الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
تنبيه: يُسْتَثْنَى من قَوْلِهِ كُلُّ إنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ عَظْمُ الْآدَمِيِّ فإنه لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ وَيُسْتَثْنَى الْمَغْصُوبُ لَكِنْ ليس بِوَارِدٍ على الْمُصَنِّفِ وَلَا على غَيْرِهِ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ مُبَاحٌ من حَيْثُ الْجُمْلَةِ وَلَكِنْ عُرِضَ له ما أَخْرَجَهُ عن أَصْلِهِ وهو الْغَصْبُ. قَوْلُهُ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ إلَّا أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيَّ كَرِهَ الْوُضُوءَ من إنَاءٍ نُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَصُفْرٍ وَالنَّصُّ عَدَمُهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَالَهُ وَأَبَا الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيَّ كَرِهَ الْوُضُوءَ من إنَاءٍ ثَمِينٍ كَبِلَّوْرٍ وَيَاقُوتٍ ذَكَرَهُ عنه ابن الصَّيْرَفِيِّ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَحْتَمِلُ الْحَدِيدُ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ إلَّا آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمُضَبَّبِ بِهِمَا فإنه يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُمَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ منهم الْخِرَقِيُّ. وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْخِصَالِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وابن رَزِينٍ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِمَا وَغَيْرُهُمْ. قال الْمُصَنِّفُ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيمَا عَلِمْنَا في تَحْرِيمِ اتِّخَاذِ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُمَا وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَجْهًا في الْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَحَكَى بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ عن أبي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ أَنَّهُ قال إذَا اتَّخَذَ مِسْعَطًا أو قِنْدِيلًا أو نَعْلَيْنِ أو مِجْمَرَةً أو مِدْخَنَةً ذَهَبًا أو فِضَّةً كُرِهَ ولم يَحْرُمْ وَيَحْرُمُ سَرِيرٌ وَكُرْسِيٌّ وَيُكْرَهُ عَمَلُ خُفَّيْنِ من فِضَّةٍ وَلَا يَحْرُمُ كَالنَّعْلَيْنِ وَمَنَعَ من الشَّرْبَةِ وَالْمِلْعَقَةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا حَكَاهُ وهو غَرِيبٌ. قُلْت هذا بَعِيدٌ جِدًّا وَالنَّفْسُ تَأْبَى صِحَّةَ هذا. قَوْلُهُ وَاسْتِعْمَالُهَا. يَعْنِي يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا بَلْ يُكْرَهُ. قُلْت وهو ضَعِيفٌ جِدًّا. قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ النَّهْيَ عن اسْتِعْمَالِ ذلك نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ مِنْهُمَا مع قَوْلِهِ بِالْكَرَاهَةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا فَهَلْ تَصِحُّ طَهَارَتُهُ على وَجْهَيْنِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ منها وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وبن. عُبَيْدَانَ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْحَارِثِيُّ ذَكَرَهُ في الْغَصْبِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْوَجِيزِ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ مع الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ كما تَقَدَّمَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ منها جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ منها في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ.
فائدة: الْوُضُوءُ فيها كَالْوُضُوءِ منها وَلَوْ جَعَلَهَا مَصَبًّا لِفَضْلِ طَهَارَتِهِ فَهُوَ كَالْوُضُوءِ منها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ هُنَا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا حُكْمُ الْمُمَوَّهِ والمطلى الْمُطَعَّمِ وَالْمُكَفَّفِ وَنَحْوِهِ بِأَحَدِهِمَا كَالْمُصْمَتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ بَقِيَ لَوْنُ الذَّهَبِ أو الْفِضَّةِ وَقِيلَ وَاجْتَمَعَ منه شَيْءٌ إذَا حُكَّ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا قال أَحْمَدُ لَا تُعْجِبُنِي الْحِلَقُ وَعَنْهُ هِيَ من الْآنِيَةِ وَعَنْهُ أَكْرَهُهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ هِيَ كَالضَّبَّةِ. الثَّانِيَةُ حُكْمُ الطَّهَارَةِ من الْإِنَاءِ الْمَغْصُوبِ حُكْمُ الْوُضُوءِ من آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَعَدَمُ الصِّحَّةِ منه من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لو اشْتَرَى إنَاءً بِثَمَنٍ مُحَرَّمٍ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الضَّبَّةُ يَسِيرَةً من الْفِضَّةِ. اسْتَثْنَى لِلْإِبَاحَةِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً لَكِنْ بِشُرُوطٍ منها أَنْ تَكُونَ ضَبَّةً وَأَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً وَأَنْ تَكُونَ لِحَاجَةٍ ولم يَسْتَثْنِهَا الْمُصَنِّفُ لَكِنْ في كَلَامِهِ أَوْمَأَ إلَيْهَا وَأَنْ تَكُونَ من الْفِضَّةِ وَلَا خِلَافَ في جَوَازِ ذلك بَلْ هو إجْمَاعٌ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَلَا يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَأَمَّا ما يُبَاحُ من الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فَيَأْتِي بَيَانُهُ في بَابِ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ.
فائدة: في الضَّبَّةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى منه. يَسِيرَةٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتُبَاحُ وَكَثِيرَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا تُبَاحُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِبَاحَةَ إذَا كانت أَقَلَّ مِمَّا هِيَ فيه. وَكَثِيرَةٌ لِحَاجَةٍ فَلَا تُبَاحُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وهو ظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْمُصَنِّفُ هُنَا وَفُرُوعِ أبي الْحُسَيْنِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وابن رَزِينٍ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِمَا وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وهو مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. وَيَسِيرَةٌ لِحَاجَةٍ فَلَا تُبَاحُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَفُرُوعِ أبي الْحُسَيْنِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَغَيْرُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُذْهَبِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ قال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِنْ كان التَّضْبِيبُ بِالْفِضَّةِ وكان يَسِيرًا على قَدْرِ حَاجَةِ الْكَسْرِ فَمُبَاحٌ قال النَّاظِمُ وهو الْأَقْوَى قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا تُبَاحُ الْيَسِيرَةُ لِزِينَةٍ في الْأَظْهَرِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ منهم الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْفَائِقِ وَتُبَاحُ الْيَسِيرَةُ لِغَيْرِهَا في الْمَنْصُوصِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُسْتَثْنَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ فقال في الْيَسِيرِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أو لِحَاجَةٍ أَوْجُهٌ التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَقِيلَ فَرْقٌ بين الْحَلْقَةِ وَنَحْوِهَا وَغَيْرِ ذلك فَيَحْرُمُ في الْحَلْقَةِ وَنَحْوِهَا دُونَ غَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا في بَعْضِ كُتُبِهِ وَتَقَدَّمَ النَّصُّ في الْحَلْقَةِ.
تنبيه: فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ يُبَاحُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشِّيرَازِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ.
فائدة: حَدُّ الْكَثِيرِ ما عُدَّ كَثِيرًا عُرْفًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ ما اسْتَوْعَبَ أَحَدَ جَوَانِبِ الْإِنَاءِ وَقِيلَ ما لَاحَ على بُعْدٍ.
تنبيه: شَمِلَ قَوْلُهُ الْمُضَبَّبُ بِهِمَا الضَّبَّةَ من الذَّهَبِ فَلَا تُبَاحُ مُطْلَقًا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ قال أبو بَكْرٍ يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ وقد ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في بَابِ زَكَاةِ الْأَثْمَانِ وَقِيلَ يُبَاحُ لِحَاجَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ في الضَّبَّةِ الْيَسِيرَةِ من الذَّهَبِ الْوَجْهَيْنِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقد غَلِطَ طَائِفَةٌ من الْأَصْحَابِ حَيْثُ حَكَتْ قَوْلًا بِإِبَاحَةِ يَسِيرِ الذَّهَبِ تَبَعًا في الْآنِيَةِ عن أبي بَكْرٍ وأبو بَكْرٍ إنَّمَا قال ذلك في بَابِ اللِّبَاسِ وَالتَّحَلِّي وَهُمَا أَوْسَعُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا يُبَاحُ الِاكْتِحَالُ بِمَيْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهَا حَاجَةٌ وَيُبَاحَانِ لها وَقَالَهُ أبو الْمَعَالِي بن مُنَجَّا أَيْضًا. قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ بها إذَا لم يُبَاشِرْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ. الْمُبَاشَرَةُ تَارَةً تَكُونُ لِحَاجَةٍ وَتَارَةً تَكُونُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كانت لِحَاجَةٍ أُبِيحَتْ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كانت لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا التَّحْرِيمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَا تُبَاشَرُ بِالِاسْتِعْمَالِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَحَرَامٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ انْتَهَى وَلَعَلَّهُ أَرَادَ في الْمُقْنِعِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَحَمَلَ بن مُنَجَّا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه. قُلْت وهو بَعِيدٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخِصَالِ لِابْنِ الْبَنَّا وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُبَاحُ وأطلقهن [أطلقهن] في الْفُرُوعِ وابن تميم وابن عُبَيْدَانَ.
