأَجْلِ الحديث أو لِأَنَّ الْعَاطِبَ وَالْمَعِيبَ قد تَعَذَّرَ إجْزَاؤُهُ عن الْوَاجِبِ فَخَرَجَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ من ذلك إلَى بَدَلِهِ وَأَمَّا الضَّالُّ فَحَقُّ الْفُقَرَاءِ فيه بَاقٍ وَإِنَّمَا امتنع حَقُّهُمْ لِتَعَذُّرِهِ وهو فَقْدُهُ وَجَزَمَ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ يَذْبَحُ الْبَدَلَ وَالْمُبْدَلَ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قَوْلُهُ فَصْلٌ. سَوْقُ الْهَدْيِ مَسْنُونٌ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ وَيَجْمَعُ فيه بين الْحِلِّ وَالْحَرَمِ. بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ اشْتَرَاهُ في الْحَرَمِ ولم يُخْرِجْهُ إلَى عَرَفَةَ وَذَبَحَهُ كَفَاهُ نَصَّ عليه. قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إشْعَارُ الْبَدَنَةِ فَيَشُقُّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا حتى يَسِيلَ الدَّمُ وَكَذَا ما لَا سَنَامَ له من الْإِبِلِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الشَّقُّ في صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْيُمْنَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ الشَّقُّ من الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ أَوْلَى وَعَنْهُ الْخِيَرَةُ وَأَطْلَقَهُنَّ في التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كلام الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْعِرُ غير السَّنَامِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ وقال في الْكَافِي يَجُوزُ إشْعَارُ غَيْرِ السَّنَامِ وَذَكَرَهُ في الْفُصُولِ عن أَحْمَدَ. وظاهر [وظاهره] كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْعِرُ غير الْإِبِلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَيُسَنُّ إشْعَارُ مَكَانِ ذلك من الْبَقَرِ. قَوْلُهُ وَيُقَلِّدُهَا وَيُقَلِّدُ الْغَنَمَ النَّعْلَ نَصَّ عليه وَآذَانُ الْقِرَبِ وَالْعُرَى. هذا الْمَذْهَبُ يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيدُ الْهَدْيِ كُلِّهِ من الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْمُنْتَخَبِ يُقَلِّدُ الْغَنَمَ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ تَقْلِيدُ الْبُدْنَ جَائِزٌ وقال الْإِمَامُ. أَحْمَدُ الْبُدْنُ تُشْعَرُ وَالْغَنَمُ تُقَلَّدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُوقَهُ حتى يُشْعِرَهُ وَيُجَلِّلَهُ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ وَيُقَلِّدَهُ نَعْلًا أو عِلَاقَةَ قِرْبَةٍ. قَوْلُهُ وإذا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا فَأَقَلُّ ما يُجْزِئُهُ شَاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ. وَكَذَا سُبْعُ بَقَرَةٍ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو ذَبَحَ بَدَنَةً فَالصَّحِيحُ وُجُوبُهَا كُلُّهَا قَدَّمَهُ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عقيل. وَقِيلَ الْوَاجِبُ سُبْعُهَا فَقَطْ وَالْبَاقِي له أَكْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فيه وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في آخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وكل [كل] هَدْيٍ ذَكَرْنَاهُ يُجْزِئُ فيه شَاةٌ أو سُبْعُ بَدَنَةٍ وَذَكَرْنَا فائدة: الْخِلَافِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ وإذا نَذَرَ بَدَنَةً أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ. إذَا نَذَرَ بَدَنَةً فَتَارَةً يَنْوِي وَتَارَةً يُطْلِقُ فَإِنْ نَوَى فقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَلْزَمُهُ ما نَوَاهُ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَفِي إجْزَاءِ الْبَقَرَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ. إحْدَاهُمَا تُجْزِئُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُجْزِئُ الْبَقَرَةُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عنه. