الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إعراب القرآن **
دخلت عليه اللام الموطئة للقسم فمن ذلك قوله تعالى: ولئن اتبعت أهواءهم ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وإن أطعتموهم إنكم لمشركون. وقوله: وقوله تعالى: وقوله: وقوله: وقوله: هذا ونحوه من الآي دخلت اللام على حرف الشرط فيه مؤذنة بأن ما بعدها جواب قسم مضمر على تقدير: والله لئن اتبعت أهواءهم يدل على صحة هذا وأن الجواب جواب قسم مضمر دون جواب الشرط ثبات النون في قوله: لا يأتون بمثله. وقوله: لا يخرجون معهم ولو كان جواب الشرط لم يقل: لنذهبن ولا ليولن ولا إنه ليئوس ولا إنكم لمشركون ولا ما تبعوا قبلتك. والجواب جواب قسم مضمر دون جواب الشرط فلا يجوز: والله لئن تأتني آتك وإنما يقال: والله لئن تأتني لأتينك. وأصل هذا الكلام أن تقول: والله لآتينك ثم بدا له عن الحلف بالبتات فقال: والله إن تأتني فإذا أضمروا القسم دخلت اللام على إن تؤذن بالقسم المضمر الذي ما بعده جوابه فهذا مساغ هذا الكلام. فقول من قال: إن الفاء في قوله: إنكم لمشركون مضمرة ذهاب عن الصواب وكذا إنه ليؤوس كفور ليست الفاء هناك مضمرة بتة. وأما قوله تعالى: ويجوز أن يكون من شرطاً واشتراه جزم بمن ويكون ماله جواب القسم المضمر على تقدير: والله ماله. وإنما قلنا: إن الأول أوجه لأنهم قد أجروا علموا في كلامهم مجرى القسم فتكون اللام التي في لقد جواب القسم ويكون لمن اشتراه جواب لقد علموا فيكون هذا قسماً داخلاً على قسم فلا يجوز ولا يلزم هذا في الوجه الأول. فأما قوله: ومن رأى أن الظاهر يقوم مقام المضمر كان قوله: لما معكم يغني عن إضمار به. ومن قال: إن ما شرط كانت اللام بمنزلتها في لئن ويكون آتيتكم مجزوماً بما وما منصوبة به ويكون قوله ليؤمنن جواب القسم الذي ذكرناه. والوجهان اللذان ذكرناهما في قوله: لمن اشتراه جائزان في قوله: لمن تبعك منهم لأملأن جهنم. وقد جاءت لام لئن محذوفة في التنزيل: قال الله تعالى: ومثل قوله: قال أبو علي: ويدل أيضاً على أن اعتماد القسم على الفعل الثاني دون الأول في نحو قوله: فما جاءت فيه هذه اللام الأولى محذوفة في التنزيل قوله: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن. وفي وضع آخر: فإن قلت: ما ننكر أن يكون اعتماد القسم في نحو ذا على اللام الأولى دون الثانية لأن اللام حذفت كما حذفت من قوله: قيل: هذا لا يجوز لأن اللام في لقد إنما استحسن حذفها لطول الكلام بما اعترض بين القسم والمقسم عليه ولم يطل في هذا الموضوع كلام فيستجاز حذفها كما استحسن حذفها هناك فإن هذه اللام بمنزلة إن في قولك: والله إن لو فعل لفعلت تثبتها تارة وتحذفها أخرى واللام الثانية هي المعتمدة والأولى زيادة كان سقوطها لا يخل بالكلام واختص به القسم كقولهم: آثراً ما وربما وما أشبه ذلك. وأما قوله: ولأن جميع ما جاء في التنزيل على هذا الوجه فيما تقدم من الآي من قوله:
وهو باب شريف لطيف يعز وجوده في كتبهم وذلك نحو قولهم: لئن لقيت فلاناً لتلقين منه الأسد ولئن سألته لتسألن منه البحر فظاهر هذا أن فيه من نفسه أسداً أو بحراً وهو عينه هو الأسد والبحر لا أن هناك شيئاً منفصلاً عنه وممتازاً منه وعلى هذا يخاطب الإنسان منهم نفسه حتى كأنها تقابله أو تخاطبه وقد يكون ذلك بحرف الباء ومن وحرف في فمن ذلك قوله تعالى: وقال: وقال: وقال الله تعالى: أي: لهم هي دار الخلد. ومسألة الكتاب جاء بالباب: أما أبوك فلك به أب أي لك منه أو به أي: بمكانه أي: بمكانه أب. وقال: عز من قائل: ويجوز أن يتعلق الباء بنفس كفروا فيكون على الأول الظرف معمول الظرف وعلى الثاني يكون الظرف معمول الظاهر. وأما قوله تعالى: فقد قال أبو علي: جعلنا بدلكم ملائكة لأن الإنس لا يكون منهم ملائكة وقال: كسونا من الربط اليماني ملاءً في بنائقها فصول وإن جعلت من كالتي في قوله: و يأبى الظلامة منه النوفل الزفر كان التقدير: ولو نشاء لجعلنا منكم مثل ملائكة أي: فلا تعصون كما لا يعصون فأجبرناكم على الطاعة. وقال أبو علي: لك به أب أي: بمكانه فقولك بمكانه في موضع ظرف. والعامل فيه لك. وكذلك: وكذلك: لهم فيها دار الخلد فيها ظرف والعامل فيه لهم. ويجوز على قول الشاعر: أفادت بنو مروان قيساً دماءنا وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل أن يكون من قوله: ألا ترى أن قوله: وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل لا يكون إلا مستقراً فإذا صح هذا هاهنا وجب جواز كونه مستقراً في الآية أيضاً وكما تجعل هذا بمنزلة الظرف كذلك تجعل الجار والمجرور في موضع المفعول من قوله: بنزوة لص بعد ما مر مصعب بأشعث لا يفلي ولا هو يقمل ومصعب بفسه هو. الأشعث. وقالوا: في هذا الدرهم خلف من هذا الدرهم أي: هذا الدرهم خلف. وكذلك: لهم فيها دار الخلد أي: لهم النار دار الخلد وقال: أخو رغائب يعطيها ويسألها يأبى الظلامة منه النوفل الزفر فأخو رغائب هو النوفل الزفر فقال: منه النوفل وهو هو. قال عثمان في قوله: وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل في هذا غاية البيان والكشف ألا ترى أنه لا يجوز أن يعتقد أن الله تعالى ظرف لشيء ولا متضمن له فهو إذاً على حذف المضاف أي: عدل الله حكم. ومثله:
في تقدير وهي غير زائدة في تقدير آخر فمن ذلك قوله تعالى: وإن شئت كان التقدير: والوجه الأول أحسن. ومثله: وقد تقدم فيه وجه آخر. ومن ذلك قوله تعالى: إن شئت كانت الباء زائدة أي: لا تلقوا أيديكم وعبر بالأيدي عن الذوات. وإن شئت كان التقدير: ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم وألقى فعل متعد بدليل قوله: قال أبو علي: الباء الجارة للأسماء تجيء على ضربين: أحدهما: أن تكون زائدة. والآخر: أن تكون غير زائدة. والزائدة: تلحق شيئين: أحدهما: جزء من الجملة. والآخر: فضلة عن الجملة أو ما هو مشبه بها فأما الجزء من الجملة فثلاثة أشياء: مبتدأ وخبر مبتدأ وفاعل مبني على فعله الأول أو على مفعول بني على فعله الأول. من ذلك وهو دخولها على المبتدأ زائدة: ففي موضع واحد في الإيجاب وهو قولهم: بحسبك أن تفعل الخير ومعناه: حسبك فعل الخير فالجار مع المجرور في موضع رفع بالابتداء ولا نعلم مبتدأ دخل عليه حرف الجر في الإيجاب غير هذا الحرف. فأما غير الإيجاب فقد دخل الجار غير الباء عليه وذلك نحو قوله: هل من رجل في الدار وقال: هل لك من حاجة وقال: هل من خالق غير الله. فأما قوله: أما الثاني: دخولها على خبر المبتدأ في موضع في قول أبي الحسن الأخفش وهو قوله: جزاء سيئة بمثلها زعم أن المعنى: جزاء سيئة مثلها وكأنه استدل على ذلك بالآية الأخرى. وهو قوله: ومما يدلك على جواز ذلك أن ما يدخل على المبتدأ قد تدخل على خبره لام الابتداء التي دخلت على خبر المبتدأ في قول بعضهم: إن زيداً وجهه لحسن. وقد جاء في الشعر: أم الحليس لعجوز شهربه والذي أجازه أبو الحسن أقوى من هذا في القياس وذلك أن خبر المبتدأ يشبه الفاعل من حيث لم يكن مستقلاً بالمبتدأ كما كان الفعل مستقلاً بالفاعل وقد دخلت على الفاعل فيما تدخله بعد فكذلك يجوز دخولها على الخبر. وقد تحتمل الآية وجهين غير ما ذكر أبو الحسن: أحدهما: أن تكون الباء مع ما قبلها في موضع الخبر وتكون متعلقة بمحذوف كما يقال: ثوب بدرهم ولا يمتنع هذا من حيث قبح الابتداء بالنكرة لمعنى العموم فيه وحصول الفائدة به. والآخر: أن تكون الباء من صلة المصدر وتضمر الخبر لأنك تقول: جزيتك بكذا فيكون التقدير: جزاء سيئة