الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إعراب القرآن **
وإنما ذكرنا هذا الباب لأن أبا علي خيل إلى عضد الدولة أنه استنبط من الشعر ما يدل على جواز ذلك فقال: ومما يدل على جواز تقديم خبر المبتدأ على المبتدأ قول الشماخ: كلا يومي طوالة وصل أروى ظنون آن مطرح الظنون قال: ف وصل أروى مبتدأ وظنون خبره. وكلا ظرف لظنون. والتقدير فيه: كلا يومي مشهد طوالة كأنها رباب بها في اليومين كقول جرير: كلا يومي أمامة يوم صدٍ وإنْ لم تأتها إلاَّ لماما المعنى: كلا يومي زيارة أمامة يوم صد. أي: إن زرناها لماما أو دراكا صدت عنا كلا يومي ولو كان أبو الحسن حاضراً لم يستدل بقول الشماخ وإنما يتبرك بقوله عزّ من قائل: " ومثله: " وأما قوله تعالى " وكافرون خبره. والجار من صلة الخبر. وكذلك في هود ويوسف قوله: " وسأعدُّه في جملة المكررات. ومثله قوله: " ما فرطتم في موضع ابتداء ولا يكون مرتفعاً بالظرف لأن قبل لما بُني خرج من أن يكون خبراً. ألا ترى أنه قال: لا يبنى عليه شيء ولا يبنى على شيء. فإذا لم يجز أن يكون مستقراً علمت أن قوله: في يوسف وأن قوله: من قبل معمول هذا الظرف. الذي هو في يوسف وإن تقدم عليه لأن الظرف يتقدم على ما يعمل فيه وإن كان العامل معنى والتقدير: وتفريطكم في يوسف من قبل فوقع الفصل بين حرف العطف والمبتدأ بالظرف. وإذا كان كذلك فالفصل فيه لا يقبح في الرفع والنصب كما قبح في الجر. ويجوز ألا يكون ذلك فصلاً ولكن الحرف يعطف جملة على ما قبل. وكما استدل أبو الحسن بجواز تقديم الخبر على المبتدأ بالبيت استدل بجواز تقديم خبر كان على كان بقوله: " والتقدير: أكنتم تستهزئون بالله. وقد جاء تقديم خبر كان على كان في قوله: " وقوله: " وهو معهم أينما كانوا ". ف أينما في الآيتين خبر كان. وكذلك في قصة عيسى: " وجعلني مباركاً أينما كنت ". فأما قوله: " والموصول مرفوع بالابتداء وأين خبر مقدم عليه. بخلاف ما في الآيتين المتقدمتين لأنها صلة زائدة والتقدير: أين كنتم وكما استدل بهذين فيما ذكرنا استدل بتقديم خبر ليس على ليس بقوله تعالى: " فقال: التقدير: ألا ليس العذاب مصروفاً عنهم يوم يأتيهم. ف يوم منصوب بمصروف وقدمه على ليس فدل على جواز: قائماً ليس زيد. فزعم عثمان أن الآية تحتمل وجهين غير ما قاله. أحدهما: أن يوماً ظرف والظرف يعمل فيه الوهم فيجوز تقديم الظرف الذي عمل فيه خبر ليس على ليس ولا يدل على جواز قائماً ليس زيد. والوجه الثاني: أن يوماً منصوب بمعنى ألا لأن معنى ألا تنبيه. قال سيبويه: ألا تنبيه تقول: ألا إنه ذاهب. وألا حرف واحد وليست لا التي للنفي دخل عليها الهمزة. ألا ترى وقوع إنَّ بعدها في قوله: " ولو كانت تلك لم تخل من أن يقع بعدها اسم أو فعل نحو: ألا رجل وألا أمرأة وألا يقوم زيد ففي وقوع إن بعدها دليل على ما ذكرنا. فإن قلت: إذا كان حرف تنبيه فكيف جاز أن يدخل على التنبيه في مثل قوله: ألا