فائدة: الْحَاجَةُ هُنَا أَنْ يَتَعَلَّقَ بها غَرَضٌ غير الزِّينَةِ وَإِنْ كان غَيْرُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَالْكَافِي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخِصَالِ لِابْنِ الْبَنَّا وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُبَاحُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وقال في ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ لَا إلَى كَوْنِهَا من ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فإن هذه ضَرُورَةٌ وَهِيَ تُبِيحُ الْمُفْرَدَ انْتَهَى وَقِيلَ مَتَى قَدَرَ على التَّضْبِيبِ بِغَيْرِهَا لم يَجُزْ أَنْ يُضَبِّبَ بها وهو احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ النِّهَايَةِ وَقِيلَ الْحَاجَةُ عَجْزُهُ عن إنَاءٍ آخَرَ وَاضْطِرَارُهُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةُ الِاسْتِعْمَالِ ما لم تُعْلَمْ نَجَاسَتُهَا. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في نَظْمِهِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ عليه الْأَكْثَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في الْآنِيَةِ وَعَنْهُ كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَ نَاظِمُ الْآدَابِ فيها إبَاحَةَ الثِّيَابِ وَقَطَعَ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي التي قد اسْتَعْمَلُوهَا وَعَنْهُ الْمَنْعُ من اسْتِعْمَالِهَا مُطْلَقًا وَعَنْهُ ما وَلَّى عَوْرَاتِهِمْ كَالسَّرَاوِيلِ وَنَحْوِهِ لَا يصلى فيه اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ في الْكِتَابِيِّ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ فيه وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَعَنْهُ أَنَّ من لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَنَحْوِهِمْ لَا يُسْتَعْمَلُ ما اسْتَعْمَلُوهُ من آنِيَتِهِمْ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ وَلَا يُؤْكَلُ من طَعَامِهِمْ إلَّا الْفَاكِهَةُ وَنَحْوُهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وأطلقهما بن تَمِيمٍ بِعَنْهُ وَعَنْهُ. وَأَمَّا ثِيَابُهُمْ فَكَثِيَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَدْخَلَ الثِّيَابَ في الرِّوَايَةِ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ وَمَنَعَ بن أبي مُوسَى من اسْتِعْمَالِ ثِيَابِهِمْ قبل غَسْلِهَا وَكَذَا ما سَفَلَ من ثِيَابِ أَهْلِ الْكِتَابِ قال الْقَاضِي وَكَذَا من يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ من أَهْلِ الْكِتَابِ في مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُمْ أَكْلُهُ أو يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ أو يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ فقال أَوَانِيهِمْ نَجِسَةٌ لَا يُسْتَعْمَلُ ما اسْتَعْمَلُوهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ قال الشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ قال الْخِرَقِيُّ في شَرْحِهِ وابن أبي مُوسَى لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ قُدُورِ النَّصَارَى حتى تُغْسَلَ وزاد الْخِرَقِيُّ وَلَا أَوَانِي طَبْخِهِمْ دُونَ أَوْعِيَةِ الْمَاءِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى وَقِيلَ لَا يُسْتَعْمَلُ قِدْرُ كِتَابِيٍّ قبل غَسْلِهَا.
فوائد: إحداها حُكْمُ أَوَانِي مُدْمِنِي الْخَمْرِ وملاقى النَّجَاسَاتِ غَالِبًا وَثِيَابِهِمْ كَمَنْ لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَحُكْمُ ما صَبَغَهُ الْكُفَّارُ حُكْمُ ثِيَابِهِمْ وَأَوَانِيهِمْ. الثَّانِيَةُ بَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ كَثِيَابِهِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَقِيلَ وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ قال ابن تَمِيمٍ قال أبو الْحُسَيْنِ في تَمَامِهِ وَالْآمِدِيُّ أَبْدَانُ الْكُفَّارِ وَثِيَابُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ في الْحُكْمِ وَاحِدٌ وهو نَصُّ أَحْمَدَ وزاد أبو الْحُسَيْنِ وَطَعَامُهُمْ. الثَّالِثَةُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ في ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ مع الْكَرَاهَةِ قَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَهِيَ تَخْرِيجٌ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمَالَ إلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَأَلْحَقَ بن أبي مُوسَى ثَوْبَ الصَّبِيِّ بِثَوْبِ الْمَجُوسِيِّ في مَنْعِ الصَّلَاةِ فيه قبل غَسْلِهِ وَحَكَى في الْقَوَاعِدِ في ثِيَابِ الصِّبْيَانِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُهَا وَالْمَنْعُ. قَوْلُهُ وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ يَعْنِي النَّجِسَةَ بِالدِّبَاغِ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَطْهُرُ منها جِلْدُ ما كان طَاهِرًا في حَالِ الْحَيَاةِ نَقَلَهَا عن أَحْمَدَ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن حَمْدَانَ في الرِّعَايَتَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِلَيْهَا مَيْلُ الْمَجْدِ في الْمُنْتَقَى وَصَحَّحَهُ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَنْهُ يَطْهُرُ جِلْدُ ما كان مَأْكُولًا في حَالِ الْحَيَاةِ وَاخْتَارَهَا أَيْضًا جَمَاعَةٌ منهم بن رَزِينٍ أَيْضًا في شَرْحِهِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عن الرِّوَايَةِ الْأُولَى في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بن الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ الصافاني [الصاغاني] وَرَدَّه ابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا إنَّمَا هو رِوَايَةٌ أُخْرَى قال الزَّرْكَشِيُّ. وَعَنْهُ الدِّبَاغُ مُطَهَّرٌ فَعَلَيْهَا هل يُصَيِّرُهُ الدِّبَاغُ كَالْحَيَاةِ وهو اخْتِيَارُ أبي مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ فَيَطْهُرُ جِلْدُ كل ما حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ في الْحَيَاةِ أو كَالذَّكَاةِ وهو اخْتِيَارُ أبي الْبَرَكَاتِ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا ما تُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى.
تنبيه: إذَا قُلْنَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ فَهَلْ ذلك مَخْصُوصٌ بِمَا كان مَأْكُولًا في حَالِ الْحَيَاةِ أو يَشْمَلُ جَمِيعَ ما كان طَاهِرًا في حَالِ الْحَيَاةِ فيه لِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ وَحَكَاهُمَا في الْفُرُوعِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. أَحَدُهُمَا يَشْمَلُ جَمِيعَ ما كان طَاهِرًا في حَالِ الْحَيَاةِ وهو الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ إلَّا الْمَأْكُولُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وابن رَزِينٍ وابن عبد الْقَوِيِّ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ في الْيَابِسَاتِ على رِوَايَتَيْنِ. أَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِمَا وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في هذا الْبَابِ وَالزَّرْكَشِيُّ. إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَصَحَّحَهُ في نَظْمِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ في يَابِسٍ على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في بَابٍ من النَّجَاسَاتِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ هِيَ من زَوَائِدِ الشَّارِحِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ بن عُبَيْدَانَ وابن مُنَجَّا وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالشَّرْحِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَيُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ في الْيَابِسَاتِ مع الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وفي الْأُخْرَى لَا يُبَاحُ وهو أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عن ذلك فَأَمَّا قبل الدَّبْغِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى وَقَدَّمَ هذا الْوَجْهَ الزَّرْكَشِيُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ قبل الدَّبْغِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ يَدُلُّ على الْأَوَّلِ قال في الْفَائِقِ وَيُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بها في الْيَابِسَاتِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال أبو الْخَطَّابِ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْكِلَابِ في الْيَابِسَاتِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال أبو الْخَطَّابِ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْكِلَابِ في الْيَابِسِ وَسَدِّ البثرى [البثور] بها وَنَحْوَهُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ بِقِيلِ وَقِيلَ. الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ في غَيْرِ الْيَابِسَاتِ كَالْمَائِعَاتِ وَنَحْوِهَا وهو كَذَلِكَ فَقَدْ قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ لَا يُنْتَفَعُ بها فيه رِوَايَةً وَاحِدَةً قال ابن عَقِيلٍ وَلَوْ لم يُنَجِّسْ الْمَاءَ بِأَنْ كان يَسَعُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ قال لِأَنَّهَا نَجِسَةُ الْعَيْنِ أَشْبَهَتْ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في فَتَاوِيهِ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بها في ذلك إنْ لم يُنَجِّسْ الْعَيْنَ.
فائدة: فَعَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ يُبَاحُ دَبْغُهُ وَعَلَى الْمَنْعِ هل يُبَاحُ دَبْغُهُ أَمْ لَا فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ جَازَ أُبِيحَ الدَّبْغُ وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ وَإِنْ لم يَطْهُرْ كَذَا قال الْقَاضِي وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِالذَّكَاةِ يَعْنِي إذَا ذُبِحَ ذلك وهو صَحِيحٌ بَلْ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِأَجْلِ ذلك خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلَا لِغَيْرِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَوْ كان في النَّزْعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كان جِلْدَ آدَمِيٍّ وَقُلْنَا يُنَجَّسُ بِمَوْتِهِ وهو صَحِيحٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَهُ عليه في الْفُرُوعِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وقال الشَّارِحُ وحكى ذلك عن بن حَامِدٍ وقال في مَكَان آخَرَ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْآدَمِيِّ إجْمَاعًا قال في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ وفي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَأْكُولًا وَغَيْرَ آدَمِيٍّ وَجْهَانِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي جِلْدِ الْآدَمِيِّ وَجْهَانِ أَنَّهُ نَجِسٌ بِمَوْتِهِ.