بمثلها واقع أو كائن. الثالث: دخولها على الفاعل المبني على فعله وذلك في موضعين: أحدهما: قوله: وكفى بالله. والأخر قولهم في التعجب: أكرم به. فالدلالة على زيادتها أن قولهم: كفى بالله وكفى الله واحد وأن الفعل لم يسند إلى فاعل غير المجرور. وفي التنزيل: وأما الدلالة على زيادتها في قولهم: أكرم به وقوله: ويدل على ذلك أيضاً أن المعنى إنما هو على الإخبار عن المخاطب ألا ترى أن قولهم: أكرم به يراد به أنه قد كرم وإنما دخلت الهمزة على حد ما دخلت في قولهم: أجرب الرجل وأقطف وأعرب وألأم وأعسر وأيسر إذا صار صاحب هذه الأشياء وكذلك أكرم معناه: صار ذا كرم وأسمع بهم وأبصر صاروا ذوي بصر وسمع خلاف من قال تعالى فيه: فإن قلت: كيف جاء على لفظ الأمر قيل: كما جاء قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً والمعنى: فمد له الرحمن مدا. والموضوع الآخر من الموضعين الذي لحقت الباء بهما زائدة وهو أن يكون فضلة عن الجملة أو مشبهاً بها فالمشبه كقوله: ألست بربكم وما هو بمزحزحه وما أنتم بمؤمنين وقوله: ليسوا بها كافرين فالباء الأولى متعلقة باسم الفاعل. والثانية التي تصحب ليس قال: والآخر زيادتها في المفعول كقوله: فأما قوله تعالى: وقد قيل: التقدير: بهز جذع النخلة. ومن ذلك قوله: وقيل: التقدير: تنبت الدهن والباء زائدة. وأما قوله تعالى: وقد قيل: المفتون بمعنى: الفتنة أي: بأيكم الفتنة كما يقال: ليس له معقول أي: عقل. فأما قوله تعالى: وجزاء سيئة بمثلها أي: جزاء سيئة مثلها لقوله في الأخرى: وأما قوله تعالى: وقيل: بل هي بمعنى من. وقيل: بل هي محمول على المعنى أي: يروى بها وينتفع. وقيل: شربت بالعين حقيقة و: من العين والعين مجازاً لأن العين اسم للموضع الذي ينبع منه الماء فهو كقولك: شربت بمكان كذا ولهذا يقال: ماء العين وماء السبيل ثم توسع واجتزئ باسم العين عن الماء لما كان لا يسمى المكان عيناً إلا ينبوع الماء منه. فأما قوله عيناً فالتقدير: ماء عين أي: يشربون من كأس موصوفة بهذا ماء عين. وقيل: بل عين بدل من كافور لأن كافور اسم عين في الجنة. وقيل: هو نصب على المدح. ومن زيادة الباء قوله: ومن ذلك قوله: أي: اقرأ اسم ربك لقوله: ومن ذلك قوله تعالى: وأما قوله: وقيل: الباء بمعنى الصفة أي: ليس كصاحب صفته شيء وصاحب صفته هو هو. وقيل بل المثل زيادة. وقد تزاد من في النفي بلا خلاف نحو قوله: فأما زيادتها في الواجب فلا يجوز عند سيبويه وهو جائز عند الأخفش وقد تقدم ذلك فيما مضى كقوله تعالى: فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً. و: فكلوا مما أمسكن عليكم. وقد تقدم ذلك. وقد تزاد الفاء كقوله: وقوله: وقد تزاد الواو قال الفراء: في قوله تعالى: وقال: أي: تله. وقال: وعندنا أن أجوبة هذه الأشياء مضمرة وقد تقدم.
وغير ذلك فمن ذلك قوله تعالى: وقيل: بل هو متعلق بقوله: فاذكروني أي: اذكروني كما أرسلنا فيكم. ومثله قوله: قال أبو علي: كما متعلق ب فليكتب بمنزلة فامرر ولا تحمل على: فأما قوله: يجوز أن يكون الوقوف على خاشعين واللام من صلة يشترون أي: لأجل الله لا يشترون. و يجوز أن يكون وما أنزل إليهم تماماً ويكون التقدير: لا يشترون بآيات الله خاشعين لله فيكون حالاً مقدماً. ومثله في التقديم قوله: يسبحون الليل. قال أحمد بن موسى: والنهار لا يفترون أي: لا يفترون النهار فهو في نية التقديم. ومن ذلك قوله تعالى: وقدم المستثنى فدل على جواز: ما قدم إلا زيداً أحد. ومن ذلك قوله تعالى: ومن ذلك: ومن ذلك قوله: التقدير: ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم يكرهنا عليه فيمن قال: إن ما نافية. ومن ذلك قوله تعالى: خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث هذا كقولهم: راكباً جاء زيد والتقدير: يخرجون من الأجداث خشعاً أبصارهم. ومن ذلك قوله في البقرة: ومثله: فبشرناها بإسحاق ويعقوب ومن وراء إسحاق يعقوب فيمن فتح الباء أي: بشرناها بإسحاق ويعقوب من وراء إسحاق ففصل بين الواو والاسم بالظرف. وقد تقدم هذا في غير موضع. وحمله قوم على إضمار فعل وآخرون على إضمار الجار والمجرور. ومن ذلك قوله تعالى: نظيره في الأحقاف: قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله إلى قوله: ومن قبله كتاب موسى. كتاب معطوف على قوله شاهد أي: وشهد شاهد وكتاب موسى من قبله. وكذلك قوله: ومثله: خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن أي: ومثلهن من الأرض. والذي نص عليه في الكتاب أن الفصل بين الواو والمعطوف بالظرف وغيره إنما يقبح إذا كان المعطوف مجروراً ولم يذكر في المنصوب والمرفوع شيئاً. وقال أبو علي: قياس المرفوع والمنصوب كقياس المجرور قال: لأن الواو نابت عن العامل وليس بعامل في الحقيقة فلا تتصرف فيه كما لا تصرف في معمول عشرين لما كان فرعاً على باب ضاربين. وحمل هذه الآي على إضمار فعل آخر فقال: التقدير في قوله ومن الأرض مثلهن أي: وخلق من الأرض مثلهن. وقال في قوله: ولعله يحمل كتاب موسى في الآيتين على الابتداء والظرف على الخلاف ولا يحمله على المرفوع الظاهر وقال: لو قلت: هذا ضارب زيد أمس وغداً عمرو امتنع الجر والنصب في عمرو. والذي نص عليه سيبويه في باب القسم عند قوله: والله لأقومن ثم الله لأقتلن. فقال هو رديء خبيث على تقديم: الله لأقتلن. قال أبو علي: وإنما جاء الفصل بين الواو والمنصوب والمرفوع في الشعر دون سعة الكلام. وقال قوم في قوله: إنه حال على تقدير. وهو من الأرض مثلهن أي: الخلق من الأرض أي: كان من الأرض مثلهن فجعل الجار الخبر وأضمر المبتدأ وفيمن رفع مثلهن أظهر على تقدير: وهو مثلهن من الأرض. وقد نبهتك على الأبيات في البيان. ومن ذلك قوله تعالى: ومثله قال: وقال: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك أي: خذ إليك عند الفراء. ومثله: لكيلا يعلم بعد علم شيئاً في الموضعين أي: لكي لا يعلم شيئاً من بعد علم علماً أي: من بعد علمه فأخر عند الفراء. فأما قوله تعالى: وقياس من أعمل الثاني أن يكون قوله: بالله من صلة شهادات وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه كما تقول بالله من صلة شهادات وحذف من الأول لدلالة الثاني عليه كما تقول: ضربت وضربني ومن رفع فقال: ومن رفع أربع شهادات لم يكن قوله لمن الكاذبين إلا من صلة شهادات دون شهادة كما كان قوله بالله من صلة شهادة ففصلت بين الصلة والموصول. ومن ذلك قوله: وقال الله تعالى: فهذه الآي محمول على الفعل الثاني عندنا وما يقتضيه الأول مضمر وهم يحملون الأول دون الثاني. ويضمرون الثاني ويفصلون بالثاني بين الأول ومقتضاه. ومن التقديم والتأخير: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم التقدير: فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم. وفصل بين الصفة والموصوف بالجملة وهو لو تعلمون وبين القسم وجوابه بقوله: وإنه لقسم. ومن ذلك قوله: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون والتقدير: وحين تصبحون وعشياً فأخر واعترض بالجملة. ومن التقديم والتأخير قراءة ابن عامر: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم والتقدير: قتل شركائهم أولادهم فقدم المفعول على المضاف إليه قالوا: وهذا ضرورة ليس بضرورة لأنه قد كثر عندهم ذلك وأنشدوا فيه أبياتاً جمة. فمن ذلك قوله: كأن أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس أصوات الفراريج أي: كأن أصوات أواخر الميس. وقال: هما أخوا في الحرب من لا أخا