يا اسلمى و " ألا يسجدوا ". فإنما جاز ذلك: لأن يا لما استعمل استعمال الجمل سد مسدهه في النداء جاز دخول هذا الحرف عليه كما جاز دخولها على الجمل. ويدلك على أنها ليست للنفي قوله تعالى: " ويدلك على ذلك أيضاً أن لا النافية لم تدخل على ليس في موضع فحملها على النافية هنا لا يصح لأنه لم يوجد له نظير ف ألا بمعنى: انتبه. وقد عمل في يوم يأتيهم فلا يدل على جواز: قائماً ليس زيدٌ. وإنما يدل عليه: " أينما كانوا " " أينما كنتم " لأن ليس من أخوات كان. وقد جاء ألا في التنزيل يراد ب لا فيه معنى النفي في موضعين في ابتداء الكلام: أحدهما: قوله: " ألا يعلم من خلق ". والموضوع الآخر: " لأنه لا يجوز أن يكون " من قبل " خبراً لما نقلناه عن سيبويه يقودك إليه في قول الشاعر: وما صحب زهرٍ في السنين التي مضت وما بعد لا يدعون إلا الأشائما ألا ترى أن شارحكم زعم أن ما موصولة وبعد صلته ولو يكن له حسّ ولا علم بقول صاحب الكتاب من أن قبل و بعد في حالتي البناء لا يخبر عنهما ولا بهما ولا توصل بهما الموصولات. ف ما في البيت زيادة غير موصولة كقوله: " وقوله: " وقوله " فإن يعلمه اسم يكن وآية خبر مقدم على الاسم وهي قراءة الناس سوى ابن عامر فإنه قرأ أو لم تكن بالتاء وآية رفعا. فحمله الفارسي على إضمار القصة وأن يعلمه مبتدأ وآية خبره والجملة خبر تكن كقوله: " ومثل قوله: " ومثل قوله: " فهو مبتدأ. وفي شأن خبره. أي: هو كائن في شأن كل يوم. ف كل يوم ظرف لقوله في شأن ف في شأن ضمير انتقل إليه من اسم الفاعل وليس في كل يوم ضمير لتعلقه بالظرف دون المضمر. وهذا على قول من وقف على قوله " كُلَّ يَوٍْم " فهو منصوب يسأله. وقوله هو في شأن مبتدأ وخبر. ومثل الأول ما حكاه سيبويه من قولهم: أكل يوم لك ثوب. وأما جعل أن بصلته اسم كان وليس في الآى التي تلوناها فإنما كان لأن أن وصلتها أولى وأحسن لشبهها بالمضمر في أنها لا يوصف بها المضمر وكأنه اجتمع مضمر ومظهر. والأولى إذا اجتمع مضمر ومظهر لأن يكون الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر فكذلك إذا اجتمع مع مظهر غيره كان أن يكون اسم كان المضمر والمظهر الخبر أولى. فلهذا المعنى قال قوم: إذا قلت: في الدار إنك قائم ونحو قوله: " إنما رفع بالظرف لأنه يشبه المضمر. و غداً الرحيل هو أن مع الفعل فيشبه المضمر. ويلزم على تشبيه أن بالمضمر أن تكون أن الناصبة للفعل مرتفعة في قوله بالظرف لاجتماعها مع وليس الأمر في أن كذلك لارتفاعها بالابتداء وإن لم يجز تقديمه في قوله: " ولا يستقيم أن يفعل بينهما ب أن يقال: إنّ " أنْ " الخفيفة قد ابتدئت والثقيلة لم تبتدأ. لأنه يقال له: ارفعه بالابتداء وإن لم يجز تقديمه كما رفعت زيدا ونحوه بالابتداء وإن لم يجز أن يبتدأ بها في أول الكلام. وأما قوله تعالى: " وجاز ذلك فيها وإن لم تكن مثل كان وبابها من الأفعال المجردة من الدلالة على الحدث لمشابهتها