فوائد: ما يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ اُنْتُفِعَ بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنُصَّ عليه وَقِيلَ يَجُوزُ وقال في مَكَان آخَرَ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْآدَمِيِّ إجْمَاعًا قال في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَفِيهِ رِوَايَةٌ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وقال الشَّارِحُ وحكى عن بن حَامِدٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ كما لو لم يَطْهُرْ بِدَبْغِهِ وَكَمَا لو بَاعَهُ قبل الدَّبْغِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ في الْبُيُوعِ وَأَطْلَقَ أبو الْخَطَّابِ جَوَازَ بَيْعِهِ مع نَجَاسَتِهِ كَثَوْبٍ نَجِسٍ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منه بَيْعُ نَجَاسَةٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بها وَلَا فَرْقَ وَلَا إجْمَاعَ كما قِيلَ قال ابن الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الزِّبْلِ قال اللَّخْمِيُّ هذا من قَوْلِهِ يَدُلُّ على بَيْعِ الْعَذِرَةِ وقال ابن الْمَاجِشُونِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَذِرَةِ لِأَنَّهُ من مَنَافِعِ الناس.
فوائد: الْأُولَى يُبَاحُ لُبْسُ جِلْدِ الثَّعَالِبِ في غَيْرِ صَلَاةٍ فيه نُصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَعَنْهُ يُبَاحُ لُبْسُهُ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فيه وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فيه وَعَنْهُ يَحْرُمُ لُبْسُهُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ذَكَرَهُ في التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُنَّ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بن تَمِيمٍ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يُبَاحُ لُبْسُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وفي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فيه وَجْهَانِ انْتَهَى وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافُ في هذا مَبْنِيٌّ على الْخِلَافِ في حِلِّهَا وقال في الْفُرُوعِ وفي لُبْسِ جِلْدِ الثَّعْلَبِ رِوَايَتَانِ وَيَأْتِي حُكْمُ حِلِّهَا في بَابِ الْأَطْعِمَةِ وَيَأْتِي آخِرَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَهَلْ يُكْرَهُ لُبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلِفًا في نَجَاسَتِهِ. الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ افْتِرَاشُ جُلُودِ السِّبَاعِ مع الْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يُبَاحُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَبَالَغَ حتى قال يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِجُلُودِ الْكِلَابِ في الْيَابِسِ وَسَدِّ الْبُثُوقِ وَنَحْوِهِ ولم يَشْتَرِطْ دِبَاغًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ. وَالثَّالِثَةُ في الْخَرَزِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ رِوَايَاتٍ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ صَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَرَاهَةُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَالْجَوَازَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَيَجِبُ غَسْلُ ما خُرِّزَ بِهِ رَطْبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ قال في الرِّعَايَةِ هذا الْأَقْيَسُ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ لِإِفْسَادِ الْمَغْسُولِ. وَالرَّابِعَةُ نَصَّ أَحْمَدُ على جوز [جواز] الْمُنْخُلِ من شَعْرٍ نجس وَاقْتَصَرَ عليه ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ثُمَّ قال وَقُلْت يُكْرَهُ.
فوائد: منها جَعْلُ مُصْرَانٍ وَتَرًا دِبَاغٌ وَكَذَلِكَ الْكَرِشُ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ لَا. وَمِنْهَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يُدْبَغُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُنَشِّفًا لِلرُّطُوبَةِ مُنَقِّيًا لِلْخَبَثِ بِحَيْثُ لو نُقِعَ الْجِلْدُ بَعْدَهُ في الْمَاءِ لم يَفْسُدْ وزاد بن عَقِيلٍ وَأَنْ يَكُونَ قَاطِعًا لِلرَّائِحَةِ وَالسَّهُوكَةِ وَلَا يَظْهَرُ منه رَائِحَةٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ خَبِيثٌ إذَا انْتَفَعَ بِهِ بَعْدَ دَبْغِهِ في الْمَائِعَاتِ. وَمِنْهَا يُشْتَرَطُ غَسْلُ الْمَدْبُوغِ على الصَّحِيحِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُشْتَرَطُ غَسْلُهُ في أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْحَوَاشِي وَالرِّعَايَتَيْنِ قال ابن عُبَيْدَانَ اشْتِرَاطُ الْغَسْلِ أَظْهَرُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. وَمِنْهَا لَا يَحْصُلُ الدَّبْغُ بِنَجِسٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَحْصُلُ بِهِ وَيُغْسَلُ بَعْدَهُ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَمِنْهَا لو شُمِّسَ أو تُرِّبَ من غَيْرِ دَبْغٍ لم يَطْهُرْ قَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَوَاشِي الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ في التَّشْمِيسِ وَقِيلَ يَطْهُرُ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في التَّشْمِيسِ في الْفَائِقِ وَالْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهَانِ في تَتْرِيبِهِ أو رِيحٍ فَكَأَنَّهُ ما اطَّلَعَ على الْخِلَافِ في التَّتْرِيبِ. وَمِنْهَا لَا يَفْتَقِرُ الدَّبْغُ إلَى فِعْلٍ فَلَوْ وَقَعَ جِلْدٌ في مَدْبَغَةٍ فَانْدَبَغَ طَهُرَ. قَوْلُهُ وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ وأنفحتها نَجِسٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُبَاحٌ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَة ابن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ في نَظْمِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ.
فائدة: حُكْمُ جِلْدَةِ الأنفحة حُكْمُ الأنفحة على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِنَجَاسَةِ الْجِلْدَةِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ اتِّفَاقًا وقال في الْفَائِقِ وَالنِّزَاعُ في الأنفحة دُونَ جِلْدَتِهَا وَقِيلَ فِيهِمَا. قَوْلُهُ وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا وَظُفُرُهَا نَجِسٌ. وَكَذَا عَصَبُهَا وَحَافِرُهَا يَعْنِي التي تُنَجِّسُ بِمَوْتِهَا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وعنه طَاهِرٌ ذَكَرَهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْفَائِقِ وَخَرَّجَ أبو الْخَطَّابِ الطَّهَارَةَ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قال وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ فَعَلَى هذا يَجُوزُ بَيْعُهُ قال في الْفُرُوعِ فَقِيلَ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فيه وَقِيلَ وهو الْأَصَحُّ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّنْجِيسِ وهو الرُّطُوبَةُ انْتَهَى وفي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ أَنَّ ما سَقَطَ عَادَةً مِثْلُ قُرُونِ الْوُعُولِ طَاهِرٌ وَغَيْرُهُ نَجِسٌ. قَوْلُهُ وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ. وَكَذَلِكَ الْوَبَرُ يَعْنِي الطَّاهِرَ في حَالِ الْحَيَاةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ صُوفُ الْمَيْتَةِ ما أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَهُ وَعَنْهُ أَنَّ ذلك كُلَّهُ نَجِسٌ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ قال لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَقِيلَ يَنْجُسُ شَعْرُ الْهِرِّ وما دُونَهَا في الْخِلْقَةِ بِالْمَوْتِ لِزَوَالِ عِلَّةِ الطَّوَافِ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ.