له أي: هما أخو من لا أخ له في الحرب. بين ذراعي وجبهة الأسد أي: بين ذراعي الأسد وجبهته. وقال: كأن برذون أبا عصام زيد حمار دق باللجام أي: برذون زيد يا أبا عصام حمار دق باللجام. ومن ذلك ما قاله أبو الحسن في قول الله تعالى: أي: إنه لراد من شر الوسواس الخناس من الجنة والناس الذي يوسوس في صدور الناس. ومنه قوله تعالى: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون أي: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم. وقيل في قوله: قال أبو الحسن: المعنى فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم. فإن قلت كيف جاز أن تقدر لما قالوا متعلقاً بالمصدر وهو متقدم قبله قيل: لا يمتنع أن يتقدم على وجه التبيين ليس إنه متعلق بالصلة ألا ترى قوله: وقوله: كان جزائي بالعصا أن أجلدا لم يجعلوه متعلقاً بجزائي ولكن جعلوه تبييناً للجلد وكذلك ما ذكره أبو الحسن. وأما التقديم والتأخير الذي قدر فمثله كثير ويجوز أن يكون التقدير: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون للقول والقول في المعنى المقول كالخلق بمعنى المخلوق ألا ترى أن الذي يعاد هو الجسم فلهذا كان الخلق بمعنى المخلوق في قوله: هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده. فإن قلت: وكيف وقع اللام موقع إلى في قولك: عدت إلى كذا. فإنه لا يمتنع ألا ترى أنه قد جاء: قل يهدي للحق. على أن اللام في قول من يخالف في هذا التأويل بمعنى إلى. ومثله: فاستمع إلى لما يوحى أي فاستمع إلى ما يوحى لا بد من ذلك لا سيما في قراءة الزيات: وأنا اخترتك فاستمع ويكون التقدير: فاستمع لأنا اخترناك إلى ما يوحى ولو لم تحمله على هذا لكان التقدير: فاستمع لأنا اخترناك لما يوحى فتعلق اللامين بقوله فاستمع وقد قال: لا يتعدى فعل بحر في جر متفقين. فإن قلت: ولم لا تحمل وأنا اخترتك على نودي في قوله: نودي يا موسى أني أنا ربك وأنا اخترتك أي نودي بأني أنا ربك وأنا اخترتك. قيل: إن اخترناك قراءة حمزة وهي تقرأ: إني أنا ربك مكسورة الألف فكيف تحمله عليه. وقد ذكرنا ما في هذا البيان والاستدراك. ومن ذلك قوله تعالى: اضطرب قول أبي علي في هذه الآية وله كلام في الحجة وكلام في الإغفال وكلام في الحليبات وهو أجمع الثلاثة. قال في الحليبات: والقول في أن حرف العطف في قوله: وأقرضوا لا يخلو من أن يكون عطفاً على الفعل المقدر في صلة المصدقين أو على غيره: إن قوله وأقرضوا الله لا يجوز أن يكون معطوفاً على الفعل المقدر في الموصول الأول على أن يكون التقدير: إن الذين صدقوا وأقرضوا الله وذلك أنك إذا قدرته هذا التقدير فقد فصلت بين الصلة والموصول بما ليس منهما وما هو أجنبي والفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي وما ليس منهما لا يصح ولذلك لم يجيزوا: رأيت القائمين وزيداً إلا عمراً وهذا النحو من المسائل لأن زيداً معطوف على رأيت والاستثناء من الصلة من حيث كان المستثنى معمول الفعل الذي فيها فقد فصلت بينهما بالمعطوف ولم يجز ذلك. كما لم يجز أن يكون وأقرضوا معطوفاً على صدقوا المقدر في الصلة لفصل المصدقات المعطوف على ما بينهما. وإنما لم يجز ذلك لأن العطف على الموصوف وغيره في الأسماء يؤذن بتمامه ألا ترى أنك لا تعطف على الاسم من قبل أن يتم بجميع أجزائه فإذا كان العطف يؤذن بالتمام فعطفت ثم أتيت بعد العطف بما هو من تمامه فقد زعمت أنه تام غير تام فنقضت بذكرك ما بقي من الصلة ما قدمته من حكم التمام بالعطف وكان مدافعاً غير مستقيم. ولا يستقيم أن يكون قوله وأقرضوا الله في هذه الآية محمولاً على المقدر في الصلة كما كان قوله: فأثرن به نقعاً على المقدر من قوله: فالمغيرات صبحاً فأثرن به نقعاً لأنك لم تزد في هذا الموضع على أنك عطفت على الموضع ولم تفصل بين الصلة والموصول بأجنبي منهما كما فصلت بالمعطوف بينهما في الأخرى والحمل على المعنى في هذا النحو من العطف مستقيم حسن فإذا لم يجز أن يكون معطوفاً على الصلة لم تحمله على ذلك ولكن على وجوه أخر منها: أن تجعل العطف اعتراضاً بين الصلة والموصول. وإن شئت كملته على أن الخبر غير مذكور. وإن شئت جعلت المعطوف والمعطوف عليه بمنزلة الفاعلين وجعلت العطف عليهم. وأما حمله على الاعتراض فهو أرجح الوجوه عندي لأن الاعتراض قد شاع في كلامهم واتسع وكثر ولم يجر ذلك عندهم مجرى الفصل بين المتصلين بما هو أجنبي منهما لأن فيه تسديداً وتثبيتاً فأشبه من أجل ذلك الصفة والتأكيد فلذلك جاء بين الصلة والموصول في الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر والمفعول وفعله وغير ذلك. فما جاء من ذلك من الصلة والموصول قوله تعالى: وقوله: يضاعف لهم على هذا التأويل في الآية في موضع رفع بإن خبر المبتدأ. ومما جاء من الاعتراض بين الفعل والفاعل قوله: ألا هل أتاها والحوادث جمة بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا فالمبتدأ والخبر اعتراض والجار والمجرور في موضع رفع بأن فاعل كما أنهما في كفى بالله كذلك وإذا جاز في الفعل والفاعل كان المبتدأ والخبر أجوز. ومن الاعتراض بين الصفة والموصوف قوله تعالى: وزعم أبو الحسن أن الماضي في هذا المعنى أكثر من المضارع. وإن حملت على أن الخبر غير مذكور ولم تجعل قوله وأقرضوا الله اعتراضاً ولكن جملة معطوفة أحدهما أن تكون الواو بمنزلة مع على أن تكون قد سدت مسد خبر المبتدأ كما انك لو قلت: إن المصدقين مع المصدقات كان كذلك ألا ترى أنه لما كان معنى قولك أقائم الزيدان: أيقوم الزيدان استغنيت بالفاعل عن خبر المبتدأ وإن كان قد ارتفع قائم ارتفاع المبتدأ فكذلك قولك والمصدقات وإن كان منتصباً بالعطف على إن فإنه سد مسد الخبر فلا يحتاج مع ذلك إلى تقدير خبر كما لم يحتج إليه في قولك: أقائم الزيدان. ومثل ذلك قولهم: الرجال وأعضادها والنساء وأعجازها لما كان المعنى كذلك يدخلان على هذا الحد فيكون المعنى: إنهم معهن في نيل الثواب وارتفاع المنزلة. فإذا حملت على ذلك جاز بلا خلاف فيها. وقد يجوز أن تضمر لهذا النحو خبراً فيكون التقدير: كل رجل وضيعته مقرونان وعلى هذا تضمر أيضاً في خبر إن في قوله: إن المصدقين والمصدقات. أي: إن المصدقين والمصدقات يفلحون أو مضاعف لهم ونحو ذلك مما ذكروا به في التنزيل ويكون موضع يضاعف نصباً صفةً للقرض. وإن شئت جعلته جملة مستأنفة إلا أنك لم تلحق الواو أو لالتباس أحدهما بصاحبه وقوله: ولهم أجر كبير مستأنف. ومن شاء جعل ما قبله وصفاً إذ لا تعلق بالموصوف. وإن شئت جعلته حالاً من لهم في قوله يضاعف لهم. وإن شئت جعلت المعطوف والمعطوف عليه بمنزلة الفاعلين وجعلت قوله وأقرضوا معطوفاً على ذلك لأن معنى المصدقين والمصدقات كمعنى: إن الناس المصدقين. فإذا كان ذلك معناه جاز أن يعطف وأقرضوا عليه كما كان يحوز ذلك لو أبرزت ما هذا المذكور في معناه وموضعه. وعلى هذا الوجه حمله أبو الحسن لأنه قال في تفسيرها: لو قلت: الضاربه أنا وقمت زيد كان جائزاً كأنه يريد: إنه كما استقام أن يحمل الضارب على ضرب فتعطف قمت عليه كذلك يستقيم أن تجعل الفاعلين فتحمل وأقرضوا عليه إذ لا يستقيم عطف وأقرضوا على الصلة الأولى ولأن العطف على المعنى قد جاء في الصلات وغيرها كثيراً فأفهمه. ومن التقديم والتأخير قوله تعالى: وقال: ذلك جزيناهم بما كفروا أي: جزيناهم ذلك بكفرهم. وقال: وقال: وقال: وقال: وأما قوله تعالى: جاء في التفسير أن قريشاً في الجاهلية كانت تكثر التزوج بغير عدد محصور فإذا كثر على الواحد منهم