لها في لزوم الخبر إياها. ألا ترى أنها لا تخلو من الخبر كما أن تلك الأفعال كذلك. وقد أجاز أبو الحسن في قوله: " قال: وإن شئت رفعتها يعني القلوب ب كاد وجعلت تزيغ حالاً. فأما احتماله الضمير مما جرى فوجهه: أنه لما تقدم قوله: " وكانوا قبيلا ومن عاندهم من الكفار والمنافقين قبيلا أضمر في كاد قبيلا. فأما كون يزيغ حالاً فيدل على صحته قول العجاج: إذا سمعت صوتها الخرَّارا أصم يهوى وقعها الصوارا ألا ترى أنه قد تقدم يهوى على وقعها في موضع هاويا وهذا يدل على جواز تقديم الحال من المضمر. ومن تقديم خبر كان قوله: " وحمله الكوفي على إضمار المجهول في يكن وفي يكن ضمير القصة وكفوا حال. وهذا إنما جاز عندهم للحاق النفي الكلام وإلا كان كفرا لأنك إذا قلت: لم يكن الأمر له كفواً أحد كان إيجاباً تعالى الله عن ذلك وتقدس. فهو كقولهم: ليس الطيب إلا المسك على إضمارٍ في ليس وإدخال إلا بين المبتدأ والخبر لأنه يؤول إلى النفي. والعامل في الظرف إذا كان حالاً هو يكن. وعلى قول البغداديين في كفوا المنتصب على الحال وكانَّ له إنما قدمت وإن لم يكن مستقراً لأن فيه تبييناً وتخصيصاً ل كفو. فلهذا قدم وحسن التقديم وإن لم يكن مستقراً. فهذا كله في تقديم ما في حيز المبتدأ. فأما الظرف إذا كان خبراً ل كان فتقديمه على اسم كان كثير كقوله: " وقوله: " قد كان لكم آية " وكقوله: " فأما قوله: " وقيل: بل اسم كان مضمر والتقدير: كان الانتقام حقاً فتقف على هذا وتبتدئ " علينا نصر المؤمنين ". ومن هذا الباب قوله تعالى: " ومثله: " ف أنتم مبتدأ ومدهنون خبره والجار من صلة مدهنون. وأما قوله قليلاً فستراه في باب آخر إن شاء الله. ما جاء في التنزيل وقد حُذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وهو جائز حسن في العربية يعد من جملة الفصاحة والبلاغة. وقد ذكره سيبويه في غير موضع من كتابه. فمن ذلك قوله: " ومن ذلك قوله: " كما أن قوله: " دليله قوله: " وما جاء في التنزيل من قوله: " وعليه قراءة ابن عامر في قوله: " وليست الدار مضافة إلى الآخرة لأن الشيء لا يضاف إلى صفته كما لا يضاف إلى نفسه. وعلى هذا: مسجد الجامع أي الوقت الجامع وصلاة الأولى أي: صلاة الساعة الأولى و " فمن قال بخلاف ذا فقد أخطأ. ومن ذلك قوله تعالى: " فحذف الموصوف وأقيمت الكاف التي هي صفته بمقامه. وعلى هذا جميع ما جاء في التنزيل من قوله: كما. ومثله: كذلك في نحو قوله: " ويكون مثل قولهم بدلاً من الأول وتفسيراً. ومثله: " ومثله: " وأما قوله: " وإن شئت كان من صلة قوله: " وأما قوله: " وأما قوله تعالى: " وعلى هذا قياس كاف التشبيه في التنزيل وهذا نوع آخر من حذف الموصوف. ومن ذلك " وقدره آخرون: ولتجدنهم ومن الذين أشركوا أي: ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس فهو وصف لموصوف منصوب معطوف على مفعول لتجدنهم. وقدره الفراء: من يود. ومن إن كان موصولاً فلا