فائدة: في الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالرِّيشِ الْمُنْفصل من الْحَيَوَانِ الْحَيِّ الذي لَا يُؤْكَلُ غير الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ. ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ النَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ من النَّجِسِ وَالطَّهَارَةُ من الطَّاهِرِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَكُلُّ حَيَوَانٍ فَحُكْمُ شَعْرِهِ حُكْمُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ ما كان طَاهِرًا فَشَعْرُهُ طَاهِرٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وما كان نَجِسًا فَشَعْرُهُ كَذَلِكَ لَا فَرْقَ بين حَالَةِ الْحَيَاةِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ قال ابن عُبَيْدَانَ وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ صُوفٍ أو شَعْرٍ أو وَبَرٍ أو رِيشٍ فإنه تَابِعٌ لِأَصْلِهِ في الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ وما كان أَصْلُهُ مُخْتَلِفًا فيه خَرَجَ على الْخِلَافِ انْتَهَى وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَشَعْرُهَا وَصُوفُهَا وَوَبَرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ وَعَنْهُ نَجِسٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ لَا يُؤْكَلُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ في الصُّوفِ وَنَحْوِهِ وَمُنْفصلهُ في الْحَيَاةِ طَاهِرٌ وَقِيلَ لَا وهو بَعِيدٌ انْتَهَى وقال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ في الشَّعْرِ وَنَحْوِهِ وَقَدَّمَ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَكَذَلِكَ من حَيَوَانٍ حَيٍّ لَا يُؤْكَلُ وَعَنْهُ من طَاهِرٍ طَاهِرٌ انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ تِلْكَ الْأَجْزَاءَ من الْحَيَوَانِ الْحَيِّ الذي لَا يُؤْكَلُ طاهره على الْمُقَدَّمِ سَوَاءٌ كانت من طَاهِرٍ أو نَجِسٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إدْخَالُ شَعْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهُ طَاهِرٌ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ هو قَدَّمَ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَنَّ شَعْرَهُمَا نَجِسٌ وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَهُمَا وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ بن تَمِيمٍ في آخِرِ بَابِ اللِّبَاسِ. وَأَمَّا شَعْرُ الْآدَمِيِّ الْمُنْفصل فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ طَهَارَتُهُ قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ نَجَاسَتُهُ غير شَعْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَنْهُ نَجَاسَتُهُ من كَافِرٍ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ طَهَارَةُ ظُفُرِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ بِنَجَاسَتِهِ ذَكَرَه ابن رَجَبٍ في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَغَيْرُهُ قال ابن عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقًا في بَابِ إزَالَةِ. النَّجَاسَةِ من الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَيَأْتِي في ذلك الْبَابِ حُكْمُ الْآدَمِيِّ وَأَبْعَاضِهِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا إذَا صَلُبَ قِشْرُ بَيْضَةِ الْمَيْتَةِ من الطَّيْرِ الْمَأْكُولِ فَبَاطِنُهَا طَاهِرٌ بِلَا نِزَاعٍ وَنُصَّ عليه وَإِنْ لم يَصْلُبْ فَهُوَ نَجِسٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ أبو الْحُسَيْنِ في فُرُوعِهِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ والفايق [والفائق] وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَقِيلَ طَاهِرٌ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالثَّانِيَةُ لو سُلِقَتْ الْبَيْضَةُ في نَجَاسَةٍ لم تَحْرُمْ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ بِشَيْءٍ فيه ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ بِشَيْءٍ فيه ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا لم تَكُنْ حَاجَةٌ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالنَّظْمُ وَالْفُرُوعُ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ قال ابن رَجَبٍ في كِتَابِ الْخَوَاتِمِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ وَهِيَ اخْتِيَارُ عَلِيِّ بن أبي مُوسَى وَالسَّامِرِيِّ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي انْتَهَى قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ اسْتِصْحَابُ ما فيه ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا وهو بَعِيدٌ انْتَهَى وقال في الْمُسْتَوْعِبِ تَرْكُهُ أَوْلَى قال في النُّكَتِ وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ انْتَهَى وَقَطَعَ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِالتَّحْرِيمِ وما هو بِبَعِيدٍ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِتَحْرِيمِهِ كَمُصْحَفٍ وفي نُسَخٍ لِمُصْحَفٍ. قُلْت أَمَّا دُخُولُ الْخَلَاءِ بِمُصْحَفٍ من غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا شَكَّ في تَحْرِيمِهِ قَطْعًا وَلَا يَتَوَقَّفُ في هذا عَاقِلٌ.
تنبيه: حَيْثُ دخل الْخَلَاءَ بِخَاتَمٍ فيه ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى جَعَلَ فَصَّهُ في بَاطِنِ كَفِّهِ وَإِنْ كان في يَسَارِهِ أَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ لِأَجْلِ الِاسْتِنْجَاءِ.
فائدة: لَا بَأْسَ بِحَمْلِ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا فيه نُصَّ عَلَيْهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في حَمْلِ الْحِرْزِ مِثْلُ حَمْلِ الدَّرَاهِمِ قال النَّاظِمُ بَلْ أَوْلَى بِالرُّخْصَةِ من حَمْلِهَا. قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّ حَمْلَ الدَّرَاهِمِ في الْخَلَاءِ كَغَيْرِهَا في الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا ثُمَّ رَأَيْت بن رَجَبٍ ذَكَرَ في كِتَابِ الْخَوَاتِمِ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ على كَرَاهَةِ ذلك في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن هَانِئٍ فقال في الدِّرْهَمِ إذَا كان فيه اسْمُ اللَّهِ أو مَكْتُوبًا عليه قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ يُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ اسْمُ اللَّهِ الْخَلَاءَ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حتى يَدْنُوَ من الْأَرْضِ. إذَا لم تَكُنْ حَاجَةٌ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وَهِيَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عن أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ الْإِطْلَاقُ فَشَمِلَ رَدَّ السَّلَامِ وَحَمْدَ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ وَالْقِرَاءَةَ وَغَيْرَ ذلك قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ وَكَرِهَهُ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وَأَمَّا رَدُّ السَّلَامِ فَيُكْرَهُ بِلَا خِلَافٍ في الْمُذْهَبِ نَصَّ عليه الْإِمَامُ حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ من عَدَمِ الْكَرَاهَةِ قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ. وَأَمَّا حَمْدُ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ فَيَحْمَدُ وَيُجِيبُ بِقَلْبِهِ وَيُكْرَهُ بِلَفْظِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ في الْخَلَاءِ وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في بَابِ الْأَذَانِ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَجَزَمَ صَاحِبُ النَّظْمِ بِتَحْرِيمِهَا فيه وَعَلَى سَطْحِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو متجه [يتجه] على حَاجَتِهِ. قُلْت الصَّوَابُ تَحْرِيمُهُ في نَفْسِ الْخَلَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ. وقال في الْغُنْيَةِ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا يَزِيدُ على التَّسْمِيَةِ وَالتَّعَوُّذِ وقال ابن عُبَيْدَانَ وَمَنَعَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ من الْجَمِيعِ فقال وَلَا يَتَكَلَّمُ بِرَدِّ سَلَامٍ وَلَا غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ قال صَاحِبُ النِّهَايَةِ قال ابن عُبَيْدَانَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا تَحْرِيمُ الْجَمِيعِ لِحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ فإنه يَقْتَضِي الْمَنْعَ مُطْلَقًا انْتَهَى قال في النُّكَتِ دَلِيلُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَعَنْ أَحْمَدَ ما يَدُلُّ عليه انْتَهَى وَقَوْلُ بن عُبَيْدَانَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمُ الْجَمِيعِ فيه نَظَرٌ إذْ قد صَرَّحَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ في ذلك وَتَقَدَّمَ نَقْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَلَيْسَ في كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَصْرِيحٌ في ذلك بَلْ كِلَاهُمَا مُحْتَمِلٌ كَلَامَ غَيْرِهِمَا. قَوْلُهُ وَلَا يَلْبَثُ فَوْقَ حَاجَتِهِ. يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالْكَافِي وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وهو رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ.
تنبيه: هذه الْمَسْأَلَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عن الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَمَعْنَاهُ في الرِّعَايَةِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْمَجْدِ في ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ.
فائدة: لُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَيُقَالُ إنَّهُ يُدْمِي الْكَبِدَ وَيَأْخُذُ منه الْبَاسُورَ قال في الْفُرُوعِ وَالنُّكَتِ وهو أَيْضًا كَشْفٌ لِعَوْرَتِهِ في خَلْوَةٍ بِلَا حَاجَةٍ وفي تَحْرِيمِهِ وَكَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالنُّكَتِ وابن تَمِيمٍ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ بن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ اللُّبْثَ فَوْقَ الْحَاجَةِ أَخَفُّ من كَشْفِ الْعَوْرَةِ ابْتِدَاءً من غَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنَّهُمَا جَزَمَا هُنَا بِالْكَرَاهَةِ. وَصَحَّحَ بن عُبَيْدَانَ التَّحْرِيمَ في كَشْفِهَا ابْتِدَاءً من غَيْرِ حَاجَةٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه ابن تَمِيمٍ وَيَأْتِي ذلك في أَوَّلِ بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
تنبيه: حَيْثُ قُلْنَا لم يَحْرُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ فَيُكْرَهُ وقال ابن تَمِيمٍ جَازَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قال في الْفُرُوعِ كَذَاك قال.
فائدة: يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ حَالَ التَّخَلِّي ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ نَقَلَهُ عَنْهُمْ في الْفُرُوعِ في بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ. قُلْت منهم بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا يَبُولُ في شِقٍّ وَلَا سَرَبٍ. يَعْنِي يُكْرَهُ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَقَوْلُهُ وَلَا طَرِيقٍ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وهو الصَّحِيحُ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ.
