الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إعراب القرآن **
وهو شيء لطيف غريب فمن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قوله في الصفة: " وقال: " وقال في الريح: " وقال: " وقوله: " وقال: " وبعد هذا البيت: إلا أفائل أعطيتها عديد قوائمه الأربع فقال: لم أعط شيئا. ثم قال: إلا أفائل أعطيتها. وعلى هذا قولهم: ما أنت بشيء أي: شيء يقع به اعتداد. فهذا قريب من قولهم: تكلمت ولم تتكلم. وقريب من هذا قول الكميت: كأنه لم يعط عطاء يكون له موضع أو يكون له اعتداد. وقريب من هذا قوله تعالى: " قال عثمان: وأما حذف الحال فلا يحسن وذلك أن الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها وما طريقه طريق التوكيد غير لائقٍ به الحذف لأنه ضد الغرض ونقيضه ولأجل ذلك لم يجز أبو الحسن تأكيد الهاء المحذوف من الصلة نحو: الذي ضربت نفسه زيد على أن يكون نفسه توكيدا للهاء المحذوفة من ضربت وهذا مما يترك مثله كما يترك إدغام الملحق إشفاقا من انتقاض الغرض بإدغامه. فأما ما أجزناه من حذف الحال في قوله تعالى: " وإما إذا عريت الحال من هذه القرينة وتجرد الأمر دونها لما جاء حذف الحال على وجه. وحكى سيبويه: سير عليه ليل وهم يريدون: ليل طويل وكأن هذا إنما حذفت فيه الصفة لما دل من الحال على موضعها وذلك أنك تحس في كلام القائل لذلك من التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم ما يقوم مقامه قوله: طويل ونحو ذلك وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته وذلك أن يكون في مدح فتقول: كان والله رجلاً فتزيد في قوة اللفظ بالله هذه الكلمة وتمكن في تمطيط اللام وإطالة الصوت عليها أي: رجلا فاضلا شجاعا أو كريما أو نحو ذلك وكذلك تقول: سألناه فوجدناه إنسانا وتمكن الصوت بإنسان وتفخمه فتستغنى بذلك عن وصفه وتريد: إنسانا سمحا أو جوادا أو نحو ذلك وكذلك إن ذممته ووصفته بالضيق قلت: سألناه وكان إنسانا. وتزوى وجهك وتقطبه فيغنى عن ذلك قولك: إنسانا لئيما أو بخيلا أو نحو ذلك. فعلى هذا وما يجري مجراه تحذف الصفة. فأما إن عريت من الدلالة عليها من اللفظ أو الحال فإن حذفها لا يجوز ألا تراك لو قلت: وردنا البصرة فاجتزنا بالأبلة على رجل أو رأينا بستانا وسكت لم تفد بذلك شيئا لأن هذا ونحوه مما لا يعرى منه ذلك المكان وإنما المتوقع أن تصف من ذكرت وما ذكرت فإن لم تفعل كلفت علم ما لا يدل عليه وهو لغو من الحديث وتجوز في التكليف. ومن ذلك ما يروى في الحديث: " لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ". أي: لا صلاة كاملة أو فاضلة ونحو ذلك. ومثله: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي عليه السلام. باب ما جاء في التنزيل من الجمع يراد به التثنية فمن ذلك قوله تعالى: " وأجمعوا غير ابن عباس أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس خلافا له فإنه لا يحجب إلا بوجود ثلاثة إخوة. ومن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قوله: " مثل هذا لا يجوز فيه الإفراد استتغناء بالمضاف إليه وتجوز فيه التثنية اعتبارا بالحقيقة ويجوز فيه الجمع اعتبارا بالمعنى لأن الجمع ضم نظير إلى نظير كالتثنية. وقالوا: كل شيء من شيئين فتثنيتهما جمع كقولك: ضربت رءوس الزيدين وقطعت أيديهما وأرجلهما وهذا أفصح عندهم من رأسيهما كرهوا أن يجمعوا بين تثنيتين في كلمة واحدةٍ فصرفوا الأول إلى لفظ الجمع لأن التثنية جمع في المعنى لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيءٍ فهو يقع على القليل والكثير وأنشدوا: ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل طهور الترسين فأما قوله تعالى: " عن ابن عباس. وقيل. مشرق الشمس والفجر ومغرب الشمس والشفق. قوله: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين. قيل: معناه: بعد المشرق والمغرب. فهذا كالقمرين والعمرين. وقيل: مشرق الشتاء والصيف. وأما قوله تعالى: " وهم لم يدعوا إلهية مريم كما ادعوا إلهية المسيح فيما يزعمون فإن ذلك يجيء على: لنا قمراها والنجوم الطوالع والعجاجان لرؤبة والعجاج والأسودان للماء والتمر أطلق على أحدهما اسم الآخر وإن لم يكن ذلك اسما له. واعلم أنه قد جاءت التثنية يراد بها الكثرة والجمع كما جاء الجمع يراد به التثنية. قال الله تعالى: " وقال: " ثم ارجع البصر كرتين أي: كرتين اثنتين. وإنما ذاك بكراتٍ وكأنه قال: كرة بعد كرة كما قالوا: لبيك أي: إلبابا بعد إلباب وإسعادا بعد إسعادٍ في: سعديك وحنانيك: تحننا بعد تحنن قال: ضرباً هذاذيك وطعناً وخضا أي هذا بعد هذٍ. وأنشدوا للكميت: وأنت ما أنت في غبراء مظلمةٍ إذا دعت ألليها الكاعب الفضل أي: أللا بعد ألل. وهذا حديث يطول. وأما قوله تعالى: " الفراء يريد به المفرد كقوله: ومهمهين ثم قال: قطعته وهذا لا يصح كقوله " ومن ذلك قوله: " أولئك مبرءون " يعني: عائشة وصفوان. وقال: " وقال: " وأما قوله تعالى: " هو على حذف المضاف أي: في وكذا قراءة من قرأ " في مسكنهم " أي: في موضع سكناهم لأن الاستغناء بالجمع عن المضاف إليه أكثره في الشعر نحو: " في حلقكم عظم " و " بعض بطنكم ". نقل فارسهم.