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ وَجَبَتْ عليه بَدَنَةٌ أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ في آخِرِ بَابِ الْفِدْيَةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ أَجْزَأَهُ ما عَيَّنَهُ صَغِيرًا كان أو كَبِيرًا من الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ إيصَالُهُ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُ بِمَوْضِعٍ سِوَاهُ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ بِنَذْرِهِ شيئا إلَى مَكَّةَ أو جَعَلَ دَرَاهِمَ هَدْيًا فَهُوَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وابن هَانِئٍ وَيَبْعَثُ ثَمَنَ غَيْرِ الْمَنْقُولِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يُلْقِيَ فِضَّةً في مَقَامِ إبْرَاهِيمَ يُلْقِيهِ بِمَكَانِ نَذْرِهِ وَاسْتَحَبَّه ابن عقيل فَيُكَفِّرُ إنْ لم يُلْقِهِ وهو لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ. وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وابن عَقِيلٍ في الْمُفْرَدَاتِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ له أَنْ يَبْعَثَ ثَمَنَ الْمَنْقُولِ. وقال ابن عَقِيلٍ ويقدمه [وقدمه] وَيَبْعَثُ الْقِيمَةَ وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ إنْ نَذَرَ بدنه فَلِلْحَرَمِ لَا جَزُورًا وَإِنْ نَذَرَ جَذَعَةً كَفَتْ ثَنِيَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ جَعَلَ على نَفْسِهِ أَنْ يُضَحِّيَ كُلَّ عَامٍ بِشَاتَيْنِ فَأَرَادَ عَامًا أَنْ يُضَحِّيَ بِوَاحِدَةٍ إنْ كان نَذَرَ فَيُوفِي بِهِ وَإِلَّا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ قال إنْ لَبِسْت ثَوْبًا من غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَلَبِسَهُ أَهْدَاهُ أو ثَمَنُهُ على الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْكُلَ من هَدْيِهِ. شَمَلَ مَسْأَلَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا فَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ منه بِلَا نِزَاعٍ وَحُكْمُ الْأَكْلِ هُنَا وَالتَّفْرِقَةِ كَالْأُضْحِيَّةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن عقيل وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لَا يَأْكُلُ هُنَا إلَّا الْيَسِيرَ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بِالتَّعْيِينِ من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا في ذِمَّتِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ منه أَيْضًا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ منه قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَلَا يَأْكُلُ من وَاجِبٍ إلَّا من دَم الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الْأَشْهَرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ إلَّا من دَمِ الْمُتْعَةِ فَقَطْ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. لَكِنْ قال الزَّرْكَشِيُّ كَأَنَّ الْخِرَقِيَّ اسْتَغْنَى بِذِكْرِ التَّمَتُّعِ عن الْقِرَانِ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَمَتُّعٍ لِتَرَفُّهِهِ بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ انْتَهَى. وقال الْآجُرِّيُّ لَا يَأْكُلُ من هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ أَيْضًا وَقَدَّمَهُ في الرَّوْضَةِ. وَعَنْهُ يَأْكُلُ من الْكُلِّ إلَّا من النَّذْرِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ. وَأَلْحَقَ بن أبي مُوسَى بِهِمَا الْكَفَّارَةَ وَجَوَّزَ الْأَكْلَ مِمَّا عَدَا ذلك. وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ جَوَازَ الْأَكْلِ من الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ كَالْأُضْحِيَّةِ على رِوَايَةِ وُجُوبِهَا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ على خِلَافِ ذلك.
فوائد: إحْدَاهَا اسْتَحَبَّ الْقَاضِي الْأَكْلَ من دَمِ الْمُتْعَةِ. الثَّانِيَةُ ما جَازَ له أَكْلُهُ جَازَ له هَدِيَّتُهُ وما لَا فَلَا فَإِنْ فَعَلَ ضَمَّنَهُ بمثله لَحْمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ وقال في النَّصِيحَةِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ بِلَا نِزَاعٍ فيه. الثَّالِثَةُ لو مَنَعَهُ الْفُقَرَاءَ حتى أَنْتَنَ فقال في الْفُصُولِ عليه قِيمَتُهُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَهُ فَقَطْ. قُلْت يَتَوَجَّهُ أَنْ يَضْمَنَهُ بمثله حَيًّا أَشْبَهَ الْمَعِيبَ الْحَيَّ. قَوْلُهُ وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال في الرِّعَايَةِ فَيُكْرَهُ تَرْكُهَا مع الْقُدْرَةِ نَصَّ عليه. وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ مع الْغِنَى ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عن أبي بَكْرٍ وَخَرَّجَهَا أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ من التَّضْحِيَةِ عن الْيَتِيمِ. وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ على الْحَاضِرِ الْغَنِيِّ.
