الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.فصل: في ذِكْرِ مَا اسْتُثْنِيَ مِنَ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ: وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيّ: قَدِ اعْتَنَى بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِبَيَانِ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ بِالْمَدِينَةِ. فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ. قَالَ: وَأَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ، فَهُوَ نُزُولُ شَيْءٍ مِنْ سُورَةٍ بِمَكَّةَ، تَأَخُّرُ نُزُولِ تِلْكَ السُّورَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمْ أَرَهُ إِلَّا نَادِرًا.قُلْتُ: وَهَا أَنَا ذَا أَذْكُرُ مَا وَقَفْتُ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ مِنَ النَّوْعَيْنِ، مُسْتَوْعِبًا مَا رَأَيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الِاصْطِلَاحِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَأُشِيرَ إِلَى أَدِلَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِ ابْنِ الْحَصَّارِ السَّابِقِ، وَلَا أَذْكُرُ الْأَدِلَّةَ بِلَفْظِهَا، اخْتِصَارًا وَإِحَالَةً عَلَى كِتَابِنَا أَسْبَابُ النُّزُولِ.الْفَاتِحَةُ: تَقَدَّمَ قَوْلٌ أَنَّ نِصْفَهَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ النِّصْفُ الثَّانِي، وَلَا دَلِيلَ لِهَذَا الْقَوْلِ.الْبَقَرَةُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا آيَتَان: {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} [109]. وَ{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} [272].الْأَنْعَامُ: قَالَ ابْنُ الْحَصَّار: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا تِسْعُ آيَاتٍ، وَلَا يَصِحُّ بِهِ نَقْلٌ، خُصُوصًا قَدْ وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً.قُلْتُ: قَدْ صَحَّ النَّقْلُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِاسْتِثْنَاءِ {قُلْ تَعَالَوْا} الْآيَاتِ الثَّلَاثَ [151- 153] كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْبَوَاقِي: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [91]. لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ، قَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} الْآيَتَيْنِ [21- 22]، نَزَلَتَا فِي مُسَيْلِمَةَ. وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابِ يَعْرِفُونَهُ} [20] وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [الْأَنْعَام: 114].وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: نَزَلَتِ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ إِلَّا آيَتَيْنِ نَزَلَتَا بِالْمَدِينَةِ فِي رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَنْعَام: 91].وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بِشْرٍ، قَالَ: الْأَنْعَامُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} [151] وَالْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا.الْأَعْرَاف: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: الْأَعْرَافُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَةَ {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [163] وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ هُنَا إِلَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} [172] مَدَنِيٌّ.الْأَنْفَالُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الْأَنْفَال: 30] قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ.قُلْتُ: يَرُدُّهُ مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ بِعَيْنِهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا أَخْرَجْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ. وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} الْآيَةَ [64] وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرُهُ.قُلْتُ: يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ.بَرَاءَةٌ: قَالَ ابْنُ الْفَرَس: مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} إِلَى آخِرِهَا [128- 129].قُلْتُ: غَرِيبٌ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهَا آخِرُ مَا نَزَلَ!.. وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ. [بَرَاءَةٍ: 113]. لِمَا وَرَدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي «قَوْلِهِ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِأَبِي طَالِبٍ لِأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ».يُونُسُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ} [يُونُسَ: 94، 95]. وَقَوْلُهُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ} [يُونُسَ: 40] قِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ. وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ مَكِّيٌّ وَالْبَاقِي مَدَنِيٌّ. حَكَاهَا ابْنُ الْفَرَسِ وَالسَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.هُودٌ اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} [12- 14] {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [17] {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ} [هُودٍ: 114].قُلْتُ: دَلِيلُ الثَّالِثَةِ مَا صَحَّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي حَقِّ أَبِي الْيُسْرِ.يُوسُفُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا، حَكَاهُ أَبُو حَيَّانَ، وَهُوَ وَاهٍ جِدًّا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ.الرَّعْدُ: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُورَةُ الرَّعْدِ مَدَنِيَّةٌ إِلَّا آيَةً، قَوْلُهُ: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} [الرَّعْد: 31].وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، يُسْتَثْنَى قَوْلُهُ: {اللَّهُ يَعْلَمُ} إِلَى قَوْلِه: {شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرَّعْد: 8- 13] كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْآيَةُ آخِرُهَا. فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ حَتَّى أَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَابَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَيْ قَوْمٍ، تَعْلَمُونَ أَنِّي الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرَّعْد: 43] قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَم.إِبْرَاهِيمُ: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ مَكِّيَّةٌ غَيْرَ آيَتَيْنِ مَدَنِيَّتَيْن: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهَ كُفْرًا} إِلَى {وَبِئْسَ الْقَرَارُ} [إِبْرَاهِيمَ: 28- 29].الْحِجْرُ: اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْهَا {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا} الْآيَةَ [الْحِجْر: 87].قُلْتُ: وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ قَوْلِه: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ} [الْحِجْر: 24] لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، وَأَنَّهَا فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ.النَّحْلُ: تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اسْتَثْنَى آخِرَهَا. وَسَيَأْتِي فِي السَّفَرِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتِ النَّحْلُ كُلُّهَا بِمَكَّةَ إِلَا هَؤُلَاءِ الْآيَات: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} [126] إِلَى آخِرِهَا.وَأُخْرِجَ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُورَةُ النَّحْلِ مِنْ قوله: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [النَّحْل: 41] إِلَى آخِرِهَا مَدَنِيٌّ، وَمَا قَبْلَهَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ مَكِّيٌّ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ. عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّحْلَ نَزَلَ مِنْهَا بِمَكَّةَ أَرْبَعُونَ، وَبَاقِيهَا بِالْمَدِينَةِ. وَيَرُدُّ ذَلِكَ: مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ فِي نُزُول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النَّحْل: 90] وَسَيَأْتِي فِي نَوْعِ التَّرْتِيبِ.الْإِسْرَاءُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الْآيَةَ [الْإِسْرَاء: 85] لِمَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي جَوَابِ سُؤَالِ الْيَهُودِ، عَنِ الرُّوحِ.وَاسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْضًا: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} إِلَى قَوْلِه: {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الْإِسْرَاء: 73- 81] وَقَوْلُهُ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا} [الْإِسْرَاء: 60]. وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} [الْإِسْرَاء: 107] لِمَا أَخْرَجْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ.الْكَهْفُ: اسْتُثْنِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى {جُرُزًا} [1- 8]. وَقَوْلُهُ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} الْآيَةَ [28] وَ{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [107] إِلَى آخِرِ السُّورَة.مَرْيَمُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا آيَةُ السَّجْدَةِ، وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [71].طه: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا} [130].قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى آيَةٌ أُخْرَى، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: «أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفًا، فَأَرْسَلَنِي إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُود: أَنْ أَسْلِفْنِي دَقِيقًا إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ، فَقَالَ: لَا إِلَّا بِرَهْنٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لِأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ. فَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ}» [طه: 131].الْأَنْبِيَاءُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَا نَأْتِي الْأَرْضَ} الْآيَةَ [الْأَنْبِيَاء: 44].الْحَجُّ: تَقَدَّمَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهَا.الْمُؤْمِنُونَ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ}، إِلَى قَوْلِهِ {مُبْلِسُونَ} [64- 77].الْفُرْقَانُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ} إِلَى {رَحِيمًا} [الْفُرْقَان: 68- 70].الشُّعَرَاءُ: اسْتَثْنَى ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْهَا {وَالشُّعَرَاءُ} [224- 227]. إِلَى آخِرِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ. زَادَ غَيْرُهُ قَوْلَهُ: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [197] حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ.الْقَصَصُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} إِلَى قَوْلِه: {الْجَاهِلِينَ} [52- 55]، فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ هِيَ وَآخِرُ الْحَدِيدِ فِي أَصْحَابِ النَّجَاشِيِّ الَّذِينَ قَدِمُوا وَشَهِدُوا وَقْعَةَ أُحُدٍ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} الْآيَةَ [85]. لِمَا سَيَأْتِي.