وهذا شيء عزيز قال فيه فارسهم: إن ذاك قد أخرج بطول التأمل والفكر. فمن ذلك قوله عز من قائل: " وكذلك قوله: " ومثله: " قال أبو إسحاق: المثوى: المقام و " قال أبو علي: مثوى عندي في الآية اسم للمكان دون المكان لحصول الحال في الكلام معملا فيها ألا ترى أنه لا يخلو من أن يكون موضعا أو اسم مصدرٍ فلا يجوز أن يكون موضعا لأن اسم الموضع لا يعمل عمل الفعل لأنه لا معنى للفعل فيه فإذا لم يكن موضعا ثبت أنه مصدر والمعنى: النار ذات إقامتكم أي: النار ذات إقامتكم فيها خالدين أي: هم أهل أن يقيموا ويثبتوا خالدين فالكاف والميم فاعل في المعنى وإن كان في اللفظ خفض بالإضافة. وأما قوله: وما هي إلا في إزار وعلقة مغار ابن همام على حي خثعما فهو أيضا على حذف المضاف. المعنى: وما هي إلا في إزار وعلقة وقت إغارة ابن همام. ألا ترى أنه قد عداه ب على إلى حي خثعما فإذا عداه ثبت أنه مصدر إذ اسما المكان والزمان لا يتعديان فهو من باب: خفوق النجم ومقدم الحاج وخلافة فلان ونحوه من المصادر التي استعملت في موضع الظرف للاتساع في حذف المضاف الذي هو اسم زمان وإنما حسن ذلك في المصادر لمطابقتها الزمان في المعنى ألا ترى أنه عبارة عن منقض غير باق كما أن الزمان كذلك ومن ثم كثر إقامتهم ما التي مع الفعل بمعنى المصدر مقام ظرف الزمان لقولهم: أكلمك ما خلا ليل نهارا وما خلفت جرة درة " وقال في التذكرة: القول في مثوى: إنه لا يخلو من أن يكون اسم مكان أو مصدرا والأظهر المكان فإذا كان كذلك فالحال من المضاف إليهم كما إن قوله: يعني الجعدي: كأن حواميه مدبراً خضبن وإن كان لم يخضب حال من المضاف إليه. وإن جعلت المثوى مصدرا ألزمك أن تقدر حذف المضاف كأنه: موضع ثوائكم خالدين فيكون الحال من المصدر والعامل فيها كأنه: يثوون فيها خالدين. فالعامل في الحال على هذا المصدر وفي الوجه الأول معنى الإضافة مثل قوله تعالى: " وقال في موضع آخر من التذكرة. . القول في قوله تعالى: " ومما يبين ذلك قوله: ألا ترى أن الحال لا تكون من المضاف إليه ولا تكون من كان لأنه لا عمل لها في ذي الحال ولا من خبرها فإذا لم يجز ذلك ثبت أنه من المضاف إليه كما أنها في الآية من المضاف إليه. فأما قوله: فهل في معدٍّ فوق ذلك مرفدا فلا يخلو من أحد أمرين: أحدهما: على ما يذهب إليه أبو الحسن في قوله تعالى: " والآخر: أن يكون صفة والموصوف محذوف. فيجوز انتصاب المرفد أن يكون حالا عن كل واحدٍ من القولين ويجوز أن يكون من المضاف إليه ويجوز أن يكون تبيينا عن ذلك مثل: أفضلهم رجلا. ومن ذلك قوله: " حال من المضاف إليهم أعنى: " هؤلاء ". المتم الخمسين فمن ذلك قوله تعالى: " المعنى: أي لا تشركوا به شيئا ف لا ناهية جازمة و أن بمعنى أي. وقيل: بل التقدير فيه: ذلك ألا تشركوا فيه فيكون خبر مبتدأ مضمر أي: المتلو ألا تشركوا وليس التقدير: المحرم ألا تشركوا لأن ترك الشرك ليس محرما كما ظنه الجاهل ولا أن لا زائدة. وقيل: التقدير: حرم عليكم بألا تشركوا. وقيل: التقدير: أتلو عليكم ما حرم أي: أتلوا المحرم لئلا تشركوا. وقيل: التقدير: عليكم ألا تشركوا و أن هذه نابية عن