فائدة: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُضَحِّي مُسْلِمًا تَامَّ الْمِلْكِ فَلَا يُضَحِّي الْمُكَاتَبُ مُطْلَقًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُضَحِّي بِإِذْنٍ سيده كَالرَّقِيقِ وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَتَبَرَّعُ منها بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ من الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا. وكذا الْعَقِيقَةُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليهما وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ تَعْيِينُ ما تَقَدَّمَ في صَدَقَةٍ مع غَزْوٍ وَحَجٍّ. قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ ثُلُثَهَا وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا وَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ جَازَ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال أبو بَكْرٍ يَجِبُ إخْرَاجُ الثُّلُثِ هَدِيَّةً وَالثُّلُثِ الْآخَرِ صَدَقَةً نَقَلَهُ عنه. بن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا فيه قال أبو بَكْرٍ في ال تنبيه: لَا يَدْفَعُ إلَى الْمَسَاكِينِ ما يَسْتَحْيِي من تَوْجِيهِهِ إلَى خَلِيطِهِ. قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا يَتَصَدَّقُ بِمَا دُونَهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي من هَدِيَّةِ ذلك وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُجْزِئَ في الصَّدَقَةِ إلَّا ما جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُتَهَادَى بمثله [بمثاله] انْتَهَى. قُلْت حكى هذا الْأَخِيرُ قَوْلًا في الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لو تَصَدَّقَ منها بِأُوقِيَّةٍ كَفَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ. فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَاجِبَ أَقَلُّ ما يُجْزِئُ في الصَّدَقَةِ على ما يَأْتِي.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا هذا الْحَكَمُ إذَا قُلْنَا هِيَ سُنَّةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا وَاجِبَةٌ فَيَجُوزُ له الْأَكْلُ منها على الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ منها قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ له أَكْلُ الثُّلُثِ صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَقَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَأْكُلُ كما يَأْكُلُ من دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ. وَيَأْتِي هذا أَيْضًا قَرِيبًا. الثَّانِي يُسْتَثْنَى من كلام [كلم] الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ الصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ أُضْحِيَّةُ الْيَتِيمِ إذَا قُلْنَا يُضَحَّى عنه على ما يَأْتِي في بَابِ الْحَجْرِ فإن الْوَلِيَّ لَا يَتَصَدَّقُ منها بِشَيْءٍ وَيُوَفِّرُهَا له لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ بِشَيْءٍ من مَالِهِ تَطَوُّعًا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ. قُلْت لو قِيلَ بِجَوَازِ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ منها بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَكَانَ مُتَّجَهًا. وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا من ذلك الْمُكَاتَبُ إذَا ضَحَّى على ما قَطَعَ بِهِ في الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَبَرَّعُ منها بِشَيْءٍ.