يجوز إضماره وإن كان موصوفاً جاز إضماره كقول حسان: فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء أي: من يمدحه ومن ينصره. ويكون من موصوفاً. ومن لم يقف على حياة فإنما أدخل من على قوله: " إذ المعنى: ولتجدنهم أحرص من الناس ومن الذين أشركوا. ومن ذلك قوله تعالى: " أي: ومن آياته آية يريكم البرق. دليله قوله: " أي: يسمعون ليكذبوا عليك ويحرفوا ما سمعوا. فقوله يحرفون صفة لقوله سماعون وليس بحال من الضمير الذي في يأتوك. ألا ترى أنهم إذا لم يأتوا لم يسمعوا فيحرفوا وإنما التحريف ممن يشهد ويسمع ثم يحرف. وإذا كان كذلك فالمحرفون من اليهود بعضهم وإذا كانوا بعضهم لا جميعهم كان حمل قوله: من الذين هادوا فريق يحرفون الكلم أشبه من حمله على ما أحببنا نحن به أحد شيوخنا لأنه لهذه الآية أوفق. يعني بذلك حين سأله أحد شيوخه عن تعلق منْ في قوله: " كقوله " فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا " فإن قلت: فلم لا نجعل قوله " يحرفون " حالاً منها في " لم يأتوك " على حد " ومن حذف الموصوف قوله: " أي: قد حصرت صدورهم ليكون نصباً على الحال. وقال قوم: هو على الدعاء. ومن حذف الموصوف قوله: " فحذف الموصوف. وفيه وجهان آخران نخبرك عنهما في بابيهما إن شاء الله. ومن حذف الموصوف قوله تعالى: " لا بد من هذا التقدير لأنك لو لم تقدر هذا لوجب عليك تقدير زيادة من في الواجب وليس مذهب صاحب الكتاب. ومثله قراءة من قرأ: " تقديره: وشيء من نحاس. فحذف الموصوف إذ لا يجوز جر نحاس على النار لأن النحاس لا يكون منه شواظ. ومن حذف الموصوف قوله: " فمن موصوف وقد حذفه. ومن حذف الموصوف: " . . ودانية " أي: وجنة دانية فحذف الموصوف. ومثله " ولا بد من تقديره ليعود الهاء إليه وهذا يدل على قول الفقهاء حيث قالوا فيمن قال لعبده: إن كان في هذا البيت إلا رجل فأنت حر. فإذا كان فيه رجل وصبي فإنه يحنث لأن التقدير: إن كان في هذا البيت أحد إلا رجل والصبي من جملة الأحد إلا أن يعني أحداً من الرجال فيدَّين إذ ذلك. والذي يقوله النحويون في قولهم ما جاءني إلا زيد: زيد فاعل ل جاء وأحد غير مقدر وإن كان المعنى عليه لأن تقدير أحد يجوز نصب زيد ولم يرد عن العرب نصبه في شيء من كلامهم بتة. وحذف أحد جاء في التنزيل وإن لم يكن موصوفاً كقوله " كذا: " وإن جعلت الظرفين في الآيتين وصفاً ل أحد على تقدير: وإن أحد ثابت من أهل الكتاب وإن أحد منكم إلا واردها كان وجها. وإن طلبت شاهداً على حذف أحد من أشعارهم فقد أنشد سيبويه: أي: ما في قومها أحد يفضلها. ولفظ سيبويه في ذلك: وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقول: ما منهم مات حتى رأيته في حال كذا وكذا. وإنما أراد: ما منهم أحد مات ومثل ذلك " ومن ذلك قوله تعالى: " وقيل: إن التقدير: وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم ففصل بين الواو والفعل. وقيل: هو محمول