تنبيه: مُرَادُهُ بِالطَّرِيقِ هُنَا الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَوْلُهُ وَلَا ظِلٍّ نَافِعٍ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ. وَقَوْلُهُ وَلَا تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ. وَكَذَا مَوْرِدُ الْمَاءِ فَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وهو الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ إنْ كانت الثَّمَرَةُ له كُرِهَ وَإِنْ كانت لِغَيْرِهِ حَرُمَ انْتَهَى. وَهُمَا وَجْهَانِ في الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَعِبَارَةُ كثيرة [كثير] من الْأَصْحَابِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فيها الْكَرَاهَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذلك وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَبِقَوْلِهِ قِيلَ وَلَا يَبُولُ في شِقٍّ وَلَا سَرَبٍ فإنه يُكْرَهُ بِلَا نِزَاعٍ كما تَقَدَّمَ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ مُثْمِرَةٍ يَعْنِي عليها ثَمَرَةٌ قَالَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ أَصْلُ الْمَذْهَبِ من أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا يُطَهِّرُهَا رِيحٌ وَلَا شَمْسٌ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ على الظَّنِّ مَجِيءُ الثَّمَرَةِ قبل مَطَرٍ أو سَقْيٍ يُطَهِّرَانِهِ كما لو كان عليها ثَمَرَةٌ لَا سِيَّمَا فِيمَا تُجْمَعُ ثَمَرَتُهُ من تَحْتِهِ كَالزَّيْتُونِ انْتَهَى. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا إذَا كانت رَطْبَةً بِحَيْثُ يَتَحَلَّلُ منها شَيْءٌ. الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُثْمِرَةٍ أَنَّ له أَنْ يَبُولَ تَحْتَ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ في تَذْكِرَة ابن عَقِيلٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَبُولُ تَحْتَ مُثْمِرَةٍ وَلَا غَيْرِ مُثْمِرَةٍ.
فوائد: يُكْرَهُ بَوْلُهُ في مَاءٍ رَاكِدٍ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَأَطْلَقَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ في مُنْتَخَبِهِ تَحْرِيمَهُ فيه وَجَزَمَ بِهِ في مُنَوَّرِهِ وقال في الْفُرُوعِ وفي النِّهَايَةِ يُكْرَهُ تَغَوُّطُهُ في الْمَاءِ الرَّاكِدِ انْتَهَى وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ أَيْضًا فقال يُكْرَهُ الْبَوْلُ في الْمَاءِ الدَّائِمِ وَكَذَا التَّغَوُّطُ فيه. وَيُكْرَهُ بَوْلُهُ في مَاءٍ قَلِيلٍ جَارٍ وَلَا يُكْرَهُ في الْكَثِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ الْكَرَاهَةَ انْتَهَى. وَيَحْرُمُ التَّغَوُّطُ في الْمَاءِ الْجَارِي على الصَّحِيحِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْفُصُولِ وَالنِّهَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَبُولُ في مَاءٍ وَاقِفٍ وَلَا يَتَغَوَّطُ في مَاءٍ جَارٍ. قُلْت إنْ نَجُسَا بِهِمَا انْتَهَى. وَيُكْرَهُ في إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَيُكْرَهُ في مُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُبَلَّطٍ وَلَا يُكْرَهُ في الْمُبَلَّطِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ في الْمَقْبَرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ منهم بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وابن الْجَوْزِيِّ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ كَرَاهَةَ الْبَوْلِ في نَارٍ قال ابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يُقَالُ يُوَرِّثُ السَّقَمَ زَادَ في الْفُصُولِ وَيُؤْذِي بِرَائِحَتِهِ زَادَ في الرِّعَايَةِ وَرَمَادٍ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالسَّامِرِيُّ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَقَزْعٍ وهو الْمَوْضِعُ الْمُتَجَرِّدُ عن النَّبْتِ مع بَقَايَا منه. وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا بِلَا حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه إنْ أَمِنَ تَلَوُّثًا وَنَاظِرًا وَعَنْهُ يُكْرَهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي. وَيَحْرُمُ تَغَوُّطُهُ على ما نُهِيَ عن الِاسْتِجْمَارِ بِهِ كَرَوْثٍ وَعَظْمٍ وَنَحْوِهِمَا وَعَلَى ما يَتَّصِلُ بِحَيَوَانٍ كَذَنَبِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَتَغَوَّطُ على ماله حُرْمَةٌ كَمَطْعُومٍ وَعَلَفِ بَهِيمَةٍ وَغَيْرِهِمَا وقال في النِّهَايَةِ يُكْرَهُ تَغَوُّطُهُ على الطَّعَامِ كَعَلَفِ دَابَّةٍ قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ. وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ على الْقُبُورِ قَالَهُ في النِّهَايَةِ لِأَبِي الْمَعَالِي. قُلْت لو قِيلَ بِالتَّحْرِيمِ لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ وَلَا الْقَمَرَ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ ذلك جَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مِمَّنْ لم يُصَرِّحْ بِالْكَرَاهَةِ. وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَاخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَعِنْدَ أبي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيِّ حُكْمُ اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاسْتِدْبَارِهِمَا حُكْمُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا على ما يَأْتِي قَرِيبًا قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ وقال أَيْضًا وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِمَا كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ في ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بن الْحَارِثِ وهو ظَاهِرُ ما في خِلَافِ الْقَاضِي وَحَمْلُ النَّهْيِ حين كان قِبْلَةً وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً. قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في النَّسْخِ بَقَاءَ حُرْمَتِهِ وَظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فيه يُكْرَهُ.
فائدة: يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الرِّيحَ دُونَ حَائِلٍ يَمْنَعُ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ في الْفَضَاءِ وفي اسْتِدْبَارِهَا فيه وَاسْتِقْبَالِهَا في الْبُنْيَانِ رِوَايَتَانِ. اعْلَمْ أَنَّ في هذه الْمَسْأَلَةِ رِوَايَاتٍ إحْدَاهُنَّ جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ في الْبُنْيَانِ دُونَ الْفَضَاءِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا الْمَنْصُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَتَذْكِرَة ابن عَقِيلٍ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ. وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال هذا تَفْصِيلُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَه ابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِيَةُ يَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ في الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الهدي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالثَّالِثَةُ يَجُوزَانِ فِيهِمَا. وَالرَّابِعَةُ يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ في الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهِمَا. وَالْخَامِسَةُ يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ في الْبُنْيَانِ فَقَطْ وَحَكَاهَا بن الْبَنَّا في كَامِلِهِ وَجْهًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ. وقال في الْمُبْهِجِ يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كان الرِّيحُ في غَيْرِ جِهَتِهَا وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ في رؤوس الْمَسَائِلِ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ في الصحارى وَلَا يُمْنَعُ في الْبُنْيَانِ وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا في الْفَضَاءِ وَإِنْ كان بين الْبُنْيَانِ جَازَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لَا يَجُوزُ في الْمَوْضِعَيْنِ وقال في الْمَذْهَبِ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كان في الْفَضَاءِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وفي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ فَإِنْ كان في الْبُنْيَانِ فَفِي جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ وقال في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وفي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ وَيَجُوزُ ذلك في الْبُنْيَانِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَكْفِي انْحِرَافُهُ عن الْجِهَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ أبو دَاوُد وَمَعْنَاهُ في الْخِلَافِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدِهِ لَا يَكْفِي وَيَكْفِي الِاسْتِتَارُ بِدَابَّةٍ وَجِدَارٍ وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا يَكْفِي قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُعْتَبَرُ قربة منها كما لو كان في بَيْتٍ قال وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ وَمَالَ إلَيْهِ. الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا في فَضَاءٍ بِاسْتِنْجَاءٍ وَاسْتِجْمَارٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ. قُلْت وَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ. قَوْلُهُ فإذا فَرَغَ مَسَحَ بيده الْيُسْرَى من أَصْلِ ذَكَرِهِ إلَى رَأْسِهِ ثُمَّ يَنْتُرُهُ ثَلَاثًا. نَصَّ على ذلك كُلِّهِ وَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ ذلك كُلُّهُ ثَلَاثًا وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُكْرَهُ السَّلْتُ وَالنَّتْرُ قال ابن أبي الْفَتْحِ في مَطْلَعِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثًا عَائِدٌ إلَى مَسْحِهِ وَنَتْرِهِ أَيْ يَمْسَحُهُ ثَلَاثًا وَيَنْتُرُهُ ثَلَاثًا صَرَّحَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ انْتَهَى وهو في بَعْضِ نُسَخِهَا وَلَيْسَ ذلك في بَعْضِهَا. وَقَوْلُهُ من أَصْلِ ذَكَرِهِ هو الدَّرْزَايُ من حَلْقَةِ الدُّبُرِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَتَنَحْنَحُ وَلَا يَمْشِي بَعْدَ فَرَاغِهِ وَقَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وهو صَحِيحٌ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كُلُّ ذلك بِدْعَةٌ وَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَذَكَرَ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَوْلًا يُكْرَهُ نَحْنَحَةٌ ومشى وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَسْوَسَةٌ. وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ يَتَنَحْنَحُ زَادَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَيَمْشِي خُطُوَاتٍ وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُ ذلك وقال الْمُصَنِّفُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ بَوْلِهِ قَلِيلًا.
فائدة: يُكْرَهُ بَصْقُهُ على بَوْلِهِ لِلْوَسْوَاسِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا يُقَالُ يُورِثُ الْوَسْوَاسَ. قَوْلُهُ وَلَا يَمَسَّ فَرْجَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَجْمِرْ بها. وَكَذَا قال جَمَاعَةٌ فَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَهُمَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ. إنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ أَجْزَأَهُ الِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَارُ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت قِيَاسُ قَوْلِهِمْ في الْوُضُوءِ في الْفِضَّةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ هُنَا انْتَهَى وَقِيلَ يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ دُونَ الِاسْتِجْمَارِ وَجَزَمَ بن تَمِيمٍ بِصِحَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الِاسْتِجْمَارِ.