فوائد: إحْدَاهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَفْضَلِهَا وَيُهْدِيَ الْوَسَطَ وَيَأْكُلَ الْأَدْوَنَ قَالَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْإِطْلَاقُ. وكان من شِعَارِ السَّلَفِ أَكْلُ لُقْمَةٍ من الْأُضْحِيَّةِ من كَبِدِهَا أو غَيْرِهَا تَبَرُّكًا قَالَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الْكَافِرَ منها إذَا كانت تَطَوُّعًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَمَّا الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ منها كَالزَّكَاةِ وَلِهَذَا قِيلَ لَا بُدَّ من دَفْعِ الْوَاجِبِ إلَى الْفَقِيرِ وَتَمْلِيكِهِ إيَّاهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِهْدَاءِ فإنه يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَى غَنِيٍّ وَإِطْعَامُهُ انْتَهَى. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَجُوزُ الْهَدِيَّةُ من نَقَلَهَا إلَى غَنِيٍّ وَقِيلَ من وَاجِبِهَا إنْ جَازَ الْأَكْلُ منها وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثَةُ يُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ الْفَقِيرِ فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَسُنَّ أَنْ يُفَرِّقَ اللَّحْمَ رَبُّهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ جَازَ. الرَّابِعَةُ الصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ من الْأَضَاحِيِّ مُطْلَقًا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إلَّا في مَجَاعَةٍ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَحْرِيمِ الِادِّخَارِ. قُلْت اخْتَارَ هذا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو ظَاهِرُ في الْقُوَّةِ. الْخَامِسَةُ لو مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا أو تَعْيِينِهَا قام وَارِثُهُ مَقَامَهُ ولم تُبَعْ في دَيْنِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقُلْت إنْ وَجَبَ بِنَذْرٍ أو غَيْرِهِ وَلَهُمْ أَكْلُ ما كان له أَكْلُهُ منها وَيَلْزَمُهُمْ زَكَاتُهَا إنْ مَاتَ قَبْلَهَا. ثُمَّ قال قُلْت إنْ كان دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا فَإِنْ كان قد ذَكَّاهَا أو أَوْجَبَهَا في مَرَضِ مَوْتِهِ فَهَلْ تُبَاعُ كُلُّهَا أو ثُلُثَاهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا هل يَجُوزُ الْأَكْلُ من الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ أَمْ لَا. قَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَهَا كُلَّهَا ضَمِنَ أَقَلَّ ما يُجْزِئُ في الصَّدَقَةِ منها. وَهَذَا مُفَرَّعٌ على الْمَذْهَبِ من أنها مُسْتَحَبَّةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ يَضْمَنُ الثُّلُثَ جَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ يَضْمَنُ ما جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَدَقَتِهِ. وَأَمَّا على الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فقال أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَأْكُلُ كما يَأْكُلُ من دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وقال في الرِّعَايَةِ يَأْكُلُ الثُّلُثَ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ حُكْمَ الْهَدْيِ المتطوع [المقطوع] بِهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ في هذه الْأَحْكَامِ على الصَّحِيحِ. قَوْلُهُ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ فَلَا يَأْخُذُ من شَعْرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شيئا. اخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ في ذلك فقال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ كما قال الْمُصَنِّفُ فَظَاهِرُهُ إدْخَالُ الظُّفْرِ وَغَيْرِهِ من الْبَشَرَةِ وَصَرَّحَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ بِذِكْرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالْبَشَرَةِ.
. وقال في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وابن رَجَبٍ وَغَيْرِهِمْ لَا يَأْخُذُ شَعْرًا وَلَا ظُفْرًا. فَظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ على الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ ولم أَرَ في ذلك خِلَافًا. فَلَعَلَّ من خَصَّ الشَّعْرَ وَالظُّفْرَ أَرَادَ ما في مَعْنَاهُمَا أو أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ غَيْرُهُمَا فَاقْتَصَرُوا على الْغَالِبِ. قَوْلُهُ وَهَلْ ذلك حَرَامٌ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الزَّرْكَشِيّ. أَحَدُهُمَا هو حَرَامٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَمُصَنَّفِ بن أبي الْمَجْدِ وَيَحْرُمُ في الْأَظْهَرِ. وقال في الْفَائِقِ وَالْمَنْصُوصُ تَحْرِيمُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَنَسَبَهُ إلَى الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الزَّرْكَشِيّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. والوجه [الوجه] الثَّانِي يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَتَبْصِرَةِ الْوَعْظِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وابن رَزِينٍ وقال إنَّهُ أَظْهَرُ. قُلْت وهو أَوْلَى وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ الْكَرَاهَةَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ فَلَيْسَ عليه إلَّا التَّوْبَةُ وَلَا فِدْيَةَ عليه إجْمَاعًا. وَيَنْتَهِي الْمَنْعُ بِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ كما صَرَّحَ بِه ابن أبي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْمَذْهَبِ الأحمد [الأحمدي] وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ.
فائدة: يُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ بَعْدَ الذَّبْحِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال أَحْمَدُ وهو على ما فَعَل ابن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَوْلُهُ وَالْعَقِيقَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. يَعْنِي على الْأَبِ وَسَوَاءٌ كان الْوَلَدُ غَنِيًّا أو فَقِيرًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وأبو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ وأبو الْوَفَاءِ.