القول وتأتي بعد فعل في معنى القول وليس بقول كقولك: كتبت إليك أن قم. تأويله: قلت لك قم. ولو قلت: قلت لك أن تقوم لم يجز لأن: القول يحكى ما بعده ويؤتى بعده باللفظ الذي يجوز وقوعه في الابتداء وما كان في معنى القول وليس بقول فهو يعمل وما بعده ليس كالكلام المبتدأ. وهذا الوجه في أن لم يعرفه الكوفيون ولم يذكروه وعرفه البصريون وذكروه وسموه: أن التي للعبارة وحملوا عليه قوله: " وفي تقديره وجهان: أحدهما: انطلقوا فقالوا: قال بعضهم لبعضٍ: امشوا واصبروا وذلك أنهم انصرفوا من مجلسٍ دعاهم فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله إلى توحيد الله تعالى وذكره وترك الآلهة دونه وصار انطلق الملأ لما أضمر القول بعده لمعنى فعلٍ يتضمن القول نحو: كتبت وأشباهه. والوجه الأخر: أن يكون انطلقوا بمعنى: تكلموا كما يقال: انطلق زيد في الحديث كأن خروجه عن السكوت إلى الكلام هو الانطلاق. ويقال في " أن امشوا ": أن اكثروا وانموا. وليس المشى ها هنا قطع الأماكن بل المعنى هو الذهاب في الكلام مثل: " ومعنى المشى هو الدؤوب والملازمة والمداومة على عبادتها مثل: " فإن قيل: فإذا كان تأويل المشى على ما ذكرتم فغير ممتنع أن يكون التقدير: انطلقوا بالمشى لأنه يكون على هذا المعنى: أوصوهم بالملازمة لعبادتها قيل الوصية وإنما هي العبادة في الحقيقة لا بغيرها فلا يجوز تعليق الوصية بغير العبادة. وأيضا ليس المعنى: ذهبوا في الكلام وخاضوا فيه بالمداومة والملازمة بالعبادة. وأما قوله: " أن بمعنى: أي وهي تفسير " أمرتني " لأن في الأمر معنى أي: ولو قلت: ما قلت لهم إلا ما قلت لي أن اعبدوا الله لم يجز لأنه قد ذكر أولها: أن يكون الفعل والذي يفسره أو يعبر عنه فيه معنى القول وليس بقولٍ وقد مضى هذا. والثاني: ألا يتصل به شيء منه صار في جملته ولم يكن تفسيرا له كالذي قدره سيبويه: أوعزت إليه بأن افعل. والثالث: أن يكون ما قبلها كلاما تاما لأنها وما بعدها جملة تفسر جملة قبلها ومن أجل ذلك كان قوله: " وقوله تعالى: " قد صدقت الرؤيا ومعناه: بأنك قد صدقت الرؤيا. وأجاز الخليل أيضاً أن يكون على أي لأن " ناديناه " كلام تام ومعناه: قلنا: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا. ومن ذلك قوله: " وأما قوله: " القول الأول: كقولك: قال زيد عمرو لمنطلق فموضع الجملة نصب بالقول. والآخر يجوز أن يقول القائل: لا إله إلا الله فتقول: قلت حقا أو يقول: الثلج حار فتقول: قلت باطلا فهذا معنى ما قاله وليس نفس القول. وقوله " أن لا تتخذوا " خارج من هذين الوجهين ألا ترى أن " أن لا تتخذوا " ليس هو معنى القول كما أن قولك: حقا إذا سمعت كلمة الإخلاص معنى القول وليس قوله " أن لا تتخذوا " بجملة فيكون كقولك: قال زيد عمرو منطلق. ويجوز أن يكون بمعنى أي أي التي للتفسير انصراف الكلام من الغيبة إلى الخطاب كما انصرف من الخطاب في قوله تعالى: " والثالث: أن تكون أن زائدة وتضمر القول. وأما قوله: " قال أبو علي: يكون أن التفسير لأن " قضى ربك " كلام تام ولا " تعبدوا " نهى كأنه: قضى ربك هذا وأمر بهذا. فعلى هذا يكون قوله: "
|