فائدة: قِيلَ كَرَاهَةُ مَسِّ الْفَرْجِ مُطْلَقًا أَيْ في جَمِيعِ الْحَالَاتِ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ قال في رِوَايَتِهِ أَكْرَهُ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ بِيَمِينِهِ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ مَخْصُوصَةٌ بِحَالَةِ التَّخَلِّي وَحَمَلَ بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عليه وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ رِوَايَةَ صَالِحٍ كَذَلِكَ وَيَأْتِي في أَوَاخِرِ كِتَابِ النِّكَاحِ هل يُكْرَهُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ نَفْسِهِ أَمْ لَا.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَعْنِي الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ في مَسِّ الْفَرْجِ وَالِاسْتِجْمَارِ بها إذَا لم تَكُنْ ضَرُورَةٌ فَإِنْ كان ثَمَّ ضَرُورَةٌ جَازَ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
فائدة: إذَا اسْتَجْمَرَ من الْغَائِطِ أَخَذَ الْحَجَرَ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَ بِهِ وَإِنْ اسْتَجْمَرَ من الْبَوْلِ فَإِنْ كان الْحَجَرُ كَبِيرًا أَخَذَ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَ بِهِ وقال الْمَجْدُ يَتَوَخَّى الِاسْتِجْمَارَ بِجِدَارٍ أو مَوْضِعٍ نَاتِئٍ من الْأَرْضِ أو حَجَرٍ ضَخْمٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى إمْسَاكِهِ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى الْحِجَارَةِ الصِّغَارِ جَعَلَ الْحَجَرَ بين عَقِبَيْهِ أو بين أَصَابِعِهِ وَتَنَاوَلَ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَهُ بها فَإِنْ لم يُمْكِنْهُ أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَمَسَحَ بِشِمَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُمْسِك ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَيَمْسَحُ بِشِمَالِهِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ الْمَسْحُ بِشِمَالِهِ قال ابن عُبَيْدَانَ فَإِنْ كان أَقْطَعَ الْيُسْرَى أو بها مَرَضٌ فَفِي صِفَةِ اسْتِجْمَارِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَيَمْسَحُ بِشِمَالِهِ وَالثَّانِي وهو الصَّحِيحُ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُمْسِكُ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ وَيَمْسَحُهُ بِهِ انْتَهَى. قُلْت وفي هذا نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ هو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ غَلَطٌ في النَّقْلِ أو سِبْقَةُ قَلَمٍ فإن أَقْطَعَ الْيُسْرَى لَا يُمْكِنُهُ الْمَسْحُ بِشِمَالِهِ وَلَا مَسْكٌ بها وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ على أَقْطَعَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى فإن الْحُكْمَ في قَطْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وقد تَقَدَّمَ الْحُكْمُ في ذلك وَالْحُكْمُ الذي ذَكَرَهُ هُنَا هو نَفْسُ الْحُكْمِ الذي ذَكَرَهُ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهُ فَهُنَا سَقْطٌ وَالنُّسْخَةُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَالْحُكْمُ في أَقْطَعِ الْيُسْرَى وَمَرِيضِهَا جَوَازُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْيَمِينِ من غَيْرِ نِزَاعٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
تنبيه: قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ عن مَوْضِعِهِ. مُرَادُهُ إذَا خَافَ التَّلَوُّثَ وَأَمَّا إذَا لم يَخَفْ التَّلَوُّثَ فإنه لَا يَتَحَوَّلُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ ثُمَّ يَسْتَجْمِرُ ثُمَّ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ جَمْعَهُمَا مُطْلَقًا أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَظَاهِرُ. كَلَامِ بن أبي مُوسَى أَنَّ الْجَمْعَ في مَحَلِّ الْغَائِطِ فَقَطْ أَفْضَلُ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجَرِ فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَاءِ فقال أَحْمَدُ يُكْرَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ في أَحَدِهِمَا وَيَسْتَجْمِرَ في الْآخَرِ نَصَّ عليه.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَاءَ أَفْضَلُ من الْأَحْجَارِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَعِنْدَ الْحَجَرِ أَفْضَلُ منه اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْخَلَّالُ وأبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَعَنْهُ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ على الْمَاءِ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهَا بن حَامِدٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ وَيُجْزِئُهُ أَحَدُهُمَا إلَّا أَنْ لم يَعْدُوَ الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْمَاءُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ إذَا تَعَدَّى الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ وَجَبَ الْمَاءُ على الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ.
فائدة: الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَجْمِرْ في غَيْرِ الْمَخْرَجِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ قال ابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ لَا يَسْتَجْمِرْ في غَيْرِ الْمَخْرَجِ قال في الْفُصُولِ وَحَدُّ الْمَخْرَجِ نَفْسُ الثَّقْبِ انْتَهَى وَاغْتَفَرَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالسَّامِرِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ ما تَجَاوَزَهُ تَجَاوُزًا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ. وَقِيلَ يَسْتَجْمِرُ في الصَّفْحَتَيْنِ وَالْحَشَفَةِ حَكَاهُ الشِّيرَازِيُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ. تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يَسْتَجْمِرُ في الصَّفْحَتَيْنِ وَالْحَشَفَةِ وَغَيْرِ ذلك لِلْعُمُومِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَحَدَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ ما يَتَجَاوَزُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ بِأَنْ يَنْتَشِرَ الْغَائِطُ إلَى نِصْفِ بَاطِنِ الْأَلْيَةِ فَأَكْثَرَ وَالْبَوْلُ إلَى نِصْفِ الْحَشَفَةِ فَأَكْثَرَ فَإِذَنْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ خَرَجَتْ أَجْزَاءُ الْحُقْنَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ وَلَا يُجْزِئُ فيها الِاسْتِجْمَارُ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ منهم بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قُلْت فَيُعَايَى بها.
تنبيه: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى الثَّيِّبَ وَالْبِكْرَ أَمَّا الْبِكْرُ فَهِيَ كَالرَّجُلِ لِأَنَّ عُذْرَتَهَا تَمْنَعُ انْتِشَارَ الْبَوْلِ في الْفَرْجِ وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنْ خَرَجَ بَوْلُهَا بِحِدَّةٍ ولم يَنْتَشِرْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ تَعَدَّى إلَى مَخْرَجِ الْحَيْضِ فقال الْأَصْحَابُ يَجِبُ غَسْلُهُ كَالْمُنْتَشِرِ عن الْمَخْرَجِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَ فيه الْحَجَرُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وهو الصَّحِيحُ فإنه مُعْتَادٌ كَثِيرًا وَالْعُمُومَاتُ تُعَضِّدُ ذلك وَاخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وقال هو وَغَيْرُهُ هذا إنْ قُلْنَا يَجِبُ تَطْهِيرُ بَاطِنِ فَرْجِهَا على ما اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَتَكُونُ كَالْبِكْرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ.
فائدة: لَا يَجِبُ الْمَاءُ لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَيَحْتَمِلُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَقِيلَ يَجِبُ الْمَاءُ لِلْمُتَعَدِّي وَلِغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَالَا غَسْلًا وَقَطَعَ بِهِ أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَالْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَى بن الزَّاغُونِيِّ في وَجِيزِهِ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ الْوُجُوبُ لِلْمُتَعَدِّي وَلِغَيْرِهِ مع الِاتِّصَالِ دُونَ غَيْرِهِ.
فائدة: لو تَنَجَّسَ الْمَخْرَجَانِ أو أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ الْخَارِجِ وَلَوْ بِاسْتِجْمَارٍ بِنَجِسٍ وَجَبَ الْمَاءُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ بِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو وَهْمٌ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ بن عَقِيلٍ في الْحُقْنَةِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وفي إجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ عن الْغَسْلِ الْوَاجِبِ فِيهِمَا وَجْهَانِ.
فوائد: منها يَبْدَأُ الرَّجُلُ وَالْبِكْرُ بِالْقُبُلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرَانِ وَقِيلَ الْبِكْرُ كَالثَّيِّبِ وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها مُخَيَّرَةٌ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُذْهَبِ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالدُّبُرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَطَعَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوْلَى بُدَاءَةُ الرَّجُلِ في الِاسْتِنْجَاءِ بِالْقُبُلِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا التَّخْيِيرُ وَالثَّانِي الْبُدَاءَةُ بِالدُّبُرِ وَأَطْلَقُوا الْخِلَافَ وَصَرَّحُوا بِالتَّسْوِيَةِ بين الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وقال ابن تَمِيمٍ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِقُبُلِهِ وَالْمَرْأَةُ بِأَيِّهِمَا شَاءَتْ وَفِيهِ وَجْهٌ تَبْدَأُ الْمَرْأَةُ بِالدُّبُرِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَبْدَأُ الرَّجُلُ بِقُبُلِهِ وَالْمَرْأَةُ بِدُبُرِهَا وَقِيلَ يَتَخَيَّرَانِ بَيْنَهُمَا زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ الْبِكْرُ تَتَخَيَّرُ وَالثَّيِّبُ تَبْدَأُ بِالدُّبُرِ. وَمِنْهَا لو انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَانْفَتَحَ غَيْرُهُ لم يَجُزْ فيه الِاسْتِجْمَارُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وابن رَزِينٍ وَنَصَرَهُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فيه اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي. الْكَبِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ مع بَقَاءِ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ قال ابن تَمِيمٍ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إجْزَاءُ الْوَجْهَيْنِ مع بَقَاءِ الْمَخْرَجِ أَيْضًا.