فوائد: الْأُولَى قَوْلُهُ وَالْمَشْرُوعُ أَنْ يَذْبَحَ عن الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ مع الْوِجْدَانِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الشَّاتَانِ مُتَقَارِبَتَيْنِ في السِّنِّ وَالشَّبَهِ نَصَّ عليه فَإِنْ عَدِمَ الشَّاتَانِ فَوَاحِدَةٌ فَإِنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ ما يُغْنِي فقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَقْتَرِضُ وَأَرْجُو أَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عليه. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقْتَرِضُ مع وَفَاءٍ وَيَنْوِيهِ عَقِيقَةً. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إنْ خَالَفَ وَعَقَّ عن الذَّكَرِ بِكَبْشٍ أَجْزَأَ. الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ يوم سَابِعِهِ. قال في الرَّوْضَةِ من مِيلَادِ الْوَلَدِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ يُسْتَحَبُّ ذَبْحُ الْعَقِيقَةِ ضَحْوَةَ النَّهَارِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَذَكَرَ بن الْبَنَّاءِ أَنَّهُ يَذْبَحُ إحْدَى الشَّاتَيْنِ يوم الْوِلَادَةِ وَالْأُخْرَى يوم سَابِعِهِ. الثَّالِثَةُ ذَبْحُهَا يوم السَّابِعِ أَفْضَلُ وَيَجُوزُ ذَبْحُهَا قبل ذلك وَلَا يَجُوزُ قبل الْوِلَادَةِ. الرَّابِعَةُ لو عَقَّ بِبَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ لم يُجْزِهِ إلَّا كَامِلَةً نَصَّ عليه قال في النِّهَايَةِ وَأَفْضَلُهُ شاة قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في أُضْحِيَّةٍ. الْخَامِسَةُ يُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ يوم السَّابِعِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ أو قَبْلَهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ في آدَابِهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ يوم الْوِلَادَةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلْأَبِ لَا لِلْأُمِّ. السَّادِسَةُ لو اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ فَهَلْ يُجْزِئُ عن الْعَقِيقَةِ إنْ لم يَعُقَّ فيه رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ الْإِجْزَاءُ. قال في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ أَرْجُو أَنْ تُجْزِئَ الْأُضْحِيَّةُ عن الْعَقِيقَةِ. قال في الْقَوَاعِدِ وفي مَعْنَاهُ لو اجْتَمَعَ هَدْيٌ وَأُضْحِيَّةٌ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ لَا تَضْحِيَةَ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا هو الْهَدْيُ. قَوْلُهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ وَرِقًا يوم السَّابِعِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرَّوْضَةِ ليس في حَلْقِ رَأْسِهِ وَوَزْنِ شَعْرِهِ سُنَّةٌ أَكِيدَةٌ وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ وَالْعَقِيقَةُ هِيَ السُّنَّةُ.
تنبيه: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَلْقِ الذَّكَرُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ لَا فَرْقَ في اسْتِحْبَابِ الحق [الحلق] بين الذُّكُورِ والإناث [وللإناث] قال وَلَعَلَّهُ يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ إلَّا الْإِنَاثَ يُكْرَهُ في حَقِّهِنَّ الْحَلْقُ. قال ابن حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ يَحْلِقُ.
فائدة: يُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ بِدَمِ الْعَقِيقَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِه ابن البنا في الْخِصَالِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ هو سُنَّةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ بَلْ يُلَطَّخُ بِخَلُوقٍ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَوْلَى قال ابن الْبَنَّا وأبو حَكِيمٍ هو أَفْضَلُ من الدَّمِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ فَاتَ يَعْنِي لم لكن [يكن] في سَبْعٍ فَفِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ. أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ الْأَسَابِيعَ بَعْدَ ذلك فَيَعُقُّ بَعْدَ ذلك في أَيِّ يَوْمٍ أَرَادَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظاهر [ظاهره] كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَه ابن رزين في شَرْحِهِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ أو ما بَعْدَهُ. قال في الْكَافِي فَإِنْ أَخَّرَهَا عن إحْدَى وَعِشْرِينَ ذَبَحَهَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ قد تَحَقَّقَ سَبَبُهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُسْتَحَبُّ اعْتِبَارُهَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ في الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَإِنْ فَاتَ فَفِي الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ وَعَلَى هذا فَقِسْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيد الْعِنَايَةِ. وَعَنْهُ تَخْتَصُّ الْعَقِيقَةُ بِالصَّغِيرِ.