الْعَنْكَبُوتُ: اسْتُثْنِيَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى: {وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [الْعَنْكَبُوت: 11] لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا.قُلْتُ: وَيُضَمُّ إِلَيْهِ {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} الْآيَةَ [الْعَنْكَبُوت: 60]، لِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا.لُقْمَانُ: اسْتَثْنَى مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ} [لُقْمَانَ: 27- 29] الْآيَاتِ الثَّلَاثَ كَمَا تَقَدَّمَ.السَّجْدَةُ: اسْتَثْنَى مِنْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا} [السَّجْدَة: 18- 20]. الْآيَاتِ الثَّلَاثَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَزَادَ غَيْرُهُ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} [السَّجْدَة: 16]. وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ، فَنَزَلَتْ.سَبَأٌ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} الْآيَةَ [سَبَأٍ: 6]. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي... الْحَدِيثَ، وَفِيه: وَأُنْزِلَ فِي سَبَأٍ مَا أُنْزِلَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا سَبَأٌ؟... الْحَدِيثَ».قَالَ ابْنُ الْحَصَّار: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مُهَاجَرَةَ فَرْوَةَ بَعْدَ إِسْلَامِ ثَقِيفٍ سَنَةَ تِسْعٍ.قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: {وَأُنْزِلَ} حِكَايَةً عَمَّا تَقَدَّمَ نُزُولُهُ قَبْلَ هِجْرَتِهِ.يس: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} الْآيَةَ [يس: 12]. لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «كَانَتْ بَنُو سَلَمَةَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَأَرَادُوا النَّقْلَةَ إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَمْ يَنْتَقِلُوا».وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا} الْآيَةَ [يس: 47] قِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ.الزُّمَرُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ} [الزَّمْر: 53- 55] الْآيَاتِ الثَّلَاثَ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي وَحْشِيِّ قَاتِلِ حَمْزَةَ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} الْآيَةَ [الزَّمْر: 10]، وَذَكَرَهُ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.وَزَادَ غَيْرُهُ {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيث} الْآيَةَ. [الزَّمْر: 23] وَحَكَاهُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ.غَافِرٌ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ} إِلَى قَوْلِهِ {لَا يَعْلَمُونَ} [56- 57]. فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَغَيْرِه: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ لَمَّا ذَكَرُوا الدَّجَّالَ، وَأَوْضَحْتُهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ.الشُّورَى: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى} إِلَى قَوْلِهِ {بَصِيرٌ} [24- 27].قُلْتُ: بِدَلَالَةِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ. وَقَوْلُهُ {وَلَوْ بَسَطَ} الْآيَةَ [27] نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّةِ.وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ سَبِيلٍ} [الشُّورَى: 39- 41] حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ.الزُّخْرُفُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا} الْآيَةَ [الزُّخْرُف: 45]. قِيلَ: نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَقِيلَ: فِي السَّمَاءِ.الْجَاثِيَةُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {قُلْ لِلَّذِينِ آمَنُوا} الْآيَةَ [الْجَاثِيَة: 14] حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ عَنْ قَتَادَةَ.الْأَحْقَافُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} الْآيَةَ [الْأَحْقَاف: 10]، فَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيّ: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى، لَكِنْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ إِسْلَامُ ابْنُ سَلَامٍ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ خُصُومَةٌ خَاصَمَ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَيْسَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ.وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} [الْأَحْقَاف: 35] الْآيَاتِ الْأَرْبَعَ. وَقوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ} الْآيَةَ [الْأَحْقَاف: 35]، حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ. (ق): اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ} إِلَى {لُغُوبٍ} [ق: 38]. فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُود.النَّجْمُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ} [النَّجْم: 32] إِلَى {اتَّقَى} وَقِيلَ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النَّجْم: 33] الْآيَاتِ التِّسْعَ.الْقَمَرُ: قَوْلُهُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} الْآيَةَ [الْقَمَر: 45]. وَهُوَ مَرْدُودٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي عَشْرَ. وَقِيلَ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الْآيَتَيْنِ [54- 55].الرَّحْمَنُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {يَسْأَلُهُ} [29]، حَكَاهُ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.الْوَاقِعَةُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الْوَاقِعَة: 39- 40] وَقوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} إِلَى {تُكَذِّبُونَ} [الْوَاقِعَة: 75- 82]، لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا.الْحَدِيدُ: يُسْتَثْنَى مِنْهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ آخِرُهَا.الْمُجَادَلَةُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ} الْآيَةَ [الْمُجَادَلَة: 7] حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ وَغَيْرُهُ.التَّغَابُنُ: يُسْتَثْنَى مِنْهَا عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ آخِرُهَا، لِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا.التَّحْرِيمُ: تَقَدَّمَ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ الْمَدَنِيَّ مِنْهَا إِلَى رَأْسِ الْعَشْرِ، وَالْبَاقِي مَكِّيٌّ.تَبَارَكَ: أَخْرَجَ جُوَيْبِرٌ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُنْزِلَتِ الْمُلْكُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ.(ن): اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} إِلَى {يَعْلَمُونَ} [17- 33] وَمِنْ {فَاصْبِرْ} إِلَى {الصَّالِحِينَ} [ن: 48- 50] فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ، حَكَاهُ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.الْمُزَّمِّلُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [الْمُزَّمِّل: 10- 11] الْآيَتَيْنِ حَكَاهُ الْأَصْبِهَانِيُّ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ} [الْمُزَّمِّل: 20] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَيَرُدُّهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهُ نَزَلَ بَعْدَ نُزُولِ صَدْرِ السُّورَةِ بِسَنَةٍ، وَذَلِكَ حِينَ فُرِضَ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.الْإِنْسَانُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الْإِنْسَان: 24].الْمُرْسَلَاتُ: اسْتُثْنِيَ مِنْهَا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [الْمُرْسَلَات: 48] حَكَاهُ ابْنُ الْفَرَسِ، وَغَيْرُهُ.الْمُطَفِّفِينَ: قِيلَ: مَكِّيَّةٌ، إِلَا سِتَّ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا.الْبَلَدُ: قِيلَ: مَدَنِيَّةٌ، إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا.اللَّيْلُ: قِيلَ: مَكِّيَّةٌ، إِلَّا أَوَّلَهَا.أَرَأَيْتَ: نَزَلَ ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِهَا بِمَكَّةَ، وَالْبَاقِي بِالْمَدِينَةِ..ضَوَابِطُ فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ: أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِه: مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: مَا كَانَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَمَا كَانَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَبِمَكَّةَ.وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْفَضَائِلِ عَنْ عَلْقَمَةَ مُرْسَلًا.وَأُخْرِجَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} أَوْ {يَا بَنِي آدَمَ} فَإِنَّهُ مَكِّيٌّ، وَمَا كَانَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ.قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَابْنُ الْفَرَسِ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ فِي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} صَحِيحٌ، وَأَمَّا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} فَقَدْ يَأْتِي فِي الْمَدَنِيِّ.وَقَالَ ابْنُ الْحَصَّار: وَقَدِ اعْتَنَى الْمُتَشَاغِلُونَ بِالنَّسْخِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاعْتَمَدُوهُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنْ (النِّسَاءَ) مَدَنِيَّةٌ، وَأَوَّلُهَا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} وَعَلَى أَنَّ (الْحَجَّ) مَكِّيَّةٌ؛ وَفِيهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الْحَجّ: 77].وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا الْقَوْلُ إِنْ أُخِذَ عَلَى إِطْلَاقِهِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مَدَنِيَّةٌ، وَفِيهَا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الْبَقَرَة: 21] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ} [الْبَقَرَة: 168] وَسُورَةُ النِّسَاءِ مَدَنِيَّةٌ، وَأَوَّلُهَا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ.وَقَالَ مَكِّيٌّ: هَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ بِعَامٍّ وَفِي كَثِيرٍ مِنَ السُّوَرِ الْمَكِّيَّة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ خِطَابٌ، الْمَقْصُودُ بِهِ- أَوْ جُلُّ الْمَقْصُودِ بِهِ- أَهْلُ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ.وَقَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَ الرُّجُوعُ فِي هَذَا إِلَى النَّقْلِ فَمُسْلِمٌ، وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ فِيهِ حُصُولَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْكَثْرَةِ دُونَ مَكَّةَ فَضَعِيفٌ، إِذْ يَجُوزُ خِطَابُ الْمُؤْمِنِينَ بِصِفَتِهِمْ وَبِاسْمِهِمْ وَجِنْسِهِمْ. وَيُؤْمَرُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعِبَادَةِ كَمَا يُؤْمَرُ الْمُؤْمِنُونَ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهَا وَالِازْدِيَادِ مِنْهَا. نَقَلَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي تَفْسِيرِهِ.وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بَكِيرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيهِ ذِكْرُ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَمَا كَانَ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ.وَقَالَ الْجَعْبَرِيُّ: لِمَعْرِفَةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ طَرِيقَان: سَمَاعِيٌّ وَقِيَاسِيٌّ.فَالسَّمَاعِيُّ: مَا وَصَلَ إِلَيْنَا نُزُولُهُ بِأَحَدِهِمَا.وَالْقِيَاسِيُّ: كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} فَقَطْ، أَوْ (كَلَّا) أَوْ: أَوَّلُهَا حَرْفُ تَهَجٍّ- سِوَى الزَّهْرَاوَيْنِ وَالرَّعْدِ- أَوْ: فِيهَا قِصَّةُ آدَمَ وَإِبْلِيسَ- سِوَى الْبَقَرَةِ- فَهِيَ مَكِّيَّةٌ، وَكُلُّ سُورَةٍ فِيهَا قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ مَكِّيَّةٌ، وَكُلُّ سُورَةٍ فِيهَا فَرِيضَةٌ أَوْ حَدٌّ فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ. انْتَهَى.وَقَالَ مَكِّيٌّ: كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْمُنَافِقِينَ فَمَدَنِيَّةٌ، زَادَ غَيْرُهُ: سِوَى الْعَنْكَبُوتِ.وَفِي كَامِلِ الْهُذَلِيّ: كُلُّ سُورَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ فَهِيَ مَكِّيَّةٌ.وَقَالَ الدِّيرِينِيُّ رَحِمَهُ اللَّه:وَحِكْمَةُ ذَلِكَ: أَنَّ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ نَزَلَ أَكْثَرُهُ بِمَكَّةَ، وَأَكْثَرُهَا جَبَابِرَةٌ، فَتَكَرَّرَتْ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّهْدِيدِ وَالتَّعْنِيفِ لَهُمْ، وَالْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ. وَمَا نَزَلَ مِنْهُ فِي الْيَهُودِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِيرَادِهَا فِيهِ لِذِلَّتِهِمْ وَضَعْفِهِمْ؛ ذَكَرَهُ الْعِمَّانِيُّ.فَائِدَةٌ:أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: نَزَلَ الْمُفَصَّلُ بِمَكَّةَ، فَمَكَثْنَا حِجَجًا نَقْرَؤُهُ، لَا يَنْزِلُ غَيْرُهُ.تَنْبِيهٌ:قَدْ تَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَوْجُهِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ حَبِيبٍ: الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ، وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَتَرْتِيبُ نُزُولِ ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ الْمَدَنِيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَالْآيَاتُ الْمَكِّيَّاتُ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ، وَبَقِيَ أَوْجُهٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا النَّوْعِ ذَكَرَ هُوَ أَمْثِلَتَهَا فَنَذْكُرُهُ.مِثَالُ مَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَحُكْمُهُ مَدَنِيٌّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الْآيَةَ [الْحُجُرَات: 13] نَزَلَتْ بِمَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. وَقَوْلُهُ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الْمَائِدَة: 3] كَذَلِكَ.قُلْتُ: وَكَذَا قَوْلُهُ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النِّسَاء: 58] فِي آيَاتٍ أُخَرَ.وَمِثَالُ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ وَحُكْمُهُ مَكِّيٌّ: سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ؛ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ مُخَاطِبَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ.وَقَوْلُهُ فِي النَّحْل: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا} [النَّحْل: 41] إِلَى آخِرِهَا، نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ مُخَاطِبًا بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ.وَصَدْرُ بَرَاءَةٍ، نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ خِطَابًا لِمُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ.وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ تَنْزِيلَ الْمَدَنِيِّ فِي السُّوَرِ الْمَكِّيَّة: قَوْلُهُ فِي النَّجْم: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}.[النَّجْم: 32]. فَإِنَّ الْفَوَاحِشَ كُلُّ ذَنْبٍ فِيهِ حَدٌّ، وَالْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ عَاقِبَتُهُ النَّارُ، وَاللَّمَمُ مَا بَيْنَ الْحَدَّيْنِ مِنَ الذُّنُوبِ. وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ حَدٌّ، وَلَا نَحْوُهُ.وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ تَنْزِيلَ مَكَّةَ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّة: قَوْلُهُ: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} وَقَوْلُهُ فِي الْأَنْفَال: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ} الْآيَةَ [الْأَنْفَال: 32].وَمِثَالُ مَا حُمِلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَة: سُورَةُ يُوسُفَ، وَالْإِخْلَاصِ.قُلْتُ: وَ{سَبِّحْ}، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ.وَمِثَالُ مَا حُمِلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [الْبَقَرَة: 217] وَآيَةُ الرِّبَا، وَصَدْرُ بَرَاءَةٍ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسُهِمْ} [النِّسَاء: 97] الْآيَاتِ.وَمِثَالُ مَا حُمِلَ إِلَى الْحَبَشَة: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 64] الْآيَاتِ.قُلْتُ: صَحَّ حَمْلُهَا إِلَى الرُّومِ.وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ لِمَا حُمِلَ إِلَى الْحَبَشَةِ بِسُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَرَأَهَا عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.وَأَمَّا مَا أُنْزِلَ بِالْجُحْفَةِ وَالطَّائِفِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْحُدَيْبِيَةِ؛ فَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الَّذِي يَلِي هَذَا، وَيُضَمُّ إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِمِنًى وَعَرَفَاتٍ وَعُسْفَانَ وَتَبُوكٍ وَبَدْرٍ وَأُحُدٍ وَحِرَاءَ وَحَمْرَاءِ الْأَسَدِ.
|