على قوله: " ومن ذلك قوله: " والمعنى: ومنهم آخرون ومنهم الذين اتخذوا. ومن ذلك قوله: " وتكون كلمة على هذا منتصبة على الحال. كما أن مقتاً في قوله " ويجوز أن تجعله بمنزلة نِعْمَ وتضمر فيها شائعا كما تضمر في: نِعْمَ رجلاً. فإذا جعلته كذلك احتمل قوله: " والآخر: أن يكون صفة للمخصوص بالذم وقد حذف والتقدير: كبرت الكلمة كلمةً تخرج من أفواههم فحذف المخصوص بالذم لأنه إذا جاز أن يحذف بأسره في نحو: نعم العبد كان أن يحذف وتبقى صفتها أجود. وإن جعلت قوله " ومن ذلك قوله تعالى: " ومن قرأ حسناً فالتقدير: قولاً حسناً. قال أبو علي: وحسُن ذلك في حَسَن لأنه ضارع الصفة التي تقوم مقام الأسماء نحو: الأبرق ومثل ذلك في حذف الموصوف قوله: " وقوله: " وكذلك يحسن في قوله: " وأما قوله: " وأما قوله: " ومن ذلك قوله: " ف قليلا صفة إيمان وقد انتصب ب يؤمنون أعني: إيماناً. وكذلك قوله: " و " ومعنى " قال سيبويه: قَّل رجل يقول ذاك إلا زيد. والمعنى: ما رجل يقول ذاك إلا زيد. فزيد لا يجوز فيه إلا الرفع لأنه منفي وكذلك: قلما سرت حتى أدخلها بالنصب. كما تقول: ما سرت حتى أدخلها. وأما قوله: " فقد قال أبو علي: قلة إيمانهم قولهم: الله ربنا والجنة والنار حق. وليس هذا بمدح إيمانهم إذ ليس القدر مما يستحق به الجنة ولا يكون التقدير إلا جماعة قليلاً لقوله: " لعنهم الله ". فعمَّهم باللعن. وإنما التقدير: إيماناً قليلاً. وأما قوله: " لأنه قدم الجار على المنفى. وقيل: كانوا قليلاً هجوعهم وما مصدرية فتكون بدلاً من الضمير في كانوا أي: يرتفع بالظرف. و " قال الشيخ: هذا سهو منه لأنه إذا ارتفع بالظرف لم يرتفع بالابتداء وإذا لم يرتفع بالابتداء لم يكن قليلاً خبراً لا سيما وقليلاً منصوب فكيف يكون خبر ما إنما نصبه لأنه خبر كان. ولا يمتنع أن يكون قليلاً خبراً عن ما وصلته وإن لم يجز أن يكون خبراً عن المبدل منه لأن المقصود الآن هو البدل. ولا يجوز أن يرتفع ما ب قليل وهو موصول بالظرف لأن القليل لما وصلت به من قول " من الليل وإن علقت من الليل بكانوا أو ب قليل ما نفي لم يجز ألا ترى أن قليلاً على هذا الخبر للضمير الذي في كانوا ولا يكون من الليل فلا يتعلق أيضاً ب كانوا على حد قولك: كانوا من الليل. ولم يرض أبو علي أن يكون من الليل مثل قوله: " من الزاهدين " " قال أبو علي: في الآى التي تقدم ذكرها فصل نقلته لك وهو أنه قال في قوله " أي: فلا يؤمنون إلا إيماناً قليلاً كما تقول ضربته يسيراً وهيناً. وقال: " ويجوز أن يكون " فهذا قلة في العدد ويكون حالاً. ولا يراد به القلة التي هي الوضع والتي هي خلاف الكثرة في قوله: وأنت كثير يابن مروان طيب وما روى من قوله: المرء كثير بأخيه لأن ذلك لا يوصف به المؤمنون. وعكسه: " فأما قوله: " وقوله تعالى: " و " عَمَّا " متعلق بمحذوف يدل عليه " ومن حذف الموصوف قوله: " ومنه قوله: " وقيل: على خيانة. وقيل: الهاء