مؤن زوجاته وقل ماله مد يده إلى ما عنده من أموال اليتامى فحل له الأربع. وإلى هذا الوجه أشار أبو علي بعدما حكى عن أبي العباس في كتابه في القرآن تعجب الكسائي من كون فانكحوا ما طاب لكم جواباً لقوله: قال: وقاله أبو عبيد وليس هذا الجواب فإنما الجواب في قوله: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم كأنه قال: فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة. فقال أبو علي: جواب إن خفتم الفاء في فواحدة كأنه في التقدير: إن خفتم ألا تقسطوا إن كثرت عليكم مؤن الزوجات وأحوجتهم إلى مال اليتامى. أي: فانكحوا واحدة. وقوله: قال: ولما كان الكلام باعتراض الجملة المسددة للشرط كرر الشرط ثانياً فقيل: فإن خفتم ألا تعدلوا وهو قوله: وهذه الجملة متأخرة معنىً أي: في حال الضيق واحدة وفي السعة أربع. والقصة عن عكرمة والشرح لأبي علي. قال قوم: إنهم كانوا يتوقون أموال اليتامى ولا يتوقون الزنا فقيل: كما خفتم في ذا فخافوا الزنا وأتوا الكلالة. عن مجاهد. وقيل: كانوا يخافون ألا يعدلوا في أموال اليتامى ولا يخافون أن يعدلوا في النساء. عن سعيد بن جبير. وقيل: التقدير: ألا تقسطوا في نكاح اليتامى فانكحوا ما حل لكم من غيرهن من النساء. عن عائشة. وروي عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان الناس يتزوجون اليتامى ولا يعدلون بينهن ولم يكن لهن أحد يخاصم عنهن فنهاهم الله عن ذلك وقال: وإن خفتم. ومن ذلك قوله تعالى: ذلك منصوب بيدعو ويكون ذلك بمعنى الذي والجملة بعده صلة. وقال الفراء: بل اللام في لمن ضره في نية التأخير والتقدير: من لضره وهو خطأ لأن الصلة لا تتقدم على الموصول. وقيل: إن من ليس في موضع مفعول يدعو لأنه مكرر من الأول معاد للتوكيد واكتفى من مفعوله بمفعول الأول وكرر تفظيعاً للأمر في عبادة الأصنام وقوله لمن ضره على هذا مبتدأ وخبره لبئس المولى. ووجه ثالث: وهو أن يكون يدعو بمعنى يقول كقول القائل: ما يدعى فلان فيكم أي: ما يقال له وكذلك: يدعون عنته أي: يقولون: يا عنته أي: يقولون الذي ضره أقرب من نفعه هو ووجه رابع: وهو أن يكون يدعو من تمام الضلال البعيد أي: يدعوه ويدعوه في موضع الحال للمبتدأ والتقدير: ذلك هو الضلال البعيد داعياً أي: في حال دعايته إياه. ولمن ضره ابتداء وخبره لبئس المولى. ولا يكون لبئس المولى خبراً في قول من يقول: إن يدعو بمعنى يقول لأن المنافق لا يقول: إن الصنم والله لبئس المولى. وإن قلت: إنه لا يقول أيضاً: ضره أقرب من نفعه وإنما يقول غير ذلك فإن ذلك على اعتقادنا ما فيه من كونه ضاراً على تقدير أن المنافق يقول: الصنم إله ثم يأخذ في ذمه. ومن ذلك قراءة من قرأ: أن هذه أمتكم أمة واحدة بالفتح لأن التقدير: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون أي: فاتقون هذا. ومثله المعنى: ولأن المساجد لله فلا تدعو. وكذلك عند الخليل لإيلاف قريش كأنه: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش أي: ليقابلوا هذه النعمة بالشكر والعبادة للمنع بها. فأما قوله: وأن الله ربي وربكم فاعبدوه في سورة مريم فيجوز أن يكون على هذا: فاعبدوه لأنه ربي وربكم. ولكن أبا علي حمله على قوله: أوصاني بالصلاة والزكاة بأن الله ربي. وأما قوله: وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه فيكون مثل هذا والفاء في قوله فاتبعوه مثل الفاء في قوله: بزيد فامرر. والفاء في قوله الثاني عاطفة جملة على وقال الفراء فيمن فتح وأن هذا صراطي: إنه محمول على الهاء من قوله: ذلكم وصاكم به أي: به وبأن هذا. وهكذا قال أيضاً في قوله: وقد ذكرنا أن عطف الظاهر على المضمر لا يجوز وقد جوز في خمس آيات هذا الوجه فهاتان وقوله: وكفر به والمسجد الحرام وقوله: وقد أبطلنا ذلك كله في غير موضع. ومن ذلك قوله: قال الشافعي: في مس أحد الزوجين: إنه ينقض وضوء الماس واحتج بهذه الآية. وقال لنا: متى حملنا الآية على اللمس باليد صارت الآية حاجة لبيان الطهارتين وبيان أنواع الحدث الأصغر فإن الآية نزلت في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - وكانوا عرسوا. فالمعنى: إذا قمتم إلى الصلاة أي: عن التعريس والنوم فاغسلوا فيكون بيان النوم حدثاً وما هو بمعناه مما يوجب استطلاق وكاء الحدث من الإغماء والجنون. ثم قال: أو جاء أحد منكم من الغائط وكان بياناً لجميع ما يخرج من المخرج المعتاد دلالة وكان في الآية تقديم وتأخير أي: إذا قمتم عن النوم أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء أي: مسستم باليد فيكون بيان أن المس حدث إذ هو سبب اشتهاء فاغسلوا وجوهكم فإن عدمتم الماء فتيمموا من غير ذكر أسباب الحدث لأن البدل يتعلق بما يتعلق به الأصل فلا يفتقر إلى بيان زائد. ومتى لم يجعلوا هكذا كانت الآية ساكتة عن بيان أنواع الحدث. وعندنا المراد بالآية: الجماع مجازاً كما في قوله تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ولأنا أجمعنا أن الجماع مراد فإن الشافعي أباح التيمم للجنب وذكر أنه في كتاب الله تعالى: إلا هاهنا فبطل أن تكون الحقيقة إلا أنه يقول: أبحت التيمم للجنب لأن الله تعالى جعله بدلاً عن الوضوء والاغتسال جملة. وعن ابن عمر وابن مسعود أنهما كانا يحملان الآية على المس باليد وكانوا لا يبيحون التيمم للجنب فدل أن تأويل الآية بالإجماع ليس على التقديم والتأخير ولا يصار إلى التقديم والتأخير إلا بدليل قاطع يمنع من حمله على الظاهر على ما ذكرناه قبل في هذه الآي. وكذلك قوله تعالى: بل الله فاعبد أي: فاعبد الله فقدم المفعول. وأما قوله تعالى: والثاني: أن يكون نفياً بالعطف على قوله: وما كفر سليمان أي: وما كفر سليمان على الملكين. ويقال: إن سحرة اليهود زعموا أن الله تعالى أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان فأكذبهم الله بذلك فيكون التقدير: وما كفر سليمان وما أنزل على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس ببابل هاروت وماروت فعلى هذا اختلفوا فيهما على ثلاثة أقوال: الأول: أن هاروت وماروت رجلان من سحرة أهل بابل تعلما السحر من الشياطين. الثاني: أنهما شيطانان من مردة الشياطين خصا بالذكر من بينهم لتمردهما والسحر من استخراج الشياطين للطافة جوهرهم ودقة أفهامهم لأن أفعال الحيوان مناسبة. وقيل: إنهما ملكان من الملائكة أهبطهما الله على صورة الإنس لئلا ينفروا منهما. وقيل: سبب هبوطهما أن الله تعالى: أهبطهما ليأمرا بالدين وينهيا عن السحر لأن السحر كثر في ذلك الزمان وانتشر. واختلف من قال بهذا: هل كان للملكين تعليم الناس السحر أم لا على قولين: أحدهما: أن الملكين كانا يعلمان الناس السحر وينهيان عن فعله ليكون النهي عنه بعد العلم به لأن ما لا يعلم أنه سحر لا يمكن الاحتراز منه كالذي لا يعرف الكفر لا يمكنه الامتناع والثاني: أنه لم يكن للملكين تعليم السحر ولا إظهاره للناس لما في تعليمه من الإغراء بفعله ولأن السحر قد كان فاشياً فأهبط الملكان بمجرد النهي. قال ابن بحر: جملة هذا أن تلا بمعنى: كذب. يقال: تلا أي: كذب. يقول: نبذ هذا الفريق كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا كذب الشياطين على ملك سليمان أنه كان بسحر. وموضع ما في قوله وما أنزل على الملكين جر عطف على ملك سليمان. أي: الشياطين كذبوا عليه وعلى ما أنزل. قال: ومعنى أنزل على الملكين: أنزل معهما وعلى ألسنتهما كما قال الله تعالى: على رسلك أي: على ألسن رسلك ومعهم. فلا يجوز أن يكون