تنبيه: هذا الْحُكْمُ سَوَاءٌ كان الْمَخْرَجُ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أو أَسْفَلَ منها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَصَرَّحَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وقال ابن عَقِيلٍ الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِمَا إذَا انْفَتَحَ الْمَخْرَجُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَتَبِعَهُ الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْمُذْهَبِ إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَانْفَتَحَ أَسْفَلُ الْمَعِدَةِ فَخَرَجَ منه الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ لم يَجُزْ فيه الِاسْتِجْمَارُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَمِنْهَا إذَا خَرَجَ من أَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى نَجَاسَةٌ لم يُجْزِهِ الِاسْتِجْمَارُ قَالَهُ في النِّهَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَقِيلَ يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ سَوَاءٌ كان مُشْكِلًا أو غَيْرَهُ إذَا خَرَجَ من ذَكَرِهِ وَفَرْجِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ يَعْنِي بِالْإِجْزَاءِ. وَمِنْهَا لَا يَجِبُ غَسْلُ ما أَمْكَنَ من دَاخِلِ فَرَجِ ثَيِّبٍ في نَجَاسَةٍ وَجَنَابَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَجِبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيَأْتِي ذلك أَيْضًا في آخِرِ الْغُسْلِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تُدْخِلْ يَدَهَا وَإِصْبَعَهَا بَلْ تَغْسِلُ ما ظَهَرَ نَقَلَ أبو جَعْفَرٍ إذَا اغْتَسَلَتْ فَلَا تُدْخِلْ يَدَهَا في فَرْجِهَا قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَرَادَ أَحْمَدُ ما غَمُضَ في الْفَرْجِ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ بِهِ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ هو في حُكْمِ الْبَاطِنِ وقال أبو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمَا هو في حُكْمِ الظَّاهِرِ وَذَكَرَهُ في الْمَطْلَعِ عن أَصْحَابِنَا وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي قال في الْفُرُوعِ وَعَلَى ذلك يَخْرُجُ إذَا خَرَجَ ما احْتَشَّتْهُ بِبَلَلٍ هل يَنْقُضُ أَمْ لَا قال في الرِّعَايَةِ. لَا يَنْقُضُ لِأَنَّهُ في حُكْمِ الظَّاهِرِ وقال أبو الْمَعَالِي إنْ ابْتَلَّ ولم يَخْرُجْ من مَكَانِهِ فَإِنْ كان بين الشُّفْرَيْنِ نَقَضَ وَإِنْ كان دَاخِلًا لم يَنْقُضْ قال في الْفُرُوعِ وَيَخْرُجُ على ذلك أَيْضًا فَسَادُ الصَّوْمِ بِدُخُولِ إصْبَعِهَا أو حَيْضٍ إلَيْهِ وَالْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ في حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ في وُجُوبِ غَسْلِهَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُكْمَ طَرَفِ الْغُلْفَةِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ وَقِيلَ حَشَفَةُ الْأَقْلَفِ الْمَفْتُوقِ أَظْهَرُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ. وَمِنْهَا الدُّبُرُ في حُكْمِ الْبَاطِنِ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْحُقْنَةِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَتِهِ. وَمِنْهَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ أَثَرَ الِاسْتِجْمَارِ نَجِسٌ يُعْفَى عن يَسِيرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال ابن عُبَيْدَانَ هذا اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ طَاهِرٌ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم بن حَامِدٍ وابن رَزِينٍ وَيَأْتِي ذلك في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يُعْفَى عن يَسِيرِ شَيْءٍ من النَّجَاسَاتِ إلَّا الدَّمُ وما تَوَلَّدَ منه من الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ وَأَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ. وَمِنْهَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ اسْتَنْجَى أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ وَسَرَاوِيلَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ كَمَنْ اسْتَجْمَرَ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِكُلِّ طَاهِرٍ ينقى كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ وَالْخِرَقِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الِاسْتِجْمَارُ بِالْأَحْجَارِ وَاخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الِاسْتِجْمَارِ بِالْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَرِوَايَةٌ مُخْرَجَةٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في قَوَاعِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اشْتِرَاطَ إبَاحَةِ الْمُسْتَجْمَرِ بِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ.
تنبيه: حَدُّ الْإِنْقَاءِ بِالْأَحْجَارِ بَقَاءُ أَثَرٍ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ هو أزالة عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَبِلَّتِهَا بِحَيْثُ يَخْرُجُ الْحَجَرُ نَقِيًّا ليس عليه أَثَرٌ إلَّا شيئا يَسِيرًا فَلَوْ بَقِيَ ما يَزُولُ بِالْخِرَقِ لَا بِالْحَجَرِ أُزِيلَ على ظَاهِرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَالْإِنْقَاءُ بِالْمَاءِ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ كما كان قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ هو ذَهَابُ لُزُوجَةِ النَّجَاسَةِ وَآثَارِهَا وهو مَعْنَى الْأَوَّلِ.
فائدة: لو أتى بِالْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ اكْتَفَى في زَوَالِهَا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ ذَكَرَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال في النِّهَايَةِ لَا بُدَّ من الْعِلْمِ في ذلك. قَوْلُهُ إلَّا الرَّوْثَ وَالْعِظَامَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْإِجْزَاءَ بِهِمَا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَبِمَا نهى عنه قال لِأَنَّهُ لم يَنْهَ عنه لِكَوْنِهِ لَا يُنَقِّي بَلْ لِإِفْسَادِهِ فإذا قِيلَ يَزُولُ بِطَعَامِنَا مع التَّحْرِيمِ فَهَذَا أَوْلَى. قَوْلُهُ وَالطَّعَامُ. دخل في عُمُومِهِ طَعَامُ الْآدَمِيِّ وَطَعَامُ الْبَهِيمَةِ أَمَّا طَعَامُ الْآدَمِيِّ فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ منه الْأَصْحَابُ وَأَمَّا طَعَامُ الْبَهِيمَةِ فَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَطَعَامِ الْآدَمِيِّ منهم أبو الْفَرَجِ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في قَوَاعِدِهِ الْإِجْزَاءَ بِالْمَطْعُومِ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ وما له حُرْمَةٌ. كما فيه ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى قال جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ وَكُتُبُ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ. قلت وَهَذَا لَا شَكَّ فيه وَلَا نَعْلَمُ ما يُخَالِفُهُ. قال في الرِّعَايَةِ وَكُتُبٌ مُبَاحَةٌ وقال في النِّهَايَةِ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ لِتَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ وقال في النِّهَايَةِ أَيْضًا وَحِجَارَةُ الْحَرَمِ قال في الْفُرُوعِ وهو سَهْوٌ انْتَهَى وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حَرَمَ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَالْإِجْمَاعُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ وما يَتَّصِلُ بِحَيَوَانٍ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ وَجَوَّزَ الْأَزَجِيُّ الِاسْتِجْمَارَ بِذَلِكَ.