للمبالغة. فأما قوله: " فحذف الموصوف. وقيل: بفعل النفس الطاغية. فحذف المضاف والموصوف وهو عاقر الناقة. وقيل: بل الطاغية للطغيان أي: أهلكوا بطغيانهم كالكاذبة. وقال: " وقيل: بالذنوب الطاغية أي: المطغية. ولما قال: " واعلم أن فاعلة التي بمنزلة العافية والعاقبة أريتك في هذه الآى الثلاث الخائنة و الكاذبة و الطاغية. وفي آيتين الخالصة في قوله: وقال: " فهذه خمسة مواضع حضرتنا الآن. ومثله الكافة فهو كالعافية والعاقبة ونحوه. ويدل عليه قوله: " وقال: " ومثله الفاحشة في قوله: " هي فاعلة بمعنى المصدر عن أبي علي وعن غيره بل هي صفة موصوف محذوف أي: فعلوا خصلة فاحشة وإن يأتين بخصلة فاحشة. ومثله " وقيل: كلمة لاغيةً. وقيل: قائلُ لغوٍ. ومثله قوله تعالى: " ف إذا في موضع نصب بهذا الفعل. والحافرة مصدر كالعاقبة والعافية " ومن حذف الموصوف جميع ما جاء في التنزيل من قوله: " كما أن السيئات في قوله: " ومن ذلك قوله: " وقال: " وقال: " أي: فريق دون ذلك. وعلى قياس قول أبي الحسن يكون دون في موضع الرفع ولكنه جرى منصوباً في كلامهم. وعلى محمل قراءة من قرأ " وكذا قوله: " ويجوز لقد تقطع بينكم على: ما بينكم فحذف الموصوف دون الموصول. ومنه قوله: " وصاحب الكتاب يقول: لو بمنزلة إن في هذا الموضع تبنى عليها الأفعال فلو قلت: ألا ماء ولو بارد لم يحسن إلا النصب لأن بارداً صفة. ولو قلت: ائتنى ببارد كان قبيحاً. ولو قلت: ائتنى بتمر كان حسنا ألا ترى كيف قبح أن تضع الصفة موضع الاسم. ومن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قوله تعالى: " وقيل: الكلمات الخبيثات للرجال الخبيثين وكذا التقدير فيما بعدها. ومن ذلك قوله: " قال أبو علي: ويكون من باب: ضرب الأمير ونسج اليمن وتقديره: عن قولهم كلاماً مأثوماً فيه. ومن ذلك قوله تعالى: " فقد قيل: هو موضعه مصدر محذوف وقيل: منتصب بفعل مضمر. وعندي أنه على الاستثناء المنقطع وليس على: تغلوا غلوا غير الحق لأن غُلُوا نكرة وإن كان لا يتعرف في غير هذا الموضع بالإضافة فقد تعرف هنا إذ ليس إلا بالحق أو الباطل. ومن ذلك قوله تعالى: " ويجوز أن يكون على حذف الموصوف أي: وأوزارا من أوزار الذين يضلونهم. ويؤكد هذا قوله: " ومن ذلك قوله تعالى: " ومعنى رحمة التربية: الرحمة التي كانت عنها التربية مثل ضرب التلف. ويجوز أن يكون المعنى: على ما ربياني صغيراً. وكذلك تأول أبو الحسن قوله: " أي: على ما اُمرت فكذلك ارحمهما على ذلك. ونحو منه في أول السورة: " التقدير: دعاء مثل دعائه الخير. ومن ذلك قوله تعالى: " وقيل الفاعل: الهدهد أي: بمكان غير بعيد. ومن ذلك قوله: " " وحبل الوريد " أي: حبل عرق الوريد. و " دين القيمة " و " حق اليقين " كل هذا على حذف المضاف الموصوف. ومن ذلك قوله تعالى: " ويجوز أن يكون صلة الذين من قبلهم فيكون على هذا في الظرف عائد إلى الموصول. فإذا كان كذلك كن أهلكناهم على أحد