نصباً عطفاً على السحر لأن الإنزال على الملكين لا يكون إلا من الله تعالى والله لا يضاف إليه السحر وإنما يضاف إلى الكفرة وأوليائهم من الشياطين وهما نزلا بالنهي عن السحر فقالوا: نزلا بتعليمه. وكان معنى الكلام: أن الشياطين يعلمان الناس السحر وأن الملكين لا يعلمان ذلك أحداً بل ينهيان عنه حتى يبلغ من نهيهما وصدهما عن تعلمه أن يقولا للمتعلم: إنما نحن فتنة فلا تكفر فإن كان من الملائكة فإنما يقولان ذلك للأنبياء ويقول الأنبياء لسائر البشر وإن كان من البشر قالا ذلك لكل واحد من البشر وذلك كما يقول الرجل: ما أمرت فلاناً بما فعل ولقد بالغت في نهيه حتى قلت له: إنك إن فعلت ذلك نالك كذا وكذا. ووقع الاختصار بعد قوله: وما يعلمان فحذف: بل ينهيان ليستنبطه العلماء بالفكرة فيؤجروا. وقال ابن جرير: من جعل ما جحداً والملكين: جبريل وميكائيل جعل التقدير لم ينزل السحر إلى سليمان مع جبريل وميكائيل كما يقول اليهود وجعل من في قوله: ويتعلمون منهما بمعنى المكان والبدل أي: فيتعلمون مكان ما علماه ما يفرقون به بين المرء وزوجه. ومن ذلك قوله: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء إلى قوله: وأن تقوموا لليتامى بالقسط. ما في موضع الرفع بالعطف على الضمير في يفتيكم أي: يفتيكم الله فيهن ويفتيكم أيضاً القرآن الذي يتلى عليكم وفي من قوله: في يتامى النساء من صلة يتلى والمستضعفين جر عطف على يتامى النساء وأن تقوموا لليتامى بالقسط جر عطف على المستضعفين. ويجوز في المستضعفين أن يكون عطفاً على قوله: في الكتاب أي: يتلى عليكم في الكتاب وفي حال المستضعفين. وجاء في التفسير: إنهم كانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الأطفال فلما فرض الله تعالى المواريث في هذه السورة شق ذلك على الناس فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - وقيل إنهم كانوا لا يؤتون النساء صدقاتهن ويتملكها أولياؤهن فلما نزل قوله: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - فأنزل الله هذه الآية. وما كتب لهن يعني من صداق. قيل: إنه وارد في ولي اليتيم كان لا يتزوجها وإن حلت له ويعضلها ولا يزوجها طمعاً في مالها لأنه لا يشاركه الزوج فيه فنزل ذلك فيه. ومعنى: ترغبون أن تنكحوهن: أي: ترغبون عن نكاحهن. ومن ذلك قوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. قوله في الحياة الدنيا لا يخلو من تعلقه بحرم أوبزينة أو بأخرج أو بالطيبات أو بالرزق فجوز تعلقها بحرم أي: حرم ذاك إذ ذاك. ومنع من تعلقها بزينة كما يمتنع: الضرب الشديد يوم الجمعة إن علقت اليوم بالضرب لكون المصدر موصوفاً. فإن قلت: فقد جاء: إذا فرحين فإن اسم الفاعل ليس كالمصدر لأن الوصف يؤذن بانقضاء أجزائه والوصل يؤذن ببقاءه. وجوز أن يتعلق بالطيبات وبالرزق وبأخرج. فإن قلت: فإن أخرج في صلة التي والطيبات في صفة اللام والرزق مصدر فكيف يوصل بهذه الأشياء وهي للذين آمنوا فاصلة فإنه قد جاء والطلاق عزيمة ثلاثاً وجزاء سيئة بمثلها لأنه يسدد الأول. ويجوز أن يتعلق بالطيبات تقديره: والمباحات من الرزق ويجوز أن يتعلق بآمنوا الذي هو صلة للذين آمنوا في الحياة الدنيا. ثم انظر ما أغفله أبو علي من الفصل بين الصلة والموصول بقوله: والطيبات من الرزق لأن هذا غير معطوف على قوله: زينة الله. ولا يمكن أبو علي أن يجيب عن هذا الفصل بأنه مما يسدد القصة وإذا كان العطف على الموصول يتنزل منزلة صفته في منع تعلق شيء به بعد العطف فالعطف على ما قبل الموصول أولى بالمنع وأحق لأن قوله: والطيبات منصوب بحرم لا بأخرج وفي تعلقه بالطيبات نظر لأن قوله من الرزق بيان للطيبات يتنزل منزلة الحال وكما يمنع النعت بما قبله فكذلك الحال إلا أن لأبي علي أن ينحو بهذا البيان نحو التمييز فيتوجه له حينئذ الفرق بينه وبين الحال. وجوز في الإغفال تعلقها بآمنوا في الذين وبمحذوف في موضع الحال والعامل فيه معنى اللام فعلى هذا يكون فيه ضمير. وعلى الأولين لا ضمير ولا يجوز تقديمه على الذين في الوجهين أعني: الحال والتعلق بآمنوا. ويجوز في الوجه الآخر التقديم كما جاز: كل يوم لك ثوب وهي مبتدأ واللام خبره وخالصة أيضاً كحلو حامض فيمن رفع و فيمن نصب حال ولم يجز أن يتعلق بأخرج لأنه فصل به أعني في الحياة الدنيا بين المبتدأ وخبره فيمن رفع وبين الحال وذي الحال فيمن نصب لكون في الحياة الدنيا أجنبية من هذه الأشياء ثم لم يرتض من نفسه أن يظن به ما يخطر بخاطر من أن هذا ظرف والظروف يتلعب بها فذكره حجة لأبي الحسن. ومن ذلك قوله تعالى: له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله. قالوا: إن التقدير: له معقبات من أمر الله فيكون من أمر الله معمول الظرف الذي هو قوله له. وقيل: يحفظونه عند نفسه من أمر الله ولا راد لأمره ولا مانع لقضائه. وقيل: إن لا مضمر أي: لا يحفظونه من أمر الله. وقيل: في المعقبات: حراس الأفراد الذين يتعاقبون الحرس. عن ابن عباس. وقيل: إنه ما يتعاقب من الله وقضائه في عباده. عن عبد الرحمن ابن زيد. وقيل: إنهم الملائكة إذا صعدت ملائكة الليل عقبتها ملائكة النهار وإذا صعدت ملائكة النهار عقبتها ملائكة الليل. عن مجاهد. وقيل: في من بين يديه: أي: من أمامه وورائه. وهذا قول من زعم أن المعقبات حراس الأفراد. وقيل: في الماضي والمستقبل. وهذا قول من زعم أن المعقبات ما يتعاقب من أمر الله وقضائه. وقيل: من هداه وضلالته. وهذا قول من زعم أنه الملائكة. وقيل: يحفظونه من أمر الله أي: من تلك الجهة وقع حفظهم له أي: حفظهم إياه إنما هو من أمر الله كما يقال: هذا من أمر الله. عن سعيد بن جبير. فإذا حملته على التقديم كان قوله. من بين يديه متعلقاً بقوله يحفظونه والتقدير: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه قال النخعي فيكون الظرف فاصلاً بين الصفة والموصوف فنظيره: إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً جمع: راصد. يعني: الملائكة يحفظون النبي - صلى الله عليه وعلى آله - من الجن والإنس وهم أربع. ومن ذلك قوله: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق. قيل: الكاف من صلة ما قبله. وقيل: من صلة ما بعده. فمن قال: هي من صلة ما قبله قال: كما أخرجك أي: كما ألزمك الخصال المتقدم ذكرها التي تنال بها الدرجات ألزمك الجهاد وضمن النصرة لك والعاقبة المحمودة. وقيل: بل المعنى: الأنفال لله والرسول مع مشقتها عليهم لأنه أصلح لهم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق مع كراهتهم لأنه أصلح لهم. وقيل: هو من صلة ما بعده والتقدير: يجادلونك في الحق متكرهين كما كرهوا إخراجك من بيتك. وقيل: أن يعمل فيه بالحق يعني: هذا الحق كما أخرجك ربك. جائز حسن. وقيل: التقدير: يجادلونك في القتال كما جادلوا في الإخراج. ومن قوله تعالى: ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال: فقوله ذواتا صفة لجنتين أي: جنتان ذواتا أفنان. و اعترض بينهما بقوله: وهكذا الآي كلها تتلوها إلى قوله: ومن دونهما كلها صفات لقوله: جنتان والتقدير: وله من دونهما جنتان وما بعدها صفات لجنتان المرتفعة بالظرف. وقوله: والتقديم والتأخير كثير في التنزيل. ومضى قبل هذا الباب الخبر المقدم على المبتدأ في قوله: ولهم عذاب أليم ولهم عذاب عظيم ولكم في القصاص حياة ونحوه كثير. وأما قوله: ومن نصب فقال: سواء العاكف أعمل المصدر عمل اسم الفاعل فرفع العاكف به كما يرتفع بمستو ولو قال: مستوياً العاكف فيه والبادي