فوائد: إحداها لو اسْتَجْمَرَ بِمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ لم يُجْزِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ في الْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ في غَيْرِ الْمُبَاحِ وَالرَّوْثِ وَالْعِظَامِ وَالطَّعَامِ فَعَلَى هذا الْمَذْهَبِ إنْ اسْتَنْجَى بَعْدَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ بِمُبَاحٍ فقال في الْفُرُوعِ فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ وَقِيلَ يُجْزِئُ إنْ أَزَالَ شيئا وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ وَعَدَمَه ابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الثَّالِثَ. قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ حَكَاهُ طَرِيقَةً. وقال الزَّرْكَشِيُّ إذَا اسْتَنْجَى بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ تَعَيَّنَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ الطَّاهِرِ فَقَطَعَ الْمَجْدُ وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي بِتْعَيْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ وفي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ بِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ وهو وَهْمٌ. وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ المنقى جَازَ الِاسْتِجْمَارُ بَعْدَهُ بِمُنَقٍّ وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِمُحَرَّمٍ أو مُحْتَرَمٍ فَهَلْ يُجْزِئُ الْحَجَرُ أو يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ على وَجْهَيْنِ وَتَقَدَّمَ إذَا تَنَجَّسَ الْمَخْرَجَانِ أو أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ الْخَارِجِ. الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِجِلْدِ السَّمَكِ وَجِلْدِ الْحَيَوَانِ الْمُذَكَّى مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ ابن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ بِالْمَدْبُوغِ منها وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا. وَيَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِحَشِيشٍ رَطْبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ يَجُوزُ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ في الْحَشِيشِ الْوَجْهَيْنِ. الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ من ثَلَاثِ مَسَحَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ وَكَيْفَمَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ في الِاسْتِجْمَارِ أَجْزَأَ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ الْحَجَرَ الْأَوَّلَ من مُقَدِّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى إلَى مُؤَخِّرِهَا ثُمَّ يُدِيرَهُ على الْيُسْرَى حتى يَرْجِعَ بِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الذي بَدَأَ منه ثُمَّ يُمِرَّ الثَّانِيَ من مُقَدِّمِ صَفْحَتِهِ الْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يُمِرَّ الثَّالِثَ على الْمَسْرَبَةِ وَالصَّفْحَتَيْنِ فَيَسْتَوْعِبُ الْمَحَلَّ في كل مَرَّةٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ. الرَّابِعَةُ لو أَفْرَدَ كُلَّ جِهَةٍ بِحَجَرٍ لم يُجْزِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يُجْزِئُ قال الْمُصَنِّفُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً عن أَحْمَدَ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَعُمَّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ بِحَجَرٍ مَرَّةً وَعَنْهُ بَلْ كُلَّ جَانِبٍ منه بِحَجَرٍ مَرَّةً وَالْوَسَطَ بِحَجَرٍ مَرَّةً وَقِيلَ يَكْفِي كل [لكل] جِهَةٍ مَسْحُهَا ثَلَاثًا بِحَجَرٍ وَالْوَسَطِ مَسْحَةٌ ثَلَاثًا بِحَجَرٍ انْتَهَى. قَوْلُهُ إمَّا بِحَجَرٍ ذِي شُعَبٍ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُ في الِاسْتِجْمَارِ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ إذَا كان له ثَلَاثُ شُعَبٍ فَصَاعِدًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشِّيرَازِيُّ. قَوْلُهُ وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ من كل خَارِجٍ إلَّا الرِّيحَ. شَمِلَ كَلَامُهُ الْمُلَوَّثَ وَغَيْرَهُ وَالطَّاهِرَ وَالنَّجِسَ أَمَّا النَّجِسُ الْمُلَوَّثُ فَلَا نِزَاعَ في وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ منه وَأَمَّا النَّجِسُ غَيْرُ الْمُلَوَّثِ وَالطَّاهِرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ الِاسْتِنْجَاءِ منه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمَا بَلْ هو ظَاهِرُ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. قُلْت وهو ضَعِيفٌ. وَقِيلَ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ لِلْخَارِجِ الطَّاهِرِ وهو ظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ فَإِنَّهُمْ قالوا وهو وَاجِبٌ لِكُلِّ نَجَاسَةٍ من السَّبِيلِ وَكَذَا قَيَّدَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَيُجْزِئُ أَحَدُهُمَا لِسَبِيلٍ نَجِسٍ بِخَارِجِهِ قال في التَّسْهِيلِ وَمُوجِبُهُ خَارِجٌ من سَبِيلٍ سِوَى طَاهِرٍ وَقِيلَ لَا يَجِبُ لِلْخَارِجِ الطَّاهِرِ وَلَا لِلنَّجِسِ غَيْرِ الْمُلَوَّثِ قال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالْقِيَاسُ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ من نَاشِفٍ لَا يُنَجِّسُ الْمَحَلَّ وَكَذَلِكَ إذَا كان الْخَارِجُ طَاهِرًا كَالْمَنِيِّ إذَا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا نَجَاسَةَ هُنَا قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَصَحُّ قِيَاسًا. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَكَيْفَ يستنجى أو يَسْتَجْمِرُ من طَاهِرٍ أَمْ كَيْفَ يَحْصُلُ الْإِنْقَاءُ بِالْأَحْجَارِ في الْخَارِجِ غَيْرِ الْمُلَوَّثِ وَهَلْ هذا إلَّا شَبِيهٌ بِالْعَبَثِ وَهَذَا من أَشْكَلِ ما يَكُونُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَايَى بها وَأَطْلَقَ الْوُجُوبَ وَعَدَمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. قَوْلُهُ إلَّا الرِّيحَ يَعْنِي لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ له وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ له قَالَهُ في الْفَائِقِ وَأَوْجَبَهُ حَنَابِلَةُ الشَّامِ. ذَكَرَه ابن الصَّرْفِيِّ قال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ الِاسْتِنْجَاءُ من نَوْمٍ وَرِيحٍ وَإِنَّ أَصْحَابَنَا بِالشَّامِ قالت الْفَرْجُ تَرْمُصُ كما تَرْمُصُ الْعَيْنُ وَأَوْجَبَتْ غَسْلَهُ ذَكَرَهُ أبو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ ذَكَرَهُ عنه ابن الصَّرْفِيِّ. قُلْت لم نَطَّلِعْ على كَلَامِ أَحَدٍ من الْأَصْحَابِ بِعَيْنِهِ مِمَّنْ سَكَنَ الشَّامَ وَبِلَادَهَا قال ذلك. وَقَوْلُهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ الِاسْتِنْجَاءُ صَوَابُهُ وَقَيَّدَ بِالِاسْتِنْجَاءِ.
تنبيه: عَدَمُ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ منها لِمَنْعِ الشَّارِعِ منه قَالَهُ في الِانْتِصَارِ وقال في الْمُبْهِجِ لِأَنَّهَا عَرَضٌ بِإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّينَ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَأَمَّا حُكْمُهَا فَالصَّحِيحُ أنها طَاهِرَةٌ وقال في النِّهَايَةِ هِيَ نَجِسَةٌ فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ على الْمَذْهَبِ أو إنْ تَغَيَّرَ بها وقال في الِانْتِصَارِ هِيَ طَاهِرَةٌ لَا تُنْقَضُ بِنَفْسِهَا بَلْ بِمَا يَتْبَعُهَا من النَّجَاسَةِ فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا وَيُعْفَى عن خَلْعِ السَّرَاوِيلِ لِلْمَشَقَّةِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وفي الْمُذْهَبِ وَجْهٌ بَعِيدٌ لَا عَمَلَ عليه بِتَنْجِيسِهَا. قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَهُ فَهَلْ يَصِحُّ وُضُوءُهُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ هذا اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ هذا أَشْهَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْجُمْهُورِ قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ الصَّرْصَرِيُّ في نَظْمِ زَوَائِدِ الْكَافِي وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالتَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنِهَايَة ابن رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهَا في الْمُحَرَّرِ.
فائدة: لو كانت النَّجَاسَةُ على غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ أو على السَّبِيلَيْنِ غير خَارِجَةٍ مِنْهُمَا صَحَّ الْوُضُوءُ قبل زَوَالِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ قَالَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كَلَامِهِ قال ابن رَزِينٍ ليس بِشَيْءٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَهُ خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ. وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ يَعْنِي تَخْرِيجَ التَّيَمُّمِ قبل الِاسْتِنْجَاءِ على رِوَايَتَيْ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ على الِاسْتِنْجَاءِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قال في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَلَا فَرْقَ بين التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَجْهًا وَاحِدًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا. أَمَّا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْوُضُوءِ فَفِي التَّيَمُّمِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فَهُنَا أَوْلَى وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وفي صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ قبل الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا بُطْلَانُهُ وَقِيلَ يُجْزِئُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ لَا التَّيَمُّمُ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ قَبْلَهُ وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى وقال في الصُّغْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ عَدَمَ الصِّحَّةِ في الْوُضُوءِ وفي صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ وَجْهَانِ وقال في الْكَافِي وَشَرْحِ. الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوُضُوءِ قبل الِاسْتِنْجَاءِ هل يَصِحُّ التَّيَمُّمُ على وَجْهَيْنِ انْتَهَى. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ في التَّيَمُّمِ لو كانت النَّجَاسَةُ في غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ صَحَّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ على غَسْلِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَتَبِعَه ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْأَشْبَهُ الْجَوَازُ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ عن بن عَقِيلٍ أَنَّهُ قال إنَّ حُكْمَ النَّجَاسَةِ على غَيْرِ الْفَرْجِ حُكْمُهَا على الْفَرْجِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ قال في الْمُذْهَبِ لم يَصِحَّ التَّيَمُّمُ على قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَاقْتَصَرَ عليه وَاَلَّذِي رَأَيْته في الْفُصُولِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ في هذه الْمَسْأَلَةِ مع حِكَايَتِهِ لِلْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُ في مَسْأَلَةِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قبل الِاسْتِنْجَاءِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن تَمِيمٍ وَالْكَافِي وَالْحَوَاشِي وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ.
فائدة: إذَا قُلْنَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ قبل الِاسْتِنْجَاءِ فإنه يَسْتَفِيدُ في الْحَالِ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَلُبْسَ الْخُفَّيْنِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَمَّا يَسْتَنْجِي بِهِ وَغَيْرَ ذلك وَتَسْتَمِرُّ الصِّحَّةُ إلَى ما بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ ما لم يَمَسَّ فَرْجَهُ بِأَنْ يَسْتَجْمِرَ بِحَجَرٍ أو خِرْقَةٍ أو يَسْتَنْجِيَ بِالْمَاءِ وَعَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ فَإِنْ مَسَّ فَرْجَهُ خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في نَقْضِ الْوُضُوءِ بِهِ على ما يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
|