أمرين: إما أن يكون يريد فيه حرف العطف وقد يكون في موضع الحال أو يقدر حذف موصوف كأنه: قوما أهلكناهم. وهذان على قول أبي الحسن. والمعنى: أفلا تعتبرون أنا إذا قدرنا على إهلاك هؤلاء واستئصالهم قدرنا على إهلاك هؤلاء المشركين. ويجوز أن يكون الذين مبتدأ وأهلكناهم الخبر أي: الذين من قبل هؤلاء أهلكناهم فلمَ لا تعتبرون. والثاني يجوز أن يجعل الذين جراً بالعطف على تبَّع أي قوم تبع والمهلكين من قبلهم. ومن ذلك ما قاله الفرّاء في قوله: " وقال أبو علي: قول الكسائي وإجازته: نعم الرجل يقوم وأنه منع في النصب: نعم رجلاً يقوم. فأما منعه في النصب فبيِّن وذلك أن يقوم يصير صفة للنكرة فيخلو الكلام من مقصود بالذم أو المدح مخصوص به وإذا خلا منه لم يجز. ولو زاد في الكلام مقصوداً بالمدح جازت المسألة. وأما: نعم الرجل يقوم فإنه أجازه على أنه أقام الصفة مقام الموصوف كأنه: نعم الرجل رجل يقوم فحذف رجلا المقصود بالمدح أو الذمِ. قال أبو بكر: هذا عندي لا يجوز لأن إقامة الصفة مقام الموصوف إذا كانت الصفة فعلاً غير مستحسن. قال: فإذا كان كذلك وجب ألا يجوز إذا لم يكن اسماً إذ الاسم الموافق للمحذوف في أنه مثله اسم لذلك غير مستحسن فيه فإن هذا الذي ذكره حسن. فإن قيل: قد جاء " وقول الشاعر: وما منهما قد مات حتى رأيته وقوله: وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغى العيش أكدح والتقدير: تارة منهما أموت وتارة منهما أكدح ونحو هذا. فحذف الموصوف في هذه الأشياء. قيل: إنما جاز الحذف في قوله: " فهذا خبر محذوف على هذا التقدير والمبتدأ حذفه سائغ. وكذلك: " أي: ما منا أحد إلا مقام معلوم. ويستدل متأول هذا على أن قوله أرجح بقوله تعالى: " وما جاء من نحو ذا في الشعر لا يحمل الكلام عليه لأنه حال سعة وليس حال ضرورة. فإن قيل: منكم متعلقة بحاجزين ولا يصح أن يعلق منكم في قوله: " وله مقام معلوم خبر عنه ولا يكونان خبرين كقولهم: هذا حلو حامض لأن إلا لا يفصل بينهما لأنهما بمنزلة اسم واحد في المعنى. وأيضاً فإن المعنى يمنع من ذلك لأنه ليس يريد: إنه لا أحد منهم. فهذا يمنع من أن يكون منكم خبراً ويمنع أن يكون واردها صفة ل أحد. وكذلك له مقام معلوم. ويمنع من ذلك أن إلا لا مدخل لها بين الاسم وصفته. فأما: ما جاءني أحد إلا ظريف فإنه على إقامة الصفة مقام الموصوف كأنه: إلا رجل ظريف. أو على البدل من الأول فكذلك " وهذا يمنع فيه من تعلق من بقوله ليؤمنن أعني اللام من إلا. وإذا كان كذلك فلا وجه ل مِنْ إلا الحمل على الصفة. قيل: هي متعلقة بفعل مضمر يدل عليه قوله: " فإن قياس قول الكسائي في: نعم الرجل يقوم أن يجوز في المنصوب: نعم رجلاً يقوم يذهب. على أن يكون يذهب صفة محذوف كأنه: نعم رجلاً يقوم رجل يذهب. كما كان التقدير في حذف الموصوف فمرة أجازوه مستحسناً ومرة منعوه ولم يستحسنوا. وكثرة ذلك في التنزيل لا محيص عنه على ما عددته لك.
|