فرفع العاكف بمستو فكذلك يرفعه بسواء. والأكثر الرفع في نحو هذا وألا يجعل هذا النحو من المصدر بمنزلة الفاعل ووجهه أن إعماله المصدر قد يقوم مقام اسم الفاعل في الصفة نحو: رجل عدل فيصير: عدل العادل. وقد كسر اسم المصدر تكسير اسم الفاعل في نحو قوله: فنواره ميل إلى الشمس زاهر فلولا أن النور عنده كاسم الفاعل لم يكسر تكسيره فكذلك قول الأعشى: وكنت لقىً تجري عليه السوائل ومن أعمل المصدر إعمال اسم الفاعل فقال: مررت برجل سواء درهمه وقال: مررت برجل سواء هو والعدم كما تقول: مستو هو والعدم فقال: سواء العاكف فيه والباد كما تقول: مستوياً العاكف والباد فهو وجه حسن. ويجوز في نصب قوله سواء العاكف فيه وجه آخر: وهو أن تنصبه على الحال فإذا نصبته عليها وجعلت قوله للناس مستقراً جاز أن يكون حالاً يعمل فيها معنى الفعل وذو الحال الذكر الذي في المستقر. ويجوز أيضاً في الحال أن يكون من الفعل الذي هو جعلناه فإن جعلتها حالاً من الضمير المتصل بالفعل كان ذو الحال الضمير والعامل فيها وجواز قوله للناس مستقر على أن يكون المعنى: أنه جعل للناس منسكاً وكتعبداً فنصب كما قال: وضع للناس. ويدل على جواز كون قوله للناس مستقراً أنه قد حكى: أن بعض القراء قرأ: الذي جعلناه للناس العاكف فيه والبادي سواء فقوله للناس يكون على هذا مستقراً في موضع المشغول الثاني لجعلناه فكما كان في هذا مستقراً كذلك يكون مستقراً في الوجه الذي تقدمه ونعني: الذي جعلناه للعاكف والبادي سواء. أنهما يستويان فيه في الاختصاص بالموضع ومن ذلك قوله تعالى: قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه. قوله: نصفه بدل من الليل كما تقول: ضربت زيداً رأسه فالمعنى نصف الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص من النصف أو زد عليه. وقوله: إلا قليلاً يفيد ما أفاده أو انقص منه قليلاً لكنه أعيد تبعاً لذكر الزيادة خير الله تعالى بين أن يقوم النصف أو يزيد عليه أو ينقص منه وقال الأخفش: المعنى: أو نصفه أو زد عليه قليلاً لأن العرب قد تكلم بغير أو يقولون: أعط زيداً درهماً درهمين أو ثلاثة. وقال المبرد: خطأ لا يجوز إنما نصفه بدل من الليل والاستثناء مقدم من النصف. ومن ذلك قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا. هذا من طرائف العربية لأن هي ضمير القصة مرفوعة بالابتداء وأبصار الذين كفروا مبتدأة وشاخصة خبر مقدم وهي خبر أيضاً والجملة تفسير هي والعامل في إذا قوله شاخصة ولولا أن إذا ظرف لم يجز تقديم ما في حيز هي عليها لأن التفسير لا يتقدم على المفسر ولكن الظرف يلغيه الوهم وقد جاء ذلك في الشعر في غير الظرف قال الفرزدق: وليست خراسان الذي كان خالد بها أسد إذ كان سيفاً أميرها والتقدير: الذي كان خالد بها سيفاً إذ كان أسداً أميرها. ففي كان الثانية ضمير القصة وأسد مبتدأ وأميرها خبر والجملة تفسير الضمير الذي في كان وقدم الأسد على كان الذي في ه الضمير. وقالوا: يمدح خالد بن عبد الله القسري ويهجو أسداً وكان أسد واليها بعد خالد قال: وكأنه قال: وليست خراسان بالبلدة التي كان خالد بها سيفاً إذ كان أسد أميرها. ففصل بين اسم كان الأول وهو خالد وبين خبرها الذي هو سيفاً بقوله: بها أسد إذ كان فهذا واحد. وثان أنه قدم بعض ما أضافه إليه وهو أسد عليها وفي تقديم المضاف إليه أو شيء منه على المضاف من القبح ما لا خفاء به فنظير الآية قوله: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم وقوله: إذا مزقتم كل ممزق وقوله: إذا بعثر ما في القبور ثم قال: إن ربهم فإذا في هذه الأشياء متعلقة بمحذوف دل عليه ما بعد إن والفاء. وقيل في البيت: إن كان زائدة فيصير تقديره: إذ أسد أميرها فليس في هذا أكثر من شيء واحد وهو ما قدمنا ذكره من تقديم ما بعد إذ عليها وهي مضافة إليها. وهذا أشبه من الأول ألا ترى أنه إنما نفي حال خراسان إذ أسد أميرها لأنه إنما فضل أيامه المنقضية بها على أيام أسد المشاهدة فيها فلا حاجة به إلى كان لأنه أمر حاضر مشاهد. فأما إذ فمتعلقة بأحد شيئين. إما بليس وحدها وإما بما دلت عليه من غيرها حتى كأنه قال: خالفت خراسان إذ أسد أميرها التي كانت أيام ولاية خالد لها على حد ما نقول فيما يضمر للظرف ليتأولها ويصل إليها. ومن ذلك قوله: إني كفرت بما أشركتموني من قبل تقدير من قبل أن يكون متعلقاً بكفرت المعنى: أي: كفرت من قبل بما أشركتموني. ألا ترى أن كفره قبل كفرهم وإشراكهم إياه فيه بعد ذلك فإذا كان كذلك علمت أن من قبل لا يصح أن يكون من صلة ما أشركتموني وإذا لم يصح ذلك ثبت أنه من صلة كفرت. ومن ذلك قوله: كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به أي: أنزل إليك لتنذر فأخر اللام المتعلق بالإنزال. وقيل: فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك. عن الفراء فيكون اللام متعلقاً بالحرج. ومن ذلك قوله: ومنه: وباطل ما كانوا يعلمون وأهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. هذا يدل على جواز: يقوم كان زيداً ألا ترى أن أنفسهم منتصب بيظلمون فإذا جاز تقديم مفعوله جاز تقديمه وجاز وقوعه موقع المعمول. فأما قوله: وذكرى للمؤمنين ففي موضعه ثلاثة أقوال: رفع بالعطف على كتاب وقيل: بل مبتدأ مضمر. وإن شئت كان نصباً بتذكر أي: لتنذر فتذكر. وإن شئت هو جر باللام أي: لتنذر وللذكرى. وضعفه ابن عيسى فقال: باب الجر ضيق لا يتسع فيه الحمل على المعاني: وليس الأمر كما قال لأنا عرفنا أن تعد اللام مضمرة وكأنه قال: للإنذار به وذكرى للمؤمنين وإذاً جاء: كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم وشهدوا والتقدير: وبعد أن شهدوا لم يكن لنظر أبي الحسن مجال في هذا الباب وابن من أنت من أبي علي وكلامك ما تراه من الاختصار والإيجاز. فأما قوله تعالى: فإذا هم فريقان يختصمون فإن العامل في إذا محذوف كقولك: خرجت فإذا زيد فبالحضرة زيد فيكون فريقان بدلاً من هم وإن كان متعلقاً بالمحذوف فيكون الإخبار عن المبدل منه وقد قال: وكأنه لهق السراة كأنه ما حاجبيه معين بسواد أخبر عن المبدل منه والإخبار في الآية إذا قدرت قوله فريقان بدلاً من هم كان متعلقاً بمحذوف كما يكون مع البدل منه فكذلك يجوز أن تجعل قوله فريقان يختصمون الخبر عن هم فإذا قدرته كذلك أمكن أن تعلق إذا بما في فريقان من معنى الفعل وإن شئت علقته بالاختصام و قال: يختصمون على المعنى. ويجوز أن تجعل الفريقان الخبر ونجعل يختصمون وصفاً فإذا قدرته كذلك تعلق إذا بما في الفريقان من معنى الفعل ولا يجوز أن يتعلق بيختصمون لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف ألا ترى أنه لم يجز: أزيداً أنت رجل تضربه إذا جعلت تضرب وصفاً. وأجاز المازني: زيداً أنت رجل تكرمه على أن يكون تكرمه خبراً ثانياً لأنت لا وصفاً للنكرة. ويجوز أن تجعل يختصمون حالاً من هم وتجعل فريقين بدلاً فالعامل في الحال الظرف كقوله: فيها زيد قائماً. وقال في موضع آخر: يختصمون وصف أو حال. والحال من أحد الشيئين: إما من الضمير في فريقان لأنه منصوب ألا تراهم قالوا: يومئذ يتفرقون وليس كذا. والآخر: أن يكون حالاً مما في ذا من معنى الفعل وذاك إذا جعلته على قولهم: حلو حامض فإنه على هذا التقدير متعلق بمحذوف فإذا تعلق بالمحذوف كان بمنزلة قولهم: في الدار زيد قائماً. فإذا لم تجعله على هذا الوجه لم يجز أن ينتصب عنه حال ألا ترى أنك إذا لم تجعله على قولهم: حلو حامض كان فريقان خبر هم الواقعة بعد إذا وإذا كان كذلك