فائدة: لَا يَعُقُّ غَيْرُ الْأَبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرَّوْضَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ إذَا بَلَغَ عَقَّ عن نَفْسِهِ. قال في الرِّعَايَةِ تَأَسِّيًا بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَطْلَقَهُمَا في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قال الْحَافِظُ بن حَجَرٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ الْحَنَابِلَةِ يَتَعَيَّنُ الْأَبُ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بِمَوْتٍ أو امْتِنَاعٍ. قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ. هَكَذَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَيُسْتَثْنَى من ذلك أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فيها شِرْكٌ في بَدَنَةٍ وَلَا بَقَرَةٍ كما تَقَدَّمَ وَأَنَّهُ يَنْزِعُهَا أَعْضَاءً وَلَا يَكْسِرُ لها عَظْمًا على الْقَوْلَيْنِ. وَالْمَنْصُوصُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُبَاعُ الْجِلْدُ وَالرَّأْسُ وَالسَّوَاقِطُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَحَمَل ابن مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ على ذلك. قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتُشَارِكُهَا في أَكْثَرِ أَحْكَامِهَا كَالْأَكْلِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالضَّمَانِ وَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالزَّكَاةِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذلك وَيَجُوزُ بَيْعُ جِلْدِهَا وَسَوَاقِطِهَا وَرَأْسِهَا وَالصَّدَقَةُ بِثَمَنِهَا نَصَّ عليه انْتَهَى. قال أبو الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُنْقَلَ حُكْمُ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى فَيَخْرُجُ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَحُكْمُهَا فِيمَا يُجْزِئُ من الْحَيَوَانِ وما يُجْتَنَبُ فيها من الْعُيُوبِ وَغَيْرِهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ. قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا من حَيْثُ إنَّ الْأُضْحِيَّةَ ذَبِيحَةٌ شُرِعَتْ. يوم النَّحْرِ فَأَشْبَهَتْ الْهَدْيَ وَالْعَقِيقَةُ شُرِعَتْ عِنْدَ سُرُورٍ حَادِثٍ وَتَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أَشْبَهَتْ الذَّبْحَ في الْوَلِيمَةِ وَلِأَنَّ الذَّبِيحَةَ لم تَخْرُجْ عن مِلْكِهِ هُنَا فَكَانَ له أَنْ يَفْعَلَ فيها ما شَاءَ من بَيْعٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى. قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالتَّفْرِقَةُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ. ولم يَعْتَبِرْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّمْلِيكَ. وقال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَإِنْ طَبَخَهَا وَدَعَا إخْوَانَهُ فَحَسَنٌ.
فوائد: إحْدَاهَا طَبْخُهَا أَفْضَلُ نَصَّ عليه. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يَشُقُّ عليهم قال يَتَحَمَّلُونَ ذلك. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُطْبَخَ منها طَبِيخٌ حُلْوٌ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ اخلاقه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وقال أبو بَكْرٍ في ال تنبيه: يُسْتَحَبُّ أَنْ يعطي الْقَابِلَةُ منها فَخْذًا. الثَّانِيَةُ يُؤَذَّنُ في أُذُنِ الْمَوْلُودِ حين يُولَدُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ يُؤَذَّنُ في الْيُمْنَى وَيُقَامُ في الْيُسْرَى. الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَنَّكَ بِتَمْرَةٍ وقال في الرِّعَايَةِ بِتَمْرٍ أو حُلْوٍ أو غَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ مَتَى يُخْتَنُ في بَابِ السِّوَاكِ. قَوْلُهُ وَلَا تُسَنُّ الْفُرْعَةُ وَهِيَ ذَبْحُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ وَلَا الْعَتِيرَةُ وَهِيَ ذَبِيحَةُ رَجَبٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ يُكْرَهُ ذلك وَلَا يُنَافِيهِ ما تَقَدَّمَ.
|