كان إذا في موضع نصب مما في قوله فريقان من معنى الفعل فليس في إذا ضمير لتعلقه بالظاهر فإنما ينصب الحال إذا تعلق بمحذوف خبراً لهم. وأما قوله تعالى: ولو كانت الواو لكان ذلك حسناً كما قال: ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم. ويجوز أن يكون العامل فيه من المقبوحين لأن فيه معنى فعل وإن كان الظرف متقدماً كما أجاز: كل يوم لك ثوب. ويجوز أن يكون العامل فيه مضمراً يدل عليه قوله: من المقبوحين لقوله: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين. وأما قوله: وأما قوله: وإن جعلت يومئذ خبر المصدر لأن الوزن حدث فيكون ظرف الزمان خبراً عنه تعلق بمحذوف جاز أن ينتصب انتصاب الظرف دون المفعول به ألا ترى أن المفعول به لا تعمل فيه المعاني ويكون الحق على هذا صفة للوزن ويجوز أن يكون بدلاً من الذكر المرفوع الذي في الخبر. وأما قوله: كما أن قوله أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون الظرف فيه كذلك وكذلك قوله: ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد لأن الظرف من حيث كان مستقبلاً كان بمنزلة إذا ومن ثم أجيب بالفاء كما يجاب إذا بها. وأما قوله تعالى: يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فقد تكون مثل التي تقدمت. ألا ترى أن قوله: ومن ذلك قوله: فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير القول فيه: إن ذلك إشارة إلى النقر كأنه قال: فذلك النقر يومئذ يوم عسير أي: نقر يوم عسير فقوله يومئذ على هذا متعلق بذلك لأنه في المعنى مصدر وفيه معنى الفعل فلا يمتنع أن يعمل في الظرف كما عمل في الحال ويجوز أن يكون يومئذ ظرفاً لقوله يوم ويكون يومئذ بمنزلة حينئذ ولا يكون اليوم الذي يعنى به وضح النهار ويكون اليوم الموصوف بأنه عسير خلاف الليلة ويكون التقدير: فذلك اليوم يوم عسير حينئذ أي: ذلك اليوم يوم في ذلك الحين فيكون متعلقاً بمحذوف ولا يتعلق بعسير لأن ما قبل الموصوف لا تعمل فيه الصفة. فأما إذا في قوله: فإذا نقر في الناقور فالعامل فيه المعنى الذي دل عليه قوله: يوم عسير تقديره: ومن ذلك قوله تعالى: ومنهم من قال: إن أيا ينتصب بمضمر دون تدعو لأن تدعو معموله فلو نصبه وجب تقدير تقديمه. وأما قوله: أي منقلب ينقلبون فالتقدير: أي انقلاب ينقلبون فمنقلب مصدر. وأي مضاف إليه فيصير حكمه حكم المصدر فيعمل فيه ينقلبون. ومن ذلك ما قيل في قوله تعالى: عن ابن بحر: إن فيه تقديماً وتأخيراً والتقدير: وحمله قوم على أن الكاف بمعنى على وآخرون على أنه بمعنى: من أجل أي: من أجل ما لم يؤمنوا به أول مرة. ومن ذلك قوله: ومثله أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. ومن ذلك قوله: ويجوز أن يكون الواو واو الحال فيكون قيماً حالاً بعد حال. ومن ذلك قوله تعالى: وأما قوله تعالى: ومن ذلك قوله: روي عن حمزة الزيات أنه قال في التفسير: فكيف تتقون يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم. قال أبو علي: أي: كيف تتقون عذابه أو جزاءه فاليوم على هذا اسم لا ظرف وكذلك: واتقوا يوماً يجعل الولدان شيباً إن اليوم محمول على الاتقاء. وقد قيل: إنه على إن كفرتم يوماً فهذا تقديره: كفرتم بيوم فحذف الحرف وأوصل الفعل. وليس بظرف لأن الكفر لا يكون يومئذ لارتفاع الشبه لما يشاهد. وقال الله تعالى: قيل: الاستثناء من قوله: أذاعوا به فهو في نية التقديم. وقيل: هو من قوله: لعلمه الذين يستنبطونه ولولا وجوابه اعتراض. وقيل: بل هو مما يليه ويعني به: زيد بن عمرو بن نفيل يبعث وحده. ومنه قوله تعالى: إن نصبت أربعين بيتيهون كان من هذا الباب وهو الصحيح. وقيل: بل هو متعلق بمحرمة والتحريم كان على التأبيد ومن ذلك فجزاء مثل ما قتل من النعم فيمن رفع المثل أنه صفة للجزاء والمعنى: فعليه جزاء من النعم يماثل المقتول والتقدير: فعليه جزاء وفاء اللازم له أو: فالواجب عليه جزاء من النعم مماثل ما قتل من الصيد. فمن النعم على هذه القراءة صفة للنكرة التي هي جزاء وفيه ذكره ويكون مثل صفة للجزاء لأن المعنى: عليه جزاء مماثل للمقتول من الصيد من النعم والمماثلة في القيمة أو الخلقة على حسب اختلاف الفقهاء في ذلك. ولا يجوز أن يكون قوله: من النعم على هذا متعلقاً في المصدر كما جاز أن يكون الجار متعلقاً به في قوله: وقيل: قوله من النعم من صلة ما قتل وليس بوصف للجزاء. وقيل: هو من صلة يحكم وإن تقدم عليه والجزاء يقوم في أقرب المواضع إلى القاتل عند أبي حنيفة وعند الشافعي الجزاء من النظير ولو كان من النظير لم يقل يحكم به ذوا عدل منكم ولم يعطف عليه أو كفارة طعام مسكين لأن ذلك إلى الحكمين والنظير لا يحتاج فيه إلى ذلك. وأما قوله تعالى: إني لكما لمن الناصحين وأنا على ذلكم من الشاهدين و وكانوا فيه من الزاهدين فتبيين للظاهر وليس بصلة لأنه لا تتقدم الصلة على الموصول. ومن ذلك قوله: ومن ذلك قوله: فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب إلى قوله: ودرسوا ما فيه فقوله: درسوا عطف على ورثوا وكلتا الجملتين صفة لقوله: خلف. وقوله: ومن ذلك قوله: زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه إلى قوله: ولتصغى والآية بينهما اعتراض. ومن ذلك قوله: فيكون قوله هدياً حالاً من الهاء المجرور بالباء وقوله أو كفارة عطف على جزاء وطعام بدل منه أو عدل ذلك عطف على كفارة والتقدير: فجزاء مثل ما قتل من النعم أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة ليذوق وبال أمره. ومن ذلك: قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور. يوم ظرف لقوله: له ويجوز أيضاً أن يتعلق بالمصدر الذي هو الملك فيكون مفعولاً به كأنه: يملك ذلك اليوم كما قال: مالك يوم الدين. وقوله: عالم الغيب فيمن جر وهي رواية عن أبي عمرو نعت لقوله: وأمرنا لنسلم لرب العالمين. ومن رفع عالم فهو رفع بفعل مضمر أي: ينفخ فيه عالم الغيب كقوله: رجال بعد قوله: يسبح. ومن ذلك قوله: وإن شئت كان التقدير: ولكم تجارة أخرى تحبونها. ثم قال: نصر من اله أي: هي نصر. ومن ذلك قوله: قال: معمر: التقدير: ومن ذلك قوله: قال أبو الحسن: اللام من صلة كف ولو قال: متعلق بمضمر دل عليه كف لم يكن فصلاً بين الصلة والموصول وكان أحسن. ومن ذلك قوله: قال أبو علي: الظرفان صفة للنكرة متعلقان بمحذوف والشهادة من الله هي شهادة يحملونها ليشهدوا بها كما قال: ويجوز أن تنصب عنده لتعلقه بشهادة فإذا فعلت ذلك لم يتعلق به من الله لأنه لا يتعلق به ظرفان. وإن جعلت عنده صفة أمكن من الله حالاً عما في عنده فإذا كان كذلك وجب أن يتعلق بمحذوف في الأصل والضمير العائد إلى ذي الحال هو في الظرف الذي هو من الله. ويجوز أن تجعل الظرفين جميعاً صفة للشهادة. وقيل في قوله: ومن ذلك قوله: عند الأخفش على تقدير: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب بغياً بينهم. ولا يلزم قول ابن جرير لأن من في قوله من بعد يتعلق بما اختلف لا المصدر والفصل بين المفعول له والمصدر لأن المفعول له علة للفعل والمصدر اختلف فيه الأصحاب. بيض الموضع أبو علي في الكتاب. ومن ذلك قوله: وقوم يحملونه على الباء في قوله كفر به والمضمر المجرور لا يحمل عليه المظهر حتى يعاد الجار. المعنى على هذا للقول: أو حرمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم إلا ما حملت ظهورهما فإنه غير محرم ودخلت أو على طريق الإباحة. ومن ذلك قوله: قال مجاهد: فيه تقديم وتأخير والتقدير: لآتينهم من بين أيديهم وعن أيمانهم حيث ينظرون ومن خلفهم وعن شمائلهم من حيث لا ينظرون. وقال أبو علي: أي: أسول لهم تسويلاً وأغويهم إغواء أكون به كالغالب لهم المستولي عليهم لأن من أوتي من هذه الجهات فقد أحيط به ومن أحيط به فقد استولى عليه. وقيل: من بين أيديهم أشككهم في أخراهم ومن خلفهم أرغبهم في دنياهم وعن أيمانهم أي: من قبل حسناتهم وعن شمائلهم: من قبل سيئاتهم. عن ابن عباس. ويقال: لم دخلت من في الخلف والقدام وعن في اليمين والشمائل والجواب: لأن في الخلف والقدام معنى طلب النهاية وفي اليمين والشمال الانحراف. قال أبو عيسى: لم يقل: من فوقهم لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم ولم يقل: من تحت أرجلهم لأن الإتيان منه موحش. ومن ذلك قوله: قال ابن عباس: في الآية تقديم وتأخير والتقدير: لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا وإن كان موجزاً في اللفظ. وقيل: هو على حذف المضاف أي: يعذبهم بمصائبها التي تصيبهم وقيل: بزكاتها وقيل: وقيل: يعذبهم الله بجمعها والبخل بها. ومن ذلك قوله: إني أسكنت من ذريتي إلى قوله: ليقيموا الصلاة. اللام من صلة أسكنت وهو في نية التقديم والفصل بالنداء غير معتد به. وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر. فإنه في المعنى في نية التقديم والتأخير والتقدير: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر. ولكنه يمنع من ذلك شيء وهو من قبل لأنه لا يعمل فيما بعده إذا تم الكلام قبله ولكنه يحمله على مضمر دل عليه الظاهر أي: أرسلناهم بالبينات. ومن ذلك قوله تعالى: قال عثمان: راجعته في هذا فقلت: ولم جعلت أن مخففة من الثقيلة وما أنكرت أن تكون هي ومن التقديم والتأخير قول الكوفيين: نعم زيد رجلاً. واستدلوا بحسن أولئك فريقاً. قال: وقد يكون التقدير على غير ما قالوا لأن نعم غير متصرف. ومن ذلك: فأما قوله: إنا أنزلناه اعتراض ليس بجواب لأنه صفة القرآن وليس من عادتهم أن يقسموا بنفس الشيء إذا أخبروا عنه فهو معترض بين القسم وجوابه. ومن ذلك قول الفراء في قوله: فحاسبناها حسابا ًشديداً وعذبناها عذاباً نكراً قال: وعذبناها في الدنيا وحاسبناها في الآخرة. وأما قوله: والمعنى أنه للعزة يرتكب ما لا ينبغي أن يرتكبه بما يؤثمه. وكأن العزة حملته على ذلك وقلة الخشوع. وقد يكون المعنى الاعتزاز بالإثم أي: مما يعتز بإثمه فيبعده مما يرضاه الله. ومن ذلك قوله: قال أبو الحسن: عني به الشياطين. وقوله: لو كانوا يعلمون عني به الناس. الطبري: هذا المخالف لقول جميع أهل التأويل لأنهم مجمعون أن قوله ولقد علموا يعني به اليهود دون الشياطين وهو خلاف ما دل عليه التنزيل لأن الآيات قبل قوله وبعد قوله: لو كانوا يعلمون جاءت بذم اليهود فقوله لمن اشتراه مثله ومعناه التقديم والتقدير: وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم و لبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون. ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق. وقال بعضهم: نفي عنهم العلم بعد أن أثبته لهم لأنهم علموا ولم يعلموا. تعمل فيما قبلها ولكنه على أن تجعل المصدر يعني المفعول أي: المقبوض والمفعول ينصب ما قبله وإن لم يعمل المصدر فيما قبله. ومثل القبضة: القسمة في نحو قوله: وإذا حضر القسمة أولو القربى لقوله: فارزقوهم منه أي: من المقسوم لأن الرزق لا يكون القسمة. هذا كلامه في هذه الآية. وقال في الظرف في قوله: ولعله جعله بمعنى مألوه من أن القبض بمعنى المقبوض. فإن راجعنا درس الكتاب وحضرتنا نكتة تدفع الفصل أخبرناك بها إن شاء الله. وقد بلغ من أمرهم ما هو أشد من هذا فقالوا: لا يجوز: زيداً ما ضربت على تقدير: ما ضربت زيداً لأنه نقيض قولهم: إن زيداً قائم: فتقول: ما زيد قائم ألا ترى أن ما يكون جواباً للقسم في النفي كما يكون جواباً في الإيجاب فلما صارت بمنزلة إن لم يعمل ما بعدها فيما قبلها. ثم إنهم قالوا في قوله: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون: ويجوز أن تكون ما نافية وقليلاً نصب ب يهجعون لأنه ظرف والظرف يكتفى فيه برائحة الفعل أي: ما كانوا يهجعون من الليل. فقد حصل من هذا كله أن الحارثي يسوي بين الظرف وبين الاسم المحض فلا يعمل ما بعد إن فيما قبل إن سواء كان ظرفاً أو اسماً محضاً فعلى هذا قوله: يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن لا يتأتى إعمال قوله في شأن في قوله: كل يوم على قول الحارثي وإن كان ظرفاً لأن الظرف والاسم الصريح عنده سيان فجاء من هذا أن قوله: لأنه مثل أجله في المسألة فلهذا اضطرب كلام الأستاذ وغلامه فيما أنبأناك به. والله أعلم. وأما قوله: ومثل الآي المتقدم ذكرها: يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون لا تحمله على قوله إنا منتقمون رأسها ما تقنع فالنصب على أن يكون مفعول تقنع على هذه القاعدة خطأ والصحيح رواية من رواه بالرفع على تقدير: ورأسها ما تقنعه فحذف الهاء. كقراءة ابن عامر: ومن ذلك قوله: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر فبصائر حال من هؤلاء وقد أخره عن الاستثناء. فهشام الممدوح خال هشام الخليفة وأبو أم الخليفة أبو الممدوح ف حي اسم ما ويقاربه صفته وفصل بين الصفة والموصوف بخبر المبتدأ وهو أبو أمه مع خبره في موضع النصب ل مملك وقدم المستثنى وهو مملكاً على المستثنى منه وهو حي وأنشدوا للقلاخ: وما من فتى كنا من الناس واحداً به نبتغي منهم عميدا ًنبادله قال البياني: هذا كلام مستكره وتلخيصه: فما كان أريب فتى وذلك من شرط المرتبة. والفصل بينهما وبين المدح أعني إدخال كان فيها فحذفها واكتفى منها بقوله كنا ومن لغو كقولك: ما رأيت أحداً وما رأيت من أحد كنا من الناس واحداً أي: كنا نبغي عميداً أو أحداً من الناس نبادله به. والمعنى: لا أحد أفتى وأسود نتمناه مكانه. والقلاخ بن حزن بن جناب العنبري نصري عمر عمراً طويلاً في الإسلام والقلاخ مأخوذ من القلخ وهو رغاء من البعير فيه غلظ وخشونة وأحسبه لقباً. والله أعلم. وله مع معاوية بن أبي سفيان خبر يذكر فيه أنه ولد قبل مولد النبي صلى الله عليه وعلى آله. قال عثمان: في البيت فيه أشياء في التقديم والتأخير وذلك أنه أراد: فما من الناس فتى كنا نبتغي منهم واحداً عميداً نبادله به. ولا يحسن أن يكون واحداً صفة ل عميد من حيث لم يجز أن تقوم الصفة على موصوفها اللهم إلا أن يعتقد تقديمه عليه على أن يجعله حالاً منه فقوله: من الناس خبر من فتى وقد فصل بينهما ببعض صفة الفتى وهو قوله كنا ويجوز أن من الناس صفة أيضاً ل فتى على أن يكون خبر فتى محذوفاً أي ما في الوجود أمر في المعلوم أو نحو ذلك: فتى من أمره ومن شأنه. ويجوز أن يكون نصب واحداً ب ينبغي وعميداً وصف له وقدم واحداً وهو مفعول ينبغي عليه وقدم به وهو متعلقه بقوله نبادله وهو صفة ل عميد هي. ولا يجوز تقديم ما في الصفة على موصوفها او قلت: عندي زيداً رجل ضارب وأنت تريد: عندي ضارب زيداً لم يجز وذلك أنه إنما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل والعامل هنا هو الصفة ومحال تقديمها على موصوفها فإذا لم يجز ذلك أضمرت للناس مما يتعلق به مما يدل عليه. قوله نبادله هنا بمعنى نبدله وقع فاعل موقع أفعل كقولهم: عافاه الله أي أعفاه وطارت النعل أي: أطرقتها وجعلت لها طرقاً. ويجوز أن يكون به متعلقة ب نبتغي كقولك. طلبت بهذا الثوب مائة درهم وأردت فيما بعت نبادله به فحذفت الثانية لمجيء لفظة الأولى.
|